كتبت: ندى البدوى "موجة استثنائية وغير مسبوقة".. هكذا حذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية WMO من موجة الحر التى ضربت عدّة دول فى النصف الشمالى من الكرة الأرضية من بينها كندا والولايات المُتحدة الأمريكية، وكان لمصر وشمال أفريقيا نصيب من الارتفاع الشديد فى درجات الحرارة مع بداية حلول فصل الصيف، الأمر الذى اعتبره خبراء من أبرز تداعيات ظاهرة تغير المناخ، لما يُسببه الاحترار العالمى من ظواهر جوية عنيفة، ما يزيد من أهمية تكثيف جهود مواجهة الظاهرة والتكيّف مع آثارها، واتباع إرشادات الحماية من الإجهاد الحرارى خاصة لفئات كبار السن والأطفال حسبما يؤكد الخبراء. الطقس الحار الذى شهدته محافظات الجمهورية خلال الأيام الماضية، يزيد عن المعدلات الطبيعية لدرجات الحرارة المُعتادة فى هذا الوقت من العام، حسبما يوضح الدكتور محمود شاهين مدير مركز التنبؤات بالهيئة العامة للأرصاد الجوية، والذى يُشير إلى أن درجات الحرارة فى بداية فصل الصيف الحالى زادت بما يقرب من 4-5 درجات عن ذات الوقت العام الماضي، حيث ينشأ بالتزامن مع ارتفاع نسبة الرطوبة ما يسمى بالحرارة المحسوسة، التى تزيد عن درجة الحرارة الواقعية. متابعًا: الكتل الهوائية التى نتعرض لها تختلف عن تلك التى تمر على أغلب الدول الواقعة فى النصف الشمالى من الكرة الأرضية، رغم تشابه الموجات الحارة التى وقعت مؤخرًا، وخلال فصل الصيف لا تتغير الكتل الهوائية بسهولة بخلاف فصل الربيع الذى يشهد حالة من التقلب العنيف فى الأحوال الجوية، حيث نتأثر فى الصيف بمنخفض الهند الموسمى الذى يتسبب فى ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة، والذى يمر على الجزيرة العربية ليصل إلينا، هذه الكتل الهوائية بعد مرورها على البحر المتوسط والبحر الأحمر تنخفض نسبيًا درجة حرارتها مقارنة بمنطقة الخليج العربي، إلا أن الموجات الحارة يزداد تأثيرها على محافظات الصعيد نظرًا لطبيعة طقسها الجاف. ويؤكد الدكتور سمير طنطاوى مدير مشروع الإبلاغ الوطنى الرابع وخبير التغيرات المناخية بالأمم المتحدة، أن اختلال نُظم الطقس والأحداث الجوية العنيفة أو الحادة، ومن بينها موجات الحر الشديد تعد من أبرز آثار ظاهرة التغيرات المناخية التى يعانى منها العالم أجمع، إلا أن الدول النامية للأسف هى الأكثر تضررًا وتأثرًا بهذه الموجات، خاصة أن منطقة الشرق الأوسط تعد منطقة شبه جافة تزيد بها نسبة المناطق الصحراوية. ارتفاع درجات الحرارة بخلاف تأثيره على البشر بشكل مباشر يؤثر على النظم الإحيائية والنظام الإيكولوجي، ما يترتب عليه زيادة الآفات الزراعية وزيادة نسب البخر فى الموارد المائية المكشوفة. يضيف: قياسات درجات الحرارة عالميًا تُرصد منذ بدء عملية القياس عام 1850، حيث تقاس بشكل تراكمي، يخرج بمعدلات لدرجات الحرارة التى تزيدها بشكل مطرد التغيرات المناخية، فالعام الماضى كان واحدًا من أكثر الأعوام دفئًا فى التاريخ بعد عامى 2016 و 2019، ونجد أن الأبحاث الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغيرات المناخية IPCC تثبت أن غازات الاحتباس الحرارى الناتجة عن النشاط البشري، هى المتسببة فى ظاهرة تغير المناخ وارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، التى تطال تأثيراتها السلبية جميع جوانب الحياة. لتخفيف وطأة هذه التداعيات يؤكد طنطاوى أنه لا بديل عن تكثيف جهود التخفيف من الانبعاثات، وجهود التكيف مع آثار