أسعار الدولار اليوم الأحد 18 مايو 2025    أسعار الفاكهة اليوم الأحد 18 مايو في سوق العبور للجملة    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 18 مايو    بمقدم 200 ألف جنيه.. "الإسكان" تطرح شقق في العلمين الجديدة    صحيفة عبرية: 9000 جندي إسرائيلي يتلقون العلاج من أمراض نفسية منذ بدء الحرب    عماد الدين حسين: بيان قمة بغداد يؤكد ثبات الموقف العربي تجاه عدوان إسرائيل    مقتل شخصين إثر اصطدام سفينة مكسيكية بجسر في نيويورك    القنصل المصرى بأمريكا ورئيس اتحاد الاسكواش يحضران مراسم تتويج الفراعنة ببطولة العالم    أهداف السبت.. رباعية البايرن وثلاثية باريس سان جيرمان وانتصار الأهلى وبيراميدز في الدوري المصري    انتقامًا من والدته l تذبح طفل جارتها وتلقى بجثته وسط الشارع    اليوم.. نظر محاكمة راندا البحيرى بتهمة سب وقذف طليقها    محمد كمال يكتب : الزعيم بعيدًا عن ملاعب الكوميديا    يمتلكون قدرة سحرية على إدراك الأمور.. 5 أبراج تجيد اتخاذ القرارات    مهرجان المسرح العالمى فى دورته ال40: يرد الجميل ل « الأساتذة »    أخبار مصر: سفر أول أفواج حج الجمعيات، أسعار تذاكر الأتوبيس الترددي، بشرى سارة عن حالة الطقس، مرتضى منصور وفايق أمام المحكمة    انطلاق عرض مسلسل حرب الجبالي اليوم    الصحة تنصح الأهالي بقياس معدلات نمو الأطفال لمنع الإصابة بالتقزم    المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" ترسم مستقبلًا جديدًا لقرى سوهاج    استشهاد طفل فلسطيني وإصابة اثنين بجروح برصاص إسرائيلي شمال الضفة الغربية    اليوم.. افتتاح المتاحف على مستوى الجمهورية مجانا للجمهور    سعر الموز البلدي والفاكهة بالأسواق اليوم الأحد 18 مايو 2025    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. في أول ظهور له.. حسام البدري يكشف تفاصيل عودته من ليبيا بعد احتجازه بسبب الاشتباكات.. عمرو أديب يعلق على فوز الأهلي القاتل أمام البنك    رئيسة الوزراء الإيطالية: لا تنظروا إلي للحصول على نصيحة بشأن ترامب فلست طبيبة نفسية    برلماني روسي يقدم اقتراحا لترامب من بند واحد لتحقيق السلام في أوكرانيا    إصابة شخص في حريق شقة سكنية بالعبور | صور    جدول البث المباشر لمراجعات الشهادة الإعدادية بنظام البوكليت 2025 بالقاهرة    "بنظام البوكليت" نماذج استرشادية للشهادة الإعدادية 2025.. «تعليم القاهرة» تنشر نموذج امتحان الهندسة    منتخب مصر يواجه اليوم نيجيريا لتحديد صاحب برونزية أمم أفريقيا للشباب    لمدة يومين، المحامون يمتنعون عن الحضور أمام محاكم الجنايات    بن غفير: علينا الدخول بكل قوة إلى غزة ونسحق عدونا ونحرر أسرانا بالقوة    السفارة الأمريكية في ليبيا تنفي وجود خطط لنقل سكان غزة إلى ليبيا    البابا يترأس القداس المشترك مع بطريرك السريان وكاثوليكوس الأرمن    الدولار ب50.41 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأحد 18-5-2025    سيراميكا كليوباترا يقترب من التعاقد مع كريم نيدفيد    يوسف حمدي: جماهير الزمالك تشعر بالظلم بسبب ما يحدث    الغرف التجارية تنفي نفوق 30% من الثروة الداجنة وتحذر: خلال الصيف سنواجه مشكلة حقيقية    أمن بني سويف يكشف لغز جثة رجل مكبل اليدين والقدمين داخل سيارة    ب 20 مليون.. جهود مكثفة لضبط تشكيل عصابي سرق مشغولات ذهبية في قنا    موعد مباراة الأهلي وباتشوكا الودية قبل كأس العالم للأندية 2025    ما بين الحلويات.. و«الثقة العمومية»!    