ب 550 مليار دولار.. ترامب يعلن عن إبرام أكبر صفقة تجارية مع اليابان    بعد 7 سنوات من الصمت.. أوباما في مواجهة عاصفة ترامب    "مستقبل وطن" يحشد جماهير مطاي في مؤتمر لدعم مرشحيه بانتخابات الشيوخ 2025    لمدة 7 ساعات.. قطع التيار الكهربائي عن 12 منطقة في البحيرة    7 شهداء إثر استهداف شقة سكنية في منطقة تل الهوا غرب قطاع غزة    جيش الاحتلال يُحاصر مستشفيين ويقتحم بلدات في الضفة الغربية    جوتيريش: الجوع يطرق كل باب في قطاع غزة    أمريكا: مهلة ال50 يومًا التي حددها ترامب بشأن أوكرانيا غير محددة    صاحبة المركز التاسع بالثانوية: "النجاح بالمحبة والاجتهاد لا بالعبقرية" (صور)    رئيس اتحاد الخماسي يُكرم طالب بني سويف الأول على الجمهورية ب100 ألف جنيه    عيار 21 الآن يواصل الارتفاع.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 23 يوليو في الصاغة    برلماني: «ثورة يوليو» الشرارة الأولى لإرساء مبادئ العدالة الاجتماعية    تعليم البحيرة تهنئ الطالبة نوران نبيل لحصولها على المركز السادس فى الثانوية العامة    جامعة الإسكندرية تستقبل وفد المركز الإعلامي الأوزبكستاني    بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة 2025 .. نصائح لاختيار الجامعة والكلية المناسبة لك    مؤشرات تنسيق الثانوية العامة 2025 أدبي.. الحد الأدني ل كليات المرحلة الأولي 2024 (بالنسبة المئوية %)    تنسيق الثانوية العامة 2025 بالدرجات علمي علوم وأدبي كليات تقبل من 65%.. ما هي؟    كتائب القسام: قصفنا موقع قيادة وناقلة جند إسرائيلية بالقذائف والصواريخ    عبدالمنعم سعيد: المنطقة كانت تتجه نحو السلام قبل 7 أكتوبر    عصام سالم: هناك كيل بمكيالين في التعامل مع أزمة فتوح    «الأهلي بياخد الدوري كل أثنين وخميس».. نجم الزمالك السابق يتغنى ب مجلس الخطيب    تطورات الحالة الصحية ل حسن شحاتة.. فاروق جعفر يكشف    رياضة ½ الليل| وفاة لاعب فلسطيني.. صفقة الزمالك «منظورة».. رحيل «عادل» للإمارات.. وأحلام زيزو بالأهلي    سعر الزيت والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    رئيس "بنك الطعام": نقدم نموذج شمولي فريد بالتعاون مع 5 آلاف جمعية    لم تيأس بعد عامين من الرسوب.. طالبة ال 4% تحصد 70% في الثانوية العامة بقنا    حزب الجبهة الوطنية: دعم مادي بقيمة 50 ألف جنيه لأوائل الثانوية العامة    لينك نتيجة الصف الثالث الثانوي 2025 بالاسم ورقم الجلوس.. رسميًا الآن عبر الموقع الرسمي ل وزارة التربية والتعليم    الأولى على الثانوية العامة شعبة أدبي ل«المصري اليوم»: «بكيت فرحًا وسألتحق بالألسن»    بعد نجاحها في الثانوية.. سوزي الأردنية تعلن خطبتها قريبًا    النيران اشتعلت في «الهيش».. الحماية المدنية تسيطر على حريق بأسيوط    شخص مقرب منك يؤذي نفسه.. برج الجدي اليوم 23 يوليو    محمد التاجي: جدي «عبدالوارث عسر» لم يشجعني على التمثيل    محمد التاجي: فهمي الخولي اكتشف موهبتي.. ومسرح الطليعة كان بوابتي للاحتراف    الرابعة على الثانوية: تنظيم الوقت سر النجاح.. وحلمي أكون طبيبة    فرصة لإدراك تأثير جروح الماضي.. حظ برج القوس اليوم 23 يوليو    ما حكم الاعتداء على المال العام؟.. أمين الفتوى يجيب    منها السبانخ والكرنب.. أهم الأطعمة المفيدة لصحة القلب    «الإندومي» والمشروبات الغازية.. أطعمة تسبب التوتر والقلق (ابتعد عنها)    بدون أدوية.. 