مصروفات المدارس الحكومية 2025– 2026.. التفاصيل الكاملة وقواعد الإعفاء والسداد لجميع المراحل التعليمية    تقرير حكومى: توقعات بنمو مبيعات الأدوية إلى 5.7 مليار دولار خلال 2025    آمال ماهر عن صوت مصر: «مش عايزة أكون رقم واحد.. واسمي أكبر من أي لقب» (فيديو)    المسلمون يصلون الفجر قبل وقته بساعة ونصف    مواجهات جديدة بين الشرطة ومتظاهرين أمام فندق يؤوي مهاجرين في لندن    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 21 يوليو 2025    رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية: مشروع الهوية البصرية تعزيز للانتماء وتأصيل للقيم المصرية    «الرقابة النووية» تُنهي جولتها التوعوية من أسوان لتعزيز الوعي المجتمعي    إنفوجراف| حصيلة 650 يوما من الحرب الإسرائيلية في غزة.. «أرقام الشهداء والجرحى»    رئيس الأركان الإسرائيلي لجنوده: إنجازاتكم تسرع هزيمة حماس    جريمة داخل عش الزوجية.. حبس المتهمة بقتل زوجها بالقليوبية    اليوم| محاكمة المتهمين في قضية فض اعتصام رابعة    السجن المؤبد ل 5 أشخاص لإتهامهم بالإتجار فى المخدرات بالبحيرة    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 21 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية: هناك علماء مصريين متواجدين في كل دول العالم    مستشفى العامرية تنجح في إجراء جراحة دقيقة لطفل حديث الولادة يعاني من كيس سحائي    لاحتوائها على مواد سامة.. 3 منتجات يجب إزالتها من منزلك    وفاة امرأة تبلغ 82 عاما في إيطاليا نتيجة إصابتها بعدوى فيروس غرب النيل    "تموين الدقهلية" يحرر 196 مخالفة في 48 ساعة (صور)    بين الهلال وليفربول، الكشف عن مصير إيزاك    طريقة عمل الحجازية في خطوات بسيطة وأحلى من الجاهزة    بالأصفر الساطع وتحت شمس البحر المتوسط... ياسمين رحمي تخطف الأنظار بإطلالة صيفية تبهر متابعيها على إنستجرام    متحدث الوزراء: جاهزون لتعيين وزير بيئة جديد في التوقيت المناسب    ما أهمية عودة الحكومة السودانية إلى العاصمة من جديد؟    تقديم 40476 خدمة طبية وعلاجية بحملة "100 يوم صحة" في الإسماعيلية    أسامة عرابي: الطريقة التي تعامل بها وسام أبو علي مع الأهلي خارج نطاق الاحترافية    «عيب وانت بتعمل كدة لأغراض شخصية».. خالد الغندور يفاجئ أحمد شوبير برسائل نارية    نشرة منتصف الليل| خطوات حجز شقق الإسكان.. وخسائر قناة السويس خلال العامين الماضيين    رئيس "الحرية المصري": رجال الأمن خط الدفاع الأول في مواجهة التطرف والمخططات الإرهابية    برئاسة ماجي الحلواني.. "الوطنية للإعلام" تعلن تشكيل لجنة لرصد ومتابعة انتخابات الشيوخ    بعد مد فترة التقديم لاختبارات القدرات لطلاب الثانوية العامة.. «اَخر موعد للتقديم»    إصابة 3 سيدات من أسرة واحدة في انقلاب سيارة ملاكي أمام قرية سياحية بطريق العلمين    "شباب النواب" تثمن الضربات الاستباقية لوزارة الداخلية في دحر البؤر الإرهابية    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. سعر الذهب اليوم الإثنين 21 يوليو 2025 بالصاغة    التليجراف: وزير الدفاع البريطانى سيعلن حملة مدتها 50 يوما لتسليح أوكرانيا    يوسف معاطي: لست ضد الورش