إعلام الاحتلال: مقتل 6 ضباط وجنود فى غزة وعلى الحدود مع الأردن خلال اليوم    جاهزية 75 قطعة أرض بمشروع «بيت وطن» لتوصيل الكهرباء في القاهرة الجديدة    قرض ومنحة ب60 مليون يورو.. قرار جمهوري بشأن مركز التحكم الإقليمي بالإسكندرية    جامعة الإسماعيلية الجديدة تستقبل طلابها بجاهزية كاملة للعام الدراسي    تجهيز 558 مدرسة لاستقبال 186 ألف طالب بالعام الدراسي الجديد في بورسعيد    وزير التعليم ومحافظ الجيزة يفتتحان 3 مدارس جديدة استعدادًا لانطلاق العام الدراسي الجديد    المشاط تلتقي وزيرة الدولة للتجارة الإسبانية خلال فعاليات منتدى الأعمال المصري الإسباني    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات الخميس    أسعار المستلزمات المدرسية 2025 في محافظة الدقهلية اليوم 18+9-2025    الوزير " محمد صلاح ": الشركات والوحدات التابعة للوزارة تذخر بإمكانيات تصنيعية وتكنولوجية وفنية على أعلى مستوى    «الري»: خرائط لاستهلاك المحاصيل للمياه للوفاء بالتصرفات المائية المطلوبة    80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين من الهلال الأحمر المصري عبر قافلة زاد العزة ال40    أشعر بكِ جدا.. ملك إسبانيا ينزل من المنصة ليصافح سيدة فلسطينية ويتحدث عن غزة    بعد افتتاح سفارتها في القدس.. فيجي الدولة الجزرية الصغيرة التي أثارت جدلًا دوليًا    محمد صلاح يرفع شعار الأرقام خلقت لتحطم    إنتر ميامي يتفق مع ميسي على تجديد تعاقده    ميدو: مواجهة الزمالك والإسماعيلي فقدت بريقها.. وأتمنى عودة الدراويش    الكلاسيكو 147.. التاريخ يميل نحو الزمالك قبل مواجهة الإسماعيلي الليلة    شبانة: وكيل إمام عاشور تخطى حدوده    بينهم رضيع.. إصابة 12 شخصا في حادث انقلاب سيارة أجرة بأسوان    المشدد 15 عاما وغرامة 200 ألف جنيه لمتهمين بالاتجار في المخدرات بالشرقية    هل اقترب موعد زفافها؟.. إيناس الدغيدي وعريسها المنتظر يشعلان مواقع التواصل    بعد اختفاء إسورة أثرية.. أول تحرك برلماني من المتحف المصري بالتحرير    فى حوار له مع باريس ريفيو فلاديمير سوروكين: نغمة الصفحة الأولى مفتتح سيمفونية    معا من أجل فلسطين.. حفل خيري بريطاني يهدم جدار الخوف من إعلان التضامن مع غزة    الصحة: المبادرة الرئاسية «صحتك سعادة» تقدم خدماتها المتكاملة في مكافحة الإدمان    نائب وزير الصحة تشهد إطلاق ورشة عمل للإعلاميين حول الصحة الإنجابية والتنمية السكانية    وزير الدفاع الصيني يجدد تهديداته بالاستيلاء على تايوان لدى افتتاحه منتدى أمنيا    "الرحلة انتهت".. إقالة جديدة في الدوري المصري    آثار تحت قصر ثقافة ومستوصف.. سر اللقية المستخبية فى الأقصر وقنا -فيديو وصور    فيديو متداول يكشف مشاجرة دامية بين جارين في الشرقية    فرنسا تستعد لاحتجاجات واسعة وسط إضرابات وطنية ضد خطط التقشف الحكومية    ديستيني كوسيسو خليفة ميسي ويامال يتألق فى أكاديمية لا ماسيا    "الطفولة والأمومة" يطلق حملة "واعي وغالي" لحماية الأطفال من العنف    مفتى كازاخستان يستقبل وزير الأوقاف على هامش قمة زعماء الأديان    اليوم.. افتتاح الدورة الأولى من مهرجان بورسعيد السينمائي    «نعتز برسالتنا في نشر مذهب أهل السنة والجماعة».. شيخ الأزهر يُكرِّم الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    النقل تناشد المواطنين الالتزام بعدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه    النقل تناشد المواطنين الالتزام بقواعد عبور المزلقانات حفاظًا على الأرواح    التأمين الصحي الشامل: 495 جهة حاصلة على الاعتماد متعاقدة مع المنظومة حتى أغسطس 2025    الصحة تشارك في مؤتمر إيجي هيلث لدعم الخطط الاستراتيجية لتطوير القطاع الصحي    مورينيو يرحب بالعودة لتدريب بنفيكا بعد رحيل لاجي    جبران: تحرير 3676 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 5 أيام فقط    10 ورش تدريبية وماستر كلاس في الدورة العاشرة لمهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب    ضبط المتهم بإنهاء حياة زوجته بمساكن الأمل في بورسعيد    مصر وروسيا تبحثان سبل التعاون بمجالات التعليم الطبي والسياحة العلاجية    التحفظ على أكثر من 1400 كتاب دراسى خارجى مقلد داخل مكتبتين    رئيس اتحاد الصناعات: العمالة المصرية المعتمدة تجذب الشركات الأجنبية    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين عبر قافلة «زاد العزة» ال 40    ملك إسبانيا: المتحف الكبير أيقونة مصر السياحية والثقافية الجديدة    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    شديد الحرارة.. حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    هنيئًا لقلوب سجدت لربها فجرًا    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    "معندهمش دم".. هجوم حاد من هاني رمزي ضد لاعبي الأهلي    سعر الأرز والفول والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    احتفظ بانجازاتك لنفسك.. حظ برج الدلو اليوم 18 سبتمبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهر شعبان‮.. ‬شهر الفضائل والخيرات
في ظلال الحرية

الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام‮ ‬،‮ ‬وشرح صدورنا للإيمان‮ ‬،‮ ‬والصلاة والسلام علي سيدنا محمد‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ – ‬وعلي آله وأصحابه أجمعين‮ ‬،‮ ‬وبعد‮ : -‬
أخرج الإمام النسائي في سننه عن أُسَامَة بْن زَيْدٍ‮ ‬قَالَ‮: (‬قُلْتُ‮: ‬يَا رَسُولَ‮ ‬اللَّهِ‮! ‬لَمْ‮ ‬أَرَكَ‮ ‬تَصُومُ‮ ‬شَهْرًا مِنْ‮ ‬الشُّهُورِ‮ ‬مَا تَصُومُ‮ ‬مِنْ‮ ‬شَعْبَانَ؟‮! ‬قَالَ‮: ‬ذَلِكَ‮ ‬شَهْرٌ‮ ‬يَغْفُلُ‮ ‬النَّاسُ‮ ‬عَنْهُ؛ بَيْنَ‮ ‬رَجَبٍ‮ ‬وَرَمَضَانَ؛ وَهُوَ‮ ‬شَهْرٌ‮ ‬تُرْفَعُ‮ ‬فِيهِ‮ ‬الأَعْمَالُ‮ ‬إِلَي رَبِّ‮ ‬الْعَالَمِينَ،‮ ‬فَأُحِبُّ‮ ‬أَنْ‮ ‬يُرْفَعَ‮ ‬عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ‮ ).‬
هذا الحديث أخرجه الإمام النسائي في سننه،‮ ‬في كتاب الصيام،‮ ‬باب صوم النبي‮ "‬صلي الله عليه وسلم‮" -‬بأبي هو وأمي‮- ‬وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك‮ .‬
شهر شعبان الذي نتفيأ ظلاله في هذه الأيام‮ ‬،‮ ‬شهر مبارك عظيم،‮ ‬جدير بالمسلمين أن‮ ‬يغتنموا فرصته لتحصيل الأجر والثواب،‮ ‬وفعل الخير والباقيات الصالحات،‮ ‬حيث إن رسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬كان‮ ‬يُعَظّم هذا الشهر،‮ ‬وَيُكْثر فيه من الصوم،‮ ‬تشريعاً‮ ‬للأمة وحثاً‮ ‬لها علي التزود من التقوي‮ ‬والهداية والأعمال الصالحة الباقية،‮ ‬كما جاء في قوله سبحانه وتعالي‮ : ‬{وَالْبَاقِيَاتُ‮ ‬الصَّالِحَاتُ‮ ‬خَيْرٌ‮ ‬عِندَ‮ ‬رَبِّكَ‮ ‬ثَوَابًا وَخَيْرٌ‮ ‬أَمَلاً}.
ولشهر شعبان منزلة عظيمة،‮ ‬حيث‮ ‬يُكْثر المسلمون فيه من الصيام،‮ ‬ويبتعدون عن الشهوات والملذات،‮ ‬فهم‮ ‬يتشبهون بالملأ الأعلي في طهارتهم وتفرغهم لعبادة الله عز وجل،‮ ‬لذلك خصه رسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬بكثرة الصيام فيه،‮ ‬ومما لا شكّ‮ ‬فيه أن للصيام ثواباً‮ ‬كبيراً،‮ ‬كما جاء في الحديث الشريف‮: (‬الصِّيَامُ‮ ‬وَالْقُرْآنُ‮ ‬يَشْفَعَانِ‮ ‬لِلْعَبْدِ‮ ‬يَوْمَ‮ ‬الْقِيَامَةِ،‮ ‬يَقُولُ‮ ‬الصِّيَامُ‮: ‬أَيْ‮ ‬رَبِّ‮ ‬مَنَعْتُهُ‮ ‬الطَّعَامَ‮ ‬وَالشَّهَوَاتِ‮ ‬بِالنَّهَارِ‮ ‬فَشَفِّعْنِي فِيهِ،‮ ‬وَيَقُولُ‮ ‬الْقُرْآنُ‮: ‬مَنَعْتُهُ‮ ‬النَّوْمَ‮ ‬بِاللَّيْلِ‮ ‬فَشَفِّعْنِي فِيه،ِ‮ ‬قَالَ‮: ‬فَيُشَفَّعَانِ‮) .‬
نفحة بعد نفحة
إن لربنا في دهرنا نفحات‮ ‬،‮ ‬تُذكرنا كلما نسينا‮ ‬،‮ ‬وَتُنبهنا كلما‮ ‬غفلنا،‮ ‬فهي مواسم للخيرات والطاعات‮ ‬،‮ ‬يتزود منها المسلمون بما‮ ‬يُعينهم علي طاعة الله سبحانه وتعالي‮: ‬{وَتَزَوَّدُواْ‮ ‬فَإِنَّ‮ ‬خَيْرَ‮ ‬الزَّادِ‮ ‬التَّقْوَي وَاتَّقُونِ‮ ‬يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}.
