مطالبات بتعويضات حكومية لصغار المستثمرين بعد حريق سنترال رمسيس    4 ماكينات طوارئ لتأمين التغذية الكهربائية لأهالى شبرمنت بعد حريق كشك 1 ميجا    نقابة الصحفيين توقّع بروتوكول تعاون مع أكاديمية دبي للإعلام.. الأحد المقبل    تحالف بيئي - إغاثي بين وزارتي البيئة والتضامن.. توقيع مذكرة تفاهم لإدارة المخلفات وتحقيق استدامة آمنة    وزير قطاع الأعمال: العامل شريك أساسى فى التنمية ونحرص على توفير بيئة عمل عادلة    المكتب الإعلامي الحكومي في غزة يطالب بوقف الحرب ورفع الحصار: نموت يوميا أمام العالم    فرانشيسكا ألبانيز ترد على عقوبات واشنطن: سأظل واقفة إلى جانب العدالة رغم الضغوط    وكالة الأنباء المغربية: إعادة فتح سفارة المملكة المغربية في دمشق    من واشنطن: عاصفة باريسية تضرب ريال مدريد في نيويورك    فيديو.. صحة غزة: مستشفى شهداء الأقصى على وشك الخروج عن الخدمة    الوصل يغلق باب التفاوض مع وسام أبو علي.. والريان ينسحب لنفس السبب    شيكو بانزا يخضع للكشف الطبي ويشارك في جلسة تصوير تمهيدًا لانضمامه الرسمي للزمالك    كفرالشيخ تكرّم أبطالها البارالمبيين بعد التتويج ببطولة إفريقيا للطائرة في كينيا    الاتحاد المنستيري يمهل الزمالك أسبوعًا لسداد مستحقات الجفالي ويغلق الباب أمام عودته    حريق محدود يضرب مدخنة محل فول شهير بمحطة الرمل.. ولا خسائر بشرية    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى المريوطية    طقس الجمعة.. شديد الحرارة رطب وشبورة والعظمى بالقاهرة 35 درجة    الإعدام لمتهم قتل شابا تدخل لفض خلاف مع صديقه في الإسكندرية    أحمد عصام السيد يترقب طرح فيلمي الشاطر وابن مين فيهم.. ومغامرة جديدة تنتظره على نتفلكس    فيديو.. نائب أمير منطقة مكة المكرمة يشارك في مراسم غسل الكعبة    فيلم "أحمد وأحمد" يتصدر المركز الأول    محافظ الغربية: الثقافة ركيزة لبناء الإنسان.. والمسرح القومي يُرسّخ العدالة الثقافية من قلب طنطا    محافظ الإسماعيلية: 450 ألف خدمة طبية بمستشفى القصاصين واعتماد دولي لجودة الرعاية    لتجنب الأزمات القلبية.. أفضل نمط حياة للحفاظ على صحة قلبك    هل منع الأهلي انتقال حامد حمدان للزمالك؟.. إعلامي يفجرها    "مش عارف أقولها إزاى".. مهيب يفجر مفاجأة حول إمام عاشور بسبب زيزو    موعد وتفاصيل التقديم للثانوي الفني البحيرة ودرجات القبول به    الهيئة العليا للوفد تطالب عبد السند يمامة بالاستقالة    رئيس مجلس أمناء جامعة بنها الأهلية يترأس لجنة تقييم القيادات الأكاديمية والإدارية    كييف تعلن إسقاط 14 صاروخا و164 مسيرة روسية    ضبط 1296 قضية نقل و3850 سرقة تيار كهربي في يوم    جهود "حماية المستهلك" خلال يونيو: 682 حملة رقابية و1605 مخالفة في 24 محافظة    لماذا طردت حكومة بنغازي وفدًا وزاريًا أوروبيًا استقبلته طرابلس؟    الجريدة الرسمية تنشر قرارين جمهوريين للرئيس السيسي - تفاصيل    كامل الوزير يبحث مع نائب رئيس وزراء الكونغو تدعيم التعاون في مجالات النقل    وكيل الأزهر: حفظ القرآن والمداومة على قراءته يجلبان الرضا والسعادة للإنسان (صور)    مها الصغير في محطة جديدة بقطار السرقات بسبب «كلام كبير» ل هبة قطب    الموسم الجديد ل«واحد من الناس».. فقرات جديدة ومفاجآت للمشاهدين    عن موت الأشياء    تنسيق الجامعات 2025.. كليات تتطلب أداء اختبارات «قدرات»    "من حق بيراميدز".. تعليق ناري من نجم الأهلي السابق على "كوبري" إبراهيم عادل    تصل للفشل الكبدي والأورام.. دليلك للوقاية من مضاعفات الكبد الدهني    3 تحذيرات جديدة من أدوية مغشوشة.. كيف تتعرف عليها؟    