التي تكتب السيناريوهات ولكنها لا تنتج مبدع كبير    لا تأخذ كل شيء على محمل الجد.. حظ برج القوس اليوم 21 يوليو    نادية رشاد: أتمتع بحالة صحية جيدة.. وقلة أعمالي الفنية لضعف مضمونها    شقيقة أحمد حلمي عن منى زكي: "بسكوتة في طريقتها ورقيقة جدا"    واشنطن بوست: قراصنة يشنون هجوما عالميا على وكالات حكومية وجامعات أمريكية    دعاء في جوف الليل: اللهم أجرني برحمتك واجبر بلطفك كسر قلبي    فيديو- عالم بالأوقاف يوضح حكم إقامة الأفراح وهل تتعارض مع الشرع    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 21 يوليو 2025    اعتذار الهلال عن عدم المشاركة في السوبر السعودي.. والاتحاد يؤكد اتخاذ الإجراءات اللازمة    عبد الكريم مصطفى يشارك فى مران الإسماعيلى بعد التعافى من الإصابة    "يريد أكثر من مبابي".. سبب تعقد مفاوضات تجديد فينيسيوس وخطوة ريال مدريد القادمة    "تدخل الإدارة".. نجم الأهلي السابق يكشف مفاجأة بشأن غضب لاعبي الفريق    أنغام فؤاد ومنيب تتألق في صيف الأوبرا 2025 بحضور جماهيري كبير    السيطرة على حريق محدود بجوار مزلقان الرحمانية قبلي بنجع حمادي    باسل عادل: الوعي ليس حزبًا قائمًا على التنافس الانتخابي الضيق    Golden View Developments تطلق مشروع "TO-GTHER".. رؤية جديدة للاستثمار العقاري المدعوم بشراكات عالمية    مبعوث أمريكي: متفائلون بإمكانية التوصل إلى صفقة بين إسرائيل و"حماس"    آدم كايد: حققتُ حلمي بالانضمام إلى الزمالك    هل يستخدم نتنياهو حالته الصحية لشلّ المفاوضات وتجميد محاكمته؟ (تفاصيل)    غرق مركب في نهر النيل بالغربية.. إنقاذ 3 أشخاص واستمرار البحث عن مفقود    وزير الثقافة يفتتح الدورة ال18 من "المهرجان القومي للمسرح المصري" ويكرم رموز الفن المسرحي    أمين الفتوى: التقديم على شقق محدودي الدخل بغير وجه حق «حرام شرعاً»    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
عن العدس والبصل والصحافة أكتب لكم

قال لي الطبيب الانجليزي عام 1978: اتعجب لإصابة كثير من المصريين.. بالانيميا وعندكم أهم العناصر الغذائية في العدس والبصل!!
ولم أتعجب لكلماته لأن الانيميا أو فقر الدم تنتشر اكثر بين أهل بحري ولاتنتشر في الصعيد لاحتواء طعام الصعايدة علي العدس والبصل ويحجم الكثير عن أكل البصل خوفا من الرائحة التي تظل فترة طويلة في جوف الانسان مع انه بقطعة صغيرة من اللبان تختفي رائحة البصل كما أنه من الشائع خطأ أن يحصل عسر الهضم مع أنه اسهل هضما من البطاطس مثلا ومن الباذنجان، أنا شخصيا أحبه علي السلطة وكذلك البصل وحده مقطع حلقات رقيقة ومضافا له الخل وأجده لذيذا جدا وأتذكر خادمة كانت لدينا في منزل والدي وكانت تضع البصلة أمامها ثم »‬تدشها» بيدها فتنفجر وتأكلها بشهية مما كان يجعلنا نشتهي البصل ولكن كنا نخاف رائحته ولم يكن »‬اللبان» بأنواعه الكثيرة سواء بالنعناع أو القرفة أو القرنفل قد اخترع أو انتشر، وكانت عمتي رحمها الله تحتفظ بزجاجة صغيرة بها قرفة مطحونة »‬تَسِفُ» منها بعض الشيء بعد أن تأكل البصل ولم نكن وقتها نناقش فائدة البصل بل كانت الوالدة رحمها الله تقول »‬عمتكو» زينب لاتصاب بالأنفلونزا لأنها تأكل البصل وتحبه.
