نواصل اليوم نشر الحلقة الثالثة من سلسة حلقات "بوابة أخبار اليوم" تعايش عامل البترول " وهى الجولة التي انفردت بها بوابة أخبار اليوم . ذكرنا في الحلقتين السابقتين صعوبات الوصول التي يواجهها العامل في حياته اليومية والمخاطر المحدقة به وسط الصحراء . وسط الصحراء القاحلة والرمال المترامية والطقس شديد التقلب وضجيج المواتير وانبعاث الأشعة الضارة .. تجد نقاط شديدة الحركة المتواصلة24 ساعة .. يصلنا إنتاجهم وخيرهم ولا يصلنا أنينهم وألمهم و تألمهم .. هنا يعيش المنقبون عن الذهب الأسود . تواصل " بوابة أخبار اليوم" معايشة هذا العامل والتعرف علية ومشاركته آلامه وأفراحه ولا زال يرافقنا في رحلتنا والتي امتدت لثلاث أيام , حسام ضاحى مدير عام الأعلام بشركة قارون نحن الآن أمام مبنى " المعمل " احد الحلقات الهامة في مسيرة البترول. بصدر رحب, وابتسامة ترسم ملامح السعادة والرضاء النفسي ,ونظرة ثاقبة, وفكر عميق ,وجسد يحتفظ بكثير من نشاطه ,وحيويته, رغم ما جار علية جو, وسنين العمل داخل معامل البترول على مدار 33 سنة افقدته حاسة الشم ,نتيجة تعرضه للغازات المصاحبة لعينات الزيت الخام , بداخله حزن عميق, أظهرته بعض الكلمات خلال بداية لقائنا به, وهنا كانت نقطة البداية... حاول الدكتور مأمون توفيق أن يسحبنا في حديثنا معه إلى الزيت الخام ,والمعمل, ودورة به, ولكننا قررنا ,أن نخوض بداخل نفس الدكتور مأمون, قبل أن نتجول بداخل معمله . بابتسامة ترسم طيبة الشعب المصري , وحبة لبلده,بدأ يسترسل توفيق شريط ذكرياته بعبارة " الأموال والفلوس مش كل شيء في هذه الحياة, هناك أشياء كثيرة , نفقدها في سبيل الحصول على وسيلة حتمية للحياة , وهى الأموال . مأمون وفى فترة شبابه ,وفى إحدى ليالي العمل ,وهو يرتمي على مقعده, منهك من يوم عمل طويل, امتد منذ السادسة صباحا .. الآن عقارب الساعة تشير إلى التاسعة مساءا ... مأمون شارد بذهنه في كثير من الأمور الحياتية, وفجأة .. يدق جرس الهاتف الخاص بالشركة .. مأمون يجيب , على الجانب الأخر, ابنته البالغة من العمر 4 سنوات .. بصوت مبحوح ودهشة وحيرة الأطفال .. " بابا ".. اخويا الصغير قطع أصبعه, وماما لما شافته أغمى عليها , وآخى ماسك أصبعه .. ومش عارفه اعمل آية .. تعالى بسرعة يا بابا" تلك الكلمات التي تلقاها مأمون على مسامعه وسط صحراء قاحلة , ومسافة ممتدة تستغرق 6 ساعات ,حتى يصل ما بين مكان تواجده ومقر الأسرة بالزقازيق . الصورة الأخرى هي "الأم" مغمى عليها من هول الصدمة, الابن الأكبر فى ترتيب أبناء مأمون في الآسرة , البالغ من العمر 10 سنوات, يحمل شقيقة , البالغ من العمر عامه الثاني ,الطفلة تحاول الاتصال بكل ما تعرفه , أنها عقلية ألهمها الله إياها في لحظات عصيبة . مأمون تحول إلى بئر من الشوق إلى أسرته وحاجتها له في هذه الظروف , مابين زوجة مغمى عليها لا يدرى ماذا حدث لها , وابن ينزف لا يعلم كيف يوقف النزيف, وطفلة في عامها الرابع, لا تعلم إلى أين ذهب أشقائها , ولا إلى أي مكان كان قبلتهم .. هنا يتدخل القدر, ويهدى الجميع إلى صوابه , وإذا بوالد الزوجة يتصل ليطمأن على أحفاده لابنته, لتشرح له حفيدته الموقف فيحضر مسرعا , وصديقة الآسرة , وهى تعمل طبيبة , وتجاور سكن الأسرة, تتلقى اتصالا من رب الأسرة بسرعة التدخل, لإنقاذ الموقف , لحين وصولة ... مأمون مرت عليه 6 ساعات قبل أن يرى أبنائه وزوجته, ويشكر كل من تدخل لإنقاذهم .. الأمر كان صعب للغاية, بهذه الكلمات نطق مأمون . شرد مأمون قليلا, قبل أن يترحم على والدته, التي فارقت الحياة , منذ بضع سنين ...