إن نفحات الخير تأتينا نفحة بعد نفحة‮ ‬،‮ ‬فإذا ما انتهينا من أداء الصلوات المفروضة‮ ‬،‮ ‬تأتي النوافل المتعددة المذكورة في كتب الفقه‮ ‬،‮ ‬ولئن أدينا الزكاة المفروضة فإن أبواب الصدقات مفتوحة طيلة العام،‮ ‬ولئن أدينا فريضة الحج فإن أداء العمرة مُيَسّرٌ‮ ‬طيلة العام،‮ ‬ولئن أدينا فريضة الصيام فإن صيام النوافل موجود طيلة العام،‮ ‬وهكذا الخير لا‮ ‬ينقطع وهذا فضل من الله ونعمة‮ .‬
فلذلك‮ ‬يجب علينا أن نواظب علي الطاعة في كل وقت‮ ‬،‮ ‬وأن نحرص علي التزود بالتقوي‮ ‬،‮ ‬فنحن مخلوقون لعبادته وطاعته سبحانه و تعالي،‮ ‬امتثالاً‮ ‬لقوله تعالي‮ : ‬{وَمَا خَلَقْتُ‮ ‬الْجِنَّ‮ ‬وَالإِنسَ‮ ‬إِلا لِيَعْبُدُونِ‮* ‬مَا أُرِيدُ‮ ‬مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ‮ ‬وَمَا أُرِيدُ‮ ‬أَن‮ ‬يُطْعِمُونِ‮* ‬إِنَّ‮ ‬اللَّهَ‮ ‬هُوَ‮ ‬الرَّزَّاقُ‮ ‬ذُو الْقُوَّةِ‮ ‬الْمَتِينُ‮ ‬}.
الحكمة في إكثاره‮ -‬صلي الله عليه وسلم‮- ‬الصيام في شهر شعبان
لأهمية الصيام ولمنزلة شهر شعبان،‮ ‬كان رسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬يصوم أكثر شعبان،‮ ‬ويتضح من الحديث السابق أن حكمة تخصيص الرسول‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬شهر شعبان بكثرة الصيام تتلخص في أمرين‮ :‬
‮- ‬الأمر الأول‮: ‬فهو شهر‮ ‬يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان‮ ‬،‮ ‬وفيه دلالة واضحة علي فضيلة العمل في وقت‮ ‬غفلة الناس؛ لأنه أشقّ‮ ‬علي النفوس،‮ ‬ومن المعلوم أن العبادة في هذه الأوقات أكثر ثواباً،‮ ‬ولذا كان لصلاة الليل وهي في وقت الغفلة ونوم الناس أكبر الأثر وعظيم الثواب،‮ ‬كما في قوله سبحانه وتعالي‮ :‬{فَلا تَعْلَمُ‮ ‬نَفْسٌ‮ ‬مَّا أُخْفِيَ‮ ‬لَهُم مِّن قُرَّةِ‮ ‬أَعْيُنٍ‮ ‬جَزَاء بِمَا كَانُوا‮ ‬يَعْمَلُونَ}
– الأمر الثاني‮: ‬أنه شهر تُرفع فيه الأعمال إلي رب العالمين،‮ ‬ورسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬يُحبُّ‮ ‬أن‮ ‬يُرفع عمله وهو صائم‮.‬
إن ليلة النصف من شعبان ليلة مباركة جليلة،‮ ‬يتجلي الله سبحانه وتعالي‮ ‬فيها علي عباده بالرحمة والمغفرة‮ .‬
ففي هذه الليلة تُفتح أبواب السماء،‮ ‬وَيُستجاب الدعاء،‮ ‬وَتَعُمّ‮ ‬المغفرة،‮ ‬وتهبط الملائكة علي أهل الأرض بالرحمة،‮ ‬ولله فيها عتقاء كثيرون من النار،‮ ‬حيث‮ ‬ينظر الله سبحانه وتعالي إلي عباده،‮ ‬فيغفر للمستغفرين،‮ ‬ويتجاوز عن سيئات التائبين،‮ ‬ويجيب دعوة المضطرين الصادقين المخلصين‮.‬