أماالشغالة »‬كعبو» أو كعب الخير فقد كانت صحتها »‬بمب» ماشاء الله لأنها تطبخ يوميا »‬عدس مغروف» وتاكله في الصباح بدلا من الفول.. كنا نتعجب منها ونخاف ان »‬نتريق» عليها حتي لا تزجرنا الوالدة والتي أطلق عليها والدي رحمه الله »‬المحامي العام» فكانت ونحن في منتصف الليل تقاطعنا لدرجة أنني مرة كنت انتقد شغالة تعبنا في تعليمها القراءة ولافائدة فقلت لها »‬عمرك ماح تفكي الخط» فتدخلت ماما مدافعة بكلمة أضحكتنا فقد قالت »‬معلش ياحبيبتي بكرة تفكه» وظلنا نستعمل هذه الجملة كلما حدثت مشكلة من هذه الخادمة وكانت الوالدة تتضايق جدا وقالت لي مرة »‬يعني أنا ما بعرفش لافرنساوي ولا انجليزي ممكن تسيبوا حد يقوللي مابتعرفيش تفكي الخط الانجليزي ولا الفرنساوي».
ولكن بعودة للعدس والبصل أؤكد أن هذه الشغالة التي كانت تأكل العدس يوميا صباحا كانت سريعة التطور وشديدة المقدرة علي الالتقاط لدرجة أن ابنة شقيقتي الدكتورة راوية فكري »‬الآن» حينما عادت من انجلترا لم تكن تعرف العربية فتعلمت الخادمة منها الانجليزية وتكلمتها بطلاقة وكانت تحاورها وتفهم منها كل شيء.
فكانت ماما تقول »‬أهي فكت الخط بالانجليزي كمان» ولم يكن احد في المنزل يأكل العدس يوميا سواها. ومرة قبل امتحان الثانوي العامة بأسبوعين كنت طبعا لا ب »‬صم» ولم أذاكر وكل هوامش كتبي مليئة برسم الفساتين والستات والضفاير وكلمات اغاني عبدالوهاب وأم كلثوم.
وجلست افتح الكتب لأذاكر وكنت »‬لا يصة» طبعا لأنني أسهر طول الليل أقرأ لاحسان عبدالقدوس ويوسف السباعي ونجيب محفوظ وياصحيت بالعافية وألحق أتوبيس المدرسة تحت البيت والذي كنت دائما اعطي السائق »‬نص فرنك» أي قرشان حتي ينتظرني وأنام في الاتوبيس واستيقظ علي باب المدرسة ولو كانت الحصة من دروس العربي جلست في آخر الفصل لأنام لكن لو كانت الحصة رسم أجلس أمام المدرسة وارسم »‬علي كيف كيفي».
ندمت علي الإهمال
لكن في واقع الأمر ندمت جدا علي هذا الاهمال وهذا الكسل لانني في الثانوية العامة لم أحصل علي مجموع يؤهلني لقسم صحافة الذي كنت أتمني الالتحاق به وقد ذهبت إلي رئيس الجامعة وكان وقتهاالدكتور محمد يوسف همام وكان رحمه الله رجلا شديد الذكاء منفتحا علي العالم فقال لي:
- اذهبي إلي الدكتور عزالدين فريد عميد كلية الآداب ولو قبلك أنا موافق.
وكان الدكتور عزالدين فريد »‬وله الرحمة والدعاء» أكثر تفهما فقال لي:
»‬لواشتغلت في جريدة سوف اقبلك فورا»
فذهبت للاستاذ الكبير الراحل مصطفي أمين وكنت من قارئاته وكانت صحف الاخبار وآخر ساعة هي أهم الصحف في بيتنا فذهبت اليه وقلت له :
- لو ما اشتغلش عندك مش حدخل الجامعة فقال لي طب اكتبي طلب فكتبت الطلب بأسلوب جيد فقال لي:
»‬سوف تكونين سكرتيرتي لشئون الانتاج الأدبي للقراء»
يعني سوف تقرئين القصص والمقالات والشعر الذي يحتوي عليه بريدي وتكتبين تعليقك في ورقة صغيرة وتلصقينها بالمادة ثم تضعينها في دوسيه وتقدمها لي».