6 طرق طبيعية لتخفيف ألم الدورة الشهرية    الكشف عن بديل الهلال في السوبر السعودي    دروجبا: محمد شريف هداف مميز.. والأهلي لا يتوقف على أحد    أتلتيكو مدريد يتعاقد مع مارك بوبيل رسميا    وساطات بتركيا تسعى لإطلاق سراحه .. إعلام "المتحدة" يُشيع تسليم محمد عبدالحفيظ    بالصور.. صبا مبارك تستمتع بعطلتها الصيفية أمام برج إيفل    أندية سعودية تنافس بنفيكا على ضم جواو فيليكس    نشرة التوك شو| قانون الإيجار القديم ينتظر قرار الرئيس السيسي.. و"الزراعة" توفر الأسمدة رغم التحديات    ب"فستان تايجر".. أحدث جلسة تصوير جريئة ل نورهان منصور تخطف الأنظار    حدث بالفن| زفاف مخرج ونقل زوج فنانة إلى المستشفى وأحدث أزمات حفلات الساحل الشمالي    ما هي كفارة اليمين؟.. أمين الفتوى يجيب    اعتماد أولى وحدات مطروح الصحية للتأمين الشامل.. وتكامل حكومي - مجتمعي لرفع جودة الخدمات    أهم أخبار الكويت اليوم.. ضبط شبكة فساد في الجمعيات التعاونية    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    محافظ شمال سيناء يفتتح "سوق اليوم الواحد" بالعريش لتوفير السلع بأسعار مخفضة    انطلاق المبادرة الوطنية للتطعيم ضد السعار من الإسماعيلية    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    البورصة المصرية تخسر 12.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ورقة وقلم
السيسي وبوتين.. توافق الكيمياء وتناسخ المسار
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 11 - 02 - 2015


إطلالة علي مستقبل .. من فوق برج »‬الجزيرة»
من أعلي بقعة في القاهرة.. أطل الرئيسان السيسي وبوتين، علي معالم العاصمة المصرية، بينما كانت صفحة النيل تتلألأ بانعكاسات أضواء الليل.
أمام الرئيسين، طعام عشاء مصري المذاق والهوية، علي طاولة اقتصرت عليهما في المطعم الزجاجي الدوار بالطابق الأخير لبرج القاهرة الذي يبلغ ارتفاعه 187 مترا أي بأعلي 43 مترا من الهرم الأكبر٫
لأول مرة يزور رئيس مصري برج القاهرة منذ الزعيم جمال عبدالناصر. هذا البرج بني بأموال أمريكية، جاءت في حقيبة إلي عبدالناصر كرشوة من المخابرات الأمريكية لتغيير موقفه من القضايا العربية، وبالأخص قضية الجزائر، لكن عبدالناصر أخذ ملايين »الرشوة»‬ الستة وبني بها برج القاهرة في قلب جزيرة الزمالك، ليكون شوكة في عين الأمريكان.. كان ذلك منذ قرابة 60 عاما مضت.
ولعل العشاء الخاص في هذا المكان بالذات له مغزي!
الحوار بين الرئيسين في العشاء الخاص لم يقتصر علي عبارات مجاملة، بل لعله أكثر أهمية مما دار بينهما في اليوم التالي خلال جلسة المباحثات الثنائية ثم في الجلسة الموسعة بحضور أعضاء الوفدين في قصر القبة
***
هذا هو اللقاء الثالث بين الزعيمين
اللقاء الأول كان منذ عام بالضبط في موسكو، حينما كان السيسي وزيرا للدفاع، في هذا اللقاء تم تدشين البرنامج الجديد للتعاون العسكري بين البلدين خاصة في مجال التسليح.. يومها أهدي بوتين للسيسي جاكيت الماريشال ذي النجمة الحمراء، وقال له: أعرف أنكم اتخذتم قراركم بالترشح لرئاسة مصر، إنه قرار مسئول أن تحملوا علي عاتقكم مصير الشعب المصري.
اللقاء الثاني كان في مدينة سوتشي الروسية في أغسطس الماضي، بعد 65 يوما من انتخاب السيسي رئيسا.