ومن المعلوم أن الله عز وجل‮ ‬يعفو عن عباده في هذه الليلة المباركة الطيبة،‮ ‬ولا‮ ‬يُحْرَم من عفو الله ورحمته إلا الذين هم علي الخطايا مُصِرُّون،‮ ‬كما جاء في الحديث الشريف أن رسول الله‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ – ‬قال‮: (‬إنَّ‮ ‬اللهَ‮ ‬لَيطَّلِعُ‮ ‬في ليلةِ‮ ‬النِّصفِ‮ ‬من شعبانَ‮ ‬،‮ ‬فيَغفِرُ‮ ‬لجميع خلْقِهِ،‮ ‬إلا لِمُشْركٍ‮ ‬أو مُشاحِنٍ‮)‬،أما المشرك‮: ‬فلقوله سبحانه وتعالي‮ : ‬{إِنَّ‮ ‬اللّهَ‮ ‬لاَ‮ ‬يَغْفِرُ‮ ‬أَن‮ ‬يُشْرَكَ‮ ‬بِهِ‮ ‬وَيَغْفِرُ‮ ‬مَا دُونَ‮ ‬ذَلِكَ‮ ‬لِمَن‮ ‬يَشَاء}،‮ ‬وأما المشاحن‮: ‬فهو الذي تكون بينه وبين أخيه المسلم شحناء وخصومة،‮ ‬كما جاء في الحديث الشريف عَنْ‮ ‬أَبِي هُرَيْرَةَ‮ ‬رضي الله عنه‮ – ‬أَنَّ‮ ‬رَسُولَ‮ ‬اللَّهِ‮ -‬صَلَّي اللَّهُ‮ ‬عَلَيْهِ‮ ‬وَسَلَّمَ‮- ‬قَالَ‮: ( ‬تُفْتَحُ‮ ‬أَبْوَابُ‮ ‬الْجَنَّةِ‮ ‬يَوْمَ‮ ‬الاثْنَيْنِ‮ ‬وَيَوْمَ‮ ‬الْخَمِيسِ،‮ ‬فَيُغْفَرُ‮ ‬لِكُلِّ‮ ‬عَبْدٍ‮ ‬لا‮ ‬يُشْرِكُ‮ ‬بِاللَّهِ‮ ‬شَيْئًا،‮ ‬إِلا رَجُلاً‮ ‬كَانَتْ‮ ‬بَيْنَهُ‮ ‬وَبَيْنَ‮ ‬أَخِيهِ‮ ‬شَحْنَاءُ،‮ ‬فَيُقَالُ‮: ‬أَنْظِرُوا هَذَيْنِ‮ ‬حَتَّي‮ ‬يَصْطَلِحَا،‮ ‬أَنْظِرُوا هَذَيْنِ‮ ‬حَتَّي‮ ‬يَصْطَلِحَا،‮ ‬أَنْظِرُوا هَذَيْنِ‮ ‬حَتَّي‮ ‬يَصْطَلِحَا‮).‬
شهر شعبان‮ ...‬شهر الذكريات الخالدة
‮ ‬إن شهر شعبان حافلٌ‮ ‬بالذكريات الإسلامية العظيمة،‮ ‬وفي مقدمتها تحويل‮ ‬القبلة من المسجد الأقصي المبارك بالقدس إلي المسجد الحرام بمكة المكرمة،‮ ‬فقد مكث رسول الله‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮- ‬ستة عشر شهراً‮ ‬أو سبعة عشر شهراً‮ ‬وهو‮ ‬يستقبل بيت المقدس،‮ ‬كما جاء في الحديث الشريف عن البراء بن عازب‮ – ‬رضي الله عنه‮ – ‬قال‮: ( ‬صَلَّيْنا مع رسولِ‮ ‬الله‮ -‬صلي الله عليه وسلم‮- ‬نحوَ‮ ‬بيتِ‮ ‬المقدس ستةَ‮ ‬عشرَ‮ ‬شَهْراً‮ ‬أو سبعةَ‮ ‬عشر شهراً،‮ ‬ثم صُرِفْنَا نحْوَ‮ ‬الكعبة‮ )‬،‮ ‬فكان رسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬يتمني أن‮ ‬يأذن الله له في تحويل القبلة إلي الكعبة،‮ ‬ويقلب وجهه في السماء،‮ ‬ترقباً‮ ‬لنزول الوحي بذلك‮ ‬،‮ ‬وتضرعاً‮ ‬إلي الله عز وجل،‮ ‬فنزلت‮: ‬{قَدْ‮ ‬نَرَي تَقَلُّبَ‮ ‬وَجْهِكَ‮ ‬فِي السَّمَاءِ‮ ‬فَلَنُوَلِّيَنَّكَ‮ ‬قِبْلَةً‮ ‬تَرْضَاهَا فَوَلِّ‮ ‬وَجْهَكَ‮ ‬شَطْرَ‮ ‬الْمَسْجِدِ‮ ‬الْحَرَامِ‮ ‬وَحَيْثُ‮ ‬مَا كُنْتُمْ‮ ‬فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ‮ ‬شَطْرَهُ}،‮ ‬فَصُرف إلي الكعبة‮.‬
إن تحويل القبلة من المسجد الأقصي المبارك إلي الكعبة المشرفة،‮ ‬يدل دلالة واضحة علي الصلة الوثيقة بين المسجدين الشريفين،‮ ‬حيث‮ ‬يتجلي ذلك في المواضع الآتية‮ :‬
‮- ‬يقول الله سبحانه وتعالي‮:‬{سُبْحَانَ‮ ‬الَّذِي أَسْرَي بِعَبْدِهِ‮ ‬لَيْلاً‮ ‬مِّنَ‮ ‬الْمَسْجِدِ‮ ‬الْحَرَامِ‮ ‬إِلَي الْمَسْجِدِ‮ ‬الأَقْصَي الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ‮ ‬لِنُرِيَهُ‮ ‬مِنْ‮ ‬آيَاتِنَا إِنَّهُ‮ ‬هُوَ‮ ‬السَّمِيعُ‮ ‬البَصِيرُ‮.‬
فالمسجد الأقصي المبارك شقيق المسجد الحرام بنص الآية الكريمة السابقة،‮ ‬فقد جعله الله توءماً‮ ‬له،‮ ‬حيث ربط بينهما برباط وثيق لا‮ ‬ينقطع إلي‮ ‬يوم القيامة‮ .‬
