السباق الرمضاني أو كما يطلق علية "ماراثون رمضان" سباقا لا يرحم يتطلب نفسا طويلا و قلبا قويا حتي يستطيع مبدعوه و صناعه الاستمرار ويحقق النجاح في سوق العرض و الطلب و إلا يتم فرمه، سواء خلال العملية الإنتاجية أو من المشاهد لاحقا، الذي ينطلق بدوره في سباق ماراثوني أخر يحاول أن يشاهد أكبر عدد من المسلسلات التي تستحوز علي أهتمامه، و إلا فسيتم فرم المسلسل بواسطة اللريموت كنترول. ورمضان 2016 يقدم 29 عملا دراميا أقل من العام الماضي الذي تجاوز 48 مسلسلا، وهو رقم بالتأكيد في صالح الدراما، والذي ساعد بشكل ما علي التركيز أكثر على الجودة في شتى الزوايا الفنية والتقنية. وبقراءة شاشة الدراما الرمضانية نجد ثلاث زوايا هامة، أولها استمرار جيل الكبار في التواجد علي الساحة ومنافسة الشباب، إما بالتعاون مع نفس الفريق الذي تعاونوا معهم من قبل أو بالبحث عن أفكار جديدة و فريق آخر جديد، وفي المقدمة نجد العملاق يحى الفخراني الذي غاب عن الشاشة العام الماضي، ومعه هذا العام فريق عمل "ونوس" عبد الرحيم كمال و شادي الفخراني والذي سبق أن تعاون معهم من قبل في عدد من الأعمال الناجحة وونوس مستوحاه من من القصة الألمانية الشهيرة "د. فاوست" الذي يُبرم عقداً مع الشيطان، وأثناء سعيه إلى اكتشاف الجوهر الحقيقي للحياة، يبرم الشيطان معه عقداً، بأن يقوم بخدمته طوال حياته ليستولي على روحه بعد مماته، لكن الاستيلاء على روح فاوست مشروط ببلوغه قمة السعادة. مثلما قدم الفخراني و فريقه من قبل مسلسل "دهشة" المأخوذ عن الملك لير، للأديب الإنجليزي وليم شكسبير، ونجح عبد الرحيم كمال في تمصيرها وصبغها باللون الصعيدي قبل عامين، يقدم الفخراني، "ونوس" و يجذب المشاهد من الحلقة الأولي. نجم الكوميديا عادل إمام والسنة الخامسة علي التوالي مع الدراما الرمضانية وفريقه يوسف معاطي ورامي إمام الذي قدم معهما أربعة أعمال هي "صاحب السعادة" و"العراف" و"فرقة ناجي عطا لله" و أخيرا "مأمون وشركاه"وهذا الفريق يلعب علي نجومية عادل إمام في المقام الأول، الساحر محمود عبد العزيز يعمل علي مبدأ التغير والتجديد فبعد عملين مع المخرج عادل أديب ومسلسلين هما "باب الخلق" و"جبل الحلال" وكتاب هما محمد سليمان عبد الملك، و ناصر عبد الرحمن، يتعاون هذا العام مع فريق جديد هم وائل حمدي وشريف بدر الدين تأليف وإخراج أحمد سمير فرج، وصبغ هذا الثلاثي شكل ومضمون جديد للساحر علي مسلسله "راس الغول" وتقمص عبد العزيز شخصية درويش المتهم ظلما بالإرهاب، ونجح من الحلقة الأولي إلي جذب المشاهد أمام الشاشة وسنري ماذا ستكشف عنه باقي الأحداث وإن كان حدس الساحر محمود عبد العزيز لا يخطئ في حسباته. النجمة يسرا عادت هذا العام بقوة في ثوب جديد بعيدا عن الرومانسية والإكلشيهات الناعمة في شخصية مركبة سيكوباتية و تلعبها باقتدار فتارة هي رحمة الودودة و تارة آخري تزيح الماسك المرسوم علي وجهه لنري رحمة المريضة بالاضطهاد والممزوجة بالشر و الحقد للغير ، وهي قدرة علي التلوين يصعب التنقل إليها بسهولة إلا مع نجمة بحجم يسرا. الزاوية الثانية في دراما هذا العام أن هناك شباب يؤكدون علي نجوميتهم ويحتلون الصدارة بأعمالهم، وهو