في تلك الزيارة.. جرت أطول مباحثات قمة بين رئيسين علي مدي 12 ساعة، في غرفة صالون داخل القرية الأوليمبية، ثم علي طائرة هليكوبتر، ثم في المقر الرئاسي بسوتشي، ثم علي الفرقاطة موسكو، ثم علي عشاء خاص في مطعم أسماك في لقاء منفرد لم يحضره مترجم.
يومها استجاب بوتين لكل مطالب مصر، وراجع وزراءه المعنيين بمجالات التعاون المصري - الروسي وزيرا وزيرا خلال جلسة المباحثات الموسعة بالمقر الرئاسي ليطمئن إلي سير ما جري الاتفاق عليه وفقا للجداول الزمنية المرسومة.
وفي ختام زيارة السيسي.. قال له بوتين: نحن معك وندعم كل خطواتك. وكنت متأكدا أنك ستنجح. أعرف ان شعبك لديه أمل فيك، وأثق أنك علي قدر هذا الأمل
***
في اللقاء الثالث بالقاهرة.. كانت مظاهر الحفاوة بالرئيس الروسي تسبق وصوله مساء أمس، ولعلها غير مسبوقة لغيره من الزعماء الذين زاروا مصر في السنوات الأخيرة.
مودة الاستقبال بين الرئيسين علي سلم طائرة الرئاسة الروسية، كانت تعبر عن »‬كيمياء» جمعت بينهما منذ اول لقاء.
هناك أوجه تشابه عديدة بين الزعيمين، حتي في الهيئة.. في اختيار الملابس.. في حركة المشي.. في انضباط الخطوة الواثقة.
السيسي كان مديرا للمخابرات الحربية وبوتين كان مديرا للمخابرات الاستراتيجية الروسية »‬كي. جي. بي»
كلاهما تسلم المسئولية في بلاده في أسوأ حال.
بوتين تسلمها بعد أن فككها جورباتشوف وبعد أن أهانها يلتسين، ونجح في أن يعيد لها العافية الاقتصادية، والمهابة الدولية، والأهم أنه استعاد لشعبه الإحساس بالكرامة الوطنية.
والسيسي علي هذا الطريق، يأمل ويسعي ويعمل.. وقد قطع عليه خطوات
***
في دار الأوبرا، بعد لقاء قصير بينهما باستراحة الرئاسة في مطار القاهرة، استمع الرئيسان الي أوركسترا أوبرا القاهرة تعزف افتتاحية مقطوعة »‬انهض يا شعب روسيا» للموسيقار سيرجي بروكوفيف، كان بوتين يتابعها بفخر، وكان السيسي يتابعها وهو يستدعي نشيد »‬قم يامصري» لفنان الشعب سيد درويش.
ذلك العرض الثقافي الفني، الذي شمل مقاطع من أعمال شهيرة لفنانين روس عظام مثل رحمانينوف وتشايكوفسكي وكورساكوف صاحب المتتالية السيمفونية »‬شهرزاد» ذائعة الصيت، وشمل ايضا المشهد الختامي »‬الانتصار» من أوبرا عايدة للإيطالي ڤيردي وعروضا شعبية مصرية، سبقه عرض فيلم تسجيلي قصير يؤرخ للعلاقات المصرية - الروسية، وكان لافتا للنظر في وقار عروض الأوبرا، أن يقاطع الحضورالفيلم مرتين بالتصفيق الحاد.. مرة عندما ظهر مشهد للزعيم عبدالناصر والزعيم السوفيتي خورشوف في احتفال تغيير مجري النيل أثناء بناء السدالعالي، ومرة عندما ظهر مشهد يجمع الرئيسين السيسي وبوتين في لقائهما بسوتشي منذ ستة أشهر
***
ظهر امس.. جرت مراسم استقبال فوق الرسمية للرئيس بوتين بقصر القبة أبهي قصور الشعب المصرية، اطلقت المدافع احدي وعشرين طلقة ترحيبا بقدوم موكب الرئيس الروسي الذي رافقه الخيالة عند مدخل القصر، ثم الدراجات النارية حتي باحة القبة، بينما اصطف أطفال مدارس صغار يحيون الرئيسين باللغتين العربية والروسية وهم يلوحون بالأعلام.
