في الرابع والعشرين من مايو مرت علينا الذكرى ال119 لميلاد واحدة من أهم قيادات الحركة التحررية لنساء مصر، واحدة من أهم المناضلات اللواتى تزعمن المظاهرات ضد الإنجليز، وضد الجهل والتخلف وتغيب المرأة عن دورها الطبيعى فى المجتمع، واحدة مثلت مصر هى وهدى شعراوى فى اهم المؤتمرات النسائية الدولية فى اوروبا بداية من عشرينيات القرن الماضى. إنها "زينب محمد مراد" المعروفة باسم سيزا نبراوى، التى قال عنها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر: "إذا كان صوت سيزا نبراوى يشرّف وطنها أمام العالم، فإن وطنها يتشرّف باسمها أمام المصريين". كانت سيزا نبراوي أول من نزعت "البرقع" هي وصديقتها الزعيمة النسائية هدى شعراوي عند عودتهما للقاهرة بعد حضورهما مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي الذي عقد في روما 1923، كلتاهما خلعت البرقع عند استقبالهما من عضوات الجمعية المصرية النسائية وكل منهن داسته بالاقدام، ومن هنا بدأت حركة التحرر النسائى ضد قيود التخلف التى كانت مفروضة على المرأة بالأ فكار الرجعية. ولدت سيزا نبراوى 24 مايو 1898 فى احدى قرى محافظة الغربية، وفى 1913 انتحرت من كانت تعرفها على أنها أمها بسبب مشكلات مع زوجها، وأرسلت سيزا التى كان عمرها 15 عاما إلى مصر لتكتشف أن أمها عديلة (وهى قريبة والدتها) ليست أمها الحقيقية وكان هذا الاكتشاف قاسيا على نفسها خاصة بعد الحياة المحافظة التى فرضها عليها أبوها وأمرها بأن تضع على وجهها البرقع ؛ ومن هنا أغلقت على نفسها باب غرفتها لعدة أيام رافضة الخروج من البيت إلى أن جاءت هدى شعراوى وكانت صديقة حميمة لأمها الروحية المتوفاة وأقنعتها بالخروج. التحقت وعمرها 26 عاما بالاتحاد النسائى وبعد عامين تولت مسئولية رئاسة تحرير مجلة "المرأة المصرية "الصادرة عن الاتحاد النسائى باللغة الفرنسية، كانت حلقة الوصل بين الحركات النسائية العربية ونظيرتها الغربية، وشاركت مع هدى شعراوى فى 14 مؤتمراً نسائياً دولياً فى أنحاء العالم العربي، وأسست 15 جمعية نسائية فى مصر وحدها، وكانت رئيسة الاتحاد النسائى المصري، وأسست مجلتين نسائيتين، واحدة بالعربية والأخرى بالفرنسية، ونقلت أفكار تحرير المرأة من مصر إلى بقية الدول العربية. شاركت في تنظيم وقيادة أول مظاهرة نسائية عام 1919 ضد الاحتلال الانجليزى وهتفت لثورة 1919 وحلفت بحياة سعد زغلول، تحولت من مجرد فتاة ريفية تقليدية مثقفة إلى إنسانة صاحبة رسالة ودور فى وطنها فى فترة اتسمت بالغليان هى فترة الأربعينيات من القرن الماضى، كما كانت وراء صدور قانون تحديد سن زواج الفتيات ب 16 سنة، عندما كانت الفتاة تتزوج فى عمر صغير، وأصبح لها شهرة وسمعة تتشرف بها المرأة المصرية على المستوى العالمي، وكانت سيزا نبراوى أول من دعت إلى مقاطعة البضائع الأجنبية، وكانت تقف هى وزميلاتها أمام المحال التجارية يدعون الناس لعدم الشراء منها، وقد اغلقت المحال الاجنبية ابوابها نتيجة لحملة مقاطعة البضائع الاجنبية لصالح المنتجات الوطنية، وبالحماس نفسه خطت خطوة أخرى لمساندة فكرة الزعيم الاقتصادى طلعت باشا حرب بإنشاء بنك مصر كأول بنك مصرى فى مواجهة البنوك الأجنبية. وقد نالت سيزا نبراوى الكثير من الأوسمة والجوائز، منها وسام لينين من الاتحاد السوفيتى عام 1970، ووسام الكمال من جمعية هدى شعراوى عام 1971، عرفتها الحركة الوطنية عام ١٩٥١ حين طالبت بتكوين لجنة المقاومة، كانت موضع تقدير مناضلى تلك الفترات، بل قامت بإعادة تكوين لجنة المقاومة داعية للوقوف فى وجه العدوان الإنجليزى الفرنسى الإسرائيلى على مصر عام ١٩٥٦. كان أول اختبار حقيقى واجهته بمفردها بعد رحيل هدى شعراوى معركة دخولها الاتحاد النسائى الديمقراطى العالمى الوحيد فى ذلك الوقت الذى حضرت مؤتمره عام 1923 فى روما مع أول وفد نسائى مصرى مكوّن من هدى شعراوى وسيزا نبراوى ونبوية موسى، وعند عودتهن قرّرت هدى شعراوى مع سيزا نبراوى مواجهة المستقبلين لهنّ فى محطة القاهرة سافرات الوجه، وكان من رأى الزعيمة الراحلة أن المرأة لا تستطيع كسب أية جولة إلا بمساندة الرجل، فالرجل المثقف الذى يرغب بالارتفاع بمستوى مجتمعه يعلم جيداً أن الارتقاء بالمرآة معناه النهوض بالمجتمع كله. وتركت الرائدة سيزا نبراوى وراءها موسوعة من الذكريات تصلح لأن تكون منهجاً كاملاً لمدرسة الأجيال القادمة من النساء والرجال. رحلت زينب محمد مراد أو سيزا نبراوى عن عالمنا فى الرابع والعشرين من فبراير ١٩٨٥. وقد أصدرت عنها الهيئة العامة للاستعلامات كتابا بوصفها واحدةً من رائدات الحركة النسائية فى مصر، واصدرت هيئة البريد طابعا تذكاريا لها كواحدة من رائدات العمل الوطنى وحركات التحرر والنهضة النسائية فى مصر والمنطقة العربية، واطلق اسمها على عدد من مدارس البنات بكافة مراحل التعليم الاساسى.