صور| أبراج الضغط العالي «مصائد الموت»

أبراج الضغط العالى تسبب سرطان الدم وتشوه الأجنة وسرطان الثدى وأمراض القلب والعين
الأطفال الأكثر إصابة بالأمراض لضعف جهازهم المناعي
أسلاك الكهرباء تمر بجوار أسوار المدارس وتهدد حياة الطلاب
محطة كهرباء بهتيم مصدر الموجات الكهرومغناطيسية تلاصق المستشفى العام
أهالى بهتيم يستغيثون: «الأسلاك تعلو سطح المنازل مباشرة وتهددنا بالصعق الكهربائى»
الذبذبات الناتجة عن الأبراج تنتقل للتربة والزروع والحيوانات والدواجن وتسرطنها
فى مايو الماضي.. انفجار بالضغط العالى يسبب أضرارا جسيمة بالمنازل ويروع الأهالي
قانون رقم 63 لعام 1974 يحدد المسافات الآمنة لحرم الخطوط الهوائية
مخالفة القانون تقضى بهدم المباني أو قطع الأشجار على نفقة المخالف
«الإسكان» تصنف المناطق ب«غير الآمنة» وتطالب بنقل الأهالي
«الكهرباء»: تحويل الخطوط الهوائية لأرضية بالمناطق خلال 6 شهور

مأساة حقيقية يعيشها أهالي منطقة بهتيم التابعة لحي شرق شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، حيث يعيش الأهالي تحت «مصائد الموت» المتمثلة في أبراج الضغط العالي والأسلاك الكهربائية ذات الجهود الفائقة والعالية، والتي يُحظر الاقتراب منها أو السكن بجوارها أو الزراعة أو إنشاء مزارع الدواجن والماشية أسفلها، لما تسببه من أمراض خبيثة أبرزها سرطان الدم وسرطان الثدي وتشوه الأجنة، وذلك وفقًا للقانون رقم 63 لسنة 1974، وتصنف وزارة الإسكان هذه المنطقة ب«غير الآمنة»، وطالبت بنقل السكان منها لخطورتهاالشديدة على الصحة العامة للإنسان، فلا تندهش عندما ترى خطوط الضغط العالي تمر بجوار المستشفى العام للمنطقة وأعلى المدارس والنوادي؛ مهددةً الأطفال الأكثر استجابة للأمراض الناجمة عنها، بسبب ضعف جهازهم المناعي، ولاسيما مرورها فوق أسطح العمارات والمنازل حتى لا تكاد تبعد مترين.
انفجار خطوط الضغط العالي
في منتصف شهر مايو من العام الماضي 2017 وقعت حادثة انفجار لخطوط الضغط العالي - بسبب الأحمال الزائدة - بشارع «الحنفية» بحارة «المرجو شي» بالمنطقة، ونجم عنها أضرار بالغة بالعقارات التي تحمل الأرقام 7 و8 و10، ووقعت العديد من الخسائر المادية بالمنازل أولها احتراق كافة الأجهزة الكهربائية الموجودة بالعقارات، واشتعال الأسلاك الكهربائية، وانفجار العدادات الكهربائية لديهم، إضافة إلى حالة الرعب التي خيمت علي المكان، والتي كادت أن تودي بحياة العديد من المواطنين، وانقطاع التيار الكهربائي عن القاهرة الكبرى.
المسافات الآمنة وفق القانون
وأعلنت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة على موقعها الرسمي على شبكة الإنترنت عن المسافات الآمنة لحرم الخطوط الهوائية والبناء بجوارها ، وفق القانون رقم (63) لسنة 1974 و تعديلاته، و الذي تضمن «يُحظر على صاحب العقار الذي تمر فوقه أو بالقرب منه أسلاك الخطوط الكهربائية ذات الجهود الفائقة أو العالية أو المتوسطة أن يقيم مباني على الجانبين إذا كان العقار أرضاً فضاء، أو أن يرتفع بالمباني إذا كان العقار مبنياً أو أن يزرع أشجاراً خشبية إذا كان أرضاً زراعية، وذلك دون مراعاة المسافات المنصوص عليها في المادة رقم (6) من القانون و حالة مخالفة هذا الحظر يتعين الحكم على وجه الاستعجال بهدم المباني المخالفة وإزالتها أو قطع الأشجار على نفقة المخالف».
وأوضحت الوزارة أنه يجب الابتعاد عن الخطوط الهوائية للجهود الفائقة مسافة 25 مترا، الجهود العالية 13 مترا، الجهود المتوسطة 5 أمتار، كابلات الجهود الفائقة والعالية 5 أمتار، كابلات الجهود المتوسطة والمنخفضة متران.
