صدمة ممزوجة ب«حالة توهان» فرضت نفسها على المتابعين لنتيجة الاستفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، والتي أكدت رغبة البريطانيين في الخروج من الكتلة الأوروبية، لكن ربما تكون بريطانيا هي الحبة الأولى في انفراط عقد القارة العجوز مع تفكير دول الأخرى في استفتاءات مشابهة. وبات من المتوقع أن تؤثر نتيجة الاستفتاء وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي اقتصاديًا وسياسيًا على دول المنطقة العربية ومن بينها مصر. أزمة عربية اسمها الدولار «الدكتورة نهى بكر - أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية وخبيرة العلاقات الخارجية» قالت إن بريطانيا كان لها وضع خاص في الاتحاد الأوروبي، وكانت تحتفظ بعملتها وليست ضمن الفيزا «الشنغن»، وخروج بريطانيا لم يحدث بين يوم وليلة فيجب على بريطانيا أولا تفعيل المادة 50 من اتفاقية لشبونة 2009. وأضافت بكر أن هناك إجراءات على رئيس الوزراء المقبل تفعيلها، وتحتاج بريطانيا بعد تفعيلها إلى عامين من المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي للاتفاق على كيفية الخروج. وقالت بكر: «علينا أن نعلم أن ما يحدث الآن هو موقف تاريخي له ردود أفعال هستيرية ولكنه ليس الموقف الواقعي على الأرض، ومن المتوقع أن يرتفع الدولار أمام الجنيه الإسترليني، وحيث أن أغلب الصادرات العربية تكون بالدولار فذلك سيؤدي إلى ارتفاع فاتورة الصادرات العربية وسينخفض الإسترليني واليورو أمام الدولار». وتوقعت «بكر» أنه بعد الخروج التام لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي فلن يكون على أمريكا التنسيق مع أوروبا، موضحة أن تذهب واشنطن في تجاه المملكة المتحدة أكثر سياسيًا، ورغم تخالفهم إلا أنه من المتوقع أن يزيد التناغم والتنسيق بينهم على المستوى السياسي، وعلى الدول العربية أن تتوقع مزيدًا من السياسات المتشددة بعد الخروج التام من الاتحاد الأوروبي. وأوضحت أن الآراء العامة تقول أن هناك دول أخرى تفكر في أخذ نفس الخطوة ولكن تجربة بريطانيا قد تثير شهية الدول الأوروبية الأخرى، وسط توقعات بأن تنتظر ال27 دولة المتبقية لترى ماذا سيحدث مع بريطانيا، حيث كان لها وضع مختلف عن بقية الدول ثم تأخذ قرارها فإذا كانت الحالة ناجحة سنجد دول أخرى تأخذ نفس الخطوة وبذلك ينفرط العقد الأوروبي. وأكدت بكر أنه سنرى توجها بريطانيا أمريكيا متشددا تجاه الدول العربية خاصة في حالة نجاح دونالد ترامب ووصوله إلى سدة الحكم في الولاياتالمتحدةالأمريكية. خطر «أمريكا- بريطانيا» وعن التأثيرات الاقتصادية قالت إن بريطانيا ليس لديها اقتصاد مؤثر وقوى من ناحية التبادل التجاري ولكن سيكون التأثير في أسعار العملات. أما «الدكتور سعيد اللاوندي - مدير مركز الدراسات الأوروبية والمتوسطة بمركز الأهرام» فشدد على أن تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي بمثابة تسونامي جديد يجتاح أوروبا. ولفت « اللاوندي» إلى أنه بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تزايد الخوف من أن تفكر وتتشجع دول أخرى في الخروج من الاتحاد مثل هولندا واسكتلندا والدنمارك والسويد، موضحا أن بريطانيا العظمى تريد أن تعيش في عزلة تامة كما كانت في السابق بعيدة تماما عن الاتحاد الأوروبي ومشاكله مثل الهجرة التي تضرب دول الاتحاد كما أنها لم تكن عضوا كامل الأهلية في الاتحاد ولم تتدخل في منطقة اليورو واحتفظت بالجنيه الإسترليني. وأوضح أنه لابد أن 23 يونيو عيد استقلال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي سيعرضها خلال الفترة المقبلة لهزات اقتصادية. وأكد أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيكون له تأثير اقتصادي وسياسي على الدول العربية، اقتصاديا من حيث التأثير على أسعار العملات وارتفاع الدولار مقابل الإسترليني، وسياسيا بريطانيا دائما تسير في عباءة الولاياتالمتحدةالأمريكية معصوبة العينين وبالتالي سيزداد التحالف بينها وبين الولاياتالمتحدة في المستقبل. مصر تتأثر ب«الاسترليني» بدوره، رأى «منير فخري عبد النور - وزير التجارة والصناعة الأسبق» أن العواقب السياسية والاقتصادية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ستكون وخيمة، مطالبًا مصر بدراسة تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على صادرات مصر في ضوء انخفاض سعر صرف الإسترليني واحتمال عدم إعفائها من الجمارك. وشد على ضرورة أن تدرس مصر التأثير على الاستثمار البريطاني على أرضها في ضوء الخسائر التي قد يتكبدها المستثمرون العرب في المملكة المتحدة فضلاً عن الشركات البريطانية. وقال عبد النور في تغريده له عبر حسابه بتويتر إن الخروج قد يؤدي إلى انهيار المملكة المتحدة بخروج اسكتلندا وأيرلندا وتدخل إنجلترا في حالة من عدم الاستقرار السياسي، موضحًا أن البورصات الأوروبية ستشهد انهيارًا وانخفاضًا حادًا في أسعار صرف الجنيه الإسترليني واليورو لمطالبة أحزاب في دول أخرى باستفتاء مماثل.