نتيحة انتخابات الجيزة في ال 30 دائرة الملغاة بأحكام "الإدارية العليا"    رئيس شركة مياه القليوبية يتفقد أعمال الإحلال والتجديد بمحطة مياه كوم أشفين    التضخم السنوي في الولايات المتحدة يسجل 2.7 بالمئة في نوفمبر    مصر تعلن خطوطا حمراء لن تسمح بتجاوزها في السودان    أزارو يقود هجوم المغرب أمام الأردن في نهائي كأس العرب    محافظ الدقهلية يكرم أبناء الدقهلية أبطال العالم في الكاراتيه وكمال الأجسام لرفعهم اسم مصر عاليًا في المحافل الدولية    اليوم.. الوثائقية تعرض الجزء الأول من فيلم أم كلثوم.. الست والوطن    في اليوم العالمي للغة العربية، الأوقاف: العربية لسانُ القرآن، وبها أبلغُ البيان    محافظ الدقهلية يكرم أبناء الدقهلية الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    البورصة: ارتفاع رصيد شهادات الإيداع الدولية ل"CIB" إلى 164 مليون شهادة    جدول امتحانات النقل الثانوي العام والبكالوريا بالقليوبية    الأرصاد: تغيرات مفاجئة فى حالة الطقس غدا والصغرى تصل 10 درجات ببعض المناطق    طوابير على لجان كفر الشيخ للإدلاء بأصواتهم فى انتخابات النواب.. مباشر    بتكلفة 10.5 مليون جنيه، افتتاح 5 مساجد بمراكز إهناسيا والفشن وبني سويف    حزب الإصلاح والنهضة: الأمن القومي المصري والسوداني يمثلان وحدة واحدة لا تقبل التجزئة    صوتي أمانة.. "غازي" عنده 60 سنة ونازل ينتخب بكفر الشيخ: شاركت أنا وعيلتي كلها| صور    وزير الأوقاف يكرم عامل مسجد بمكافأة مالية لحصوله على درجة الماجستير    هل تتازل مصر عن أرص السخنة لصالح قطر؟.. بيان توضيحي هام    ضبط أحد الأشخاص لقيامه ببيع مشروبات كحولية مغشوشة ومجهولة المصدر بالإسكندرية    إطلاق مبادرة مصر معاكم لرعاية الأبناء القصر لشهداء وضحايا الحرب والإرهاب    وفد الأهلي في ألمانيا لبحث التعاون مع نادي ريدبول    لحظة خروج جثمان الفنانة نيفين مندور من مشرحة الإسكندرية.. مباشر    كلية العلوم بجامعة قناة السويس تستقبل طلاب مدرسة السادات الثانوية العسكرية    البرهان يزور القاهرة لبحث تهدئة الأزمة السودانية وتعزيز العلاقات الثنائية    محافظ الجيزة يعتمد مواعيد امتحانات الفصل الدراسي الأول للصفوف الدراسية    الداخلية تضبط شخصين يوزعان أموالا بمحيط لجان أجا بالدقهلية    الخارجية: عام استثنائي من النجاحات الانتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    الحماية المدنية تواصل جهودها في رفع الركام من أسفل العقار المنهار من أجل الباحث عن ضحايا بالمنيا    هيئة البث: نتنياهو يترأس فريقا وزاريا لتحديد اختصاصات لجنة التحقيق فى 7 أكتوبر    الرعاية الصحية: مستشفى الكبد والجهاز الهضمي قدّم 27 ألف خدمة منذ بدء تشغيل التأمين الصحي الشامل    الصحة: تقديم 11.6 مليون خدمة طبية بالمنشآت الصحية بالمنوفية    عمرو طلعت يفتتح مقر مركز مراقبة الطيف الترددي التابع لتنظيم الاتصالات    ضبط شخص نشر أخبار كاذبة عن تحرش بالأطفال داخل مدرسة في التجمع الخامس    مدن سودانية رئيسية بلا كهرباء عقب قصف بطائرات مسيّرة استهدف محطة طاقة    تكربم 120 طالبا من حفظة القرآن بمدرسة الحاج حداد الثانوية المشتركة بسوهاج    مدبولى: التخطيط القومى أصبح نموذجا رائدا أقيمت على غراره معاهد عربية وإفريقية    جلوب سوكر - خروج صلاح من القائمة النهائية لجائزتي أفضل