ضبط محاولة دعاية ورشوة بمحيط لجنة انتخابية بأجا في الدقهلية    محافظ الجيزة يعتمد مواعيد امتحانات الفصل الدراسي الأول للصفوف الدراسية    القس أندريه زكي يهنئ بطريرك الأقباط الكاثوليك بعيد الميلاد المجيد    الإسكان تبحث التعاون مع شركة كورية متخصصة في تصنيع مكونات محطات تحلية المياه    وزيرا الكهرباء ونظيره الأردني يشهدان مراسم توقيع عقد تبادل الطاقة الكهربائية لعام 2026    توقيع بروتوكول تعاون بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والمصرف المتحد    التشكيل المتوقع لنابولي أمام ميلان في كأس السوبر الإيطالي    الداخلية: نفى ادعاء الاستعانة بضابط شرطة لتلفيق قضية ببورسعيد وكشف حقيقة الواقعة    ضبط 5 قضايا تهريب و3699 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    «الصحة» تعلن توقيع بروتوكول تعاون مع البنك الزراعي لدعم عمليات زراعة القرنية    برنامج الأغذية العالمي يحذر من مجاعة..التدخل الخارجى يهدد باستمرار الحرب في السودان    إعلام عبري: نتنياهو يُبلغ واشنطن قريباً بممثله الجديد في مفاوضات سوريا    محافظ دمياط يتابع سير التصويت في جولة الإعادة لانتخابات النواب    بث مباشر مباراة السعودية والإمارات في كأس العرب 2025 (لحظة بلحظة) | التشكيل    جلوب سوكر - خروج صلاح من القائمة النهائية لجائزتي أفضل مهاجم ولاعب    مدافع بتروجت يدخل ضمن اهتمامات الزمالك لتعويض رحيل مصدق    علي ماهر يضع اللمسات الأخيرة قبل مواجهة الأهلي في كأس عاصمة مصر    توافد الناخبين منذ الساعات الأولى للتصويت بدائرة كفر شكر القليوبية    الوطنية للانتخابات للمواطنين: شارك ..صوتك مهم يصنع فرق فى القرار    ضبط سيارة زيت طعام غير صالح وفول مصاب بالسوس بساقلته قبل توزيعها على المطاعم    أمواج 2.5 متر.. الأرصاد تحذر من اضطراب الملاحة بالبحر الأحمر    طابور من الشباب للتصويت فى جولة الإعادة بلجان الأسمرات.. صور    مكانش قصدى أموته.. اعترافات طالب 6 أكتوبر بقتل زميله بقطعة زجاج    أمين مجمع اللغة العربية: العربية قضية أمة وهويتها ولغة الوعي القومي العربي    "الست" خارج الصورة    تكربم 120 طالبا من حفظة القرآن بمدرسة الحاج حداد الثانوية المشتركة بسوهاج    بمنتصف التعاملات.. البورصة تواصل ارتفاعها مدفوعة بمشتريات محلية وأجنبية    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    استهداف سيارة عبر طائرة مسيّرة في مرجعيون بجنوب لبنان    إخماد حريق داخل مزرعة دواجن بالفيوم.. وتحرير محضر بالواقعة    البرد القارس يودي بحياة رضيع في غزة ويرفع عدد الضحايا إلى 13    مع تراجع التضخم محليا.. محللون يرجحون خفض الفائدة 1% في آخر اجتماعات العام    وزير الاتصالات يفتتح مقر مركز مراقبة الطيف الترددي بمحافظة الجيزة    التعليم العالي: انضمام 11 فرعا جديدا إلى قائمة الجامعات الأجنبية بمصر    تخصيص قطع أراضي لإقامة مدارس ومباني تعليمية في 6 محافظات    صحة المنيا: تقديم أكثر من 136 ألف خدمة صحية وإجراء 996 عملية جراحية خلال نوفمبر الماضي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025    مصدر بالصحة: الدفع ب10 سيارات إسعاف في حادث مروري بدائري المنيب صباح اليوم    أستاذ علوم سياسية: التوسع الاستيطاني يفرغ عملية السلام من مضمونها    مركز التنمية الشبابية يستعد للبطولة التنشطية لمشروع كابيتانو مصر    الكوكي يشيد بإمكانيات المصري ويكشف سبب قبوله تدريب الفريق    عام استثنائي من النجاحات الإنتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    وزير الثقافة يبحث تعزيز التعاون الثقافي مع هيئة متاحف قطر ويشارك في احتفالات اليوم الوطني    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    من تخفيض الفائدة إلى مكافأة المحارب.. أبرز وعود ترامب لعام 2026    السعودية.. تعليق الدراسة حضوريا في الرياض بسبب سوء الطقس وتساقط الثلوج    بوليتيكو: الاتحاد الأوروبي انقسم إلى معسكرين بسبب الخلاف حول مصادرة الأصول الروسية    د. حمدي السطوحي: «المتحف» يؤكد احترام الدولة لتراثها الديني والثقافي    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل شابين خلال اقتحامه بلدتي عنبتا وكفر اللبد شرق طولكرم    راشد الماجد يشعل حفله في مصر ويهدي أغنية ل ملك السعودية: "عاش سلمان" (فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    الإعادة تشعل المنافسة.. مجلس النواب 2025 على صفيح ساخن    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    «صوت هند رجب وفلسطين 36» ضمن القائمة القصيرة للأوسكار ال 98    يلا شووت.. المغرب والأردن في نهائي كأس العرب 2025: صراع تكتيكي على اللقب بين "أسود الأطلس" و"النشامى"    اقتحام الدول ليس حقًا.. أستاذ بالأزهر يطلق تحذيرًا للشباب من الهجرة غير الشرعية    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
ورحلت فاطنة ..!!


