انتظام أعمال امتحانات الفصل الدراسي الأول بجامعة قنا    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي للمشروعات التنموية والاستثمارية في الإسكندرية    الدنمارك تستدعي السفير الأمريكي على خلفية تعيين مبعوث لجرينلاند    المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: الاحتلال ارتكب 875 خرقا لاتفاق وقف إطلاق النار    أيتن عامر تعتذر عن «ظروف خاصة» وتشارك في رمضان 2026 ب«كلهم بيحبوا مودي»    باحث بالأزهر يوضح فضل شهر رجب (فيديو)    مارك فيش: مصر من المرشحين دائمًا للتتويج بلقب أمم أفريقيا    الداخلية تضبط 3 عناصر إجرامية بتهمة غسل أموال بقيمة 350 مليون جنيه    الاثنين 22 ديسمبر 2025.. البورصة تعاود الهبوط    وزير الثقافة يلتقي الفنان أمير صلاح الدين لبحث إطلاق مهرجان «المسرح والموسيقى للجميع»    إيران: برنامجنا الصاروخي دفاعي ولا مجال للتفاوض عليه    كأس أمم أفريقيا 2025.. تعرف على تشكيل زامبيا لمواجهة مالى    تصنيف فيفا - منتخب مصر يتراجع للمركز 35.. ولا تغييرات في القمة    فرحة وحيدة لمنتخب مصر في الاستضافة العربية لأمم أفريقيا    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    الإدارية العليا تحجز 48 طعنا على نتيجة 30 دائرة ملغاة بانتخابات النواب لجلسة 24 ديسمبر    مدير تعليم الجيزة يواصل سياسة العمل الميداني بزيارة مفاجئة لإدارتي «العياط والصف»    أبو بكر رئيسا لمجلس إدارة غرفة البترول والتعدين.. ضاحي وزاهر وكيلين    رئيس جامعة القاهرة يجري سلسلة لقاءات رفيعة المستوى بالصين لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي    عضو بالشيوخ: تحركات الرئيس السيسي الخارجية تُدار بعقل الدولة وتحفظ توازنات الأمن القومي    مدرب تونس: حسام حسن تحت ضغط كبير.. ونسعى لمصالحة الجماهير بعد إخفاق كأس العرب    إطلاق حملة "ستر ودفا وإطعام" بالشرقية    الانتقام المجنون.. حكاية جريمة حضرها الشيطان في شقة «أبو يوسف»    السيطرة على حريق بسوق عرفان فى محرم بك بالإسكندرية دون إصابات.. صور    حداد ودموع في طابور الصباح.. مدرسة بمعصرة صاوي تنعى تلميذين لقيا مصرعهما في حادث الطريق الإقليمي    وزارة شئون القدس تطالب بتدخل دولي عاجل لوقف هدم منازل المقدسيين    مدرب تونس: حسام حسن يواجه ضغطا.. وأتمنى مصالحة الجماهير فى أمم أفريقيا    الخطيب يبحث مع وزير التجارة الكوري تعزيز العلاقات الاستثمارية    ريهام عبدالغفور: ترددت في قبول دوري بفيلم "خريطة رأس السنة"    شهد أمين : جوائز قرطاج ل "هجرة" هي إنجاز جديد للسينما السعودية    مصدر من الأهلي يكشف ل في الجول تطورات ملف المحترفين والراحلين.. وموقف توروب    هل طلب بيراميدز ضم ناصر ماهر من الزمالك ..مصدر يوضح    حكم المسح على الشراب الخفيف أثناء الوضوء.. دار الإفتاء توضح    مدبولي: الرئيس السيسي وجه بسرعة تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل في جميع المحافظات    مدبولي: توجيهات من الرئيس بإسراع الخطى في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    محافظ المنوفية يتفقد مركز خدمة عملاء مركز معلومات شبكات المرافق بقويسنا.. صور    رئيس جامعة سوهاج يلتقي الفريق الطبي المُنقذ للطفل «يوسف» ويشيد بجهودهم    غرف دردشة الألعاب الإلكترونية.. بين التفاعل الرقمي وحماية الأطفال    تأجيل اعادة إجراءات محاكمة متهم بخلية اللجان النوعية بالمرج    جامعة قناة السويس تكرّم قياداتها الإدارية بمناسبة التجديد    الأزهر يشارك في احتفالية اليوم