شروط القبول في برنامج إعداد معلمي تكنولوجيا والتعلم الرقمي بجامعة القاهرة    383 جنيها لسعر كيلو اللحوم اليوم الأحد بالأسواق ( موقع رسمي )    إسرائيل تتراجع عن هدنة غزة التكتيكية.. نتنياهو لسكرتيره العسكري: القتال يستمر    غياب رباعي الأهلي أمام الاتحاد السكندري    «الرياضة» تعلن تنفيذ 6 آلاف مشروع ومبادرة شبابية بالمحافظات    وصفه ب«العشوائية».. الوداد يعترض على الترتيب النهائي للدوري المغربي    أول أيام عيد الأضحى.. رئيس مدينة ملوي يتابع سير العمل بالمستشفى العام ويقدم الهدايا للمرضى    "قصور الثقافة": فعاليات مكثفة للاحتفال بعيد الأضحى    وكيل «صحة الشرقية» يفاجئ العاملين بمركز الحسينية ويجازي مفتشي ومشرفي التغذية    مشايخ القبائل والعواقل والفلسطينيين يهنئون محافظ شمال سيناء بعيد الأضحى المبارك    قمة السلام الدولية حول أوكرانيا تبحث كيفية تجنب «كارثة نووية»    حصاد أنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في أسبوع    رئيس الأسقفية يهنئ الرئيس السيسي وشيخ الأزهر بحلول عيد الأضحى    «التخطيط»: تنفيذ 361 مشروعا تنمويا في الغربية بتكلفة 3.6 مليار جنيه    غياب نجم منتخب إنجلترا عن مواجهة صربيا في يورو 2024    ثلاثى الأهلى فى الإعلان الترويجى لفيلم "ولاد رزق 3"    محافظ المنيا يستقبل المهنئين بعيد الأضحى المبارك    ضبط 207 قطع سلاح نارى و286 قضية مخدرات خلال حملات أمنية مكبرة    مصرع شابين والبحث عن اثنين آخرين إثر سقوطهم بسيارة في ترعة المنصورية بالدقهلية    وفاة سيدة مصرية أثناء أداء مناسك الحج    تقرير: هكذا يقتل الجوع في غزة الأطفال    بالفيديو.. كولر وإمام عاشور وقفشة يروجون لفيلم "ولاد رزق 3"برعاية تركي آل الشيخ    في عيد ميلاده.. بيومي فؤاد نجومية متأخرة ومقاطعة جماهيرية    تصفية محتجزي الرهائن في مركز الاحتجاز في مقاطعة روستوف الروسية    3 فئات ممنوعة من تناول الكبدة في عيد الأضحى.. تحذير خطير لمرضى القلب    بالتفاصيل مرور إشرافي مكثف لصحة البحر الأحمر تزامنًا مع عيد الأضحى المبارك    قوات الاحتلال تعتقل 3 مواطنين جنوب بيت لحم بالضفة الغربية    ريهام سعيد: «محمد هنيدي اتقدملي ووالدتي رفضته لهذا السبب»    شاعر القبيلة مات والبرج العاجى سقط    نصائح منزلية | 5 نصائح مهمة لحفظ لحم الأضحية طازجًا لفترة أطول    إيرادات Inside Out 2 ترتفع إلى 133 مليون دولار في دور العرض    أدعية وأذكار عيد الأضحى 2024.. تكبير وتهنئة    الأهلي يتفق مع ميتلاند الدنماركي على تسديد مستحقات و"رعاية" إمام عاشور    كرة سلة.. قائمة منتخب مصر في التصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس 2024    مصدر من اتحاد السلة يكشف ل في الجول حقيقة تغيير نظام الدوري.. وعقوبة سيف سمير    رئيس دمياط الجديدة: 1500 رجل أعمال طلبوا الحصول على فرص استثمارية متنوعة    وزيرة التضامن توجه برفع درجة الاستعداد القصوى بمناسبة عيد الأضحى    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 16 يونيو 2024    ما أفضل وقت لذبح الأضحية؟.. معلومات مهمة من دار الإفتاء    عيد الأضحى 2024.. "شعيب" يتفقد شاطئ مطروح العام ويهنئ رواده    النمر: ذبح 35 رأس ماشية خلال أيام عيد الأضحى بأشمون    إصابة شاب فلسطينى برصاص قوات الاحتلال فى مخيم الفارعة بالضفة الغربية    بالصور.. اصطفاف الأطفال والكبار أمام محلات الجزارة لشراء اللحوم ومشاهدة الأضحية    ارتفاع تأخيرات القطارات على