وزارة التعليم تنفى تسريب امتحانات الثانوية العامة: أسئلة قديمة    مجلس كنائس الشرق الأوسط معزياً البطريرك يوحنّا العاشر:"الدماء التي سالت بكنيسة مار الياس دماؤنا جميعاً"    انتخاب رئيس جهاز حماية المنافسة المصري لمنصب نائب رئيس الدورة التاسعة لمؤتمر الأمم المتحدة للمنافسة    الكنيسة السريانية الأرثوذكسية تُعلن تضامنها مع "الأرمنية": انتهاك حرمة الكنائس مرفوض    في حالة توتر وترقب، انتظار أولياء أمور الطلاب الثانوية العامة أمام لجان الامتحان (صور)    ما حكم الوضوء بماء البحر وهل الصلاة بعده صحيحة؟.. أمين الفتوى يحسم (فيديو)    سعر سبائك الذهب في مصر اليوم الخميس 10 يوليو 2025.. «بكام سبيكة ال10 جرام»    لولا دا سيلفا ردا على رسوم ترامب الجمركية: البرازيل دولة ذات سيادة ولن نقبل الإهانة    وفاة المخرج سامح عيد العزيز بعد تعرضه لوعكة صحية والجنازة من مسجد الشرطة    الوداع الأخير.. المطرب محمد عواد في عزاء أحمد عامر ثم يلحق به اليوم فجأة    الولايات المتحدة تشهد أسوأ تفش للحصبة منذ أكثر من 30 عاما    ترامب: سنعمل على تيسير السلام في السودان وليبيا    ما أحكام صندوق الزمالة من الناحية الشرعية؟.. أمين الفتوى يوضح    عصام السباعي يكتب: الأهرام المقدسة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 10-7-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصدام مع أمريكا

نعم ما يغضب واشنطن أن مصر قررت التصرف بنفسها ولنفسها، وبحسب أولويات المصالح الوطنية المصرية، وهذه جريمة لا تغتفر من وجهة نظر أمريكا، فقد تعودت واشنطن علي التعامل مع مصر كمستعمرة أمريكية
دعونا من الكلام الدبلوماسي غير اللطيف، ومن الأحاديث المتحفظة عن العلاقات الاستراتيجية الموروثة بين القاهرة وواشنطن، فلم تعد هناك من »‬علاقة خاصة» ولا يحزنون، وسقطت أوراق التوت كلها عن العورات، وانكشف العداء الأمريكي سافرا خشنا في الأيام الأخيرة، وقادت واشنطن حملة تعبئة غربية وإقليمية شرسة ضد التحرك المصري في مجلس الأمن، وأحبطت خطة القاهرة في رفع حظر توريد السلاح عن الجيش الوطني الليبي التابع للحكومة الشرعية المنتخبة.
كان السبب المباشر لغضب واشنطن هو الضربة الجوية المصرية لقواعد الإرهاب في ليبيا، ليس لأن الضربة أضرت بمخازن سلاح ومراكز قيادة وسيطرة »‬داعش» في »‬درنة» وغيرها، ولا لأن الضربة تفتقر للشرعية من منظور القانون الدولي، بل الضربة شرعية تماما، فقد جاءت في سياق »‬الدفاع عن النفس» المعترف به قانونا، وبتنسيق كامل مع الحكومة الليبية المعترف بها دوليا، ثم أن حكايات الشرعية أو نقص الشرعية هي آخر ما يهم الولايات المتحدة، فهي تتصرف بنفسها، وبحسب تقديراتها الذاتية، وطائراتها بدون طيار تضرب يوميا في كل مكان بالعالم، ودون إذن ولا إحم ولا دستور، وتكون واشنطن تحالفاتها العسكرية خارج نطاق الأمم المتحدة، وعلي طريقة تحالفها الذي احتلت به العراق، وأشركت فيه دولا غربية وعربية، كانت من بينها مصر للأسف، فلولا التسهيلات والقواعد الأمريكية علي الأراضي العربية، ما كان بوسع واشنطن أن تغزو العراق وتحطم دولته، ثم قامت بتحطيم ليبيا خارج نطاق التفويض الممنوح من الأمم المتحدة، وأقامت أخيرا ما أسمته »‬التحالف الدولي» ضد »‬داعش»، ودون اتفاق في مجلس الأمن الدولي، وحددت هدفها في إضعاف »‬داعش» لا القضاء عليه، وحتي تستمر حرب إهلاك الحرث والنسل لسنوات، تتحطم فيها دول المشرق العربي تماما لخدمة أمن إسرائيل، وهو ما يفسر رفض أمريكا الآن للتدخل ضد »‬داعش» في ليبيا، فلا تزال واشنطن في مرحلة رعاية و»تسمين» داعش الليبية، وحتي يمكنها تحطيم ما تبقي من ليبيا، واتخاذها كأداة لإنهاك الدولة المصرية نفسها.
