وزير الري يتابع إجراءات تدريب الكوادر الشابة في مجال إدارة المشروعات    بحوث الإسكان والبناء يواصل ريادته العالمية في اختبارات الخط الرابع للمترو    كامل الوزير: إلزام كل مصنع ينتج عنه صرف صناعي مخالف بإنشاء محطة معالجة    وزير الكهرباء: نعمل على نقل التكنولوجيا وتوطين الصناعة وتعظيم الموارد والأصول    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 26-12-2025 في قنا    جيش الاحتلال يشن غارات مكثفة على محيط مدينة الهرمل شرقي لبنان    زيلينسكي: اجتماع مع ترامب قريبا    ذكرى سعيدة ل حسام حسن قبل مواجهة جنوب أفريقيا اليوم (فيديو)    تشكيل منتخب مصر المتوقع أمام جنوب إفريقيا في كأس الأمم    حالة الطقس ودرجات الحرارة اليوم الجمعة 26-12-2025 في محافظة قنا    مصرع سيدتين في انقلاب سيارة على طريق «قنا - سفاجا»    مدير دار سما للنشر يكشف خطوات الدولة لمواجهة قرصنة الكتب وحماية المؤلفين    فضل شهر رجب.. دعاء مستحب واستعداد روحي لشهر رمضان (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 26-12-2025 في محافظة قنا    متحدث الوزراء: مشروعات صندوق التنمية الحضرية تعيد إحياء القاهرة التاريخية    كيف تستخدم النقاط من بطاقات بنك القاهرة؟    مباراة مصر وجنوب أفريقيا تتصدر جدول مباريات الجمعة 26 ديسمبر 2025 في كأس أمم أفريقيا    أسعار الفراخ في البورصة اليوم الجمعة 26 ديسمبر    شروط التقدم للوظائف الجديدة بوزارة النقل    وزارة الخارجية ووزارة الاتصالات تطلقان خدمة التصديق علي المستندات والوثائق عبر البريد    مخالفات مرورية تسحب فيها الرخصة من السائق فى قانون المرور الجديد    خطوات مهمة لضمان سلامة المرضى وحقوق الأطباء، تفاصيل اجتماع اللجنة العليا للمسؤولية الطبية    رابط الموقع الإلكتروني المعتمد لشراء تذاكر المتحف المصري الكبير    محمد صبحى ضمنهم.. مجلس جامعة القاهرة يقر ترشيح 25 شخصية عامة لجوائز الدولة    متحدث الوزراء: مشروعات صندوق التنمية الحضرية تعيد إحياء القاهرة التاريخية    زعيم كوريا الشمالية يدعو إلى توسيع الطاقة الإنتاجية للصواريخ والقذائف    مسؤول أمريكي: إسرائيل تماطل في تنفيذ اتفاق غزة.. وترامب يريد أن يتقدم بوتيرة أسرع    مفاجأة للأمهات.. أول زيارة للأطفال لطبيب الأسنان تبدأ في هذا العمر (فيديو)    تفاصيل جلسة حسام حسن مع زيزو قبل مباراة مصر وجنوب إفريقيا    مستشفى العودة في جنوب غزة يعلن توقف خدماته الصحية بسبب نفاد الوقود (فيديو)    وزير العمل يصدر قرارًا وزاريًا بشأن تحديد العطلات والأعياد والمناسبات    أخبار فاتتك وأنت نائم| حريق منشأة ناصر.. وتمرد لاعبي الزمالك.. وأمريكا تضرب داعش    45 دقيقة تأخير على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 26 ديسمبر 2025    شعبة الأدوية: موجة الإنفلونزا أدت لاختفاء أسماء تجارية معينة.. والبدائل متوفرة بأكثر من 30 صنفا    عمرو صابح يكتب: فيلم لم يفهمها!    الزكاة ركن الإسلام.. متى تجب على مال المسلم وكيفية حسابها؟    وداعا ل"تكميم المعدة"، اكتشاف جديد يحدث ثورة في الوقاية من السمنة وارتفاع الكوليسترول    ريهام عبدالغفور تشعل محركات البحث.. جدل واسع حول انتهاك الخصوصية ومطالبات بحماية الفنانين قانونيًا    استمتعوا ده آخر عيد ميلاد لكم، ترامب يهدد الديمقراطيين المرتبطين بقضية إبستين بنشر أسمائهم    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    الإفتاء تحسم الجدل: الاحتفال برأس السنة جائزة شرعًا ولا حرمة فيه    اختتام الدورة 155 للأمن السيبراني لمعلمي قنا وتكريم 134 معلماً    الفريق أحمد خالد: الإسكندرية نموذج أصيل للتعايش الوطني عبر التاريخ    سكرتير محافظة القاهرة: تطبيق مبادرة مركبات «كيوت» مطلع الأسبوع المقبل    «الثقافة الصحية بالمنوفية» تكثّف أنشطتها خلال الأيام العالمية    أردوغان للبرهان: تركيا ترغب في تحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدة أراضي السودان    كأس مصر - بتواجد تقنية الفيديو.. دسوقي حكم مباراة الجيش ضد كهرباء الإسماعيلية    الأقصر تستضيف مؤتمرًا علميًا يناقش أحدث علاجات السمنة وإرشادات علاج السكر والغدد الصماء    ناقد رياضي: تمرد بين لاعبي الزمالك ورفض خوض مباراة بلدية المحلة    بروتوكولي تعاون لتطوير آليات العمل القضائي وتبادل الخبرات بين مصر وفلسطين    أسامة كمال عن قضية السباح يوسف محمد: كنت أتمنى حبس ال 18 متهما كلهم.. وصاحب شائعة المنشطات يجب محاسبته    كشف لغز جثة صحراوي الجيزة.. جرعة مخدرات زائدة وراء الوفاة ولا شبهة جنائية    فاروق جويدة: هناك عملية تشويه لكل رموز مصر وآخر ضحاياها أم كلثوم    جلا هشام: شخصية ناعومي في مسلسل ميد تيرم من أقرب الأدوار إلى قلبي    "التعليم المدمج" بجامعة الأقصر يعلن موعد امتحانات الماجستير والدكتوراه المهنية.. 24 يناير    40 جنيهاً ثمن أكياس إخفاء جريمة طفل المنشار.. تفاصيل محاكمة والد المتهم    ساليبا: أرسنال قادر على حصد الرباعية هذا الموسم    أمم إفريقيا - طالبي: آمل أن يستغل الركراكي قدراتي.. وعلينا أن نتعامل مع الضغط بإيجابية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهر شعبان‮.. ‬شهر الفضائل والخيرات
في ظلال الحرية

الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام‮ ‬،‮ ‬وشرح صدورنا للإيمان‮ ‬،‮ ‬والصلاة والسلام علي سيدنا محمد‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ – ‬وعلي آله وأصحابه أجمعين‮ ‬،‮ ‬وبعد‮ : -‬
أخرج الإمام النسائي في سننه عن أُسَامَة بْن زَيْدٍ‮ ‬قَالَ‮: (‬قُلْتُ‮: ‬يَا رَسُولَ‮ ‬اللَّهِ‮! ‬لَمْ‮ ‬أَرَكَ‮ ‬تَصُومُ‮ ‬شَهْرًا مِنْ‮ ‬الشُّهُورِ‮ ‬مَا تَصُومُ‮ ‬مِنْ‮ ‬شَعْبَانَ؟‮! ‬قَالَ‮: ‬ذَلِكَ‮ ‬شَهْرٌ‮ ‬يَغْفُلُ‮ ‬النَّاسُ‮ ‬عَنْهُ؛ بَيْنَ‮ ‬رَجَبٍ‮ ‬وَرَمَضَانَ؛ وَهُوَ‮ ‬شَهْرٌ‮ ‬تُرْفَعُ‮ ‬فِيهِ‮ ‬الأَعْمَالُ‮ ‬إِلَي رَبِّ‮ ‬الْعَالَمِينَ،‮ ‬فَأُحِبُّ‮ ‬أَنْ‮ ‬يُرْفَعَ‮ ‬عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ‮ ).‬
هذا الحديث أخرجه الإمام النسائي في سننه،‮ ‬في كتاب الصيام،‮ ‬باب صوم النبي‮ "‬صلي الله عليه وسلم‮" -‬بأبي هو وأمي‮- ‬وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك‮ .‬
شهر شعبان الذي نتفيأ ظلاله في هذه الأيام‮ ‬،‮ ‬شهر مبارك عظيم،‮ ‬جدير بالمسلمين أن‮ ‬يغتنموا فرصته لتحصيل الأجر والثواب،‮ ‬وفعل الخير والباقيات الصالحات،‮ ‬حيث إن رسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬كان‮ ‬يُعَظّم هذا الشهر،‮ ‬وَيُكْثر فيه من الصوم،‮ ‬تشريعاً‮ ‬للأمة وحثاً‮ ‬لها علي التزود من التقوي‮ ‬والهداية والأعمال الصالحة الباقية،‮ ‬كما جاء في قوله سبحانه وتعالي‮ : ‬{وَالْبَاقِيَاتُ‮ ‬الصَّالِحَاتُ‮ ‬خَيْرٌ‮ ‬عِندَ‮ ‬رَبِّكَ‮ ‬ثَوَابًا وَخَيْرٌ‮ ‬أَمَلاً}.
ولشهر شعبان منزلة عظيمة،‮ ‬حيث‮ ‬يُكْثر المسلمون فيه من الصيام،‮ ‬ويبتعدون عن الشهوات والملذات،‮ ‬فهم‮ ‬يتشبهون بالملأ الأعلي في طهارتهم وتفرغهم لعبادة الله عز وجل،‮ ‬لذلك خصه رسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬بكثرة الصيام فيه،‮ ‬ومما لا شكّ‮ ‬فيه أن للصيام ثواباً‮ ‬كبيراً،‮ ‬كما جاء في الحديث الشريف‮: (‬الصِّيَامُ‮ ‬وَالْقُرْآنُ‮ ‬يَشْفَعَانِ‮ ‬لِلْعَبْدِ‮ ‬يَوْمَ‮ ‬الْقِيَامَةِ،‮ ‬يَقُولُ‮ ‬الصِّيَامُ‮: ‬أَيْ‮ ‬رَبِّ‮ ‬مَنَعْتُهُ‮ ‬الطَّعَامَ‮ ‬وَالشَّهَوَاتِ‮ ‬بِالنَّهَارِ‮ ‬فَشَفِّعْنِي فِيهِ،‮ ‬وَيَقُولُ‮ ‬الْقُرْآنُ‮: ‬مَنَعْتُهُ‮ ‬النَّوْمَ‮ ‬بِاللَّيْلِ‮ ‬فَشَفِّعْنِي فِيه،ِ‮ ‬قَالَ‮: ‬فَيُشَفَّعَانِ‮) .‬
نفحة بعد نفحة
إن لربنا في دهرنا نفحات‮ ‬،‮ ‬تُذكرنا كلما نسينا‮ ‬،‮ ‬وَتُنبهنا كلما‮ ‬غفلنا،‮ ‬فهي مواسم للخيرات والطاعات‮ ‬،‮ ‬يتزود منها المسلمون بما‮ ‬يُعينهم علي طاعة الله سبحانه وتعالي‮: ‬{وَتَزَوَّدُواْ‮ ‬فَإِنَّ‮ ‬خَيْرَ‮ ‬الزَّادِ‮ ‬التَّقْوَي وَاتَّقُونِ‮ ‬يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}.
