نملة فى أذن الفيل

أمواج

مازال الفيروس اللعين يصيب ويزهق الأرواح وينخر فى عظام الاقتصاد، بعد أن خرج من منصة إطلاقه ليجوب البحار والمحيطات ويستقر فى جميع القارات.
وضع ربان فيروس كورونا رجله على الركاب وامتطى سرج دابته وشد اللجام بكل عنجهية فى جنح الظلام، فأصابه الغرور وفقد السيطرة على الدابة فجمحت فى الهواء واختل عقله وانحرف عن هدفه الكبار ليصيب ويقتل ولم يفرق بين الأعمار.
لم تكن بدايتنا بالسخرية من هذا الفيروس لمجرد التهوين أو الاستخفاف أو أننا خرجنا من عنق الزجاجة، لكنه كان المصل الذى يسجل عالميا باسم المصريين الذين لا تهزهم الأزمات ولا ترهبهم النوائب،لكنه «مصل» الروح المعنوية ربما يقف الفيروس حائرا أمام أسلحة الفكاهة المحاط بها الجهاز المناعى، وكثيرا ما أطلق المصريون هذا «المصل» ولسان حالهم يقول «يا ما دقت على الراس طبول» فقد خرج المصل ممزوجا بالمادة الفعالة من السخرية والتهكم حينما وقف مذهولا وهو يرى ويسمع ويشاهد فشل القوى العظمى فى الوقوف أمام فيروس ضئيل لا يرى بالعين، استطاع أن يهز عرش هذه الدول التى طالما وقفت بجبروتها لتتحدى بأسلحتها ثقيلة كانت أوخفيفة هددت بها العالم وأثارت الرعب فى نفوس الشعوب فألقتها ووقفت عاجزة تنعى الكبرياء، بل وتراجعت حناجرها وطأطأت رأسها ورفعت يديها بالاستسلام فى مشهد يذكرنا بقصة النملة - وكلنا يعرف حجم النملة ووزنها- التى دخلت فى اذن الفيل مثيرة جهازه العصبى فازدادت دقات قلبه فمات وربما خرجت النملة لتقتل فيلا آخر.
رغم ضآلة حجم الفيروس لكننا ندرك حجم المصيبة لو لم نأخذ حذرنا فقد أثبتنا على مر السنين،أننا شعب تجرى الاصالة فى عروقه حينما يقف صامدا فى التحديات ويتصدى للأزمات وينفذ التعليمات حينما تتجلى النهايات، ولا يقف ويداه وراء ظهره،ينتظر الصدقات، لكنه دائما عند حسن الظن،ملبيا للنداءات حتى ولو بالمكبرات من جيشنا وشرطتنا حينما حان وقت الكمامات،فهم شركاء من البدايات،فنحن شعب صبور وحسن النيات حينما تحل التضحيات.
نعم هى جائحة شرسة بكل المقاييس،لكننا لا نملك سوى الحذر ورفع أكفنا إلى الخالق جل فى علاه،أن يرفع عنا هذا البلاء وأن يحمى مصر وشعبها من كل مكروه،ولنأخذ العبرة من النملة قاتلة الفيل،مع العلم أن اكتشاف أول نملة كان فى الولايات المتحدة الأمريكية عمرها 92 عاما.