التغيرات المناخية والقطاعات التى تهددت بها. فطالما لم يقدم العالم جهودًا كافية ستظل الانبعاثات فى تزايد، وسيظل الارتفاع فى درجات الحرارة والموجات الحرارية مستمرا. فرغم جميع الخطط التى تعلنها دول العالم لخفض الانبعاثات، لا يزال تحققها على أرض الواقع محدودًا، فالدول التى تقع عليها المسئولية التاريخية فى هذه الانبعاثات لا تؤدى دورها كما يجب، ولا تقدم الدعم الكافى للدول النامية المتأثرة بالظاهرة. يتابع: رغم ذلك تؤدى مصر دورًا إقليميًا هامًا فى ملف تغير المناخ، نعد حاليًا الاستراتيجية الوطنية الأولى من نوعها للتغيرات المناخية، والتى تعكس توجه الدولة المصرية وطريقة إدارتها للملف، فى عدد من المحاور التى تشمل التمويل وتخفيف الانبعاثات والتكيف مع آثار تغير المناخ، فضلاً عن الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة والطاقة النظيفة، وهو ما نعده من خلال مشروع الإبلاغ الوطنى الرابع الذى سيتم تقديمه من خلال المجلس الوطنى للتغيرات المناخية، لنعرض هذه الاستراتيجية فى مؤتمر المناخ العالمى المُقرر عقده فى إنجلترا بنهاية العام الجاري، ومن المُقرر أن تستضيف مصر الدورة السابعة والعشرين من المؤتمر خلال العام القادم. بخلاف الخطوات الكبيرة التى قطعناها فى مجال الطاقة المتجددة وترشيد استخدام الطاقة ورفع كفاءتها، كذلك الاهتمام بالوقود الأخضر وإعداد وزارتى البترول والكهرباء للاستراتيجية الوطنية للهيدروجين. وتحذر الدكتورة مايسة شوقى أستاذ ورئيس قسم الصحة العامة وطب المجتمع بكلية طب جامعة القاهرة ونائب وزير الصحة والسكان سابقًا، من خطورة عدم مراعاة طرق التعامل السليم مع ارتفاع درجات حرارة الجو، موضحة أن كبار السن والأطفال الرضّع هم أكثر الفئات عرضة للآثار الجانبية لموجات الحر الشديد، وتزيد هذه الخطورة مع ارتفاع نسبة الرطوبة بالجو، لأنها تقلل من قدرة الجسم على تبريد نفسه ذاتيًا بالتعرق وفقد الحرارة الزائدة لتصل إلى مستويات خطرة. متابعة: الأمر الذى قد يؤدى إلى الإصابة بحالات مرضية عديدة منها التشنج العضلى الحراري، والإجهاد الحرارى الذى يحدث فى حالة عدم شرب كميات كافية من السوائل فى الجو الحار أو القيام بنشاط حركى زائد، كذلك ضربة الشمس وهى أشد الحالات التى يسببها التعرض لدرجات الحرارة المرتفعة، إذ تعد حالة خطرة ومهددة للحياة وقد تؤدى إلى الوفاة لتأثيرها على المخ والجهاز العصبي، وتتمثل أعراضها فى ارتفاع درجة حرارة المريض إلى 40 درجة مئوية وأكثر، فضلاً عن الصداع الشديد والدوار والشعور بالغثيان والقيء، بجانب تشنج العضلات وسرعة ضربات القلب وصعوبات البلع والتنفس. وتؤكد شوقى أن هذه الحالة تتطلب سرعة نقل المريض إلى المستشفى، مع إجراء إسعافات أولية عاجلة تتمثل فى نقل المريض إلى مكان جيد التهوية أو بارد أو مظلل، ونزع عنه أى ثياب غير ضرورية مع استخدام كمادات المياه الباردة لخفض حرارة الجسم، ويمكن توجيه مروحة على جسم المصاب مع وضع الكمادات للمساعدة فى خفض الحرارة بصورة أسرع. مؤكدة أن إرشادات التعامل مع الموجات الحارة بصفة عامة، تكمن بالأساس فى تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس الحارقة إلا للضرورة، والإكثار من شرب السوائل على مدار اليوم، فضلاً عن مراعاة ارتداء الملابس القطنية الخفيفة ذات الألوان الفاتحة، والبعد عن الألوان المُمتصة للحرارة، كذلك الحرص على ارتداء قبعة أو استعمال مظلة حال الاضطرار إلى الخروج من المنزل.