إن نفحات الخير تأتينا نفحة بعد نفحة‮ ‬،‮ ‬فإذا ما انتهينا من أداء الصلوات المفروضة‮ ‬،‮ ‬تأتي النوافل المتعددة المذكورة في كتب الفقه‮ ‬،‮ ‬ولئن أدينا الزكاة المفروضة فإن أبواب الصدقات مفتوحة طيلة العام،‮ ‬ولئن أدينا فريضة الحج فإن أداء العمرة مُيَسّرٌ‮ ‬طيلة العام،‮ ‬ولئن أدينا فريضة الصيام فإن صيام النوافل موجود طيلة العام،‮ ‬وهكذا الخير لا‮ ‬ينقطع وهذا فضل من الله ونعمة‮ .‬
فلذلك‮ ‬يجب علينا أن نواظب علي الطاعة في كل وقت‮ ‬،‮ ‬وأن نحرص علي التزود بالتقوي‮ ‬،‮ ‬فنحن مخلوقون لعبادته وطاعته سبحانه و تعالي،‮ ‬امتثالاً‮ ‬لقوله تعالي‮ : ‬{وَمَا خَلَقْتُ‮ ‬الْجِنَّ‮ ‬وَالإِنسَ‮ ‬إِلا لِيَعْبُدُونِ‮* ‬مَا أُرِيدُ‮ ‬مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ‮ ‬وَمَا أُرِيدُ‮ ‬أَن‮ ‬يُطْعِمُونِ‮* ‬إِنَّ‮ ‬اللَّهَ‮ ‬هُوَ‮ ‬الرَّزَّاقُ‮ ‬ذُو الْقُوَّةِ‮ ‬الْمَتِينُ‮ ‬}.
الحكمة في إكثاره‮ -‬صلي الله عليه وسلم‮- ‬الصيام في شهر شعبان
لأهمية الصيام ولمنزلة شهر شعبان،‮ ‬كان رسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬يصوم أكثر شعبان،‮ ‬ويتضح من الحديث السابق أن حكمة تخصيص الرسول‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬شهر شعبان بكثرة الصيام تتلخص في أمرين‮ :‬
‮- ‬الأمر الأول‮: ‬فهو شهر‮ ‬يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان‮ ‬،‮ ‬وفيه دلالة واضحة علي فضيلة العمل في وقت‮ ‬غفلة الناس؛ لأنه أشقّ‮ ‬علي النفوس،‮ ‬ومن المعلوم أن العبادة في هذه الأوقات أكثر ثواباً،‮ ‬ولذا كان لصلاة الليل وهي في وقت الغفلة ونوم الناس أكبر الأثر وعظيم الثواب،‮ ‬كما في قوله سبحانه وتعالي‮ :‬{فَلا تَعْلَمُ‮ ‬نَفْسٌ‮ ‬مَّا أُخْفِيَ‮ ‬لَهُم مِّن قُرَّةِ‮ ‬أَعْيُنٍ‮ ‬جَزَاء بِمَا كَانُوا‮ ‬يَعْمَلُونَ}
– الأمر الثاني‮: ‬أنه شهر تُرفع فيه الأعمال إلي رب العالمين،‮ ‬ورسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬يُحبُّ‮ ‬أن‮ ‬يُرفع عمله وهو صائم‮.‬
إن ليلة النصف من شعبان ليلة مباركة جليلة،‮ ‬يتجلي الله سبحانه وتعالي‮ ‬فيها علي عباده بالرحمة والمغفرة‮ .‬
ففي هذه الليلة تُفتح أبواب السماء،‮ ‬وَيُستجاب الدعاء،‮ ‬وَتَعُمّ‮ ‬المغفرة،‮ ‬وتهبط الملائكة علي أهل الأرض بالرحمة،‮ ‬ولله فيها عتقاء كثيرون من النار،‮ ‬حيث‮ ‬ينظر الله سبحانه وتعالي إلي عباده،‮ ‬فيغفر للمستغفرين،‮ ‬ويتجاوز عن سيئات التائبين،‮ ‬ويجيب دعوة المضطرين الصادقين المخلصين‮.‬