التناقض الأمريكي المصري إذن له أصوله وأسبابه، فالمصلحة الأمريكية تتناقض تماما مع المصلحة المصرية، واشنطن تريد ما تسميه »‬حلا سياسيا» في ليبيا، يشرك الإخوان ودواعشهم فيما يسمي بحكومة الوحدة الوطنية، ويعطي غطاء سياسيا لتغول داعش وأخواتها، ويحول ليبيا إلي قاعدة انطلاق لمواصلة التحرش بمصر، وإنهاك جيشها في حرب استنزاف متصلة، تقوض جهده الرئيسي باتجاه الشرق حيث إسرائيل، وتروض السياسة المصرية بأساليب »‬الخض والرج»، وحتي تجبر النظام الحاكم علي القبول وإعادة الاعتراف بدور للإخوان في الداخل المصري، وربما إشراكهم في الحكم من جديد، وحتي تتهيأ الظروف لولادة »‬داعش» مصرية قوية، فالقاعدة العامة باتت معروفة من فرط تكرار مشاهدها، وهي أن »‬داعش» تحضر حيث يحضر الإخوان، ثم يذوي دور الإخوان مع تضخم دور »‬داعش» وأخواتها، وهو ما جري في أفغانستان التي اختفي فيها دور حزب حكمتيار الإخواني، وحل دور طالبان والقاعدة وداعش، وفي أوساط سنة العراق، التي برزت فيها داعش خلفا للإخوان، وفي سوريا التي أزاحت فيها »‬النصرة» و»داعش» نفوذ الإخوان، وهو ما يتكرر في ليبيا التي تتطابق فيها خرائط داعش مع جغرافيا وجود الإخوان، ويراد للصورة نفسها أن تنتقل إلي مصر، وبسعي محموم من واشنطن، التي تريد تفكيك الجيش المصري خدمة لأمن إسرائيل.
نعم ما يغضب واشنطن أن مصر قررت التصرف بنفسها ولنفسها، وبحسب أولويات المصالح الوطنية المصرية، وهذه جريمة لا تغتفر من وجهة نظر أمريكا، فقد تعودت واشنطن علي التعامل مع مصر كمستعمرة أمريكية، وعلي إملاء أوامرها علي الحكم المصري، وعلي السمع والطاعة من جانب القاهرة، ووجدت في مصر من ينفذ التعليمات بغير شروط، فهكذا فعلت مع السادات بعد حرب أكتوبر 1973، وهكذا فعلت مع تابعها وخادمها الأمين حسني مبارك، وهكذا فعلت مع توابع الإخوان، هكذا فعلت طيلة أربعين سنة من الاحتلال الأمريكي لمصر سياسيا واقتصاديا، لكنها فشلت وتفشل في خطة احتواء الرئيس السيسي، وتستريب فيه برغم لغته السياسية الهادئة، ولأسباب ظاهرة، وضعت حدا لوصاية واشنطن المفترضة علي مصر، وعلي قرار الجيش المصري بالذات، فقد تحرك الجيش المصري لثلاث مرات في الأربع سنوات الأخيرة، تحرك الجيش لنصرة ثورة الشعب في 25 يناير 2011، وكانت أمريكا تعلم وتوافق، فقد تعاملت أمريكا مع رجلها مبارك كمنديل كلينكس انتهت الحاجة إليه، ثم تحرك الجيش المصري ثانية لنصرة ثورة الشعب في 30 يونيو 2013، وكانت أمريكا تعلم ولكن لا توافق، فقد كانت تريد لتوابعها الإخوانية أن تظل في الحكم، لكن واشنطن عجزت عن التصرف مع مفاجأة وتصميم السيسي، والذي استند إلي قوة تلاحم الشعب والجيش، وكانت تلك خطيئة السيسي التي لم تغتفرها واشنطن، ثم جري ما أحرق كبد أمريكا، بتحولات السيسي الكبري في السياسة العربية والإقليمية والدولية، وانفتاحه الواسع علي الصين وروسيا، وإعطائه الأولوية لتسليح الجيش والمشروعات الاقتصادية الطموحة، واستئنافه لبرنامج مصر النووي السلمي، وإلغائه لمناطق نزع السلاح في سيناء، وزحف قوات الجيش المصري إلي خط الحدود التاريخية مع فلسطين المحتلة، وإدارة سياسة نشطة في الأزمة السورية والجوار الليبي، وقبل أن تفيق واشنطن من الصدمات المتتالية، عاجلها السيسي بتوجيه الضربة الجوية المنفردة المتقنة إلي قواعد الإخوان ودواعشهم في ليبيا، ودون أن تعلم بها أمريكا أو توافق، وهذا أول تحرك حربي مصري يتم دون استئذان ولا علم واشنطن منذ قرار حرب أكتوبر 1973.
