انطلاق انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء الأسنان بالشرقية    بمناسبة أعياد تحرير سيناء.. نقل صلاة الجمعة على الهواء مباشرة من مدينة العريش    هشام عبدالعزيز خطيبًا.. نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد النصر بالعريش    حصول 4 معاهد أزهرية على الاعتماد والجودة رسمياً بالإسكندرية    ضمان حياة كريمة تليق بالمواطن.. 7 أهداف ضمن الحوار الوطني    خبير: أمطار غزيرة على منابع النيل فى المنطقة الإستوائية    تعرف على سعر الذهب مع بداية تعاملات الجمعة    بمناسبة عيد تحرير سيناء.. التخطيط تستعرض خطة المواطن الاستثمارية لشمال وجنوب سيناء لعام 2023-2024    خزنوا الميه.. إعلان ب قطع المياه ل12 ساعة عن هذه المناطق    الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواريخ باليستية ومجنحة على أهداف في إيلات    جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج الرئيسي بعد احتجاجات مناهضة للعدوان على غزة    حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد الجيش الإسرائيلي يوم الخميس    إسرائيل تضع شرطًا للتراجع عن اجتياح رفح    نائب وزير الخارجية اليوناني يعتزم زيارة تركيا اليوم الجمعة    تؤجج باستمرار التوترات الإقليمية.. هجوم قاس من الصين على الولايات المتحدة    رمضان صبحي: أشعر بالراحة في بيراميدز.. وما يقال عن انتقالي للأهلي أو الزمالك ليس حقيقيا    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    الليلة.. نهائي مصري خالص في بطولة الجونة للإسكواش للرجال والسيدات    فينيسيوس يقود هجوم ريال مدريد في التشكيل المتوقع أمام سوسييداد    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    طقس الساعات المقبلة.. "الأرصاد": أمطار تصل ل"سيول" بهذه المناطق    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    بدون إصابات.. إنهيار أجزاء من عقار بحي الخليفة    القناة الأولى تبرز انطلاق مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير في دورته العاشرة    فضل قراءة سورة الكهف ووقت تلاوتها وسر «اللاءات العشر»    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    الصحة: إجراء الفحص الطبي ل1.688 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور في 20% من عينات الألبان في الولايات المتحدة    أماكن الاحتفال بعيد شم النسيم 2024    ارتفاع أسعار الطماطم والبطاطس اليوم الجمعة في كفر الشيخ    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    رسالة من كريم فهمي ل هشام ماجد في عيد ميلاده    موقف مصطفى محمد.. تشكيل نانت المتوقع في مباراة مونبيلييه بالدوري الفرنسي    واعظ بالأزهر: الإسلام دعا إلى صلة الأرحام والتواصل مع الآخرين بالحسنى    اعرف الآن".. التوقيت الصيفي وعدد ساعات اليوم    «إكسترا نيوز» ترصد جهود جهاز تنمية المشروعات بمناسبة احتفالات عيد تحرير سيناء    استقرار أسعار الدولار اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    حكاية الإنتربول مع القضية 1820.. مأساة طفل شبرا وجريمة سرقة الأعضاء بتخطيط من مراهق    التوقيت الصيفي في مصر.. اعرف مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 26 - 4 - 2024    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    أبناء أشرف عبدالغفور الثلاثة يوجهون رسالة لوالدهم في تكريمه    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    قوات الاحتلال تعتقل شقيقين فلسطينيين بعد اقتحام منزلهما في المنطقة الجنوبية بالخليل    الزمالك يزف بشرى سارة لجمهوره بشأن المبارة