سعر السمك اليوم الجمعة5 ديسمبر 2025 فى المنيا    النيابة تكشف الحقيقة الكاملة حول علاقة واقعة مدرسة سيدز بالدارك ويب    ضبط 1200 زجاجة زيت ناقصة الوزن بمركز منفلوط فى أسيوط    أسعار الذهب في مصر اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    قطع مياه الشرب عن 3 قرى ببنى سويف.. اعرف الأماكن والمدة الزمنية    رعاية المبتكرين: إنشاء صندوق مخاطر بقيمة 500 مليون جنيه لدعم الشركات الناشئة والتكنولوجية    «عصمت»: القطاع الخاص شريك في تنويع مصادر توليد الكهرباء    الرئيس اللبناني يطالب مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق وقف إطلاق النار    أسطورة برتغالي يرشح رونالدو للعب في كأس العالم 2030 بعمر 45 عامًا    لقاءات ثنائية مكثفة لقادة الأفرع الرئيسية وكبار قادة القوات المسلحة    «رجال يد الأهلي» يواجه الزمالك في بطولة الدوري    اليوم.. افتتاح بطولة إفريقيا للأندية ل«سيدات كرة السلة»    تقارير: الدوري السعودي مستعد للتعاقد مع محمد صلاح    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيدة زينب (بث مباشر)    الحصر العددي يكشف مفاجآت في انتخابات دائرة إمبابة.. مرشح متوفى يحصل على الترتيب الرابع وأصوات إيهاب الخولي تتراجع من 22 ألف إلى 1300 صوت    العثور على غريق مجهول الهوية بترعة الإبراهيمية في المنيا    إلهام شاهين تشيد بفيلم giant: مبروك لأمير المصرى والقصة ملهمة    بعد إطلاق فيلم "أصلك مستقبلك".. مكتبة الإسكندرية: كل أثر هو جذر من شجرتنا الطيبة    حودة بندق يتصدر التريند بعد طرح أحدث أعماله الغنائية    كأس العرب - وسام أبو علي يكشف حقيقة مشاركته مع فلسطين في البطولة    وكيل الجفالي يكشف حقيقة فسخ تعاقده مع الزمالك    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    من هو زعيم مليشيات غزة بعد مقتل ياسر أبو شباب    الصين وفرنسا: حل الدولتين الحل الوحيد لضمان السلام بين فلسطين وإسرائيل    مصر ترحب باتفاقات السلام والازدهار بين الكونغو الديمقراطية ورواندا الموقعة في واشنطن    رئيس جامعة القاهرة: نولي اهتمامًا بالغًا بتمكين أبنائنا من ذوي الإعاقة    "المشاط" تشهد فعاليات جوائز التميز العربي وتهنئ "الصحة" لحصدها أفضل مبادرة عربية لتطوير القطاع الحكومي    الدرندلى وحسام وإبراهيم حسن أمام البيت الأبيض قبل قرعة كأس العالم 2026    زي المطاعم، طريقة عمل رولات الدجاج المحشية    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    إعلام إسرائيلي: انتحار ضابط في لواء جفعاتي بسبب مشكلات نفسية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    بوتين ومودي يبحثان التجارة والعلاقات الدفاعية بين روسيا والهند    الأنبا رافائيل يدشن مذبح الشهيد أبي سيفين بكنيسة العذراء بالفجالة    طارق الشناوي: الهجوم على منى زكي في إعلان فيلم الست تجاوز الحدود    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    30 دقيقة تأخير على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الجمعة 5 ديسمبر 2025    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    الأزهر للفتوي: اللجوء إلى «البَشِعَة» لإثبات الاتهام أو نفيه.. جريمة دينية    خاطر يهنئ المحافظ بانضمام المنصورة للشبكة العالمية لمدن التعلّم باليونسكو    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    الصحة: الإسعاف