ومن المعلوم أن الله عز وجل‮ ‬يعفو عن عباده في هذه الليلة المباركة الطيبة،‮ ‬ولا‮ ‬يُحْرَم من عفو الله ورحمته إلا الذين هم علي الخطايا مُصِرُّون،‮ ‬كما جاء في الحديث الشريف أن رسول الله‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ – ‬قال‮: (‬إنَّ‮ ‬اللهَ‮ ‬لَيطَّلِعُ‮ ‬في ليلةِ‮ ‬النِّصفِ‮ ‬من شعبانَ‮ ‬،‮ ‬فيَغفِرُ‮ ‬لجميع خلْقِهِ،‮ ‬إلا لِمُشْركٍ‮ ‬أو مُشاحِنٍ‮)‬،أما المشرك‮: ‬فلقوله سبحانه وتعالي‮ : ‬{إِنَّ‮ ‬اللّهَ‮ ‬لاَ‮ ‬يَغْفِرُ‮ ‬أَن‮ ‬يُشْرَكَ‮ ‬بِهِ‮ ‬وَيَغْفِرُ‮ ‬مَا دُونَ‮ ‬ذَلِكَ‮ ‬لِمَن‮ ‬يَشَاء}،‮ ‬وأما المشاحن‮: ‬فهو الذي تكون بينه وبين أخيه المسلم شحناء وخصومة،‮ ‬كما جاء في الحديث الشريف عَنْ‮ ‬أَبِي هُرَيْرَةَ‮ ‬رضي الله عنه‮ – ‬أَنَّ‮ ‬رَسُولَ‮ ‬اللَّهِ‮ -‬صَلَّي اللَّهُ‮ ‬عَلَيْهِ‮ ‬وَسَلَّمَ‮- ‬قَالَ‮: ( ‬تُفْتَحُ‮ ‬أَبْوَابُ‮ ‬الْجَنَّةِ‮ ‬يَوْمَ‮ ‬الاثْنَيْنِ‮ ‬وَيَوْمَ‮ ‬الْخَمِيسِ،‮ ‬فَيُغْفَرُ‮ ‬لِكُلِّ‮ ‬عَبْدٍ‮ ‬لا‮ ‬يُشْرِكُ‮ ‬بِاللَّهِ‮ ‬شَيْئًا،‮ ‬إِلا رَجُلاً‮ ‬كَانَتْ‮ ‬بَيْنَهُ‮ ‬وَبَيْنَ‮ ‬أَخِيهِ‮ ‬شَحْنَاءُ،‮ ‬فَيُقَالُ‮: ‬أَنْظِرُوا هَذَيْنِ‮ ‬حَتَّي‮ ‬يَصْطَلِحَا،‮ ‬أَنْظِرُوا هَذَيْنِ‮ ‬حَتَّي‮ ‬يَصْطَلِحَا،‮ ‬أَنْظِرُوا هَذَيْنِ‮ ‬حَتَّي‮ ‬يَصْطَلِحَا‮).‬
شهر شعبان‮ ...‬شهر الذكريات الخالدة
‮ ‬إن شهر شعبان حافلٌ‮ ‬بالذكريات الإسلامية العظيمة،‮ ‬وفي مقدمتها تحويل‮ ‬القبلة من المسجد الأقصي المبارك بالقدس إلي المسجد الحرام بمكة المكرمة،‮ ‬فقد مكث رسول الله‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮- ‬ستة عشر شهراً‮ ‬أو سبعة عشر شهراً‮ ‬وهو‮ ‬يستقبل بيت المقدس،‮ ‬كما جاء في الحديث الشريف عن البراء بن عازب‮ – ‬رضي الله عنه‮ – ‬قال‮: ( ‬صَلَّيْنا مع رسولِ‮ ‬الله‮ -‬صلي الله عليه وسلم‮- ‬نحوَ‮ ‬بيتِ‮ ‬المقدس ستةَ‮ ‬عشرَ‮ ‬شَهْراً‮ ‬أو سبعةَ‮ ‬عشر شهراً،‮ ‬ثم صُرِفْنَا نحْوَ‮ ‬الكعبة‮ )‬،‮ ‬فكان رسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬يتمني أن‮ ‬يأذن الله له في تحويل القبلة إلي الكعبة،‮ ‬ويقلب وجهه في السماء،‮ ‬ترقباً‮ ‬لنزول الوحي بذلك‮ ‬،‮ ‬وتضرعاً‮ ‬إلي الله عز وجل،‮ ‬فنزلت‮: ‬{قَدْ‮ ‬نَرَي تَقَلُّبَ‮ ‬وَجْهِكَ‮ ‬فِي السَّمَاءِ‮ ‬فَلَنُوَلِّيَنَّكَ‮ ‬قِبْلَةً‮ ‬تَرْضَاهَا فَوَلِّ‮ ‬وَجْهَكَ‮ ‬شَطْرَ‮ ‬الْمَسْجِدِ‮ ‬الْحَرَامِ‮ ‬وَحَيْثُ‮ ‬مَا كُنْتُمْ‮ ‬فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ‮ ‬شَطْرَهُ}،‮ ‬فَصُرف إلي الكعبة‮.‬
إن تحويل القبلة من المسجد الأقصي المبارك إلي الكعبة المشرفة،‮ ‬يدل دلالة واضحة علي الصلة الوثيقة بين المسجدين الشريفين،‮ ‬حيث‮ ‬يتجلي ذلك في المواضع الآتية‮ :‬
‮- ‬يقول الله سبحانه وتعالي‮:‬{سُبْحَانَ‮ ‬الَّذِي أَسْرَي بِعَبْدِهِ‮ ‬لَيْلاً‮ ‬مِّنَ‮ ‬الْمَسْجِدِ‮ ‬الْحَرَامِ‮ ‬إِلَي الْمَسْجِدِ‮ ‬الأَقْصَي الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ‮ ‬لِنُرِيَهُ‮ ‬مِنْ‮ ‬آيَاتِنَا إِنَّهُ‮ ‬هُوَ‮ ‬السَّمِيعُ‮ ‬البَصِيرُ‮.‬
فالمسجد الأقصي المبارك شقيق المسجد الحرام بنص الآية الكريمة السابقة،‮ ‬فقد جعله الله توءماً‮ ‬له،‮ ‬حيث ربط بينهما برباط وثيق لا‮ ‬ينقطع إلي‮ ‬يوم القيامة‮ .‬