استمرار قوافل «عمار الخير» بشربين للكشف المجاني على المواطنين بالدقهلية    حكم صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة.. دار الإفتاء توضح    الأزهر: الإحسان للحيوانات والطيور وتوفير مكان ظليل في الحر له أجر وثواب    أمطار لمدة 24 ساعة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس: «تغير مفاجئ»    هزيمة 67 وعمرو موسى    للحفاظ على سلامة الطعام وتجنب الروائح الكريهة.. نصائح لتنظيف الثلاجة في خطوات بسيطة    للحفاظ عليها من التلف.. 5 خطوات لتنظيف غسالة الأطباق    حدث بالفن| نجوم الفن يحتفلون بعيد ميلاد الزعيم وحقيقة خلاف تامر مرسي وتركي آل الشيخ    كالعروس.. مي عمر تتألق بفستان أبيض في خامس أيام مهرجان كان    خبير لإكسترا نيوز: إسرائيل لن تسمح بحل الدولتين لتعارضه مع حلمها الإمبراطوري    تعاون بين «التأمين الشامل» و«غرفة مقدمي الرعاية الصحية»    وزير الشباب والرياضة: نتحرك بدعم وتوجيهات الرئيس السيسي    "الجبهة الوطنية" يعلن تشكيل أمانة الرياضة برئاسة طاهر أبوزيد    تفاصيل لقاء بطاركة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية بالشرق الأوسط في مركز لوجوس بوادي النطرون    رئيس جامعة الأزهر يكشف الحكمة من تغير أطوار القمر كما ورد في القرآن    أمين الفتوى يوضح أهمية قراءة سورة البقرة    افتتاح ورشة عمل بكلية دار العلوم ضمن مبادرة «أسرتي قوتي»    عالم أزهري: «ما ينفعش تزور مريض وتفضل تقوله إن كل اللي جالهم المرض ده ماتوا»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ورقة وقلم
السيسي وبوتين.. توافق الكيمياء وتناسخ المسار
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 11 - 02 - 2015


إطلالة علي مستقبل .. من فوق برج »‬الجزيرة»
من أعلي بقعة في القاهرة.. أطل الرئيسان السيسي وبوتين، علي معالم العاصمة المصرية، بينما كانت صفحة النيل تتلألأ بانعكاسات أضواء الليل.
أمام الرئيسين، طعام عشاء مصري المذاق والهوية، علي طاولة اقتصرت عليهما في المطعم الزجاجي الدوار بالطابق الأخير لبرج القاهرة الذي يبلغ ارتفاعه 187 مترا أي بأعلي 43 مترا من الهرم الأكبر٫
لأول مرة يزور رئيس مصري برج القاهرة منذ الزعيم جمال عبدالناصر. هذا البرج بني بأموال أمريكية، جاءت في حقيبة إلي عبدالناصر كرشوة من المخابرات الأمريكية لتغيير موقفه من القضايا العربية، وبالأخص قضية الجزائر، لكن عبدالناصر أخذ ملايين »الرشوة»‬ الستة وبني بها برج القاهرة في قلب جزيرة الزمالك، ليكون شوكة في عين الأمريكان.. كان ذلك منذ قرابة 60 عاما مضت.
ولعل العشاء الخاص في هذا المكان بالذات له مغزي!
الحوار بين الرئيسين في العشاء الخاص لم يقتصر علي عبارات مجاملة، بل لعله أكثر أهمية مما دار بينهما في اليوم التالي خلال جلسة المباحثات الثنائية ثم في الجلسة الموسعة بحضور أعضاء الوفدين في قصر القبة
***
هذا هو اللقاء الثالث بين الزعيمين
اللقاء الأول كان منذ عام بالضبط في موسكو، حينما كان السيسي وزيرا للدفاع، في هذا اللقاء تم تدشين البرنامج الجديد للتعاون العسكري بين البلدين خاصة في مجال التسليح.. يومها أهدي بوتين للسيسي جاكيت الماريشال ذي النجمة الحمراء، وقال له: أعرف أنكم اتخذتم قراركم بالترشح لرئاسة مصر، إنه قرار مسئول أن تحملوا علي عاتقكم مصير الشعب المصري.
