السحر الكبير

بيني وبينك

هناك كتب تمنحك الأمان النفسى، وأخرى تصيبك بالملل والكآبة، وثالثة تؤكد أنك على صواب فى خطوات مشروعك الإبداعى، من هذا النوع الأخير، كتاب « السحر الكبير» للكاتبة الامريكية اليزابيث جلبرت، التى عرفناها من روايتها الأشهر « طعام، صلاة، حب» كتابها الأخير الذى ترجم للعربية حديثا، تروى فيه رحلتها الإبداعية المتحررة من الخوف. ولا أخفى سرا، إننى أحسست فى كل صفحة من صفحات الكتاب بأنها كتبته من أجلى أنا، ففى رحلتها بعض من هواجسى الكثيرة فى الكتابة الإبداعية، كتبته جلبرت بإحساس كاتبة متحررة من الخوف الذى ينتاب الكاتب حين ينتهى من عمل إبداعى، أو حين يُقدم على كتابة عمل جديد.
الحياة الإبداعية بكل ما فيها من ربكة الأفكار، وتورط المؤلف مع أبطاله، واستقبال القارئ للعمل، وانتباه النقاد له، وهواجس المبدع المعلنة والخفية، تظل بداخل المبدع إلى أن تُعبر عن نفسها فى صور قصص وروايات أو حتى مقال صحفى، لا ينتبه له أحد.
تقول جلبرت: إن الحياة الإبداعية أكثر غرابة من المساعى الدنيوية، فالقواعد العادية لا تنطبق عليها، ففى الحياة العادية إذا كنت جيدا فى أمر ما وتعمل عليه باجتهاد من المحتمل أن تنجح، وفى المساعى الإبداعية يمكن ألا تنجح لفترة طويلة ثم لا تنجح أبدا ثانية. وتعترف الكاتبة فى سطور كتابها: أن ما تشكله كتبي» تذكارات، رحلات قمت بها، نجحت فيها بالهروب من الذات لوهلة».
وأقول:الكتابة إذا كانت لا تشفينا من أوجاعنا، فلا قيمة لها، المبدع الحقيقى هو من يحمل هما يخفف به ثقله عن قارئه، ويشعره بأنه مثله تماما، وأننا جميعا واقعون فى نفس المأزق، وعلينا أن نتخلص منه إما بالكتابة أو بالقراءة. فكلاهما يمثلان نفس الوقع والأهمية فى أنفسنا.