معظم الخطوط في أول أيام عيد الأضحى    بالصور.. محافظ الغربية يوزع هدايا على المواطنين احتفالا بعيد الأضحى    محافظ السويس يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد بدر    المالية: 17 مليار دولار إجمالي قيمة البضائع المفرج عنها منذ شهر أبريل الماضى وحتى الآن    حاج مبتور القدمين من قطاع غزة يوجه الشكر للملك سلمان: لولا جهوده لما أتيت إلى مكة    البنتاجون: وزير الدفاع الإسرائيلي يقبل دعوة لزيارة واشنطن    التونسيون يحتفلون ب "العيد الكبير" وسط موروثات شعبية تتوارثها الأجيال    محافظ كفرالشيخ يزور الأطفال في مركز الأورام الجديد    انخفاض في درجات الحرارة.. حالة الطقس في أول أيام عيد الأضحى    إعلام فلسطينى: 5 شهداء جراء قصف إسرائيلى استهدف مخيم فى رفح الفلسطينية    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    محافظ بني سويف يؤدي شعائر صلاة عيد الأضحى بساحة مسجد عمر بن عبدالعزيز    ما هي السنن التي يستحب فعلها قبل صلاة العيد؟.. الإفتاء تُجيب    العليا للحج: جواز عدم المبيت في منى لكبار السن والمرضى دون فداء    دعاء لأمي المتوفاة في عيد الأضحى.. اللهم ارحم فقيدة قلبي وآنس وحشتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مبادرة مصرية لليمن

لا يبدو أن »‬عاصفة الحزم» ولاحقتها »‬إعادة الأمل» حققت نجاحا يعتد به في اليمن، اللهم إلا في تقليم أظافر الحوثيين الطويلة، وقطع خطوط الإمداد الإيراني بالحصار الجوي والبحري الذي شاركت به مصر، ودون أن تتعداه إلي مشاركة في حرب برية لا نفع فيها.
ومن حق السعودية بالطبع أن تحمي كيانها، وهذا ما تؤيدها فيه مصر بلا تحفظ، لكن المعضلة تبقي في اليمن ذاته، وفي تفاعلاته الداخلية الخطرة، وفي الآثار الكارثية التي يخلفها استمرار الصراع علي أرضه، فقد يكون الحوثيون قوة رجعية متخلفة، وهم أبناء أفقر مناطق اليمن الفقير أصلا، والبيئة الصعبة لمناطقهم الجبلية الشرسة، ربما لا تبقي لهم من مهنة لكسب العيش غير الحرب، وهو ما يفسر إجادتهم لحرب العصابات، ومقدرتهم الواسعة علي تعبئة قبائل أقصي شمال اليمن، ودفعهم إلي »‬تجريدة» مسلحة علي مناطق الوسط والجنوب، مدعومين بفيض أسلحة متطورة وتدريب إيراني، وبالتحالف مع جماعة علي عبد الله صالح، والتي تسيطر لاتزال علي أغلب قطاعات الجيش اليمني المتآكل، وهو ما يجعل توازن الحرب والسلاح لصالح الحوثيين وجماعة الرئيس المخلوع، خاصة مع استنفار قدر من التعبئة الشعبية ضد ما أسموه بالعدوان السعودي الأمريكي.
وعلي الجانب الآخر، لايبدو الجهد الميداني الرئيسي لقوي أقل رجعية وتخلفا من الحوثيين، صحيح أن أحزابا من نوع التنظيم الناصري والحزب الإشتراكي موجودة في الصورة، وهي قوي وطنية تقدمية بامتياز، ولها تاريخها المضئ في إقامة الجمهورية اليمنية الأولي وتحرير الجنوب، ووجدت في فئات شباب الثورة اليمنية سندا لها، غير أن هؤلاء جميعا جري تهميشهم، وسحب أدوارهم إلي الظل مع ما اسمي »‬المبادرة الخليجية»، والتي استهدفت إجهاض الثورة الشعبية ضد علي عبد الله صالح، وحفظت للرئيس المخلوع حصانته وثروته المنهوبة المقدرة أمميا بستين مليار دولار، وأعطته نصف الحكومة وأغلبية البرلمان الانتقالي، ووضعت نائب صالح المهزوز عبد ربه منصور هادي علي مقعد الرئاسة، ومنحت جماعة الإخوان (حزب التجمع اليمني للإصلاح) ثاني أكبر نصيب في الكعكة بعد جماعة صالح، فيما استبعدت الحوثيين تماما، مع تهميش الناصريين والاشتراكيين وشباب الثورة الجديدة.
