هناك في أقصي منطقة بجنوب مصر، وسط الصحراء، قضى العاملون المصريون 11 عاماً، يحفرون بأرواحهم أكبر تصميم هندسي وأضخم مبنى شهدته مصر آنذاك، ذلك البناء الذي حمى مصر من أهوال الفيضانات وحول نقمتها لنعمة، إنه السد العالي، وهم أقدم بناة للسد . ذكريات المشروع بعد مرور 50 عاماً علي وضع حجر أساسه، و44 عاماً على افتتاحه رسمياً، تفتحها لكم "بوابة أخبار اليوم"، في حوار مع مجموعة من بناة السد الذين عاصروا المشروع بمراحله المختلفة، في يوم الخامس عشر من يناير، والذي تحتفل به أسوان بعيدها القومي والذي أيضاً يوافق افتتاح مشروع السد العالي بعد انتهاء العامل به . عاشق ناصر في البداية تقابلنا مع الحاج محمد عبد العظيم الجمل من مواليد محافظة أسيوط عام 1955، وقد انتقل الحاج محمود إلى أسوان بعد أن تم نقل والده من ميناء السويس إلى ميناء السد العالي للعمل بالمشروع . وقال الحاج محمود "انتقلت الأسرة بأكملها إلى أسوان، وكنت حينها طالب بالمرحلة الاعدادية، ونظراً لطبيعة عمل والدي كنت أذهب معه يومياً لمقر بناء السد العالي، ونمت لدي صلة حب كبيرة للموقع والعاملين، وأصررت على العمل هناك، وما زاد إصراري هو عشقي للزعيم الراحل جمال عبد النصر، فقد اعتدت من صغري علي سماع خطبه وقص صوره من الجرائد والاحتفاظ بها، فكنت أرغب في العلم لعلي يوماً ما أنل شرف رؤيته بأرض الموقع". وروى لنا محمود ذكرياته قائلاً "في البداية عملت مع أحد المقاولين، والذي يأخذ مجموعة من الشباب كل يوم لموقع العمل ويعطينا أجرنا باليومية، حينها وطأت قدمي المشروع كعامل لأول مرة وأصبحت أعمل بروحي وقلبي وليس بيدي وفكري ". واستكمل قائلاً "مع حبي للعمل بالمشروع التحقت سريعا بمدرسة الصنايع قسم تبريد وتكييف وبعد التخرج التحقت بمنطقة كهرباء الوجه القبلي والتي تقع داخل منطقة السد العالي، ومهمتها كانت توليد الكهرباء من المياه المتدفقه بالسد ، وكما ذكرنا أن كافة المواهب كان يتم استغلالها، وبطبيعة تميز عائلة الحاج محمود بالخط المتميز، قام محمود بكتابة لافتات الترحيب بالرئيس الراحل عبد الناصر وضيوفه في كافة المناسبات، كما كان يقوم بكتابة ألواح النصر، وعن هذا يقول "سأظل طوال حياتي أروي لأبنائي وأحفادي من بعدهم عن ذكريات هذه الأيام وكيف كان لكل منا بصمة كبيرة في هذا المشروع الذي سنظل للأبد حاملين اسمه لنعرف ب"بناة السد ." بناء بالروح وعلى جانب آخر التقينا أحد بناه السد والذي عمل والده أيضا بالمشروع وهو الحاج أحمد أحمد النوبي من محافظة الأقصر، والذي وطأت قدماه أرض المشروع وهو طفل لا يتجاوز عمره العاشرة، حتي أصبح السد العالي محفور بقلبه قبل ذاكرته . وقال لنا الحاج أحمد "العمل بمشروع السد العالي كان بهدف النازع القومي، فقد بنينا السد بأرواحنا قبل أجسادنا وعقولنا، ولم ننظر إلى كم سنتقاضى، أو ماهي مكافئتنا، وهذا على عكس أغلب شباب هذا العصر والذي ينظر للعمل بمادية كبيرة ." وأضاف " هناك يوما تاريخيا لا أستطيع أن أمحيه من ذاكرتي، وبالتحديد 15 من مايو عام 1964، حينما جاء الراحل عبد الناصر، ليضغط زر تحويل مجرى النيل، فهذه الاحتفالية محفورة حتى الآن بذهني، وكيف كان يتسابق العاملون لإنهاء المرحلة الثانية