العالمي للغة العربية بجناح وورش للخط العربي وجولة لطلابه بمتحف الحضارة    كنز بطلمي يخرج من باطن الأرض محافظ بني سويف يتفقد أسرار معبد بطليموس الثاني بجبل النور بعد أكثر من عقد على اكتشافه    المصري يواجه دكرنس اليوم في بطولة كأس مصر    اتحاد المهن الطبية: 30 ديسمبر آخر موعد للاشتراك في مشروع العلاج    بعد قليل.. أمين «البحوث الإسلامية» يشهد مراسم صلح في خصومة ثأريَّة بالأقصر    ننشر مواعيد امتحانات الفصل الدراسى الأول بمحافظة القاهرة    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    معلومات الوزراء: ارتفاع الاستثمارات المخصصة للتنمية البشرية ل28% 2025/ 2026    الداخلية تفتتح قسمًا جديدًا للجوازات داخل مول بالإسكندرية    روائح رمضان تقترب    جيفرى إبستين.. العدل الأمريكية تدافع عن النشر الجزئى وعودة صورة ترامب المحذوفة    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظتي الجيزة القاهرة    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    وزير قطاع الأعمال: نحرص على تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي    نائب وزير الصحة والسكان يعقد اجتماعاً مع وفد رفيع المستوى من دولة ليبيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    أسعار السمك اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    ويتكوف: روسيا لا تزال ملتزمة تماما بتحقيق السلام فى أوكرانيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ياسر رزق يكتب: هذا الرجل .. مشكلة!
ذكريات من وحي اليوم رقم "365"

لا يبدو الرئيس راضياً قرير العين لما تحقق فى عام، هو الأول من سنوات ولايته الأولى.
سمعته يقول أمس: «نريد أن ننجز فى 4 سنوات، ما يستغرق فى الأحوال العادية 40 عاما».
يقسو الرئيس على نفسه ويعتب على غيره، رغم أنه لو خلع نظارته السوداء التى عاد لارتدائها فى الأشهر الماضية لرأى أمامه وحوله مايسر ويبشر ويبعث على الارتياح.
أعطى السيسى بالأمس إشارة افتتاح 39 مشروعا فى مجالات الطرق والكبارى والموانى ومياه الشرب والصناعة والصحة والزراعة، أنجزتها القوات المسلحة ووزارة النقل وتكلفت قرابة 6 مليارات جنيه، لم أشعر أنه مبتهج، رغم أن بعض أسلافه كانوا يقيمون أعراساً عند افتتاح كوبرى أو مبنى فى مناسبات قومية.
وحين قال له اللواء عماد الألفي، رئيس الهيئة الهندسية، إن رجاله أنجزوا 1406 مشروعات حتى الآن، وأنهم بصدد استكمال 794 مشروعاً آخراً، منها 3 مشروعات إستراتيجية هي قناة السويس الجديدة، والمشروع القومى للطرق بطول 3200 كيلو متر، ومشروع استصلاح المليون فدان، رد عليه الرئيس قائلا: «كان يجب أن ننتهي فى هذا العام من 4 آلاف مشروع، فنحن قد تأخرنا 50 عاما وتوقفنا عن التقدم».
هذا الرجل.. مشكلة!
آماله بلاحدود وطموحه جارف.
عدَّاء هو يريد أن يسبق الزمن، ويطلب ممن حوله أن يجاروه فى السباق، ويتمنى لو سبقوه! سمعته يذكِّر معاونيه وعلى رأسهم المهندس ابراهيم محلب، ورفاق السلاح فى القوات المسلحة وعلى رأسهم الفريق أول صدقى صبحى القائد العام بوعودهم له إذا هو قرر خوض انتخابات رئاسة الجمهورية.
قال لمحلب: لقد قلت لى اتخذ قرارك، وسوف تجدنى «بولدوزر» أمامك أُعبِّر لك الطريق.
وقال لصدقى: «لقد قلتم لى فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة اتخذ قرارك بما يمليه عليك ضميرك الوطنى، وستجدنا بجوارك نتصدى ونجابه التحدى كى نبنى بلدنا».
للإنصاف.. كان محلب ومعه بعض رجاله عند وعدهم. محلب بالذات «بولدوزر» فى العمل بإخلاص وتفان ووطنية.
