السفارات المصرية في 18 دولة تفتح أبوابها لاستقبال الناخبين في جولة الإعادة بمجلس النواب    محافظ قنا يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة العام الميلادي    الجامعة المصرية بكازاخستان تحتفل بتخريج الدفعة الأولى من مركز "تراث"    بدء صرف الدفعة الثانية من الأسمدة الشتوية لمزارعي الجيزة عبر كارت الفلاح    موسكو تعلن تقدما ميدانيا شمال شرق أوكرانيا.. وبوتين يأمر بتوسيع المنطقة العازلة    زد يستدرج حرس الحدود في كأس عاصمة مصر    4 قضايا أمام الإسماعيلى لرفع إيقاف القيد بعد إزالة مساعد جاريدو    أمم أفريقيا 2025| التشكيل المتوقع للجزائر وغينيا الاستوائية في لقاء اليوم    نظر جلسة محاكمة 3 فتيات بتهمة الاعتداء على الطالبة كارما بالتجمع بعد قليل    فتح التقديم بالمدارس المصرية اليابانية للعام الدراسى 2026/ 2027 غدا    القبض على المتهمين بسرقة محل بلايستيشن فى مدينة 6 أكتوبر    الأمل فى 2026 التحليل النفسى لأبراج العام الجديد    الليلة... نجوم الطرب في الوطن العربي يشعلون حفلات رأس السنة    108 دقة جرس كيف يحتفى العالم برأس السنة كل عام؟    "هتعمل إيه في رأس السنة"؟.. هادعي ربنا يجيب العواقب سليمة ويرضي كل انسان بمعيشته    طبيبة تحسم الجدل| هل تناول الكبدة والقوانص مضر ويعرضك للسموم؟    «ماء الموز» موضة غذائية جديدة بين الترطيب الحقيقي والتسويق الذكي    لماذا ترتفع معدلات الأزمات القلبية في فصل الشتاء؟ 9 إرشادات طبية للوقاية    الصحة تؤكد أهمية تطعيم الحمى الشوكية لطلاب المدارس للوقاية من الالتهاب السحائي    إيمري يقلل من أهمية عدم مصافحة أرتيتا بعد مواجهة أرسنال وأستون فيلا    ليلة استثنائية.. نجوم الأوبرا وعلاء عبد السلام يفتتحون عام 2026 بأغانى الخلود    الحكومة تصدر قرارًا جديدًا بشأن الإجازات الدينية للأخوة المسيحيين| تفاصيل    الإمارات تستجيب لطلب السعودية وتنهي وجودها العسكري باليمن    «اتصال» وImpact Management توقعان مذكرة تفاهم لدعم التوسع الإقليمي لشركات تكنولوجيا المعلومات المصرية    التضامن: إلزام الأسر المستفيدة بالمشروطية التعليمية ضمن برنامج تكافل وكرامة    مطار الغردقة الدولي يستقبل 19 ألف سائح على متن 97 رحلة طيران احتفالا بليلة رأس السنة    محمد جمال وكيلاً لوزارة الصحة ومحمد زين مستشارا للمحافظ للشؤون الصحية    تجديد حبس عاطلين قتلا مالك كافيه رفض معاكستهما لفتاة في عين شمس    اليوم.. نظر محاكمة 5 متهمين بخلية النزهة الإرهابية    تعرف على سعر الدينار البحريني أمام الجنيه في مصر اليوم الأربعاء 31-12-2025    أسعار البيض اليوم الأربعاء 31 ديسمبر    اليوم.. نظر محاكمة المتهم في قضية «صغار الهرم»    دميترييف يسخر من تمويل أوروبا المتحضرة للمنظمات غير الحكومية لغسل أدمغة الناس    وفاة إيزايا ويتلوك جونيور نجم مسلسل "The Wire" الشهير عن 71 عاما    نتنياهو: عواقب إعادة إيران بناء قدراتها وخيمة    نخبة الإعلام والعلاقات العامة يجتمعون لمستقبل ذكي للمهنة    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأربعاء 31 ديسمبر    وخلق الله بريجيت باردو    طقس رأس السنة.. «الأرصاد» تحذر من هذه الظواهر    توتر متصاعد في البحر الأسود بعد هجوم مسيّرات على ميناء توابسه    زيلينسكي يناقش مع ترامب تواجد قوات أمريكية في أوكرانيا    "25يناير."