كانت حاضرة في موقع الحادث الذي شهد وفاة يوسف بطل السباحة    صحة الغربية: افتتاح وحدة مناظير الجهاز الهضمي والكبد بمستشفى حميات طنطا    دعاء صلاة الفجر اليوم الجمعة وأعظم الأدعية المستحبة لنيل البركة وتفريج الكرب وبداية يوم مليئة بالخير    رئيس هيئة الدواء يختتم برنامج "Future Fighters" ويشيد بدور الطلاب في مكافحة مقاومة المضادات الحيوية وتعزيز الأمن الدوائي    فضل صلاة القيام وأهميتها في حياة المسلم وأثرها العظيم في تهذيب النفس وتقوية الإيمان    سبحان الله.. عدسة تليفزيون اليوم السابع ترصد القمر العملاق فى سماء القاهرة.. فيديو    الدفاعات الأوكرانية تتصدى لهجوم روسي بالمسيرات على العاصمة كييف    ضبط شخص هدد مرشحين زاعما وعده بمبالغ مالية وعدم الوفاء بها    صاحبة فيديو «البشعة» تكشف تفاصيل لجوئها للنار لإثبات براءتها: "كنت مظلومة ومش قادرة أمشي في الشارع"    د.حماد عبدالله يكتب: لماذا سميت "مصر" بالمحروسة !!    بعد إحالته للمحاكمة.. القصة الكاملة لقضية التيك توكر شاكر محظور دلوقتي    كاميرات المراقبة كلمة السر في إنقاذ فتاة من الخطف بالجيزة وفريق بحث يلاحق المتهم الرئيسي    ميلان يودع كأس إيطاليا على يد لاتسيو    بشير عبد الفتاح ل كلمة أخيرة: الناخب المصري يعاني إرهاقا سياسيا منذ 2011    فرز الأصوات في سيلا وسط تشديدات أمنية مكثفة بالفيوم.. صور    ضبط شخص أثناء محاولة شراء أصوات الناخبين بسوهاج    الأمن يكشف ملابسات فيديو تهديد مرشحى الانتخابات لتهربهم من دفع رشاوى للناخبين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكم حضورِ الحائض غسلَ الميت وتكفينَه إذا أوصى بذلك؟.. الإفتاء تُجيب

مَا حكم حضورِ الحائضِ غسل الميت وتكفينَه إذا أوصى بذلك؟.. سؤال أجاب عليه الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، حيث اكد فضيلة المفتي بأنه يجوز للحائض المحرم أن تحضر غسلَ الميت وتكفينَه عند جماهير الفقهاء، مع مراعاة غض البصر عن العورات.
وأوضح أنه يتأكد الجواز إذا أوصى المتوفى بذلك، والكراهة في هذا السياق محمولةٌ على الحائض والجنب اللذيْنِ تركا الغسل تهاونًا فيه وتضييعًا للفرائض، لا كل جنبٍ أو حائضٍ، بل تزول الكراهة عند الوصية بذلك.
ولفت المفتي الي انه من سنن الله تعالى في خلقه أن جعل للمرأة طبيعةً وهيئةً خِلْقيةً خاصة بناءً على تكوينها الجسماني وخصائصها التي خلقها الله تعالى عليها، وأقامها في الوظائف التي تتناسب مع هذه الخصائص، ورتَّب لها الأحكام الشرعية في عباداتها ومعاملاتها على وَفقِ هذه الطبيعة.
وأشار إلى ما اقتضته طبيعة المرأة: اختصاصها بالعادة الشهرية التي ينزل فيها دم فاسد منها، لا عن مرضٍ أو نصبٍ، وهو "الحيض"، ومعناه السيلان، وهو دم جبلةٍ -أي: تقتضيه الطباع السليمة- يخرج من أقصى رحم المرأة، بعد بلوغها، على سبيل الصحة، من غير سببٍ، في أوقاتٍ معلومةٍ؛ كما قاله العلَّامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (1/ 277، ط. دار الكتب العلمية).
اقرأ ايضا| علي جمعة: غسل الميت فرض على الكفاية وهذه شروطه
وهو مما كتبه الله تعالى على النساء وليس لهن يدٌ فيه؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لها: «نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ مِنَ الْمَسْجِدِ»، فقالت: إني حائض، فقال: «إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ» رواه مسلم وأصحاب "السنن".