الكوارث الصحية الناجمة عنها
كشفت دراسة أعدها المركز القومي للبحوث بالقاهرة، أن خطوط الضغط العالي للكهرباء تؤدى إلى جملة من الأمراض الخطيرة، على رأسها أمراض القلب، وتشوه الأجنة كضمور مخ الجنين، وسرطان الثدي، تدمير البناء الكيميائي لخلايا الجسم، والمادة الوراثية وتعطيل وظائف الخلايا، واضطراب إفراز الأنزيمات في الجسم، واضطراب الدماغ، والخمول والكسل وعدم الرغبة في العمل والروماتيد والإرهاق النفسي والعصبي والأرق وسرطان الدم والدماغ والأوعية اللمفاوية للأطفال، واضطراب معدلات الكالسيوم، والشرود، والهذيان، والتأثير السلبي على المواد البروتينية في عدسة العين مما يحدث فيها التهابات مزمنة، ومرضى السكري يصابون بالتهابات طرفية، ومصدر الخطر في خطوط الضغط العالي الكهربائية يكمن في زيادة المجالات الكهرومغناطيسية، حيث تصدر لمجرد وجود جهد كهربائي على الأسلاك .
وتزداد الخطورة مع وجود أراضي زراعية بالقرب من أبراج الضغط العالي للكهرباء مما يتسبب في إنتاج محاصيل مختلطة بأشعة هذه الأبراج التي تتسرب إلي التربة الزراعية، ومن ثم يتم تقلها إلى السكان المستهلكين لهذه المحاصيل الزراعية، كما أن وجود مزارع لتربية الأبقار و الأغنام والدواجن بالقرب من أبراج الضغط العالي مما تتسبب في سرطنة لحوم هذه المواشي والدواجن و ألبان الأبقار وإنتاج أجنة مشوهة.
الأهالي: «أنقذونا من الكارثة»
عندما تطأ قدماك منطقة بهتيم تجد أبراج الضغط العالي منتشرة بكثافة والأسلاك الكهربائية تمر بجوار أسوار المدارس بالمنطقة حتى إذا تسلق طالب السور يستطيع ملامستها، كما يوجد محولات متهالكة أسفل سور المدرسة، وتقترب الأبراج والأسلاك ذات الجهود العالية والفائقة من المنازل والعمارات فلا تبتعد مسافات كبيرة، حتى يسهل ملامستها باستخدام عصا مثلا مهددة حياة الأطفال الذين قد يعبثون بها، كما تلاصق محطة كهرباء الضغط العالي ببهتيم التي تنتج الكهرباء للمنطقة المستشفى العام، فمجرد وقوفك بالقرب منها تسمع صوت ذبذبات الموجات الكهرومغناطيسية والكهربية للأسلاك المنبعثة منها وتشعر بحالة من الدوار، كما تمر بجوار نوادي الأطفال وتقترب من الملاهي المرتفعة التي يلهو بها الأطفال.
في البداية تقول عفاف محمود، صاحبة ال50 عام «منظومة الحكومة في المنطقة كلها بايظة، وعندنا مشكلات بالجملة، أبراج الضغط العالي لا تبتعد مترين عن أسطح المنازل والعمارات وبعضها يمر أمام شرفات المنازل، والأطفال مهددة بالصعق الكهربائي في حال غفلة الأمهات عنهم وعبثهم بالأسلاك، والأمراض منتشرة عندنا بسبب الإهمال، ورغم أننا نتبع القاهرة الكبرى فلا نجد أي استجابة من المسئولين وطالبنا كتير لكن ودن من طين وودن من عجين».
وذكرت سماح رأفت، صاحبة ال44 عام «أسلاك الكهرباء تمر بجوار أسوار المدارس المتجاورة بالمنطقة والمحولات مكشوفة، والطلبة بتصعد السور حتى تهرب من المدرسة فمن الممكن أن يصعقوا بالأسلاك حال صعودهم، والعام الماضي حدثت حالة انفجار للضغط العالي وكنا هنموت كلنا ومحدش من المسئولين اهتم وعالج المشكلة».
وذكر إيهاب عبد الله، صاحب ال 35 عام «بنطالب بدفن الأسلاك الكهربائية في الأرض وعدم تركها هوائية، عاوزين معاملة آدمية لنا أحنا مواطنين ولنا حقوق، وأنا شغال في نادي الملاهي، والأطفال بتركب الملاهي وعند دورانها تقترب من الأسلاك والأبراج وتمثل خطورة كبيرة عليهم، وكما الأبراج بتسمم الزروع اللى بنأكلها، وكله ده سببه أن الأهالى بنوا أبراج ومنازل بالمخالفة والحكومة وصلت لهم كهرباء ومياه وسكنوا ومينفعش يمشوا لأن أكل عيشنا هنا وعددنا بالآلاف، وبنطالب الحكومة بحل المشكلة».