كابوس السيسي الذي لا ينتهي .. طروحات عن معادلة للتغيير و إعلان مبادئ "الثوري المصري" يستبق ذكرى الثورة    د.حماد عبدالله يكتب: نافذة على الضمير !!    «مسار سلام» يجمع شباب المحافظات لنشر ثقافة السلام المجتمعي    خالد الصاوي: لا يمكن أن أحكم على فيلم الست ولكن ثقتي كبيرة فيهم    تموين القاهرة: نتبنى مبادرات لتوفير منتجات عالية الجودة بأسعار مخفضة    استشهاد فلسطيني إثر إطلاق الاحتلال الإسرائيلي الرصاص على مركبة جنوب نابلس    الأمم المتحدة تحذر من أن أفغانستان ستظل من أكبر الأزمات الإنسانية خلال 2026    "البوابة نيوز" ينضم لمبادرة الشركة المتحدة لوقف تغطية مناسبات من يطلق عليهم مشاهير السوشيال ميديا والتيك توكرز    المحامى محمد رشوان: هناك بصيص أمل فى قضية رمضان صبحى    رضوى الشربيني عن قرار المتحدة بمقاطعة مشاهير اللايفات: انتصار للمجتهدين ضد صناع الضجيج    قبل المباراة المقبلة.. التاريخ يبتسم لمصر في مواجهة بنين    هل يجب خلع الساعة والخاتم أثناء الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    هل تبطل الصلاة بسبب خطأ فى تشكيل القرآن؟ الشيخ عويضة عثمان يجيب    جامعة عين شمس تستضيف لجنة منبثقة من قطاع طب الأسنان بالمجلس الأعلى للجامعات    خالد الجندى: القبر محطة من محطات ما بعد الحياة الدنيا    الأهلي يواجه المقاولون العرب.. معركة حاسمة في كأس عاصمة مصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
يا أبنودي.. الحروف لا تقوي علي رثائك !!

الأبنودي لا يعيش نفسه أبدا ولا أولاده.. أنه يعيشنا جميعا يعيش لحظاتنا.. يعيش تفاصيلنا وكأنه ينتظرنا ع القمة ليخطفنا وجدانيا ثم يرسلنا لها
الحروف تأبي كلمات الرثاء.. الحروف التي حفرها بذوب روحه وذوبها في مصر واعطاها لنا.. هذه الاحرف ترفض كلمات الرثاء.. فهو يعيش بيننا بكل حرف رصه وكتب به كلمات هي نبض الحياة.
كتبت عنه في حياته أكثر من مقال وفي أحداها اقتحمت عرين الشعراء والزجالين ونظمت كلمات له فطلبني في التليفون وقال لي (جري إيه يا خالة؟ هو إنتي حتنافسينا ولا أيه؟! قلت: معقول يا أبنودي.. انت الوحيد الذي تنافس نفسك ولكنه ابدي سعادته بالمقال مما جعلني أنام قريرة العين سعيدة بسعادته بالذي كتبت.
الابنودي شخص لا يموت - استغفر الله - فهو قد صنف نفسه بشخصيته في كل ما كتب فهو لا ينفصل عن شيئيين - مصر والكتابة بنبض القلب.
لا استطيع الاستمرار في الكتابة وأجد كلماتي ضعيفة وركيكة ولا تصل الي هامة موت الابنودي ورحيله الذي يحتل رحيل الهرم تماماً لو صح التعبير.