عيناه تدمعان ... بنبرات الحزن ,ينطق مأمون أعلم آن الموت حق, وان كل المخلوقات نهايتها المحتومة الموت, ولكن كلما تذكرت لحظات الوالدة ,وهى ترقد على فراش الموت وتتمنى آن تراه دون جدوى .. فقد حال بعد المسافة دون ذلك .. ليصل مأمون إلى مسكنه بعد ما تكون والدته فارقت الحياة. ليس كل هذا ما يسكن في داخل مأمون ولكن الوقت غير متسع لسرد كل التفاصيل أنها حياة امتدت على مدار 33 عاما بكل أفراحها وشجونها . لحظات عم فيها الصمت بعد سماع تلك المشاعر الفياضة, ونبرات ألم بين حروف كلمات مأمون, ليكون مسلكنا الحديث رغبتنا في تغير محيط الغرفة , الذي بدأ الشجن يسدل ستارة على نوافذها .. لعل في الحديث في المعمل , ما يشرح صدورنا , وقد كان . يبدأ " مأمون" سرده لتفاصيل المعمل قائلا " : اعمل في هذا المعمل منذ أكثر من 20 عاما استطعت فيها تغير بعض طرق العمل , بمعمل شركات البترول الكبرى , وهى استخدام أجهزة رخيصة الثمن نسبيا في تحقيق نتائج أفضل, بالمقارنة بأجهزة الشركات العالمية . تجوب أعيينا أرجاء المكان نبصر العديد من الأجهزة بداخل ثلاثة معامل داخل مبنى, يتضمن كثير من المكونات الأخرى ,خصص معظمة لاحتواء الأجهزة . المعمل الأول, وهو أخر غرفة بداخل المبنى ,مخصص لمعمل , يطلق علية معمل " الزيت الخام " والمعمل المجاور له , يطلق علية معمل " فصل المياه والأملاح " ,والمعمل الثالث , يطلق عليه معمل" الأجهزة الدقيقة والحساسة " يقدم لنا "مأمون" شرحا وافيا حول الأجهزة المتواجدة, بكل معمل ,وطريقة عملها ,واستخدامها ,حيث ونحن أمام جهاز " فيم هوت "وهو الجهاز الذي يحافظ على العاملين من الغازات ,ويحتوى المعمل على جهاز لتقطير الزيت الخام أو عمل اختبار للزيت الخام , وجهاز تحديد نسبة "الراش " ويقصد بها "الرماد" في الزيت الخام, وجهاز إجراء اختبارات نسبة "الكربون "في الزيت الخام , وجهاز يستخدم في تحديد نسبة المياه في الزيت الخام, وتقوم فكرته على وضع كميات معينه من الزيت الخام والدوران بها بسرعة معينة , وبالتالي تنفصل المياه عن الزيت الخام, وجهاز "حمام مائي" التسخين لحرارة معينة ,وجهاز فصل الزيت الخام عن الأملاح, وجهاز اختبار لتحديد الضغط البخاري بطريقة " ريد " وتقوم فكرة على وضع الزيت الخام في الجهاز تحت ضغط معين . وكما يتواجد بالمعمل أيضا ثلاجة, تستخدم في اختبار درجة "الانسكاب" لتحديد المواصفة المناسبة قبل شحن زيت الخام . أما معمل الأجهزة الدقيقة يحتوى على جهاز يقيس الكثافة في الزيت الخام , وجهاز قياس تحليل المياه وكل العناصر المتواجدة في المياه مثل الكالسيوم والمغينسيوم , وجهاز قياس نسبة الأملاح الكلية الذائبة في المياه ,وجهاز لقيام نسبه الحمضية في المياه,وجهاز قياس نسبة الأكسجين في المياه. معمل الأجهزة الدقيقة وهى الأجهزة غالية الثمن وذات طبيعة عمل خاصة وتتواجد داخل مكان محكم الغلق أمام الأتربة وضوء الشمس و لا الشبابيك لا تفتح تماما. ويختتم مأمون كلامه بقولة للمعمل وظيفة هامة في قطاع البترول لقيامة بتحديد الجودة, ومدى ملائمة الزيت الخام للمواصفات القياسية المتعارف عليها , والعمل على تحسين درجات الخام ,ومعالجته ليكون ملائم لعمليات التصدير . نتواصل مع الحلقة القادمة حول دور وحدة المعالجة في أطار سلسلة "بوابة أخبار اليوم " مع المنقبون عن الذهب الأسود