اللقاء الثاني كان في مدينة سوتشي الروسية في أغسطس الماضي، بعد 65 يوما من انتخاب السيسي رئيسا.
في تلك الزيارة.. جرت أطول مباحثات قمة بين رئيسين علي مدي 12 ساعة، في غرفة صالون داخل القرية الأوليمبية، ثم علي طائرة هليكوبتر، ثم في المقر الرئاسي بسوتشي، ثم علي الفرقاطة موسكو، ثم علي عشاء خاص في مطعم أسماك في لقاء منفرد لم يحضره مترجم.
يومها استجاب بوتين لكل مطالب مصر، وراجع وزراءه المعنيين بمجالات التعاون المصري - الروسي وزيرا وزيرا خلال جلسة المباحثات الموسعة بالمقر الرئاسي ليطمئن إلي سير ما جري الاتفاق عليه وفقا للجداول الزمنية المرسومة.
وفي ختام زيارة السيسي.. قال له بوتين: نحن معك وندعم كل خطواتك. وكنت متأكدا أنك ستنجح. أعرف ان شعبك لديه أمل فيك، وأثق أنك علي قدر هذا الأمل
***
في اللقاء الثالث بالقاهرة.. كانت مظاهر الحفاوة بالرئيس الروسي تسبق وصوله مساء أمس، ولعلها غير مسبوقة لغيره من الزعماء الذين زاروا مصر في السنوات الأخيرة.
مودة الاستقبال بين الرئيسين علي سلم طائرة الرئاسة الروسية، كانت تعبر عن »‬كيمياء» جمعت بينهما منذ اول لقاء.
هناك أوجه تشابه عديدة بين الزعيمين، حتي في الهيئة.. في اختيار الملابس.. في حركة المشي.. في انضباط الخطوة الواثقة.
السيسي كان مديرا للمخابرات الحربية وبوتين كان مديرا للمخابرات الاستراتيجية الروسية »‬كي. جي. بي»
كلاهما تسلم المسئولية في بلاده في أسوأ حال.
بوتين تسلمها بعد أن فككها جورباتشوف وبعد أن أهانها يلتسين، ونجح في أن يعيد لها العافية الاقتصادية، والمهابة الدولية، والأهم أنه استعاد لشعبه الإحساس بالكرامة الوطنية.
والسيسي علي هذا الطريق، يأمل ويسعي ويعمل.. وقد قطع عليه خطوات
***
في دار الأوبرا، بعد لقاء قصير بينهما باستراحة الرئاسة في مطار القاهرة، استمع الرئيسان الي أوركسترا أوبرا القاهرة تعزف افتتاحية مقطوعة »‬انهض يا شعب روسيا» للموسيقار سيرجي بروكوفيف، كان بوتين يتابعها بفخر، وكان السيسي يتابعها وهو يستدعي نشيد »‬قم يامصري» لفنان الشعب سيد درويش.
ذلك العرض الثقافي الفني، الذي شمل مقاطع من أعمال شهيرة لفنانين روس عظام مثل رحمانينوف وتشايكوفسكي وكورساكوف صاحب المتتالية السيمفونية »‬شهرزاد» ذائعة الصيت، وشمل ايضا المشهد الختامي »‬الانتصار» من أوبرا عايدة للإيطالي ڤيردي وعروضا شعبية مصرية، سبقه عرض فيلم تسجيلي قصير يؤرخ للعلاقات المصرية - الروسية، وكان لافتا للنظر في وقار عروض الأوبرا، أن يقاطع الحضورالفيلم مرتين بالتصفيق الحاد.. مرة عندما ظهر مشهد للزعيم عبدالناصر والزعيم السوفيتي خورشوف في احتفال تغيير مجري النيل أثناء بناء السدالعالي، ومرة عندما ظهر مشهد يجمع الرئيسين السيسي وبوتين في لقائهما بسوتشي منذ ستة أشهر
***
ظهر امس.. جرت مراسم استقبال فوق الرسمية للرئيس بوتين بقصر القبة أبهي قصور الشعب المصرية، اطلقت المدافع احدي وعشرين طلقة ترحيبا بقدوم موكب الرئيس الروسي الذي رافقه الخيالة عند مدخل القصر، ثم الدراجات النارية حتي باحة القبة، بينما اصطف أطفال مدارس صغار يحيون الرئيسين باللغتين العربية والروسية وهم يلوحون بالأعلام.