لم أجد لكم سوي ما كتبته عنه منذ عامين ثم منذ عام لم يطاوعني القلم بالكتابة عن الرحيل لان كل ما كتبته كتب لشخصه البقاء حيا قلبه بنبض وفكره وحبه لمصر وناس مصر. اترك لكم ما كتبته عن الابنودي في 6/9/2013 وفي 2/5/2014 أعيد نشر ما كتبته عنه في هاتين المقالتين اللتين عبرت فيهما تماماً عن عمق شخصيته وارتباطه بهذا الوطن الجميل الذي يزداد جمالاً كلما فكرنا في أنه اعطانا الابنودي.
لا تتصوروا احبائي القراء ماذا فعلت ومازالت كتاباته بنا!! لا تتصوروا مدي المقدرة العظيمة والرائعة علي تحميل الكلمات تصويراً مدهشاً لما يريد أن يطلقه لنا.
لا تتصوروا مدي العمق والاصالة والمقدرة علي تصوير المواقف وتشكيل الاشخاص.
لعل الاخبار تفرد للابنودي كل اسبوع صفحة لتثري قراءه بنفحات من ما كتب.
ولعل الاخبار تكون سنداً للقراء في توصيل الابنودي لهم من خلال ما خطت يداه وما أملاه عقله علي يديه.
لقد رسم الابنودي خريطة وجدانية للانسان المصري باشعاره ولا اعتقد ان هناك من يستطيع رسمها مثله أو من استطاع كتابتها من قبل كما ابدع واليكم ما كتبته عن الابنودي منذ اعوام والذي مازالت في كل ما كتبت.
الابنودي.. نبض مصر وعقلها
هذا المقال كتبته منذ عام ومازال يليق بصاحبه
ليس شاعراً كبيراً ولا مصريا اصيلا ولا صعيديا قحا.. ولا سنبلة قمح.. ولا كوز ذرة.. ولا عاملاً فيمصنع.. ولا فلاحا في »‬الغيط».. ولا مدرس حساب.. ولا واقف علي قناية يضبط الري.. ولا ماسك »‬فرقلة» و »‬بيطرقع» للجاموس يجري ويجر النورج ويدرس القمح ولا عطاشجي قطر نص الليل ولا واقفا علي ميزان القطن.. ولا بيراقب قطار نص الليل اللي مليان ناس ونايمين فوق الرفوف رايحين الصعيد الجواني.. ولا بيفرق حلاوة زمان علي العيال ولا بيغني موال للغربة والشوق للوطن.. لكن كل هؤلاء هم الأبنودي.. هؤلاء هم سكان جسمه وعقله وضميره عسكري الدورية السهران.. الأبنودي.. الفلاح الذي غرقت جاموسته في بئر الساقية ونزل يزحزحها ويقول: هيلا هوب.. يارب.. كرمك يا كريم.. كل هؤلاء هم الأبنودي.. الحبيب المشتاق لحبيبته ليزرعا معا قح الوطن.. الأبنودي.. الأب اللي مالي عينه فرحه بعياله.. الأبنودي. المغنواتي الذي يلعلع بصوته في الموالد.. الأبنودي.. المثقف الذي يناقش حال البلد بغضب مغموس بحب الأبنودي والابن البار الذي ينادي يا أماي من قلبه.. الأبنودي.. الزوج الذي من نظرة واحدة يرسل لنهال آلاف رسائل الحب.. الأبنودي. الأب الذي يتابع الأولاد من خلال ابتسامة مملوءة بالثقة.. الأبنودي. الفلاح الذي »‬يحش البرسيم» ويضعه بحب للبهايم.. الأبنودي. الشاعر الذي ينصت له الآلاف ويستمتعون.. الأبنودي. الأبن