البرلمان بغرفتيه إخوان، ولم يعترض ثورجي واحد على نتائج الصناديق، شهدت قبلها حكومة عصام شرف أحداثًا جسامًا من مظاهرات وقتلى في محمد محمود تم انتقاؤهم بعناية ثورية في محاولة من اللهو الخفي لإشعال جذوة الثورة من جديد. وأمام ماسبيرو انتفض المسيحيون وراح منهم ضحايا دهس بالمدرعات والرصاص الحي، وكانت محاولة صناعة أيقونة جديدة للثورة اسمها مينا دانيال، ولم يستقل شرف، ولم يخرج ثورجي واحد يطالبه بالاستقالة، وغيرها من الأحداث، حتى أنه تم الحكم قبل نحو شهر على 12 متهمًا مسيحيًّا بالتأبيدة في أحداث أبو قرقاص، وتبرئة جميع المتهمين المسلمين، ولم يقل أحد: "الشعب يريد تطهير القضاء"، وإنما قالوها يوم تم الحكم على مبارك والعادلي بالمؤبد، ربما بسبب حصول مساعدي العادلي على البراءة في قضية قتل المتظاهرين!. ملاحظات ساخنة في أجواء مشتعلة، لا يراها إلا من كان له قلب أو ألقى السمع وهو فهيم، والذي يمكن أن نستنتجه من هذه الملاحظات هو أن مسيحيي مصر، لا بواكي لهم، ثم تأتي ثالثة الأثافي المعروفة بالانتخابات الرئاسية، لينجح في خوض جولة الإعادة الفريق أحمد شفيق، والدكتور محمد مرسي، لتبدأ حالة من الشحن الطائفي المحبوب لدى عموم المصريين ضد المسيحيين أيضًا، وكأنهم الشماعة التي يعلق عليها الجميع خيباتهم، وندخل مع من ورطونا بغباواتهم في معركة جديدة يجبر فيها من لا يحب شفيق أو مرسي مع حفظ الألقاب على التنابذ بالألقاب مرة أخرى، ولم يعد أمامنا سوى خيارين، أحلاهما مُر!!. وتتوالى المفاجآت تباعًا لنكتشف وكأنه فجأة أننا جميعًا عبيد لخيارات الآخرين الذين خربوا حياتنا من إخوان وثورجية ورئيس مُتخلٍّ عن منصبه، وقضاء هددنا به الإخوان عندما كانوا يتدافعون في حملاتهم الانتخابية في البرلمان، ودماء ضحاياهم تسيل في شوارع متفرعة من ميدان التحرير، أيقونة الثورة الإسلامية في جمهورية مصر العربية، وبدأ السفهاء من النخب الإعلامية _ إلا من رحم ربي_ في خوض الفتنة الكبرى، ثم يأتي البرادعي ليقول لنا نفس كلام اللواء عمر سليمان عن عدم تأهل الشعب المصري للديمقراطية فيما يشبه المفاجأة، والثورجية أغلبهم يقول له آمين، والبعض منهم يدرك الخديعة البرادعية فيسمي عودته على فيس بوك وتويتر "عودة الندل" الذي تركهم وقت الشدائد والآن عاد لينظِّر لهم خيبتهم القوية!. ثم يقول السفهاء إن محمد مرسي هو خيار الثورة في مواجهة خيار الفلول، الفريق شفيق، هم بالفعل سفهاء، وكالعادة يحاولون هدم المعبد على رؤوس الجميع على طريقة شمشون، "عليَّ وعلى أعدائي" يحرقون مصر بفوبيا تخصهم اسمها فوبيا الفلول والكل فلول لو كان قومي يعلمون!. هم الذين خربوا كل حدائقنا، أولئك الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، أولئك كالأنعام بل هم أضل، ومع ذلك يريدون استكمال مخططهم لخراب مصر على جثث المسيحيين، مدفوعين بشهوة الانتقام، يتحالفون مع القتلة الحقيقيين ضد من يخاف على هذا البلد، وتأتي ذكرى رحيل الكاتب الشهيد د. فرج فودة، بالتزامن مع نكسة يونية، ومحاولة إحياء نكسة يناير، على جثة الشعب الذي صدعونا بالحديث باسمه عامًا ونصف، ثم يأتي كبيرهم الذي علمهم السحر ليقول: المصريون غير مؤهلين للديمقراطية، ولا أجد تعليقًا مناسبًا غير أني من حقي الاعتراض (...)