كان بوتين سعيدا بهذه الحفاوة، وعبر عنها أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقده والرئيس السيسي في ختام المباحثات عندما قال اود أن اشكر شعب مصر وأهل القاهرة علي حسن الضيافة خلال الاستقبال الحافل في الشوارع المصرية سواء لي أو للوفد المرافق.
مباحثات القمة المصرية - الروسية لم تبدأ من فراغ، وانما تأسست علي نتائج القمة السابقة في سوتشي، وعلي زيارات المتابعة التي قامت بها وفود وزارية إلي البلدين.
أما من حيث التوقيت فقد كانت زيارة بوتين كما وصفها السيسي عنوانا علي موقف روسيا المتضامن مع مصر في حربها ضد الإرهاب وعلي التطور الذي تشهده العلاقات بين البلدين منذ قيام ثورة 30 يونيو.
أهم ثمار مباحثات القمة المصرية - الروسية جاءت في محورين:
أولا: اتفاق وجهات النظر حول المجابهة الدولية للإرهاب، وضرورة إحياء المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين علي أساس حل الدولتين، والحفاظ علي وحدة ليبيا والعراق واليمن والتوصل إلي تسوية سياسية سلمية للأزمة السورية، في ضوء نتائج الجولة الأولي لاجتماع المعارضة وممثلي الأسد في موسكو، والاعداد لجولة ثانية.
ثانيا: دفع التعاون المصري - الروسي إلي آفاق أرحب عن طريق:
1- الإسراع في اقامة منطقة للتجارة الحرة بين مصر والاتحاد الجمركي الأوراسي الذي يضم روسيا، وبيلاروسيا، وكازاخستان.
2- إنشاء منطقة صناعية روسية في شمال جبل عتاقة علي محور خليج السويس.
3- التوقيع علي اتفاقين لجذب الاستثمارات الروسية والتعاون مع صندوق الاستثمار الروسي المباشر.
4 - تعزيز التعاون في مجال الطاقة بما فيه الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. وفي هذا السياق.. تم توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين، تتضمن الاتفاق المبدئي علي قيام شركة »‬روس أتوم» الروسية الكبري بإنشاء مفاعلين نوويين لتوليد الكهرباء بقدرة 1400 ميجا لكل منهما في موقع الضبعة الذي يستوعب ثمانية مفاعلات.. وجاء الاتفاق، بعدما تميز العرض الروسي عن غيره بعدم تضمينه أي شروط سياسية، بجانب مزايا التمويل وتوفير أكبر نسبة من قيمة المكون الأجنبي
***
غادر بوتين القاهرة مساء أمس، مودعا بحفاوة تليق بزعيم دولة عظمي، قال عنها السيسي لبوتين خلال المباحثات، إنها صديق استراتيجي ورصيد حقيقي لمصر في علاقاتها الخارجية.
أثناء المباحثات.. قدم بوتين الي السيسي دعوة لزيارة موسكو، وقبلها الرئيس، لاستمرار التواصل في وقت قريب، نحو تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وارتياد آفاق أرحب من تعاون غير محدود.
إطلالة علي مستقبل .. من فوق برج »‬الجزيرة»
من أعلي بقعة في القاهرة.. أطل الرئيسان السيسي وبوتين، علي معالم العاصمة المصرية، بينما كانت صفحة النيل تتلألأ بانعكاسات أضواء الليل.
أمام الرئيسين، طعام عشاء مصري المذاق والهوية، علي طاولة اقتصرت عليهما في المطعم الزجاجي الدوار بالطابق الأخير لبرج القاهرة الذي يبلغ ارتفاعه 187 مترا أي بأعلي 43 مترا من الهرم الأكبر٫
لأول مرة يزور رئيس مصري برج القاهرة منذ الزعيم جمال عبدالناصر. هذا البرج بني بأموال أمريكية، جاءت في حقيبة إلي عبدالناصر كرشوة من المخابرات الأمريكية لتغيير موقفه من القضايا العربية، وبالأخص قضية الجزائر، لكن عبدالناصر أخذ ملايين »الرشوة»‬ الستة وبني بها برج القاهرة في قلب جزيرة الزمالك، ليكون شوكة في عين الأمريكان.. كان ذلك منذ قرابة 60 عاما مضت.
