في شارع يخيم عليه الهدوء، تتسم ملامحه بالبساطة، بمنطقة الطالبية في الجيزة، عاشت «علية»، البالغة من العمر 86 عامًا، بعد أن جاءت من العراق واستقرت في مصر، منذ منتصف السبعينيات، ومعها نجلها الوحيد «غازي»، الذي توفي منذ أكثر من 26 عاما في حادث، واستقر جثمانه في مدافن الهرم، ومن هنا فضلت الاستقرار بمفردها في منزلها، رغم وجود أقارب لها، كانت تحرص على زيارتهم من وقت لآخر. وطوال هذه السنين ظلت الكلمة الطيبة ومحبة الناس ل«علية» أكبر دليل على أنها وهبت نفسها للخير، حيث اختارت أن تكمل ما تبقى من سنين عمرها وسط جيرانها، وأحبائها، واشترت قطعة أرض في مدينة الفيوم، وبنت عليها مسجد. نيران الغدر مرت السنوات، بحلوها ومرها، حتى جاء اليوم المشؤوم، بعدما فوجئ أهالي الشارع بألسنة اللهب تخرج من بلكونة شقة «علية»، وتصاعد الدخان، ليسارع الأهالي في إطفاء النيران رغم شدتها، ومع وصول رجال الحماية المدنية، تمكنوا من إخمادها، ولكن كانت هناك على الأريكة، جثمان هزيل قسي عليه الزمن، وقضى على ما تبقى منه نيران الغدر. الباب في الباب اتشح الشارع بالسواد حزنا على ما أصاب العجوز في عقر دارها،إذ يقول الحاج سعيد محمد، جارها في نفس الشارع، إنها كانت بمثابة أم لهم جميعا، ولم يرد في أذهانها أن هناك من يجلس ويترقب، ليقضي عليها، ولم يأن قلبه، لضعفها وقلة حيلتها. وأضاف: «القاتل جارها الباب في الباب، كان يعتقد أنه سيستطيع أن يخفي ملامح جريمته البشعة، بعدما تسلل إلى المنجى عليها ليلا، بغرض سرقتها، وعندما شاهدته، قام بخنقها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة بين يديه، ولم يكتف بذلك؛ بل قام بإشعال النيران فيها، معتقد أنه سيستطيع إخفاء ملامح جريمته، وطمس الأدلة. الجار القاتل لم يتخيل أهل المنطقة أن تأتي الضربة من جارها الذي يعيش في الشقة المقابلة لشقتها، «محمد. ع. إ - 28 سنة - سائق توك توك» وجار الضحية، اعترف أمام النيابة العامة، أنه مر بضائقة مالية دفعته لارتكاب جريمته، مضيفا أنه كان على علم باحتفاظ المجني عليها بمبالغ مالية وكمية من الذهب وهاتف محمول بمنزلها. وتابع المتهم في اعترافاته: «شوفتها من أسبوعين لابسة الذهب في إيديها، فبيَّت النية إني أسرقها، وعرفت أسرق نسخة من مفتاحها من شنطتها، وفي نص الليل دخلت الشقة وكنت فاكرها نايمة، ولما شافتني وابتدت تصوت، رحت طابق على نفسها وخنقتها لحد ما ماتت». حاول القاتل إخفاء معالم جريمته، فقام بإشعال النيران في شقتها لإخفاء معالم جريمته، وأضرم النار في الجثة والأريكة التي كانت تستلقي عليها، لإيهام الأهالي بوفاتها بسبب حريق. أسرة القاتل وبعد الحادث البشع لم يتقبل أهل الشارع، بقاء أسرة القاتل وجودهم، مما دفعهم لمغادرة المنزل والعيش في مكان آخر، نتيجة الأجواء الصعبة التى يعيشها الأهالى، بعدما علموا أن الجاني هو جار المجني عليها. أسرة الضحية بدورها تواصلت أسرة الضحية مع «بوابة أخبار اليوم»؛ حيث أكد جاد أحمد فرج - ابن شيقيق الحاجة علية- أن عمته ظلت تفضل العيش بمفردها لكونها تتحرك كثيرًا في أكثر من موقع، إلا أنها كانت تزورهم من فترة لأخرى. وأضاف جاد: «ظللنا نبحث عنها منذ فترة، ولك أن تتخيل أن أهل المنطقة استخرجوا تصريح الدفن بصعوبة لأنهم لم يتمكنوا من الوصول إلينا، والآن ننتظر كلمة القضاء ضد الجاني».