‮- ‬وجاء في الحديث الشريف عن أبي ذر‮ -‬رضي الله عنه‮- ‬أنه قال‮: (‬قلْتُ‮ ‬يَا رَسُولَ‮ ‬الله‮: ‬أَيُّ‮ ‬مَسْجد وُضعَ‮ ‬في الأرْضِ‮ ‬أوَّلاً؟ قَالَ‮ : ‬اَلْمسجِدُ‮ ‬الْحَرَامُ،‮ ‬قَالَ‮ : ‬قُلْتُ‮: ‬ثُمَّ‮ ‬أَيُّ‮ ‬؟ قَالَ‮: ‬اَلْمَسجِدُ‮ ‬الأقْصَي،‮ ‬قُلْتُ‮: ‬كَمْ‮ ‬كَانَ‮ ‬بَيْنَهُمَا؟ قَالَ‮ ‬أَرْبَعُونَ‮ ‬سَنَةً،‮ ‬ثُمَّ‮ ‬أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ‮ ‬الصَّلاةُ‮ ‬بَعْدُ‮ ‬فَصَلِّهْ،‮ ‬فَإِنَّ‮ ‬الْفَضْلَ‮ ‬فِيِه‮). ‬فالمسجد الأقصي المبارك هو ثاني مسجد بُنِي علي الأرض بعد المسجد الحرام‮.‬
‮- ‬كما جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة‮ -‬رضي الله عنه‮- ‬قال‮: ‬قال رسول الله‮ -‬صلي الله عليه وسلم‮-: "‬لا تُشَدُّ‮ ‬الرِّحَالُ‮ ‬إِلاَّ‮ ‬إلَي ثَلاثَةِ‮ ‬مَسَاجِدَ‮: ‬الْمَسْجِدِ‮ ‬الْحَرَامِ،‮ ‬وَمَسْجِدِ‮ ‬الرَّسُولِ‮- ‬صَلَّي اللَّهُ‮ ‬عَلَيْهِ‮ ‬وَسَلَّمَ‮- ‬وَمَسْجِدِ‮ ‬الأقْصَي‮".‬
إن هذا الحديث‮ ‬يدل علي الاهتمام الكبير الذي أولاه رسولنا‮ -‬عليه الصلاة والسلام‮- ‬للمسجد الأقصي المبارك،‮ ‬حيث ربط قيمته وبركته مع قيمة‮ ‬شقيقيه المسجد الحرام والمسجد النبوي وبركتهما‮.‬
نسأل الله أن‮ ‬يحفظ أمتنا ومقدساتنا من كل سوء
وصلي الله علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين
الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام‮ ‬،‮ ‬وشرح صدورنا للإيمان‮ ‬،‮ ‬والصلاة والسلام علي سيدنا محمد‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ – ‬وعلي آله وأصحابه أجمعين‮ ‬،‮ ‬وبعد‮ : -‬
أخرج الإمام النسائي في سننه عن أُسَامَة بْن زَيْدٍ‮ ‬قَالَ‮: (‬قُلْتُ‮: ‬يَا رَسُولَ‮ ‬اللَّهِ‮! ‬لَمْ‮ ‬أَرَكَ‮ ‬تَصُومُ‮ ‬شَهْرًا مِنْ‮ ‬الشُّهُورِ‮ ‬مَا تَصُومُ‮ ‬مِنْ‮ ‬شَعْبَانَ؟‮! ‬قَالَ‮: ‬ذَلِكَ‮ ‬شَهْرٌ‮ ‬يَغْفُلُ‮ ‬النَّاسُ‮ ‬عَنْهُ؛ بَيْنَ‮ ‬رَجَبٍ‮ ‬وَرَمَضَانَ؛ وَهُوَ‮ ‬شَهْرٌ‮ ‬تُرْفَعُ‮ ‬فِيهِ‮ ‬الأَعْمَالُ‮ ‬إِلَي رَبِّ‮ ‬الْعَالَمِينَ،‮ ‬فَأُحِبُّ‮ ‬أَنْ‮ ‬يُرْفَعَ‮ ‬عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ‮ ).‬
هذا الحديث أخرجه الإمام النسائي في سننه،‮ ‬في كتاب الصيام،‮ ‬باب صوم النبي‮ "‬صلي الله عليه وسلم‮" -‬بأبي هو وأمي‮- ‬وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك‮ .‬
شهر شعبان الذي نتفيأ ظلاله في هذه الأيام‮ ‬،‮ ‬شهر مبارك عظيم،‮ ‬جدير بالمسلمين أن‮ ‬يغتنموا فرصته لتحصيل الأجر والثواب،‮ ‬وفعل الخير والباقيات الصالحات،‮ ‬حيث إن رسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬كان‮ ‬يُعَظّم هذا الشهر،‮ ‬وَيُكْثر فيه من الصوم،‮ ‬تشريعاً‮ ‬للأمة وحثاً‮ ‬لها علي التزود من التقوي‮ ‬والهداية والأعمال الصالحة الباقية،‮ ‬كما جاء في قوله سبحانه وتعالي‮ : ‬{وَالْبَاقِيَاتُ‮ ‬الصَّالِحَاتُ‮ ‬خَيْرٌ‮ ‬عِندَ‮ ‬رَبِّكَ‮ ‬ثَوَابًا وَخَيْرٌ‮ ‬أَمَلاً}.