وللحق.. كانت القوات المسلحة سنداً للشعب وعوناً للقائد الأعلى فى معركتى التنمية وصون أمن البلاد.
لا يبخس السيسى الناس أشياءهم.. يشكرهم على عطائهم، ثم يقول : إن هذه معدلات طبيعية، غير أنها من منظوره ليست على قدر طموحاته لمصر وشعبها، وبالأخص البسطاء منهم.
كنت أتابع السيسى وهو يستمع إلى كشف حساب محلب الذى حمله بيمينه، وأيضا وهو يسأل بل يسائل وزراء منجزين كالدكتور محمد شاكر والمهندس هانى ضاحى والمهندس خالد عبدالعزيز والدكتور أشرف العربى والدكتور مصطفى مدبولى والدكتور خالد حنفى عن تفاصيل التفاصيل فى مهام عملهم، وكذلك وهو يطلب من رجل الإنجاز الصامت اللواء محمد أمين ودينامو التنمية اللواء كامل الوزير الانتهاء مما يستغرق سنوات فى بضع شهور.
ثم يقول لهم: «أعلم أننا لاننام من أجل البلد، لكن هناك من يموتون فى سبيله».
تذكرت حينئذ ما سمعت من رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، وهو يقول فى حضور السيسى فى زيارته الأخيرة لبودابست: «ماذا لو لم يتولَّ هذا الرجل الشجاع مسئولية الحكم فى بلاده؟!»
وتداعى إلى ذهنى شريط طويل من ذكريات لا تمحى صورها ولا أصواتها!
تذكرت أول لقاء لى مع السيسى بعد ثورة يناير، يومها كان مديراً للمخابرات الحربية، ووجدته على معرفة تفصيلية بأدق الأمور فى مشكلات مصر الاقتصادية والاجتماعية فضلا عن الأمنية.. وأخذ يسرد لى بالأرقام ما تحتاجه مصر لتنهض فى الصحة والتعليم والخدمات والمرافق، وكان الإجمالى 3 تريليونات جنيه. ولم يختلف هذا الرقم عما سمعته منه بعد أن أصبح رئيساً.
تذكرت أول لقاء لى معه بعد ثورة 30 يونيو، وأعطانى يومها صيغة بيان كتبه بخط يده، وكان يعتزم إذاعته بعدها بساعتين، يعلن فيه أن منتهى طموحه فى مشواره المهنى قد حققه بأن أصبح قائداً لجيش مصر العظيم، وأنه لا يرغب فى الترشح لرئاسة الجمهورية. وفور أن قرأت البيان، رجوته أن يطويه، أو على الأقل يؤجله بضعة أيام لإعادة التفكير، وغادرت مكتبه وأنا أتصل بأقرب المقربين إليه ممن هم موضع ثقته واحترامه لإثنائه عما يعتزم، فقد كنت ومازلت كغيرى من الملايين، نعرف أنه الرجل الذى ساقته إلينا الأقدار.
تذكرت أيضا ما سمعته من أحد أخلص رفاق السلاح، عن الضغوط التى مُورست عليه ممن يحمل لهم كل تقدير، بجانب الضغوط الجماهيرية لكى يخوض انتخابات الرئاسة، وكيف كادت الدموع تطفر من عينيه وهو يتخذ القرار.
لم يكن السيسى متعالياً على إرادة الشعب، ولا كان هياباً للمنصب، لكنه كان يستشعر عظم المسئولية وهول التحديات وعلو الطموحات، وقدر آمال الشعب الذى لم يجد من يرفق به أو يحنو عليه، كما جاء على لسانه هو بعد ثورة 30 يونيو.
تذكرت أول حوار أجريته مع السيسى وكان الأول له فى الصحافة والإعلام المصرى، حين دمعت عيناه وهو يتحدث عن معاناة الإنسان المصرى البسيط الذى يعانى شظف العيش ويشكو العوز.
وعدت من خواطرى، وأنا أسمعه أمس يخاطب المسئولين ويقول لهم إن كل يوم نختصره فى إنجاز مشروع، هو اختصار من أيام «المرار» التى يذوقها المواطنون، وبالأخص البسطاء. ثم يقول: ليس أمامنا إلا أن نعمل وننحت فى الصخر و»نهابر» لكى يعيش البسطاء فى خير وسلام.
