منذ أن تحولت الإمبراطورية الإيرانية إلى الجمهورية الإيرانية الإسلامية بقيام الثورة في 1979؛ شهدت بلاد الفرس انقطاعاً متكرراً في العلاقات الدبلوماسية مع دول كثيرة في العالم، خاصة العالم العربي، بعد صراع دبلوماسي طويل مع قطب العالم السني "السعودية". وانتفضت الدولة -ذات الأغلبية الشيعية- بعد إعدام السلطات بالمملكة الشيخ السعودي الشيعي، نمر النمر، الأمر الذي تطور إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ومن ثم تلتها دول أخرى خليجية كالإماراتوالبحرين وجيبوتي السودان. لذا فإيران تملك تاريخاً طويلاً من العلاقات المقطوعة مع بلدان عربية منها؛ السعودية والإماراتوالعراق ومصر أيضاً، بالإضافة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وكندا. السعودية : تسبب أعدام الشيخ السعودي الشيعي، نمر النمر، إلى اشتعال الغضب بين الإيرانيين الذين هاجموا السفارة السعودية بطهران، وأشعلوا النيران في أجزاء منها، الحدث الذي خرجت بعده السعودية لتعلن على لسان وزير خارجيتها، عادل الجبير، قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران وسحب طاقم سفارتها هناك، بالإضافة إلى طرد السفير الإيراني من أراضيها. ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي تتعرض فيها العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، إلى أزمة خاصة بعد التصريحات الإيرانية الاستفزازية بعد حادثتي سقوط الرافعة وتدافع الحجاج بمنى في موسم الحج الماضي، والتي وصفتها المملكة "بالصيد في الماء العكر" لمحاولة استغلال الحادثة الإنسانية بشكل سياسي. فمنذ قيام الثورة الإسلامية في إيران، والعلاقات بين الدولتين أخذت منحنى سلبي، فالسعودية كانت مؤيدة لنظام الشاه وبطبيعة الحال اصطدمت مع نظام المرشد الجديد، كما وقفت وراء العراق خلال حربها مع طهران، مما ترتب عليه إثارة بعض المناوشات البسيطة واتهام الرياضلطهران دوماً بإثارة المشاكل والاضطرابات. ومع وجود علاقة مضطربة بين الطرفين، شهد عام 1987 حدوث أول قطيعة دبلوماسية رسمية بين الرياضوطهران، وذلك في أعقاب قيام المئات من المتظاهرين الإيرانيين بالخروج إلى الساحات القريبة من الحرم المكي في موسم الحج، رافعين صور مرشدهم وأعلام إيران ومنددين بالولاياتالمتحدة وإسرائيل. أدت تلك التظاهرات العنيفة إلى سقوط المئات من القتلى، وقطع السعودية لعلاقاتها مع إيران لمدة 3 سنوات متهمة إياها بمحاولة تصدير ثورتها الإسلامية للعالم بصورة سيئة. الإمارات : تعاني العلاقات الإماراتية – الإيرانية شرخاً عميقاً جراء خلافات على الجزر الثلاث محل النزاع في الخليج العربي. وعلى الرغم من تمسك إيران بالجزر الثلاث إلا أن الإمارات ظلت مطالبة بحقها في الجزر الثلاث، وقامت بإعطاء إيران فرص عديدة ما بين المفاوضات أو وضع القضية تحت طائلة القانون الدولي. ولجأت الإمارات لمحكمة العدل الدولية بلاهاي، ومنظمات إقليمية ودولية كجامعة الدول العربية وهيئة الأممالمتحدة لتأكيد قضيتها، إلا أن مواقف إيران جاءت جميعها تصد كافة الجهود المبذولة من قبل الإمارات، واستمرت تلك السياسة العنيدة طوال عهد الشاه وعقب الثورة الإسلامية أيضاً. وحتى الآن مازالت قضية الجزر في مهب الريح ومثيرة للاضطرابات بين الدولتين. أما في أعقاب الأزمة السعودية الإيرانية، اتخذت الإمارات قراراً بتخفيض عدد الدبلوماسيين الإيرانيين الموجودين على أرضها، ورداً على تدخلات إيران المستمرة في الشأن العربي والخليجي. كما أعلنت الخارجية الإماراتية اليوم أنه تم استدعاء السفير الإماراتي في طهران سيف الزعابي، تطبيقاً لهذا القرار. البحرين: قررت مملكة البحرين،الاثنين 4 يناير، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وطلبت من جميع أعضاء بعثتها مغادرة المملكة خلال 48 ساعة نظرا لكونهم غير مرغوب فيهم، كما قررت البحرين إغلاق بعثتها الدبلوماسية لدى إيران وسحب جميع أعضاء بعثتها. واتخذت المملكة البحرينية هذا القرار بعد تعرض سفارة شقيقتها السعودية إلى اعتداء عنيف من قبل الإيرانيين في طهران وهو الأمر الذي