القادمة    مسؤول أمريكي: واشنطن تستعد لإعلان عقود أسلحة بقيمة 6 مليارات دولار لأوكرانيا    «الإفتاء» تعلن موعد صلاة الفجر بعد تغيير التوقيت الصيفي    جدعنة أهالي «المنيا» تنقذ «محمود» من خسارة شقى عمره: 8 سنين تعب    الإنترنت المظلم، قصة ال"دارك ويب" في جريمة طفل شبرا وسر رصد ملايين الجنيهات لقتله    هيئة الغذاء والدواء بالمملكة: إلزام منتجات سعودية بهذا الاسم    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميًّا    تشرفت بالمشاركة .. كريم فهمي يروج لفيلم السرب    سيد معوض يكشف عن مفاجأة في تشكيل الأهلي أمام مازيمبي    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    عاجل - محمد موسى يهاجم "الموسيقيين" بسبب بيكا وشاكوش (فيديو)    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهر شعبان‮.. ‬شهر الفضائل والخيرات
في ظلال الحرية

الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام‮ ‬،‮ ‬وشرح صدورنا للإيمان‮ ‬،‮ ‬والصلاة والسلام علي سيدنا محمد‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ – ‬وعلي آله وأصحابه أجمعين‮ ‬،‮ ‬وبعد‮ : -‬
أخرج الإمام النسائي في سننه عن أُسَامَة بْن زَيْدٍ‮ ‬قَالَ‮: (‬قُلْتُ‮: ‬يَا رَسُولَ‮ ‬اللَّهِ‮! ‬لَمْ‮ ‬أَرَكَ‮ ‬تَصُومُ‮ ‬شَهْرًا مِنْ‮ ‬الشُّهُورِ‮ ‬مَا تَصُومُ‮ ‬مِنْ‮ ‬شَعْبَانَ؟‮! ‬قَالَ‮: ‬ذَلِكَ‮ ‬شَهْرٌ‮ ‬يَغْفُلُ‮ ‬النَّاسُ‮ ‬عَنْهُ؛ بَيْنَ‮ ‬رَجَبٍ‮ ‬وَرَمَضَانَ؛ وَهُوَ‮ ‬شَهْرٌ‮ ‬تُرْفَعُ‮ ‬فِيهِ‮ ‬الأَعْمَالُ‮ ‬إِلَي رَبِّ‮ ‬الْعَالَمِينَ،‮ ‬فَأُحِبُّ‮ ‬أَنْ‮ ‬يُرْفَعَ‮ ‬عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ‮ ).‬
هذا الحديث أخرجه الإمام النسائي في سننه،‮ ‬في كتاب الصيام،‮ ‬باب صوم النبي‮ "‬صلي الله عليه وسلم‮" -‬بأبي هو وأمي‮- ‬وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك‮ .‬
شهر شعبان الذي نتفيأ ظلاله في هذه الأيام‮ ‬،‮ ‬شهر مبارك عظيم،‮ ‬جدير بالمسلمين أن‮ ‬يغتنموا فرصته لتحصيل الأجر والثواب،‮ ‬وفعل الخير والباقيات الصالحات،‮ ‬حيث إن رسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬كان‮ ‬يُعَظّم هذا الشهر،‮ ‬وَيُكْثر فيه من الصوم،‮ ‬تشريعاً‮ ‬للأمة وحثاً‮ ‬لها علي التزود من التقوي‮ ‬والهداية والأعمال الصالحة الباقية،‮ ‬كما جاء في قوله سبحانه وتعالي‮ : ‬{وَالْبَاقِيَاتُ‮ ‬الصَّالِحَاتُ‮ ‬خَيْرٌ‮ ‬عِندَ‮ ‬رَبِّكَ‮ ‬ثَوَابًا وَخَيْرٌ‮ ‬أَمَلاً}.
ولشهر شعبان منزلة عظيمة،‮ ‬حيث‮ ‬يُكْثر المسلمون فيه من الصيام،‮ ‬ويبتعدون عن الشهوات والملذات،‮ ‬فهم‮ ‬يتشبهون بالملأ الأعلي في طهارتهم وتفرغهم لعبادة الله عز وجل،‮ ‬لذلك خصه رسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬بكثرة الصيام فيه،‮ ‬ومما لا شكّ‮ ‬فيه أن للصيام ثواباً‮ ‬كبيراً،‮ ‬كما جاء في الحديث الشريف‮: (‬الصِّيَامُ‮ ‬وَالْقُرْآنُ‮ ‬يَشْفَعَانِ‮ ‬لِلْعَبْدِ‮ ‬يَوْمَ‮ ‬الْقِيَامَةِ،‮ ‬يَقُولُ‮ ‬الصِّيَامُ‮: ‬أَيْ‮ ‬رَبِّ‮ ‬مَنَعْتُهُ‮ ‬الطَّعَامَ‮ ‬وَالشَّهَوَاتِ‮ ‬بِالنَّهَارِ‮ ‬فَشَفِّعْنِي فِيهِ،‮ ‬وَيَقُولُ‮ ‬الْقُرْآنُ‮: ‬مَنَعْتُهُ‮ ‬النَّوْمَ‮ ‬بِاللَّيْلِ‮ ‬فَشَفِّعْنِي فِيه،ِ‮ ‬قَالَ‮: ‬فَيُشَفَّعَانِ‮) .‬
نفحة بعد نفحة
إن لربنا في دهرنا نفحات‮ ‬،‮ ‬تُذكرنا كلما نسينا‮ ‬،‮ ‬وَتُنبهنا كلما‮ ‬غفلنا،‮ ‬فهي مواسم للخيرات والطاعات‮ ‬،‮ ‬يتزود منها المسلمون بما‮ ‬يُعينهم علي طاعة الله سبحانه وتعالي‮: ‬{وَتَزَوَّدُواْ‮ ‬فَإِنَّ‮ ‬خَيْرَ‮ ‬الزَّادِ‮ ‬التَّقْوَي وَاتَّقُونِ‮ ‬يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}.