ما يقدمه النجم طارق لطفي و مسلسل "شهادة ميلاد" بعد نجاحه في "بعد البداية" ومع أن المسلسل لم نتابع منه سوي 7 حلقات إلا أن الشواهد تشير إلي نجاحه واستمرار لطفي فيما بلغه من نجاح بعد مسلسل العام الماضي، وهناك ظافر زين العابدين و شريف سلامة ومسلسل "الخروج"،والفنان يوسف الشريف ومسلسل "القيصر"، وكذلك عمرو يوسف ومسلسل "جراند أوتيل" و النجم خالد النبوي ومسلسل "سبع أرواح"،ولعب كل هؤلاء النجوم علي تيمه التشويق و الإثارة و الجريمة ودراما الحركة. الاعتماد علي نجاح الآخرين عادة لا يؤتي ثماره، ورغم انتظار الكثيرين الجزء السادس من ليالي الحلمية التي صاغها و رسم شخوصها عبر السنين المبدع الراحل أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ، إلا أن ما تبعناه في الأيام الماضية ينبئ عن مستوي آخر لا يرتقي إلي مستوي الأجزاء السابقة، وكان علي أيمن بهجت قمر، و عمرو محمود ياسين أن يقدما عملا خاص بهما بدلا من محاولة استثمار نجاح الأجزاء الخامس السابقة، و أتصور أنهما ظلما نفسيهما بالمقارنة مع جيل رحل وكانوا غير قابلين للمنافسة. ومن بين 29 عملا دراميا يعد مسلسل "أفراح القبة" هو المسلسل الوحيد المأخوذ عن نص أدبي للأديب العالمي نجيب محفوظ، وهو ما يجعله عملا مختلفا عن سائر الأعمال، خاصة أن المخرج محمد ياسين مخرج صاحب موهبة و رؤية مميزة، وانعكس ذلك بقوة علي المسلسل بدءا من اختيار فريق العمل من نجوم ونجمات مني زكي و صبا مبارك و إياد نصار و جمال سليمان و صبري فواز و صابرين ومحمد الشرنوبي. و العمل صعب في مجمله لأنه يتحرك في عدة عوالم متداخلة بين الواقع و الماضي و الخيال. الفنان محمد رمضان يعود أيضا هذا العام بمسلسل الأسطورة بعد غياب عن الشاشة العام الماضي و نجاح ضخم في مسلسل "ابن حلال" ويقدم هذا العام شخصيتان ستكشف الأحداث عن نجاحهما خاصة أن رمضان له باع كبير في تقمص الشخصيات. النجمة نيللي كريم التي أثرت بأعمالها الدراما المصرية بثلاث أعمال متتالية في الأعوام السابقة "حكاية بنت اسمها ذات"،"سجن النسا"،"تحت السيطرة" تعزف هذا العام علي تيمة عالم النفس أيضا و مسلسل "سقوط حر" وهو ليس العمل الوحيد الذي تناول الجانب النفسي في دراما رمضان،فهناك فوق مستوي الشبهات و الخانكة. فدراما 2016 جمعت بين التشويق و المغامرة و عالم الجريمة و العالم النفسي و جميعها تلعب علي المضمون في جذب الجمهور. يبقى أن نتطرق إلي أعمال الكوميديا هذا العام والتي بلغت خمس أعمال بعد مأمون وشركاه، و صد رد ،و بنات سوبر مان، يوميات زوجة مفروسة و أخيرا نيللي و شريهان ،في الوقت الذي يختفي فيه الكبير قوي أحمد مكي عن دراما 2016، نجد المخرج أحمد الجندي مخرج الكبير قوي بأجزائه المتعددة ، يقدم مع النجمتان دنيا سمير غانم و شقيقتها إيمي ثنائية نيللي و شريهان وكوميديا راقية مع الموهوب بيومي فؤاد و التي كتبها الثنائي مصطفي صقر وكريم يوسف. ومن عالم الغناء يطل علينا "المغني" للكينج محمد منير و"كلمة سر" للتونسية لطيفة فالعمل الأول لا نلمس خلفه كاتب سيناريو أو فريق عمل إنما كاميرا تدار بلا حساب، وننتظر ما ستقدمه أحداث عبر ليالي رمضان والمخرج سعد هنداوي.