رئيس جامعة القاهرة: 12 جامعة أهلية جديدة تم تأسيسها من رحم الجامعات الحكومية    مجلس الشيوخ يستقبل وفد تحالف الأحزاب المصرية خلال الجلسة العامة    كيف أثر انخفاض أسعار الذهب على طلب الشراء بين المواطنين؟    الحكومة تسمح لشركات بتصدير الأرز مقابل 150 دولارا رسوما للطن رغم قرار الحظر    مجلس الشيوخ يوافق على خطة الدولة للعام الجديد.. ويخطر الرئيس السيسي ومجلس النواب    وادي الصعايدة| بالصور.. وزير الري يتفقد مشروعات الموارد المائية في أسوان    عاجل- المركز الإعلامي لمجلس الوزراء يستعرض بالإنفوجراف أبرز جهود الدولة في دعم التحول الرقمي    حماس: الإدارة الأمريكية تتحمل مسئولية المجازر الإسرائيلية بغزة    السيسي يستقبل كبير مستشاري الرئيس الأمريكي ويؤكد على عمق العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة    الزمالك يتقدم ببلاغ للنائب العام بسبب «إعلان»    وفاة بالسرطان.. ماقصة "تيفو" جماهير كريستال بالاس الخالدة منذ 14 عامًا؟    ضبط عاطل يروج المواد المخدرة عقب تداول مقطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعى    ضبط شخص غافل آخر وسرق منه مبلغا ماليا بالقاهرة    محافظ الدقهلية يتفقد ميدان الشيخ حسانين والسلخانة بالمنصورة ويكلف بشن حملة لرفع الإشغالات    الأمن يضبط سائق توك توك لسيره عكس الاتجاه في القاهرة    بدائل الثانوية العامة 2025.. شروط الالتحاق بمدرسة العربى للتكنولوجيا التطبيقية    حفيد عبدالحليم حافظ عن وثيقة زواج "العندليب" وسعاد حسني: "تزوير وفيها غلطات كارثية"    محافظ الدقهلية يفتتح الوحدة الصحية بالشيخ زايد بمدينة جمصة    مشروبات تهدد صحة الكبد والكلى.. ابتعد عنها    التعليم العالي: قافلة طبية من المركز القومي للبحوث تخدم 3200 مريض    استعادة 27 فدانًا من أراضي الدولة في الوادي الجديد -صور    "راقب جسمك".. احذر 5 علامات تشير إلى فشل كليتيك    التريلا دخلت في الميكروباص.. إصابة 13 شخصًا في حادث تصادم بالمنوفية    عبر قوافل.. "الأحوال المدنية" تواصل جهودها لخدمة المواطنين متنقلة    موعد مباراة المغرب وجنوب أفريقيا في نهائي كأس أمم أفريقيا للشباب    بعد عرض "كله مسموح".. كارول سماحة تشكر فريق المسرحية والجمهور    خذوا احتياطاتكم.. قطع الكهرباء عن هذه المناطق في الدقهلية الثلاثاء المقبل لمدة 3 ساعات    أوكرانيا تعلن ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 973 ألفا و730 فردا    فيديو.. لحظة اصطدام سفينة بجسر في نيويورك ومقتل وإصابة العشرات    هل تتعارض البصمة الوراثية مع مقاصد الشريعة؟.. رئيس جامعة القاهرة السابق يوضح    النائب عبد السلام الجبلى يطالب بزيادة حجم الاستثمارات الزراعية فى خطة التنمية الاقتصادية للعام المالي الجديد    سالي عبد المنعم: المتحف القومي للحضارة يعكس ثروتنا الحقيقية في الإنسان والتاريخ    اليوم في "صاحبة السعادة" حلقة خاصة في حب نجم الكوميديا عادل إمام أحتفالا بعيد ميلادة ال 85    هيقفوا جنبك وقت الشدة.. 