للعمل بعد إتمام المرحلة الأولى". وعن حبه وعمله للمشروع قال النوبي "لم أكمل دراستي فحبي للسد العالي جعلني التحق بورش صيانة السيارات والتركيبات الميكانيكية بهيئة السد العالي عام 1966، والتي عملت بها إلي عام 1971، لألتحق بالهيئة العامة للسد العالي وخزان أسوان التابعة لوزارة الري، وحينها أكملت دراستي إلى أن حصلت على دبلوم فني". مطالب مشروعة العديد من التكريمات والأنواط حصل عليها العاملون بالسد العالي، ومن أهمها شهادة تكريم الرئيس الراحل عبد الناصر، إلا أنه مع ذلك يتبق لنا ان نسمع مطالبهم . وقال الحاج أحمد النوبي "منذ عام 2010 ونحن نطالب بفتح فرع لجمعية بناة السد بأسوان، وهذا ما تحقق مؤخراً وبالفعل أصبح لدينا مقر نجتمع به، إلا أن مطالنا تتعدي المبنى أو المقر، فنحن نطالب بتوثيق وأرشفة بيانات العاملون بهذا المشروع الكبير، فنحن لا نريد أن يكون مصيرنا كعاملون مشروع قناة السويس والذي مر عليه عقود طويلة دون أن نعلم من عمل به ". وأضاف النوبي "أناشد كافة المسئولين المعنيين بمشروع متحف السد العالي، والذي شارف على الانتهاء منه وافتتاحه بأسوان، أن يتم ضم العاملين ومن أفنوا أرواحهم في سبيل هذا المشروع إلى ذكريات المتحف، فلابد أن يتم الاعتناء بالجانب الإنساني، وعدم قصر المتحف على ماكينات ومجسمات للآلات فقط". وفي النهاية ودعنا بناة السد، بعد حوار استمر نحو أربع ساعات، أعادت لهم ذكريات حُفرت في قلوبهم قبل عقولهم، إلا إنهم طالبونا بايصال رسالة لكل مصري يعيش في ربوع المحروسة وهي " إعملوا بقلوبكم فمصر تستحق أن نخلص لها " . هناك في أقصي منطقة بجنوب مصر، وسط الصحراء، قضى العاملون المصريون 11 عاماً، يحفرون بأرواحهم أكبر تصميم هندسي وأضخم مبنى شهدته مصر آنذاك، ذلك البناء الذي حمى مصر من أهوال الفيضانات وحول نقمتها لنعمة، إنه السد العالي، وهم أقدم بناة للسد . ذكريات المشروع بعد مرور 50 عاماً علي وضع حجر أساسه، و44 عاماً على افتتاحه رسمياً، تفتحها لكم "بوابة أخبار اليوم"، في حوار مع مجموعة من بناة السد الذين عاصروا المشروع بمراحله المختلفة، في يوم الخامس عشر من يناير، والذي تحتفل به أسوان بعيدها القومي والذي أيضاً يوافق افتتاح مشروع السد العالي بعد انتهاء العامل به . عاشق ناصر في البداية تقابلنا مع الحاج محمد عبد العظيم الجمل من مواليد محافظة أسيوط عام 1955، وقد انتقل الحاج محمود إلى أسوان بعد أن تم نقل والده من ميناء السويس إلى ميناء السد العالي للعمل بالمشروع . وقال الحاج محمود "انتقلت الأسرة بأكملها إلى أسوان، وكنت حينها طالب بالمرحلة الاعدادية، ونظراً لطبيعة عمل والدي كنت أذهب معه يومياً لمقر بناء السد العالي، ونمت لدي صلة حب كبيرة للموقع والعاملين، وأصررت على العمل هناك، وما زاد إصراري هو عشقي للزعيم الراحل جمال عبد النصر، فقد اعتدت من صغري علي سماع خطبه وقص صوره من الجرائد والاحتفاظ بها، فكنت أرغب في العلم لعلي يوماً ما أنل شرف رؤيته بأرض الموقع". وروى لنا محمود ذكرياته قائلاً "في البداية عملت مع أحد المقاولين، والذي يأخذ مجموعة من الشباب كل يوم لموقع العمل ويعطينا أجرنا باليومية، حينها وطأت قدمي المشروع كعامل لأول مرة