الساعة.. هي الموعد.. وهي النهاية.. وهي القيامة.. هي الانهيار الكامل لكل شيء! قال رسول الله صلي الله عليه وسلم من مات فقد قامت قيامته كذلك الأماكن والأعمال والدول والأمم.. تموت وتحين ساعتها وتقوم قيامتها! يقول تعالي ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون. تأتي ساعة الإنسان بإنقضاء عمره لكن متي تأتي ساعة البلاد والأمم ؟!..سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم متي الساعة ؟ فقال إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة قيل:كيف إضاعتها؟ قال: إذا وسد اسند الأمر إلي غير أهله فانتظر الساعة. أي إذا تولي غير ذي الاختصاص مسئولية غيره المتخصص والأحق بالأمر منه يكون تضييعا للأمانة.. يؤدي إلي خراب المكان والبلاد والتعجيل بزمانه وساعته! يقول صلي الله عليه وسلم من استعمل عاملا من المسلمين وهو يعلم أن فيهم أولي بذلك منه وأعلم بكتاب الله وسنة نبيه فقد خان الله ورسوله وجميع المسلمين فقد نظم الله تعالي كونه بأن جعل لكل منا مواصفات نفسية وفكرية وجسدية وشخصية تعينه علي العمل الذي خلق لأدائه للتكامل بين أعضاء المجتمع حتي يعمر الكون يقول تعالي نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا فإذا أخللنا بهذا التنظيم بأن وضعنا أناسا بمواصفات خاصة تصلح لأداء مهام معينة وهناك من هو أصلح منها لأداء تلك المهام..فشلوا في أداء مهمتهم و أضاعوا حق العمل ولم تؤد أمانته واختلت الموازين فتفسد الأعمال والبلاد وتخرب لأن كل ميسرلما خلق له وفي هذا ظلم كبير للعمل ولمن هو أحق وأجدر وميسر لهذا العمل وكذلك ظلم لمن تولي هذه المسئولية وهو غير ميسر لها فيتحمل وزر إضاعة الأمانة وإفساد المكان وخرابه.. لذلك نقول (دولة الظلم ساعة ودولة العدل إلي أن تقوم الساعة) يقول عليه الصلاة و السلام أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وآخره الصلاة وعن أشراط الساعة التي تعقب ضياع الأمانة يقول يصبح الناس يتبايعون ولا يكاد أحد يؤدي الأمانة ويكثر ولد البغي وتفشوا الغيبة ويعظم رب المال وترتفع أصوات الفساق في المساجد ويظهر أهل المنكر ويظهر البغاءوأن يكون أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع و يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق...وينطق فيها الرويبضة قيل وما الرويبضة ؟ قال السفيه يتكلم في أمرالعامة ينتج ذلك عن تضييع الأمانة وتولية المسئوليات لغير أهل الاختصاص والخبرة والعلم فيها. وكانت بداية انهيارات مؤسساتنا وضعف بلادنا اسندت المسئوليات لمن سموا (أهل الثقة)..وأبعد أهل الاختصاص و(الخبرة) والتسمية الأدق هم أهل (الولاء) وليس (الثقة) لأن أهل الخبرة هم الأولي بالثقة في أداء مهامهم التي خلقوا ميسرين لها..لكن أهل الولاء لا يكونوا الأكفأ في القيام بهذه المهام ولا يكون ولاؤهم واهتمامهم منصبا علي تجويد أعمالهم ولكن علي إرضاء من أتي بهم ومن بيده الإطاحة بهم..بل يكون همهم التخلص من أهل الاختصاص الحقيقيين الأولي بهذه المناصب منهم فيتعمدون إبعادهم والتنكيل بهم وقتلهم معنويا ومهنيا وتعمد إدراجهم في آخر الصف حتي لا يظهروا عليهم ويتعمدوا تصعيد الأقل كفاءة وخبرة حتي يطمئنوا إلي استمرارهم ومن جهة أخري حتي لا يظهر جهلهم أمام مرؤوسيهم..فلا يقرب منه غير المنافقين الأقل كفاءة وليس الحريصون علي مصلحة العمل وإنما فقط الحريصون علي تملقه و إرضائه بالحق أو بالباطل فتكون النتيجة الحتمية انهيار العمل وخراب المكان وقيام ساعته! وهذا هو منتهي الفساد والذي يعرفه علماء اللغة بوضع الشيء في غير موضعه وهو عكس الإصلاح. فتنحصر تولية الأعمال في الوساطة والعلاقات والمحسوبية والشللية علي حساب أهل الأختصاص و الكفاءة الميسرين بطبيعتهم لأدائها!فصاحب الخبرة والتخصص تأبي عليه نفسه أن تشفع له سبل غير علمه وكفاءته وتخصصه. لذلك حذرنا المصطفي صلي الله عليه وسلم من تولية غير المستحق فقال من ولي من أمر المسلمين شيئا فولي رجلا وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله و من ولي من أمر المسلمين شيئا فأمر عليهم أحدا محاباة له بغير حق فعليه لعنة الله ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا حتي يدخله جهنم ومن أعطي أحدا من مال أخيه شيئا محاباة له فعليه لعنة الله ويكون في آخر الزمان أمراء ظلمة ووزراء فسقة وقضاة خونة وفقهاء كذبة,فمن أدرك ذلك الزمان منكم فلا يكونن لهم جابيا ولا عريفا ولا شرطيا. كذلك منع رسول الله صلي الله عليه وسلم تولية طالب الولاية الساعي لها وأن قوما دخلوا عليه فسألوه ولاية: فقال إنا لا نولي أمرنا هذا من طلبه وقال لعبد الرحمن بن سمرة يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وقال لعمه العباس إنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدي الذي عليه فيها وقد قال عليه الصلاة والسلام كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته وما من راع يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لها إلا حرم الله عليه رائحة الجنة ومفتاح العلاج والتغيير ونجاح الثورة وإنقاذ مصر من الساعة يكمن في تولية القادر علي إقامة العدل و الحق الذي قامت به السماوات والأرض يقول تعال ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحقوألا يولي إلا الأصلح و الأتقي وأن تسند الأمور لأهلها بلا محاباة لأحد وإلا فقد ضاعت الأمانة وتكالبت الأمم علينا واقتربت ساعتنا!.. وتلك القري أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا.