اتفاق بين التعليم العالي و"روس آتوم" لتدريب وتأهيل المتخصصين في الطاقة النووية    وزير المالية: إعادة هندسة الشرائح الضريبية للمرتبات لتحقيق العدالة الاجتماعية    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 17 يونيو 2024    بعد عام على افتتاحها.. محطة تحيا مصر تنجح في التعاقد مع 6 خطوط ملاحية    الهند: ارتفاع حصيلة ضحايا حادث تصادم قطارين إلى 75 قتيلا ومصابا    نتنياهو يحل حكومة الحرب الإسرائيلية    جندي إسرائيلي يطلق النار على نفسه بعد العودة من الحرب في غزة    طقس العيد بالشرقية.. شديد الحرارة على أغلب القرى والمراكز    صرخة داخل العقار تنقذ طفلة من تحرش حلاق الوراق    توافد آلاف الزوار على حدائق كفر الشيخ ومصيف بلطيم خلال ثاني أيام عيد الأضحى    ثاني أيام عيد الأضحى.. إقبال على شواطئ جنوب سيناء والسائحون يستمتعون بالرحلات البحرية والسفاري    استقبال 3079 حالة بمستشفيات جامعة القاهرة خلال إجازة عيد الأضحى    الري: إقبال كبير على حدائق القناطر الخيرية والمركز الثقافي الإفريقي بأسوان خلال أيام عيد الأضحى    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقتحم مدينة قلقيلية ومخيم عقبة جبر بالضفة    الزمالك أمام المصري ويورو 2024.. مواعيد مباريات اليوم الإثنين    يتحدى الغيابات.. الزمالك يسعى لمواصلة التألق في الدوري أمام المصري    مصرع وإصابة 4 في حادث أسفل محور عدلي منصور ببني سويف    7 معلومات عن الطيار حسن عدس المتوفى بعد الهبوط في جدة.. «مكملش 40 سنة وغير متزوج»    مع بداية موسم عيد الأضحى.. سحب 3 أفلام من دور العرض السينمائي    إيرادات قياسية لفيلم Inside Out 2.. اقترب من 300 مليون دولار    وفاة خامس حجاج الفيوم أثناء طواف الإفاضة    دعاء طواف الوداع: «اللهم إن كنت رضيت عنِّي فازدد عنِّي رضا»    عودة رامي ربيعة لتشكيل الأهلي الأساسي أمام الاتحاد    ملفوف في سجادة.. تفاصيل العثور على جثة شاب مقتولًا في البدرشين    أسعار البيض اليوم 17 يونية    «المالية»: تخفيف الأعباء الضريبية عن محدودي ومتوسطي الدخل    اليوم.. قصور الثقافة تستعيد ذكريات الثمانينيات والتسعينيات في حفلات مجانية بالسامر والقناطر    إعلام فلسطينى: قصف إسرائيلى يستهدف المناطق الجنوبية لمدينة غزة    محافظ أسوان يتفقد المطعم السياحي متعدد الأغراض بعد التطوير    حسم موقف سيرجو روبيرتو من الرحيل عن برشلونة    ما حكم ذبح الأضحية ليلًا في أيام التشريق؟    «المحلاوي» عن يوم «القر».. من أعظم أيام الله ويستجاب فيه الدعاء (تفاصيل)    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تشن غارة عنيفة على وسط غزة    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    الجونة يستضيف البنك الأهلي لمداواة جراحه بالدوري    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 17 - 6 - 2024 والقنوات الناقلة    فرنسا ومبابي في اختبار صعب أمام النمسا في مستهل مشوار يورو 2024    الدولار يسجل 47.75.. أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه اليوم    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب جنوب البيرو    لماذا خالفت هذه الدول توقيت احتفال أول أيام عيد الأضحى 2024؟    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. ثاني أيام عيد الأضحى 2024    حكم الشرع في زيارة المقابر يوم العيد.. دار الإفتاء تجيب    مصطفى بكري يكشف سبب تشكيل مصطفى مدبولي للحكومة الجديدة    بعد إثارته للجدل بسبب مشاركته في مسلسل إسرائيلي.. من هو الممثل المصري مايكل إسكندر؟    تقرير: الدول النووية أبقت على الكثير من الرؤوس الحربية النووية جاهزة للعمل    «زي النهارده».. وفاة إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوى 17 يونيو 1998    "تهنئة صلاح وظهور لاعبي بيراميدز".. كيف احتفل نجوم الكرة بعيد الأضحى؟    حظك اليوم برج الجوزاء الاثنين 17-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    الكنيسة الكاثوليكية تختتم اليوم الأول من المؤتمر التكويني الإيبارشي الخامس.. صور    أسباب رفض «زيلينسكي» مقترح السلام الروسي الأخير    عيد الأضحى: لماذا يُضحى بالحيوانات في الدين؟    أجهزة مراقبة نسبة السكر في الدم الجديدة.. ماذا نعرف عنها؟    كيف يمكن التعامل مع موجات الحر المتكررة؟    القافلة الطبية «راعي مصر» تصل القنطرة شرق بالإسماعيلية    المحامين تزف بشرى سارة لأعضائها بمناسبة عيد الأضحى    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج جورجيا بتجارة القاهرة    «أتوبيس الفرحة».. أمانة شبرا بمستقبل وطن توزع 3000 هدية بمناسبة عيد الأضحى| صور    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
ورحلت فاطنة ..!!


