قدمت الفنانة وداد حمدي "خادمة السينما المصرية" مئات الأفلام، شاركت في معظمها بدور الخادمة، واتسمت جميعا بالبسمة، فكانت صاحبة خفة الظل، التي ترسم الإبتسامة دائما على وجوه المشاهدين. اسمها بالكامل وداد محمد عيسوي زرارة، من مواليد 3 يوليو عام 1924، في محافظة كفر الشيخ عاشت طفولتها في مدينة المحلة، حيث كان يعمل والدها بشركة الغزل والنسيج هناك، تربت في أسرة ميسورة الحال، وكانت أكبر أشقائها الخمسة، وكان والدها يعمل بالتجارة، لكنه تعرض لخسارة مادية أدت إلى تغير حال الأسرة، واضطرت إلى السفر للقاهرة للبحث عن عمل، وعاشت في بيت عمها بمنطقة السيدة زينب. وبدأت حياتها الفنية مطربة، وكانت تحلم بمنافسة عظماء المطربين، وحاولت عرض موهبتها في أكثر من مسرح لكنها لم تستطع إثبات موهبتها الغنائية، نصحها البعض بالذهاب للريجيسير قاسم وجدي، واحد من الأشخاص الذين قدموا عددا كبيرا من الفنانين للسينما، لتعرض عليه موهبتها، وبالفعل ساعدها وقدمها كمغنية في فيلم "رابحة". بعد عملها بالفن، استقلت بحياتها واضطرت إلى ترك بيت عمها بسبب ظروف العمل التي تضطرها العودة في أوقات متأخرة، فاستأجرت غرفة في منطقة شبرا، وأرسلت لإحضار أسرتها لتعيش معها. في عام 1942 شكل زكي طليمات لجنة لاختيار مشاركين في أوبريت "شهرزاد"، وتقدمت للاختبارات ونجحت بالفعل وبدأت مشاركة فريق العمل بروفات الأوبريت، وكانت بطلة العمل الفنانة عقيلة راتب، لكنها مرضت أثناء البروفات، فرأى طليمات أنه لا مفر من تأجيل العرض، لكن وداد حمدي عرضت عليه تقديم الدور بدلًا من عقيلة، لكنه رفض بدعوى أنها لن تستطع فعل ذلك، لكنها أصرت، وبعد إلحاحها عليه قرر اختبارها في الدور، وفوجئ بقدرتها على أدائه وحفظها للدور بشكل جيد، فوافق على تقديمها الدور. بعد نجاحها في الأداء الغنائي في الأوبريت، طلبت من طليمات العمل كممثلة، ومن هنا بدأت الاشتراك في عدد من المسرحيات، ثم انضمت إلى فرقة الطليعة عند تأسيسها، وقدمت معهم أعمالا مسرحية، وظلت بالفرقة لمدة 6 سنوات. عندما أعاد زكي طليمات افتتاح معهد التمثيل عام 1952، قال إن من تلتحق بالمعهد من الفتيات سيعينها فيه، فالتحقت بالمعهد مع أول دفعة، وكانت تضم فاتن حمامة وسميحة أيوب، لكنها لم تستمر سوى عامين. عرفها الجمهور عام 1945 بفيلم "هذا جناه أبي"، من إخراج هنري بركات، وبطولة زكي رستم وصباح. قدمت في بداية أعمالها الفنية أدوارا بعيدة عن دور الخادمة، وقدمت هذا الدور لأول مرة في مسرحية "أم رتيبة"، من تأليف يوسف السباعي. قالت في أحد حوارتها: "أحب دور الخادمة، مادام يعجب الجمهور، اختاروه لي لأنه يحتاج إلى خفة دم، ولأن المنديل يليق بوجهي، ومع ذلك فقد مثلت أدوارا أخرى مثل "عاملة في مصنع"، و"تلميذة"، و"بنت ذوات"، و"محدثة نعمة"، ومثلت روايات عالمية في مسرح الطليعة، كما مثلت في مسرحية "فاوست لجوتة" ومسرحية "تحت الرماد". من أشهر الأفلام التي قدمت فيها دور الخادمة، "الزوجة 13" عام 1962، "إشاعة حب" 1959، "ثورة المدينة" 1955، "ورد الغرام" 1951. شاركت عام 1946 في فيلم "الخمسة جنيه" مع المخرج فطين عبدالوهاب، بصوتها فقط، وقدمت دور صوت ورقة "الخمسة جنيه"، وكانت أشبه براوي الفيلم. رفضت وداد حمدي الزواج لعدة سنوات، حتى تتفرغ لرعاية أشقائها، وعندما اطمأنت عليهم، قررت الزواج ولكن لم يكن لها الحظ السعيد في الزواج حيث انتهت كل زيجاتها بالانفصال وعاشت وحيدة حتى وفاتها. تزوجت وداد حمدي 3 مرات، الأولى من محمد الموجي، والثانية من الفنان محمد الطوخي، وصلاح قابيل الذي لم يستمر زواجهما أكثر من شهر واحد. اعتزلت في الستينيات بعد إحدى زيجاتها، لكنها عادت مرة أخرى بعدما استعانت بها المطربة وردة الجزائرية في مسرحية "تمر حنة"، عام 1974. عقب انفصالها الأخير، قررت الإقامة بمفردها في إحدى الشقق في منطقة رمسيس، واستمرت هكذا حتى وفاتها. كانت وفاتها مأساوية حيث ماتت مقتولة في 26 مارس 1994، وقيل إنها ماتت نتيجة 35 طعنة في العنق والصدر والبطن. اتصل بها أحد "الريجيسيرات" وأخبرها أن لديه دور يناسبها، فحددت له موعدا لكنه راجع نفسه وقرر عدم قتلها، لكن الديون اشتدت عليه فقرر الاتصال بها ثانية وتحديد موعد آخر وذهب إليها بالفعل، واستقبلته وأحضرت إليه عصير الليمون، واستأذنها الدخول للحمام، ثم ذهبت لإحضار "فوطة" له من غرفة النوم، فوجدته ورائه يرفع عليها سكينا محاولا قتلها، قيل أنها حين رأت السكين قالت له: إحنا هانهزر؟! بلاش لعب عيال، لكن نظرات الشر في عيونه جمدت الدم في عروقها، فتوسلت إليه أن يتركها وخلعت له ساعتها وقدمت له نقودها، لكنه أزاح النقود جانبا، وقرر قتلها حتى لا تعترف عليه، فطعنها في ظهرها وسقطت على الأرض وهي تصرخ وتستعطفه، لم يشعر بنفسه وتوالت طعناته القاتلة في جسدها وسقطت على الأرض. اكتشفت أختها مقتلها في 26 مارس 1994، بعدما دخلت عليها فوجدت محتويات الشقة مبعثرة، ووداد ساقطة بوجهها على سريرها وتغطي الملابس جسدها، وعندما همّت لنزع الملابس من عليها وجدت الدماء تغطي أختها بالكامل، فقررت الاتصال بالشرطة لكنها فوجئت بقطع أسلاك التليفون، فاستعانت بالجيران الذين اتصلوا بالشرطة.