5 أبراج تشكل أفضل الأصدقاء    في أجندة قصور الثقافة.. قوافل لدعم الموهوبين ولقاءات للاحتفاء برموز الأدب والعروض المسرحية تجوب المحافظات    مركز الازهر للفتوى الإلكترونية يوضح عيوب الأضحية    موعد وصول رسالة الأولوية للمتقدمين لحجز شقق سكن لكل المصريين    نماذج امتحانات الصف الثاني الثانوي pdf الترم الثاني 2025 جميع المواد    اليوم.. نظر استئناف المتهم الأول بقتل «اللواء اليمني» داخل شقته بفيصل    مستشهدًا ب الأهلي.. خالد الغندور يطالب بتأجيل مباراة بيراميدز قبل نهائي أفريقيا    «أنتم السادة ونحن الفقراء».. مشادة بين مصطفى الفقي ومذيع العربية على الهواء    1700عام من الإيمان المشترك.. الكنائس الأرثوذكسية تجدد العهد في ذكرى مجمع نيقية    زيلنسكى ونائب ترامب وميلونى.. الآلاف يحضرون حفل تنصيب البابا لاون 14    وسائل إعلام إسرائيلية: نائب الرئيس الأمريكي قد يزور إسرائيل هذا الأسبوع    متى تقام مباراة اتلتيكو مدريد ضد ريال بيتيس في الدوري الاسباني؟    الرقية الشرعية لطرد النمل من المنزل في الصيف.. رددها الآن (فيديو)    في ذكرى ميلاده ال 123، محطات فى حياة الصحفي محمد التابعي.. رئاسة الجمهورية تحملت نفقات الجنازة    «الرعاية الصحية» تعلن اعتماد مجمع السويس الطبي وفق معايير GAHAR    مصطفى عسل يهزم علي فرج ويتوج ببطولة العالم للإسكواش    براتب 15 ألف جنيه.. «العمل» تعلن 21 وظيفة للشباب بالعاشر من رمضان    النسوية الإسلامية (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ): أم جميل.. زوجة أبو لهب! "126"    خطوة مهمة على طريق تجديد الخطاب الدينى قانون الفتوى الشرعية ينهى فوضى التضليل والتشدد    بدء التصويت فى الانتخابات الرئاسية ببولندا    استشهاد طفل فلسطيني وإصابة اثنين بجروح برصاص إسرائيلي شمال الضفة الغربية    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. في أول ظهور له.. حسام البدري يكشف تفاصيل عودته من ليبيا بعد احتجازه بسبب الاشتباكات.. عمرو أديب يعلق على فوز الأهلي القاتل أمام البنك    سيراميكا كليوباترا يقترب من التعاقد مع كريم نيدفيد    الأزهر: الإحسان للحيوانات والطيور وتوفير مكان ظليل في الحر له أجر وثواب    حكم صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما حكم تحويل الرصيد من خلال خدمة (سلفني شكرًا)

تلقت الآمانه العامة للافتاء سؤالا يقول فيه صاحبه: ما حكم تحويل رصيد من الشركة مقابل خصم مبلغ لحين القيام بشحن الرصيد ببطاقة الشحن؟ بمعنى زيادة المبلغ المدفوع عن المبلغ المحول، وهي الخدمة المعروفة باسم: "سلفني شكرًا".
الجواب
واجابت الآمانة العامة للإفتاء بإن الرصيد: عبارة عن حق مالي تمنحه شركة الاتصالات للعميل؛ لينتفع بإجراء المكالمات وقت ما يشاء دون أن يتجاوز مجموع ما يجريه مقدارًا زمنيًّا محددًا تبعًا للمبلغ النقدي الذي يدفعه العميل مقدمًا (وهو ما يعرف بنظام الكارت)، فإذا استهلك العميل المقدار الزمني المحدد توقفت الخدمة لحين حصوله على رصيد آخر.
