مطار سفنكس الدولي، جاهزية كاملة لاستقبال ضيوف افتتاح المتحف المصري الكبير (فيديو)    إسرائيل تدرس 5 خيارات حال رفض حماس تسليم رفات باقي الرهائن    سفير الصين يشيد بجهود مصر في اتفاق غزة ويؤكد التزام بكين الثابت ب"حل الدولتين"    تحذير عاجل لمستخدمي Gmail بعد سرقة 183 مليون كلمة مرور    صاحب فيديو "أنا بشحت بالجيتار"، علي رؤوف يرد على أنباء تدهور صحته بعد انقلاب سيارته    سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 28-10-2025.. كم سجل طن عز الآن؟    وزيري: المتحف الكبير سيغيّر خريطة السياحة.. وارتفاع متوقع ب4 ملايين سائح    من الشمال إلى الجنوب، الأرصاد تحذر من ظاهرة جوية تضرب مصر وتقدم 7 نصائح لمواجهتها    رسميًا.. موعد امتحانات الترم الأول 2025-2026 (متى تبدأ إجازة نصف العام لجميع المراحل التعليمية؟)    بعد خسائر 130 دولارًا| ننشر أسعار الذهب في بداية تعاملات الثلاثاء 28 أكتوبر    بعد حلقة الحاجة نبيلة.. الملحن محمد يحيى لعمرو أديب: هو أنا ضباب! أطالب بحقي الأدبي    رسميًا.. موعد افتتاح المتحف المصري الكبير وأسعار التذاكر لجميع الفئات    مستشار وزير الثقافة: مصر تسجّل 10 عناصر تراثية في اليونسكو بينها السيرة الهلالية والأراجوز    القنوات الناقلة لمباراة النصر ضد الاتحاد في كأس خادم الحرمين الشريفين.. والموعد    هبوط الأخضر عالميًا.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الثلاثاء 28-10-2025    بعد تسجيله أكبر قوة.. إعصار «ميليسا» يتحول إلى «كارثة محتملة» تهدد جامايكا (تفاصيل)    تحرك طارئ من وزير الشباب والرياضة بعد تصريحات حلمي طولان (تفاصيل)    ترامب يتوقع زيارة الصين العام المقبل ويرجح استقبال «شي» في أمريكا    محمد رمضان يروج لأغنيته الجديدة ولا ليلة مع imanbek قبل طرحها الأربعاء    جامعة المنيا تستعرض إنجازات تطوير الطاقة الفندقية لدعم السياحة وجذب الطلاب الوافدين    بعد الهزة الأرضية بمطروح، خبير يكشف تأثير زلزال تركيا القوي في مصر    استقبال رسمي مهيب، لحظة وصول شيخ الأزهر إلى قصر الرئاسة الإيطالي في روما (فيديو)    موسكو تفند اتهام واشنطن لها بنيتها البدء بسباق تسلح نووي    الزناتي يشارك في احتفالية اليوبيل الماسي للهيئة القبطية الإنجيلية    «لاماسيا مغربية» تُبهر العالم.. وإشراقة تضيء إفريقيا والعرب    رئيس محكمة النقض يزور الأكاديمية الوطنية للتدريب    في طريقه إلى «الطب الشرعي».. وصول جثة أسير جديد ل إسرائيل (تفاصيل)    #عبدالله_محمد_مرسي يتفاعل بذكرى مولده .. وحسابات تستحضر غموض وفاته ..فتش عن السيسي    «زي النهارده».. وفاة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين 28 أكتوبر 1973    تصل إلى الحرائق.. 6 أخطاء شائعة في استخدام الميكرويف تؤدي إلى كوارث    دراسة| تأخير الساعة يرفع معدلات الاكتئاب بنسبة 11%    إصابة واحدة من كل خمس، دراسة تكشف علاقة التهاب المسالك البولية بنظافة المطبخ    رياضة ½ الليل| الخطيب يعترف بالعجز.. موقف انسحاب الزمالك.. ثقة تخوف بيبو.. وصدمة قوية للملكي    شبانة عن أزمة دونجا: كل يوم مشكلة جديدة في الكرة المصرية    الداخلية تكشف حقيقة ادعاء محاولة اختطاف فتاة في أكتوبر    درس في المرونة وتقبل التغيرات.. حظ برج الدلو اليوم 28 أكتوبر    مفاجأة.. الزمالك يفكر في إقالة فيريرا قبل السوبر وتعيين هذا المدرب    عضو المجلس الأعلى للشباب والرياضة الفلسطيني يطمئن على الدباغ وكايد    «الداخلية» توضح حقيقة