وكانت الصيغة الملغومة هي السبب في انفجارات اليمن الحالية، والمتلاحقة بظواهرها المدمرة علي مدي الشهور الأخيرة، والتي دفعتنا إلي المأزق الراهن، والذي لا يتصور أحد معه وجود حل عسكري ناجز علي الأرض، خاصة مع استبعاد التدخل البري العربي، واستمرار الصراع بالقوي اليمنية الذاتية، وفيما يشبه الحرب الأهلية منخفضة المستوي، والتي تتواجه فيها قوة الحوثيين مع قوي أكثر رجعية وتخلفا، فليس للتقدميين كالناصريين والاشتراكيين وشباب الثورة أجنحة عسكرية، والذين يقاتلون الحوثيين وجماعة صالح ليسوا »‬مقاومة شعبية» إلا فيما ندر، فهذه المقاومة التي يصح وصفها بالشعبية مقصورة علي مدينة »‬تعز»، وهي المدينة الأكثر تفتحا وتحضرا في اليمن، بينما مناطق الوسط والجنوب الأخري، تسودها قوي مسلحة رجعية وانتهازية بامتياز، ميليشيات قبلية تحارب بالأجر، ولا تثبت عمليا في المواجهات المميتة مع الحوثيين، ولا يبقي في الميدان طرف يحارب بنفس سياسي، سوي في عدن وجوارها، وحيث توجد فصائل مقاومة »‬جنوبية» لا شعبية تريد إعادة فصل الجنوب عن اليمن، في حين هربت ميليشيات الإخوان إلي فنادق الرياض واسطنبول، وتركت ساحة الحرب خالية لحلفائها من »‬القاعدة» و»داعش» وأخواتها، والتي سيطرت بالكامل علي »‬المكلا» كبري مدن »‬حضرموت» أوسع محافظات اليمن جغرافيا.
والمحصلة، أن الوضع في الميدان شئ، والوضع فيما يسمي »‬مؤتمر إنقاذ اليمن» بالرياض شئ آخر، فليس للرئيس هادي ولا لحكومته المنفية ظل يعتد به علي الأرض اليمنية، وقد لا يكون بوسع الحوثيين التقدم إلي انتصار نهائي كاسح، ولا إلي نهاية يستقر بها اليمن تحت حكمهم مع حليفهم علي صالح، خاصة أن الأخير مستعد لبيع أمه في سوق النخاسة، ومد الجسور ثانية إلي داعميه السعوديين التاريخيين، لكنه ليس مستعدا للتسليم بشرعية هادي المنقلب عليه، ولا هو قادر علي الفك النهائي لتحالفه مع الحوثيين، فقد أصبح للحوثيين الكلمة العليا في التحالف الحربي، وبوسعهم أن يقنعوا أطرافا عربية ودولية بجدوي دورهم في مطاردة وهزيمة جماعات الإرهاب، فقد يكون الحوثيين خطرا علي السعودية، لكن الإرهابيين خطر أكبر علي المنطقة كلها، وخطر أكبر علي السعودية نفسها.
ولاحل ممكنا في اليمن سوي بسياسة جديدة، لايترك فيها الأمر والنهي للسعودية وحدها، ولا لحلفاء السعودية التقليديين من نوع جماعة الإخوان ومشيخات القبائل المشتراة بدفاتر الشيكات، ولا لمناورات صالح الذي يلعب بالبيضة والحجر، ويناور لتعويم نفسه وعائلته، ولا بد من وقفة تمنع الانزلاق إلي فشل أكيد، وتقوم فيها القاهرة بدور منسق مع السعودية، فالقاهرة هي التي وضعت تاريخيا حجر الأساس للجمهورية اليمنية، وواجبها السياسي والأخلاقي أن تنهض بدور ينقذ اليمن، نقطة البدء فيه هي عدم استبعاد الحوثيين، والاعتراف بهم كمكون أصيل من الشعب اليمني، وضمان دور لهم في معادلة حكم متوازن، لا تتعسف في فرض رئاسة هادي بشرعية موهومة، وربما يكون البديل الملائم في شخص »‬خالد بحاح» رئيس الحكومة ونائب هادي حاليا، وهو شخصية مقبولة من أغلب الأطراف اليمنية، وعلي أن يكون بحاح رئيسا مؤقتا، ولمدي زمني محدود يتفق عليه، يجري فيه تشكيل حكومة وطنية جامعة، وسحب السلاح من المدن، وإعادة هيكلة الجيش اليمني، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب، وبضمانة قوات حفظ سلام عربية غير سعودية وغير خليجية، ومع الإعداد لإجراء انتخابات عامة، يختار فيها الشعب اليمني رئيسه وبرلمانه، ويستأنف حياته الطبيعية، ويحارب جماعات الإرهاب التي تمددت وتوحشت في سياق الانفلات والحرب المفتوحة، ويقنع الجنوبيين بمزايا البقاء في كيان اليمن الموحد، وما من سبيل آخر لمنع الانزلاق إلي يمن يتفكك بلا عودة.