وكانت أينما وضعت قلمي علي ورق،
تطل لتملأ الدنيا رحابة وشعرا..!
وتركتني حبة وحيدة غريبة في عنقود »فاطنة قنديل»‬ المزدحم. كانت »‬فاطنة» أنسي وونسي في سنوات النهايات وكانت علي طول تاريخنا معاً مبعثا للوحي ومحرضة للذكريات، كان التهاتف اليوميهو تقريباً ما نملكه هي وأنا لمد الجسور الي الموتي ليسعوا نحونا أحياء نخاطبهم ويخاطبوننا، وكانت أينما وضعت قلمي علي ورق تطل لتملأ الدنيا رحابة وشعرا، فقد كانت هي (فاطنة أحمد عبد الغفار في جبلاية الفار) في (جوابات حراجي القط العامل بالسد العالي) هي الا نموذج الذي استوحيت منه هذه الشخصية، ففي فترةٍ ما غاب زوجها عنها غيبة اضطرارية طويلة قالت لي : »‬كل ما الشوق قبض علي القلب، اروح علي الدولاب، أطلع هدومه وأعيد فكهم وتطبيقهم، لا شئ ممكن تستحضر بيه الغايبين أكتر من ريحتهم، كل هدمة قبل ما اطبقها أشمها، وبعد ما اطبقها أشمها، أحس بيه قدامي، لا يهش غياب الأحباب غير شمة في هدومهم».
هي فاطنة التي كانت تقول لحراجي القط في غيبته »‬في الليل يا حراجي/ تهف عليا ماعرف كيف / هففان القهوة علي صاحب الكيف/ وساعات/ أمد إيديا في الضلمة/ القاك جنبي/ طب والنبي صُح ومش بكدب يا حراجي»!! كل تلك الأقوال كانت »‬فاطنة الابنودي» هي ملهمتي به، ومن وهج عاطفتها حاولت خطف بعض الضوء. كانت شخصية عامرة ثرية، لا تكف عن العطاء، علمت نفسها بنفسها بين إخوتها المتعلمين حيث الصعيد وقوانينه.
كنا نتشارك - هي وأنا فقط من دون كل الإخوة - لشراء مجلة (البعكوكة) لنحفظ الازجال التي كانت الاساس في تلك المجلة الفكاهية وكانت تتباهي بأن ذاكرتها أقوي ومحفوظها منها أكثر مما احتفظت به ذاكراتي، ودائماً كانت تحس انها تملك حقا في موهبتي وأنها أثرت في تكويني كشاعر عامية.
كانت فاطنة أمًّا، ففي الصعيد قد تفرح الأخت بأخيها وتتدلل عليه، ولكن فرحها دائماً هو نوع من (الجلع الأمومي) فأنت لا تعرف في كثير الأحيان هل هذه أختك أو أمك، ودائما ما كنت محظوظا بالفاطمتين (فاطنة قنديل) الأم، و(فاطنة الأبنودي) الأخت، قبلهما كانت (ست ابوها) جدتي لأمي التي طبعت الفاطمتين بطابعها وتركت بصمتها علي اللهجة والأقوال والمشاعر والكرم.
اما عن الأم فقد أنجبت تسعة أو عشرة، وكل مرة أحاول التذكر اضطر أن انطق الاسماء وأعد علي أصابعي.
هكذا تساقطوا جميعاً من عنقودها التي قضت حياتها تزيدمن حباته حبة كل عام وتفخر بثروتها من الرجال الذين تتوسطهم بنت واحدة، فالثانية رحلت صغيرة، ورحت أراها تبكي ثروتها صُرة بعد صرة إلي أن أكرمها الله فرحلت، ليسرع الأبناء خلفها في تتابع وتسارع وكأنهم كانوا متفقين!!
كنت دائماً - وأنا عليل كما يعرف الاصدقاء - أتمني ان تعيش »‬فاطنة» وأن ترحل قبل رحيلي بقليل،وها قدحدث.