وعن منبوذ المكي أنَّ أمه أخبرته أنها كانت جالسة عند ميمونة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إذْ دخل عليها ابن عباس رضي الله عنهما، فقالت: "مَا لِي أَرَاكَ شَعِثًا رَأْسُكَ؟" قال: "أمُّ عمار مُرجِّلتي حائضٌ"، فقالت: "أيْ بُنيَّ، وأين الحيضةُ من اليد؟ لقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدخل على إحدانا وهي متكئةٌ حائضٌ قد علم أنها حائضٌ فيتكئ عليها، فيتلو القرآن وهو متكئٌ عليها، أو يدخل عليها قاعدةً وهي حائضٌ فيتكئ في حجرها، فيتلو القرآن وهو متكئٌ في حجرها، وتقوم وهي حائضٌ فتبسط له الخُمْرَةَ في مُصَلَّاهُ، فيصلِّي عليها في بيتي. أيْ بُنَيّ، وأين الحيضة من اليد؟" رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في "مصنفيهما"، وأحمد وأبو يعلى في "مسنديهما"، والنسائي في "المجتبى" و"السنن الكبرى"، والطبراني في "الكبير".
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فَحِضْتُ، فدخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أبكي، فقال: «ما لَكِ، أنَفِسْتِ؟» قلت: نعم، قَالَ: «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» متفق عليه.
قال العلَّامة ابن بطَّال في "شرح صحيح البخاري" (1/ 411، ط. دار الرشد): [هذا الحديث يدلُّ على أنَّ الحيض مكتوب على بنات آدم فمن بعدهن من البنات؛ كما قال صلى الله عليه وآله وسلم، وهو من أصل خلقتهن الذى فيه صلاحُهُنَّ، قال الله تعالى في سيدنا زكريا عليه السلام: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ﴾ [الأنبياء: 90]. قال أهل التأويل: يعنى ردَّ الله إليها حيضها لتحمل، وهو من حكمة الباري الذى جعله سببًا للنسل؛ ألا ترى أنَّ المرأة إذا ارتفع حيضها لم تحمل، هذه عادةٌ لا تنخرم] اه.
وأشار علام، إلى أن الشرع لَمّا منع المرأة الحائض من أداء بعض العبادات أثناء الحيض جوَّز لها الذكر وقراءة القرآن في بعض الحالات مما هو موضع تفصيلٍ عند الفقهاء، وجوَّز لها المرور في المسجد، ولم يأمر بمنعها من حضور مواطن الذكر والدعاء؛ بل أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإحضار الحُيَّض صلاةَ العيدين حتى يشهَدْنَ الخير ودعوة المسلمين؛ كما في حديث أم عطية رضي الله عنها في "الصحيحين". زاد البخاري عن حفصة بنت سيرين: فقلتُ: أَلْحَائض؟ فقالت: "أَوَلَيْسَ تَشهدُ عرفةَ، وتَشهد كذا وتَشهد كذا؟"، وزاد مسلم: "الْحُيَّضُ يَخْرُجْنَ فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، يُكَبِّرْنَ مَعَ النَّاسِ".
وأكد أن المرأة لم تنجُس بهذا الحدث العارض؛ بل النجاسة تكون في الخارج منها وهو الدم وحده، وقد بيَّن صلى الله عليه وآله وسلم ذلك بقوله: «إِنَّ المُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ» متفق عليه.
وقال العلَّامة ابن بطَّال في "شرح البخاري" (10/ 547): [وصف المؤمن بالنجاسة إنما هو إخبارٌ عن حال مباشرة الصلاة، ونقض غسله ووضوئه، ألا ترى سماع عائشة رضي الله عنها قراءة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهي حائضٌ، والسماع عملٌ من أعمال المؤمنين مدخورٌ لهم به الحسنات ورفع الدرجات] اه.
كما أن الشرع لَمّا حرَّم على الرجل جماع امرأته في حال الحيض لم يأمره باجتنابها، بل أباح له الاستمتاع بها فيما عدا بين السرة والركبة.