لا يبدو أن »‬عاصفة الحزم» ولاحقتها »‬إعادة الأمل» حققت نجاحا يعتد به في اليمن، اللهم إلا في تقليم أظافر الحوثيين الطويلة، وقطع خطوط الإمداد الإيراني بالحصار الجوي والبحري الذي شاركت به مصر، ودون أن تتعداه إلي مشاركة في حرب برية لا نفع فيها.
ومن حق السعودية بالطبع أن تحمي كيانها، وهذا ما تؤيدها فيه مصر بلا تحفظ، لكن المعضلة تبقي في اليمن ذاته، وفي تفاعلاته الداخلية الخطرة، وفي الآثار الكارثية التي يخلفها استمرار الصراع علي أرضه، فقد يكون الحوثيون قوة رجعية متخلفة، وهم أبناء أفقر مناطق اليمن الفقير أصلا، والبيئة الصعبة لمناطقهم الجبلية الشرسة، ربما لا تبقي لهم من مهنة لكسب العيش غير الحرب، وهو ما يفسر إجادتهم لحرب العصابات، ومقدرتهم الواسعة علي تعبئة قبائل أقصي شمال اليمن، ودفعهم إلي »‬تجريدة» مسلحة علي مناطق الوسط والجنوب، مدعومين بفيض أسلحة متطورة وتدريب إيراني، وبالتحالف مع جماعة علي عبد الله صالح، والتي تسيطر لاتزال علي أغلب قطاعات الجيش اليمني المتآكل، وهو ما يجعل توازن الحرب والسلاح لصالح الحوثيين وجماعة الرئيس المخلوع، خاصة مع استنفار قدر من التعبئة الشعبية ضد ما أسموه بالعدوان السعودي الأمريكي.
وعلي الجانب الآخر، لايبدو الجهد الميداني الرئيسي لقوي أقل رجعية وتخلفا من الحوثيين، صحيح أن أحزابا من نوع التنظيم الناصري والحزب الإشتراكي موجودة في الصورة، وهي قوي وطنية تقدمية بامتياز، ولها تاريخها المضئ في إقامة الجمهورية اليمنية الأولي وتحرير الجنوب، ووجدت في فئات شباب الثورة اليمنية سندا لها، غير أن هؤلاء جميعا جري تهميشهم، وسحب أدوارهم إلي الظل مع ما اسمي »‬المبادرة الخليجية»، والتي استهدفت إجهاض الثورة الشعبية ضد علي عبد الله صالح، وحفظت للرئيس المخلوع حصانته وثروته المنهوبة المقدرة أمميا بستين مليار دولار، وأعطته نصف الحكومة وأغلبية البرلمان الانتقالي، ووضعت نائب صالح المهزوز عبد ربه منصور هادي علي مقعد الرئاسة، ومنحت جماعة الإخوان (حزب التجمع اليمني للإصلاح) ثاني أكبر نصيب في الكعكة بعد جماعة صالح، فيما استبعدت الحوثيين تماما، مع تهميش الناصريين والاشتراكيين وشباب الثورة الجديدة.
