توترت العلاقات السعودية الإيرانية بشكل غير مسبوق، بعد أن أمهلت الرياض جميع الدبلوماسيين الإيرانيين 48 ساعة لمغادرة أراضيها وذلك بعد قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران في أعقاب اقتحام متظاهرين للسفارة والقنصلية السعوديتين في إيران احتجاجاً على إعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر ضمن 47 مدانا اخرين يوم السبت الماضي. ومرت العلاقات بين الرياضوطهران بمراحل توتر كثيرة حتى قبل منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران 1979 إلا أن هذه هي المرة الأولى التي يصل الأمر فيها إلى قطع العلاقات. وكثيرا ما تتبادل السعودية وإيران التصريحات العدائية والاتهامات بشأن دعم ورعاية الإرهاب. ورغم أنه كان هناك حديثا عن تقارب دبلوماسي سعودي إيراني قبل أيام، إلا أن الإعلان عن تنفيذ الإعدامات ربما يكون قد قضى على اية امال بتقارب بين المتنافسين الإقليميين. ورغم أن العلاقات السعودية العربية مع إيران الفارسية كانت متوترة إلى حد ما خلال عهد الشاه محمد رضا بهلوي، إلا أنها شهدت تحسنا بعض الشيء قبيل الثوة الإسلامية التي قادها ايه الله الخميني في 1979، وفي ذلك الوقت كانت الدولتان من الأعضاء المؤسسين لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك). وبعد الإطاحة بالشاه، الحليف الأكبر للولايات المتحدة في المنطقة، حلت السعودية محل إيران في المكانة لدى واشنطن خاصة مع احتلال السفارة الأمريكية في طهران وأزمة الرهائن الشهيرة. وتوترت العلاقات بين الرياضوإيران خاصة في ظل الدعم السعودي القوي للعلاق خلال حرب الثماني سنوات مع العراق. وغالبا مع تؤدي الحوادث والكوارث التي تحدث خلال موسم الحج توترات بين السعودية السنية وإيران الشيعية خاصة تلك التي تضم حجاج إيرانيين مثلما جرى في أحداث الشغب التي جرت في 1987، التي بدأت بمظاهرات سياسية إيرانية في السعودية، بعد ذلك اشتبك الحجاج الإيرانيين مع شرطة مكافحة الشغب السعودية قتل فيها 402 شخصا. وقالت إيران إن 600 من حجاجها قتلوا وأن الشرطة السعودية أطلقت الرصاص من رشاشات على الحشد. في ذلك الوقت هاجم الفوضويون الإيرانيون السفارات السعودية والكويتية والعراقية والفرنسية، ونهبوا السفارة السعودية والكويتية. ظلت العلاقات متوترة بين الرياضوطهران منذ الثورة الإيرانية حتى وفاة الخميني، حتى دخلت العلاقات مرحلة جديدة مع وصول الرئيس الإيراني هاشمي رفسنجاني ومن بعده الرئيس محمد خاتمي إلى السلطة في إيران، خاصة خلال فترة حكم الأخير الذي طرح فكرة حوار الحضارات والانفتاح على العالم والتطبيع مع الدول العربية. وتطورت العلاقات بين السعودية وإيران في عهد خاتمي بشكل غير مسبوق وتبادل المسؤولون الزيارات مثل الزيارة التاريخية لولي العهد السعودي الأمير عبد الله ابن عبد العزيز آل سعود إلى طهران في ديسمبر 1997، ورد خاتمي بزيارة المملكة في مايو 1999. توج ذلك الجهد، بتوقيع اتفاقية أمنية في 2001. وكانت الاتفاقية خطوة مهمة في مسار العلاقات التي انتقلت من البروتوكولات الدبلوماسية إلى شكل أكثر عمقا على المستوى الشعبي والمستوى الرسمي، خاصة مع وجود أقلية شيعية معتبرة في شرق السعودية. لكن دفء العلاقات سرعان ما تبدد في ظل قلق السعودية من البرنامج النووي الإيراني وتولي الرئيس أحمدي نجاد رئاسة إيران والذي كان يتسم بخطابه المتعصب. وظلت التوتر محصور في تصريحات وتصريحات مضادة مع فرض الأممالمتحدة عقوبات اقتصادية على إيران حدت كثيرا من حركتها، بيد أن ذلك لم ينعها من دعم حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والشيعة في البحرين. زاد هذه الدعم مع بداية النزاع السوري حيث اصطفت طهران في جانب النظام السوري فيما كانت الرياض تدعم جماعات مسلحة تسعى للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد ونظامه. كما أن السعودية تقود تحالفا عربيا يدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا ضد الحوثيين المدعومين من إيران والمتحالفين مع الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح. ومع توصل إيران القوى العالمية الكبرى بقيادة الولاياتالمتحدة إلى اتفاق تاريخي يحد من البرنامج النووي الإيراني في يوليو 2015، في مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران، زادت التوترات أكثر بين العاصمتين المتنافستين، ولم تخف السعودية مخاوفها إزاء البرنامج النووي الإيراني رغم محاولات طهران طمأنة الرياض. وترى السعودية أن رفع العقوبات سوف يساعد إيران أكثر على دعم "وكلائها" في المنطقة، في إشارة إلى حزب الله والحوثيين ويعزز من موقفها الداعم للنظام السوري. وفي سبتمبر الماضي، وقع حادث التدافع في منى الذي قتل فيه أكثر من ألف شخص. انتقدت إيران بشدة السلطات السعودية بسبب طريقة إدارتها لشؤون الحج، و"عدم توفير اجراءات السلام المناسبة" للحجاج، وحملتها مسؤولية حادث التدافع، ووصل الأمر إلى مطالبة طهران بإنشاء هيئة إسلامية من منظمة التعاون الإسلامي تشرف على الحج. بيد أن السلطات السعودية قالت في بيان إن المأساة التي حدثت "ربما تسبب فيها حجاج لم يلتزموا بالتعليمات الرسمية"، وأعلنت فتح تحقيقا في الحادث.