وكما كان تضخم اليمين الديني حدثا مصريا بامتياز ، فقد أصبح حدثا عربيا عاما بنظرية »الأواني المستطرقة»، وتكون في كل قطر عربي رديف لإخوان مصر ، وصار انتفاخ اليمين الديني ظاهرة عربية شاملة بعد الموجة الثورية الأعظم في 30 يونيو2013 بأيام، قلتها بوضوح ، مقروءا ومسموعا ومرئيا ، قلت: إن الذي يسقط في مصر لايقوم في غيرها ، وأن سقوط الإخوان في مصر يعني نهايتهم في كل بلد عربي آخر ، ومع اختلاف الصور، وتنوع الظروف ، فهذا هو قانون مصر الذي سري من قبل ، ويسري الآن ، وفي المستقبل قريبه وبعيده ، وإلي أن يرث الله الأرض . ولم أكن أضرب الرمل ولا أقرأ الودع ، حين توقعت في كتابي (الأيام الأخيرة) ، الذي صدرت طبعته الأولي في يونيو 2008 ، أن يجري خلع مبارك بثورة شعبية في ميدان التحرير بالذات ، واستعدت عنوانا لمقال كتبته ، ظهر كمانشيت رئيسي لجريدة »الكرامة» صباح الأحد 4 مارس 2007 ، كان نص العنوان المانشيت (سقوط مبارك في ميدان التحرير) ، ووصفت وقتها سيناريو توريث الرئاسة لجمال مبارك بأنه (التوريث المستحيل) ، وقلت إن الإخوان سوف يخلفون مبارك بعد خلعه ، وبنسبة فوز انتخابي كالتي جرت بالضبط بعد ثورة 25 يناير 2011 ، وقلت إن الإخوان لن يظلوا في الحكم طويلا ، ولسبب موضوعي بعيد عن ميولي الذاتية ، وهو أن حزب الإخوان الذي ينتظر مصر ليس مؤهلا لتقديم البديل ، وأن حكم الإخوان هو (حكم القرين) لمبارك ، وأن الحقيقة ستنفضح ، وبمجرد تولي الإخوان للسلطة ، وأن شعبيتهم ستزول في زمن قياسي ، وهو ما تحقق في تجربة الشعب المصري ، فقد كان حكم الإخوان أشبه بشربة »زيت خروع»، كان علي البلد أن تتجرع كأسها، وحتي تغسل »مصارينها» ، ويتدفق تيار اليقظة المستعادة إلي الرأس التائه ، فلم تكن من طريقة لاكتساب الوعي بغير لمس النار و»كبش» الحريق . ولم يكن في القصة من وجه للتعجب ، فهذا هو قانون مصر ، تصعد المنطقة إذا صحت مصر ، وتسقط إذا سقطت، وقد تردت مصر إلي مهاوي المتاهة قبل أربعين سنة مضت ، كان النصر العسكري الباهر في حرب 1973 آخر عناوين مصر الصاعدة ، وكانت انتفاضة يناير 1977 آخر صرخة غضب جماعي ، بعدها ، خرجت مصر من غرفة القيادة إلي كراسي الانقياد ، واستبدلت ركاما بالنظام ، وسلمت مفاتيحها لأعدائها الأمريكيين والإسرائيليين ، ووقعت ضحية الهيمنة مجددا ، وتداعت حروب النهب العام ، وتجريف الركائز الصناعية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية، وتفكك المجتمع بعد إفساد الدولة ، وتحول المصريون إلي غبار بشري هائم في أزقة التاريخ ، وانتهي المصريون إلي مأساة الهجرتين ، الهجرة في الجغرافيا بحثا عن الرزق ، والهجرة إلي الماضي السحيق بظاهرة العودة الدينية المعممة ، وسادت مشاعر هي مزيج من البؤس واليأس ، وتضخم اليمين الديني، وجماعة الإخوان في قلبه ، فقد خاطب اليمين الديني بؤس الناس كجمعية خيرية ، ثم خاطب يأس الناس كجمعية خلاص ديني ، وهو ما يفسر انتفاخ اليمين الديني في عقود المأساة ، وسيطرته التي تفشت علي تنظيمات الطبقة الوسطي ، كالنقابات واتحادات الطلبة وما في حكمها ، ثم تغوله في الريف والصعيد وقيعان المدن ، وحيث تنهش وحوش الفقر والجهل والمرض والبطالة والعنوسة ، وهو ما يفسر كيف أن جماعة الإخوان كانت قرينة لحكم مبارك ، وكيف أنها حكمت بنظرية في علم النفس اسمها »التوحد بالمعتدي»، وجعله المثال الأعلي للمقهور، وتماما كما قلدت وتوحدت الصهيونية بالنازية ومحارقها لليهود، تماهي الإخوان، وقلدوا مبارك مثالهم الأعلي القاهر، وقلدوه، فسقطوا كما سقط، وفي عنفوان ثورة وصلت إلي ذروتها الشعبية في مشهد 30 يونيو الأسطوري . وكما كان تضخم اليمين الديني حدثا مصريا بامتياز ، فقد أصبح حدثا عربيا عاما بنظرية »الأواني المستطرقة»، وتكون في كل قطر عربي رديف لإخوان مصر ، وصار انتفاخ اليمين الديني ظاهرة عربية شاملة ، حملت في صعودها بذور الفناء ، فلم تقدم بديلا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، بل كانت قرينا لمأساة