وكانت أينما وضعت قلمي علي ورق،
تطل لتملأ الدنيا رحابة وشعرا..!
وتركتني حبة وحيدة غريبة في عنقود «فاطنة قنديل» المزدحم. كانت «فاطنة» أنسي وونسي في سنوات النهايات وكانت علي طول تاريخنا معاً مبعثا للوحي ومحرضة للذكريات، كان التهاتف اليوميهو تقريباً ما نملكه هي وأنا لمد الجسور الي الموتي ليسعوا نحونا أحياء نخاطبهم ويخاطبوننا، وكانت أينما وضعت قلمي علي ورق تطل لتملأ الدنيا رحابة وشعرا، فقد كانت هي (فاطنة أحمد عبد الغفار في جبلاية الفار) في (جوابات حراجي القط العامل بالسد العالي) هي الا نموذج الذي استوحيت منه هذه الشخصية، ففي فترةٍ ما غاب زوجها عنها غيبة اضطرارية طويلة قالت لي : «كل ما الشوق قبض علي القلب، اروح علي الدولاب، أطلع هدومه وأعيد فكهم وتطبيقهم، لا شئ ممكن تستحضر بيه الغايبين أكتر من ريحتهم، كل هدمة قبل ما اطبقها أشمها، وبعد ما اطبقها أشمها، أحس بيه قدامي، لا يهش غياب الأحباب غير شمة في هدومهم».
هي فاطنة التي كانت تقول لحراجي القط في غيبته «في الليل يا حراجي/ تهف عليا ماعرف كيف / هففان القهوة علي صاحب الكيف/ وساعات/ أمد إيديا في الضلمة/ القاك جنبي/ طب والنبي صُح ومش بكدب يا حراجي»!! كل تلك الأقوال كانت «فاطنة الابنودي» هي ملهمتي به، ومن وهج عاطفتها حاولت خطف بعض الضوء. كانت شخصية عامرة ثرية، لا تكف عن العطاء، علمت نفسها بنفسها بين إخوتها المتعلمين حيث الصعيد وقوانينه.
كنا نتشارك - هي وأنا فقط من دون كل الإخوة - لشراء مجلة (البعكوكة) لنحفظ الازجال التي كانت الاساس في تلك المجلة الفكاهية وكانت تتباهي بأن ذاكرتها أقوي ومحفوظها منها أكثر مما احتفظت به ذاكراتي، ودائماً كانت تحس انها تملك حقا في موهبتي وأنها أثرت في تكويني كشاعر عامية.
كانت فاطنة أمًّا، ففي الصعيد قد تفرح الأخت بأخيها وتتدلل عليه، ولكن فرحها دائماً هو نوع من (الجلع الأمومي) فأنت لا تعرف في كثير الأحيان هل هذه أختك أو أمك، ودائما ما كنت محظوظا بالفاطمتين (فاطنة قنديل) الأم، و(فاطنة الأبنودي) الأخت، قبلهما كانت (ست ابوها) جدتي لأمي التي طبعت الفاطمتين بطابعها وتركت بصمتها علي اللهجة والأقوال والمشاعر والكرم.
اما عن الأم فقد أنجبت تسعة أو عشرة، وكل مرة أحاول التذكر اضطر أن انطق الاسماء وأعد علي أصابعي.
هكذا تساقطوا جميعاً من عنقودها التي قضت حياتها تزيدمن حباته حبة كل عام وتفخر بثروتها من الرجال الذين تتوسطهم بنت واحدة، فالثانية رحلت صغيرة، ورحت أراها تبكي ثروتها صُرة بعد صرة إلي أن أكرمها الله فرحلت، ليسرع الأبناء خلفها في تتابع وتسارع وكأنهم كانوا متفقين!!