وكم كنت سعيدة بهذه المهمة.. ولن افشي سر الأستاذ فإن كثيرا من كبار الكتاب والأدباء الذين اخترتهم وعلقت علي كتاباتهم اصبحوا من المشاهير الآن وهم لا يعرفون انني التقيت بهم علي أول السلم وكتبت تعليقاتي التي وضعتهم علي أول هذا السلم وكم منهم قابلتهم بعد ذلك وهم لا يعرفون أنني أخذت بأيديهم في وقت كان البعض يلقي بكتاباتهم في سلة المهملات.
في شارع الصحافة
واتفقت مع استاذي مصطفي أمين أن اكتب في مجلة الجيل وآخر ساعة علي أن أقوم بعمل موضوعاتي في غير أوقات العمل الرسمية، وكانت من اهم الصحفيات التي أخذت بيدي الاستاذة المرحومة فتحية بهيج وزوجهاالراحل صلاح هلال فقد كلفني استاذي الراحل صلاح هلال بعمل موضوع في »‬مصلي النساء» بمسجد السيدة زينب رضي الله عنها.
وذهبت إلي هناك وأخذت معي صديقتي الغالية ألفت سرحان وشقيقتي الحبيبة شهيدة ليسألا اسئلة وكان معنا المصور الراحل جمال يوسف وهناك جلسنا بين المصليات نستمع إلي رجل ضرير يقول كلمات وترددهاالنساء بعده مثل »‬سبحانه من علم النبي الاسلام وبه هدي »‬بكسر الياء» فترد النساء »‬هدي» ثم يقول سبحان من أنزل عليه القرآن وهو عليم وترد النساء »‬عليم» وهكذا تردد النساء في آخر كل كلمة وكأنهن ببغاوات وسألت شهيدة الرجل: لماذا طلقت السيدة زينب؟ ولأنه جاهل فقد قال لها.. ياكافرة السيدة زينب لم تطلق.
ونشر الموضوع وكان موجها للشيخ الباقوري وزير الأوقاف ولم أكن أعلم أنه كان هناك خلاف بين رئيس تحرير آخر ساعة في ذلك الوقت وبين الشيخ الوزير وأنني وقفت فريسة لمقلب من النوع الشرير!!
وتعرفت علي مولانا الشيخ السمح العظيم الباقوري وقال لي »‬لقد كنت مخلب قط لفلان ولم اكن أعرف أن هناك تربيطات بين كبار الكتاب والوزراء لكي يضعوا فلان و»‬يشيلوا» فلان ولكن ولله الحمد ظل الباقوري علي هامة المؤسسات الاسلامية محققا به فلسفته في الاسلام المستنير ومحققا فيه رسالته للعالمية حول سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم وكيف جاء توصيله للرسالة عظيما أوصلها لأركان العالم.
وقد اقترحت علي رئيس تحرير مجلة الجيل وقد كان الاستاذ أنيس منصور في ذلك الوقت أن أتقمص دورسائحة هندية وألف القاهرة مع التراجمة لاكشف كذب معلوماتهم وذهبت إلي سفارة الهند وعلمتني سيدة هناك كيف ارتدي الساري وفعلا قمت بجولة بين معالم القاهرة في الهرم والقلعة وخان الخليلي وغيرها من الاماكن وكم كان الموضوع كاشفا لعورات التراجمة فقد قال لي أحدهم لقد تم بناء مسجد محمد في القلعة بأحجار من الأهرامات وقاللي ترجمان آخر ان باب زويله كانت تختبئ خلفه الجنيات وعندما ذهبنا إلي مقياس النيل بالروضة وسألت الترجمان عنه قال لي:
كان الملك حينما يتضايق من أحد يجيء به إلي هنا ويغرقه في النيل من هذا المكان وان بالنيل جنيات يظهرن وقت الفيضان عند مقياس الروضة.
