على امتداد ريف مصر يتعايش الناس مع الخطر يومياً حتى باتوا يألفونه، وينتظرون أن يأتى ذات يوم من يعدهم بالحماية والأمان وينفذ وعوده دون انتظار مواسم انتخابات أو وقوع حوادث وسقوط ضحايا، ينتظرون أن يسعى كل مسئول لمعايشة مشكلاتهم والبحث عن حلول جذرية لها دون الاكتفاء بالحديث عن نقص التمويل وضعف الميزانية، أو التصريح بحجم التعويضات التى تمنح لأسر المصابين والضحايا عقب كل حادث، فالأهم هو معالجة المشكلة من أساسها وليس علاج آثارها بالتعويضات وكلمات العزاء. مشاعر الحزن والألم أوجعت قلوب المصريين عقب حادث سقوط ضحايا جدد من الأطفال واليافعين، ممن حملتهم سيارة نقل صغيرة سقطت بركابها الصغار بالمياه فى طريق العودة من المزرعة التى يعملون بها إلى قريتهم «القطا» بمركز منشأة القناطر، بسبب إحدى «المعديات» العشوائية التى تنتشر فى ربوع مصر للتغلب على مشكلات عبور الترع والمجارى المائية، كنوع من الحلول المؤقتة حتى يأتى الفرج بحل دائم، ومع تأخر هذا الحل المنتظر وإهمال التفكير فى الصيانة والإصلاح تحولت أغلب هذه المعديات إلى مصائد للعبور إلى الموت غرقا، ورغم ذلك يستمر وجودها لشدة الحاجة إليها وعدم وجود بدائل أكثر أمنا. لذلك استبشرت خيرا حين قدم النائب محمد عبدالله زين الدين، عضو لجنة النقل بمجلس النواب، طلب إحاطة للحكومة ممثلة فى وزارات النقل والرى والإدارة المحلية بشأن أزمات المعديات المتهالكة والتى قدرها بنحو 10 آلاف معدية على مستوى الجمهورية، لخدمة حوالى 144 جزيرة تقع على طول نهر النيل، جميعها فى أمس الحاجة إلى عمليات صيانة فورية أو استبدالها بكبارى لتسهيل حركة المواطنين، مطالبا بسرعة عمل حصر عاجل وفورى للمعديات المتهالكة، وتحديد جدول زمنى لتطويرها، ودراسة إنشاء كبارى على النيل فى المناطق التى بها كثافات سكانية ولا يصلح بها عمل المعديات. هذا المطلب العادل يستلزم تحركا عاجلا من الحكومة لتحقيقه، ومراجعة من أجهزة الحكم المحلى لأوضاع المعديات المنسية والمهملة على مدى عشرات السنين بعد أن تحولت إلى مصائد خطرة تحصد أرواح العابرين فى أى لحظة.