موضحه أن الرصيد: أمرٌ اعتباري يحدد مدى استحقاق العميل للانتفاع بخدمة إجراء المكالمات نظير ما دفعه من المال. فهو من الحقوق المتعلقة بالمال، والحق في اصطلاح الفقهاء: اختصاص يُقِرّ به الشرع سلطة على شيء أو اقتضاء أداء من آخر تحقيقًا لمصلحة معينة. راجع: "الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده" للدكتور محمد فتحي الدريني (ص: 260، ط. دار البشير).
مشيرة الي أن العلاقة الرابطة بين الحق والمنفعة: هي أن المنفعة مصلحة مقصودة، أما الحق فهو وسيلة معنوية لتحصيل المصلحة، بينما الأجهزة الملموسة: هي الوسيلة العينية والتي جرى العرف قديمًا وحديثًا بإقراضها وإعارتها وإجارتها ورهنها وغير ذلك من المعاملات.
وبينت دار الافتاء انه قد أتاحت شركات الاتصالات للعميل إذا نفد رصيده أن يقوم بتقديم طلب من خلال هاتفه ينبني عليه إجراء عملية تعرف بخدمة "سلفني شكرًا"، يتم فيها تحويل رصيد إضافي من جهة الشركة تزيد قيمته عن الرصيد الذي يحصل عليه عن طريق شحن الكارت، ويتم خصم قيمة هذا الرصيد عند أول عملية شحن.
وتحويل الرصيد بنفس القيمة المالية، أو بزيادة على تلك القيمة من قبيل بيع المنافع؛ إذ إنه تمليك منفعة بعوض على التأبيد.
يقول العلامة القليوبي الشافعي في "حاشيته على شرح المحلي للمنهاج" (2/ 152، ط. عيسى الحلبي) في تعريف البيع شرعًا أنه: [عقد معاوضة مالية تفيد ملك عين، أو منفعة على التأبيد لا على وجه القربة] اه.
وقال الإمام ابن مفلح الحنبلي في "شرح المقنع" (4/ 4، ط. دار الكتب العلمية، بيروت) في تعريف البيع شرعًا: [تمليك عين مالية أو منفعة مباحة على التأبيد بعوض مالي غير ربًا ولا قرض] اه.
ولا فرق بين المنافع والأعيان في جواز بيعها؛ يقول الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (5/ 251، ط. دار إحياء التراث العربي): [والمنافع بمنزلة الأعيان؛ لأنه يصح تمليكها في حال الحياة وبعد الموت، وتضمن باليد والإتلاف، ويكون عِوَضها عينًا ودينًا، وإنما اختصت باسم كما اختص بعض البيوع باسم، كالصرف والسلم] اه.
وقال الفقيه العلامة ابن حجر الهيتمي الشافعي في "فتاويه" (3/ 93، ط. المكتبة الإسلامية): [المنافع كالأعيان؛ فالقيمة فيها ذاتية، وُجِد راغبٌ بالفعل أم لا] اه.
والأصل في مشروعية البيع قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275]، يقول الإمام القرطبي في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن" (3/ 356، ط. دار الشعب): [قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275] هذا من عموم القرآن، والألف واللام للجنس لا للعهد إذ لم يتقدم بيع مذكور يرجع إليه] اه.
وهذا الحكم بحل البيع ينسحب على كل أنواع البيوع، إلا ما نصَّ الشرع على حرمته واستثناه من حكم الأصل، وذلك كالبيوع المشتملة على الرِّبا أو غيره من المحرمات؛ يقول الإمام الشوكاني في تفسيره "فتح القدير" (1/ 339، ط. دار الكلم الطيب، بيروت): [قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275] أي: أن الله أحلّ البيع، وحرّم نوعًا من أنواعه، وهو البيع المشتمل على الربا] اه.
ويؤيد أصالة الحل في البيوع قوله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29].