زعم أحد المرشحين بالأقصر تعنت مركز شرطة القرنة في الإفراج عن نجله    أمن القليوبية يكثف جهوده لضبط المتهم بسرقة مشغولات ذهبية من عيادة طبيب أسنان    زلزال بقوة 6.1 يضرب غرب تركيا ويشعر به سكان إسطنبول    «Gates»: انضمام «عز العرب» إلى عملائنا بمقر رئيسى في «Space Commercial Complex»    أبوريدة يحسم الملفات الحائرة بالجبلاية.. المفاضلة بين ميكالي وغريب لقيادة المنتخب الأولمبي    محافظ قنا يشهد تخريج مدارس المزارعين الحقلية ضمن مشروع تحديث الري    وزير الاتصالات يختتم زيارته لفيتنام بلقاءات استراتيجية| تفاصيل    ذاكرة الكتب| تدمير «إيلات».. يوم أغرق المصريون الكبرياء الإسرائيلى فى مياه بورسعيد    «العمل» تُحرر 338 محضرًا ضد منشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    زاهي حواس: كنت أقرب صديق ل عمر الشريف وأصيب بألزهايمر فى أخر أيامه ولم يعرفنى    من حقك تعرف.. ما هى إجراءات حصول المُطلقة على «نفقة أولادها»؟    تأييد المشدد 7 سنوات لمتهم بتزوير عقد سيارة وبيعها    عودة الحركة المرورية على طريق بنها شبرا الحر بعد حادث التصادم    بعد مأساة الطفل عمر.. كيف تكشف لدغة ذبابة الرمل السوداء التي تُخفي موتًا بطيئًا تحت الجلد؟    انتبه إذا أصبحت «عصبيًا» أو «هادئًا».. 10 أسئلة إذا أجبت عنها ستعرف احتمالية إصابتك ب الزهايمر    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    هل يضاعف حساب الذنوب حال ارتكاب معاصي بعد العمرة أو الحج؟.. فيديو    حكم طلاق المكره والسكران في الإسلام.. الشيخ خالد الجندي يحسم الجدل ويوضح رأي الفقهاء    اعرف وقت الأذان.. مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 فى المنيا    مفتي الجمهورية: الجماعات المتطرفة توظف العاطفة الدينية للشباب لأغراضها الخاصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ياسر رزق يكتب: هذا الرجل .. مشكلة!
ذكريات من وحي اليوم رقم "365"

لا يبدو الرئيس راضياً قرير العين لما تحقق فى عام، هو الأول من سنوات ولايته الأولى.
سمعته يقول أمس: «نريد أن ننجز فى 4 سنوات، ما يستغرق فى الأحوال العادية 40 عاما».
يقسو الرئيس على نفسه ويعتب على غيره، رغم أنه لو خلع نظارته السوداء التى عاد لارتدائها فى الأشهر الماضية لرأى أمامه وحوله مايسر ويبشر ويبعث على الارتياح.
أعطى السيسى بالأمس إشارة افتتاح 39 مشروعا فى مجالات الطرق والكبارى والموانى ومياه الشرب والصناعة والصحة والزراعة، أنجزتها القوات المسلحة ووزارة النقل وتكلفت قرابة 6 مليارات جنيه، لم أشعر أنه مبتهج، رغم أن بعض أسلافه كانوا يقيمون أعراساً عند افتتاح كوبرى أو مبنى فى مناسبات قومية.
وحين قال له اللواء عماد الألفي، رئيس الهيئة الهندسية، إن رجاله أنجزوا 1406 مشروعات حتى الآن، وأنهم بصدد استكمال 794 مشروعاً آخراً، منها 3 مشروعات إستراتيجية هي قناة السويس الجديدة، والمشروع القومى للطرق بطول 3200 كيلو متر، ومشروع استصلاح المليون فدان، رد عليه الرئيس قائلا: «كان يجب أن ننتهي فى هذا العام من 4 آلاف مشروع، فنحن قد تأخرنا 50 عاما وتوقفنا عن التقدم».
هذا الرجل.. مشكلة!
آماله بلاحدود وطموحه جارف.
عدَّاء هو يريد أن يسبق الزمن، ويطلب ممن حوله أن يجاروه فى السباق، ويتمنى لو سبقوه! سمعته يذكِّر معاونيه وعلى رأسهم المهندس ابراهيم محلب، ورفاق السلاح فى القوات المسلحة وعلى رأسهم الفريق أول صدقى صبحى القائد العام بوعودهم له إذا هو قرر خوض انتخابات رئاسة الجمهورية.
