انتقد أمين عام جامعة الدول العربية، الدكتور نبيل العربي، سياسة المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمة السورية، رافضا الاكتفاء بالإدانة والتنديد بأكبر مأساة إنسانية في هذا القرن واصفا إياها بأنها "سياسة سلبية غير مقبولة". جاء ذلك خلال أعمال مؤتمر "قضايا اللاجئات والنازحات في المنطقة العربية: الواقع والمستقبل" والذي انطلقت أعماله اليوم بأحد فنادق القاهرة، وتنظمه منظمة المرأة العربية تحت رعاية رئيس الوزراء وبالتعاون مع جامعة الدول العربية والمفوضية العليا لشئون اللاجئين وهيئة الأممالمتحدة للمرأة. وطالب العربي ،في كلمته خلال أعمال المؤتمر، بضرورة حث الحكومات على الإقدام على توجه جماعي إلى مجلس الأمن من جميع الدول والمطالبة بإصدار قرار ملزم بوقف إطلاق النار حتى يتوقف القتال والدمار، مشددًا على أنه على المجتمع الدولي أن يتحرك فورًا لإنهاء هذه المأساة لأن استمرارها معناه تقويض النظام الدولي المعاصر، داعيًا في الوقت ذاته إلى مضاعفة المساعدات الإنسانية إلى اللاجئين والنازحين. وأكد أن أهمية هذا المؤتمر تكمن في تسليط الضوء على عمق هذه المأساة الإنسانية غير المسبوقة في المنطقة العربية، وفي الإسراع في توفير المستلزمات الضرورية للتخفيف من معاناة المتضررات والمتضررين من هذه المأساة، ومن تداعياتها الخطيرة على حاضر ومستقبل الأجيال المقبلة نتيجة لما أحدثته الصراعات المحتدمة من ضحايا ومعاقين، وما خلفته من دمار شامل في بنية الدولة الوطنية، وتراثها الحضاري، وتدهور حاد في المقومات الأساسية لحياة الإنسان من غذاء ودواء وتعليم، وموجهة نزوح للسكان، وصفتها المفوضية السامية للاجئين بأنها الأسوأ في التاريخ المسجل للإنسانية. وقال العربي "لقد زاد من حدة تفاقم هذه الصراعات المتداخلة داخليًا وإقليميًا ودوليًا أنها أفرزت نوعًا جديدًا من الإرهاب المدمر للحياة ولروح العصر ولأشكال التطور، والتي أصبحت تتخذ من بؤر النزاعات والتوترات حاضنات لها، وتتعدى على نوازع التطرف الديني والتخندق الطائفي، وعلى إذكاء نار الحقد والانتقام الأعمى، بعيدًا عن صحيح الدين الإسلامي الحنيف وقيمه السمحة". وأضاف أن النزاعات المسلحة أصبحت تشكل حاليًا المصدر الرئيسي لمآسي الإنسان واحتياجاته الضرورية المتزايدة، ووفقاً للنداء الموحد الذي أطلقته الأممالمتحدة في مطلع عام 2016، أصبحت الحاجة ماسة إلى توفير مبلغ 20 مليار دولار من المساعدات الإنسانية لإنقاذ ما يقارب 776 مليون شخص في حوالي 37 دولة، ويوجد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ما يزيد عن 42 مليون من النساء والأطفال يحتاجون لمساعدات عاجلة ويمثلون 74% من مجموع السكان المحتاجين، وتزايد القتال في حلب الآن يفرز كل يوم أعدادًا جديدة من اللاجئين والنازحين. وأشار إلى أن تصاعد العنف والنزاع أجبر ملايين الأشخاص على الفرار عبر الحدود طلبًا للجوء وتستضيف لبنان والأردن والعراق ومصر أعدادًا كبيرة، موضحا أنه في منطقة الشرق الأوسط تتصاعد الأزمة في كل القطاعات ومن نظرة مستقبلية سيظل هؤلاء يواجهون العنف والنزوح والخوف والجوع، وفي ظل عدم امكانية توفير الاحتياجات