إن نفحات الخير تأتينا نفحة بعد نفحة‮ ‬،‮ ‬فإذا ما انتهينا من أداء الصلوات المفروضة‮ ‬،‮ ‬تأتي النوافل المتعددة المذكورة في كتب الفقه‮ ‬،‮ ‬ولئن أدينا الزكاة المفروضة فإن أبواب الصدقات مفتوحة طيلة العام،‮ ‬ولئن أدينا فريضة الحج فإن أداء العمرة مُيَسّرٌ‮ ‬طيلة العام،‮ ‬ولئن أدينا فريضة الصيام فإن صيام النوافل موجود طيلة العام،‮ ‬وهكذا الخير لا‮ ‬ينقطع وهذا فضل من الله ونعمة‮ .‬
فلذلك‮ ‬يجب علينا أن نواظب علي الطاعة في كل وقت‮ ‬،‮ ‬وأن نحرص علي التزود بالتقوي‮ ‬،‮ ‬فنحن مخلوقون لعبادته وطاعته سبحانه و تعالي،‮ ‬امتثالاً‮ ‬لقوله تعالي‮ : ‬{وَمَا خَلَقْتُ‮ ‬الْجِنَّ‮ ‬وَالإِنسَ‮ ‬إِلا لِيَعْبُدُونِ‮* ‬مَا أُرِيدُ‮ ‬مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ‮ ‬وَمَا أُرِيدُ‮ ‬أَن‮ ‬يُطْعِمُونِ‮* ‬إِنَّ‮ ‬اللَّهَ‮ ‬هُوَ‮ ‬الرَّزَّاقُ‮ ‬ذُو الْقُوَّةِ‮ ‬الْمَتِينُ‮ ‬}.
الحكمة في إكثاره‮ -‬صلي الله عليه وسلم‮- ‬الصيام في شهر شعبان
لأهمية الصيام ولمنزلة شهر شعبان،‮ ‬كان رسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬يصوم أكثر شعبان،‮ ‬ويتضح من الحديث السابق أن حكمة تخصيص الرسول‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬شهر شعبان بكثرة الصيام تتلخص في أمرين‮ :‬
‮- ‬الأمر الأول‮: ‬فهو شهر‮ ‬يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان‮ ‬،‮ ‬وفيه دلالة واضحة علي فضيلة العمل في وقت‮ ‬غفلة الناس؛ لأنه أشقّ‮ ‬علي النفوس،‮ ‬ومن المعلوم أن العبادة في هذه الأوقات أكثر ثواباً،‮ ‬ولذا كان لصلاة الليل وهي في وقت الغفلة ونوم الناس أكبر الأثر وعظيم الثواب،‮ ‬كما في قوله سبحانه وتعالي‮ :‬{فَلا تَعْلَمُ‮ ‬نَفْسٌ‮ ‬مَّا أُخْفِيَ‮ ‬لَهُم مِّن قُرَّةِ‮ ‬أَعْيُنٍ‮ ‬جَزَاء بِمَا كَانُوا‮ ‬يَعْمَلُونَ}
– الأمر الثاني‮: ‬أنه شهر تُرفع فيه الأعمال إلي رب العالمين،‮ ‬ورسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬يُحبُّ‮ ‬أن‮ ‬يُرفع عمله وهو صائم‮.‬
إن ليلة النصف من شعبان ليلة مباركة جليلة،‮ ‬يتجلي الله سبحانه وتعالي‮ ‬فيها علي عباده بالرحمة والمغفرة‮ .‬
ففي هذه الليلة تُفتح أبواب السماء،‮ ‬وَيُستجاب الدعاء،‮ ‬وَتَعُمّ‮ ‬المغفرة،‮ ‬وتهبط الملائكة علي أهل الأرض بالرحمة،‮ ‬ولله فيها عتقاء كثيرون من النار،‮ ‬حيث‮ ‬ينظر الله سبحانه وتعالي إلي عباده،‮ ‬فيغفر للمستغفرين،‮ ‬ويتجاوز عن سيئات التائبين،‮ ‬ويجيب دعوة المضطرين الصادقين المخلصين‮.‬
