فتح باب اللجان ب 13 دولة لتصويت المصريين في انتخابات البرلمان    مفاجأة في أسعار الذهب خلال تعاملات اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025    سعر كرتونة البيض في بورصة الدواجن والسوق اليوم الجمعة 21نوفمبر 2025    نائب وزير السياحة تبحث في هونج كونج آليات التعاون لجذب الاستثمارات إلى مصر    "متبقيات المبيدات" ينفذ برنامجه التدريبي الدولي السابع لمتخصصين من تنزانيا    إنشاء محطة الصب الجاف النظيف بميناء الدخيلة.. صور    أوكرانيا: نواصل العمل مع الشركاء الأمريكيين بشأن مقترحات السلام    فيديو| ضحايا ودمار هائل في باكستان إثر انفجار بمصنع كيميائي    الاحتلال الإسرائيلي يواصل الانتهاكات وشلال الشهداء لا يتوقف    ثلاثة قتلى جراء الزلزال في وسط بنجلادش    مواجهات قوية في جدول مباريات اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025    كواليس جلسة هاني أبوريدة ووزير الرياضة    توروب والشناوي يحضران اليوم المؤتمر الصحفي لمباراة شبيبة القبائل    مواعيد مباريات اليوم - عودة الدوريات الأوروبية.. والمغرب تصطدم بالبرازيل في مونديال الناشئين    الأرصاد تحذّر من طقس غد: ذروة الموجة الحارة واستمرار الشبورة الكثيفة على عدة محافظات    أطلق اعيرة نارية احتفالا بفوز أحد مرشحي مجلس النواب: حبس شخص 15 يومًا لحيازته سلاحًا بالفيوم    حملة مكبرة لإزالة الإشغالات وتعديات الباعة الجائلين بشوارع منفلوط فى أسيوط    النشرة المرورية.. سيولة بحركة السيارات بمحاور القاهرة والجيزة    أول تعليق من كريم الحو بعد اصرار عائلة محمد فووي على مقاضاته    في عيد ميلادها.. جارة القمر فيروز كما لم تعرفها من قبل.. تعتني بابنها المعاق وترفض إيداعه مصحة خاصة    اليوم.. حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي في دورته ال46 وتوزيع الجوائز    الرئيس الفنزويلي يأمر بنشر أسلحة ثقيلة وصواريخ على سواحل الكاريبي ردا على تحركات عسكرية أمريكية    الجالية المصرية بالأردن تدلي بأصواتها في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    شهيدان بنيران الاحتلال خلال اقتحام القوات بلدة كفر عقب شمال القدس المحتلة    مصادر: انتهاء استعدادات الداخلية لتأمين المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    فرص عمل في شمال القاهرة للكهرباء.. اعرف التفاصيل    الصحة المصرية تعلن خلو البلاد من التراكوما فى ندوة لقيادات الصحة فى الصعيد    خبيرة فرنسية: زيارة زيلينسكي إلى باريس ضارّة بمصالح فرنسا    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في الاحتفال بمرور 1700 على مجمع نيقية    بورصة وول ستريت تشهد تقلبات كبيرة    نفاد تذاكر دخول المصريين لقاعات عرض المتحف المصري الكبير اليوم الجمعة وغدا السبت    أخبار مصر: مصير طعون إلغاء الانتخابات، تفاصيل اعتداء 4 عاملين بمدرسة دولية على 6 تلاميذ، أبرز بنود خطة السلام في أوكرانيا    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 21 نوفمبر 2025    الأبيض يرفض رحيل بنتايج| الزمالك يحشد أسلحته للقاء زيسكو.. وتكريم الراحل صبري    هل تنجو «نورهان» من الإعدام؟.. تطور جديد بشأن قاتلة