مهاجم ولاعب    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    في يومها العالمي، وزير الشئون النيابية: الدولة المصرية تضع إحياء اللغة العربية نصب عينيها    الداخلية تضبط قضايا تهريب ومخالفات جمركية متنوعة خلال 24 ساعة    استهداف سيارة عبر طائرة مسيّرة في مرجعيون بجنوب لبنان    تخصيص قطع أراضي لإقامة مدارس ومباني تعليمية في 6 محافظات    صحة المنيا: تقديم أكثر من 136 ألف خدمة صحية وإجراء 996 عملية جراحية خلال نوفمبر الماضي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025    وزير الثقافة يبحث تعزيز التعاون الثقافي مع هيئة متاحف قطر ويشارك في احتفالات اليوم الوطني    أستاذ علوم سياسية: التوسع الاستيطاني يفرغ عملية السلام من مضمونها    الكوكي: الأهلي المرشح الأبرز للدوري وبيراميدز أقرب منافسيه    مركز التنمية الشبابية يستعد للبطولة التنشطية لمشروع كابيتانو مصر    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    د. حمدي السطوحي: «المتحف» يؤكد احترام الدولة لتراثها الديني والثقافي    نفي ادعاءات بوجود مخالفات انتخابية بلجنتين بدائرة زفتى بالغربية    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل شابين خلال اقتحامه بلدتي عنبتا وكفر اللبد شرق طولكرم    راشد الماجد يشعل حفله في مصر ويهدي أغنية ل ملك السعودية: "عاش سلمان" (فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    خالد أبو بكر يدعو الجماهير والأندية لدعم الزمالك.. جزء من تاريخ مصر    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    بطولة العالم للإسكواش PSA بمشاركة 128 لاعبًا من نخبة نجوم العالم    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجَّار وسريحة يجنون من ورائه أرباحاً خيالية l أباطرة «العيش الناشف»
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 26 - 02 - 2022


علا نافع
يُهدر الخبز بطرق عديدة، خاصة فى القرى، إذ تقدمه ربات البيوت طعاماً للطيور والماشية سواء من خلال تجفيفه فى الشمس أو بله بالماء اعتقاداً أنه يعمل على زيادة الوزن وإدرار اللبن، كما يقمن ببيعه بالكيلو لبائعى علف الماشية ليصل سعر الكيلو الواحد لأكثر من ثلاثة جنيهات، ما يمثل عبئاً على موازنة الدولة ويعرقل الوصول للاكتفاء الذاتى من القمح.
لم تكن ربات البيوت وحدهن اللواتى يلجأن لتجفيف العيش، بل إن بعض أصحاب المخابز البلدى يقوم بتنشيف الفائض من الإنتاج اليومى وبيعه سواء لكبار التجار أو المواطن العادي، وهناك أيضاً ما يُعرف بعيش السحلة، وهو الخبز المحروق أو غير الصالح للاستهلاك الآدمي، والذى يُباع بسعر زهيد، حيث لا يزيد سعر المئة رغيف على 5 جنيهات، وهناك قرى بأكملها تعمل فى هذه التجارة منذ عشرات السنين، وباتت لها سوق مزدهرة خصوصاً فى محافظتى الشرقية والقليوبية.
وأخيراً، انتشر السريحة الذين يشترون العيش الفائض من البيوت ليقوموا بتجفيفه وبيعه للتجّار، كما أن بعضهم يتجه إلى مقالب القمامة ليبحث عن بقايا العيش ويجمعه فى أجولة كبيرة موضوعة على سطح عربته الكارو، وأغلب العاملين بهذه المهنة إما أطفال صغار لا يتجاوز عمر الواحد منهم 15 عاماً، أو سيدات ورثن المهنة عن أمهاتهن، وقد حباهن الله بحلاوة لسان مكنتهن من عقد صداقات مع ربات البيوت ليتمكن من شراء الخبز منهن بسعر رخيص.