ولعل العشاء الخاص في هذا المكان بالذات له مغزي!
الحوار بين الرئيسين في العشاء الخاص لم يقتصر علي عبارات مجاملة، بل لعله أكثر أهمية مما دار بينهما في اليوم التالي خلال جلسة المباحثات الثنائية ثم في الجلسة الموسعة بحضور أعضاء الوفدين في قصر القبة
***
هذا هو اللقاء الثالث بين الزعيمين
اللقاء الأول كان منذ عام بالضبط في موسكو، حينما كان السيسي وزيرا للدفاع، في هذا اللقاء تم تدشين البرنامج الجديد للتعاون العسكري بين البلدين خاصة في مجال التسليح.. يومها أهدي بوتين للسيسي جاكيت الماريشال ذي النجمة الحمراء، وقال له: أعرف أنكم اتخذتم قراركم بالترشح لرئاسة مصر، إنه قرار مسئول أن تحملوا علي عاتقكم مصير الشعب المصري.
اللقاء الثاني كان في مدينة سوتشي الروسية في أغسطس الماضي، بعد 65 يوما من انتخاب السيسي رئيسا.
في تلك الزيارة.. جرت أطول مباحثات قمة بين رئيسين علي مدي 12 ساعة، في غرفة صالون داخل القرية الأوليمبية، ثم علي طائرة هليكوبتر، ثم في المقر الرئاسي بسوتشي، ثم علي الفرقاطة موسكو، ثم علي عشاء خاص في مطعم أسماك في لقاء منفرد لم يحضره مترجم.
يومها استجاب بوتين لكل مطالب مصر، وراجع وزراءه المعنيين بمجالات التعاون المصري - الروسي وزيرا وزيرا خلال جلسة المباحثات الموسعة بالمقر الرئاسي ليطمئن إلي سير ما جري الاتفاق عليه وفقا للجداول الزمنية المرسومة.
وفي ختام زيارة السيسي.. قال له بوتين: نحن معك وندعم كل خطواتك. وكنت متأكدا أنك ستنجح. أعرف ان شعبك لديه أمل فيك، وأثق أنك علي قدر هذا الأمل
***
في اللقاء الثالث بالقاهرة.. كانت مظاهر الحفاوة بالرئيس الروسي تسبق وصوله مساء أمس، ولعلها غير مسبوقة لغيره من الزعماء الذين زاروا مصر في السنوات الأخيرة.
مودة الاستقبال بين الرئيسين علي سلم طائرة الرئاسة الروسية، كانت تعبر عن »‬كيمياء» جمعت بينهما منذ اول لقاء.
هناك أوجه تشابه عديدة بين الزعيمين، حتي في الهيئة.. في اختيار الملابس.. في حركة المشي.. في انضباط الخطوة الواثقة.
السيسي كان مديرا للمخابرات الحربية وبوتين كان مديرا للمخابرات الاستراتيجية الروسية »‬كي. جي. بي»
كلاهما تسلم المسئولية في بلاده في أسوأ حال.
بوتين تسلمها بعد أن فككها جورباتشوف وبعد أن أهانها يلتسين، ونجح في أن يعيد لها العافية الاقتصادية، والمهابة الدولية، والأهم أنه استعاد لشعبه الإحساس بالكرامة الوطنية.
والسيسي علي هذا الطريق، يأمل ويسعي ويعمل.. وقد قطع عليه خطوات
***
في دار الأوبرا، بعد لقاء قصير بينهما باستراحة الرئاسة في مطار القاهرة، استمع الرئيسان الي أوركسترا أوبرا القاهرة تعزف افتتاحية مقطوعة »‬انهض يا شعب روسيا» للموسيقار سيرجي بروكوفيف، كان بوتين يتابعها بفخر، وكان السيسي يتابعها وهو يستدعي نشيد »‬قم يامصري» لفنان الشعب سيد درويش.
