القس أندريه زكي يهنئ بطريرك الأقباط الكاثوليك بعيد الميلاد المجيد    منال عوض ومحافظ قنا يتفقدان مشروع مصنع المعالجة الميكانيكية والبيولوجية والمدفن الصحي    إصابة 4 أشخاص في غارة إسرائيلية استهدفت سيارة في بلدة الطيبة جنوب لبنان    قصف إسرائيلي مكثف يستهدف مناطق شرق غزة واستشهاد فلسطينية بالقرب من الخط الأصفر    التشكيل المتوقع لنابولي أمام ميلان في كأس السوبر الإيطالي    يعمل لصالح مرشحين بانتخابات النواب.. ضبط شخص يقدم رشاوى مالية للناخبين في دائرة أجا    مدارس أسيوط تحتفل باليوم العالمى للغة العربية التى وحدت الشعوب وأغنت الحضارة الانسانية    التعليم العالي: إطلاق برنامج تدريبي عملي متقدم في جراحات المناظير بمعهد تيودور بلهارس للأبحاث    برنامج الأغذية العالمي يحذر من مجاعة..التدخل الخارجى يهدد باستمرار الحرب في السودان    إعلام عبري: نتنياهو يُبلغ واشنطن قريباً بممثله الجديد في مفاوضات سوريا    ارتفاع سعر الدولار بالبنوك المصرية فى تعاملات اليوم الخميس    بث مباشر مباراة السعودية والإمارات في كأس العرب 2025 (لحظة بلحظة) | التشكيل    جلوب سوكر - خروج صلاح من القائمة النهائية لجائزتي أفضل مهاجم ولاعب    مدافع بتروجت يدخل ضمن اهتمامات الزمالك لتعويض رحيل مصدق    علي ماهر يضع اللمسات الأخيرة قبل مواجهة الأهلي في كأس عاصمة مصر    بمنتصف التعاملات.. البورصة تواصل ارتفاعها مدفوعة بمشتريات محلية وأجنبية    ضبط شخص بالإسكندرية لبيع مشروبات كحولية مغشوشة ومجهولة المصدر    ضبط سيارة زيت طعام غير صالح وفول مصاب بالسوس بساقلته قبل توزيعها على المطاعم    مكانش قصدى أموته.. اعترافات طالب 6 أكتوبر بقتل زميله بقطعة زجاج    أمواج 2.5 متر.. الأرصاد تحذر من اضطراب الملاحة بالبحر الأحمر    الوطنية للانتخابات للمواطنين: شارك ..صوتك مهم يصنع فرق فى القرار    "الست" خارج الصورة    تكربم 120 طالبا من حفظة القرآن بمدرسة الحاج حداد الثانوية المشتركة بسوهاج    رئيس الوزراء يكتب: "الدّيْن بين لحظة الذروة ومسار التصحيح: كيف تقرأ الدولة عبء اليوم؟"    سد النهضة وتسوية الأزمة السودانية تتصدران قمة السيسي والبرهان اليوم بالقاهرة    البرد القارس يودي بحياة رضيع في غزة ويرفع عدد الضحايا إلى 13    اسعار الفاكهه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى أسواق المنيا    تخصيص قطع أراضي لإقامة مدارس ومباني تعليمية في 6 محافظات    إخماد حريق داخل مزرعة دواجن بالفيوم.. وتحرير محضر بالواقعة    الداخلية تضبط قضايا تهريب ومخالفات جمركية متنوعة خلال 24 ساعة    وزير الاتصالات يفتتح مقر مركز مراقبة الطيف الترددي بمحافظة الجيزة    محافظ الغربية يتابع سير التصويت في اليوم الثاني لجولة الإعادة لانتخابات النواب    حجز عاطلين بتهمة توزيع رشاوى انتخابية في المرج    إقبال ملحوظ على لجان الاقتراع بالسويس في اليوم الثاني لانتخابات الإعادة    صحة الدقهلية نجاح فريق طبي بمستشفى السنبلاوين فى إعادة بناء وجه وفكين لمصاب    صحة المنيا: تقديم أكثر من 136 ألف خدمة صحية وإجراء 996 عملية جراحية خلال نوفمبر الماضي    رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإسقاط الجنسية المصرية عن 3 أشخاص    مصدر بالصحة: الدفع ب10 سيارات إسعاف في حادث مروري بدائري المنيب صباح اليوم    وزير الثقافة يبحث تعزيز التعاون الثقافي مع هيئة متاحف قطر ويشارك في احتفالات اليوم الوطني    الائتلاف المصري لحقوق الإنسان: انطلاق اليوم الحاسم لجولة الإعادة وسط تصويت محسوب واستقرار أمني    مركز التنمية الشبابية يستعد للبطولة التنشطية لمشروع كابيتانو مصر    الكوكي يشيد بإمكانيات المصري ويكشف سبب قبوله تدريب