لا أراكم الله حزن المرأة الصعيدية أمًّا كانت أو أختاً، فأنت لن تعرف الحزن علي حقيقته إذا لم تر ثكلي صعيدية أو مترملة للتوّ هناك. لم أكن أريد لفاطنة أن تحس ما أحسه أنا الآن، حين تري نفسهاالحبة الاخيرة في العنقود، فتجترهم من جديد، وتستحدث الحزن من جديد،. نحن نفلسف الحزن ونعرف أن لكل بداية نهاية، أما هن فكأنهن متعاقدات علي أن تعيش إلي الأبد، لذا فحين نرحل تحس أن ثمة من عبث بالعقودفزور التواريخ وفاجأهن بأسباب للحزن. ليجدن الفرصة لفتح القنوات أمام الدموع.
أما فاطنة فقد أنجبت هي ايضاً ما يزيد عما أنجبت أمها، هم ماشاء الله يزحمون الدنيا من حولها وكلهم وكلهن »‬خلفة» صالحة طيبة عامرة قلوبهم بالحب والاخلاص، وأحدهم - مصطفي - هو السبب في أنني اقتنيت قطعة الارض التي بنيت فيها بيتي وأعيش فيها الآن، علي الرغم من كل هؤلاء الذين يملأون القلب حتي يفيض، مازالت تحتجز في قلبها مكاناً حميما لي ولأسرتها التي رحلت بكاملها. لنا أنس ولنا سمر، وتحب زوجتي »‬نهال» وتعشق »‬آية ونور» ابنتيّ وتتعجل الفرح بهما لتسعد، وهو سؤال يومي في فمها، ودعاء حقيقي بأن أعيش لأحمل ابناءهما، وتغضب حين أنبهها إلي مرضي وإلي قصر الفترة المتبقية التي تسمح بها الرئة المتهالكة فتغضب شديداً.
وهكذا رحلت دون أن تري لهما خلفة.
في قصيدتي المعروفة (الاحزان العادية) لا أدري كيف تسللت فاطنة إلي أحد مشاهدها علي الرغم من أنها قصيدة سياسية، ولكن في المشهد الذي فيه أموت وفي طريقي لمواراتي:
(لكن لما عبر نعشي بحر الموكب
اتهيألي سمعت ما بين
الصوت المتركّب
صوت »‬فاطنة اختي» الحزنان
بيزاحم
كل الاصوات والأحزان
واتذكرت صورتها
في زواني »‬سقراط».
ومناحة النسوان
حمامة نوح مدبوحة
في هوجة الكوم الحزنان.
عز عليا اني.
ما اديتهاش بال
مع إنها صاحبة أفضال
كانت تداويني
من طعن الحكام والبرد
وكانت تنصحني بعدم السير
في قعر
الوادي الوعر
ولو انها كانت معترفالي
في عبورالوديان)!!
هكذا. دائماً ما أطلّت »‬الفاطنتين» الام والأخت أثناء استغراقي في البوح، ووهبتاني قبسا من عبير الروح!!
ذهبت الاوليمنذأعوام.. فاطنة قنديل الرائعة
وها هي ابنتها تنضم إليها، تاركة قطيعا من الباكين الذين لن يجف دمعه قريبا..
السيسي في الكاتدرائية
ها هي الدموع تطفر من عيني مرة أخري، تشارك كل أبناء مصر المخلصين اهتزاز مشاعرهم بفرح غامر، لتلك المباغتة الجريئة الرائعة التي أدهشنا بها الرئيس السيسي بزيارته غير المتوقعة لقداس الإخوة المسيحيين في كاتدرائيتهم في عيد الميلاد المجيد، وبينما كنا جميعاً نعتقد أن الرئيس مازال في الطريق عائداً من رحلته الموفقة إلي الكويت، أو أنه عاد منذ وقت قصير إلي بيته ليستريح من رحلة امتلأت بالحركة واللقاءات والنقاشات والحوارات، فإذا به يفاجئنا بهذه الزيارة التاريخية (فعلا) إلي إخوتنا من الأقباط المسيحيين، ليلطم كل أهل التزوير والتدليس ويصفع قفا كل من نصح البسطاء بعدم تحية المسيحي أو مشاركته عيده أوتهنئته بأية صورة من الصور.
لقد رد السيسي علي الفكر التفليسي الأباليسي، بقبلات صادقة لمن يلبسون علي رءوسهم التيجان القبطية واقتحم قلب القداس المحتفل بالسيد المسيح ليلقي كلمته القصيرة جداً، الوارفة الظل كشجرة لا حدود لا تساعها، وضحكة مجلجلة حقيقية لم نستمع لمثيلة لها من قبل. كيف كان القلب متفتحاً للنور والمحبة، وكيف طفرت دموع المسلمين ابتهاجا بذلك اللقاء الذي كنس افتعالات الجفوة،واصطناع الفرقة لشعب واحد ضحي بنفس القدر في كل معاركه فالموت لم يكن ينتقي المسلم ليترك المسيحي، وفي الثورتين 25 يناير و30 يونيو كان شهداء الاشقاء الاقباط المسيحيين بارزين وقد حفظنا اسماءهم وغنينا دماءهم.