قال لمحلب: لقد قلت لى اتخذ قرارك، وسوف تجدنى «بولدوزر» أمامك أُعبِّر لك الطريق.
وقال لصدقى: «لقد قلتم لى فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة اتخذ قرارك بما يمليه عليك ضميرك الوطنى، وستجدنا بجوارك نتصدى ونجابه التحدى كى نبنى بلدنا».
للإنصاف.. كان محلب ومعه بعض رجاله عند وعدهم. محلب بالذات «بولدوزر» فى العمل بإخلاص وتفان ووطنية.
وللحق.. كانت القوات المسلحة سنداً للشعب وعوناً للقائد الأعلى فى معركتى التنمية وصون أمن البلاد.
لا يبخس السيسى الناس أشياءهم.. يشكرهم على عطائهم، ثم يقول : إن هذه معدلات طبيعية، غير أنها من منظوره ليست على قدر طموحاته لمصر وشعبها، وبالأخص البسطاء منهم.
كنت أتابع السيسى وهو يستمع إلى كشف حساب محلب الذى حمله بيمينه، وأيضا وهو يسأل بل يسائل وزراء منجزين كالدكتور محمد شاكر والمهندس هانى ضاحى والمهندس خالد عبدالعزيز والدكتور أشرف العربى والدكتور مصطفى مدبولى والدكتور خالد حنفى عن تفاصيل التفاصيل فى مهام عملهم، وكذلك وهو يطلب من رجل الإنجاز الصامت اللواء محمد أمين ودينامو التنمية اللواء كامل الوزير الانتهاء مما يستغرق سنوات فى بضع شهور.
ثم يقول لهم: «أعلم أننا لاننام من أجل البلد، لكن هناك من يموتون فى سبيله».
تذكرت حينئذ ما سمعت من رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، وهو يقول فى حضور السيسى فى زيارته الأخيرة لبودابست: «ماذا لو لم يتولَّ هذا الرجل الشجاع مسئولية الحكم فى بلاده؟!»
وتداعى إلى ذهنى شريط طويل من ذكريات لا تمحى صورها ولا أصواتها!
تذكرت أول لقاء لى مع السيسى بعد ثورة يناير، يومها كان مديراً للمخابرات الحربية، ووجدته على معرفة تفصيلية بأدق الأمور فى مشكلات مصر الاقتصادية والاجتماعية فضلا عن الأمنية.. وأخذ يسرد لى بالأرقام ما تحتاجه مصر لتنهض فى الصحة والتعليم والخدمات والمرافق، وكان الإجمالى 3 تريليونات جنيه. ولم يختلف هذا الرقم عما سمعته منه بعد أن أصبح رئيساً.
تذكرت أول لقاء لى معه بعد ثورة 30 يونيو، وأعطانى يومها صيغة بيان كتبه بخط يده، وكان يعتزم إذاعته بعدها بساعتين، يعلن فيه أن منتهى طموحه فى مشواره المهنى قد حققه بأن أصبح قائداً لجيش مصر العظيم، وأنه لا يرغب فى الترشح لرئاسة الجمهورية. وفور أن قرأت البيان، رجوته أن يطويه، أو على الأقل يؤجله بضعة أيام لإعادة التفكير، وغادرت مكتبه وأنا أتصل بأقرب المقربين إليه ممن هم موضع ثقته واحترامه لإثنائه عما يعتزم، فقد كنت ومازلت كغيرى من الملايين، نعرف أنه الرجل الذى ساقته إلينا الأقدار.
تذكرت أيضا ما سمعته من أحد أخلص رفاق السلاح، عن الضغوط التى مُورست عليه ممن يحمل لهم كل تقدير، بجانب الضغوط الجماهيرية لكى يخوض انتخابات الرئاسة، وكيف كادت الدموع تطفر من عينيه وهو يتخذ القرار.
لم يكن السيسى متعالياً على إرادة الشعب، ولا كان هياباً للمنصب، لكنه كان يستشعر عظم المسئولية وهول التحديات وعلو الطموحات، وقدر آمال الشعب الذى لم يجد من يرفق به أو يحنو عليه، كما جاء على لسانه هو بعد ثورة 30 يونيو.
تذكرت أول حوار أجريته مع السيسى وكان الأول له فى الصحافة والإعلام المصرى، حين دمعت عيناه وهو يتحدث عن معاناة الإنسان المصرى البسيط الذى يعانى شظف العيش ويشكو العوز.