ومن المعلوم أن الله عز وجل‮ ‬يعفو عن عباده في هذه الليلة المباركة الطيبة،‮ ‬ولا‮ ‬يُحْرَم من عفو الله ورحمته إلا الذين هم علي الخطايا مُصِرُّون،‮ ‬كما جاء في الحديث الشريف أن رسول الله‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ – ‬قال‮: (‬إنَّ‮ ‬اللهَ‮ ‬لَيطَّلِعُ‮ ‬في ليلةِ‮ ‬النِّصفِ‮ ‬من شعبانَ‮ ‬،‮ ‬فيَغفِرُ‮ ‬لجميع خلْقِهِ،‮ ‬إلا لِمُشْركٍ‮ ‬أو مُشاحِنٍ‮)‬،أما المشرك‮: ‬فلقوله سبحانه وتعالي‮ : ‬{إِنَّ‮ ‬اللّهَ‮ ‬لاَ‮ ‬يَغْفِرُ‮ ‬أَن‮ ‬يُشْرَكَ‮ ‬بِهِ‮ ‬وَيَغْفِرُ‮ ‬مَا دُونَ‮ ‬ذَلِكَ‮ ‬لِمَن‮ ‬يَشَاء}،‮ ‬وأما المشاحن‮: ‬فهو الذي تكون بينه وبين أخيه المسلم شحناء وخصومة،‮ ‬كما جاء في الحديث الشريف عَنْ‮ ‬أَبِي هُرَيْرَةَ‮ ‬رضي الله عنه‮ – ‬أَنَّ‮ ‬رَسُولَ‮ ‬اللَّهِ‮ -‬صَلَّي اللَّهُ‮ ‬عَلَيْهِ‮ ‬وَسَلَّمَ‮- ‬قَالَ‮: ( ‬تُفْتَحُ‮ ‬أَبْوَابُ‮ ‬الْجَنَّةِ‮ ‬يَوْمَ‮ ‬الاثْنَيْنِ‮ ‬وَيَوْمَ‮ ‬الْخَمِيسِ،‮ ‬فَيُغْفَرُ‮ ‬لِكُلِّ‮ ‬عَبْدٍ‮ ‬لا‮ ‬يُشْرِكُ‮ ‬بِاللَّهِ‮ ‬شَيْئًا،‮ ‬إِلا رَجُلاً‮ ‬كَانَتْ‮ ‬بَيْنَهُ‮ ‬وَبَيْنَ‮ ‬أَخِيهِ‮ ‬شَحْنَاءُ،‮ ‬فَيُقَالُ‮: ‬أَنْظِرُوا هَذَيْنِ‮ ‬حَتَّي‮ ‬يَصْطَلِحَا،‮ ‬أَنْظِرُوا هَذَيْنِ‮ ‬حَتَّي‮ ‬يَصْطَلِحَا،‮ ‬أَنْظِرُوا هَذَيْنِ‮ ‬حَتَّي‮ ‬يَصْطَلِحَا‮).‬
شهر شعبان‮ ...‬شهر الذكريات الخالدة
‮ ‬إن شهر شعبان حافلٌ‮ ‬بالذكريات الإسلامية العظيمة،‮ ‬وفي مقدمتها تحويل‮ ‬القبلة من المسجد الأقصي المبارك بالقدس إلي المسجد الحرام بمكة المكرمة،‮ ‬فقد مكث رسول الله‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮- ‬ستة عشر شهراً‮ ‬أو سبعة عشر شهراً‮ ‬وهو‮ ‬يستقبل بيت المقدس،‮ ‬كما جاء في الحديث الشريف عن البراء بن عازب‮ – ‬رضي الله عنه‮ – ‬قال‮: ( ‬صَلَّيْنا مع رسولِ‮ ‬الله‮ -‬صلي الله عليه وسلم‮- ‬نحوَ‮ ‬بيتِ‮ ‬المقدس ستةَ‮ ‬عشرَ‮ ‬شَهْراً‮ ‬أو سبعةَ‮ ‬عشر شهراً،‮ ‬ثم صُرِفْنَا نحْوَ‮ ‬الكعبة‮ )‬،‮ ‬فكان رسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬يتمني أن‮ ‬يأذن الله له في تحويل القبلة إلي الكعبة،‮ ‬ويقلب وجهه في السماء،‮ ‬ترقباً‮ ‬لنزول الوحي بذلك‮ ‬،‮ ‬وتضرعاً‮ ‬إلي الله عز وجل،‮ ‬فنزلت‮: ‬{قَدْ‮ ‬نَرَي تَقَلُّبَ‮ ‬وَجْهِكَ‮ ‬فِي السَّمَاءِ‮ ‬فَلَنُوَلِّيَنَّكَ‮ ‬قِبْلَةً‮ ‬تَرْضَاهَا فَوَلِّ‮ ‬وَجْهَكَ‮ ‬شَطْرَ‮ ‬الْمَسْجِدِ‮ ‬الْحَرَامِ‮ ‬وَحَيْثُ‮ ‬مَا كُنْتُمْ‮ ‬فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ‮ ‬شَطْرَهُ}،‮ ‬فَصُرف إلي الكعبة‮.‬
إن تحويل القبلة من المسجد الأقصي المبارك إلي الكعبة المشرفة،‮ ‬يدل دلالة واضحة علي الصلة الوثيقة بين المسجدين الشريفين،‮ ‬حيث‮ ‬يتجلي ذلك في المواضع الآتية‮ :‬
‮- ‬يقول الله سبحانه وتعالي‮:‬{سُبْحَانَ‮ ‬الَّذِي أَسْرَي بِعَبْدِهِ‮ ‬لَيْلاً‮ ‬مِّنَ‮ ‬الْمَسْجِدِ‮ ‬الْحَرَامِ‮ ‬إِلَي الْمَسْجِدِ‮ ‬الأَقْصَي الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ‮ ‬لِنُرِيَهُ‮ ‬مِنْ‮ ‬آيَاتِنَا إِنَّهُ‮ ‬هُوَ‮ ‬السَّمِيعُ‮ ‬البَصِيرُ‮.‬
فالمسجد الأقصي المبارك شقيق المسجد الحرام بنص الآية الكريمة السابقة،‮ ‬فقد جعله الله توءماً‮ ‬له،‮ ‬حيث ربط بينهما برباط وثيق لا‮ ‬ينقطع إلي‮ ‬يوم القيامة‮ .‬