الفريق    أستاذ علوم سياسية: التوسع الاستيطاني يفرغ عملية السلام من مضمونها    عام استثنائي من النجاحات الإنتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    من تخفيض الفائدة إلى مكافأة المحارب.. أبرز وعود ترامب لعام 2026    تراجع أسعار الذهب اليوم 18 ديسمبر في بداية التعاملات بالبورصة العالمية    د. حمدي السطوحي: «المتحف» يؤكد احترام الدولة لتراثها الديني والثقافي    بوليتيكو: الاتحاد الأوروبي انقسم إلى معسكرين بسبب الخلاف حول مصادرة الأصول الروسية    انخفاض ملحوظ، درجات الحرارة اليوم الخميس في مصر    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    محمود عبد الشكور يدير ندوة نقدية عقب عروض أفلام مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    يلا شووت.. المغرب والأردن في نهائي كأس العرب 2025: صراع تكتيكي على اللقب بين "أسود الأطلس" و"النشامى"    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    سوليما تطرح «بلاش طيبة» بالتعاون مع فريق عمل أغنية «بابا» ل عمرو دياب    اقتحام الدول ليس حقًا.. أستاذ بالأزهر يطلق تحذيرًا للشباب من الهجرة غير الشرعية    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبواب الفساد

فيجب علي كل مسئول أن يبحث عن الأكفاء الأمناء دون أي محاباة أو مجاملة ، وإلا كان غاشًّا فيما ولاه الله عليه واسترعاه فيه
لاشك أن التنمية تقوم علي محاور متعددة منها زيادة العمل والإنتاج ، ودعم وتشجيع الصادرات ، وترشيد الاستهلاك ، لكن هناك عاملا أراه يشكل نصف محور التنمية ، وهو مكافحة الفساد ، فلا شك أن الفساد بكل ألوانه إنما هو غول يلتهم أي تنمية ، سواء أكان هذا الفساد نهبًا للمال العام وتسهيلا للاستيلاء أو السطو عليه بدون حق ، أم كان تمكينًا لغير الأكفاء ، وتقديمًا للولاء علي الكفاءة ، أم كان إهمالا وتسيّبًا وتضييعًا للمال العام وهدرًا لموارد الدولة ، ولا سيما إذا كانت هذه الموارد محدودة ، أم كان غضًا للطرف عن عدم تحصيل حقوقها ومستحقاتها.
فتقديم الولاء علي الكفاءة باب واسع من أبواب الفساد ، وقد حذرنا الإسلام منه، فقال نبينا (صلي الله عليه وسلم) : »‬ من استعمل رجلا علي جماعة وفيهم من هو أرضي لله عز وجل منه فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين »، وعن يزيد بن أبي سفيان ( رضي الله عنه ) قال : قال لي أبو بكر الصديق ( رضي الله عنه ) حين بعثني إلي الشام : يا يزيد إن لك قرابة عسيت أن نؤثرهم بالإمارة ، ذلك أكثر ما أخاف عليك ، فقد قال رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) : »‬ من ولي من أمر المسلمين شيئًا فأمّر عليهم أحدًا محاباة فعليه لعنة الله ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلاً حتي يدخله جهنم »‬ ، وقد أشار القرآن الكريم إلي ضرورة استعمال القوي الأمين ، في قوله تعالي : »‬ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمِينُ »‬ ، وقوله تعالي علي لسان يوسف (عليه السلام) في مخاطبته لعزيز مصر : »‬ اجْعَلْنِي عَلَي خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ »‬ ، فالإدارة تتطلب وصفين أساسيين هما : الكفاءة والأمانة ، فالكفاءة بمعني الإتقان والمهارة في تنفيذ المهام المنوطة والموكلة هي الشرط الرئيسي ، لكنها إذا أٌسندت إلي غير الأمين فإنها قد تئول إلي فساد ومحاباة ومحسوبية وانتهازية ، أما الأمانة وحدها بلا كفاءة فإنها لا تجدي في تولي المهام القيادية ، لأن تولية الأمين غير الكفء تكون كاتخاذ الصديق الأحمق الذي يريد أن ينفعك فيضرك ، ومصر نجيبة سخية ولاّدة ، مليئة بالكفاءات الأمينة ، علي أننا يجب أن نجهد أنفسنا في البحث عنها والتمكين لها.