هكذا تجمعت لدي معلومات مغلوطة كثيرة جدا وحينما كتبت الموضوع وقد بدأنا أنا والمصور العظيم الراحل احمد يوسف في الجلوس في بهو فندق شبرد علي أنني سائحة مهمة وأنه سوف يتابعني بالكاميرا.
وبعد أن نشر الموضوع وفضح كذب التراجمة وجهته إلي وزير الارشاد القومي الاستاذ فتحي رضوان فلم يكن هناك وزارة اعلام بعد وقلت له عليك ان تنقذ تاريخ مصر وهنا ولدت وزارة الاعلام وولد ما هو أهم وهو قسم الآثار في كلية الآداب والذي يخرج منه علماء صغار يعرفون كل شبر في مصر القديمة ويشرحون شرحا جيدا يشرفنا حول العالم وبعد نشر الموضوع كنت في طريقي للجريدة وقابلت احد التراجمة علي الباب وقال لي:
- من فضلك أنا عاوز الكاتبة نعم الباز وعرفت أنه لم يعرفني لتغير شكلي فقد غيرت تسريحة شعري مثل الهنديات ووضعت نقطة حمراء عند اجرائي الموضوع فلم يعرفني بشكلي العادي.
فقلت له
- عاوزها ليه؟
فقال
- معقول الفضايح دي كلها أنا حرفع عليها قضية لوما كتبتش موضوع تاني تعتذر لنا جميعا.
فقلت له :
- هية مسافرة لندن وتعالي بعد شهرين اتكلم معاها ومات الغيظ ونسي الموضوع ولكنني لم أنسه كأول خبطة صحفية قمت بعملها.
وكم من خبطات طوال ستين عاما صحافة وكم من عشق للمهنة فإنني حينما أمسك بالقلم لأكتب موضوعا للقراء أشعر أنني اكتب خطابا غراميا لأعز الاحباب.. القراء.
لماذا القراء أحباء
ولماذا القراء أعز الأحباب؟ أولا لأنهم يتحملونني حينما أخطئ كما يسعدون حينما أصيب وتصلني منهم خطابات تشرح القلب الحزين وفكرت مرة أن اكتب يوميات كاملة بقلم القراء ولكن حينما يأتي موعد كتابة يومياتي تقفزأحداث جديدة علي سن القلم ولكن هناك قارئ دائم الكتابة لي منذ ثلاثين عاما ولن أفضح عن اسمه لأني لا أعرف رقم تليفونه لآخذ منه الإذن بالكتابة ولكن أجد هذه الفقرة من خطابه من حقي نشرها لأنها تحمل البسمة لكم أحبائي القراء كتب القارئ يقول لي:
اسمعي ياماما نعم أنا باكتب لك صدقا في كل شيء أنا مش زي الحكومة تكذب علي طول تقول لن تنقطع الكهرباء ولايمر يومان دون انقطاعها ونقول قوانين جديدة لضبط المرور.. ولاضبط للمرور ويوما قالت الطماطم بأربعة جنيه تراهنت علي أنها سوف تكون بثمانية جنيهات وصدق ظني يعني لما الحكومة تعلن رقم لأي خضار أو فاكهة أضربي في اثنين إلا لوكان الفكهاني أو بائع الخضار يبيع للوزراء.
وهنا أدرك القلم آخركلمة حتي لا يوديني في داهية.
قال لي الطبيب الانجليزي عام 1978: اتعجب لإصابة كثير من المصريين.. بالانيميا وعندكم أهم العناصر الغذائية في العدس والبصل!!