وعدت من خواطرى، وأنا أسمعه أمس يخاطب المسئولين ويقول لهم إن كل يوم نختصره فى إنجاز مشروع، هو اختصار من أيام «المرار» التى يذوقها المواطنون، وبالأخص البسطاء. ثم يقول: ليس أمامنا إلا أن نعمل وننحت فى الصخر و»نهابر» لكى يعيش البسطاء فى خير وسلام.
لحظتها التفت السيسى إلى د. محمد شاكر وزير الكهرباء وقال له: «ماحدش يقرب من شرائح الكهرباء الثلاث الأولي».. وكان الرئيس يقصد عدم زيادة أسعار الكهرباء للمستهلكين من هذه الشرائح، وهم أبناء الطبقات الفقيرة، ودون المتوسطة والوسطى. وطلب الرئيس من الوزير تحميل الفرق إلى المستهلكين أصحاب الشرائح العليا وهم القادرون.
ولم أفاجأ بمطلب الرئيس، ففى العام الماضى.. امتلك شجاعة أن يطلب خفض الدعم على الكهرباء والوقود، لزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم من جانب، وخفض عجز الموازنة من جانب آخر، حتى لا يُحمِّل الأجيال القادمة مزيداً من الديون.
عين السيسى على الأجيال القادمة، لذا وجدناه يطلب من المهندس هانى ضاحى أمس، أن تكون مشروعات مترو الأنفاق الجديدة مدروسة اقتصادياً وتمويلياً، بحيث لا نقترض لتنفيذها، وتتحمل الأجيال المقبلة فاتورة القروض.
لم أفاجأ بمطلب الرئيس من وزير الكهرباء.. فهو يمتلك شجاعة أن يُرجِّح العامل الاجتماعى فى سياساته على العامل الاقتصادى، لكى يحمى أبناء الطبقات المطحونة من رحى رفع أسعار، فى ظل غلاء يسعى هو بكل السبل لحصاره ومكافحته.
ولن أفاجأ من اليوم وحتى 30 يونيو المقبل، إذا اتخذ الرئيس مبادرات أخرى تجاه شباب جانح، لكن معدنه وطنى سليم، وتجاه بسطاء يحبهم ويحبونه ويعتبرونه الملاذ والمنقذ.
ولن أفاجأ فى يوم السادس من أغسطس، إذا وجدت السيسى يفتتح مع القناة الجديدة، مشروعات كبرى يظن البعض الآن أنها لن تنتهى قبل عام، ويدشن مشروعات جديدة، لم يجرؤ غيره على أن يحلم بها.
فقط.. أتمنى أن يخيب ظنى وتخطئ توقعاتى، من أولئك الذى يحجمون عن المساهمة فى صندوق «تحيا مصر»، فيراجعون أنفسهم ويبادرون -طوعا- بالتبرع لهذا الصندوق المخصص لرعاية المهمشين وتطوير القرى الأكثر فقراً وفتح أبواب الرزق للشباب المصرى، ولا يكتفون بالمطالبة بخفض ضريبة وإلغاء أخرى، وينسون كيف كان حالهم فى عهد الإخوان حين كانوا يدفعون «الإتاوة» وهم صاغرون، وإلى أين كانت ستؤل مصائرهم لو بقى نظام المرشد.
لا يبدو الرئيس راضياً قرير العين لما تحقق فى عام، هو الأول من سنوات ولايته الأولى.
سمعته يقول أمس: «نريد أن ننجز فى 4 سنوات، ما يستغرق فى الأحوال العادية 40 عاما».
يقسو الرئيس على نفسه ويعتب على غيره، رغم أنه لو خلع نظارته السوداء التى عاد لارتدائها فى الأشهر الماضية لرأى أمامه وحوله مايسر ويبشر ويبعث على الارتياح.
أعطى السيسى بالأمس إشارة افتتاح 39 مشروعا فى مجالات الطرق والكبارى والموانى ومياه الشرب والصناعة والصحة والزراعة، أنجزتها القوات المسلحة ووزارة النقل وتكلفت قرابة 6 مليارات جنيه، لم أشعر أنه مبتهج، رغم أن بعض أسلافه كانوا يقيمون أعراساً عند افتتاح كوبرى أو مبنى فى مناسبات قومية.