فيجب علي كل مسئول أن يبحث عن الأكفاء الأمناء دون أي محاباة أو مجاملة ، وإلا كان غاشًّا فيما ولاه الله عليه واسترعاه فيه ، حيث يقول نبينا ( صلي الله عليه وسلم ) : »‬ ما من عبدٍ يسترعيه الله عز وجل رعية يموت يوم يموت وهو غاشًّ لرعيته إلا حرّم الله عليه الجنة »‬ ، ويقول (صلي الله عليه وسلم) : »‬ ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك إلا أتي الله عز وجل مغلولاً يوم القيامة يده إلي عنقه ، فكّه بِرُّه أو أوبقه إثمه»‬، أي نجاه عدله أو أهلكه جوره وظلمه ، وإبعاد الكفاءات أو إقصاؤهم تعنُّتًا من أشد ألوان الظلم وتضييع مصالح الوطن والبلاد والعباد ، وإهدار للطاقات.
ومن أشد ألوان الفساد الرشوة والمحسوبية والمجاملة والمحاباة ، فمن ولي من أمر الناس شيئًا لا يجوز له استغلال موقعه في تحقيق أي مكاسب غير مشروعة ، فقد لعن الله عز وجل الراشي والمرتشي والرائش ، وهو الذي يسير بينهما بالرشوة ، أيا كان مسمي هذه الرشوة ، هدية ، إكرامية ، أو غير ذلك من الأوصاف التي يتحايل بها علي الحرام ، حتي لو كان لمجرد المجاملة ، فهو إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق.
وإن هذه المفاسد من أكثر ما يثير الأحقاد ويضعف انتماء الإنسان لوطنه حين يشعر فيه بالقهر وعدم الإنصاف ، أما العدل فهو الحصن الحصين للدول ولبقائها واستقرارها ، فقد كتب أحد الولاة إلي سيدنا عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) يشكو كثرة اللصوص في المدينة ، فكتب إليه سيدنا عمر بن الخطاب أن حصنها بالعدل ، وقالوا: إن الله عز وجل ينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة ، ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت مؤمنة.
ومن أكبر ألوان الفساد الإهمال الذي لا يقل خطورة عن كل ما تقدم ، لأن الأثر المترتب علي كل ما سبق هو إهدار الأموال أو الطاقات ، وتضييع الفرص علي المجتمع وأبنائه ، فيستوي في ذلك أن يكون ناتجًا عن تولية غير الأكفاء أو عن فساد أو إهمال ، وإذا كان الإهمال والتقصير مذمومين علي كل حال وفي كل وقت ، فإنهما يكونان أكثر ذمًا في مثل أحوالنا عندما تكون في حاجة لمسابقة الزمن من أجل البناء ، وإصلاح ما فسد ، واستدراك ما ضاع ، كما أن الأمانة والمسئولية تكونان أشد علي كل من يلي عملا عامًا أو أمرًا قياديًا أو تنفيذيًا ، فلسنا في فسحة من الوقت ، وليس لدينا منه ما نضيعه ، فيكفي ما ضاع في السابق ، إنما نحن في حاجة إلي عقول خلاقة مبتكرة ورجال أقوياء فطناء وطنيين مخلصين يعملون ليل نهار حتي نصل جميعًا ببلدنا ووطننا ومصرنا الغالية إلي المكانة التي تستحقها في مصاف الأمم الرائدة المتقدمة المتحضرة ، ونحقق لأهلها ما يطمحون إليه من الرخاء والازدهار ، ولا يستهين أحد منا بما تحت يده ، وما يمكن أن يحققه من إنجاز أو محاربة للفساد أو الإهمال ، فالقليل إلي القليل كثير ، كما ينبغي علي كل منا أن يبدأ بنفسه ، ثم بمن يليه ، ولا ينتظر أن يبدأ الآخرون كي يبدأ هو ، بل علي كل واحد منا أن يستشعر وبقوة أن الوطن أمانة في عنقه هو ، وأنه المسئول أمام الله (عز وجل) ثم أمام الناس عن العمل علي رقي وطنه وتقدمه ، وأن يقتدي بالوطنيين المخلصين لا بالمقصرين ولا بالمتكاسلين.