ولشهر شعبان منزلة عظيمة،‮ ‬حيث‮ ‬يُكْثر المسلمون فيه من الصيام،‮ ‬ويبتعدون عن الشهوات والملذات،‮ ‬فهم‮ ‬يتشبهون بالملأ الأعلي في طهارتهم وتفرغهم لعبادة الله عز وجل،‮ ‬لذلك خصه رسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬بكثرة الصيام فيه،‮ ‬ومما لا شكّ‮ ‬فيه أن للصيام ثواباً‮ ‬كبيراً،‮ ‬كما جاء في الحديث الشريف‮: (‬الصِّيَامُ‮ ‬وَالْقُرْآنُ‮ ‬يَشْفَعَانِ‮ ‬لِلْعَبْدِ‮ ‬يَوْمَ‮ ‬الْقِيَامَةِ،‮ ‬يَقُولُ‮ ‬الصِّيَامُ‮: ‬أَيْ‮ ‬رَبِّ‮ ‬مَنَعْتُهُ‮ ‬الطَّعَامَ‮ ‬وَالشَّهَوَاتِ‮ ‬بِالنَّهَارِ‮ ‬فَشَفِّعْنِي فِيهِ،‮ ‬وَيَقُولُ‮ ‬الْقُرْآنُ‮: ‬مَنَعْتُهُ‮ ‬النَّوْمَ‮ ‬بِاللَّيْلِ‮ ‬فَشَفِّعْنِي فِيه،ِ‮ ‬قَالَ‮: ‬فَيُشَفَّعَانِ‮) .‬
نفحة بعد نفحة
إن لربنا في دهرنا نفحات‮ ‬،‮ ‬تُذكرنا كلما نسينا‮ ‬،‮ ‬وَتُنبهنا كلما‮ ‬غفلنا،‮ ‬فهي مواسم للخيرات والطاعات‮ ‬،‮ ‬يتزود منها المسلمون بما‮ ‬يُعينهم علي طاعة الله سبحانه وتعالي‮: ‬{وَتَزَوَّدُواْ‮ ‬فَإِنَّ‮ ‬خَيْرَ‮ ‬الزَّادِ‮ ‬التَّقْوَي وَاتَّقُونِ‮ ‬يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}.
إن نفحات الخير تأتينا نفحة بعد نفحة‮ ‬،‮ ‬فإذا ما انتهينا من أداء الصلوات المفروضة‮ ‬،‮ ‬تأتي النوافل المتعددة المذكورة في كتب الفقه‮ ‬،‮ ‬ولئن أدينا الزكاة المفروضة فإن أبواب الصدقات مفتوحة طيلة العام،‮ ‬ولئن أدينا فريضة الحج فإن أداء العمرة مُيَسّرٌ‮ ‬طيلة العام،‮ ‬ولئن أدينا فريضة الصيام فإن صيام النوافل موجود طيلة العام،‮ ‬وهكذا الخير لا‮ ‬ينقطع وهذا فضل من الله ونعمة‮ .‬
فلذلك‮ ‬يجب علينا أن نواظب علي الطاعة في كل وقت‮ ‬،‮ ‬وأن نحرص علي التزود بالتقوي‮ ‬،‮ ‬فنحن مخلوقون لعبادته وطاعته سبحانه و تعالي،‮ ‬امتثالاً‮ ‬لقوله تعالي‮ : ‬{وَمَا خَلَقْتُ‮ ‬الْجِنَّ‮ ‬وَالإِنسَ‮ ‬إِلا لِيَعْبُدُونِ‮* ‬مَا أُرِيدُ‮ ‬مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ‮ ‬وَمَا أُرِيدُ‮ ‬أَن‮ ‬يُطْعِمُونِ‮* ‬إِنَّ‮ ‬اللَّهَ‮ ‬هُوَ‮ ‬الرَّزَّاقُ‮ ‬ذُو الْقُوَّةِ‮ ‬الْمَتِينُ‮ ‬}.