‮- ‬وجاء في الحديث الشريف عن أبي ذر‮ -‬رضي الله عنه‮- ‬أنه قال‮: (‬قلْتُ‮ ‬يَا رَسُولَ‮ ‬الله‮: ‬أَيُّ‮ ‬مَسْجد وُضعَ‮ ‬في الأرْضِ‮ ‬أوَّلاً؟ قَالَ‮ : ‬اَلْمسجِدُ‮ ‬الْحَرَامُ،‮ ‬قَالَ‮ : ‬قُلْتُ‮: ‬ثُمَّ‮ ‬أَيُّ‮ ‬؟ قَالَ‮: ‬اَلْمَسجِدُ‮ ‬الأقْصَي،‮ ‬قُلْتُ‮: ‬كَمْ‮ ‬كَانَ‮ ‬بَيْنَهُمَا؟ قَالَ‮ ‬أَرْبَعُونَ‮ ‬سَنَةً،‮ ‬ثُمَّ‮ ‬أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ‮ ‬الصَّلاةُ‮ ‬بَعْدُ‮ ‬فَصَلِّهْ،‮ ‬فَإِنَّ‮ ‬الْفَضْلَ‮ ‬فِيِه‮). ‬فالمسجد الأقصي المبارك هو ثاني مسجد بُنِي علي الأرض بعد المسجد الحرام‮.‬
‮- ‬كما جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة‮ -‬رضي الله عنه‮- ‬قال‮: ‬قال رسول الله‮ -‬صلي الله عليه وسلم‮-: "‬لا تُشَدُّ‮ ‬الرِّحَالُ‮ ‬إِلاَّ‮ ‬إلَي ثَلاثَةِ‮ ‬مَسَاجِدَ‮: ‬الْمَسْجِدِ‮ ‬الْحَرَامِ،‮ ‬وَمَسْجِدِ‮ ‬الرَّسُولِ‮- ‬صَلَّي اللَّهُ‮ ‬عَلَيْهِ‮ ‬وَسَلَّمَ‮- ‬وَمَسْجِدِ‮ ‬الأقْصَي‮".‬
إن هذا الحديث‮ ‬يدل علي الاهتمام الكبير الذي أولاه رسولنا‮ -‬عليه الصلاة والسلام‮- ‬للمسجد الأقصي المبارك،‮ ‬حيث ربط قيمته وبركته مع قيمة‮ ‬شقيقيه المسجد الحرام والمسجد النبوي وبركتهما‮.‬
نسأل الله أن‮ ‬يحفظ أمتنا ومقدساتنا من كل سوء
وصلي الله علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين
الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام‮ ‬،‮ ‬وشرح صدورنا للإيمان‮ ‬،‮ ‬والصلاة والسلام علي سيدنا محمد‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ – ‬وعلي آله وأصحابه أجمعين‮ ‬،‮ ‬وبعد‮ : -‬
أخرج الإمام النسائي في سننه عن أُسَامَة بْن زَيْدٍ‮ ‬قَالَ‮: (‬قُلْتُ‮: ‬يَا رَسُولَ‮ ‬اللَّهِ‮! ‬لَمْ‮ ‬أَرَكَ‮ ‬تَصُومُ‮ ‬شَهْرًا مِنْ‮ ‬الشُّهُورِ‮ ‬مَا تَصُومُ‮ ‬مِنْ‮ ‬شَعْبَانَ؟‮! ‬قَالَ‮: ‬ذَلِكَ‮ ‬شَهْرٌ‮ ‬يَغْفُلُ‮ ‬النَّاسُ‮ ‬عَنْهُ؛ بَيْنَ‮ ‬رَجَبٍ‮ ‬وَرَمَضَانَ؛ وَهُوَ‮ ‬شَهْرٌ‮ ‬تُرْفَعُ‮ ‬فِيهِ‮ ‬الأَعْمَالُ‮ ‬إِلَي رَبِّ‮ ‬الْعَالَمِينَ،‮ ‬فَأُحِبُّ‮ ‬أَنْ‮ ‬يُرْفَعَ‮ ‬عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ‮ ).‬
هذا الحديث أخرجه الإمام النسائي في سننه،‮ ‬في كتاب الصيام،‮ ‬باب صوم النبي‮ "‬صلي الله عليه وسلم‮" -‬بأبي هو وأمي‮- ‬وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك‮ .‬
شهر شعبان الذي نتفيأ ظلاله في هذه الأيام‮ ‬،‮ ‬شهر مبارك عظيم،‮ ‬جدير بالمسلمين أن‮ ‬يغتنموا فرصته لتحصيل الأجر والثواب،‮ ‬وفعل الخير والباقيات الصالحات،‮ ‬حيث إن رسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬كان‮ ‬يُعَظّم هذا الشهر،‮ ‬وَيُكْثر فيه من الصوم،‮ ‬تشريعاً‮ ‬للأمة وحثاً‮ ‬لها علي التزود من التقوي‮ ‬والهداية والأعمال الصالحة الباقية،‮ ‬كما جاء في قوله سبحانه وتعالي‮ : ‬{وَالْبَاقِيَاتُ‮ ‬الصَّالِحَاتُ‮ ‬خَيْرٌ‮ ‬عِندَ‮ ‬رَبِّكَ‮ ‬ثَوَابًا وَخَيْرٌ‮ ‬أَمَلاً}.