ومما نص الفقهاء على جوازه للمرأة الحائض: حضورُها غسلَ الميت وتكفينه؛ فإن مذهب جمهور الفقهاء أنه يجوز للمرأة الحائض أن تحضر احتضار الميت وتغسيله وتكفينه وتجهيزه، بل إن منهم من نصَّ على جواز مباشرتها لذلك:
فقد روى ابن أبي شيبة في "المُصنِّف" عن علقمة، أنَّه جاءته امرأة، فقالت: إني أعالج مريضًا، فأقوم عليه وأنا حائض؟ فقال: "نعم، فإذا حضر فاجتنبي رأسه". وعن الحسن: "أنه كان لا يرى بأسًا أن تحضر الحائض الميت". وعن عطاء قال: "لا بأس أن يغسل الميتَ الحائضُ والجنبُ".
وروى أبو محمد الرامَهُرْمُزِي بِإِسْنَادٍ له: أَن امْرَأَةً وقفت على مجلسٍ فيه يحيى بن معين وأبو خيثمة وخلف بن سالم في جماعة يتذاكرون الحديث، فسألتهم عن الحائض تغسل الموتى، وكانت غاسلة، فلم يجبها أحد منهم، وجعل ينظر بعضهم إلى بعض، فأقبل أبو ثور فقالوا لها: عليك بهذا المقبل، فالتفتت إليه فسألته، فقال: نعم، تغسل الميت لحديث عائشة رضي الله عنها، فإذا فعلت هذا برأس الحي فرأس الميت أولى فقالوا: نعم، رواه فلان، وحدثنا فلان. فقالت المرأة: فأين كنتم إلى الآن؟ ذكره ابن الجوزي في "كشف المشكل" (4/ 288، ط. دار الوطن).
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في "فتح الباري" (2/ 16، ط. مكتبة الغرباء الأثرية): [واستدل جماعة مِن الفقهاء بترجيل الحائض رأس الحي وغسله على جواز غسلها للميت، مِنهُم: أبو ثور، وله في ذَلِكَ حكاية معروفة، إذ سئل عَن هَذهِ المسألة جماعة مِن أهل الحديث فلم يهتدوا للجواب، فأجاب أبو ثور بالجواز، واستدل بهذا الحديث، وبحديث: «إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ». وحكي عَن أحمد نظير هَذهِ الحكاية بإسنادٍ فيهِ بعض مِن لا يُعرف.
وممَّن رخص في تغسيل الحائض والجنب للميت: عطاء والثوري.
ورخص الحسن للجنب أن يغسل الميت، وحكى الإمام أحمد عَنهُ، أنَّهُ قالَ في الحائض: لا تغسل الميت، وعن علقمة أنَّهُ قالَ: تغسله.
وفي "كِتابِ عبد الرزاق" عَن علقمة: أن الحائض لا تغسل الميت.
واختلفت الرواية عَن أحمد فيهِ، فروي عَنهُ أنَّهُ قالَ: لا بأس بذلك. وروي عَنهُ أنَّهُ رخص دونَ الحائض إلا للضرورة. وقد تقدم عَنهُ رواية أخرى بالرخصة للحائض مطلقًا، وأنَّ في إسنادها نظرًا.
وكره علقمة والنخعي والثوري وأحمد أن يحضر الجنب والحائض عند الميت عند خروج روحه؛ لما روي مِن امتناع الملائكة مِن دخول البيت الذِي فيهِ الجنب.
وفي الجملة: فبدنُ الحائض طاهرٌ وعرقُها وسؤرُها؛ كالجنب، وحكى الإجماعَ على ذَلِكَ غيرُ واحدٍ مِن العلماء] اه.
وبهذا جاءت عبارات الفقهاء أصحاب المذاهب المُتَّبعة: قال العلَّامة ابن نُجَيم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 184، ط. دار الكتاب الإسلامي): [ولا يمتنع حضور الجنب والحائض وقت الاحتضار] اه.