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه في "الأم" (3/ 3، ط. دار المعرفة): [فأصل البيوع كلها مباح إذا كانت برضا المتبايعين الجائزي الأمر فيما تبايعا، إلا ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها، وما كان في معنى ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محرم بإذنه داخل في المعنى المنهي عنه، وما فارق ذلك أبحناه بما وصفنا من إباحة البيع في كتاب الله تعالى] اه.
وروى الإمام الترمذي في "سننه" وحسَّنه عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن جده رضي الله عنه: أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المصلَّى، فرأى الناس يتبايعون، فقال: «يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ!» فاستجابوا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه، فقال: «إِنَّ التُّجَّارَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فُجَّارًا إِلَّا مَنِ اتَّقَى اللهَ وَبَرَّ وَصَدَقَ».
أمَّا إذا كان تحويل الرصيد فيه زيادة في القيمة على المبلغ الذي يتم تحويله فهو من بيع المنافع، وهو صحيحٌ أيضًا، وهذه الزيادة إمَّا من قبيل بدل الخدمات التي تفرضها الشركات على خدمة تحويل الرصيد، أو من قبيل الإجارة بمعنى قيام الشخص المحول إليه الرصيد باستئجار من يقوم بإجراءات تحويل الرصيد، ويمكن اعتبار الزيادة زيادة مشروعة في بيع مرابحة معلوم الربح بالتراضي والمساومة، ولهذا نظير في الفقه؛ فقد صرَّح بعض الفقهاء بأنه إذا ترتب على الإقراض نفقات ومصاريف مثل أجور التوفية بالوحدات القياسية العرفية (الكيل والوزن والعد...) عند التسليم والوفاء، ونفقات الاتصالات أو كتابة السندات والصكوك أو غير ذلك مما يحتاج إليه لإجراء هذا العقد أو تنفيذه أو توثيقه، فإن المقترض وحده هو الذي يتحملها، وذلك بخلاف البيع.
جاء في "الشرح الصغير لمختصر خليل" للشيخ الدردير -من كتب المالكية- (3/ 197-198، مع "حاشية الصاوي"، ط. دار المعارف): [(والأُجْرَةُ): أي أُجْرَةُ الكيل أو الوزن أو العَدِّ (عَلَيْهِ): أي على البائع؛ إذ لا تَحْصُلُ التَّوْفِيَةُ إلا به (بخلاف القَرْضِ، فَعَلَى المُقْتَرِضِ) أُجْرَةُ ما ذُكِرَ؛ لأَنَّ المُقْرِضَ صنع معروفًا فلا يُكَلَّفُ الأُجْرَةَ، وكذا على المُقْتَرِضِ في رَدِّ القَرْضِ والأُجْرَةِ بلا شُبْهَة»] اه.
ومما تتخرج عليه المسألة هنا أيضًا قاعدة: "الغرم بالغنم"، ومعناها: أن الغرم وهو ما يلزم المرء لقاء شيء من مال أو نفس، مقابل بالغنم وهو ما يحصل له من مرغوبه من ذلك الشيء. فمن ينال نفع شيء عليه أن يتحمل ضرره؛ أي ما يلزمه من نفقات لتحصيله، ومما ذكروا من تطبيقات لهذه القاعدة: أن أجرة كتابة صك الشِّرَاء وحجج المبايعات تلزم المُشْتَرِي؛ لأنها توثيق لانتقال الملكية إليه ومُقَابلَة انتفاعه بها، وأيضًا مصاريف رد المستعير العارية التي في يده من نقل ونحوه تلزمه، فمئونة قبض ورد كل عين تلزم من تعود إليه منفعة قبضها. يُنظر: "شرح القواعد الفقهية" للشيخ/ أحمد الزرقا (ص: 437-438، ط. دار القلم)، و"القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة" للدكتور/ محمد الزحيلي (1/ 543، ط. دار الفكر، دمشق)، و"درر الحكام في شرح مجلة الأحكام" لعلي حيدر (1/ 90، 2/ 378، ط. دار الجيل).