كان بوتين سعيدا بهذه الحفاوة، وعبر عنها أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقده والرئيس السيسي في ختام المباحثات عندما قال اود أن اشكر شعب مصر وأهل القاهرة علي حسن الضيافة خلال الاستقبال الحافل في الشوارع المصرية سواء لي أو للوفد المرافق.
مباحثات القمة المصرية - الروسية لم تبدأ من فراغ، وانما تأسست علي نتائج القمة السابقة في سوتشي، وعلي زيارات المتابعة التي قامت بها وفود وزارية إلي البلدين.
أما من حيث التوقيت فقد كانت زيارة بوتين كما وصفها السيسي عنوانا علي موقف روسيا المتضامن مع مصر في حربها ضد الإرهاب وعلي التطور الذي تشهده العلاقات بين البلدين منذ قيام ثورة 30 يونيو.
أهم ثمار مباحثات القمة المصرية - الروسية جاءت في محورين:
أولا: اتفاق وجهات النظر حول المجابهة الدولية للإرهاب، وضرورة إحياء المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين علي أساس حل الدولتين، والحفاظ علي وحدة ليبيا والعراق واليمن والتوصل إلي تسوية سياسية سلمية للأزمة السورية، في ضوء نتائج الجولة الأولي لاجتماع المعارضة وممثلي الأسد في موسكو، والاعداد لجولة ثانية.
ثانيا: دفع التعاون المصري - الروسي إلي آفاق أرحب عن طريق:
1- الإسراع في اقامة منطقة للتجارة الحرة بين مصر والاتحاد الجمركي الأوراسي الذي يضم روسيا، وبيلاروسيا، وكازاخستان.
2- إنشاء منطقة صناعية روسية في شمال جبل عتاقة علي محور خليج السويس.
3- التوقيع علي اتفاقين لجذب الاستثمارات الروسية والتعاون مع صندوق الاستثمار الروسي المباشر.
4 - تعزيز التعاون في مجال الطاقة بما فيه الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. وفي هذا السياق.. تم توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين، تتضمن الاتفاق المبدئي علي قيام شركة »‬روس أتوم» الروسية الكبري بإنشاء مفاعلين نوويين لتوليد الكهرباء بقدرة 1400 ميجا لكل منهما في موقع الضبعة الذي يستوعب ثمانية مفاعلات.. وجاء الاتفاق، بعدما تميز العرض الروسي عن غيره بعدم تضمينه أي شروط سياسية، بجانب مزايا التمويل وتوفير أكبر نسبة من قيمة المكون الأجنبي
***
غادر بوتين القاهرة مساء أمس، مودعا بحفاوة تليق بزعيم دولة عظمي، قال عنها السيسي لبوتين خلال المباحثات، إنها صديق استراتيجي ورصيد حقيقي لمصر في علاقاتها الخارجية.
أثناء المباحثات.. قدم بوتين الي السيسي دعوة لزيارة موسكو، وقبلها الرئيس، لاستمرار التواصل في وقت قريب، نحو تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وارتياد آفاق أرحب من تعاون غير محدود.
إطلالة علي مستقبل .. من فوق برج »‬الجزيرة»
من أعلي بقعة في القاهرة.. أطل الرئيسان السيسي وبوتين، علي معالم العاصمة المصرية، بينما كانت صفحة النيل تتلألأ بانعكاسات أضواء الليل.
أمام الرئيسين، طعام عشاء مصري المذاق والهوية، علي طاولة اقتصرت عليهما في المطعم الزجاجي الدوار بالطابق الأخير لبرج القاهرة الذي يبلغ ارتفاعه 187 مترا أي بأعلي 43 مترا من الهرم الأكبر٫
لأول مرة يزور رئيس مصري برج القاهرة منذ الزعيم جمال عبدالناصر. هذا البرج بني بأموال أمريكية، جاءت في حقيبة إلي عبدالناصر كرشوة من المخابرات الأمريكية لتغيير موقفه من القضايا العربية، وبالأخص قضية الجزائر، لكن عبدالناصر أخذ ملايين »الرشوة»‬ الستة وبني بها برج القاهرة في قلب جزيرة الزمالك، ليكون شوكة في عين الأمريكان.. كان ذلك منذ قرابة 60 عاما مضت.
ولعل العشاء الخاص في هذا المكان بالذات له مغزي!
الحوار بين الرئيسين في العشاء الخاص لم يقتصر علي عبارات مجاملة، بل لعله أكثر أهمية مما دار بينهما في اليوم التالي خلال جلسة المباحثات الثنائية ثم في الجلسة الموسعة بحضور أعضاء الوفدين في قصر القبة
***
هذا هو اللقاء الثالث بين الزعيمين
اللقاء الأول كان منذ عام بالضبط في موسكو، حينما كان السيسي وزيرا للدفاع، في هذا اللقاء تم تدشين البرنامج الجديد للتعاون العسكري بين البلدين خاصة في مجال التسليح.. يومها أهدي بوتين للسيسي جاكيت الماريشال ذي النجمة الحمراء، وقال له: أعرف أنكم اتخذتم قراركم بالترشح لرئاسة مصر، إنه قرار مسئول أن تحملوا علي عاتقكم مصير الشعب المصري.
اللقاء الثاني كان في مدينة سوتشي الروسية في أغسطس الماضي، بعد 65 يوما من انتخاب السيسي رئيسا.
في تلك الزيارة.. جرت أطول مباحثات قمة بين رئيسين علي مدي 12 ساعة، في غرفة صالون داخل القرية الأوليمبية، ثم علي طائرة هليكوبتر، ثم في المقر الرئاسي بسوتشي، ثم علي الفرقاطة موسكو، ثم علي عشاء خاص في مطعم أسماك في لقاء منفرد لم يحضره مترجم.
يومها استجاب بوتين لكل مطالب مصر، وراجع وزراءه المعنيين بمجالات التعاون المصري - الروسي وزيرا وزيرا خلال جلسة المباحثات الموسعة بالمقر الرئاسي ليطمئن إلي سير ما جري الاتفاق عليه وفقا للجداول الزمنية المرسومة.
وفي ختام زيارة السيسي.. قال له بوتين: نحن معك وندعم كل خطواتك. وكنت متأكدا أنك ستنجح. أعرف ان شعبك لديه أمل فيك، وأثق أنك علي قدر هذا الأمل
***
في اللقاء الثالث بالقاهرة.. كانت مظاهر الحفاوة بالرئيس الروسي تسبق وصوله مساء أمس، ولعلها غير مسبوقة لغيره من الزعماء الذين زاروا مصر في السنوات الأخيرة.
مودة الاستقبال بين الرئيسين علي سلم طائرة الرئاسة الروسية، كانت تعبر عن »‬كيمياء» جمعت بينهما منذ اول لقاء.
هناك أوجه تشابه عديدة بين الزعيمين، حتي في الهيئة.. في اختيار الملابس.. في حركة المشي.. في انضباط الخطوة الواثقة.
السيسي كان مديرا للمخابرات الحربية وبوتين كان مديرا للمخابرات الاستراتيجية الروسية »‬كي. جي. بي»
كلاهما تسلم المسئولية في بلاده في أسوأ حال.
بوتين تسلمها بعد أن فككها جورباتشوف وبعد أن أهانها يلتسين، ونجح في أن يعيد لها العافية الاقتصادية، والمهابة الدولية، والأهم أنه استعاد لشعبه الإحساس بالكرامة الوطنية.
والسيسي علي هذا الطريق، يأمل ويسعي ويعمل.. وقد قطع عليه خطوات
***
في دار الأوبرا، بعد لقاء قصير بينهما باستراحة الرئاسة في مطار القاهرة، استمع الرئيسان الي أوركسترا أوبرا القاهرة تعزف افتتاحية مقطوعة »‬انهض يا شعب روسيا» للموسيقار سيرجي بروكوفيف، كان بوتين يتابعها بفخر، وكان السيسي يتابعها وهو يستدعي نشيد »‬قم يامصري» لفنان الشعب سيد درويش.
ذلك العرض الثقافي الفني، الذي شمل مقاطع من أعمال شهيرة لفنانين روس عظام مثل رحمانينوف وتشايكوفسكي وكورساكوف صاحب المتتالية السيمفونية »‬شهرزاد» ذائعة الصيت، وشمل ايضا المشهد الختامي »‬الانتصار» من أوبرا عايدة للإيطالي ڤيردي وعروضا شعبية مصرية، سبقه عرض فيلم تسجيلي قصير يؤرخ للعلاقات المصرية - الروسية، وكان لافتا للنظر في وقار عروض الأوبرا، أن يقاطع الحضورالفيلم مرتين بالتصفيق الحاد.. مرة عندما ظهر مشهد للزعيم عبدالناصر والزعيم السوفيتي خورشوف في احتفال تغيير مجري النيل أثناء بناء السدالعالي، ومرة عندما ظهر مشهد يجمع الرئيسين السيسي وبوتين في لقائهما بسوتشي منذ ستة أشهر
***
ظهر امس.. جرت مراسم استقبال فوق الرسمية للرئيس بوتين بقصر القبة أبهي قصور الشعب المصرية، اطلقت المدافع احدي وعشرين طلقة ترحيبا بقدوم موكب الرئيس الروسي الذي رافقه الخيالة عند مدخل القصر، ثم الدراجات النارية حتي باحة القبة، بينما اصطف أطفال مدارس صغار يحيون الرئيسين باللغتين العربية والروسية وهم يلوحون بالأعلام.
كان بوتين سعيدا بهذه الحفاوة، وعبر عنها أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقده والرئيس السيسي في ختام المباحثات عندما قال اود أن اشكر شعب مصر وأهل القاهرة علي حسن الضيافة خلال الاستقبال الحافل في الشوارع المصرية سواء لي أو للوفد المرافق.
مباحثات القمة المصرية - الروسية لم تبدأ من فراغ، وانما تأسست علي نتائج القمة السابقة في سوتشي، وعلي زيارات المتابعة التي قامت بها وفود وزارية إلي البلدين.
أما من حيث التوقيت فقد كانت زيارة بوتين كما وصفها السيسي عنوانا علي موقف روسيا المتضامن مع مصر في حربها ضد الإرهاب وعلي التطور الذي تشهده العلاقات بين البلدين منذ قيام ثورة 30 يونيو.
أهم ثمار مباحثات القمة المصرية - الروسية جاءت في محورين:
أولا: اتفاق وجهات النظر حول المجابهة الدولية للإرهاب، وضرورة إحياء المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين علي أساس حل الدولتين، والحفاظ علي وحدة ليبيا والعراق واليمن والتوصل إلي تسوية سياسية سلمية للأزمة السورية، في ضوء نتائج الجولة الأولي لاجتماع المعارضة وممثلي الأسد في موسكو، والاعداد لجولة ثانية.
ثانيا: دفع التعاون المصري - الروسي إلي آفاق أرحب عن طريق:
1- الإسراع في اقامة منطقة للتجارة الحرة بين مصر والاتحاد الجمركي الأوراسي الذي يضم روسيا، وبيلاروسيا، وكازاخستان.
2- إنشاء منطقة صناعية روسية في شمال جبل عتاقة علي محور خليج السويس.
3- التوقيع علي اتفاقين لجذب الاستثمارات الروسية والتعاون مع صندوق الاستثمار الروسي المباشر.
4 - تعزيز التعاون في مجال الطاقة بما فيه الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. وفي هذا السياق.. تم توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين، تتضمن الاتفاق المبدئي علي قيام شركة »‬روس أتوم» الروسية الكبري بإنشاء مفاعلين نوويين لتوليد الكهرباء بقدرة 1400 ميجا لكل منهما في موقع الضبعة الذي يستوعب ثمانية مفاعلات.. وجاء الاتفاق، بعدما تميز العرض الروسي عن غيره بعدم تضمينه أي شروط سياسية، بجانب مزايا التمويل وتوفير أكبر نسبة من قيمة المكون الأجنبي
***
غادر بوتين القاهرة مساء أمس، مودعا بحفاوة تليق بزعيم دولة عظمي، قال عنها السيسي لبوتين خلال المباحثات، إنها صديق استراتيجي ورصيد حقيقي لمصر في علاقاتها الخارجية.
أثناء المباحثات.. قدم بوتين الي السيسي دعوة لزيارة موسكو، وقبلها الرئيس، لاستمرار التواصل في وقت قريب، نحو تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وارتياد آفاق أرحب من تعاون غير محدود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.