‮- ‬وجاء في الحديث الشريف عن أبي ذر‮ -‬رضي الله عنه‮- ‬أنه قال‮: (‬قلْتُ‮ ‬يَا رَسُولَ‮ ‬الله‮: ‬أَيُّ‮ ‬مَسْجد وُضعَ‮ ‬في الأرْضِ‮ ‬أوَّلاً؟ قَالَ‮ : ‬اَلْمسجِدُ‮ ‬الْحَرَامُ،‮ ‬قَالَ‮ : ‬قُلْتُ‮: ‬ثُمَّ‮ ‬أَيُّ‮ ‬؟ قَالَ‮: ‬اَلْمَسجِدُ‮ ‬الأقْصَي،‮ ‬قُلْتُ‮: ‬كَمْ‮ ‬كَانَ‮ ‬بَيْنَهُمَا؟ قَالَ‮ ‬أَرْبَعُونَ‮ ‬سَنَةً،‮ ‬ثُمَّ‮ ‬أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ‮ ‬الصَّلاةُ‮ ‬بَعْدُ‮ ‬فَصَلِّهْ،‮ ‬فَإِنَّ‮ ‬الْفَضْلَ‮ ‬فِيِه‮). ‬فالمسجد الأقصي المبارك هو ثاني مسجد بُنِي علي الأرض بعد المسجد الحرام‮.‬
‮- ‬كما جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة‮ -‬رضي الله عنه‮- ‬قال‮: ‬قال رسول الله‮ -‬صلي الله عليه وسلم‮-: "‬لا تُشَدُّ‮ ‬الرِّحَالُ‮ ‬إِلاَّ‮ ‬إلَي ثَلاثَةِ‮ ‬مَسَاجِدَ‮: ‬الْمَسْجِدِ‮ ‬الْحَرَامِ،‮ ‬وَمَسْجِدِ‮ ‬الرَّسُولِ‮- ‬صَلَّي اللَّهُ‮ ‬عَلَيْهِ‮ ‬وَسَلَّمَ‮- ‬وَمَسْجِدِ‮ ‬الأقْصَي‮".‬
إن هذا الحديث‮ ‬يدل علي الاهتمام الكبير الذي أولاه رسولنا‮ -‬عليه الصلاة والسلام‮- ‬للمسجد الأقصي المبارك،‮ ‬حيث ربط قيمته وبركته مع قيمة‮ ‬شقيقيه المسجد الحرام والمسجد النبوي وبركتهما‮.‬
نسأل الله أن‮ ‬يحفظ أمتنا ومقدساتنا من كل سوء
وصلي الله علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين
الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام‮ ‬،‮ ‬وشرح صدورنا للإيمان‮ ‬،‮ ‬والصلاة والسلام علي سيدنا محمد‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ – ‬وعلي آله وأصحابه أجمعين‮ ‬،‮ ‬وبعد‮ : -‬
أخرج الإمام النسائي في سننه عن أُسَامَة بْن زَيْدٍ‮ ‬قَالَ‮: (‬قُلْتُ‮: ‬يَا رَسُولَ‮ ‬اللَّهِ‮! ‬لَمْ‮ ‬أَرَكَ‮ ‬تَصُومُ‮ ‬شَهْرًا مِنْ‮ ‬الشُّهُورِ‮ ‬مَا تَصُومُ‮ ‬مِنْ‮ ‬شَعْبَانَ؟‮! ‬قَالَ‮: ‬ذَلِكَ‮ ‬شَهْرٌ‮ ‬يَغْفُلُ‮ ‬النَّاسُ‮ ‬عَنْهُ؛ بَيْنَ‮ ‬رَجَبٍ‮ ‬وَرَمَضَانَ؛ وَهُوَ‮ ‬شَهْرٌ‮ ‬تُرْفَعُ‮ ‬فِيهِ‮ ‬الأَعْمَالُ‮ ‬إِلَي رَبِّ‮ ‬الْعَالَمِينَ،‮ ‬فَأُحِبُّ‮ ‬أَنْ‮ ‬يُرْفَعَ‮ ‬عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ‮ ).‬
هذا الحديث أخرجه الإمام النسائي في سننه،‮ ‬في كتاب الصيام،‮ ‬باب صوم النبي‮ "‬صلي الله عليه وسلم‮" -‬بأبي هو وأمي‮- ‬وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك‮ .‬
شهر شعبان الذي نتفيأ ظلاله في هذه الأيام‮ ‬،‮ ‬شهر مبارك عظيم،‮ ‬جدير بالمسلمين أن‮ ‬يغتنموا فرصته لتحصيل الأجر والثواب،‮ ‬وفعل الخير والباقيات الصالحات،‮ ‬حيث إن رسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬كان‮ ‬يُعَظّم هذا الشهر،‮ ‬وَيُكْثر فيه من الصوم،‮ ‬تشريعاً‮ ‬للأمة وحثاً‮ ‬لها علي التزود من التقوي‮ ‬والهداية والأعمال الصالحة الباقية،‮ ‬كما جاء في قوله سبحانه وتعالي‮ : ‬{وَالْبَاقِيَاتُ‮ ‬الصَّالِحَاتُ‮ ‬خَيْرٌ‮ ‬عِندَ‮ ‬رَبِّكَ‮ ‬ثَوَابًا وَخَيْرٌ‮ ‬أَمَلاً}.