جاء في "شرح المنتهى" للعلامة البهوتي الحنبلي (2/ 294، ط. عالم الكتب): [(وعليه) أي: المُسْتَعِيرِ (مُؤْنَةُ ردِّها) أي: العارِية. لحديث: «الْعَارِيَّةُ مُؤَدَّاةٌ»، وحديث «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» و(كمغصوب) بجامع أنه قَبَضَهَا لا لمصلحة مَالِكِها فيَرُدُّها إلى الموضع الذي أخذها منه إن لم يتفقا على ردِّها إلى غيره] اه.
والمنفعة ههنا - في تحويل الرصيد - عائدة على مَنْ يُحوَّل الرصيد إليه وحده، فتلزمه النفقات والمصاريف المترتبة على هذا.
وأمَّا تحويل الرصيد من الشركة في مقابلة خصم مبلغ لحين قيام الشخص المُحوَّل إليه الرصيد بشحن رصيده ببطاقة الشحن بمعنى زيادة المبلغ المدفوع عن المبلغ المحول، فهذا أيضًا من بيع المنافع، والزيادة هنا من قبيل الزيادة في الثمن نظير الأجل.
والمقرر شرعًا أنه يَصِح البيع الذي يحوز فيه المشتري المبيعَ المُعَيَّنَ، ويؤجل أداء كُلِّ ثمنه أو بعضه على أقساط معلومة لأَجَلٍ معلوم، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ﴾ [البقرة: 275]، وقد روى الإمام البخاري في "صحيحه" عن عائشة رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اشترى طعامًا مِن يهوديٍّ إلى أَجَلٍ، ورهنه درعًا مِن حَديد".
وقال العلامة ابنُ بَطّال في "شرح صحيح البخاري" (6/ 208، ط. مكتبة الرشد، الرياض): [العلماء مُجْمِعون على جواز البيع بالنسيئة] اه.
ولو زاد البائع في ثمن المبيع المُعَيَّن نظير الأجل المعلوم، فإن ذلك جائز شرعًا أيضًا؛ لأنه مِن قبيل المرابحة، وهي نوع من أنواع البيوع الجائزة شرعًا التي يجوز فيها اشتراط الزيادة في الثمن في مقابلة الأجل؛ لأن الأجل وإن لم يكن مالًا حقيقة، إلا أنه في باب المرابحة يُزاد في الثمن لأجله إذا ذُكِر الأجل المعلوم في مقابلة زيادة الثمن؛ قصدًا لحصول التراضي بين الطرفين على ذلك، ولعدم وجود موجب للمنع، ولحاجة الناس الماسَّة إليه بائعينَ كانوا أو مشترين. ولا يُعَدُّ ذلك مِن قبيل الرِّبا؛ لأنه بَيعٌ حصل فيه إيجابٌ وقَبولٌ وتَوَفَّر فيه الثَمَن والمُثمَن -المبيع-، وهذه هي أركان البيع، غاية أمره أنه قد تأجل فيه قبض الثمن إلى أجلٍ أو إلى آجالٍ، فدخل تحت عموم قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ﴾ [البقرة: 275]، وكذلك فإن القاعدة الشرعية أنه إذا توسطت السلعة فلا ربا.
والقول بجواز الزيادة في الثمن نظير الأجل هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة. يُنظر: "بدائع الصنائع" للإمام الكاساني -من كتب الحنفية- (5/ 224، ط. دار الكتب العلمية)، و"الشرح الكبير على مختصر خليل" للشيخ الدردير مع "حاشية الدسوقي في مذهب الإمام مالك" (3/ 58، ط. دار إحياء الكتب العربية)، و"المهذب" للإمام الشيرازي -في فقه السادة الشافعية- (1/ 289، ط. دار الفكر، بيروت)، و"المُبدِع شرح المُقنِع" للعلامة ابن مُفلِح من كتب المذهب الحنبلي (4/ 103، ط. دار الكتب العلمية).
