سعد زيدان الورد هو لغة التعبير الصامتة الذي يحمل معه جميع عبارات الحب والود والصداقة، وأسهل طريقة للوصول للقلوب وكسر الحواجز.. ولكنه أصبح حياة بائع تلك الأورقة اليانعة يدقق النظر لما يتكبده من معاناة خلف كل قطفة ورد. «هالة مصطفى» طفلة جذورها من الصعيد تعيش بدمنهور، تبلغ من العمر الخامسة عشر عاماً، بلغت من التعليم حتي الصف الخامس الابتدائي ولم تكمل بسبب ظروف والديها الصعبة, فوالدها يعمل حارساً لأحد العقارات ووالدتها ربة منزل تساعد زوجها أحياناً في بعض الأعمال، ويساعدهم أحياناً ابنهم «عمر» الذي يبلغ من العمر 7 سنوات. كانت المعيشة ميسورة حتي وقت قريب، ولكن ضاق بوالدها الحال، وقرر أن يشتري «تروسيكل» بالتقسيط مع بعض من أصدقائه للاشتراك وعمل أحد المشاريع التجارية والتوسيع بمعيشته، ولكن.. حدث ما لم يحمد عقباه. اختلف الأصدقاء مع بعضهم البعض وقرروا فض تلك الشراكة دون إكمال قسط التروسيكل، واضطر الوالد تحمل باقي الأقساط علي عاتقه رغم عدم توافر المال لعدم إكمال المشروع. وحينئذ، دار في ذهنها تحويل ما تحب إلي عمل، تكسب منه قوت يومها وفي نفس الوقت تساعد والدها في محنته، فاستشارت جارتها «صفاء» صديقتها الصدوقة، التي شجعتها لفكرتها وكانت أفضل داعم وخير سند لها ولم تتوان لحظة في الوقوف إلي جانبها. فتشجعت «هالة» وقررت تحمّل المسئولية كاملة لسد الأقساط، وذهبت إلي صديق والدها صاحب أحد مشاتل الورد، وأقنعته بتحويل التروسيكل إلي مشتل ورد متنقل بين الشوارع بدلاً من تأجير محل فوافق ودعم الفكرة وكان الأب الروحي لها. واقترحت الفكرة علي والدها واشترطت عليه أن يؤجر العربة لها بأجر يومي تدفعه له مثل أي شاب استأجر العربة منه، وافق الأب وعلي الفور انتقل هو وصديقه إلي التروسيكل وجهزه بالورد والفل والياسمين وجميع أنواع النباتات. وعند سؤالها عن أكثر النباتات مبيعًا خلال الأيام الماضية، أجابت بأن الأكثر مبيعًا هما الريحان والنعناع، وأكدت أن الأسعار في متناول الجميع تبدأ من 10 جنيهات. وفي نفس الوقت، كانت «هالة» شغوفة بهذا العمل، لأنها منذ الصغر تهوي الورد وتعشق أشكاله المميزة وألوانه الجذابة ورائحته الساحرة، فهي تهيم بالورود خاصة الورد البلدي . فتقول: «كان طموحي وأنا صغيرة أبقي دكتورة والظروف لم تساعدنى، ودلوقتي أنا راضية بحالي ومش معترضة وأعمل ما أحب، لأن شغلي ومحنتي القاسية خلتني أتعرف علي أحسن الناس في دمنهور». وفي النهاية تشكر والدها ووالدتها وكل من دعمها لإكمال فكرتها، وتصر إصرارًا علي أن قطار مستقبلها الدراسي لن يتوقف عند تلك المحطة، وأنها تنوي إكمال تعليمها حين تحسن ظروفها المعيشية لأن التعليم هو الأساس من دونه الإنسان لا شىء. اقرأ أيضا| محافظ البحيرة: تطوير 6 مراكز ضمن مبادرة «حياة كريمة»