أمها ب «بورسعيد»    تحذير جوي بشأن طقس اليوم الجمعة.. خد بالك من الطريق    الصحة العالمية: اللاجئون والنساء أكثر عُرضة للإصابة ب«سرطان عنق الرحم»    أستاذ طب الأطفال: فيروس الورم الحليمي مسؤول عن 95% من حالات المرض    دراسة تكشف عن علاقة النوم العميق بعلاج مشكلة تؤثر في 15% من سكان العالم    زد يفاوض كهربا للعودة للدوري المصري عبر بوابته (خاص)    محمد منصور: عملت جرسونا وكنت أنتظر البقشيش لسداد ديوني.. واليوم أوظف 60 ألفا حول العالم    أوقاف القاهرة تنظّم ندوة توعوية بالحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب    محمد صبحي: اوعوا تفتكروا إني اتعالجت على نفقة الدولة ولم أفرح بترشيحي لجائزة الدولة التقديرية (فيديو)    المتحف المصري يفتح أبوابه لحوار بصري يجمع بين العراقة ورؤى التصميم المعاصر    «المهن التمثيلية» تحذر من انتحال اسم مسلسل «كلهم بيحبوا مودي»    فضل سورة الكهف يوم الجمعة وأثر قراءتها على المسلم    دعاء يوم الجمعة.. ردد الآن هذا الدعاء المبارك    ما الأفضل للمرأة في يوم الجمعة: الصلاة في المسجد أم في البيت؟    رئيس جامعة المنوفية يشهد ملتقى التعاون بين الجامعات المصرية والكورية    تأجيل محاكمة عاطلين بتهمة الاتجار في المواد المخدرة بروض الفرج    رئيس هيئة الاستثمار يشارك في المؤتمر "المصري العُماني" لبحث فرص الاستثمار المشتركة بين البلدين    خاص| عبد الله المغازي: تشدد تعليمات «الوطنية للانتخابات» يعزز الشفافية    القرنفل.. طقس يومي صغير بفوائد كبيرة    مستوطنون يشعلون النار فى مستودع للسيارات بحوارة جنوبى نابلس    ضياء السيد ل dmc: الرياضة المصرية بحاجة لمتابعة دقيقة من الدولة    ستاد المحور: جلسة مرتقبة في الزمالك لتجديد عقد عمر عبد العزيز    هل التأمين على الحياة حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    هل عدم زيارة المدينة يؤثر على صحة العمرة؟.. أمين الفتوى يوضح بقناة الناس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سنوات الخماسين.. شهادة من قلب المشهد
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 15 - 01 - 2022

هناك شبه اتفاق بين أساتذة التاريخ، على أنه لا يمكن التأريخ للأحداث الكبرى، ومنها ثورات الشعوب، إلا بعد انقضاء سنوات ليست بالقليلة، لسبب وجيه يتعلق بغياب كل المؤثرين من المشهد، وبعد أن يكونوا مجرد أشخاص فى ذمة التاريخ، ويخضعون لحكمه، ويكون لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، بدون تأثير أدبى أو معنوى أو حتى سلطوى، وتخضع وقتها الأحداث للتحليل وتمحيص العلماء والمفكرين، بتجرد كامل.. هذا كلام جيد ونعرفه على إطلاقه.
ولكن هذه القاعدة لها استثناءات، وبالذات فى عالمنا العربى، فرغم مرور قرابة السبعين عاما إلا أننا نجد أنفسنا أمام أكثر من قراءة لأحداث ثورة 23 يوليو، وأكثر من تقييم لما فعله جمال عبدالناصر، فالبعض يخلع عنها أصلا صفة الثورة، والبعض الآخر يصفها بالحركة، أو الانقلاب، والبعض يعتبر جمال عبدالناصر ملهماً وكاريزما لن تتكرر، والبعض الآخر يهبط به إلى أسفل سافلين، ويحمله كارثة 1967 وتبعاتها، ويحمله أيضا بداية التراجع الاقتصادى للدولة المصرية.