يبدأ عمل السريحة فى السادسة صباحاً ويستمر حتى السادسة مساءً، إذ ترتبط جولاتهم اليومية بمواعيد عمل المخابز البلدية، وبعد انتهاء يومهم يسارعون ببيع حصيلتهم اليومية لكبار تجّار االعيش الناشفب، ويحصلون على مكاسبهم التى تزيد على 35 قرشاً فى الكيلو الواحد.
أما البعض الآخر فيقوم بفصل حصيلته من العيش، حيث يفصل الخبز البلدى الناشف عن الفينو، فالأخير أعلى سعراً، وكذلك يفصل الخبز السياحى عن الشامي، وإذا ما كان الخبز طرياً يقوم السريحة بتجفيفه تحت أشعة الشمس الحامية لمدة تصل إلى يومين منعاً لإصابته بالعفن والفطريات والتى تبخس من سعره، وهناك من يقوم بتخزين كميات كبيرة وبيعها مرة أخرى للزبائن العاديين فيجنون أرباحاً خيالية خاصة قبل عيدى الفطر والأضحى.
أنواع مختلفة
فى إحدى القرى البسيطة بمحافظة الشرقية، تستيقظ ربات البيوت مبكراً استعداداً لشراء حصتهن من الخبز المدعم من أحد المخابز الأربعة الموجودة بالقرية.. يتسابقن للحصول على أرغفة العيش الجيدة، التى تصلح كفطور لأسرهن ولدجاجاتهن أيضاً، فكلما كان الرغيف مستوياً وخفيف الوزن ضمن دجاجات ومواشى سمينة، فالخبز االمبلول والناشفب يكسب الحيوانات والطيور وزناً زائداً ولحماً طرياً بحسب اعتقاد هؤلاء النساء.
أما الأخريات اللواتى تفيض لديهن أرغفة العيش يقمن ببيعها لاحسنب ذلك الطفل الذى يعمل سريحاً على عربته الكارو، لا يفوت يوم دون المرور على منازل القرية مطلقا صوته العالى اعيش ناشف للبيعب، يجر حماره الأسود الشاحب، يتفحص حصيلته من العيش ممنياً نفسه بربح كبير فور بيعه للحاج ارزقب، أحد كبار تجار العيش الناشف بالقرية المجاورة، يمسك الشكاير المتسخة ويملؤها ببقايا العيش الناشف بعد وزنها على ميزانه المتهالك، لا يترك زقاقاً أو حارة حتى يطأها لجمع العيش.
يقول حسن: هناك الكثير من الأسر التى لا تستفيد بالعيش المدعم أو لا تحب تناوله فتستعيض عنه بالعيش السياحى أو الشامى وتلجأ لبيع حصتها من العيش المدعم سواء بعد تنشيفه أو طرياً، ليقوم السريحة بشراء الكيلو بأكثر من 50 قرشاً، حسب حالته، أما السياحى فيصل إلى 75 قرشاً، مشيراً إلى أنه يبيعه بعد ذلك للتاجر ب150 قرشاً.
وعن أنواع الخبز الناشف يقول: هناك ثلاثة أنواع، أولها العيش الواحد وهو خليط الخبز البلدى الناشف أو الطري، أما االسحلةب فهو الخبز المحروق، أو ما يطلق عليه بقايا إنتاج الفرن البلدي، ويصل سعر المائة رغيف لأكثر من 5 جنيهات، أما النوع الأخير وهو االسرحةب والذى نقوم بتجميعه فيكون خليطاً من الخبز البلدى مع السياحى والفينو، مؤكداً أن الكثير من أباطرة العيش الناشف هم أصحاب المخابز البلدى.