ولشهر شعبان منزلة عظيمة،‮ ‬حيث‮ ‬يُكْثر المسلمون فيه من الصيام،‮ ‬ويبتعدون عن الشهوات والملذات،‮ ‬فهم‮ ‬يتشبهون بالملأ الأعلي في طهارتهم وتفرغهم لعبادة الله عز وجل،‮ ‬لذلك خصه رسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬بكثرة الصيام فيه،‮ ‬ومما لا شكّ‮ ‬فيه أن للصيام ثواباً‮ ‬كبيراً،‮ ‬كما جاء في الحديث الشريف‮: (‬الصِّيَامُ‮ ‬وَالْقُرْآنُ‮ ‬يَشْفَعَانِ‮ ‬لِلْعَبْدِ‮ ‬يَوْمَ‮ ‬الْقِيَامَةِ،‮ ‬يَقُولُ‮ ‬الصِّيَامُ‮: ‬أَيْ‮ ‬رَبِّ‮ ‬مَنَعْتُهُ‮ ‬الطَّعَامَ‮ ‬وَالشَّهَوَاتِ‮ ‬بِالنَّهَارِ‮ ‬فَشَفِّعْنِي فِيهِ،‮ ‬وَيَقُولُ‮ ‬الْقُرْآنُ‮: ‬مَنَعْتُهُ‮ ‬النَّوْمَ‮ ‬بِاللَّيْلِ‮ ‬فَشَفِّعْنِي فِيه،ِ‮ ‬قَالَ‮: ‬فَيُشَفَّعَانِ‮) .‬
نفحة بعد نفحة
إن لربنا في دهرنا نفحات‮ ‬،‮ ‬تُذكرنا كلما نسينا‮ ‬،‮ ‬وَتُنبهنا كلما‮ ‬غفلنا،‮ ‬فهي مواسم للخيرات والطاعات‮ ‬،‮ ‬يتزود منها المسلمون بما‮ ‬يُعينهم علي طاعة الله سبحانه وتعالي‮: ‬{وَتَزَوَّدُواْ‮ ‬فَإِنَّ‮ ‬خَيْرَ‮ ‬الزَّادِ‮ ‬التَّقْوَي وَاتَّقُونِ‮ ‬يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}.
إن نفحات الخير تأتينا نفحة بعد نفحة‮ ‬،‮ ‬فإذا ما انتهينا من أداء الصلوات المفروضة‮ ‬،‮ ‬تأتي النوافل المتعددة المذكورة في كتب الفقه‮ ‬،‮ ‬ولئن أدينا الزكاة المفروضة فإن أبواب الصدقات مفتوحة طيلة العام،‮ ‬ولئن أدينا فريضة الحج فإن أداء العمرة مُيَسّرٌ‮ ‬طيلة العام،‮ ‬ولئن أدينا فريضة الصيام فإن صيام النوافل موجود طيلة العام،‮ ‬وهكذا الخير لا‮ ‬ينقطع وهذا فضل من الله ونعمة‮ .‬
فلذلك‮ ‬يجب علينا أن نواظب علي الطاعة في كل وقت‮ ‬،‮ ‬وأن نحرص علي التزود بالتقوي‮ ‬،‮ ‬فنحن مخلوقون لعبادته وطاعته سبحانه و تعالي،‮ ‬امتثالاً‮ ‬لقوله تعالي‮ : ‬{وَمَا خَلَقْتُ‮ ‬الْجِنَّ‮ ‬وَالإِنسَ‮ ‬إِلا لِيَعْبُدُونِ‮* ‬مَا أُرِيدُ‮ ‬مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ‮ ‬وَمَا أُرِيدُ‮ ‬أَن‮ ‬يُطْعِمُونِ‮* ‬إِنَّ‮ ‬اللَّهَ‮ ‬هُوَ‮ ‬الرَّزَّاقُ‮ ‬ذُو الْقُوَّةِ‮ ‬الْمَتِينُ‮ ‬}.