حين كنت في زيارة لليمن في أحد الأعوام السالفة، توقفت امام النصب التذكاري لشهدائنا فيحرب اليمن فيالزمن الناصري، رحت أقرأ الأسماء أهبط وأعلو مع الأسماء المصفوفة من الأربعة جوانب، ليس هناك حصر للجنودالمسيحيين الذين ضحوا من أجل اليمن وثورته، بينما المسلمون الآن هم الذين يقوضون صرح اليمن الذي لم يعد سعيداً علي الإطلاق، كذلك في حرب 56 وحرب67 وحرب 73، ألم تختلط الدماء دفاعاً عن هذه الامة، إنه لمن السذاجة التذكير بذلك فهو أمر بديهي ممتد منذ ثورة 19حيث اعتلوا منابرالازهر،وخطب المسلمون في جموعهم واتحد الجميع فيمواجهة المستعمر.
صحيح أن الراحل العظيم عبدالناصر هو الذي وضع حجر الاساس لهذه الكاتدرائية، وهو الذي افتتحها، ولكن السيسي هو أول من تواجد في قلب قداسها مجدداً لهذه الوحدة الممتدة التي حاول المتاجرون- علي طول تاريخهم ايضاً - العبث بها ليحسمها السيسي بكلمات قليلة صادقة هزت القلوب واطلقت الزغاريد، وبضحكة من القلب مازال صداها يتردد بين جنبات بيوتنا!!
والشيء بالشيء يذكر، فإن بعض المسيحيين في بعض انحاء الامة المصرية ليس لهم كنائس ليقيموا فيها شعائرهم المقدسة، يصلون في الشارع، في العراء والبرد الذي لا نحتمله داخل بيوتنا وتحت أغطيتنا، ومنذ فترة، والاعلامي الناجح »‬جابر القرموطي» يزعق من »‬قفع» رأسه كاشفا الاستار عن هذا الوضع الذي يشي بظلم لا يليق بسماحة الاسلام، ومع ذلك تأتي الرؤساء وتمضي ولا يستجيب أحد لمعالجة هذا الامر المختل، ولقد سألت مرة أحد المحافظين فقال شيئا عن »‬القانون الهمايوني»حيث لم أفهم، قلت: »‬ولكن الرئيس اعلن أن من حق الإخوة المسيحيين أن يبنوا الجديد وأن يرمموا القديم فضحك ونظر فيعيني لكي أفهم، ففهمت ان الرئيس حين يضطر لإعلان تسامح مزيف فإنه يطلق مثل تلك الاقوال، ولكن عليالمحافظين أن يفهموا بدون توجيهات عدم جدية تلك الأقوال، ويعطلون الامر دون أن يبدو عليهم أنهم يعطلونه.
كانت لدينا كنيسة أبنودية كانوا يفخرون بأنها من أقدم الكنائس، وكنا فيالاحتفالات نحوم من حولها، ومرت فترات الارهاب في الثمانينيات دون ان يقترب منها شر، وفي واحدة من زياراتي الأخيرة لقريتي منذ سنوات ذهبت لأراها، فإذا بها تشبه الحجرة الواحدة الضيقة جداً، مبنية بالطوب اللبن، ولا تصلح حتي لاقامة شخص واحد أعزب غريب بها.
فلماذا هذا التضييق فيالوقت الذي لا يخلو شارع بسيط من مسجدين أوثلاثة من تلك التي بنيت تحت العمارات لأغراض لا صلة للدين بها.
اطالب الاخ »‬القرموطي» بأن يظل في صياحه فلعل هذا الصياح يفتح يوماً ابواب تلك القلوب المغلقة التي تعطل صلاة اخوتنا المسيحيين، خاصة بعد تلك الزيارة الرائعة التي قام بها رئيس الأمة المصرية للكاتدرائية ليعلن أن إسمنا المصريون، لا مسلم ولا مسيحي، نحن المصريون، فالاجنبي الذي يستهدفنا مد يده يساندالارهاب ولم يمد يده للمواطنين المصريين المسيحيين، وهذا يعني أنهم يستهدفون الشعب المصري، اما هؤلاء الذين ينصحون بتجنب المسيحيين وعدم مشاركتهم اعيادهم وتحريم تحيتهم، فعليهم أن يفهموا أن بضاعتهم بارت وأن زمن الجهل الاعمي والعبث بمصير الاوطان لعبة لم تعد تصلح في زمن الوعي الجديد، زمن الثورتين!!