كنت دائماً - وأنا عليل كما يعرف الاصدقاء - أتمني ان تعيش «فاطنة» وأن ترحل قبل رحيلي بقليل،وها قدحدث.
لا أراكم الله حزن المرأة الصعيدية أمًّا كانت أو أختاً، فأنت لن تعرف الحزن علي حقيقته إذا لم تر ثكلي صعيدية أو مترملة للتوّ هناك. لم أكن أريد لفاطنة أن تحس ما أحسه أنا الآن، حين تري نفسهاالحبة الاخيرة في العنقود، فتجترهم من جديد، وتستحدث الحزن من جديد،. نحن نفلسف الحزن ونعرف أن لكل بداية نهاية، أما هن فكأنهن متعاقدات علي أن تعيش إلي الأبد، لذا فحين نرحل تحس أن ثمة من عبث بالعقودفزور التواريخ وفاجأهن بأسباب للحزن. ليجدن الفرصة لفتح القنوات أمام الدموع.
أما فاطنة فقد أنجبت هي ايضاً ما يزيد عما أنجبت أمها، هم ماشاء الله يزحمون الدنيا من حولها وكلهم وكلهن «خلفة» صالحة طيبة عامرة قلوبهم بالحب والاخلاص، وأحدهم - مصطفي - هو السبب في أنني اقتنيت قطعة الارض التي بنيت فيها بيتي وأعيش فيها الآن، علي الرغم من كل هؤلاء الذين يملأون القلب حتي يفيض، مازالت تحتجز في قلبها مكاناً حميما لي ولأسرتها التي رحلت بكاملها. لنا أنس ولنا سمر، وتحب زوجتي «نهال» وتعشق «آية ونور» ابنتيّ وتتعجل الفرح بهما لتسعد، وهو سؤال يومي في فمها، ودعاء حقيقي بأن أعيش لأحمل ابناءهما، وتغضب حين أنبهها إلي مرضي وإلي قصر الفترة المتبقية التي تسمح بها الرئة المتهالكة فتغضب شديداً.
وهكذا رحلت دون أن تري لهما خلفة.
في قصيدتي المعروفة (الاحزان العادية) لا أدري كيف تسللت فاطنة إلي أحد مشاهدها علي الرغم من أنها قصيدة سياسية، ولكن في المشهد الذي فيه أموت وفي طريقي لمواراتي:
(لكن لما عبر نعشي بحر الموكب
اتهيألي سمعت ما بين
الصوت المتركّب
صوت «فاطنة اختي» الحزنان
بيزاحم
كل الاصوات والأحزان
واتذكرت صورتها
في زواني «سقراط».
ومناحة النسوان
حمامة نوح مدبوحة
في هوجة الكوم الحزنان.
عز عليا اني.
ما اديتهاش بال
مع إنها صاحبة أفضال
كانت تداويني
من طعن الحكام والبرد
وكانت تنصحني بعدم السير
في قعر
الوادي الوعر
ولو انها كانت معترفالي
في عبورالوديان)!!
هكذا. دائماً ما أطلّت «الفاطنتين» الام والأخت أثناء استغراقي في البوح، ووهبتاني قبسا من عبير الروح!!
ذهبت الاوليمنذأعوام.. فاطنة قنديل الرائعة
وها هي ابنتها تنضم إليها، تاركة قطيعا من الباكين الذين لن يجف دمعه قريبا..
السيسي في الكاتدرائية
ها هي الدموع تطفر من عيني مرة أخري، تشارك كل أبناء مصر المخلصين اهتزاز مشاعرهم بفرح غامر، لتلك المباغتة الجريئة الرائعة التي أدهشنا بها الرئيس السيسي بزيارته غير المتوقعة لقداس الإخوة المسيحيين في كاتدرائيتهم في عيد الميلاد المجيد، وبينما كنا جميعاً نعتقد أن الرئيس مازال في الطريق عائداً من رحلته الموفقة إلي الكويت، أو أنه عاد منذ وقت قصير إلي بيته ليستريح من رحلة امتلأت بالحركة واللقاءات والنقاشات والحوارات، فإذا به يفاجئنا بهذه الزيارة التاريخية (فعلا) إلي إخوتنا من الأقباط المسيحيين، ليلطم كل أهل التزوير والتدليس ويصفع قفا كل من نصح البسطاء بعدم تحية المسيحي أو مشاركته عيده أوتهنئته بأية صورة من الصور.