نعم، دقت الساعة، وبدأت حرب الاستقلال الوطني في مصر مجددا، وتداعت جولات الصدام الخفي فالظاهر مع أمريكا، والتي تريد إعاقة مصر حتي لو كان الثمن اغتيال السيسي، فاللهم احفظ مصر ورئيسها المنتخب، واكتب لنا النصر في العالمين.
نعم ما يغضب واشنطن أن مصر قررت التصرف بنفسها ولنفسها، وبحسب أولويات المصالح الوطنية المصرية، وهذه جريمة لا تغتفر من وجهة نظر أمريكا، فقد تعودت واشنطن علي التعامل مع مصر كمستعمرة أمريكية
دعونا من الكلام الدبلوماسي غير اللطيف، ومن الأحاديث المتحفظة عن العلاقات الاستراتيجية الموروثة بين القاهرة وواشنطن، فلم تعد هناك من »‬علاقة خاصة» ولا يحزنون، وسقطت أوراق التوت كلها عن العورات، وانكشف العداء الأمريكي سافرا خشنا في الأيام الأخيرة، وقادت واشنطن حملة تعبئة غربية وإقليمية شرسة ضد التحرك المصري في مجلس الأمن، وأحبطت خطة القاهرة في رفع حظر توريد السلاح عن الجيش الوطني الليبي التابع للحكومة الشرعية المنتخبة.
كان السبب المباشر لغضب واشنطن هو الضربة الجوية المصرية لقواعد الإرهاب في ليبيا، ليس لأن الضربة أضرت بمخازن سلاح ومراكز قيادة وسيطرة »‬داعش» في »‬درنة» وغيرها، ولا لأن الضربة تفتقر للشرعية من منظور القانون الدولي، بل الضربة شرعية تماما، فقد جاءت في سياق »‬الدفاع عن النفس» المعترف به قانونا، وبتنسيق كامل مع الحكومة الليبية المعترف بها دوليا، ثم أن حكايات الشرعية أو نقص الشرعية هي آخر ما يهم الولايات المتحدة، فهي تتصرف بنفسها، وبحسب تقديراتها الذاتية، وطائراتها بدون طيار تضرب يوميا في كل مكان بالعالم، ودون إذن ولا إحم ولا دستور، وتكون واشنطن تحالفاتها العسكرية خارج نطاق الأمم المتحدة، وعلي طريقة تحالفها الذي احتلت به العراق، وأشركت فيه دولا غربية وعربية، كانت من بينها مصر للأسف، فلولا التسهيلات والقواعد الأمريكية علي الأراضي العربية، ما كان بوسع واشنطن أن تغزو العراق وتحطم دولته، ثم قامت بتحطيم ليبيا خارج نطاق التفويض الممنوح من الأمم المتحدة، وأقامت أخيرا ما أسمته »‬التحالف الدولي» ضد »‬داعش»، ودون اتفاق في مجلس الأمن الدولي، وحددت هدفها في إضعاف »‬داعش» لا القضاء عليه، وحتي تستمر حرب إهلاك الحرث والنسل لسنوات، تتحطم فيها دول المشرق العربي تماما لخدمة أمن إسرائيل، وهو ما يفسر رفض أمريكا الآن للتدخل ضد »‬داعش» في ليبيا، فلا تزال واشنطن في مرحلة رعاية و»تسمين» داعش الليبية، وحتي يمكنها تحطيم ما تبقي من ليبيا، واتخاذها كأداة لإنهاك الدولة المصرية نفسها.