وحين قال له اللواء عماد الألفي، رئيس الهيئة الهندسية، إن رجاله أنجزوا 1406 مشروعات حتى الآن، وأنهم بصدد استكمال 794 مشروعاً آخراً، منها 3 مشروعات إستراتيجية هي قناة السويس الجديدة، والمشروع القومى للطرق بطول 3200 كيلو متر، ومشروع استصلاح المليون فدان، رد عليه الرئيس قائلا: «كان يجب أن ننتهي فى هذا العام من 4 آلاف مشروع، فنحن قد تأخرنا 50 عاما وتوقفنا عن التقدم».
هذا الرجل.. مشكلة!
آماله بلاحدود وطموحه جارف.
عدَّاء هو يريد أن يسبق الزمن، ويطلب ممن حوله أن يجاروه فى السباق، ويتمنى لو سبقوه! سمعته يذكِّر معاونيه وعلى رأسهم المهندس ابراهيم محلب، ورفاق السلاح فى القوات المسلحة وعلى رأسهم الفريق أول صدقى صبحى القائد العام بوعودهم له إذا هو قرر خوض انتخابات رئاسة الجمهورية.
قال لمحلب: لقد قلت لى اتخذ قرارك، وسوف تجدنى «بولدوزر» أمامك أُعبِّر لك الطريق.
وقال لصدقى: «لقد قلتم لى فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة اتخذ قرارك بما يمليه عليك ضميرك الوطنى، وستجدنا بجوارك نتصدى ونجابه التحدى كى نبنى بلدنا».
للإنصاف.. كان محلب ومعه بعض رجاله عند وعدهم. محلب بالذات «بولدوزر» فى العمل بإخلاص وتفان ووطنية.
وللحق.. كانت القوات المسلحة سنداً للشعب وعوناً للقائد الأعلى فى معركتى التنمية وصون أمن البلاد.
لا يبخس السيسى الناس أشياءهم.. يشكرهم على عطائهم، ثم يقول : إن هذه معدلات طبيعية، غير أنها من منظوره ليست على قدر طموحاته لمصر وشعبها، وبالأخص البسطاء منهم.
كنت أتابع السيسى وهو يستمع إلى كشف حساب محلب الذى حمله بيمينه، وأيضا وهو يسأل بل يسائل وزراء منجزين كالدكتور محمد شاكر والمهندس هانى ضاحى والمهندس خالد عبدالعزيز والدكتور أشرف العربى والدكتور مصطفى مدبولى والدكتور خالد حنفى عن تفاصيل التفاصيل فى مهام عملهم، وكذلك وهو يطلب من رجل الإنجاز الصامت اللواء محمد أمين ودينامو التنمية اللواء كامل الوزير الانتهاء مما يستغرق سنوات فى بضع شهور.
ثم يقول لهم: «أعلم أننا لاننام من أجل البلد، لكن هناك من يموتون فى سبيله».
تذكرت حينئذ ما سمعت من رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، وهو يقول فى حضور السيسى فى زيارته الأخيرة لبودابست: «ماذا لو لم يتولَّ هذا الرجل الشجاع مسئولية الحكم فى بلاده؟!»
وتداعى إلى ذهنى شريط طويل من ذكريات لا تمحى صورها ولا أصواتها!
تذكرت أول لقاء لى مع السيسى بعد ثورة يناير، يومها كان مديراً للمخابرات الحربية، ووجدته على معرفة تفصيلية بأدق الأمور فى مشكلات مصر الاقتصادية والاجتماعية فضلا عن الأمنية.. وأخذ يسرد لى بالأرقام ما تحتاجه مصر لتنهض فى الصحة والتعليم والخدمات والمرافق، وكان الإجمالى 3 تريليونات جنيه. ولم يختلف هذا الرقم عما سمعته منه بعد أن أصبح رئيساً.
تذكرت أول لقاء لى معه بعد ثورة 30 يونيو، وأعطانى يومها صيغة بيان كتبه بخط يده، وكان يعتزم إذاعته بعدها بساعتين، يعلن فيه أن منتهى طموحه فى مشواره المهنى قد حققه بأن أصبح قائداً لجيش مصر العظيم، وأنه لا يرغب فى الترشح لرئاسة الجمهورية. وفور أن قرأت البيان، رجوته أن يطويه، أو على الأقل يؤجله بضعة أيام لإعادة التفكير، وغادرت مكتبه وأنا أتصل بأقرب المقربين إليه ممن هم موضع ثقته واحترامه لإثنائه عما يعتزم، فقد كنت ومازلت كغيرى من الملايين، نعرف أنه الرجل الذى ساقته إلينا الأقدار.