ولشهر شعبان منزلة عظيمة،‮ ‬حيث‮ ‬يُكْثر المسلمون فيه من الصيام،‮ ‬ويبتعدون عن الشهوات والملذات،‮ ‬فهم‮ ‬يتشبهون بالملأ الأعلي في طهارتهم وتفرغهم لعبادة الله عز وجل،‮ ‬لذلك خصه رسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬بكثرة الصيام فيه،‮ ‬ومما لا شكّ‮ ‬فيه أن للصيام ثواباً‮ ‬كبيراً،‮ ‬كما جاء في الحديث الشريف‮: (‬الصِّيَامُ‮ ‬وَالْقُرْآنُ‮ ‬يَشْفَعَانِ‮ ‬لِلْعَبْدِ‮ ‬يَوْمَ‮ ‬الْقِيَامَةِ،‮ ‬يَقُولُ‮ ‬الصِّيَامُ‮: ‬أَيْ‮ ‬رَبِّ‮ ‬مَنَعْتُهُ‮ ‬الطَّعَامَ‮ ‬وَالشَّهَوَاتِ‮ ‬بِالنَّهَارِ‮ ‬فَشَفِّعْنِي فِيهِ،‮ ‬وَيَقُولُ‮ ‬الْقُرْآنُ‮: ‬مَنَعْتُهُ‮ ‬النَّوْمَ‮ ‬بِاللَّيْلِ‮ ‬فَشَفِّعْنِي فِيه،ِ‮ ‬قَالَ‮: ‬فَيُشَفَّعَانِ‮) .‬
نفحة بعد نفحة
إن لربنا في دهرنا نفحات‮ ‬،‮ ‬تُذكرنا كلما نسينا‮ ‬،‮ ‬وَتُنبهنا كلما‮ ‬غفلنا،‮ ‬فهي مواسم للخيرات والطاعات‮ ‬،‮ ‬يتزود منها المسلمون بما‮ ‬يُعينهم علي طاعة الله سبحانه وتعالي‮: ‬{وَتَزَوَّدُواْ‮ ‬فَإِنَّ‮ ‬خَيْرَ‮ ‬الزَّادِ‮ ‬التَّقْوَي وَاتَّقُونِ‮ ‬يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}.
إن نفحات الخير تأتينا نفحة بعد نفحة‮ ‬،‮ ‬فإذا ما انتهينا من أداء الصلوات المفروضة‮ ‬،‮ ‬تأتي النوافل المتعددة المذكورة في كتب الفقه‮ ‬،‮ ‬ولئن أدينا الزكاة المفروضة فإن أبواب الصدقات مفتوحة طيلة العام،‮ ‬ولئن أدينا فريضة الحج فإن أداء العمرة مُيَسّرٌ‮ ‬طيلة العام،‮ ‬ولئن أدينا فريضة الصيام فإن صيام النوافل موجود طيلة العام،‮ ‬وهكذا الخير لا‮ ‬ينقطع وهذا فضل من الله ونعمة‮ .‬
فلذلك‮ ‬يجب علينا أن نواظب علي الطاعة في كل وقت‮ ‬،‮ ‬وأن نحرص علي التزود بالتقوي‮ ‬،‮ ‬فنحن مخلوقون لعبادته وطاعته سبحانه و تعالي،‮ ‬امتثالاً‮ ‬لقوله تعالي‮ : ‬{وَمَا خَلَقْتُ‮ ‬الْجِنَّ‮ ‬وَالإِنسَ‮ ‬إِلا لِيَعْبُدُونِ‮* ‬مَا أُرِيدُ‮ ‬مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ‮ ‬وَمَا أُرِيدُ‮ ‬أَن‮ ‬يُطْعِمُونِ‮* ‬إِنَّ‮ ‬اللَّهَ‮ ‬هُوَ‮ ‬الرَّزَّاقُ‮ ‬ذُو الْقُوَّةِ‮ ‬الْمَتِينُ‮ ‬}.