رغم معرفة الكاتب الصحفى ياسر رزق بهذه الثوابت إلا أنه دفع إلى المكتبات بإصدار يحمل عنوان «سنوات الخماسين.. بين يناير الغضب ويونيو الخلاص» يؤرخ فيه كما يقول عنوان الكتاب إلى فترة حرجة فى تاريخ مصر منذ أحداث يناير 2011، حتى وقت كتابة هذا الكتاب.. فلماذا إذن يكسر رزق هذه القاعدة وهو أعلم الناس بها ؟
يجيب رزق على هذا السؤال فى توطئة الكتاب تحت عنوان: قبل أن أبدأ، بقوله «هذه ليست محاولة لكتابة تاريخ، إنما محاولة لقراءة حاضر، علنا نهتدى بها عند مفارق طرق قد تقابلنا فى المستقبل.
وأضاف «فلا يمكنك أن تؤرخ لأحداث ماض قريب، بينما هى تنبض وتتحرك وتتفاعل، أو هى مازالت تدمى وتوجع وتؤثر. لكن يمكنك أن ترصد مجريات أمور تترى، بعدما تنقضى مسبباتها وتفتش عن جذورها. ليس هذا أوان التأريخ لما جرى فى مصر فى العقد الثانى من الألفية الجديدة، الذى اعتبره- والكلام لازال على لسان رزق أكثر الحقبات صعوبة وتقلبات، وأشدها جزراً ومداً فى تاريخ مصر الحديث والمعاصر. ربما يحين الأوان عندما تكتمل كل مكونات «البازل» المصرى فى ذلك المنعطف غير المسبوق أمام من يتصدى لمسئولية التاريخ.
تتطلب الكتابة الصحفية، وتحديدا فى مدرسة أخبار اليوم وضوح الكلمات، ودقة اختيار اللفظة فى بناء المادة الصحفية، إضافة إلى مبدأ جوهرى اتبعه كل أبناء هذه المدرسة، وهو الاختصار غير المخل قدر الإمكان، هذه الضوابط كنت أرى أنها كبحت جماح إمكانيات ياسر رزق ككاتب، وجعلت مقالاته على أهميتها، ومهما استطالت لضرورات، مكتوبة بلغة تلغرافية، لا توجد كلمة فى غير محلها، ولا توجد جملة «حشو» يمكن حذفها، فى هذا الكتاب تخلى ياسر رزق، عن هذا الحذر وأعطى لنفسه بحبوحة، فخرجت كلماته أكثر عذوبة، وجمله، رغم انضباطها، أكثر جمالا.
كتاب رزق كما يقول فى مقدمته هو الجزء الأول من ثلاثية «الجمهورية الثانية»، سوف يستتبعه بجزءين آخرين، سوف يخرجان للنور تباعا، فى الجزء الأول دون وقائع عاصرها وعايشها وعلم بها بحكم عمله الصحفى والتى تبلورت فى إرهاصات ومقدمات لثورة 25 يناير 2011 والتى أسقطت فعليا الجمهورية الأولى والتى دشنت فعليا فى 18 يونيو 1953 إثر زوال الحكم الملكى لأسرة محمد على.
يقع الكتاب فى 300 صفحة وهو مقسم إلى سبعة فصول وملحق مهم وكبير يتضمن صورا لأهم 1200 صورة، ومحطات فاصلة فى عناوين الأخبار والمصرى اليوم مرتبطة بتطورات الأحداث، ثم مقالات للمؤلف تحت عنوان «مقالات فى قلب العاصفة»، إضافة إلى النص الكامل لأول حوار أجراه المؤلف مع الفريق أول عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع وقتها ونشر فى أكتوبر 2013.