المشتاق دوما للنومة في حجر أمه.. الأبنودي.. الشاعر الذي استطاع ان يعبر عن أشواقنا لوطن منتصر وخوفنا علي وطن مفكك منهزم، الأبنودي الترعة التي تجري فيها مياه الفيضان الشديدة الخصب ذات اللون المائل للخمري.. الأبنودي. الرغيف اللي »‬قب» واستوي وخرج برائحة الخبيز.. الأبنودي. طاجن الأرز المعمر ذو الوجه الذي ارتفع واحمر وجهه.. الأبنودي.. مشنة العيش الطازج الخارج من الفرن.. الأبنودي الرجل زينة المجالس الذي يحول هموم الوطن الي رجل يلحن حوله وهو القمر المنير ينشد ما في قلوبهم من قلبه ووجدانه.. الأبنودي. الرجل الذي ينفعل بالنيابة عنا جميعا ويطرح كلمات تعبر عنا جميعا.. وكأننا قلناها من عقولنا وقلوبنا.. الأبنودي. الغيور علي الوطن من الهوا الطاير.. الأبنودي. المتصالح مع نفسه من أجل الحياة الحلوة.. الأبنودي. الرجل الذي يعيش العيد بالكلمة والحرف والمعني وقد ذوب في الكلمات قلبه وأنطقها من عقله.. الأبنودي. الذي يعيش نبض مكن المصانع وضربة فاس الفلاحين في الحقول.. الأبنودي. الذي يعيش شقا السنين من أجل يوم حلو للوطن.. الذي يحول كل افراحنا وأحزاننا وخوفنا وانتصاراتنا.. الي كلمات تنبض بالحياة.. الأبنودي. وإذا انهزمنا الكلمات وخرجت من قلب الأبنودي وكأنها برقيات تنعي الوطن.
كلما حدث شيء.. انتظرنا حروف الأبنودي وكلماته وكأنها سوف تخرج من قلوبنا في رسالة لعقولنا.
الأبنودي لا يعيش نفسه أبدا ولا أولاده.. أنه يعيشنا جميعا يعيش لحظاتنا.. يعيش تفاصيلنا وكأنه ينتظرنا ع القمة ليخطفنا وجدانيا ثم يرسلنا لها.. الأبنودي صاحب لغة شديدة الخصوصية لا يتقنها إلا هو.. إنه يعيش كلمات كل كلمة يتجمع داخلها نبض مصر وعقلها وضميرها.
أحيانا أشعر أن الأبنودي يحمل عنا كل الحزن الذي عشناه.
لا أتذكر ماذا قال الأبنودي في رحيل عبدالناصر ولكن أتخيله مليئا بالحزن والشجن كمن فقد أباه.. لا أتذكر ما كتبه الأبنودي في 67 ولكنني متأكدة أنه عبر عن هزيمتنا جميعا.. نفسيا وماديا!!
استكتبني الأبنودي أكثر من مرة حتي إنني وصفته شعرا ومازال يستكتبني لأنني أشعر أنني مدينة للأبنودي بمتع الدنيا وأنا أقرأ شعره ومدينة له لأنه عبر عنا جميعا بكل الصدق في معظم المناسبات الوطنية.
كان آخر ما كتب الأبنودي وليس أخره.. تلك الأبيات الستة التي كتبها في عيد العمال في الزميلة التحرير.. كتب الأبنودي:
الفجر
الفجر م المصنع برق
برق برق
لا م الحديد.. ولا م القزاز
ولا م النسيج ولا م الورق
أمال منين النور برق؟
من العرق
من العرق
من العرق!!
هذه الكلمات هي نبض العمال ونبض العمل ونبض أهم طبقة من طبقات الشعب المصري أبقاها الله ورعاها.