لحظتها التفت السيسى إلى د. محمد شاكر وزير الكهرباء وقال له: «ماحدش يقرب من شرائح الكهرباء الثلاث الأولي».. وكان الرئيس يقصد عدم زيادة أسعار الكهرباء للمستهلكين من هذه الشرائح، وهم أبناء الطبقات الفقيرة، ودون المتوسطة والوسطى. وطلب الرئيس من الوزير تحميل الفرق إلى المستهلكين أصحاب الشرائح العليا وهم القادرون.
ولم أفاجأ بمطلب الرئيس، ففى العام الماضى.. امتلك شجاعة أن يطلب خفض الدعم على الكهرباء والوقود، لزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم من جانب، وخفض عجز الموازنة من جانب آخر، حتى لا يُحمِّل الأجيال القادمة مزيداً من الديون.
عين السيسى على الأجيال القادمة، لذا وجدناه يطلب من المهندس هانى ضاحى أمس، أن تكون مشروعات مترو الأنفاق الجديدة مدروسة اقتصادياً وتمويلياً، بحيث لا نقترض لتنفيذها، وتتحمل الأجيال المقبلة فاتورة القروض.
لم أفاجأ بمطلب الرئيس من وزير الكهرباء.. فهو يمتلك شجاعة أن يُرجِّح العامل الاجتماعى فى سياساته على العامل الاقتصادى، لكى يحمى أبناء الطبقات المطحونة من رحى رفع أسعار، فى ظل غلاء يسعى هو بكل السبل لحصاره ومكافحته.
ولن أفاجأ من اليوم وحتى 30 يونيو المقبل، إذا اتخذ الرئيس مبادرات أخرى تجاه شباب جانح، لكن معدنه وطنى سليم، وتجاه بسطاء يحبهم ويحبونه ويعتبرونه الملاذ والمنقذ.
ولن أفاجأ فى يوم السادس من أغسطس، إذا وجدت السيسى يفتتح مع القناة الجديدة، مشروعات كبرى يظن البعض الآن أنها لن تنتهى قبل عام، ويدشن مشروعات جديدة، لم يجرؤ غيره على أن يحلم بها.
فقط.. أتمنى أن يخيب ظنى وتخطئ توقعاتى، من أولئك الذى يحجمون عن المساهمة فى صندوق «تحيا مصر»، فيراجعون أنفسهم ويبادرون -طوعا- بالتبرع لهذا الصندوق المخصص لرعاية المهمشين وتطوير القرى الأكثر فقراً وفتح أبواب الرزق للشباب المصرى، ولا يكتفون بالمطالبة بخفض ضريبة وإلغاء أخرى، وينسون كيف كان حالهم فى عهد الإخوان حين كانوا يدفعون «الإتاوة» وهم صاغرون، وإلى أين كانت ستؤل مصائرهم لو بقى نظام المرشد.
لا يبدو الرئيس راضياً قرير العين لما تحقق فى عام، هو الأول من سنوات ولايته الأولى.
سمعته يقول أمس: «نريد أن ننجز فى 4 سنوات، ما يستغرق فى الأحوال العادية 40 عاما».
يقسو الرئيس على نفسه ويعتب على غيره، رغم أنه لو خلع نظارته السوداء التى عاد لارتدائها فى الأشهر الماضية لرأى أمامه وحوله مايسر ويبشر ويبعث على الارتياح.
أعطى السيسى بالأمس إشارة افتتاح 39 مشروعا فى مجالات الطرق والكبارى والموانى ومياه الشرب والصناعة والصحة والزراعة، أنجزتها القوات المسلحة ووزارة النقل وتكلفت قرابة 6 مليارات جنيه، لم أشعر أنه مبتهج، رغم أن بعض أسلافه كانوا يقيمون أعراساً عند افتتاح كوبرى أو مبنى فى مناسبات قومية.
وحين قال له اللواء عماد الألفي، رئيس الهيئة الهندسية، إن رجاله أنجزوا 1406 مشروعات حتى الآن، وأنهم بصدد استكمال 794 مشروعاً آخراً، منها 3 مشروعات إستراتيجية هي قناة السويس الجديدة، والمشروع القومى للطرق بطول 3200 كيلو متر، ومشروع استصلاح المليون فدان، رد عليه الرئيس قائلا: «كان يجب أن ننتهي فى هذا العام من 4 آلاف مشروع، فنحن قد تأخرنا 50 عاما وتوقفنا عن التقدم».
هذا الرجل.. مشكلة!
آماله بلاحدود وطموحه جارف.
عدَّاء هو يريد أن يسبق الزمن، ويطلب ممن حوله أن يجاروه فى السباق، ويتمنى لو سبقوه! سمعته يذكِّر معاونيه وعلى رأسهم المهندس ابراهيم محلب، ورفاق السلاح فى القوات المسلحة وعلى رأسهم الفريق أول صدقى صبحى القائد العام بوعودهم له إذا هو قرر خوض انتخابات رئاسة الجمهورية.
قال لمحلب: لقد قلت لى اتخذ قرارك، وسوف تجدنى «بولدوزر» أمامك أُعبِّر لك الطريق.
وقال لصدقى: «لقد قلتم لى فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة اتخذ قرارك بما يمليه عليك ضميرك الوطنى، وستجدنا بجوارك نتصدى ونجابه التحدى كى نبنى بلدنا».
للإنصاف.. كان محلب ومعه بعض رجاله عند وعدهم. محلب بالذات «بولدوزر» فى العمل بإخلاص وتفان ووطنية.
وللحق.. كانت القوات المسلحة سنداً للشعب وعوناً للقائد الأعلى فى معركتى التنمية وصون أمن البلاد.
لا يبخس السيسى الناس أشياءهم.. يشكرهم على عطائهم، ثم يقول : إن هذه معدلات طبيعية، غير أنها من منظوره ليست على قدر طموحاته لمصر وشعبها، وبالأخص البسطاء منهم.
كنت أتابع السيسى وهو يستمع إلى كشف حساب محلب الذى حمله بيمينه، وأيضا وهو يسأل بل يسائل وزراء منجزين كالدكتور محمد شاكر والمهندس هانى ضاحى والمهندس خالد عبدالعزيز والدكتور أشرف العربى والدكتور مصطفى مدبولى والدكتور خالد حنفى عن تفاصيل التفاصيل فى مهام عملهم، وكذلك وهو يطلب من رجل الإنجاز الصامت اللواء محمد أمين ودينامو التنمية اللواء كامل الوزير الانتهاء مما يستغرق سنوات فى بضع شهور.
ثم يقول لهم: «أعلم أننا لاننام من أجل البلد، لكن هناك من يموتون فى سبيله».
تذكرت حينئذ ما سمعت من رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، وهو يقول فى حضور السيسى فى زيارته الأخيرة لبودابست: «ماذا لو لم يتولَّ هذا الرجل الشجاع مسئولية الحكم فى بلاده؟!»
وتداعى إلى ذهنى شريط طويل من ذكريات لا تمحى صورها ولا أصواتها!
تذكرت أول لقاء لى مع السيسى بعد ثورة يناير، يومها كان مديراً للمخابرات الحربية، ووجدته على معرفة تفصيلية بأدق الأمور فى مشكلات مصر الاقتصادية والاجتماعية فضلا عن الأمنية.. وأخذ يسرد لى بالأرقام ما تحتاجه مصر لتنهض فى الصحة والتعليم والخدمات والمرافق، وكان الإجمالى 3 تريليونات جنيه. ولم يختلف هذا الرقم عما سمعته منه بعد أن أصبح رئيساً.
تذكرت أول لقاء لى معه بعد ثورة 30 يونيو، وأعطانى يومها صيغة بيان كتبه بخط يده، وكان يعتزم إذاعته بعدها بساعتين، يعلن فيه أن منتهى طموحه فى مشواره المهنى قد حققه بأن أصبح قائداً لجيش مصر العظيم، وأنه لا يرغب فى الترشح لرئاسة الجمهورية. وفور أن قرأت البيان، رجوته أن يطويه، أو على الأقل يؤجله بضعة أيام لإعادة التفكير، وغادرت مكتبه وأنا أتصل بأقرب المقربين إليه ممن هم موضع ثقته واحترامه لإثنائه عما يعتزم، فقد كنت ومازلت كغيرى من الملايين، نعرف أنه الرجل الذى ساقته إلينا الأقدار.
تذكرت أيضا ما سمعته من أحد أخلص رفاق السلاح، عن الضغوط التى مُورست عليه ممن يحمل لهم كل تقدير، بجانب الضغوط الجماهيرية لكى يخوض انتخابات الرئاسة، وكيف كادت الدموع تطفر من عينيه وهو يتخذ القرار.