الهنودالحمر
ربما أرسلت صخرة الدويقة التي سقطت، رسالة مدوية لرئيس الوزراء فحواها أن القاهرة التي تلخص مصر في نظره ليست في حاجة لطلاء واجهات عمارات القاهرة الخديوية - كما يطلقون عليها - بينما العمارات نفسها تتآكل من داخلها، مواسير الماء والصرف تأكل المباني المطلية واجهتها، ثم وضع ذلك الملاط المرتفع الذي وضع اصحاب المحلات التجارية فيمأزق، إذ عليهم أن يهدموا وأن يعيدوا بناء واجهات تلك المحلات جميعاً ليكلفهم مشروع رئيس الوزراء ما ليس في طاقتهم، فالملاط وارتفاع الارصفة كفيل بانهمار ماء المطر وإغراق هذه المحلات واصحابها في خسائر لم يستفد منها سويالمقاولين، وكأننا فعلاً في حكومة مقاولين. هكذا سقطت صخرة الدويقة كأنها صرخة العشوائيات التي تحيط »‬بقاهرة المعز» لتعيد ترتيب الأولويات بنفسها، تلك الأولويات التي أشرنا إليها أكثر من مرة وتجاوزها غرور من بيده مسئولية بناء الحياة المصرية من جديد.
إن فكرة طلاء العمارات دون النظر للسوس الحقيقي الذي ينخر في جسدها، والفرح بالمنظر دون المخبر، انما يتم علي حساب تلك العمارات نفسها والذي لن يجني أحد منها أي فائدة سويهؤلاء المقاولين الذين سيقبضون ثمن عملية الطلاء من جيوبنا، بل لنقل من جيوب هؤلاء الذين يعيشون فيالبوص والصفيح في ليال مثلجة مثل تلك التينعيشها تحت اغطيتنا الثقيلة فيهناء وسرور.
هكذا صرخ الجبل وأرسل بإنذار عن البلاءالمتكرر ليوقظ المرضي بمنتصف المدينة والذين لا يرون أحوال مصر ولا يكرهون سوي فقرائها إنهم لا ينظرون لأحوال الفقراء وبيوتهم المتهالكة التي تستند علي الوهم، ولا يرون معاناة أهل مصر الحقيقيين، لا يرون البيوت وإنما يرون ما تحتها (الارض التي تسوي الشيء الفلاني) هنا يسيل اللعاب، ويفكر المسئول ومن عليه اصلاح الحال عن كيفية التحايل لطرد الأهالي - أهالينا - من خلف أبنية الهيبة - ماسبيرو، ومبني وزارة الخارجية - فالأهالي يشوهون المنظر ويعكرون صفوالمكان و»‬الزمان».
فيجب الاطاحة بهم إلي طريق الاسماعيلية كأنهم جنود الاستعمار ونستمتع نحن ببيع أو بناء أو... أو... المنطقة المجاورة للنيل، ولا يهم ان كان عمل الاهالي الي جوار بيوتهم وأن هذا النفي قطع رقبة. إنه فكر المقاولين، حيث لا قيمة للبشر، وإنما القيمة للاسمنت والحجر!!
نحن نريد مسئولين من نوع الرئيس، يخافون علي الفقراء ولا يشمئزون لمرآهم، ويعرفون أن هؤلاء هم سكان مصر الاصليون وأن الحكام عالة عليهم، فهل يفكر رئيس الوزراء في إبادتهم كما أبادت امريكا السكان الاصليين!!
وكانت أينما وضعت قلمي علي ورق،
تطل لتملأ الدنيا رحابة وشعرا..!
وتركتني حبة وحيدة غريبة في عنقود »فاطنة قنديل»‬ المزدحم. كانت »‬فاطنة» أنسي وونسي في سنوات النهايات وكانت علي طول تاريخنا معاً مبعثا للوحي ومحرضة للذكريات، كان التهاتف اليوميهو تقريباً ما نملكه هي وأنا لمد الجسور الي الموتي ليسعوا نحونا أحياء نخاطبهم ويخاطبوننا، وكانت أينما وضعت قلمي علي ورق تطل لتملأ الدنيا رحابة وشعرا، فقد كانت هي (فاطنة أحمد عبد الغفار في جبلاية الفار) في (جوابات حراجي القط العامل بالسد العالي) هي الا نموذج الذي استوحيت منه هذه الشخصية، ففي فترةٍ ما غاب زوجها عنها غيبة اضطرارية طويلة قالت لي : »‬كل ما الشوق قبض علي القلب، اروح علي الدولاب، أطلع هدومه وأعيد فكهم وتطبيقهم، لا شئ ممكن تستحضر بيه الغايبين أكتر من ريحتهم، كل هدمة قبل ما اطبقها أشمها، وبعد ما اطبقها أشمها، أحس بيه قدامي، لا يهش غياب الأحباب غير شمة في هدومهم».
هي فاطنة التي كانت تقول لحراجي القط في غيبته »‬في الليل يا حراجي/ تهف عليا ماعرف كيف / هففان القهوة علي صاحب الكيف/ وساعات/ أمد إيديا في الضلمة/ القاك جنبي/ طب والنبي صُح ومش بكدب يا حراجي»!! كل تلك الأقوال كانت »‬فاطنة الابنودي» هي ملهمتي به، ومن وهج عاطفتها حاولت خطف بعض الضوء. كانت شخصية عامرة ثرية، لا تكف عن العطاء، علمت نفسها بنفسها بين إخوتها المتعلمين حيث الصعيد وقوانينه.