غلاف الكتاب كاشف لمضمون الرسالة التى يريد الكاتب أن يوصلها، فمصر كانت بالفعل، ولسنوات تتعرض لرياح خماسينية، هبت على كل الدول التى أطلق عليها دول الربيع العربى، ولمن لا يعرف ففى وقت هبوب رياح الخماسين تنعدم الرؤية، وتتخبط السبل، ونفتقد الطريق الصواب،بل وقد تقع حوادث لا يحمد عقباها، شىء من هذا القبيل حدث فى مصر منذ يناير 2011، حيث وقعت مصر تحت أعباء علاج خاطىء لتشخيص خاطىء كما قال الرئيس عبد الفتاح السيسى فى إحدى خطبه، ولكن مهما طالت الرياح فلابد لها ان تنقشع، مخلفة وراءها من الخسائر حسب قوتها، ولكن أذن الله لمصر أن يكون هناك من أبنائها من يأخذ بيدها، ويقودها وسط دروب شائكة بالغة التعقيد، يقودها ليس لينقذها فقط من مصير محتوم قدر لها بليل بهيم، ولكن لكى يصلح، ما فسد عبر عدة عقود تراجع فيها دور الدولة المصرية إلى حد الخطر. وبعد أن انقشعت الغمة ونجح الرئيس السيسى فى أن يحفظ المركب من الغرق، راح يعيد البنيان فى شتى المجالات،لم يترك مجالا الا وطرقه، يقوم فيه كل معوج، حتى أصبحنا امام الجمهورية الثانية قولا وفعلا.
نعود إلى مضمون كتاب ياسر رزق الذى حرص فى مقدمته أن يحدد لنا سبب تصديه لكتابة هذا الكتاب، وماذا سوف يفرق عن عشرات بل آلاف العناوين التى خرجت تتحدث عن الأحداث التى جرت من كل الزوايا، حيث يقول: لقد قُدِّر لى أن أكون واحداً من هؤلاء كمواطن ظل يحلم بمصر فى مكانة أخرى تستحقها، لكنه وجد وطنه على حافة جرف مهدداً بالسقوط من حالق، ليتمزق شظايا على القاع السحيق،وكصحفى آل على نفسه، أن يستقى الأنباء، ويستقصى الأبعاد، ويحصل على معلومات من صانعى الأحداث، دون تواتر أو عنعنة. وأيضا كشاهد على محطات حاسمة ووقائع مفصلية، بعضها معلوم للقلة، وعلى مواقف فارقة معظمها فى طى الكتمان، عشتها وتابعتها رأى العين، من غير حاجة لأن أعاينها بأنظار آخرين.
أحاول فى هذا الجزء من ثلاثية «الجمهورية الثانية» – يقول رزق - أن أرصد وقائع مرحلة الانتقال الأولى، حين تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة دولة، كانت تترنح بفعل رياح ثورة، وعواصف إقليم، ومخططات قوى كبرى، أرادت تغيير خريطة المنطقة بحراب أبنائها.
يحاول رزق فى كتابه أن يقدم شهادته عن تلك المرحلة الحرجة، التى انتهت بتسليم السلطة إلى رئيس منتخب كانت عصمة أمره بيد جماعة اختزل فيها الشعب، فاقتاد البلاد نحو طريق الهلاك.
يكتب – كما قال - عن وقائع عاشها، وكان شاهداً عليها، أثناء عام حكم الإخوان لمصر، وأتاحت له الظروف أن يرقب عن كثب، شرر الغضب الشعبى منذ بدأ يبرق، حتى تحول إلى حريق هائل، قوض نظام المرشد فى ثورة كبرى لم يعرف التاريخ العالمى المعاصر لها مثيلاً.
يسعى رزق فى كتابه إلى كشف أسرار بطولات رجال، وتفاصيل أدوار شخصيات فيما بين الثورتين، وما بعد ثورة يونيو الكبرى، ويعرض مفارقات أقدار كانت ذروتها حينما خرجت الناس تنادى ببطل شعبى، حاكماً ينقذ البلاد وينهض بالأمة، حتى استجاب البطل لنداء الجماهير، وترشح وفاز وأدى اليمين، ليشرع فى مهمته الوطنية مستعيناً بالله والشعب.