الحكمة في إكثاره‮ -‬صلي الله عليه وسلم‮- ‬الصيام في شهر شعبان
لأهمية الصيام ولمنزلة شهر شعبان،‮ ‬كان رسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬يصوم أكثر شعبان،‮ ‬ويتضح من الحديث السابق أن حكمة تخصيص الرسول‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬شهر شعبان بكثرة الصيام تتلخص في أمرين‮ :‬
‮- ‬الأمر الأول‮: ‬فهو شهر‮ ‬يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان‮ ‬،‮ ‬وفيه دلالة واضحة علي فضيلة العمل في وقت‮ ‬غفلة الناس؛ لأنه أشقّ‮ ‬علي النفوس،‮ ‬ومن المعلوم أن العبادة في هذه الأوقات أكثر ثواباً،‮ ‬ولذا كان لصلاة الليل وهي في وقت الغفلة ونوم الناس أكبر الأثر وعظيم الثواب،‮ ‬كما في قوله سبحانه وتعالي‮ :‬{فَلا تَعْلَمُ‮ ‬نَفْسٌ‮ ‬مَّا أُخْفِيَ‮ ‬لَهُم مِّن قُرَّةِ‮ ‬أَعْيُنٍ‮ ‬جَزَاء بِمَا كَانُوا‮ ‬يَعْمَلُونَ}
– الأمر الثاني‮: ‬أنه شهر تُرفع فيه الأعمال إلي رب العالمين،‮ ‬ورسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬يُحبُّ‮ ‬أن‮ ‬يُرفع عمله وهو صائم‮.‬
إن ليلة النصف من شعبان ليلة مباركة جليلة،‮ ‬يتجلي الله سبحانه وتعالي‮ ‬فيها علي عباده بالرحمة والمغفرة‮ .‬
ففي هذه الليلة تُفتح أبواب السماء،‮ ‬وَيُستجاب الدعاء،‮ ‬وَتَعُمّ‮ ‬المغفرة،‮ ‬وتهبط الملائكة علي أهل الأرض بالرحمة،‮ ‬ولله فيها عتقاء كثيرون من النار،‮ ‬حيث‮ ‬ينظر الله سبحانه وتعالي إلي عباده،‮ ‬فيغفر للمستغفرين،‮ ‬ويتجاوز عن سيئات التائبين،‮ ‬ويجيب دعوة المضطرين الصادقين المخلصين‮.‬
ومن المعلوم أن الله عز وجل‮ ‬يعفو عن عباده في هذه الليلة المباركة الطيبة،‮ ‬ولا‮ ‬يُحْرَم من عفو الله ورحمته إلا الذين هم علي الخطايا مُصِرُّون،‮ ‬كما جاء في الحديث الشريف أن رسول الله‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ – ‬قال‮: (‬إنَّ‮ ‬اللهَ‮ ‬لَيطَّلِعُ‮ ‬في ليلةِ‮ ‬النِّصفِ‮ ‬من شعبانَ‮ ‬،‮ ‬فيَغفِرُ‮ ‬لجميع خلْقِهِ،‮ ‬إلا لِمُشْركٍ‮ ‬أو مُشاحِنٍ‮)‬،أما المشرك‮: ‬فلقوله سبحانه وتعالي‮ : ‬{إِنَّ‮ ‬اللّهَ‮ ‬لاَ‮ ‬يَغْفِرُ‮ ‬أَن‮ ‬يُشْرَكَ‮ ‬بِهِ‮ ‬وَيَغْفِرُ‮ ‬مَا دُونَ‮ ‬ذَلِكَ‮ ‬لِمَن‮ ‬يَشَاء}،‮ ‬وأما المشاحن‮: ‬فهو الذي تكون بينه وبين أخيه المسلم شحناء وخصومة،‮ ‬كما جاء في الحديث الشريف عَنْ‮ ‬أَبِي هُرَيْرَةَ‮ ‬رضي الله عنه‮ – ‬أَنَّ‮ ‬رَسُولَ‮ ‬اللَّهِ‮ -‬صَلَّي اللَّهُ‮ ‬عَلَيْهِ‮ ‬وَسَلَّمَ‮- ‬قَالَ‮: ( ‬تُفْتَحُ‮ ‬أَبْوَابُ‮ ‬الْجَنَّةِ‮ ‬يَوْمَ‮ ‬الاثْنَيْنِ‮ ‬وَيَوْمَ‮ ‬الْخَمِيسِ،‮ ‬فَيُغْفَرُ‮ ‬لِكُلِّ‮ ‬عَبْدٍ‮ ‬لا‮ ‬يُشْرِكُ‮ ‬بِاللَّهِ‮ ‬شَيْئًا،‮ ‬إِلا رَجُلاً‮ ‬كَانَتْ‮ ‬بَيْنَهُ‮ ‬وَبَيْنَ‮ ‬أَخِيهِ‮ ‬شَحْنَاءُ،‮ ‬فَيُقَالُ‮: ‬أَنْظِرُوا هَذَيْنِ‮ ‬حَتَّي‮ ‬يَصْطَلِحَا،‮ ‬أَنْظِرُوا هَذَيْنِ‮ ‬حَتَّي‮ ‬يَصْطَلِحَا،‮ ‬أَنْظِرُوا هَذَيْنِ‮ ‬حَتَّي‮ ‬يَصْطَلِحَا‮).‬
شهر شعبان‮ ...‬شهر الذكريات الخالدة