لقد رد السيسي علي الفكر التفليسي الأباليسي، بقبلات صادقة لمن يلبسون علي رءوسهم التيجان القبطية واقتحم قلب القداس المحتفل بالسيد المسيح ليلقي كلمته القصيرة جداً، الوارفة الظل كشجرة لا حدود لا تساعها، وضحكة مجلجلة حقيقية لم نستمع لمثيلة لها من قبل. كيف كان القلب متفتحاً للنور والمحبة، وكيف طفرت دموع المسلمين ابتهاجا بذلك اللقاء الذي كنس افتعالات الجفوة،واصطناع الفرقة لشعب واحد ضحي بنفس القدر في كل معاركه فالموت لم يكن ينتقي المسلم ليترك المسيحي، وفي الثورتين 25 يناير و30 يونيو كان شهداء الاشقاء الاقباط المسيحيين بارزين وقد حفظنا اسماءهم وغنينا دماءهم.
حين كنت في زيارة لليمن في أحد الأعوام السالفة، توقفت امام النصب التذكاري لشهدائنا فيحرب اليمن فيالزمن الناصري، رحت أقرأ الأسماء أهبط وأعلو مع الأسماء المصفوفة من الأربعة جوانب، ليس هناك حصر للجنودالمسيحيين الذين ضحوا من أجل اليمن وثورته، بينما المسلمون الآن هم الذين يقوضون صرح اليمن الذي لم يعد سعيداً علي الإطلاق، كذلك في حرب 56 وحرب67 وحرب 73، ألم تختلط الدماء دفاعاً عن هذه الامة، إنه لمن السذاجة التذكير بذلك فهو أمر بديهي ممتد منذ ثورة 19حيث اعتلوا منابرالازهر،وخطب المسلمون في جموعهم واتحد الجميع فيمواجهة المستعمر.
صحيح أن الراحل العظيم عبدالناصر هو الذي وضع حجر الاساس لهذه الكاتدرائية، وهو الذي افتتحها، ولكن السيسي هو أول من تواجد في قلب قداسها مجدداً لهذه الوحدة الممتدة التي حاول المتاجرون- علي طول تاريخهم ايضاً - العبث بها ليحسمها السيسي بكلمات قليلة صادقة هزت القلوب واطلقت الزغاريد، وبضحكة من القلب مازال صداها يتردد بين جنبات بيوتنا!!
والشيء بالشيء يذكر، فإن بعض المسيحيين في بعض انحاء الامة المصرية ليس لهم كنائس ليقيموا فيها شعائرهم المقدسة، يصلون في الشارع، في العراء والبرد الذي لا نحتمله داخل بيوتنا وتحت أغطيتنا، ومنذ فترة، والاعلامي الناجح «جابر القرموطي» يزعق من «قفع» رأسه كاشفا الاستار عن هذا الوضع الذي يشي بظلم لا يليق بسماحة الاسلام، ومع ذلك تأتي الرؤساء وتمضي ولا يستجيب أحد لمعالجة هذا الامر المختل، ولقد سألت مرة أحد المحافظين فقال شيئا عن «القانون الهمايوني»حيث لم أفهم، قلت: «ولكن الرئيس اعلن أن من حق الإخوة المسيحيين أن يبنوا الجديد وأن يرمموا القديم فضحك ونظر فيعيني لكي أفهم، ففهمت ان الرئيس حين يضطر لإعلان تسامح مزيف فإنه يطلق مثل تلك الاقوال، ولكن عليالمحافظين أن يفهموا بدون توجيهات عدم جدية تلك الأقوال، ويعطلون الامر دون أن يبدو عليهم أنهم يعطلونه.
كانت لدينا كنيسة أبنودية كانوا يفخرون بأنها من أقدم الكنائس، وكنا فيالاحتفالات نحوم من حولها، ومرت فترات الارهاب في الثمانينيات دون ان يقترب منها شر، وفي واحدة من زياراتي الأخيرة لقريتي منذ سنوات ذهبت لأراها، فإذا بها تشبه الحجرة الواحدة الضيقة جداً، مبنية بالطوب اللبن، ولا تصلح حتي لاقامة شخص واحد أعزب غريب بها.
فلماذا هذا التضييق فيالوقت الذي لا يخلو شارع بسيط من مسجدين أوثلاثة من تلك التي بنيت تحت العمارات لأغراض لا صلة للدين بها.