* ويختتم رزق مقدمة كتابه المهم بكلمة تحمل ردا على إشكالية التأريخ للثورات والأحداث الكبرى بقوله: لست أزعم أننى أحتكر الحقيقة، أو أننى أمتلك كل جوانب الوقائع.
فقط أكتب من زاوية رؤية خاصة.
منها أرنو إلى المشهد، وأطالع ما تيسر لى من تفاصيله، بما أدركه من ألوان وظلال وحركة وعلاقات بين فسيفساء الصورة، قد لا تكون الزاوية متسعة 180 درجة، على نحو ما كنت أتمنى، لكنها كافية للنظر دونما خداع بصر أو خديعة بصيرة..!
مؤلف الكتاب عمل لمدة عقد من الزمان مراسلا صحفيا لجريدة الأخبار اليومية فى رئاسة الجمهورية إبان حكم مبارك، كما عمل كمحرر عسكرى، ووصل إلى أعلى «الكارير الصحفى» بترؤسه لتحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون، ثم رئيسا لتحرير الأخبار، ثم تركها مكرها على يد جماعة الإخوان إلى جريدة المصرى اليوم ثم عاد رئيسا لمجلس إدارة أخبار اليوم ورئيساً لتحرير الأخبار، كل هذه المناصب أتاحت له أن يعرف عن قرب دولاب العمل الرئاسى، وكان بحكم نهمه الصحفى يعرف الكثير مما تحت السطح، فرصد عن قرب بعينه الصحفية إرهاصات مشروع التوريث الذى كان يسعى إليه مبارك، ورصد موقف المؤسسة العسكرية المصرية من الأحداث وتطوراتها، وبحكم العمل أيضا أتيح له أن يكون قريباً من صناع الأحداث: يسمع ويرى ويدون، ولكن ليس كل ما يعرف يكتب، ولكنه قرر أن يكتب ما يصلح لأن هذه أمانة للتاريخ، سنمضى جميعا وتبقى شهادة رزق، بما لها وما عليها، للتاريخ يقول كلمته، ولكنه سعى أن يستشهد بكل كلمة قالها، وبعض شهود الأحداث التى يرويها، مازالوا أحياءً يرزقون يمكن أن يقولوا عكس ما قال لو كان هناك اختلاف.
قام رزق بإهداء الجزء الأول من ثلاثيته التى سأل الله أن يمد فى عمره لإنجازها إلى شعب عظيم لا يرضخ ولا ينحنى لعاصفة ولا يركع إلا لرب العباد، وإلى أجيال آتية: هذه ملامح من قصة آبائكم فى زمن صيب ولمحات من حكاية وطنكم فى حقبة فاصلة، عساها تنير لكم طريقاً، وتعبد درباً.
خصص المؤلف الفصل الأول من كتابه تحت عنوان « سقوط الجمهورية الأولى» للحديث عن المقدمات التى أدت إلى أحداث يناير، والترهل الذى أصاب حكم مبارك مقابل صعود نجم ابنه، وسيطرته على واقع المشهد السياسى عبر الحزب الوطنى، وعبر تزاوج السلطة مع رجال الأعمال، وعدم ترحيب المؤسسة العسكرية بما يحدث ويعرج سريعا على الأحداث التى نعرفها جميعا، ثم يتحدث عن بعض الأسرار والحكايات التى تكشف وتؤكد عقيدة الجيش الوطنى، وأنه جيش الشعب، وليس جيشاً انقلابياً بأى حال من الأحوال، وما أعقب ذلك من تسليم مبارك السلطة وإدارة شئون البلاد للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.
فى الصباح وجد طنطاوى نفسه حاكماً مطلق الصلاحيات، بين يديه السلطتان التنفيذية والتشريعية، وقال : لقد ألقى مبارك فى «حجرى جمرة فحم مشتعلة».