ولم أتعجب لكلماته لأن الانيميا أو فقر الدم تنتشر اكثر بين أهل بحري ولاتنتشر في الصعيد لاحتواء طعام الصعايدة علي العدس والبصل ويحجم الكثير عن أكل البصل خوفا من الرائحة التي تظل فترة طويلة في جوف الانسان مع انه بقطعة صغيرة من اللبان تختفي رائحة البصل كما أنه من الشائع خطأ أن يحصل عسر الهضم مع أنه اسهل هضما من البطاطس مثلا ومن الباذنجان، أنا شخصيا أحبه علي السلطة وكذلك البصل وحده مقطع حلقات رقيقة ومضافا له الخل وأجده لذيذا جدا وأتذكر خادمة كانت لدينا في منزل والدي وكانت تضع البصلة أمامها ثم »‬تدشها» بيدها فتنفجر وتأكلها بشهية مما كان يجعلنا نشتهي البصل ولكن كنا نخاف رائحته ولم يكن »‬اللبان» بأنواعه الكثيرة سواء بالنعناع أو القرفة أو القرنفل قد اخترع أو انتشر، وكانت عمتي رحمها الله تحتفظ بزجاجة صغيرة بها قرفة مطحونة »‬تَسِفُ» منها بعض الشيء بعد أن تأكل البصل ولم نكن وقتها نناقش فائدة البصل بل كانت الوالدة رحمها الله تقول »‬عمتكو» زينب لاتصاب بالأنفلونزا لأنها تأكل البصل وتحبه.
أماالشغالة »‬كعبو» أو كعب الخير فقد كانت صحتها »‬بمب» ماشاء الله لأنها تطبخ يوميا »‬عدس مغروف» وتاكله في الصباح بدلا من الفول.. كنا نتعجب منها ونخاف ان »‬نتريق» عليها حتي لا تزجرنا الوالدة والتي أطلق عليها والدي رحمه الله »‬المحامي العام» فكانت ونحن في منتصف الليل تقاطعنا لدرجة أنني مرة كنت انتقد شغالة تعبنا في تعليمها القراءة ولافائدة فقلت لها »‬عمرك ماح تفكي الخط» فتدخلت ماما مدافعة بكلمة أضحكتنا فقد قالت »‬معلش ياحبيبتي بكرة تفكه» وظلنا نستعمل هذه الجملة كلما حدثت مشكلة من هذه الخادمة وكانت الوالدة تتضايق جدا وقالت لي مرة »‬يعني أنا ما بعرفش لافرنساوي ولا انجليزي ممكن تسيبوا حد يقوللي مابتعرفيش تفكي الخط الانجليزي ولا الفرنساوي».
ولكن بعودة للعدس والبصل أؤكد أن هذه الشغالة التي كانت تأكل العدس يوميا صباحا كانت سريعة التطور وشديدة المقدرة علي الالتقاط لدرجة أن ابنة شقيقتي الدكتورة راوية فكري »‬الآن» حينما عادت من انجلترا لم تكن تعرف العربية فتعلمت الخادمة منها الانجليزية وتكلمتها بطلاقة وكانت تحاورها وتفهم منها كل شيء.
فكانت ماما تقول »‬أهي فكت الخط بالانجليزي كمان» ولم يكن احد في المنزل يأكل العدس يوميا سواها. ومرة قبل امتحان الثانوي العامة بأسبوعين كنت طبعا لا ب »‬صم» ولم أذاكر وكل هوامش كتبي مليئة برسم الفساتين والستات والضفاير وكلمات اغاني عبدالوهاب وأم كلثوم.
وجلست افتح الكتب لأذاكر وكنت »‬لا يصة» طبعا لأنني أسهر طول الليل أقرأ لاحسان عبدالقدوس ويوسف السباعي ونجيب محفوظ وياصحيت بالعافية وألحق أتوبيس المدرسة تحت البيت والذي كنت دائما اعطي السائق »‬نص فرنك» أي قرشان حتي ينتظرني وأنام في الاتوبيس واستيقظ علي باب المدرسة ولو كانت الحصة من دروس العربي جلست في آخر الفصل لأنام لكن لو كانت الحصة رسم أجلس أمام المدرسة وارسم »‬علي كيف كيفي».
ندمت علي الإهمال
لكن في واقع الأمر ندمت جدا علي هذا الاهمال وهذا الكسل لانني في الثانوية العامة لم أحصل علي مجموع يؤهلني لقسم صحافة الذي كنت أتمني الالتحاق به وقد ذهبت إلي رئيس الجامعة وكان وقتهاالدكتور محمد يوسف همام وكان رحمه الله رجلا شديد الذكاء منفتحا علي العالم فقال لي:
- اذهبي إلي الدكتور عزالدين فريد عميد كلية الآداب ولو قبلك أنا موافق.