الحكمة في إكثاره‮ -‬صلي الله عليه وسلم‮- ‬الصيام في شهر شعبان
لأهمية الصيام ولمنزلة شهر شعبان،‮ ‬كان رسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬يصوم أكثر شعبان،‮ ‬ويتضح من الحديث السابق أن حكمة تخصيص الرسول‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬شهر شعبان بكثرة الصيام تتلخص في أمرين‮ :‬
‮- ‬الأمر الأول‮: ‬فهو شهر‮ ‬يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان‮ ‬،‮ ‬وفيه دلالة واضحة علي فضيلة العمل في وقت‮ ‬غفلة الناس؛ لأنه أشقّ‮ ‬علي النفوس،‮ ‬ومن المعلوم أن العبادة في هذه الأوقات أكثر ثواباً،‮ ‬ولذا كان لصلاة الليل وهي في وقت الغفلة ونوم الناس أكبر الأثر وعظيم الثواب،‮ ‬كما في قوله سبحانه وتعالي‮ :‬{فَلا تَعْلَمُ‮ ‬نَفْسٌ‮ ‬مَّا أُخْفِيَ‮ ‬لَهُم مِّن قُرَّةِ‮ ‬أَعْيُنٍ‮ ‬جَزَاء بِمَا كَانُوا‮ ‬يَعْمَلُونَ}
– الأمر الثاني‮: ‬أنه شهر تُرفع فيه الأعمال إلي رب العالمين،‮ ‬ورسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬يُحبُّ‮ ‬أن‮ ‬يُرفع عمله وهو صائم‮.‬
إن ليلة النصف من شعبان ليلة مباركة جليلة،‮ ‬يتجلي الله سبحانه وتعالي‮ ‬فيها علي عباده بالرحمة والمغفرة‮ .‬
ففي هذه الليلة تُفتح أبواب السماء،‮ ‬وَيُستجاب الدعاء،‮ ‬وَتَعُمّ‮ ‬المغفرة،‮ ‬وتهبط الملائكة علي أهل الأرض بالرحمة،‮ ‬ولله فيها عتقاء كثيرون من النار،‮ ‬حيث‮ ‬ينظر الله سبحانه وتعالي إلي عباده،‮ ‬فيغفر للمستغفرين،‮ ‬ويتجاوز عن سيئات التائبين،‮ ‬ويجيب دعوة المضطرين الصادقين المخلصين‮.‬
ومن المعلوم أن الله عز وجل‮ ‬يعفو عن عباده في هذه الليلة المباركة الطيبة،‮ ‬ولا‮ ‬يُحْرَم من عفو الله ورحمته إلا الذين هم علي الخطايا مُصِرُّون،‮ ‬كما جاء في الحديث الشريف أن رسول الله‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ – ‬قال‮: (‬إنَّ‮ ‬اللهَ‮ ‬لَيطَّلِعُ‮ ‬في ليلةِ‮ ‬النِّصفِ‮ ‬من شعبانَ‮ ‬،‮ ‬فيَغفِرُ‮ ‬لجميع خلْقِهِ،‮ ‬إلا لِمُشْركٍ‮ ‬أو مُشاحِنٍ‮)‬،أما المشرك‮: ‬فلقوله سبحانه وتعالي‮ : ‬{إِنَّ‮ ‬اللّهَ‮ ‬لاَ‮ ‬يَغْفِرُ‮ ‬أَن‮ ‬يُشْرَكَ‮ ‬بِهِ‮ ‬وَيَغْفِرُ‮ ‬مَا دُونَ‮ ‬ذَلِكَ‮ ‬لِمَن‮ ‬يَشَاء}،‮ ‬وأما المشاحن‮: ‬فهو الذي تكون بينه وبين أخيه المسلم شحناء وخصومة،‮ ‬كما جاء في الحديث الشريف عَنْ‮ ‬أَبِي هُرَيْرَةَ‮ ‬رضي الله عنه‮ – ‬أَنَّ‮ ‬رَسُولَ‮ ‬اللَّهِ‮ -‬صَلَّي اللَّهُ‮ ‬عَلَيْهِ‮ ‬وَسَلَّمَ‮- ‬قَالَ‮: ( ‬تُفْتَحُ‮ ‬أَبْوَابُ‮ ‬الْجَنَّةِ‮ ‬يَوْمَ‮ ‬الاثْنَيْنِ‮ ‬وَيَوْمَ‮ ‬الْخَمِيسِ،‮ ‬فَيُغْفَرُ‮ ‬لِكُلِّ‮ ‬عَبْدٍ‮ ‬لا‮ ‬يُشْرِكُ‮ ‬بِاللَّهِ‮ ‬شَيْئًا،‮ ‬إِلا رَجُلاً‮ ‬كَانَتْ‮ ‬بَيْنَهُ‮ ‬وَبَيْنَ‮ ‬أَخِيهِ‮ ‬شَحْنَاءُ،‮ ‬فَيُقَالُ‮: ‬أَنْظِرُوا هَذَيْنِ‮ ‬حَتَّي‮ ‬يَصْطَلِحَا،‮ ‬أَنْظِرُوا هَذَيْنِ‮ ‬حَتَّي‮ ‬يَصْطَلِحَا،‮ ‬أَنْظِرُوا هَذَيْنِ‮ ‬حَتَّي‮ ‬يَصْطَلِحَا‮).‬
شهر شعبان‮ ...‬شهر الذكريات الخالدة