إلي الأبنودي كلمة الوطن
هذا المقال كتبته منذ عامين ولم أجد ما اكتبه للأبنودي
فلاح يمسك الفاس و »‬يعزق» الأرض ثم يبذر البذور ثم يفتح المروي ويروي.. ثم ينتظر ويجري ليفسح للماء مكانا ليصل لباقي الأرض.. يتعب.. ينام تحت الشجرة ثم يقوم ليشاهد الأرض وكأنه يرجوها النماء.. ولا يذهب الا بعد المغرب... وقبل أن تستيقظ الطيور يكون »‬علو» الارض وينحني بظهره فقد ظهرت ساق صغيرة نصف خضراء يفرح ويفسح حولها مكانا للسماء... ويظل هكذا.. حتي تكبر وتثمر ويغني لسنابل القمح ويغني لنوار القطن... ويغني ليشجع الفلاحين علي كل تفاصيل الحياة... هذا هو الابنودي نبض قلب مصر وعلي استحياء نظمت له كلمات »‬سيبكوا من الشعر» لكن الكلام لعله يعجبه ويعجبكم لانه من القلب اوعوا تقولوا الست دي اتجننت تكتب للابنودي زجل؟ ولم لا ألم يكتب الناس للملوك خطابات؟
هذا ما كتبته للأبنودي:
أرمي السلام لابن ابنود اللي زارع في قلوبنا أمل وارمي السلام للي يجري كلامه في عروقنا عمل، لعل هذا السلام يعشق في قلبه ويطرح لنا مواويل
أول كلامه نبض وعلامة
ثاني كلامه حب الوطن ياما
ثالث كلامه راجع لآدم وامنا حوا
رابع كلامه يعشش في القلوب جوا
خامس كلامه بينسج من وجع الوطن مواويل
سادس كلامه قاد من حياته للوطن قناديل
سابع كلامه ينبت حفرة تشفي عليل
ثامن كلامه معلم في قلب كل مصري اصيل
الله عليك يا ابن »‬فاطنة» في كل بيت ساكن
الله عليك يا ابن ابنود وكل بيت في شعرك في القلوب ساكن
يارب تدي له من كل قلب في مصر نبضة قلب
نور قلبه ويعيش ويروي حياتنا بالعمل والحب
حاولت ان احييه بما فيه ولكن قالت لي صديقة:
انت جريئة جدا معقول تكتبي للابنودي مواويل؟
قلت لها: الأبنودي جعلنا علي انتظار دائم للكلمة المنظومة لدرجة اصبحت الكتابة العادية في شئون الوطن ومشاكله تبدو سخيفة وننساها بعد كل سطر!!!
الأبنودي حولنا الي منتظرين له ولرباعيته في جريدة التحرير وفجأة »‬خلي بينا» بعد ان كنا نقرأ الجريدة من الصفحة الأخيرة ثم نعود للأولي لنقرأ الحق والمستحق لولدنا الغالي الذي ضبط قلمه علي أوجاع مصر الكاتب »‬اللوزعي» ابراهيم عيسي ولا ادري لماذا لم تضغط عليه الجريدة من اجلنا؟ فقد كانت ابياته مثل الري الدائم لناس مصر... والناقوس الذي يدق لمن يسهو عن حب الوطن... اكتب هذا وادعو الله لي ولكم ولابراهيم عيسي بعودة الأبنودي..
حتي يعود الليل يفيض بكلماته وما احوجنا لها هذه الأيام التي جفت فيها ارض مصر وتشققت وخرجت منها الديدان التي جعلت من الاسلام مطية تمتطيها لتصعد الي اي موقع اعانهم الله علي السقوط وقد بدأ العد التنازلي فعلا.
قلبي مع نهال كمال وآية ونور فلا عزاء يصلح في هذا المصاب الغالي الكبير.
الأبنودي لا يعيش نفسه أبدا ولا أولاده.. أنه يعيشنا جميعا يعيش لحظاتنا.. يعيش تفاصيلنا وكأنه ينتظرنا ع القمة ليخطفنا وجدانيا ثم يرسلنا لها
الحروف تأبي كلمات الرثاء.. الحروف التي حفرها بذوب روحه وذوبها في مصر واعطاها لنا.. هذه الاحرف ترفض كلمات الرثاء.. فهو يعيش بيننا بكل حرف رصه وكتب به كلمات هي نبض الحياة.
كتبت عنه في حياته أكثر من مقال وفي أحداها اقتحمت عرين الشعراء والزجالين ونظمت كلمات له فطلبني في التليفون وقال لي (جري إيه يا خالة؟ هو إنتي حتنافسينا ولا أيه؟! قلت: معقول يا أبنودي.. انت الوحيد الذي تنافس نفسك ولكنه ابدي سعادته بالمقال مما جعلني أنام قريرة العين سعيدة بسعادته بالذي كتبت.