وهذا هو المنقول عن طاوس والحكم وحَمّاد والأَوزاعي من فقهاء السلف. يُنظر: "معالم السُّنَن" لأبي سليمان الخَطَّابي (3/ 123، ط. المطبعة العلمية بحلب).
قال الإمام الشوكاني في "نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار" (5/ 181، ط. دار الحديث) عن الزيادة مقابل التأجيل: [قالت الشافعية والحنفية وزيد بن علي والمؤيد بالله والجمهور: إنه يجوز لعموم الأدلة القاضية بجوازه وهو الظاهر... وقد جمعنا رسالة في هذه المسألة وسميناها "شِفَاء العِلَل فِي زِيَادَةِ الثَّمَنِ لِمُجَرَّدِ الأَجَلِ"، وحققناها تحقيقًا لم نُسْبَق إليه] اه.
وهذا ما ذهب إليه مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة في جلسته المنعقدة في دورة المؤتمر السادس من 17 إلى 23 شعبان 1410ه، الموافق من 14 إلى 20 مارس 1990م؛ حيث جاء في القرار رقم (53/ 2/ 6) ما نصه: [تجوز الزيادة في الثمن المؤجل عن الثمن الحال، كما يجوز ذكر ثمن المبيع نقدًا وثمنه بالأقساط لمُدَدٍ معلومة، ولا يصح البيع إلا إذا جزم العاقدان بالنقد أو التأجيل، فإن وقع البيع مع التردد بين النقد والتأجيل؛ بأن لم يحصل الاتفاق الجازم على ثَمَنٍ واحدٍ مُحَدَّدٍ فهو غير جائز شرعًا] اه.
ولا يُقال بأن الأجل ههنا غير معلوم أو غير ظاهر؛ إذ الأجل تحدده شركات المحمول التي تقوم بهذا الأمر، وإذا لم يقم من تَمَّ تحويل الرصيد إليه بشحن رصيده ببطاقة الشحن في موعد محددٍ، فإن الشركة ستقوم بسحب الخط منه، وتظل قيمة الرصيد المحول إليه ثابتة في ذمته ولا تبرأ حتى يقومَ بسداد ما عليه، بل إن الشركة قد تقوم باتخاذ الإجراءات القانونية ضده لاستيفاء حقها منه.
أما تسمية الخدمة باسم: "سلفني شكرًا"، فلا تأثير لها في حقيقة ما يتم في هذا التعاقد، فالعبرة في هذه الحالة بمعنى العقد وليس بألفاظه.
قال الإمام السيوطي في "الأشباه والنظائر" (ص: 166، ط. دار الكتب العلمية): [القاعدة الخامسة: "هل العبرة بصيغ العقود أو بمعانيها؟" خلاف: والترجيح مختلف في الفروع؛ فمنها: إذا قال: اشتريت منك ثوبًا، صفته كذا بهذه الدراهم. فقال: بعتك؛ فرجح الشيخان: أنه ينعقد بيعًا اعتبارًا باللفظ، والثاني ورجحه السبكي سلمًا اعتبارًا بالمعنى. ومنها: إذا وهب بشرط الثواب، فهل يكون بيعًا اعتبارًا بالمعنى، أو هبة اعتبارًا باللفظ؟ الأصح الأول] اه.
وعليه: فإن تحويل الرصيد من الشركة التي تقدم خدمة الاتصالات مقابل خصم مبلغٍ لحين القيام بشحن الرصيد ببطاقة الشحن بمعنى زيادة المبلغ المدفوع عن المبلغ المحول، كل هذا جائزٌ ولا شيء فيه، ولا تأثير لتسمية الخدمة باسم "سلفني شكرًا"؛ فهي بيعٌ، وليست سلفًا أو قرضًا، والعبرة في هذه الحالة لمعنى العقد وليس للفظه.
اقرأ أيضا: دار الإفتاء توجه نصائح هامة لأولياء الأمور والأبناء للحماية من خطر الإدمان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.