كنا نتشارك - هي وأنا فقط من دون كل الإخوة - لشراء مجلة (البعكوكة) لنحفظ الازجال التي كانت الاساس في تلك المجلة الفكاهية وكانت تتباهي بأن ذاكرتها أقوي ومحفوظها منها أكثر مما احتفظت به ذاكراتي، ودائماً كانت تحس انها تملك حقا في موهبتي وأنها أثرت في تكويني كشاعر عامية.
كانت فاطنة أمًّا، ففي الصعيد قد تفرح الأخت بأخيها وتتدلل عليه، ولكن فرحها دائماً هو نوع من (الجلع الأمومي) فأنت لا تعرف في كثير الأحيان هل هذه أختك أو أمك، ودائما ما كنت محظوظا بالفاطمتين (فاطنة قنديل) الأم، و(فاطنة الأبنودي) الأخت، قبلهما كانت (ست ابوها) جدتي لأمي التي طبعت الفاطمتين بطابعها وتركت بصمتها علي اللهجة والأقوال والمشاعر والكرم.
اما عن الأم فقد أنجبت تسعة أو عشرة، وكل مرة أحاول التذكر اضطر أن انطق الاسماء وأعد علي أصابعي.
هكذا تساقطوا جميعاً من عنقودها التي قضت حياتها تزيدمن حباته حبة كل عام وتفخر بثروتها من الرجال الذين تتوسطهم بنت واحدة، فالثانية رحلت صغيرة، ورحت أراها تبكي ثروتها صُرة بعد صرة إلي أن أكرمها الله فرحلت، ليسرع الأبناء خلفها في تتابع وتسارع وكأنهم كانوا متفقين!!
كنت دائماً - وأنا عليل كما يعرف الاصدقاء - أتمني ان تعيش »‬فاطنة» وأن ترحل قبل رحيلي بقليل،وها قدحدث.
لا أراكم الله حزن المرأة الصعيدية أمًّا كانت أو أختاً، فأنت لن تعرف الحزن علي حقيقته إذا لم تر ثكلي صعيدية أو مترملة للتوّ هناك. لم أكن أريد لفاطنة أن تحس ما أحسه أنا الآن، حين تري نفسهاالحبة الاخيرة في العنقود، فتجترهم من جديد، وتستحدث الحزن من جديد،. نحن نفلسف الحزن ونعرف أن لكل بداية نهاية، أما هن فكأنهن متعاقدات علي أن تعيش إلي الأبد، لذا فحين نرحل تحس أن ثمة من عبث بالعقودفزور التواريخ وفاجأهن بأسباب للحزن. ليجدن الفرصة لفتح القنوات أمام الدموع.
أما فاطنة فقد أنجبت هي ايضاً ما يزيد عما أنجبت أمها، هم ماشاء الله يزحمون الدنيا من حولها وكلهم وكلهن »‬خلفة» صالحة طيبة عامرة قلوبهم بالحب والاخلاص، وأحدهم - مصطفي - هو السبب في أنني اقتنيت قطعة الارض التي بنيت فيها بيتي وأعيش فيها الآن، علي الرغم من كل هؤلاء الذين يملأون القلب حتي يفيض، مازالت تحتجز في قلبها مكاناً حميما لي ولأسرتها التي رحلت بكاملها. لنا أنس ولنا سمر، وتحب زوجتي »‬نهال» وتعشق »‬آية ونور» ابنتيّ وتتعجل الفرح بهما لتسعد، وهو سؤال يومي في فمها، ودعاء حقيقي بأن أعيش لأحمل ابناءهما، وتغضب حين أنبهها إلي مرضي وإلي قصر الفترة المتبقية التي تسمح بها الرئة المتهالكة فتغضب شديداً.
وهكذا رحلت دون أن تري لهما خلفة.
في قصيدتي المعروفة (الاحزان العادية) لا أدري كيف تسللت فاطنة إلي أحد مشاهدها علي الرغم من أنها قصيدة سياسية، ولكن في المشهد الذي فيه أموت وفي طريقي لمواراتي:
(لكن لما عبر نعشي بحر الموكب
اتهيألي سمعت ما بين
الصوت المتركّب
صوت »‬فاطنة اختي» الحزنان
بيزاحم
كل الاصوات والأحزان
واتذكرت صورتها
في زواني »‬سقراط».
ومناحة النسوان
حمامة نوح مدبوحة
في هوجة الكوم الحزنان.
عز عليا اني.
ما اديتهاش بال
مع إنها صاحبة أفضال
كانت تداويني
من طعن الحكام والبرد
وكانت تنصحني بعدم السير
في قعر
الوادي الوعر
ولو انها كانت معترفالي
في عبورالوديان)!!
هكذا. دائماً ما أطلّت »‬الفاطنتين» الام والأخت أثناء استغراقي في البوح، ووهبتاني قبسا من عبير الروح!!
ذهبت الاوليمنذأعوام.. فاطنة قنديل الرائعة
وها هي ابنتها تنضم إليها، تاركة قطيعا من الباكين الذين لن يجف دمعه قريبا..