ذلك العرض الثقافي الفني، الذي شمل مقاطع من أعمال شهيرة لفنانين روس عظام مثل رحمانينوف وتشايكوفسكي وكورساكوف صاحب المتتالية السيمفونية »‬شهرزاد» ذائعة الصيت، وشمل ايضا المشهد الختامي »‬الانتصار» من أوبرا عايدة للإيطالي ڤيردي وعروضا شعبية مصرية، سبقه عرض فيلم تسجيلي قصير يؤرخ للعلاقات المصرية - الروسية، وكان لافتا للنظر في وقار عروض الأوبرا، أن يقاطع الحضورالفيلم مرتين بالتصفيق الحاد.. مرة عندما ظهر مشهد للزعيم عبدالناصر والزعيم السوفيتي خورشوف في احتفال تغيير مجري النيل أثناء بناء السدالعالي، ومرة عندما ظهر مشهد يجمع الرئيسين السيسي وبوتين في لقائهما بسوتشي منذ ستة أشهر
***
ظهر امس.. جرت مراسم استقبال فوق الرسمية للرئيس بوتين بقصر القبة أبهي قصور الشعب المصرية، اطلقت المدافع احدي وعشرين طلقة ترحيبا بقدوم موكب الرئيس الروسي الذي رافقه الخيالة عند مدخل القصر، ثم الدراجات النارية حتي باحة القبة، بينما اصطف أطفال مدارس صغار يحيون الرئيسين باللغتين العربية والروسية وهم يلوحون بالأعلام.
كان بوتين سعيدا بهذه الحفاوة، وعبر عنها أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقده والرئيس السيسي في ختام المباحثات عندما قال اود أن اشكر شعب مصر وأهل القاهرة علي حسن الضيافة خلال الاستقبال الحافل في الشوارع المصرية سواء لي أو للوفد المرافق.
مباحثات القمة المصرية - الروسية لم تبدأ من فراغ، وانما تأسست علي نتائج القمة السابقة في سوتشي، وعلي زيارات المتابعة التي قامت بها وفود وزارية إلي البلدين.
أما من حيث التوقيت فقد كانت زيارة بوتين كما وصفها السيسي عنوانا علي موقف روسيا المتضامن مع مصر في حربها ضد الإرهاب وعلي التطور الذي تشهده العلاقات بين البلدين منذ قيام ثورة 30 يونيو.
أهم ثمار مباحثات القمة المصرية - الروسية جاءت في محورين:
أولا: اتفاق وجهات النظر حول المجابهة الدولية للإرهاب، وضرورة إحياء المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين علي أساس حل الدولتين، والحفاظ علي وحدة ليبيا والعراق واليمن والتوصل إلي تسوية سياسية سلمية للأزمة السورية، في ضوء نتائج الجولة الأولي لاجتماع المعارضة وممثلي الأسد في موسكو، والاعداد لجولة ثانية.
ثانيا: دفع التعاون المصري - الروسي إلي آفاق أرحب عن طريق:
1- الإسراع في اقامة منطقة للتجارة الحرة بين مصر والاتحاد الجمركي الأوراسي الذي يضم روسيا، وبيلاروسيا، وكازاخستان.
2- إنشاء منطقة صناعية روسية في شمال جبل عتاقة علي محور خليج السويس.
3- التوقيع علي اتفاقين لجذب الاستثمارات الروسية والتعاون مع صندوق الاستثمار الروسي المباشر.
4 - تعزيز التعاون في مجال الطاقة بما فيه الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. وفي هذا السياق.. تم توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين، تتضمن الاتفاق المبدئي علي قيام شركة »‬روس أتوم» الروسية الكبري بإنشاء مفاعلين نوويين لتوليد الكهرباء بقدرة 1400 ميجا لكل منهما في موقع الضبعة الذي يستوعب ثمانية مفاعلات.. وجاء الاتفاق، بعدما تميز العرض الروسي عن غيره بعدم تضمينه أي شروط سياسية، بجانب مزايا التمويل وتوفير أكبر نسبة من قيمة المكون الأجنبي
***
غادر بوتين القاهرة مساء أمس، مودعا بحفاوة تليق بزعيم دولة عظمي، قال عنها السيسي لبوتين خلال المباحثات، إنها صديق استراتيجي ورصيد حقيقي لمصر في علاقاتها الخارجية.
أثناء المباحثات.. قدم بوتين الي السيسي دعوة لزيارة موسكو، وقبلها الرئيس، لاستمرار التواصل في وقت قريب، نحو تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وارتياد آفاق أرحب من تعاون غير محدود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.