الاساسية للبقاء، ستؤثر معاناتهم بشكل كارثي، مما قد يؤثر على أوروبا والدول المجاورة لمناطق الأزمات. وأضاف أن "ارتفاع الصراعات والاضطرابات السياسية في المنطقة تحول دون التحاق أكثر من 13 مليون طفل وطفلة بالمدارس، وفقا لتقرير اليونيسيف (التعليم تحت النار) الذي صدر في سبتمبر 2015. وهذا له تبعات مأساوية، إذ ان المنطقة ستشهد ظهور جيل امي نتيجة انقطاع ملايين الأطفال عن الالتحاق بالصفوف المدرسية، ونتساءل كيف يكون مصير بلد يعيش في القرن الحادي والعشرين تسوده الأمية ويفتقد لأدوات التطور والتكنولوجيا الحديثة". وأكد العربي أن "معالجة أزمة اللاجئين والنازحين، وبالأخص اللاجئات والنازحات، واجب إنساني وأخلاقي وسياسي وتنموي، فالظروف التي يعشن فيها تعد في حد ذاتها انتهاكا لحقوق الإنسان. لذا، علينا جميعاً العمل على تكاتف جهودنا للبحث عن حلول سريعة لإنهاء معاناتهن". ونوه العربي بجهود الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في هذا المجال ومنها اعتماد إعلان القاهرة للمرأة العربية وخطة العمل التنفيذية لاستراتيجية النهوض بالمرأة في المنطقة العربية "أجندة تنمية المرأة في المنطقة العربية لما بعد عام 2015 "من قبل مجلس الجامعة على المستوى الوزاري في 13 سبتمبر من العام الماضي والذي يتضمن فقرة حول إيلاء اهتمام خاص لحماية النساء والفتيات تحت الاحتلال واللاجئات من كافة أشكال العنف والاستغلال خلال فترات عدم الاستقرار والنزعات المسلحة والحروب وخلال دورات النزوح واللجوء، وكذلك إطلاق الاستراتيجية الإقليمية لحماية المرأة العربية "الأمن والسلام" بالتعاون مع منظمة المرأة العربية وهيئة الأممالمتحدة للمرأة، والتي تهدف بالأساس لحماية النساء باعتبارهن يشكلن النسبة الكبرى من ضحايا النزاعات المسلحة والحروب. وأوضح أن الجامعة العربية تعمل بالتعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين للخروج باتفاقية عربية لتنظيم أوضاع اللاجئين في الدول العربية. وأشار إلى أن الأمانة العامة للجامعة تعمل على تحديث الاتفاقية العربية لتنظيم أوضاع اللاجئين في المنطقة العربية لتنسجم مع ما يستجد من تطورات في المنطقة، مضيفًا أن الأمانة العامة للجامعة تقوم بزيارات بصفة مستدامة الزيارات لمخيمات اللاجئين في عدد من الدول المضيفة كانت آخرها زيارة قامت بها إلى دول الجوار السوري في فبراير الماضي للإطلاع على الأوضاع وتقييم الجهود المبذولة لتلبية الاحتياجات الإنسانية وحديد الاحتياجات المستجدة. واختتم الدكتور نبيل العربي قائلا "التحديات كثيرة والمعاناة الإنسانية كبيرة والموارد غير كافية وعلى عاتقنا مسؤولية إنسانية وأخلاقية". ويناقش المؤتمر كافة قضايا اللجوء والنزوح العربية بما فيها الأزمة الأقدم والأكبر وهي أزمة الللاجئين الفلسطينيين بمشاركة الأطراف المعنية بالقضية من المسئولين الحكوميين وممثلي المجتمع المدني والأكاديميين والاعلاميين والقطاع الخاص. وتناقش أوراق عمل المؤتمر أدوار جميع الأطراف ويشهد إطلاق تقرير عن جولة وفد المنظمة إلى مخيمات اللاجئين والنازحين في بعض الدول، كما يشهد المؤتمر عدة معارض منها معارض فنية ومشغولات يدوية.