بهذه المقدمة انتقل المؤلف لتناول الفصل الثانى تحت عنوان «الانتقالية الأولى.. وعمود الخيمة» فى إشارة إلى الدور الذى لعبته قواتنا المسلحة فى الحفاظ على الوطن ومقدراته فى فترة من أحرج الفترات فى تاريخه المعاصر.. ثم ينتقل إلى ذكر تفاصيل اليوم الأول الذى التقى فيه باللواء أركان حرب عبد الفتاح السيسى مدير المخابرات الحربية، على هامش لقاء عقده الراحل اللواء محمد سعيد العصار مساعد وزير الدفاع لأربعة من رجال الفكر والكتاب كان المؤلف أحدهم مع أربعة من أعضاء المجلس العسكرى لتبادل الرؤى حول أولويات المرحلة المقبلة، سجل رزق انطباعاته عن السيسى «الذى تكلم بنبرات هادئة واثقة متزنة، تنطق بقوة شخصيته»، ولفت نظره إلمام السيسى غير المحدود بالأوضاع فى مصر، وخريطة الحكم والسلطة فى مصر.
ويخصص رزق مساحة لا بأس بها للحديث عن علاقته بالكاتب الكبير الراحل محمد حسنين هيكل، وكيف تطورت مع الأحداث التى شهدتها مصر، حتى تجاوزت علاقة التلميذ الشغوف بأستاذه إلى علاقة ابن بأبيه الحنون الحكيم.
ويكشف رزق خلفيات أول لقاء اختصه به السيسى بعد أن تولى وزارة الدفاع ونشر فى المصرى اليوم، ومنذ ذلك الحوار تعددت لقاءات رزق - كما يذكر فى كتابه – إما منفرداً أو بصحبة عدد محدود من الزملاء الصحفيين مع اللواء السيسى قبل أن يصبح «فريقا»ً، ثم فى مقر رئاسة الجمهورية بعد أن أصبح رئيساً للجمهورية اعتباراً من 8 يونيو 2014.
ويخصص الفصل الثالث لما أسماه «جمهورية السراب وجماعة الخراب» فى إشارة للفترة التى سيطرت فيها الجماعة الإرهابية على مفاصل الدولة وأحكمت قبضتها على كل مقاليد الحكم، مع إقصاء لكل من هو خارج الجماعة، ويؤكد أنه لم تكن هناك ثمة صفقة بين الجيش والإخوان توجت بإعلان فوز مرسى رئيساً للجمهورية، كما روج البعض، فقد رفض المشير طنطاوى التدخل لإعادة الانتخابات، كما أنه لم يعلم بالنتيجة الا من خلال شاشة التليفزيون!
وتحت عنوان «بداية النهاية» راح المؤلف فى الفصل الرابع يسرد العلاقة الشائكة بين مرسى ووزير الدفاع الذى كان همه الأول إحاطة القوات المسلحة بسياج منيع يحول دون تسرب فيروسات الأجواء السياسة الملوثة إليها، ومنذ اليوم الأول له فى منصبه الأرفع فى القوات المسلحة راح يعقد سلسلة من اللقاءات مع الضباط والصف والجنود، ثم شرع فى تنفيذ خطة طموح لإجراء تطوير شامل على القوات المسلحة.. ثم يستعرض المؤلف تفاصيل الصراع الذى دب بين الجماعة مع جميع الأطراف السياسية، وموقف القوات المسلحة ويستعرض كيف أضاع مرسى وجماعته طوق نجاة ألقاه إليه السيسى وسط دوامات أوشكت أن تجرفه وتجذب نظامه إلى قاع اليم.. ثم ينتقل بعد ذلك إلى خلفيات ميلاد حركة تمرد ضد حكم مرسى وجماعته، وما أعقب ذلك من إسقاط لجمهورية السراب وهو ما أفرد له تفاصيل الفصل الخامس من الكتاب، وصولا لليوم الموعود: الثلاثين من يونيو، عندما أشرقت مصر بعد عام من الظلام الدامس تحت حكم جماعة الإخوان التى فقدت شرعيتها بخروج عشرات الملايين إلى الميادين والشوارع على كامل التراب المصرى تطالب مرسى وجماعته بالرحيل.