فيجب علي كل مسئول أن يبحث عن الأكفاء الأمناء دون أي محاباة أو مجاملة ، وإلا كان غاشًّا فيما ولاه الله عليه واسترعاه فيه
لاشك أن التنمية تقوم علي محاور متعددة منها زيادة العمل والإنتاج ، ودعم وتشجيع الصادرات ، وترشيد الاستهلاك ، لكن هناك عاملا أراه يشكل نصف محور التنمية ، وهو مكافحة الفساد ، فلا شك أن الفساد بكل ألوانه إنما هو غول يلتهم أي تنمية ، سواء أكان هذا الفساد نهبًا للمال العام وتسهيلا للاستيلاء أو السطو عليه بدون حق ، أم كان تمكينًا لغير الأكفاء ، وتقديمًا للولاء علي الكفاءة ، أم كان إهمالا وتسيّبًا وتضييعًا للمال العام وهدرًا لموارد الدولة ، ولا سيما إذا كانت هذه الموارد محدودة ، أم كان غضًا للطرف عن عدم تحصيل حقوقها ومستحقاتها.
فتقديم الولاء علي الكفاءة باب واسع من أبواب الفساد ، وقد حذرنا الإسلام منه، فقال نبينا (صلي الله عليه وسلم) : »‬ من استعمل رجلا علي جماعة وفيهم من هو أرضي لله عز وجل منه فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين »، وعن يزيد بن أبي سفيان ( رضي الله عنه ) قال : قال لي أبو بكر الصديق ( رضي الله عنه ) حين بعثني إلي الشام : يا يزيد إن لك قرابة عسيت أن نؤثرهم بالإمارة ، ذلك أكثر ما أخاف عليك ، فقد قال رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) : »‬ من ولي من أمر المسلمين شيئًا فأمّر عليهم أحدًا محاباة فعليه لعنة الله ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلاً حتي يدخله جهنم »‬ ، وقد أشار القرآن الكريم إلي ضرورة استعمال القوي الأمين ، في قوله تعالي : »‬ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمِينُ »‬ ، وقوله تعالي علي لسان يوسف (عليه السلام) في مخاطبته لعزيز مصر : »‬ اجْعَلْنِي عَلَي خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ »‬ ، فالإدارة تتطلب وصفين أساسيين هما : الكفاءة والأمانة ، فالكفاءة بمعني الإتقان والمهارة في تنفيذ المهام المنوطة والموكلة هي الشرط الرئيسي ، لكنها إذا أٌسندت إلي غير الأمين فإنها قد تئول إلي فساد ومحاباة ومحسوبية وانتهازية ، أما الأمانة وحدها بلا كفاءة فإنها لا تجدي في تولي المهام القيادية ، لأن تولية الأمين غير الكفء تكون كاتخاذ الصديق الأحمق الذي يريد أن ينفعك فيضرك ، ومصر نجيبة سخية ولاّدة ، مليئة بالكفاءات الأمينة ، علي أننا يجب أن نجهد أنفسنا في البحث عنها والتمكين لها.