السيسي في الكاتدرائية
ها هي الدموع تطفر من عيني مرة أخري، تشارك كل أبناء مصر المخلصين اهتزاز مشاعرهم بفرح غامر، لتلك المباغتة الجريئة الرائعة التي أدهشنا بها الرئيس السيسي بزيارته غير المتوقعة لقداس الإخوة المسيحيين في كاتدرائيتهم في عيد الميلاد المجيد، وبينما كنا جميعاً نعتقد أن الرئيس مازال في الطريق عائداً من رحلته الموفقة إلي الكويت، أو أنه عاد منذ وقت قصير إلي بيته ليستريح من رحلة امتلأت بالحركة واللقاءات والنقاشات والحوارات، فإذا به يفاجئنا بهذه الزيارة التاريخية (فعلا) إلي إخوتنا من الأقباط المسيحيين، ليلطم كل أهل التزوير والتدليس ويصفع قفا كل من نصح البسطاء بعدم تحية المسيحي أو مشاركته عيده أوتهنئته بأية صورة من الصور.
لقد رد السيسي علي الفكر التفليسي الأباليسي، بقبلات صادقة لمن يلبسون علي رءوسهم التيجان القبطية واقتحم قلب القداس المحتفل بالسيد المسيح ليلقي كلمته القصيرة جداً، الوارفة الظل كشجرة لا حدود لا تساعها، وضحكة مجلجلة حقيقية لم نستمع لمثيلة لها من قبل. كيف كان القلب متفتحاً للنور والمحبة، وكيف طفرت دموع المسلمين ابتهاجا بذلك اللقاء الذي كنس افتعالات الجفوة،واصطناع الفرقة لشعب واحد ضحي بنفس القدر في كل معاركه فالموت لم يكن ينتقي المسلم ليترك المسيحي، وفي الثورتين 25 يناير و30 يونيو كان شهداء الاشقاء الاقباط المسيحيين بارزين وقد حفظنا اسماءهم وغنينا دماءهم.
حين كنت في زيارة لليمن في أحد الأعوام السالفة، توقفت امام النصب التذكاري لشهدائنا فيحرب اليمن فيالزمن الناصري، رحت أقرأ الأسماء أهبط وأعلو مع الأسماء المصفوفة من الأربعة جوانب، ليس هناك حصر للجنودالمسيحيين الذين ضحوا من أجل اليمن وثورته، بينما المسلمون الآن هم الذين يقوضون صرح اليمن الذي لم يعد سعيداً علي الإطلاق، كذلك في حرب 56 وحرب67 وحرب 73، ألم تختلط الدماء دفاعاً عن هذه الامة، إنه لمن السذاجة التذكير بذلك فهو أمر بديهي ممتد منذ ثورة 19حيث اعتلوا منابرالازهر،وخطب المسلمون في جموعهم واتحد الجميع فيمواجهة المستعمر.
صحيح أن الراحل العظيم عبدالناصر هو الذي وضع حجر الاساس لهذه الكاتدرائية، وهو الذي افتتحها، ولكن السيسي هو أول من تواجد في قلب قداسها مجدداً لهذه الوحدة الممتدة التي حاول المتاجرون- علي طول تاريخهم ايضاً - العبث بها ليحسمها السيسي بكلمات قليلة صادقة هزت القلوب واطلقت الزغاريد، وبضحكة من القلب مازال صداها يتردد بين جنبات بيوتنا!!
والشيء بالشيء يذكر، فإن بعض المسيحيين في بعض انحاء الامة المصرية ليس لهم كنائس ليقيموا فيها شعائرهم المقدسة، يصلون في الشارع، في العراء والبرد الذي لا نحتمله داخل بيوتنا وتحت أغطيتنا، ومنذ فترة، والاعلامي الناجح »‬جابر القرموطي» يزعق من »‬قفع» رأسه كاشفا الاستار عن هذا الوضع الذي يشي بظلم لا يليق بسماحة الاسلام، ومع ذلك تأتي الرؤساء وتمضي ولا يستجيب أحد لمعالجة هذا الامر المختل، ولقد سألت مرة أحد المحافظين فقال شيئا عن »‬القانون الهمايوني»حيث لم أفهم، قلت: »‬ولكن الرئيس اعلن أن من حق الإخوة المسيحيين أن يبنوا الجديد وأن يرمموا القديم فضحك ونظر فيعيني لكي أفهم، ففهمت ان الرئيس حين يضطر لإعلان تسامح مزيف فإنه يطلق مثل تلك الاقوال، ولكن عليالمحافظين أن يفهموا بدون توجيهات عدم جدية تلك الأقوال، ويعطلون الامر دون أن يبدو عليهم أنهم يعطلونه.