تذكرت أيضا ما سمعته من أحد أخلص رفاق السلاح، عن الضغوط التى مُورست عليه ممن يحمل لهم كل تقدير، بجانب الضغوط الجماهيرية لكى يخوض انتخابات الرئاسة، وكيف كادت الدموع تطفر من عينيه وهو يتخذ القرار.
لم يكن السيسى متعالياً على إرادة الشعب، ولا كان هياباً للمنصب، لكنه كان يستشعر عظم المسئولية وهول التحديات وعلو الطموحات، وقدر آمال الشعب الذى لم يجد من يرفق به أو يحنو عليه، كما جاء على لسانه هو بعد ثورة 30 يونيو.
تذكرت أول حوار أجريته مع السيسى وكان الأول له فى الصحافة والإعلام المصرى، حين دمعت عيناه وهو يتحدث عن معاناة الإنسان المصرى البسيط الذى يعانى شظف العيش ويشكو العوز.
وعدت من خواطرى، وأنا أسمعه أمس يخاطب المسئولين ويقول لهم إن كل يوم نختصره فى إنجاز مشروع، هو اختصار من أيام «المرار» التى يذوقها المواطنون، وبالأخص البسطاء. ثم يقول: ليس أمامنا إلا أن نعمل وننحت فى الصخر و»نهابر» لكى يعيش البسطاء فى خير وسلام.
لحظتها التفت السيسى إلى د. محمد شاكر وزير الكهرباء وقال له: «ماحدش يقرب من شرائح الكهرباء الثلاث الأولي».. وكان الرئيس يقصد عدم زيادة أسعار الكهرباء للمستهلكين من هذه الشرائح، وهم أبناء الطبقات الفقيرة، ودون المتوسطة والوسطى. وطلب الرئيس من الوزير تحميل الفرق إلى المستهلكين أصحاب الشرائح العليا وهم القادرون.
ولم أفاجأ بمطلب الرئيس، ففى العام الماضى.. امتلك شجاعة أن يطلب خفض الدعم على الكهرباء والوقود، لزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم من جانب، وخفض عجز الموازنة من جانب آخر، حتى لا يُحمِّل الأجيال القادمة مزيداً من الديون.
عين السيسى على الأجيال القادمة، لذا وجدناه يطلب من المهندس هانى ضاحى أمس، أن تكون مشروعات مترو الأنفاق الجديدة مدروسة اقتصادياً وتمويلياً، بحيث لا نقترض لتنفيذها، وتتحمل الأجيال المقبلة فاتورة القروض.
لم أفاجأ بمطلب الرئيس من وزير الكهرباء.. فهو يمتلك شجاعة أن يُرجِّح العامل الاجتماعى فى سياساته على العامل الاقتصادى، لكى يحمى أبناء الطبقات المطحونة من رحى رفع أسعار، فى ظل غلاء يسعى هو بكل السبل لحصاره ومكافحته.
ولن أفاجأ من اليوم وحتى 30 يونيو المقبل، إذا اتخذ الرئيس مبادرات أخرى تجاه شباب جانح، لكن معدنه وطنى سليم، وتجاه بسطاء يحبهم ويحبونه ويعتبرونه الملاذ والمنقذ.
ولن أفاجأ فى يوم السادس من أغسطس، إذا وجدت السيسى يفتتح مع القناة الجديدة، مشروعات كبرى يظن البعض الآن أنها لن تنتهى قبل عام، ويدشن مشروعات جديدة، لم يجرؤ غيره على أن يحلم بها.
فقط.. أتمنى أن يخيب ظنى وتخطئ توقعاتى، من أولئك الذى يحجمون عن المساهمة فى صندوق «تحيا مصر»، فيراجعون أنفسهم ويبادرون -طوعا- بالتبرع لهذا الصندوق المخصص لرعاية المهمشين وتطوير القرى الأكثر فقراً وفتح أبواب الرزق للشباب المصرى، ولا يكتفون بالمطالبة بخفض ضريبة وإلغاء أخرى، وينسون كيف كان حالهم فى عهد الإخوان حين كانوا يدفعون «الإتاوة» وهم صاغرون، وإلى أين كانت ستؤل مصائرهم لو بقى نظام المرشد.
***
منذ 4 سنوات.. قلت للسيسي: ما الذى ينقص مصر؟!.. فقال: ينقصنا وجود قيادة فكرية ملهمة.
.. وها قد وجدناها.
وبالأمس سمعته يقول: ليست معى عصا سحرية.
وأقول: الشعب معك وهو عصاك السحرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.