فيجب علي كل مسئول أن يبحث عن الأكفاء الأمناء دون أي محاباة أو مجاملة ، وإلا كان غاشًّا فيما ولاه الله عليه واسترعاه فيه ، حيث يقول نبينا ( صلي الله عليه وسلم ) : »‬ ما من عبدٍ يسترعيه الله عز وجل رعية يموت يوم يموت وهو غاشًّ لرعيته إلا حرّم الله عليه الجنة »‬ ، ويقول (صلي الله عليه وسلم) : »‬ ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك إلا أتي الله عز وجل مغلولاً يوم القيامة يده إلي عنقه ، فكّه بِرُّه أو أوبقه إثمه»‬، أي نجاه عدله أو أهلكه جوره وظلمه ، وإبعاد الكفاءات أو إقصاؤهم تعنُّتًا من أشد ألوان الظلم وتضييع مصالح الوطن والبلاد والعباد ، وإهدار للطاقات.
ومن أشد ألوان الفساد الرشوة والمحسوبية والمجاملة والمحاباة ، فمن ولي من أمر الناس شيئًا لا يجوز له استغلال موقعه في تحقيق أي مكاسب غير مشروعة ، فقد لعن الله عز وجل الراشي والمرتشي والرائش ، وهو الذي يسير بينهما بالرشوة ، أيا كان مسمي هذه الرشوة ، هدية ، إكرامية ، أو غير ذلك من الأوصاف التي يتحايل بها علي الحرام ، حتي لو كان لمجرد المجاملة ، فهو إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق.
وإن هذه المفاسد من أكثر ما يثير الأحقاد ويضعف انتماء الإنسان لوطنه حين يشعر فيه بالقهر وعدم الإنصاف ، أما العدل فهو الحصن الحصين للدول ولبقائها واستقرارها ، فقد كتب أحد الولاة إلي سيدنا عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) يشكو كثرة اللصوص في المدينة ، فكتب إليه سيدنا عمر بن الخطاب أن حصنها بالعدل ، وقالوا: إن الله عز وجل ينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة ، ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت مؤمنة.
ومن أكبر ألوان الفساد الإهمال الذي لا يقل خطورة عن كل ما تقدم ، لأن الأثر المترتب علي كل ما سبق هو إهدار الأموال أو الطاقات ، وتضييع الفرص علي المجتمع وأبنائه ، فيستوي في ذلك أن يكون ناتجًا عن تولية غير الأكفاء أو عن فساد أو إهمال ، وإذا كان الإهمال والتقصير مذمومين علي كل حال وفي كل وقت ، فإنهما يكونان أكثر ذمًا في مثل أحوالنا عندما تكون في حاجة لمسابقة الزمن من أجل البناء ، وإصلاح ما فسد ، واستدراك ما ضاع ، كما أن الأمانة والمسئولية تكونان أشد علي كل من يلي عملا عامًا أو أمرًا قياديًا أو تنفيذيًا ، فلسنا في فسحة من الوقت ، وليس لدينا منه ما نضيعه ، فيكفي ما ضاع في السابق ، إنما نحن في حاجة إلي عقول خلاقة مبتكرة ورجال أقوياء فطناء وطنيين مخلصين يعملون ليل نهار حتي نصل جميعًا ببلدنا ووطننا ومصرنا الغالية إلي المكانة التي تستحقها في مصاف الأمم الرائدة المتقدمة المتحضرة ، ونحقق لأهلها ما يطمحون إليه من الرخاء والازدهار ، ولا يستهين أحد منا بما تحت يده ، وما يمكن أن يحققه من إنجاز أو محاربة للفساد أو الإهمال ، فالقليل إلي القليل كثير ، كما ينبغي علي كل منا أن يبدأ بنفسه ، ثم بمن يليه ، ولا ينتظر أن يبدأ الآخرون كي يبدأ هو ، بل علي كل واحد منا أن يستشعر وبقوة أن الوطن أمانة في عنقه هو ، وأنه المسئول أمام الله (عز وجل) ثم أمام الناس عن العمل علي رقي وطنه وتقدمه ، وأن يقتدي بالوطنيين المخلصين لا بالمقصرين ولا بالمتكاسلين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.