وقال العلَّامة ابن رشد المالكي في "البيان والتحصيل" (2/ 209، ط. دار الغرب الإسلامي): [مسألة: قال مالك: لا أُحب للجنب أن يُغسل الميت حتى يغتسل؛ لأن أمرَه يسير، ولا بأس بالحائض أن تُغَسِّلَ الميت] اه.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (5/ 187، ط. دار الفكر): [يجوز للجنب والحائض غسل الميت بلا كراهة، وكرههما الحسن وابن سيرين، وكره مالك الجُنب، دليلنا: أنهما طاهران كغيرهما] اه.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المُغني" (2/ 236، ط. مكتبة القاهرة): [ولا نعلم بينهم اختلافًا في صحة تغسيلهما وتغميضهما له، ولكن الأولى أن يكون المتولي لأموره في تغميضه وتغسيله طاهرًا؛ لأنه أكمل وأحسن] اه.
غير أنَّ بعض العلماء كرهوا حضور الحائضِ غسلَ الميت وتكفينَه، ووجهُ ذلك عندهم: ما ورد في الحديث من أن الملائكة لا تقرب الجنب، وجاء ذكر الحائض في بعض الروايات:
فعن عبد الله بن نُجَيٍّ، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم: «لَا تَدْخُلُ الْمَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلا كَلْبٌ وَلا جُنُبٌ» رواه أَبُو دَاوُد الطيالسي وأحمد والبزار وأبو يعلى في "مسانيدهم"، والدارميُّ وأبو داود والنسائي وابن ماجه في "سننهم"، وابن حبَّان في "الصحيح"، والحاكم في "المُستدرك"، والبيهقي في "السنن الكبرى".
وعن عمّار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَحْضُرُ جِنَازَةَ الْكَافِرِ بِخَيْرٍ، وَلَا الْمُتَضَمِّخَ بِالزَّعْفَرَانِ، وَلَا الْجُنُبَ»، ورخَّص للجنب إذا أراد أن يأكل أو ينام أن يتوضأ. أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في "مصنفيهما"، وأبو داود الطيالسي وأحمد والبزار وأبو يعلى في "مسانيدهم"، وأبو داود في "السنن"، والترمذي في "الجامع" مختصرًا وصححه. وفي رواية لأبي داود: «وَالْجُنُبُ، إِلَّا أَنْ يَتَوَضَّأَ»، وفي رواية عند البزار عن ابن بريدة عن أبيه مرفوعًا: «وَالْحَائِضُ، أَوِ الْجُنُبُ».
وعن ميمونة بنت سعد رضي الله عنها مولاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت: قلت: يا رسول الله هل يرقد الجنُبُ؟ قال: «مَا أُحِبُّ أَنْ يَرْقُدَ وَهُوَ جُنُبٌ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يُتَوَفَّى فَلَا يَحْضُرهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ» رواه الطبراني في "المعجم الكبير". قال الحافظ السيوطي في "تنوير الحوالك" (1/ 53، ط. المكتبة التجارية): إسناده لا بأس به.
قال العلَّامة الزرقاني المالكي في "شرح مختصر خليل" (2/ 167، ط. دار الكتب العلمية): [(و) نُدِبَ (تجنُّب)؛ أي: بُعْد (حائض وجنب له) عن البيت الذي هو فيه -المازري-؛ لأنَّ الملائكة لا تدخل بيتًا فيه جُنُبٌ أو حائضٌ، والظاهر: أنَّ النُفَساء كالحائض] اه.
وقال العلَّامة الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 414، ط. دار الفكر): [(و) ندب (تجنب حائض) ونفساء (وجنب له): لأجل الملائكة] اه.
وقال العلَّامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 6، ط. دار الكتب العلمية): [(قوله: قيل ويحرم إلخ) عبارة "المغني" ويكره للحائض أن تحضر المحتضر وهو بالنزع؛ لِمَا وردَ أنَّ الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلبٌ ولا صورةٌ ولا جنبٌ، ويُؤخَذُ مِن ذلك: أنَّ الكلبَ والصورة وغير الحائض -ممَّن وجبَ عليه الغسلُ- مثلُها] اه.
ومن الشافعية من قال بالتحريم؛ قال العلَّامة الدَّميري الشافعي في "النجم الوهَّاج" (1/ 493، ط. دار المنهاج): [وفي "الرونق" و"اللباب": يحرم عليها -أي الحائض- حضور المحتضر، فإن كان لأجل حضور الملائكة ليكن الجنب كذلك؛ لما تقدم أنَّ الملائكة لا تدخل بيتًا فيه جنب] اه.