الحكمة في إكثاره‮ -‬صلي الله عليه وسلم‮- ‬الصيام في شهر شعبان
لأهمية الصيام ولمنزلة شهر شعبان،‮ ‬كان رسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬يصوم أكثر شعبان،‮ ‬ويتضح من الحديث السابق أن حكمة تخصيص الرسول‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬شهر شعبان بكثرة الصيام تتلخص في أمرين‮ :‬
‮- ‬الأمر الأول‮: ‬فهو شهر‮ ‬يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان‮ ‬،‮ ‬وفيه دلالة واضحة علي فضيلة العمل في وقت‮ ‬غفلة الناس؛ لأنه أشقّ‮ ‬علي النفوس،‮ ‬ومن المعلوم أن العبادة في هذه الأوقات أكثر ثواباً،‮ ‬ولذا كان لصلاة الليل وهي في وقت الغفلة ونوم الناس أكبر الأثر وعظيم الثواب،‮ ‬كما في قوله سبحانه وتعالي‮ :‬{فَلا تَعْلَمُ‮ ‬نَفْسٌ‮ ‬مَّا أُخْفِيَ‮ ‬لَهُم مِّن قُرَّةِ‮ ‬أَعْيُنٍ‮ ‬جَزَاء بِمَا كَانُوا‮ ‬يَعْمَلُونَ}
– الأمر الثاني‮: ‬أنه شهر تُرفع فيه الأعمال إلي رب العالمين،‮ ‬ورسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬يُحبُّ‮ ‬أن‮ ‬يُرفع عمله وهو صائم‮.‬
إن ليلة النصف من شعبان ليلة مباركة جليلة،‮ ‬يتجلي الله سبحانه وتعالي‮ ‬فيها علي عباده بالرحمة والمغفرة‮ .‬
ففي هذه الليلة تُفتح أبواب السماء،‮ ‬وَيُستجاب الدعاء،‮ ‬وَتَعُمّ‮ ‬المغفرة،‮ ‬وتهبط الملائكة علي أهل الأرض بالرحمة،‮ ‬ولله فيها عتقاء كثيرون من النار،‮ ‬حيث‮ ‬ينظر الله سبحانه وتعالي إلي عباده،‮ ‬فيغفر للمستغفرين،‮ ‬ويتجاوز عن سيئات التائبين،‮ ‬ويجيب دعوة المضطرين الصادقين المخلصين‮.‬
ومن المعلوم أن الله عز وجل‮ ‬يعفو عن عباده في هذه الليلة المباركة الطيبة،‮ ‬ولا‮ ‬يُحْرَم من عفو الله ورحمته إلا الذين هم علي الخطايا مُصِرُّون،‮ ‬كما جاء في الحديث الشريف أن رسول الله‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ – ‬قال‮: (‬إنَّ‮ ‬اللهَ‮ ‬لَيطَّلِعُ‮ ‬في ليلةِ‮ ‬النِّصفِ‮ ‬من شعبانَ‮ ‬،‮ ‬فيَغفِرُ‮ ‬لجميع خلْقِهِ،‮ ‬إلا لِمُشْركٍ‮ ‬أو مُشاحِنٍ‮)‬،أما المشرك‮: ‬فلقوله سبحانه وتعالي‮ : ‬{إِنَّ‮ ‬اللّهَ‮ ‬لاَ‮ ‬يَغْفِرُ‮ ‬أَن‮ ‬يُشْرَكَ‮ ‬بِهِ‮ ‬وَيَغْفِرُ‮ ‬مَا دُونَ‮ ‬ذَلِكَ‮ ‬لِمَن‮ ‬يَشَاء}،‮ ‬وأما المشاحن‮: ‬فهو الذي تكون بينه وبين أخيه المسلم شحناء وخصومة،‮ ‬كما جاء في الحديث الشريف عَنْ‮ ‬أَبِي هُرَيْرَةَ‮ ‬رضي الله عنه‮ – ‬أَنَّ‮ ‬رَسُولَ‮ ‬اللَّهِ‮ -‬صَلَّي اللَّهُ‮ ‬عَلَيْهِ‮ ‬وَسَلَّمَ‮- ‬قَالَ‮: ( ‬تُفْتَحُ‮ ‬أَبْوَابُ‮ ‬الْجَنَّةِ‮ ‬يَوْمَ‮ ‬الاثْنَيْنِ‮ ‬وَيَوْمَ‮ ‬الْخَمِيسِ،‮ ‬فَيُغْفَرُ‮ ‬لِكُلِّ‮ ‬عَبْدٍ‮ ‬لا‮ ‬يُشْرِكُ‮ ‬بِاللَّهِ‮ ‬شَيْئًا،‮ ‬إِلا رَجُلاً‮ ‬كَانَتْ‮ ‬بَيْنَهُ‮ ‬وَبَيْنَ‮ ‬أَخِيهِ‮ ‬شَحْنَاءُ،‮ ‬فَيُقَالُ‮: ‬أَنْظِرُوا هَذَيْنِ‮ ‬حَتَّي‮ ‬يَصْطَلِحَا،‮ ‬أَنْظِرُوا هَذَيْنِ‮ ‬حَتَّي‮ ‬يَصْطَلِحَا،‮ ‬أَنْظِرُوا هَذَيْنِ‮ ‬حَتَّي‮ ‬يَصْطَلِحَا‮).‬
شهر شعبان‮ ...‬شهر الذكريات الخالدة