الابنودي شخص لا يموت - استغفر الله - فهو قد صنف نفسه بشخصيته في كل ما كتب فهو لا ينفصل عن شيئيين - مصر والكتابة بنبض القلب.
لا استطيع الاستمرار في الكتابة وأجد كلماتي ضعيفة وركيكة ولا تصل الي هامة موت الابنودي ورحيله الذي يحتل رحيل الهرم تماماً لو صح التعبير.
لم أجد لكم سوي ما كتبته عنه منذ عامين ثم منذ عام لم يطاوعني القلم بالكتابة عن الرحيل لان كل ما كتبته كتب لشخصه البقاء حيا قلبه بنبض وفكره وحبه لمصر وناس مصر. اترك لكم ما كتبته عن الابنودي في 6/9/2013 وفي 2/5/2014 أعيد نشر ما كتبته عنه في هاتين المقالتين اللتين عبرت فيهما تماماً عن عمق شخصيته وارتباطه بهذا الوطن الجميل الذي يزداد جمالاً كلما فكرنا في أنه اعطانا الابنودي.
لا تتصوروا احبائي القراء ماذا فعلت ومازالت كتاباته بنا!! لا تتصوروا مدي المقدرة العظيمة والرائعة علي تحميل الكلمات تصويراً مدهشاً لما يريد أن يطلقه لنا.
لا تتصوروا مدي العمق والاصالة والمقدرة علي تصوير المواقف وتشكيل الاشخاص.
لعل الاخبار تفرد للابنودي كل اسبوع صفحة لتثري قراءه بنفحات من ما كتب.
ولعل الاخبار تكون سنداً للقراء في توصيل الابنودي لهم من خلال ما خطت يداه وما أملاه عقله علي يديه.
لقد رسم الابنودي خريطة وجدانية للانسان المصري باشعاره ولا اعتقد ان هناك من يستطيع رسمها مثله أو من استطاع كتابتها من قبل كما ابدع واليكم ما كتبته عن الابنودي منذ اعوام والذي مازالت في كل ما كتبت.
الابنودي.. نبض مصر وعقلها
هذا المقال كتبته منذ عام ومازال يليق بصاحبه
ليس شاعراً كبيراً ولا مصريا اصيلا ولا صعيديا قحا.. ولا سنبلة قمح.. ولا كوز ذرة.. ولا عاملاً فيمصنع.. ولا فلاحا في »‬الغيط».. ولا مدرس حساب.. ولا واقف علي قناية يضبط الري.. ولا ماسك »‬فرقلة» و »‬بيطرقع» للجاموس يجري ويجر النورج ويدرس القمح ولا عطاشجي قطر نص الليل ولا واقفا علي ميزان القطن.. ولا بيراقب قطار نص الليل اللي مليان ناس ونايمين فوق الرفوف رايحين الصعيد الجواني.. ولا بيفرق حلاوة زمان علي العيال ولا بيغني موال للغربة والشوق للوطن.. لكن كل هؤلاء هم الأبنودي.. هؤلاء هم سكان جسمه وعقله وضميره عسكري الدورية السهران.. الأبنودي.. الفلاح الذي غرقت جاموسته في بئر الساقية ونزل يزحزحها ويقول: هيلا هوب.. يارب.. كرمك يا كريم.. كل هؤلاء هم الأبنودي.. الحبيب المشتاق لحبيبته ليزرعا معا قح الوطن.. الأبنودي.. الأب اللي مالي عينه فرحه بعياله.. الأبنودي. المغنواتي الذي يلعلع بصوته في الموالد.. الأبنودي.. المثقف الذي يناقش حال البلد بغضب مغموس بحب الأبنودي والابن البار الذي ينادي يا أماي من قلبه.. الأبنودي.. الزوج الذي من نظرة واحدة يرسل لنهال آلاف رسائل الحب.. الأبنودي. الأب