‮ ‬إن شهر شعبان حافلٌ‮ ‬بالذكريات الإسلامية العظيمة،‮ ‬وفي مقدمتها تحويل‮ ‬القبلة من المسجد الأقصي المبارك بالقدس إلي المسجد الحرام بمكة المكرمة،‮ ‬فقد مكث رسول الله‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮- ‬ستة عشر شهراً‮ ‬أو سبعة عشر شهراً‮ ‬وهو‮ ‬يستقبل بيت المقدس،‮ ‬كما جاء في الحديث الشريف عن البراء بن عازب‮ – ‬رضي الله عنه‮ – ‬قال‮: ( ‬صَلَّيْنا مع رسولِ‮ ‬الله‮ -‬صلي الله عليه وسلم‮- ‬نحوَ‮ ‬بيتِ‮ ‬المقدس ستةَ‮ ‬عشرَ‮ ‬شَهْراً‮ ‬أو سبعةَ‮ ‬عشر شهراً،‮ ‬ثم صُرِفْنَا نحْوَ‮ ‬الكعبة‮ )‬،‮ ‬فكان رسولنا‮ ‬صلي الله عليه وسلم‮ ‬يتمني أن‮ ‬يأذن الله له في تحويل القبلة إلي الكعبة،‮ ‬ويقلب وجهه في السماء،‮ ‬ترقباً‮ ‬لنزول الوحي بذلك‮ ‬،‮ ‬وتضرعاً‮ ‬إلي الله عز وجل،‮ ‬فنزلت‮: ‬{قَدْ‮ ‬نَرَي تَقَلُّبَ‮ ‬وَجْهِكَ‮ ‬فِي السَّمَاءِ‮ ‬فَلَنُوَلِّيَنَّكَ‮ ‬قِبْلَةً‮ ‬تَرْضَاهَا فَوَلِّ‮ ‬وَجْهَكَ‮ ‬شَطْرَ‮ ‬الْمَسْجِدِ‮ ‬الْحَرَامِ‮ ‬وَحَيْثُ‮ ‬مَا كُنْتُمْ‮ ‬فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ‮ ‬شَطْرَهُ}،‮ ‬فَصُرف إلي الكعبة‮.‬
إن تحويل القبلة من المسجد الأقصي المبارك إلي الكعبة المشرفة،‮ ‬يدل دلالة واضحة علي الصلة الوثيقة بين المسجدين الشريفين،‮ ‬حيث‮ ‬يتجلي ذلك في المواضع الآتية‮ :‬
‮- ‬يقول الله سبحانه وتعالي‮:‬{سُبْحَانَ‮ ‬الَّذِي أَسْرَي بِعَبْدِهِ‮ ‬لَيْلاً‮ ‬مِّنَ‮ ‬الْمَسْجِدِ‮ ‬الْحَرَامِ‮ ‬إِلَي الْمَسْجِدِ‮ ‬الأَقْصَي الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ‮ ‬لِنُرِيَهُ‮ ‬مِنْ‮ ‬آيَاتِنَا إِنَّهُ‮ ‬هُوَ‮ ‬السَّمِيعُ‮ ‬البَصِيرُ‮.‬
فالمسجد الأقصي المبارك شقيق المسجد الحرام بنص الآية الكريمة السابقة،‮ ‬فقد جعله الله توءماً‮ ‬له،‮ ‬حيث ربط بينهما برباط وثيق لا‮ ‬ينقطع إلي‮ ‬يوم القيامة‮ .‬
‮- ‬وجاء في الحديث الشريف عن أبي ذر‮ -‬رضي الله عنه‮- ‬أنه قال‮: (‬قلْتُ‮ ‬يَا رَسُولَ‮ ‬الله‮: ‬أَيُّ‮ ‬مَسْجد وُضعَ‮ ‬في الأرْضِ‮ ‬أوَّلاً؟ قَالَ‮ : ‬اَلْمسجِدُ‮ ‬الْحَرَامُ،‮ ‬قَالَ‮ : ‬قُلْتُ‮: ‬ثُمَّ‮ ‬أَيُّ‮ ‬؟ قَالَ‮: ‬اَلْمَسجِدُ‮ ‬الأقْصَي،‮ ‬قُلْتُ‮: ‬كَمْ‮ ‬كَانَ‮ ‬بَيْنَهُمَا؟ قَالَ‮ ‬أَرْبَعُونَ‮ ‬سَنَةً،‮ ‬ثُمَّ‮ ‬أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ‮ ‬الصَّلاةُ‮ ‬بَعْدُ‮ ‬فَصَلِّهْ،‮ ‬فَإِنَّ‮ ‬الْفَضْلَ‮ ‬فِيِه‮). ‬فالمسجد الأقصي المبارك هو ثاني مسجد بُنِي علي الأرض بعد المسجد الحرام‮.‬
‮- ‬كما جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة‮ -‬رضي الله عنه‮- ‬قال‮: ‬قال رسول الله‮ -‬صلي الله عليه وسلم‮-: "‬لا تُشَدُّ‮ ‬الرِّحَالُ‮ ‬إِلاَّ‮ ‬إلَي ثَلاثَةِ‮ ‬مَسَاجِدَ‮: ‬الْمَسْجِدِ‮ ‬الْحَرَامِ،‮ ‬وَمَسْجِدِ‮ ‬الرَّسُولِ‮- ‬صَلَّي اللَّهُ‮ ‬عَلَيْهِ‮ ‬وَسَلَّمَ‮- ‬وَمَسْجِدِ‮ ‬الأقْصَي‮".‬
إن هذا الحديث‮ ‬يدل علي الاهتمام الكبير الذي أولاه رسولنا‮ -‬عليه الصلاة والسلام‮- ‬للمسجد الأقصي المبارك،‮ ‬حيث ربط قيمته وبركته مع قيمة‮ ‬شقيقيه المسجد الحرام والمسجد النبوي وبركتهما‮.‬
نسأل الله أن‮ ‬يحفظ أمتنا ومقدساتنا من كل سوء
وصلي الله علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.