وكان الدكتور عزالدين فريد »‬وله الرحمة والدعاء» أكثر تفهما فقال لي:
»‬لواشتغلت في جريدة سوف اقبلك فورا»
فذهبت للاستاذ الكبير الراحل مصطفي أمين وكنت من قارئاته وكانت صحف الاخبار وآخر ساعة هي أهم الصحف في بيتنا فذهبت اليه وقلت له :
- لو ما اشتغلش عندك مش حدخل الجامعة فقال لي طب اكتبي طلب فكتبت الطلب بأسلوب جيد فقال لي:
»‬سوف تكونين سكرتيرتي لشئون الانتاج الأدبي للقراء»
يعني سوف تقرئين القصص والمقالات والشعر الذي يحتوي عليه بريدي وتكتبين تعليقك في ورقة صغيرة وتلصقينها بالمادة ثم تضعينها في دوسيه وتقدمها لي».
وكم كنت سعيدة بهذه المهمة.. ولن افشي سر الأستاذ فإن كثيرا من كبار الكتاب والأدباء الذين اخترتهم وعلقت علي كتاباتهم اصبحوا من المشاهير الآن وهم لا يعرفون انني التقيت بهم علي أول السلم وكتبت تعليقاتي التي وضعتهم علي أول هذا السلم وكم منهم قابلتهم بعد ذلك وهم لا يعرفون أنني أخذت بأيديهم في وقت كان البعض يلقي بكتاباتهم في سلة المهملات.
في شارع الصحافة
واتفقت مع استاذي مصطفي أمين أن اكتب في مجلة الجيل وآخر ساعة علي أن أقوم بعمل موضوعاتي في غير أوقات العمل الرسمية، وكانت من اهم الصحفيات التي أخذت بيدي الاستاذة المرحومة فتحية بهيج وزوجهاالراحل صلاح هلال فقد كلفني استاذي الراحل صلاح هلال بعمل موضوع في »‬مصلي النساء» بمسجد السيدة زينب رضي الله عنها.
وذهبت إلي هناك وأخذت معي صديقتي الغالية ألفت سرحان وشقيقتي الحبيبة شهيدة ليسألا اسئلة وكان معنا المصور الراحل جمال يوسف وهناك جلسنا بين المصليات نستمع إلي رجل ضرير يقول كلمات وترددهاالنساء بعده مثل »‬سبحانه من علم النبي الاسلام وبه هدي »‬بكسر الياء» فترد النساء »‬هدي» ثم يقول سبحان من أنزل عليه القرآن وهو عليم وترد النساء »‬عليم» وهكذا تردد النساء في آخر كل كلمة وكأنهن ببغاوات وسألت شهيدة الرجل: لماذا طلقت السيدة زينب؟ ولأنه جاهل فقد قال لها.. ياكافرة السيدة زينب لم تطلق.
ونشر الموضوع وكان موجها للشيخ الباقوري وزير الأوقاف ولم أكن أعلم أنه كان هناك خلاف بين رئيس تحرير آخر ساعة في ذلك الوقت وبين الشيخ الوزير وأنني وقفت فريسة لمقلب من النوع الشرير!!
وتعرفت علي مولانا الشيخ السمح العظيم الباقوري وقال لي »‬لقد كنت مخلب قط لفلان ولم اكن أعرف أن هناك تربيطات بين كبار الكتاب والوزراء لكي يضعوا فلان و»‬يشيلوا» فلان ولكن ولله الحمد ظل الباقوري علي هامة المؤسسات الاسلامية محققا به فلسفته في الاسلام المستنير ومحققا فيه رسالته للعالمية حول سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم وكيف جاء توصيله للرسالة عظيما أوصلها لأركان العالم.