الذي يتابع الأولاد من خلال ابتسامة مملوءة بالثقة.. الأبنودي. الفلاح الذي »‬يحش البرسيم» ويضعه بحب للبهايم.. الأبنودي. الشاعر الذي ينصت له الآلاف ويستمتعون.. الأبنودي. الأبن المشتاق دوما للنومة في حجر أمه.. الأبنودي.. الشاعر الذي استطاع ان يعبر عن أشواقنا لوطن منتصر وخوفنا علي وطن مفكك منهزم، الأبنودي الترعة التي تجري فيها مياه الفيضان الشديدة الخصب ذات اللون المائل للخمري.. الأبنودي. الرغيف اللي »‬قب» واستوي وخرج برائحة الخبيز.. الأبنودي. طاجن الأرز المعمر ذو الوجه الذي ارتفع واحمر وجهه.. الأبنودي.. مشنة العيش الطازج الخارج من الفرن.. الأبنودي الرجل زينة المجالس الذي يحول هموم الوطن الي رجل يلحن حوله وهو القمر المنير ينشد ما في قلوبهم من قلبه ووجدانه.. الأبنودي. الرجل الذي ينفعل بالنيابة عنا جميعا ويطرح كلمات تعبر عنا جميعا.. وكأننا قلناها من عقولنا وقلوبنا.. الأبنودي. الغيور علي الوطن من الهوا الطاير.. الأبنودي. المتصالح مع نفسه من أجل الحياة الحلوة.. الأبنودي. الرجل الذي يعيش العيد بالكلمة والحرف والمعني وقد ذوب في الكلمات قلبه وأنطقها من عقله.. الأبنودي. الذي يعيش نبض مكن المصانع وضربة فاس الفلاحين في الحقول.. الأبنودي. الذي يعيش شقا السنين من أجل يوم حلو للوطن.. الذي يحول كل افراحنا وأحزاننا وخوفنا وانتصاراتنا.. الي كلمات تنبض بالحياة.. الأبنودي. وإذا انهزمنا الكلمات وخرجت من قلب الأبنودي وكأنها برقيات تنعي الوطن.
كلما حدث شيء.. انتظرنا حروف الأبنودي وكلماته وكأنها سوف تخرج من قلوبنا في رسالة لعقولنا.
الأبنودي لا يعيش نفسه أبدا ولا أولاده.. أنه يعيشنا جميعا يعيش لحظاتنا.. يعيش تفاصيلنا وكأنه ينتظرنا ع القمة ليخطفنا وجدانيا ثم يرسلنا لها.. الأبنودي صاحب لغة شديدة الخصوصية لا يتقنها إلا هو.. إنه يعيش كلمات كل كلمة يتجمع داخلها نبض مصر وعقلها وضميرها.
أحيانا أشعر أن الأبنودي يحمل عنا كل الحزن الذي عشناه.
لا أتذكر ماذا قال الأبنودي في رحيل عبدالناصر ولكن أتخيله مليئا بالحزن والشجن كمن فقد أباه.. لا أتذكر ما كتبه الأبنودي في 67 ولكنني متأكدة أنه عبر عن هزيمتنا جميعا.. نفسيا وماديا!!
استكتبني الأبنودي أكثر من مرة حتي إنني وصفته شعرا ومازال يستكتبني لأنني أشعر أنني مدينة للأبنودي بمتع الدنيا وأنا أقرأ شعره ومدينة له لأنه عبر عنا جميعا بكل الصدق في معظم المناسبات الوطنية.
كان آخر ما كتب الأبنودي وليس أخره.. تلك الأبيات الستة التي كتبها في عيد العمال في الزميلة التحرير.. كتب الأبنودي:
الفجر
الفجر م المصنع برق
برق برق
لا م الحديد.. ولا م القزاز
ولا م النسيج ولا م الورق
أمال منين النور برق؟
من العرق
من العرق
من العرق!!