كانت لدينا كنيسة أبنودية كانوا يفخرون بأنها من أقدم الكنائس، وكنا فيالاحتفالات نحوم من حولها، ومرت فترات الارهاب في الثمانينيات دون ان يقترب منها شر، وفي واحدة من زياراتي الأخيرة لقريتي منذ سنوات ذهبت لأراها، فإذا بها تشبه الحجرة الواحدة الضيقة جداً، مبنية بالطوب اللبن، ولا تصلح حتي لاقامة شخص واحد أعزب غريب بها.
فلماذا هذا التضييق فيالوقت الذي لا يخلو شارع بسيط من مسجدين أوثلاثة من تلك التي بنيت تحت العمارات لأغراض لا صلة للدين بها.
اطالب الاخ »‬القرموطي» بأن يظل في صياحه فلعل هذا الصياح يفتح يوماً ابواب تلك القلوب المغلقة التي تعطل صلاة اخوتنا المسيحيين، خاصة بعد تلك الزيارة الرائعة التي قام بها رئيس الأمة المصرية للكاتدرائية ليعلن أن إسمنا المصريون، لا مسلم ولا مسيحي، نحن المصريون، فالاجنبي الذي يستهدفنا مد يده يساندالارهاب ولم يمد يده للمواطنين المصريين المسيحيين، وهذا يعني أنهم يستهدفون الشعب المصري، اما هؤلاء الذين ينصحون بتجنب المسيحيين وعدم مشاركتهم اعيادهم وتحريم تحيتهم، فعليهم أن يفهموا أن بضاعتهم بارت وأن زمن الجهل الاعمي والعبث بمصير الاوطان لعبة لم تعد تصلح في زمن الوعي الجديد، زمن الثورتين!!
الهنودالحمر
ربما أرسلت صخرة الدويقة التي سقطت، رسالة مدوية لرئيس الوزراء فحواها أن القاهرة التي تلخص مصر في نظره ليست في حاجة لطلاء واجهات عمارات القاهرة الخديوية - كما يطلقون عليها - بينما العمارات نفسها تتآكل من داخلها، مواسير الماء والصرف تأكل المباني المطلية واجهتها، ثم وضع ذلك الملاط المرتفع الذي وضع اصحاب المحلات التجارية فيمأزق، إذ عليهم أن يهدموا وأن يعيدوا بناء واجهات تلك المحلات جميعاً ليكلفهم مشروع رئيس الوزراء ما ليس في طاقتهم، فالملاط وارتفاع الارصفة كفيل بانهمار ماء المطر وإغراق هذه المحلات واصحابها في خسائر لم يستفد منها سويالمقاولين، وكأننا فعلاً في حكومة مقاولين. هكذا سقطت صخرة الدويقة كأنها صرخة العشوائيات التي تحيط »‬بقاهرة المعز» لتعيد ترتيب الأولويات بنفسها، تلك الأولويات التي أشرنا إليها أكثر من مرة وتجاوزها غرور من بيده مسئولية بناء الحياة المصرية من جديد.
إن فكرة طلاء العمارات دون النظر للسوس الحقيقي الذي ينخر في جسدها، والفرح بالمنظر دون المخبر، انما يتم علي حساب تلك العمارات نفسها والذي لن يجني أحد منها أي فائدة سويهؤلاء المقاولين الذين سيقبضون ثمن عملية الطلاء من جيوبنا، بل لنقل من جيوب هؤلاء الذين يعيشون فيالبوص والصفيح في ليال مثلجة مثل تلك التينعيشها تحت اغطيتنا الثقيلة فيهناء وسرور.
هكذا صرخ الجبل وأرسل بإنذار عن البلاءالمتكرر ليوقظ المرضي بمنتصف المدينة والذين لا يرون أحوال مصر ولا يكرهون سوي فقرائها إنهم لا ينظرون لأحوال الفقراء وبيوتهم المتهالكة التي تستند علي الوهم، ولا يرون معاناة أهل مصر الحقيقيين، لا يرون البيوت وإنما يرون ما تحتها (الارض التي تسوي الشيء الفلاني) هنا يسيل اللعاب، ويفكر المسئول ومن عليه اصلاح الحال عن كيفية التحايل لطرد الأهالي - أهالينا - من خلف أبنية الهيبة - ماسبيرو، ومبني وزارة الخارجية - فالأهالي يشوهون المنظر ويعكرون صفوالمكان و»‬الزمان».
فيجب الاطاحة بهم إلي طريق الاسماعيلية كأنهم جنود الاستعمار ونستمتع نحن ببيع أو بناء أو... أو... المنطقة المجاورة للنيل، ولا يهم ان كان عمل الاهالي الي جوار بيوتهم وأن هذا النفي قطع رقبة. إنه فكر المقاولين، حيث لا قيمة للبشر، وإنما القيمة للاسمنت والحجر!!
نحن نريد مسئولين من نوع الرئيس، يخافون علي الفقراء ولا يشمئزون لمرآهم، ويعرفون أن هؤلاء هم سكان مصر الاصليون وأن الحكام عالة عليهم، فهل يفكر رئيس الوزراء في إبادتهم كما أبادت امريكا السكان الاصليين!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.