يقولون إن فى الفقد اكتساب، فهل كان الاكتساب فقد ؟؟ فى اللحظة الأولى قررت ألا أكتب هذا المقال، أن أتوارى عن السطور، ألا يجرحنى سواد الأحرف، أن أذهب بحزنى إلى أى مسافة بعيدة عن القارئ، لكن أحدهم قال لى: هناك قارئ يتوجع الآن وينتظر أن يقرأه أحد فى سطورك، بعيداً عن السياسة ووجع الدماغ، وحسابات مقالات الصحف التى أصبحت تشبه بعضها البعض، وهكذا.. أكتب. أكتب مفتشاً فى روحى عن دموع خبأتها عن العالمين، لكنها خانتنى ولمعت فى عينى فتجاهلها الجميع، عن فقد الأحبة فى اللحظة التى نحتاجهم فيها، عن لوم أنفسنا على ذنب لم نقترفه لكننا نكتوى به، عن إجابة لسؤال لا نعرف كيف نسأله، عن استجابة لدعوة دعونا بها حتى ملتنا ولم تتحقق، عن بحثنا الدائم عن فرحة مصفاة لآخر قطرة سعادة لا يشوبها حزن، عن طبطبة تأتينا من الله حين لا ننتظرها، فتسكن جراحاً لا تندمل، وتذكرنا، وسط كل ما يحدث، أن ربنا.. موجود فقط. ألقى بنفسى بين يدى الله، وأبكى كل ما فات وأنا أمام الكعبة، فيأتينى الخاطر، ومتى تبكى القادم، وهل يكفى البكاء أو يجدى؟؟ أدعو لأناس لا أحبهم، وأحب أناس لا أعرفهم، وأتمنى حبيبة لا وصول لها، وأسمع صوت طفل يبكى، أعرف انه سيكون طفل شقيقتى الذى لم أكفكف دمع عينى عليه وأنا أكتب هذا المقال، ظناً منى أننى أستحضره، لكنه لن يأتى ثانية أبداً لأن هناك من يذهب ولا يجىء. أدعو الله: يار ب إن كنت قد كتبت علينا الفقد فلا تكتب علينا الافتقاد، وسبحانك يا من خلقت عيوناً إذا اعتادت الظلام رأت، وقلوباً إذا لم تأتنس بمن تحب، آنستها بحبك الذى ليس كمثله حب، ألا رزقتنا سكينة، ورضا يا رب العالمين؟؟ ألا أريتنا فى أنفسنا وفيمن نحب آية من آيات رحمتك. تجلى يا رب فى الأشياء. تجلى فى أرواحنا. تجلى فى قلوبنا. تجلى فى حوائجنا، وكن فينا حتى لا نرى سواك، ولا نعشق غيرك، فلا نتألم إلا بغيابنا عنك، ولا نمل من بحثنا عن رضاك. يا رب.. فى الروح وجع لا يروح، ولن..، ألا شفيت مرضانا من عذابهم، ورزقتنا ابتسامة نلقاك بها؟؟ يا رب.. تتكالب علينا المواجع، ويؤذينا الكره الذى يولده عبادك حولنا، ونتألم من كل شىء، فلا نشعر بأى شىء، فقط ألم من فوقه ألم من تحته ألم، ثم لا يكون إلا دعاء آخر أن تعوضنا خيراً. يا رب.. صرنا نخسر فى أنفسنا أنفسنا، ولا يتبقى من أنفسنا سوى خبثها، ولا من دموعنا سوى مرها، وحين نبحث عن حبيب أو صديق، ندرك بعد كل ذلك أنك اللهم أنت الصاحب، والحبيب. فيا أرحم الراحمين نعوذ بك من استبداد الحنين لمن لا يلين، ومن مراد ليس من مرادك، ومن كل شئ ينسينا انك أنت الله لا إله إلا أنت عليك توكلنا وأنت رب العرش العظيم.