وكانت الصيغة الملغومة هي السبب في انفجارات اليمن الحالية، والمتلاحقة بظواهرها المدمرة علي مدي الشهور الأخيرة، والتي دفعتنا إلي المأزق الراهن، والذي لا يتصور أحد معه وجود حل عسكري ناجز علي الأرض، خاصة مع استبعاد التدخل البري العربي، واستمرار الصراع بالقوي اليمنية الذاتية، وفيما يشبه الحرب الأهلية منخفضة المستوي، والتي تتواجه فيها قوة الحوثيين مع قوي أكثر رجعية وتخلفا، فليس للتقدميين كالناصريين والاشتراكيين وشباب الثورة أجنحة عسكرية، والذين يقاتلون الحوثيين وجماعة صالح ليسوا »‬مقاومة شعبية» إلا فيما ندر، فهذه المقاومة التي يصح وصفها بالشعبية مقصورة علي مدينة »‬تعز»، وهي المدينة الأكثر تفتحا وتحضرا في اليمن، بينما مناطق الوسط والجنوب الأخري، تسودها قوي مسلحة رجعية وانتهازية بامتياز، ميليشيات قبلية تحارب بالأجر، ولا تثبت عمليا في المواجهات المميتة مع الحوثيين، ولا يبقي في الميدان طرف يحارب بنفس سياسي، سوي في عدن وجوارها، وحيث توجد فصائل مقاومة »‬جنوبية» لا شعبية تريد إعادة فصل الجنوب عن اليمن، في حين هربت ميليشيات الإخوان إلي فنادق الرياض واسطنبول، وتركت ساحة الحرب خالية لحلفائها من »‬القاعدة» و»داعش» وأخواتها، والتي سيطرت بالكامل علي »‬المكلا» كبري مدن »‬حضرموت» أوسع محافظات اليمن جغرافيا.
والمحصلة، أن الوضع في الميدان شئ، والوضع فيما يسمي »‬مؤتمر إنقاذ اليمن» بالرياض شئ آخر، فليس للرئيس هادي ولا لحكومته المنفية ظل يعتد به علي الأرض اليمنية، وقد لا يكون بوسع الحوثيين التقدم إلي انتصار نهائي كاسح، ولا إلي نهاية يستقر بها اليمن تحت حكمهم مع حليفهم علي صالح، خاصة أن الأخير مستعد لبيع أمه في سوق النخاسة، ومد الجسور ثانية إلي داعميه السعوديين التاريخيين، لكنه ليس مستعدا للتسليم بشرعية هادي المنقلب عليه، ولا هو قادر علي الفك النهائي لتحالفه مع الحوثيين، فقد أصبح للحوثيين الكلمة العليا في التحالف الحربي، وبوسعهم أن يقنعوا أطرافا عربية ودولية بجدوي دورهم في مطاردة وهزيمة جماعات الإرهاب، فقد يكون الحوثيين خطرا علي السعودية، لكن الإرهابيين خطر أكبر علي المنطقة كلها، وخطر أكبر علي السعودية نفسها.
ولاحل ممكنا في اليمن سوي بسياسة جديدة، لايترك فيها الأمر والنهي للسعودية وحدها، ولا لحلفاء السعودية التقليديين من نوع جماعة الإخوان ومشيخات القبائل المشتراة بدفاتر الشيكات، ولا لمناورات صالح الذي يلعب بالبيضة والحجر، ويناور لتعويم نفسه وعائلته، ولا بد من وقفة تمنع الانزلاق إلي فشل أكيد، وتقوم فيها القاهرة بدور منسق مع السعودية، فالقاهرة هي التي وضعت تاريخيا حجر الأساس للجمهورية اليمنية، وواجبها السياسي والأخلاقي أن تنهض بدور ينقذ اليمن، نقطة البدء فيه هي عدم استبعاد الحوثيين، والاعتراف بهم كمكون أصيل من الشعب اليمني، وضمان دور لهم في معادلة حكم متوازن، لا تتعسف في فرض رئاسة هادي بشرعية موهومة، وربما يكون البديل الملائم في شخص »‬خالد بحاح» رئيس الحكومة ونائب هادي حاليا، وهو شخصية مقبولة من أغلب الأطراف اليمنية، وعلي أن يكون بحاح رئيسا مؤقتا، ولمدي زمني محدود يتفق عليه، يجري فيه تشكيل حكومة وطنية جامعة، وسحب السلاح من المدن، وإعادة هيكلة الجيش اليمني، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب، وبضمانة قوات حفظ سلام عربية غير سعودية وغير خليجية، ومع الإعداد لإجراء انتخابات عامة، يختار فيها الشعب اليمني رئيسه وبرلمانه، ويستأنف حياته الطبيعية، ويحارب جماعات الإرهاب التي تمددت وتوحشت في سياق الانفلات والحرب المفتوحة، ويقنع الجنوبيين بمزايا البقاء في كيان اليمن الموحد، وما من سبيل آخر لمنع الانزلاق إلي يمن يتفكك بلا عودة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.