وقد اقترحت علي رئيس تحرير مجلة الجيل وقد كان الاستاذ أنيس منصور في ذلك الوقت أن أتقمص دورسائحة هندية وألف القاهرة مع التراجمة لاكشف كذب معلوماتهم وذهبت إلي سفارة الهند وعلمتني سيدة هناك كيف ارتدي الساري وفعلا قمت بجولة بين معالم القاهرة في الهرم والقلعة وخان الخليلي وغيرها من الاماكن وكم كان الموضوع كاشفا لعورات التراجمة فقد قال لي أحدهم لقد تم بناء مسجد محمد في القلعة بأحجار من الأهرامات وقاللي ترجمان آخر ان باب زويله كانت تختبئ خلفه الجنيات وعندما ذهبنا إلي مقياس النيل بالروضة وسألت الترجمان عنه قال لي:
كان الملك حينما يتضايق من أحد يجيء به إلي هنا ويغرقه في النيل من هذا المكان وان بالنيل جنيات يظهرن وقت الفيضان عند مقياس الروضة.
هكذا تجمعت لدي معلومات مغلوطة كثيرة جدا وحينما كتبت الموضوع وقد بدأنا أنا والمصور العظيم الراحل احمد يوسف في الجلوس في بهو فندق شبرد علي أنني سائحة مهمة وأنه سوف يتابعني بالكاميرا.
وبعد أن نشر الموضوع وفضح كذب التراجمة وجهته إلي وزير الارشاد القومي الاستاذ فتحي رضوان فلم يكن هناك وزارة اعلام بعد وقلت له عليك ان تنقذ تاريخ مصر وهنا ولدت وزارة الاعلام وولد ما هو أهم وهو قسم الآثار في كلية الآداب والذي يخرج منه علماء صغار يعرفون كل شبر في مصر القديمة ويشرحون شرحا جيدا يشرفنا حول العالم وبعد نشر الموضوع كنت في طريقي للجريدة وقابلت احد التراجمة علي الباب وقال لي:
- من فضلك أنا عاوز الكاتبة نعم الباز وعرفت أنه لم يعرفني لتغير شكلي فقد غيرت تسريحة شعري مثل الهنديات ووضعت نقطة حمراء عند اجرائي الموضوع فلم يعرفني بشكلي العادي.
فقلت له
- عاوزها ليه؟
فقال
- معقول الفضايح دي كلها أنا حرفع عليها قضية لوما كتبتش موضوع تاني تعتذر لنا جميعا.
فقلت له :
- هية مسافرة لندن وتعالي بعد شهرين اتكلم معاها ومات الغيظ ونسي الموضوع ولكنني لم أنسه كأول خبطة صحفية قمت بعملها.
وكم من خبطات طوال ستين عاما صحافة وكم من عشق للمهنة فإنني حينما أمسك بالقلم لأكتب موضوعا للقراء أشعر أنني اكتب خطابا غراميا لأعز الاحباب.. القراء.
لماذا القراء أحباء
ولماذا القراء أعز الأحباب؟ أولا لأنهم يتحملونني حينما أخطئ كما يسعدون حينما أصيب وتصلني منهم خطابات تشرح القلب الحزين وفكرت مرة أن اكتب يوميات كاملة بقلم القراء ولكن حينما يأتي موعد كتابة يومياتي تقفزأحداث جديدة علي سن القلم ولكن هناك قارئ دائم الكتابة لي منذ ثلاثين عاما ولن أفضح عن اسمه لأني لا أعرف رقم تليفونه لآخذ منه الإذن بالكتابة ولكن أجد هذه الفقرة من خطابه من حقي نشرها لأنها تحمل البسمة لكم أحبائي القراء كتب القارئ يقول لي:
اسمعي ياماما نعم أنا باكتب لك صدقا في كل شيء أنا مش زي الحكومة تكذب علي طول تقول لن تنقطع الكهرباء ولايمر يومان دون انقطاعها ونقول قوانين جديدة لضبط المرور.. ولاضبط للمرور ويوما قالت الطماطم بأربعة جنيه تراهنت علي أنها سوف تكون بثمانية جنيهات وصدق ظني يعني لما الحكومة تعلن رقم لأي خضار أو فاكهة أضربي في اثنين إلا لوكان الفكهاني أو بائع الخضار يبيع للوزراء.
وهنا أدرك القلم آخركلمة حتي لا يوديني في داهية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.