الأطراف الرئيسية فى حرب أوكرانيا (روسيا من ناحية، ودول «الناتو» من ناحية أخرى) تدرك أن الخطر الأكبر هو أن تتحول الحرب إلى حرب عالمية شاملة، يعرفون جميعا أنها ستكون حربا نووية.. بكل ما يعنيه ذلك من خراب ودمار للبشرية كلها. الحرص على إبقاء مسارات الاتصال الدبلوماسى جزء من هذا الجهد لتلافى الخطر الأكبر، وكذلك التواصل بين أجهزة المخابرات لتلافى التصعيد النووى.. ومع ذلك تبقى المخاطر قائمة والخطأ واردا، ومعه حتما ستكن الكارثة! فى اليومين الماضيين كانت هناك عدة مواقف خطيرة أمكن تفاديها. واحد منها كان اقتراح فرض منطقة حظر طيران فى سماء أوكرانيا، والذى تجاوزه حلف الناتو بالتمسك بالرفض إدراكا بأنه لا يعنى إلا الصدام المباشر بين طيران الناتو والطيران الروسى لتكون الحرب الشاملة. موقف آخر كان مع الادعاء بأن روسيا قصفت مفاعلا نوويا فى أوكرانيا، وانعقاد مجلس الأمن لبحث المخاطر التى توارت بعد تقرير هيئة الطاقة النووية الدولية بعدم صحة ما تم ترديده، بعد التأكيد على أن المفاعل سليم وآمن. بالأمس كانت ملامح خطوة خطيرة أخرى تلوح فى أفق حرب مازالت مفتوحة على كل الاحتمالات. نقلت شبكة «سى.إن.إن» الأمريكية عن متحدث باسم البيت الأبيض أن الولاياتالمتحدة تعمل مع بولندا على إمكانية ارسال طائرات من بولندا إلى أوكرانيا بالتشاور مع الحلفاء.. وأنه يجرى البحث فى إعادة تزويد بولندا بطائرات بديلة من أمريكا. والمقصود هنا أن تحصل أوكرانيا على طائرات قتالية هجومية من طراز «ميج»، الروسية المتوافرة لدى بولندا، والتى تناسب الطيارين الأوكرانيين، مقابل أن تعوض أمريكا الجانب البولندى بمقاتلات «فانتوم»، وبدون شك فإن روسيا ستطبق على بولندا فى هذه الحالة ما سبق أن اعلنته بشأن اعتبار أى دولة تشارك فى فرض الحظر الجوى دولة معادية وفى حالة حرب معها. فهل هذا هو المطلوب؟! شبكة «سي.إن.إن» نقلت عن المتحدث باسم البيت الأبيض أن ارسال طائرات بمقاتلة إلى أوكرانيا هو «قرار سيادى يتخذه أى بلد».. وهذا صحيح بالطبع ولكن مع مراعاة ردود فعل الطرف الآخر فى ظروف لا تحتمل الخطأ فى الحسابات. ومع مراعاة أن هناك قوات أمريكية فى بولندا وتعهدا بحمايتها باعتبارها عضوا فى «الناتو» ضد أى عدوان.. فهل سيكون هذا هو الحال بعد أن تتحول إلى شريك فعلى فى الحرب؟! قد يكون الحديث عن الطائرات الهجومية جزءا من لعبة التفاوض بين الكبار. وقد يكون تنبيها لروسيا حتى لا تلجأ للقصف الجوى فى الحرب، وهو ما لم تستخدمه حتى اليوم. لكن الخطأ وارد، والموقف لا يحتمل المزيد من الأخطاء.