وبعده امهل الجيش الجميع 48 ساعة كفرصة أخيرة لتحمل أعباء الظرف التاريخى الذى يمر به الوطن.. ولم ينم المصريون الليل حتى الأربعاء الثالث من يوليو، حيث تدفقت عشرات الملايين من المواطنين مجدداً إلى الشوارع وبسط الجيش حمايته عليهم لردع ميليشيات الإخوان التى توعدت الجميع بسلسلة من الدم وصولاً إلى ذروة الأحداث بالبيان الذى ألقاه الفريق عبدالفتاح السيسى وحدد خلاله نقاط خارطة المستقبل التى انعقدت عليها إرادة ممثلى الشعب، والتى تضمنت، ضمن ما تضمنت من قرارات مهمة، تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت وأن يؤدى رئيس المحكمة الدستورية العليا اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة، مع تشكيل حكومة كفاءات وطنية، ولجنة عليا للمصالحة الوطنية، وهو ما يعنى عملياً سقوط «جمهورية السراب».
ولم يكن من الممكن أن يقفز المؤلف على ما تلا ذلك من أحداث دموية حاولت من خلالها الجماعة الإراهابية عقاب المصريين على خياراتهم، بما فى ذلك خلفيات اعتصامى رابعة والنهضة، وهو ما استتبع لجوء السيسى للشعب طالباً تفويضاً للجيش والشرطة لمواجهة الإرهاب المحتمل والمتنامى من الإخوان وغيرهم من الجماعات الإرهابية.
وفى الفصل السابع – عنوانه طريق السيسى إلى «الاتحادية» يتحدث رزق بالتفصيل عن أجواء أول حوار يجريه مع الفريق السيسى عندما كان رزق رئيسا لتحرير المصرى اليوم بعد إطاحة الإخوان به من منصبه كرئيس لتحرير الأخبار، والذى وجه خلاله سؤالاً مباشراً عن احتمالية ترشحه لخوض انتخابات الرئاسة استجابة لطلب الجماهير، فكان رده الذى يعكس تغليب المصلحة الوطنية على اية مصلحة بقوله «ان الوقت غير مناسب الآن لطرح هذا السؤال فى ظل ما تمر به البلاد.... الا أنه عقب بقوله» الله غالب على أمره.
ويستعرض المؤلف بعد ذلك صور وأشكال الرغبة الشعبية العارمة، ورغبة الصفوة وقادة الرأى وكبار المثقفين والمفكرين التى تطالب الفريق عبد الفتاح السيسى بالترشح لرئاسة الجمهورية، بلور الراحل الكاتب الكبير أحمد رجب ذلك كله فى مقاله «نص كلمة» مخاطبا السيسى: لا تعط ظهرك لمصر واهلها، وكان رد الرئيس أمام هذا الطوفان من المحبة: يارب أكون أستحق ده منكم..
وخصص رزق فصلاً كاملاً تحت عنوان «إلى قصر الرئاسة» للحديث عن رحلة السيسى إلى قصر الرئاسة والتى لخصها بجملته الخالدة : أنا مستدعى لوطن فى خطر، وكنت غير راغب فى خوض الانتخابات ولكنى قررت الترشح حتى لا يقال.. لقد طلبناه وأدار لنا ظهره.. حصل السيسى على أعلى الأصوات بنسبة 96,91% من إجمالى الأصوات الصحيحة.
اقرأ ايضا | توقيع كتاب «سنوات الخماسين» للكاتب الصحفي ياسر رزق بالأوبرا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.