وأصبحت أعمل بروحي وقلبي وليس بيدي وفكري ". واستكمل قائلاً "مع حبي للعمل بالمشروع التحقت سريعا بمدرسة الصنايع قسم تبريد وتكييف وبعد التخرج التحقت بمنطقة كهرباء الوجه القبلي والتي تقع داخل منطقة السد العالي، ومهمتها كانت توليد الكهرباء من المياه المتدفقه بالسد ، وكما ذكرنا أن كافة المواهب كان يتم استغلالها، وبطبيعة تميز عائلة الحاج محمود بالخط المتميز، قام محمود بكتابة لافتات الترحيب بالرئيس الراحل عبد الناصر وضيوفه في كافة المناسبات، كما كان يقوم بكتابة ألواح النصر، وعن هذا يقول "سأظل طوال حياتي أروي لأبنائي وأحفادي من بعدهم عن ذكريات هذه الأيام وكيف كان لكل منا بصمة كبيرة في هذا المشروع الذي سنظل للأبد حاملين اسمه لنعرف ب"بناة السد ." بناء بالروح وعلى جانب آخر التقينا أحد بناه السد والذي عمل والده أيضا بالمشروع وهو الحاج أحمد أحمد النوبي من محافظة الأقصر، والذي وطأت قدماه أرض المشروع وهو طفل لا يتجاوز عمره العاشرة، حتي أصبح السد العالي محفور بقلبه قبل ذاكرته . وقال لنا الحاج أحمد "العمل بمشروع السد العالي كان بهدف النازع القومي، فقد بنينا السد بأرواحنا قبل أجسادنا وعقولنا، ولم ننظر إلى كم سنتقاضى، أو ماهي مكافئتنا، وهذا على عكس أغلب شباب هذا العصر والذي ينظر للعمل بمادية كبيرة ." وأضاف " هناك يوما تاريخيا لا أستطيع أن أمحيه من ذاكرتي، وبالتحديد 15 من مايو عام 1964، حينما جاء الراحل عبد الناصر، ليضغط زر تحويل مجرى النيل، فهذه الاحتفالية محفورة حتى الآن بذهني، وكيف كان يتسابق العاملون لإنهاء المرحلة الثانية للعمل بعد إتمام المرحلة الأولى". وعن حبه وعمله للمشروع قال النوبي "لم أكمل دراستي فحبي للسد العالي جعلني التحق بورش صيانة السيارات والتركيبات الميكانيكية بهيئة السد العالي عام 1966، والتي عملت بها إلي عام 1971، لألتحق بالهيئة العامة للسد العالي وخزان أسوان التابعة لوزارة الري، وحينها أكملت دراستي إلى أن حصلت على دبلوم فني". مطالب مشروعة العديد من التكريمات والأنواط حصل عليها العاملون بالسد العالي، ومن أهمها شهادة تكريم الرئيس الراحل عبد الناصر، إلا أنه مع ذلك يتبق لنا ان نسمع مطالبهم . وقال الحاج أحمد النوبي "منذ عام 2010 ونحن نطالب بفتح فرع لجمعية بناة السد بأسوان، وهذا ما تحقق مؤخراً وبالفعل أصبح لدينا مقر نجتمع به، إلا أن مطالنا تتعدي المبنى أو المقر، فنحن نطالب بتوثيق وأرشفة بيانات العاملون بهذا المشروع الكبير، فنحن لا نريد أن يكون مصيرنا كعاملون مشروع قناة السويس والذي مر عليه عقود طويلة دون أن نعلم من عمل به ". وأضاف النوبي "أناشد كافة المسئولين المعنيين بمشروع متحف السد العالي، والذي شارف على الانتهاء منه وافتتاحه بأسوان، أن يتم ضم العاملين ومن أفنوا أرواحهم في سبيل هذا المشروع إلى ذكريات المتحف، فلابد أن يتم الاعتناء بالجانب الإنساني، وعدم قصر المتحف على ماكينات ومجسمات للآلات فقط". وفي النهاية ودعنا بناة السد، بعد حوار استمر نحو أربع ساعات، أعادت لهم ذكريات حُفرت في قلوبهم قبل عقولهم، إلا إنهم طالبونا بايصال رسالة لكل مصري يعيش في ربوع المحروسة وهي " إعملوا بقلوبكم فمصر تستحق أن نخلص لها " .