‮ ‬إن شهر شعبان حافلٌ‮ ‬بالذكريات الإسلامية العظيمة،‮ ‬وفي مقدمتها تحويل‮ ‬القبلة من المسجد الأقصي المبارك بالقدس إلي المسجد الحرام بمكة المكرمة،‮ ‬فقد مكث رسول الله‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮- ‬ستة عشر شهراً‮ ‬أو سبعة عشر شهراً‮ ‬وهو‮ ‬يستقبل بيت المقدس،‮ ‬كما جاء في الحديث الشريف عن البراء بن عازب‮ – ‬رضي الله عنه‮ – ‬قال‮: ( ‬صَلَّيْنا مع رسولِ‮ ‬الله‮ -‬صلي الله عليه وسلم‮- ‬نحوَ‮ ‬بيتِ‮ ‬المقدس ستةَ‮ ‬عشرَ‮ ‬شَهْراً‮ ‬أو سبعةَ‮ ‬عشر شهراً،‮ ‬ثم صُرِفْنَا نحْوَ‮ ‬الكعبة‮ )‬،‮ ‬فكان رسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬يتمني أن‮ ‬يأذن الله له في تحويل القبلة إلي الكعبة،‮ ‬ويقلب وجهه في السماء،‮ ‬ترقباً‮ ‬لنزول الوحي بذلك‮ ‬،‮ ‬وتضرعاً‮ ‬إلي الله عز وجل،‮ ‬فنزلت‮: ‬{قَدْ‮ ‬نَرَي تَقَلُّبَ‮ ‬وَجْهِكَ‮ ‬فِي السَّمَاءِ‮ ‬فَلَنُوَلِّيَنَّكَ‮ ‬قِبْلَةً‮ ‬تَرْضَاهَا فَوَلِّ‮ ‬وَجْهَكَ‮ ‬شَطْرَ‮ ‬الْمَسْجِدِ‮ ‬الْحَرَامِ‮ ‬وَحَيْثُ‮ ‬مَا كُنْتُمْ‮ ‬فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ‮ ‬شَطْرَهُ}،‮ ‬فَصُرف إلي الكعبة‮.‬
إن تحويل القبلة من المسجد الأقصي المبارك إلي الكعبة المشرفة،‮ ‬يدل دلالة واضحة علي الصلة الوثيقة بين المسجدين الشريفين،‮ ‬حيث‮ ‬يتجلي ذلك في المواضع الآتية‮ :‬
‮- ‬يقول الله سبحانه وتعالي‮:‬{سُبْحَانَ‮ ‬الَّذِي أَسْرَي بِعَبْدِهِ‮ ‬لَيْلاً‮ ‬مِّنَ‮ ‬الْمَسْجِدِ‮ ‬الْحَرَامِ‮ ‬إِلَي الْمَسْجِدِ‮ ‬الأَقْصَي الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ‮ ‬لِنُرِيَهُ‮ ‬مِنْ‮ ‬آيَاتِنَا إِنَّهُ‮ ‬هُوَ‮ ‬السَّمِيعُ‮ ‬البَصِيرُ‮.‬
فالمسجد الأقصي المبارك شقيق المسجد الحرام بنص الآية الكريمة السابقة،‮ ‬فقد جعله الله توءماً‮ ‬له،‮ ‬حيث ربط بينهما برباط وثيق لا‮ ‬ينقطع إلي‮ ‬يوم القيامة‮ .‬
‮- ‬وجاء في الحديث الشريف عن أبي ذر‮ -‬رضي الله عنه‮- ‬أنه قال‮: (‬قلْتُ‮ ‬يَا رَسُولَ‮ ‬الله‮: ‬أَيُّ‮ ‬مَسْجد وُضعَ‮ ‬في الأرْضِ‮ ‬أوَّلاً؟ قَالَ‮ : ‬اَلْمسجِدُ‮ ‬الْحَرَامُ،‮ ‬قَالَ‮ : ‬قُلْتُ‮: ‬ثُمَّ‮ ‬أَيُّ‮ ‬؟ قَالَ‮: ‬اَلْمَسجِدُ‮ ‬الأقْصَي،‮ ‬قُلْتُ‮: ‬كَمْ‮ ‬كَانَ‮ ‬بَيْنَهُمَا؟ قَالَ‮ ‬أَرْبَعُونَ‮ ‬سَنَةً،‮ ‬ثُمَّ‮ ‬أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ‮ ‬الصَّلاةُ‮ ‬بَعْدُ‮ ‬فَصَلِّهْ،‮ ‬فَإِنَّ‮ ‬الْفَضْلَ‮ ‬فِيِه‮). ‬فالمسجد الأقصي المبارك هو ثاني مسجد بُنِي علي الأرض بعد المسجد الحرام‮.‬
‮- ‬كما جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة‮ -‬رضي الله عنه‮- ‬قال‮: ‬قال رسول الله‮ -‬صلي الله عليه وسلم‮-: "‬لا تُشَدُّ‮ ‬الرِّحَالُ‮ ‬إِلاَّ‮ ‬إلَي ثَلاثَةِ‮ ‬مَسَاجِدَ‮: ‬الْمَسْجِدِ‮ ‬الْحَرَامِ،‮ ‬وَمَسْجِدِ‮ ‬الرَّسُولِ‮- ‬صَلَّي اللَّهُ‮ ‬عَلَيْهِ‮ ‬وَسَلَّمَ‮- ‬وَمَسْجِدِ‮ ‬الأقْصَي‮".‬
إن هذا الحديث‮ ‬يدل علي الاهتمام الكبير الذي أولاه رسولنا‮ -‬عليه الصلاة والسلام‮- ‬للمسجد الأقصي المبارك،‮ ‬حيث ربط قيمته وبركته مع قيمة‮ ‬شقيقيه المسجد الحرام والمسجد النبوي وبركتهما‮.‬
نسأل الله أن‮ ‬يحفظ أمتنا ومقدساتنا من كل سوء
وصلي الله علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.