‮ ‬إن شهر شعبان حافلٌ‮ ‬بالذكريات الإسلامية العظيمة،‮ ‬وفي مقدمتها تحويل‮ ‬القبلة من المسجد الأقصي المبارك بالقدس إلي المسجد الحرام بمكة المكرمة،‮ ‬فقد مكث رسول الله‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮- ‬ستة عشر شهراً‮ ‬أو سبعة عشر شهراً‮ ‬وهو‮ ‬يستقبل بيت المقدس،‮ ‬كما جاء في الحديث الشريف عن البراء بن عازب‮ – ‬رضي الله عنه‮ – ‬قال‮: ( ‬صَلَّيْنا مع رسولِ‮ ‬الله‮ -‬صلي الله عليه وسلم‮- ‬نحوَ‮ ‬بيتِ‮ ‬المقدس ستةَ‮ ‬عشرَ‮ ‬شَهْراً‮ ‬أو سبعةَ‮ ‬عشر شهراً،‮ ‬ثم صُرِفْنَا نحْوَ‮ ‬الكعبة‮ )‬،‮ ‬فكان رسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬يتمني أن‮ ‬يأذن الله له في تحويل القبلة إلي الكعبة،‮ ‬ويقلب وجهه في السماء،‮ ‬ترقباً‮ ‬لنزول الوحي بذلك‮ ‬،‮ ‬وتضرعاً‮ ‬إلي الله عز وجل،‮ ‬فنزلت‮: ‬{قَدْ‮ ‬نَرَي تَقَلُّبَ‮ ‬وَجْهِكَ‮ ‬فِي السَّمَاءِ‮ ‬فَلَنُوَلِّيَنَّكَ‮ ‬قِبْلَةً‮ ‬تَرْضَاهَا فَوَلِّ‮ ‬وَجْهَكَ‮ ‬شَطْرَ‮ ‬الْمَسْجِدِ‮ ‬الْحَرَامِ‮ ‬وَحَيْثُ‮ ‬مَا كُنْتُمْ‮ ‬فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ‮ ‬شَطْرَهُ}،‮ ‬فَصُرف إلي الكعبة‮.‬
إن تحويل القبلة من المسجد الأقصي المبارك إلي الكعبة المشرفة،‮ ‬يدل دلالة واضحة علي الصلة الوثيقة بين المسجدين الشريفين،‮ ‬حيث‮ ‬يتجلي ذلك في المواضع الآتية‮ :‬
‮- ‬يقول الله سبحانه وتعالي‮:‬{سُبْحَانَ‮ ‬الَّذِي أَسْرَي بِعَبْدِهِ‮ ‬لَيْلاً‮ ‬مِّنَ‮ ‬الْمَسْجِدِ‮ ‬الْحَرَامِ‮ ‬إِلَي الْمَسْجِدِ‮ ‬الأَقْصَي الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ‮ ‬لِنُرِيَهُ‮ ‬مِنْ‮ ‬آيَاتِنَا إِنَّهُ‮ ‬هُوَ‮ ‬السَّمِيعُ‮ ‬البَصِيرُ‮.‬
فالمسجد الأقصي المبارك شقيق المسجد الحرام بنص الآية الكريمة السابقة،‮ ‬فقد جعله الله توءماً‮ ‬له،‮ ‬حيث ربط بينهما برباط وثيق لا‮ ‬ينقطع إلي‮ ‬يوم القيامة‮ .‬
‮- ‬وجاء في الحديث الشريف عن أبي ذر‮ -‬رضي الله عنه‮- ‬أنه قال‮: (‬قلْتُ‮ ‬يَا رَسُولَ‮ ‬الله‮: ‬أَيُّ‮ ‬مَسْجد وُضعَ‮ ‬في الأرْضِ‮ ‬أوَّلاً؟ قَالَ‮ : ‬اَلْمسجِدُ‮ ‬الْحَرَامُ،‮ ‬قَالَ‮ : ‬قُلْتُ‮: ‬ثُمَّ‮ ‬أَيُّ‮ ‬؟ قَالَ‮: ‬اَلْمَسجِدُ‮ ‬الأقْصَي،‮ ‬قُلْتُ‮: ‬كَمْ‮ ‬كَانَ‮ ‬بَيْنَهُمَا؟ قَالَ‮ ‬أَرْبَعُونَ‮ ‬سَنَةً،‮ ‬ثُمَّ‮ ‬أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ‮ ‬الصَّلاةُ‮ ‬بَعْدُ‮ ‬فَصَلِّهْ،‮ ‬فَإِنَّ‮ ‬الْفَضْلَ‮ ‬فِيِه‮). ‬فالمسجد الأقصي المبارك هو ثاني مسجد بُنِي علي الأرض بعد المسجد الحرام‮.‬
‮- ‬كما جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة‮ -‬رضي الله عنه‮- ‬قال‮: ‬قال رسول الله‮ -‬صلي الله عليه وسلم‮-: "‬لا تُشَدُّ‮ ‬الرِّحَالُ‮ ‬إِلاَّ‮ ‬إلَي ثَلاثَةِ‮ ‬مَسَاجِدَ‮: ‬الْمَسْجِدِ‮ ‬الْحَرَامِ،‮ ‬وَمَسْجِدِ‮ ‬الرَّسُولِ‮- ‬صَلَّي اللَّهُ‮ ‬عَلَيْهِ‮ ‬وَسَلَّمَ‮- ‬وَمَسْجِدِ‮ ‬الأقْصَي‮".‬
إن هذا الحديث‮ ‬يدل علي الاهتمام الكبير الذي أولاه رسولنا‮ -‬عليه الصلاة والسلام‮- ‬للمسجد الأقصي المبارك،‮ ‬حيث ربط قيمته وبركته مع قيمة‮ ‬شقيقيه المسجد الحرام والمسجد النبوي وبركتهما‮.‬
نسأل الله أن‮ ‬يحفظ أمتنا ومقدساتنا من كل سوء
وصلي الله علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.