غير أن القول بالحرمة هنا غير معتمدٍ عند الشافعية، بل ضعَّفه فقهاء المذهب، والمعتمد عندهم جواز حضور الحائض والجنب غسل الميت بلا كراهة؛ كما سبق في كلام الإمام النووي.
قال العلَّامة ابن حجر الهيتمي الشافعي في "تُحفة المُحتاج" (3/ 184، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [(ويغسل الجنب والحائض) ومثلهما النفساء (الميت بلا كراهة)؛ لأنهما طاهران، وفيه تضعيفٌ لِمَا قاله المحاملي من حرمة حضورهما عند المحتضر، وَوَجهٌ بِمَنعِهِمَا لملائكة الرحمة لما في الخبر الصحيح: «أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ جُنُبٌ»؛ إذ لو نظر لذلك لحرم تغسِيلُهُمَا له أيضًا، ولا قائل به، وَتَوَهُّمُ فَرْقٍ بَيْنَ الْمُحْتَضَرِ وَالْمَيِّتِ لا يُجدي؛ لاحتياج كُلٍّ إلى حضور ملائكة الرحمة] اه.
والتحقيق أن المقصود في هذه الأحاديث بالجنب والحائض اللَّذَيْنِ لا تحضرهما الملائكة: من ترك الغسل تهاونًا فيه، لا كل جنب أو حائض:
قال العلَّامة الطيبي في "شرح المشكاة" (3/ 821، ط. مكتبة الباز): [وأما امتناعهم عن البيت الذي فيه الجنب: فلأنه ممنوع عن معظم العبادات، والمراد به الجنب الذي يتهاون في الغسل، ويؤخِّرُهُ حتى يمر عليه وقت الصلاة، ويجعل ذلك دأبًا وعادةً له، فإنه مستخِّفٌ بالشرع، متساهلٌ في الدين، لا أي جنب كان؛ لما ثبت من تأخيره صلى الله عليه وآله وسلم غسل الجنابة من موجبه زمانًا، فإنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يطوف على نسائه بغسلٍ واحدٍ، وكان ينامُ بالليل وهو جُنُب] اه.
وقال العلامة المناوي في "التيسير شرح الجامع الصغير" (1/ 478، ط. مكتبة الإمام الشافعي): [والمراد بالحائض والنفساء: من انقطع دمه منهما وأمكنه الغسل فلم يغتسل] اه.
وأمَّا من لم يتساهل في الغسل: فتركه حضورَ غسل الميت محمول على الأولوية، فإذا كان لحضوره حاجة فلا كراهة؛ إذ المقرر في قواعد الفقه أنَّ الكراهة تزول لأدنى حاجة.
قال العلَّامة الطحطاوي الحنفي في "حاشيته على مراقي الفلاح" (ص: 563، ط. دار الكتب العلمية): [إخراجهم على سبيل الأولوية إذا كان عن حضورهم غِنًى، فلا ينافي ما ذكره الكاكي من أنه لا يمتنع حضور الجنب والحائض وقت الاحتضار، ووجه عدم الإخراج أنه قد لا يمكن الإخراج للشفقة أو للاحتياج إليهن] اه.
واختتم الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية أن حضور الحائض غسلَ الميت جائز عند جماهير الفقهاء، والكراهة محمولة على من تترك الغسل تهاونًا فيه وتضييعًا للفرائض، ومع ذلك فإن الكراهة تزول عند الاحتياج لحضورها أو الوصية بذلك؛ لِمَا تقرر في قواعد الفقه من أن الكراهة تزول لأدنى حاجة. هذا كله مع مراعاة أن الكلام في حضور الحائض الغسلَ لا في تغسيلها الميت، ومع مراعاة غض البصر عن العورات.
وبناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فيجوز للحائض المحرم أن تحضر غسلَ الميت وتكفينَه، ويتأكد الجواز إذا أوصى المتوفى بذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.