اطالب الاخ «القرموطي» بأن يظل في صياحه فلعل هذا الصياح يفتح يوماً ابواب تلك القلوب المغلقة التي تعطل صلاة اخوتنا المسيحيين، خاصة بعد تلك الزيارة الرائعة التي قام بها رئيس الأمة المصرية للكاتدرائية ليعلن أن إسمنا المصريون، لا مسلم ولا مسيحي، نحن المصريون، فالاجنبي الذي يستهدفنا مد يده يساندالارهاب ولم يمد يده للمواطنين المصريين المسيحيين، وهذا يعني أنهم يستهدفون الشعب المصري، اما هؤلاء الذين ينصحون بتجنب المسيحيين وعدم مشاركتهم اعيادهم وتحريم تحيتهم، فعليهم أن يفهموا أن بضاعتهم بارت وأن زمن الجهل الاعمي والعبث بمصير الاوطان لعبة لم تعد تصلح في زمن الوعي الجديد، زمن الثورتين!!
الهنودالحمر
ربما أرسلت صخرة الدويقة التي سقطت، رسالة مدوية لرئيس الوزراء فحواها أن القاهرة التي تلخص مصر في نظره ليست في حاجة لطلاء واجهات عمارات القاهرة الخديوية - كما يطلقون عليها - بينما العمارات نفسها تتآكل من داخلها، مواسير الماء والصرف تأكل المباني المطلية واجهتها، ثم وضع ذلك الملاط المرتفع الذي وضع اصحاب المحلات التجارية فيمأزق، إذ عليهم أن يهدموا وأن يعيدوا بناء واجهات تلك المحلات جميعاً ليكلفهم مشروع رئيس الوزراء ما ليس في طاقتهم، فالملاط وارتفاع الارصفة كفيل بانهمار ماء المطر وإغراق هذه المحلات واصحابها في خسائر لم يستفد منها سويالمقاولين، وكأننا فعلاً في حكومة مقاولين. هكذا سقطت صخرة الدويقة كأنها صرخة العشوائيات التي تحيط «بقاهرة المعز» لتعيد ترتيب الأولويات بنفسها، تلك الأولويات التي أشرنا إليها أكثر من مرة وتجاوزها غرور من بيده مسئولية بناء الحياة المصرية من جديد.
إن فكرة طلاء العمارات دون النظر للسوس الحقيقي الذي ينخر في جسدها، والفرح بالمنظر دون المخبر، انما يتم علي حساب تلك العمارات نفسها والذي لن يجني أحد منها أي فائدة سويهؤلاء المقاولين الذين سيقبضون ثمن عملية الطلاء من جيوبنا، بل لنقل من جيوب هؤلاء الذين يعيشون فيالبوص والصفيح في ليال مثلجة مثل تلك التينعيشها تحت اغطيتنا الثقيلة فيهناء وسرور.
هكذا صرخ الجبل وأرسل بإنذار عن البلاءالمتكرر ليوقظ المرضي بمنتصف المدينة والذين لا يرون أحوال مصر ولا يكرهون سوي فقرائها إنهم لا ينظرون لأحوال الفقراء وبيوتهم المتهالكة التي تستند علي الوهم، ولا يرون معاناة أهل مصر الحقيقيين، لا يرون البيوت وإنما يرون ما تحتها (الارض التي تسوي الشيء الفلاني) هنا يسيل اللعاب، ويفكر المسئول ومن عليه اصلاح الحال عن كيفية التحايل لطرد الأهالي - أهالينا - من خلف أبنية الهيبة - ماسبيرو، ومبني وزارة الخارجية - فالأهالي يشوهون المنظر ويعكرون صفوالمكان و«الزمان».
فيجب الاطاحة بهم إلي طريق الاسماعيلية كأنهم جنود الاستعمار ونستمتع نحن ببيع أو بناء أو... أو... المنطقة المجاورة للنيل، ولا يهم ان كان عمل الاهالي الي جوار بيوتهم وأن هذا النفي قطع رقبة. إنه فكر المقاولين، حيث لا قيمة للبشر، وإنما القيمة للاسمنت والحجر!!
نحن نريد مسئولين من نوع الرئيس، يخافون علي الفقراء ولا يشمئزون لمرآهم، ويعرفون أن هؤلاء هم سكان مصر الاصليون وأن الحكام عالة عليهم، فهل يفكر رئيس الوزراء في إبادتهم كما أبادت امريكا السكان الاصليين!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.