قال شيخ الأزهر الإمام الأكبر د.أحمد الطيب، إنَّ علاقة الشرق الإسلامي بالغرب الأوروبي علاقة معقَّدَة، تحتاج إلى قراءة فاحصة للتاريخ واستقراء قوانينه وفلسفته. وأضاف أن ما نَراه اليوم من حقدٍ على الإسلام وحضارته ليس وليدَ اللحظة، وإنما هو تراث في العقل الجمعي للعقل الأوروبي منذ القرون الوسطى حتى أيامنا هذه. جاء ذلك في حديثه لبرنامج "مع الطيب" الذي يذاع على القناة الأولى حول موقف الغرب من الإسلام والمسلمين. وأشار شيخ الأزهر إلى أن الغربيين، مرتبطون بالطبيعة الغربية، وهي طبيعةٌ غير قابلة للتديُّن أصلاً، وعندما دخلت المسيحية أوروبا، لم تستطع أنْ تُؤثِّرَ في الأخلاق الغربية، بل حدَث العكس، كما قال القاضي عبدالجبار المعتزلي: "تروممت المسيحية ولم يتمسَّح الروم"، ولذلك لا ينبغي أنْ نعجب من سلوكيات الغرب البربرية في جميع فترات التاريخ، القديم منه والحديث، فالتاريخ لا ينسى حُروب الفرنجة (الصليبية) واضطهاد ومحاولة إبادة اليهود والمسلمين في الأندلس، واستعباد الأحرار في إفريقيا وأمريكا، واستغلال الشعوب وقهرها في جميع قارَّات العالم. وقال إنَّ السياسة الغربية مرتبطة بهذه الطبيعة الشاذَّة والمتسلِّطة، والتي تشكَّلت منذُ ظهور الإسلام الحنيف، فقد فاجَأ هذا الدين الجديد العالم آنذاك بعدلِه وقوَّة حجته، فأنفق القياصرة يومئذٍ أموالاً طائلة للرد على الإسلام وإيقافه ومحاصرته، غير أن الإسلام بتسامُحه وعدله انتشر بسرعة هائلة، لم تستطع كلُّ القوى الرافضة الوقوف دون انتشاره. وأضاف فضيلته: أعتقد أنَّ جذور الحقد على الإسلام في الغرب قديمة، ولعلَّ من أوائل مَن ناصَبُوا العداء لهذا الدين الحنيف هو يوحنا الدمشقي الذي عاش في بلاط الأمويين، واستغلَّ سماحة الخلفاء ليُهاجم الإسلام، وكتُبه ما زالت مرجعًا ملهمًا لكثيرٍ من رجال الدِّين والمفكِّرين الأوربيين إلى يوم الناس هذا، فأغلب كتب المستشرِقين تغرفُ من هذا المستنقع الآسِن الذي لا يُراعي أدنى أدوات التفكير المنطقي السليم. وأضافَ الإمام الأكبر: إنَّ مشكلة الغرب أيضًا بفعل هذه الموروثات الظلامية أصبح يكيلُ بمكيالين، فإذا تعلَّقَ الأمر بالإسلام والمسلمين فإنَّ الميزان يختلُّ فيُصبح كله إجحافًا وظُلمًا وتعسُّفًا، أمَّا إذا تعلَّق الأمر بالغرب وبحقوق الرجل الغربي أو الصهيوني، فإنَّ هذا الميزان ذاته يعتدلُ ويُصبح في غاية الدقَّة والعدل والإنصاف، وهذا هو النظام العالمي الجديد، الذي يُكرِّسُ الهيمنة والتسلُّط والتمييز، حتى ولو وضعت له المسوِّغات والفلسفات التي لا تُقنع حتى أصاحبها. وأكد أن الموقف من الفيلم المسيء يدخُل في هذا الإطار، فالمسئولون في الغرب تعلَّلوا بحججٍ واهيةٍ وامتنعوا عن إيقاف هذا العبث الكريه. وشدد على أنَ الغرب يبني منظومة الحرية وحقوق الإنسان على قاعدةٍ فاسدة، فحريَّة التعبير عنده تُصان بسِياجٍ من حديد إذا تعدَّى البعض للحديث عن اليهود والهولوكست، أمَّا إذا تعلَّق الأمر بالإساءة إلى مليار ونصف من البشَر، فحريَّة التعبير مطلقة ومقدَّسة..وأن الحرية والديمقراطية والمساواة - في منطق الغربيين - كلها مقصورة على الرجل الغربي فقط، وهذا ظاهرٌ لكل ذي عينين.