لم يكن السيسى متعالياً على إرادة الشعب، ولا كان هياباً للمنصب، لكنه كان يستشعر عظم المسئولية وهول التحديات وعلو الطموحات، وقدر آمال الشعب الذى لم يجد من يرفق به أو يحنو عليه، كما جاء على لسانه هو بعد ثورة 30 يونيو.
تذكرت أول حوار أجريته مع السيسى وكان الأول له فى الصحافة والإعلام المصرى، حين دمعت عيناه وهو يتحدث عن معاناة الإنسان المصرى البسيط الذى يعانى شظف العيش ويشكو العوز.
وعدت من خواطرى، وأنا أسمعه أمس يخاطب المسئولين ويقول لهم إن كل يوم نختصره فى إنجاز مشروع، هو اختصار من أيام «المرار» التى يذوقها المواطنون، وبالأخص البسطاء. ثم يقول: ليس أمامنا إلا أن نعمل وننحت فى الصخر و»نهابر» لكى يعيش البسطاء فى خير وسلام.
لحظتها التفت السيسى إلى د. محمد شاكر وزير الكهرباء وقال له: «ماحدش يقرب من شرائح الكهرباء الثلاث الأولي».. وكان الرئيس يقصد عدم زيادة أسعار الكهرباء للمستهلكين من هذه الشرائح، وهم أبناء الطبقات الفقيرة، ودون المتوسطة والوسطى. وطلب الرئيس من الوزير تحميل الفرق إلى المستهلكين أصحاب الشرائح العليا وهم القادرون.
ولم أفاجأ بمطلب الرئيس، ففى العام الماضى.. امتلك شجاعة أن يطلب خفض الدعم على الكهرباء والوقود، لزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم من جانب، وخفض عجز الموازنة من جانب آخر، حتى لا يُحمِّل الأجيال القادمة مزيداً من الديون.
عين السيسى على الأجيال القادمة، لذا وجدناه يطلب من المهندس هانى ضاحى أمس، أن تكون مشروعات مترو الأنفاق الجديدة مدروسة اقتصادياً وتمويلياً، بحيث لا نقترض لتنفيذها، وتتحمل الأجيال المقبلة فاتورة القروض.
لم أفاجأ بمطلب الرئيس من وزير الكهرباء.. فهو يمتلك شجاعة أن يُرجِّح العامل الاجتماعى فى سياساته على العامل الاقتصادى، لكى يحمى أبناء الطبقات المطحونة من رحى رفع أسعار، فى ظل غلاء يسعى هو بكل السبل لحصاره ومكافحته.
ولن أفاجأ من اليوم وحتى 30 يونيو المقبل، إذا اتخذ الرئيس مبادرات أخرى تجاه شباب جانح، لكن معدنه وطنى سليم، وتجاه بسطاء يحبهم ويحبونه ويعتبرونه الملاذ والمنقذ.
ولن أفاجأ فى يوم السادس من أغسطس، إذا وجدت السيسى يفتتح مع القناة الجديدة، مشروعات كبرى يظن البعض الآن أنها لن تنتهى قبل عام، ويدشن مشروعات جديدة، لم يجرؤ غيره على أن يحلم بها.
فقط.. أتمنى أن يخيب ظنى وتخطئ توقعاتى، من أولئك الذى يحجمون عن المساهمة فى صندوق «تحيا مصر»، فيراجعون أنفسهم ويبادرون -طوعا- بالتبرع لهذا الصندوق المخصص لرعاية المهمشين وتطوير القرى الأكثر فقراً وفتح أبواب الرزق للشباب المصرى، ولا يكتفون بالمطالبة بخفض ضريبة وإلغاء أخرى، وينسون كيف كان حالهم فى عهد الإخوان حين كانوا يدفعون «الإتاوة» وهم صاغرون، وإلى أين كانت ستؤل مصائرهم لو بقى نظام المرشد.
***
منذ 4 سنوات.. قلت للسيسي: ما الذى ينقص مصر؟!.. فقال: ينقصنا وجود قيادة فكرية ملهمة.
.. وها قد وجدناها.
وبالأمس سمعته يقول: ليست معى عصا سحرية.
وأقول: الشعب معك وهو عصاك السحرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.