!. من حقي الاعتراض وأنا أرى مصر المدنية في الطريق إلى جهنم الدولة الدينية الإخوانية، وقد فات وقت التحذير وكتبنا وحاولنا الاحتجاج الكتابي على ما جنته علينا دولة ميدان التحرير، بدءًا من جلب المشير، إلى الانتقائية غير المبررة إطلاقًا في تصنيف السفهاء للفلول أو الثورجية، فبينما تقبل توبة شاعر كبير في السن والحرفة لمجرد نزوله الميدان هو وملحن قصائده التي كانت تلحس حذاء الجنرال الرئيس السابق، ويحمل الثورجية الغُشَّم أحد أعضاء أمانة السياسات في حزب جمال مبارك الوطني سابقًا، بل ويفرضه علينا فلول الثوار رئيسًا للوزراء، وغيره من رموز النظام السابق، يتم إقصاء ومطالب بعزل رئيس وزراء اللحظة الحرجة الذي استقال بعد حلقة ساخنة مع أحد مدعي الفكر والإبداع الذي تباهى بخروجه على الآداب العامة على الهواء مباشرة، بينما ثورجية موجهون إخوانيًا يؤسسون الائتلافات، ويمارسون أشكال الممارسة الغوغائية يتصورون أنهم يعزلون من يشاؤون، ويرفعون فوق رؤوسنا الخونة بصفتهم من الثوريين!. إننا الآن أمام مشهد عبثي، اكتملت أركان عبثيته بمطالبات الخاسرين في الانتخابات بتأسيس مجلس رئاسي مدني، أو محاولة أنصارهم بابتزاز الغالبين في الصناديق بضمانات مكتوبة لأجل حماية مصالحهم، ومصالح أتباعهم، وتسأل عن مستقبل مصر، فيحسبون أن هُم مصر، ومصر هُم، ولا مكان لمصرنا التي نحلُم بها!. ولا يفقه الذين يطالبون بإسقاط النظام أنهم كانوا وما زالوا جزءًا من النظام، وأنه حيال إسقاط أي نظام من قِبل قوى ثورية حقيقية، فلا بد من إسقاطه بحكوماته ومعارضيه، لأن المعارضة ركن من أركان أي نظام، وإذا كانت الجماعة المحظورة وأحزاب المعارضة على ما تفرج من أركان نظام مبارك، فكان يجب على الثوريين لو كانوا فعلاً كذلك، أن يسقطوا الجميع، لا يمارسون الانتقائية فيمن يسقطون، ولأنهم لم يسقطوا شيئًا أو أحدًا، ولأن مبارك تخلى عن منصبه وفوض المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد، ولأنهم يتشدقون بقولهم: "المخلوع" أسوة بتونس، التي نقلوا منها وعنها ثورتهم الزائفة، ولأن أبواقهم الإعلامية الزاعقة لا تسمعهم إلا صدى أصواتهم، فلا بد أنهم يحذون حذو تونس حذوًا، فيرحبون بحزب العدالة والحرية كما رحب قدواتهم بحزب النهضة، ولتصبح ثورتهم الإسلامية على بُعد خطوات من استعادة "الفريضة الغائبة" ألا وهي الجهاد في سبيل الكرسي والخلافة الإسلامية، كما قال صفوت حجازي، وقبله تحدث نائب المرشد عن التمكين ثم تطبيق الحدود، فلا عزاء لمن ضيَّعونا!؟ وفي النهاية أعلن انحيازي التام وغير المشروط لنتيجة الانتخابات الرئاسية، وأساند ممثل التيار المدني الذي لم يدَّعِ أبدًا الثورية، لأنني من الممكن أن أثور عليه، أما الإخوان الذين يقدمون أوامر مرشدهم كفئة ضالة على أمر الوطن، فلا تأييد لهم مني ومن كل عاقل يخاف على مصلحة هذا البلد! ألا هلك المتنطِّعون!