ويتابع: قبل عيد الأضحى نضاعف عدد ساعات العمل، حيث يزيد الطلب على العيش الناشف لتسمين المواشى والأضاحى بخلطه مع الأعلاف، مما يزيد من وزن الأضحية ويكسب مذاقها حلاوة، ويجعل لحومها قليلة الدهون.
تسمين المواشى
أما الحاجة (ن.ف) فتقول: يلجأ الكثير من ربات البيوت لاستخدام العيش المبلول والناشف كطعام للدجاج البلدى والأبيض، لأنه أقل سعراً من الكثير من أعلاف الدجاج فضلاً على زيادة الوزن والبيض بعيداً عن الأعلاف التى تحتوى على الهرمونات والأدوية المضرة، مؤكدة أن ذلك لا يمثل إهداراً لحصة الخبز المدعم، حيث يتم الاستفادة منها بالكامل فى إطعام الإنسان والحيوان.
أما نوح (مُزارع) فيقول: ينصح الكثير من الأطباء البيطريين بإطعام الماشية الخبز الناشف لاحتوائه على الفيتامينات والأملاح المعدنية التى تحتاجها الماشية، مما يدر اللبن، فالجاموسة التى تستطيع تناول 2 كجم من الخبز الناشف يومياً يمكنها أن تدر حليباً يصل لأكثر من 7 لترات، شريطة ألا يحتوى الخبز على أى عفن أو فطريات، لافتاً إلى أن زيادة أسعار الأعلاف دفعت الفلاحين للجوء للعيش الناشف.
ويرى نوح أن كبار التجار هم الذين يجنون ثروات طائلة جراء بيع العيش الناشف وتخزينه دون الفلاحين البسطاء، خاصة قبل حلول عيدى الفطر والأضحى، كذلك فإن أغلب إنتاج الأفران من العيش ردىء للغاية ولا يصلح للأكل، مما يجعلنا نقدمه طعاماً للطيور والماشية.
ثروات طائلة
وقد تنامت تجارة العيش الناشف فى القرى والمناطق الشعبية لأرباحها الكبيرة وزبائنها الكُثر، خاصة مع زيادة أعداد المخابز البلدية والفينو، هكذا قال لنا تاجر فضل عدم ذكر اسمه، وأضاف: تتعدد مصادر جمع العيش الناشف سواء من السريحة المنتشرين فى القرى والنجوع أو من الأهالى الذين يبيعون الفائض من حصتهم، وتختلف الأسعار بحسب حالة الخبز، وأغلب الزبائن أصحاب مزارع المواشى والدجاج أو الأسماك، كما نبيعه لكبار تجار الأعلاف والحبوب ويقومون بشرائه بالطن ويبيعونه بالكيلو.
ويضيف: يعمل أصحاب المخابز سواء البلدية أو الفينو والشامى فى هذه التجارة، حيث يجففون الفائض من الإنتاج فى الشمس لمدة لا تزيد على يومين، خاصة فى أوقات الصيف لتجنب إصابته بالعفن والفطريات، ويبيعونه سراً خوفاً من مفتشى التموين، ما يمكنهم من جمع أرباح طائلة، مشيراً إلى أن بعض محلات الكباب والكفتة يقوم باستخدام الفينو الناشف فى إعداد الخلطة، حيث يضفى مذاقاً مميزاً للكفتة.
الرقابة
من جانبه، يقول الدكتور على زين، الخبير الاقتصادي: تعد أسعار الخبز المدعم المصرى الأرخص عالمياً، ورغم ذلك فإن الكثير من المواطنين يسيئون استخدامه ويقومون باطعامه للماشية والطيور، ما يكلف الدولة أعباء كبيرة، مؤكداً أن غياب الرقابة على توزيع الخبز من قِبل مفتشى التموين هى السبب فى تنامى الظاهرة، حيث يتواطئون مع أصحاب المخابز، فأغلب تجّار الخبز هم أصحاب المخابز البلدية، لذا فإن إحكام الرقابة هى الحل الأمثل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.