التناقض الأمريكي المصري إذن له أصوله وأسبابه، فالمصلحة الأمريكية تتناقض تماما مع المصلحة المصرية، واشنطن تريد ما تسميه »‬حلا سياسيا» في ليبيا، يشرك الإخوان ودواعشهم فيما يسمي بحكومة الوحدة الوطنية، ويعطي غطاء سياسيا لتغول داعش وأخواتها، ويحول ليبيا إلي قاعدة انطلاق لمواصلة التحرش بمصر، وإنهاك جيشها في حرب استنزاف متصلة، تقوض جهده الرئيسي باتجاه الشرق حيث إسرائيل، وتروض السياسة المصرية بأساليب »‬الخض والرج»، وحتي تجبر النظام الحاكم علي القبول وإعادة الاعتراف بدور للإخوان في الداخل المصري، وربما إشراكهم في الحكم من جديد، وحتي تتهيأ الظروف لولادة »‬داعش» مصرية قوية، فالقاعدة العامة باتت معروفة من فرط تكرار مشاهدها، وهي أن »‬داعش» تحضر حيث يحضر الإخوان، ثم يذوي دور الإخوان مع تضخم دور »‬داعش» وأخواتها، وهو ما جري في أفغانستان التي اختفي فيها دور حزب حكمتيار الإخواني، وحل دور طالبان والقاعدة وداعش، وفي أوساط سنة العراق، التي برزت فيها داعش خلفا للإخوان، وفي سوريا التي أزاحت فيها »‬النصرة» و»داعش» نفوذ الإخوان، وهو ما يتكرر في ليبيا التي تتطابق فيها خرائط داعش مع جغرافيا وجود الإخوان، ويراد للصورة نفسها أن تنتقل إلي مصر، وبسعي محموم من واشنطن، التي تريد تفكيك الجيش المصري خدمة لأمن إسرائيل.
نعم ما يغضب واشنطن أن مصر قررت التصرف بنفسها ولنفسها، وبحسب أولويات المصالح الوطنية المصرية، وهذه جريمة لا تغتفر من وجهة نظر أمريكا، فقد تعودت واشنطن علي التعامل مع مصر كمستعمرة أمريكية، وعلي إملاء أوامرها علي الحكم المصري، وعلي السمع والطاعة من جانب القاهرة، ووجدت في مصر من ينفذ التعليمات بغير شروط، فهكذا فعلت مع السادات بعد حرب أكتوبر 1973، وهكذا فعلت مع تابعها وخادمها الأمين حسني مبارك، وهكذا فعلت مع توابع الإخوان، هكذا فعلت طيلة أربعين سنة من الاحتلال الأمريكي لمصر سياسيا واقتصاديا، لكنها فشلت وتفشل في خطة احتواء الرئيس السيسي، وتستريب فيه برغم لغته السياسية الهادئة، ولأسباب ظاهرة، وضعت حدا لوصاية واشنطن المفترضة علي مصر، وعلي قرار الجيش المصري بالذات، فقد تحرك الجيش المصري لثلاث مرات في الأربع سنوات الأخيرة، تحرك الجيش لنصرة ثورة الشعب في 25 يناير 2011، وكانت أمريكا تعلم وتوافق، فقد تعاملت أمريكا مع رجلها مبارك كمنديل كلينكس انتهت الحاجة إليه، ثم تحرك الجيش المصري ثانية لنصرة ثورة الشعب في 30 يونيو 2013، وكانت أمريكا تعلم ولكن لا توافق، فقد كانت تريد لتوابعها الإخوانية أن تظل في الحكم، لكن واشنطن عجزت عن التصرف مع مفاجأة وتصميم السيسي، والذي استند إلي قوة تلاحم الشعب والجيش، وكانت تلك خطيئة السيسي التي لم تغتفرها واشنطن، ثم جري ما أحرق كبد أمريكا، بتحولات السيسي الكبري في السياسة العربية والإقليمية والدولية، وانفتاحه الواسع علي الصين وروسيا، وإعطائه الأولوية لتسليح الجيش والمشروعات الاقتصادية الطموحة، واستئنافه لبرنامج مصر النووي السلمي، وإلغائه لمناطق نزع السلاح في سيناء، وزحف قوات الجيش المصري إلي خط الحدود التاريخية مع فلسطين المحتلة، وإدارة سياسة نشطة في الأزمة السورية والجوار الليبي، وقبل أن تفيق واشنطن من الصدمات المتتالية، عاجلها السيسي بتوجيه الضربة الجوية المنفردة المتقنة إلي قواعد الإخوان ودواعشهم في ليبيا، ودون أن تعلم بها أمريكا أو توافق، وهذا أول تحرك حربي مصري يتم دون استئذان ولا علم واشنطن منذ قرار حرب أكتوبر 1973.
نعم، دقت الساعة، وبدأت حرب الاستقلال الوطني في مصر مجددا، وتداعت جولات الصدام الخفي فالظاهر مع أمريكا، والتي تريد إعاقة مصر حتي لو كان الثمن اغتيال السيسي، فاللهم احفظ مصر ورئيسها المنتخب، واكتب لنا النصر في العالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.