رأته منافي للمواثيق والمعاهدات الدولية. مصر : عقب قيام الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، تدهورت العلاقات بين القاهرةوطهران في أعقاب استضافة مصر لشاه إيران الأسبق محمد رضا بهلوي، والسماح له بالعيش في مصر وحين توفي تم دفنه في مسجد الرفاعي بالقلعة إلى جانب ملوك مصر السابقين. كما جاء دعم مصر للعراق في حربها مع إيران عام 1980 إلى عام 1988 إلى حدوث توترات كبيرة بين الدولتين خاصة بعد تصريح مصر بأن إيران ترعى وتصدر الإرهاب في المنطقة العربية، وتدهورت الأمور أكثر بعد قيام إيران بإطلاق اسم الإرهابي خالد الإسلامبولي الذي قتل الرئيس أنور السادات على أحد شوارعها. السودان : كما قامت السودان بطرد السفير الإيراني من أرضها واستدعاء سفيرها من طهران، مدينة كافة التدخلات التي تقوم بها في المنطقة والتي تتخذ شكلا طائفيا. كما ندد السودان بالاعتداء الذي حدث للسفارة السعودية في طهران وهو الأمر الذي رأته إهمالا في قيام إيران بحماية السفارات والبعثات الخارجية. الولاياتالمتحدة: تسببت أزمة احتجاز الدبلوماسيين التي حدثت بين واشنطنوطهران إلى حدوث اضطراب في العلاقات بين البلدين، حيث احتجز مجموعة من الطلاب الإيرانيين المؤيدين لثورتهم الإسلامية حوالي 52 مواطنا أمريكيا داخل السفارة لمدة 444 يوما عام 1979. وتطور الأمر إلى قيام الولاياتالمتحدة بإجراء مفاوضات لإطلاق سراح الرهائن، إلا أن تلك المفاوضات فشلت مما دعا واشنطن إلى القيام بعملية عسكرية لإنقاذهم وتسببت تلك العملية في تدمير طائرتين ومقتل 8 جنود. ولكن الأزمة انتهت بالتوقيع على اتفاقية بالجزائر عام 1981 تم من خلالها إطلاق سراح الرهائن وذلك بعد دقائق من أداء الرئيس الأمريكي رونالد ريجان اليمين كرئيس جديد للولايات المتحدة. اعتبرت تلك الأزمة الأقوى بين البلدين وكانت بداية فرض العقوبات الاقتصادية من واشنطن على طهران. العراق : قد يتخيل البعض أنه بانتهاء الحرب العراقيةالإيرانية، عادت العلاقات بين الدولتين مرة أخرى ولكن هذا لم يحدث، فالتوترات ظلت قائمة لأعوام عديدة بعد انتهاء الحرب في 1988، وظلت كذلك حتى قيام واشنطن بغزو العراق في 2003. اتخذت طهران موقفا مؤيدا للعراق في بداية الغزو منددة بما تقوم به واشنطن، إلا أنها ما لبثت أن عدلت من موقفها وأعلنت وقوفها على الحياد. ولكن عقب سقوط صدام حسين، ووصول أغلبية شيعية إلى سدة الحكم مما دفع طهران إلى تأييدها للحكومة، التي نددت بدورها بمقتل الشيخ نمر النمر. كندا: رمت أزمة الرهائن الأمريكيين في طهران بظلالها على كندا، حيث تسببت الأزمة ذاتها في حدوث أزمة دبلوماسية أخرى بين كنداوإيران. فأثناء تواجد الرهائن داخل السفارة الأمريكية، استطاع 6 منهم الهروب والدخول للسفارة الكندية وقامت الحكومة آنذاك بتزوير جوازات سفر خاصة بهم بوصفهم مصورين وليسوا دبلوماسيين، واستطاعوا السفر على متن طائرات خاصة. أغلقت السفارة الكندية أبوابها في طهران بعد هذا الحادث، وقطعت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين حتى عام 1996. مرة أخرى توترت العلاقات بين البلدين، حيث تسبب الموقف الإيراني المؤيد للنظام السوري في قيام كندا بطرد الدبلوماسيين الإيرانيين من أراضيها في عام 2012. كما رأت كندا أن "الحكومة الإيرانية هي التهديد الأكبر للسلم العالمي والأمن في العالم إثر برنامجها النووي والدعم العسكري الإيراني للحكومة السورية". ومع تلك المواقف الرافضة لما قامت به طهران، لم تقف بدورها صامتة بل خرجت لتشير إلى أن سحب السعودية لبعثتها الدبلوماسية الهدف منه تعزيز الكراهية وإثارة التوترات. كما خرج المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله خامنئي، ليهاجم السعودية متوعدا إياها بعقاب إلهي رادع جزاء ما فعلته. وصرح خامنئي "مما لا شك فيه أن إراقة دم هذا الشيخ من دون وجه حق ستكون له عواقب سريعة، وأن الانتقام الإلهي سيطيل الحكام السعوديين". من جهته ندد المرجع الديني العراقي علي السيستاني بعملية إعدام النمر الأخيرة في السعودية، واصفا إياها ب"الظلم والعدوان".