وأكد محسن سليم، صاحب ال 54 عام «الناس بدلا من أنها تتعالج فى المستشفى بتيجى تتصاب بالأمراض لأن محطة الكهرباء المركزية لبهتيم بجوار المستشفى مباشرة ومنها تنبعث كل الجهود العالية للكهرباء وهناك أسلاك تكاد تقترب من مبنى المستشفى، وبلدنا مفهاش تخطيط».
وأوضح محمد أيوب، صاحب ال33 عام «كل الخطورة فى الأسلاك المجاورة للمدارس لأن الطلبة بتصعد السور والأسلاك يمكن أن تصعق الأطفال وبنطالب بحل المشكلة لأنها ممكن تسبب كارثة كبرى».
«الإسكان»: «مناطق غير آمنة يجب نقل قاطنيها»
وكانت وزارة الإسكان قد صنفت 11 منطقة عشوائية غير آمنة بمحافظة القليوبية أغلبها تقع فى حي شرق شبرا الخيمة ببهتيم، حيث تقع هذه المناطق تحت خطوط الضغط العالي، نظرا لقيام المواطنون ببناء نحو 4 آلاف وحدة سكنية على نحو 40 فدانا بالمخالفة، وهو ما يمثل خطورة داهمة على أرواحهم وصحتهم.
وطالبت الوزارة بتوفير وحدات سكنية بمشروع الإسكان الاجتماعي بالمحافظة لساكني هذه الوحدات الخطرة المخالفة، حيث إن تكلفة نقل خطوط الضغط العالي بال11 منطقة تصل إلى نحو 2.2 مليار جنيه، وهذا مبلغ ضخم جدا، خاصة أن هناك نحو 45 منطقة على مستوى الجمهورية بها نفس المشكلة، وضرورة عقد اجتماعات مع ساكني هذه المناطق للاتفاق على نقلهم إلى وحدات سكنية جديدة، في مناطق آمنة مخططة، وتتوافر بها الخدمات المختلفة.
«الكهرباء»: تحويلها لكابلات أرضية
وقال د.محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، إن هناك خطة مع صندوق تطوير المناطق العشوائية التابع لوزارة الإسكان تقدر بحوالي 1.7 مليار جنيه، لتطوير المناطق غير الآمنة التي يعيش سكانها تحت أبراج الضغط المتوسط، من خلال دفن الكابلات، وبدأنا بالأماكن الأكثر خطورة، وسنتابع تطوير بقية الأماكن طبقاً لدرجة خطورتها، موضحاً أن وزارة الكهرباء لديها خطة كبيرة تقدر بأكثر من 40 مليار جنيه، لتعزيز شبكات النقل والتوزيع، بجميع قرى الجمهورية.
وذكر المهندس خالد صديق، المدير التنفيذي لصندوق تطوير المناطق العشوائية، أنه سيتم تحويل كابلات الضغط العالي التي تؤثر على صحة السكان، من هوائية إلي أرضية، لإزالة الخطورة عن المباني الواقعة تحتها، والتي تضم حوالي 11200 أسرة مستفيدة، مشيراً إلى أن المشروع يتضمن تحويل الكابلات الهوائية إلي كابلات أرضية.
ويأتي توقيع صندوق تطوير المناطق العشوائية التابع لوزارة الإسكان، اتفاق تعاون مع وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، ومحافظتي القاهرة والقليوبية، لتنفيذ مشروع تحويل كابلات الضغط العالي من هوائية إلي أرضية لإزالة الخطورة عن 11 منطقة بحي شرق شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية.
وقال د.مصطفى مدبولي، وزير الإسكان، إن بنود الاتفاقية تنص على تمويل تنفيذ مشروع تحويل كابلات الضغط العالي الفائق من هوائية إلى أرضية، لإزالة الخطورة عن 11 منطقة بحي شرق شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، يقطنها حوالي 5700 أسرة، تعيش أسفل خطوط الضغط العالي الفائق بطول حوالي 6 كم، وهي خلف نادي البلاستيك، إبراهيم لطفي، عزبة سليم، عزبة الصعايدة، مدينة السلام، الفتح، الفير، بهتيم، عزبة المرجوشي، مساكن إسكو عزبة العرب، موضحاً أن هذه المناطق مُدرجة بالخريطة القومية للمناطق غير الآمنة، وتصل مدة تنفيذ المشروع إلى 6 أشهر.
الأهالي في انتظار حلم التطوير
وحتى كتابة كلمات هذا التحقيق والزيارة الميدانية لهذه المناطق المشار إليها في الاتفاقية لم نشاهد أي تطوير حدث لها، ولا يزال الأهالي ينتظرون حلم التطوير الذي ينقذهم من مصائد الموت سواء بالأمراض الخبيثة أو الصعق الكهربائي.