هذه الكلمات هي نبض العمال ونبض العمل ونبض أهم طبقة من طبقات الشعب المصري أبقاها الله ورعاها.
إلي الأبنودي كلمة الوطن
هذا المقال كتبته منذ عامين ولم أجد ما اكتبه للأبنودي
فلاح يمسك الفاس و »‬يعزق» الأرض ثم يبذر البذور ثم يفتح المروي ويروي.. ثم ينتظر ويجري ليفسح للماء مكانا ليصل لباقي الأرض.. يتعب.. ينام تحت الشجرة ثم يقوم ليشاهد الأرض وكأنه يرجوها النماء.. ولا يذهب الا بعد المغرب... وقبل أن تستيقظ الطيور يكون »‬علو» الارض وينحني بظهره فقد ظهرت ساق صغيرة نصف خضراء يفرح ويفسح حولها مكانا للسماء... ويظل هكذا.. حتي تكبر وتثمر ويغني لسنابل القمح ويغني لنوار القطن... ويغني ليشجع الفلاحين علي كل تفاصيل الحياة... هذا هو الابنودي نبض قلب مصر وعلي استحياء نظمت له كلمات »‬سيبكوا من الشعر» لكن الكلام لعله يعجبه ويعجبكم لانه من القلب اوعوا تقولوا الست دي اتجننت تكتب للابنودي زجل؟ ولم لا ألم يكتب الناس للملوك خطابات؟
هذا ما كتبته للأبنودي:
أرمي السلام لابن ابنود اللي زارع في قلوبنا أمل وارمي السلام للي يجري كلامه في عروقنا عمل، لعل هذا السلام يعشق في قلبه ويطرح لنا مواويل
أول كلامه نبض وعلامة
ثاني كلامه حب الوطن ياما
ثالث كلامه راجع لآدم وامنا حوا
رابع كلامه يعشش في القلوب جوا
خامس كلامه بينسج من وجع الوطن مواويل
سادس كلامه قاد من حياته للوطن قناديل
سابع كلامه ينبت حفرة تشفي عليل
ثامن كلامه معلم في قلب كل مصري اصيل
الله عليك يا ابن »‬فاطنة» في كل بيت ساكن
الله عليك يا ابن ابنود وكل بيت في شعرك في القلوب ساكن
يارب تدي له من كل قلب في مصر نبضة قلب
نور قلبه ويعيش ويروي حياتنا بالعمل والحب
حاولت ان احييه بما فيه ولكن قالت لي صديقة:
انت جريئة جدا معقول تكتبي للابنودي مواويل؟
قلت لها: الأبنودي جعلنا علي انتظار دائم للكلمة المنظومة لدرجة اصبحت الكتابة العادية في شئون الوطن ومشاكله تبدو سخيفة وننساها بعد كل سطر!!!
الأبنودي حولنا الي منتظرين له ولرباعيته في جريدة التحرير وفجأة »‬خلي بينا» بعد ان كنا نقرأ الجريدة من الصفحة الأخيرة ثم نعود للأولي لنقرأ الحق والمستحق لولدنا الغالي الذي ضبط قلمه علي أوجاع مصر الكاتب »‬اللوزعي» ابراهيم عيسي ولا ادري لماذا لم تضغط عليه الجريدة من اجلنا؟ فقد كانت ابياته مثل الري الدائم لناس مصر... والناقوس الذي يدق لمن يسهو عن حب الوطن... اكتب هذا وادعو الله لي ولكم ولابراهيم عيسي بعودة الأبنودي..
حتي يعود الليل يفيض بكلماته وما احوجنا لها هذه الأيام التي جفت فيها ارض مصر وتشققت وخرجت منها الديدان التي جعلت من الاسلام مطية تمتطيها لتصعد الي اي موقع اعانهم الله علي السقوط وقد بدأ العد التنازلي فعلا.
قلبي مع نهال كمال وآية ونور فلا عزاء يصلح في هذا المصاب الغالي الكبير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.