السقوط نفسها ، والخروج من سباق العصر ، ووضع »تيكت إسلامي» علي بضاعة الهوان ذاتها ، وهو ما يفسر الانهيار السريع لشعبية ظاهرة ، تراكمت طبقاتها عبر الأربعين سنة الأخيرة ، وتعود أصولها في مصر بالذات إلي ما يقارب التسعين سنة ، فحين أتيحت لليمين الديني فرصة للحكم ، كان السقوط المدوي لعصر الإخوان ، والذين حلموا بامتداد حكمهم إلي خمسة قرون ، وتصور الأمريكيون أن للإخوان أغلبية شعبية »ميكانيكية» ، وأنهم سيفوزون بالانتخابات دائما ، وأن الأفضل لواشنطن ترسية المزاد علي حكم الإخوان ، وأنهم أضمن لمصالح الأمريكيين من نظم الحكم العائلي منزوعة الشعبية ، وهكذا لم تجد أمريكا حرجا في ذهاب خدمها من عينة مبارك وبن علي وعبد الله صالح وغيرهم ، فليس لأمريكا أصدقاء دائمون، بل مصالحها هي الدائمة ، ولا تضمنها نظم الحكم العائلي المعلقة علي خوازيق أمنية ، وقد يضمنها الإخوان بشعبيتهم الميكانيكية الدائمة المتوهمة ، ولن يمضي وقت طويل حتي تكتشف واشنطن عناوين الخديعة ، وأنها اشترت »التروماي» الإخواني ، وأن شعبية الإخوان كانت »طفحية» لا »ميكانيكية»، أي أشبه بطفح جلدي يزول مع شفاء المجتمعات العربية ، وهو ما كان في مصر، ويكون بعدها في كل الأوطان. نعم ، هو قانون مصر الذي لا يخطئ الرهان عليه ، فالذي يسقط في مصر لايقوم ولا ينجح في غيرها ، وتأملوا من فضلكم ما جري ويجري مشرقا ومغربا ، سقط الإخوان في العراق منذ زمن احتمائهم بالغزو الأمريكي ، وتراجع وزن الإخوان في المعارضة السورية بعد الذي جري في مصر ، ويترنح الإخوان بالإنشقاقات في الأردن ، وينكشح الإخوان في اليمن بهجمات الحوثيين ، وتصيبهم اللوثة العقلية في ليبيا بعد سقوطهم المخزي في انتخابات مجلس النواب ، ويتجمدون في برد عزلة البشير في السودان ، ويسقطون بالقطعة في تونس ، وعلي طريقة النكسة التي أصابت حزب النهضة في الانتخابات الأخيرة ، والتي أبعدتهم جبرا عن فرصة العودة للحكم ، والذي خرجوا منه طوعا بعد الذي جري في مصر ، وما أعقبه من انتفاضة تونسية بدت كرجع صدي لثورة مصر الثانية . إنه قانون مصر التي تستعيد صحوتها وأسماءها الحسني. وكما كان تضخم اليمين الديني حدثا مصريا بامتياز ، فقد أصبح حدثا عربيا عاما بنظرية »الأواني المستطرقة»، وتكون في كل قطر عربي رديف لإخوان مصر ، وصار انتفاخ اليمين الديني ظاهرة عربية شاملة بعد الموجة الثورية الأعظم في 30 يونيو2013 بأيام، قلتها بوضوح ، مقروءا ومسموعا ومرئيا ، قلت: إن الذي يسقط في مصر لايقوم في غيرها ، وأن سقوط الإخوان في مصر يعني نهايتهم في كل بلد عربي آخر ، ومع اختلاف الصور، وتنوع الظروف ، فهذا هو قانون مصر الذي سري من قبل ، ويسري الآن ، وفي المستقبل قريبه وبعيده ، وإلي أن يرث الله الأرض . ولم أكن أضرب الرمل ولا أقرأ الودع ، حين توقعت في كتابي (الأيام الأخيرة) ، الذي صدرت طبعته الأولي في يونيو 2008 ، أن يجري خلع مبارك بثورة شعبية في ميدان التحرير بالذات ، واستعدت عنوانا لمقال كتبته ، ظهر كمانشيت رئيسي لجريدة »الكرامة» صباح الأحد 4 مارس 2007 ، كان نص العنوان المانشيت (سقوط مبارك في ميدان التحرير) ، ووصفت وقتها سيناريو توريث الرئاسة لجمال مبارك بأنه (التوريث المستحيل) ، وقلت إن الإخوان سوف يخلفون مبارك بعد خلعه ، وبنسبة فوز انتخابي كالتي جرت بالضبط بعد ثورة 25 يناير 2011 ، وقلت إن الإخوان لن يظلوا في الحكم طويلا ، ولسبب موضوعي بعيد عن ميولي الذاتية ، وهو أن حزب الإخوان الذي ينتظر مصر ليس مؤهلا لتقديم البديل ، وأن حكم الإخوان هو (حكم القرين) لمبارك ، وأن الحقيقة ستنفضح ، وبمجرد تولي الإخوان للسلطة ، وأن شعبيتهم ستزول في زمن قياسي ، وهو ما تحقق في تجربة الشعب المصري ، فقد كان حكم الإخوان أشبه بشربة »زيت خروع»، كان علي البلد أن تتجرع كأسها، وحتي تغسل »مصارينها» ، ويتدفق تيار اليقظة المستعادة إلي الرأس التائه ، فلم تكن من طريقة لاكتساب الوعي بغير لمس النار و»كبش» الحريق . ولم يكن في القصة من وجه للتعجب ، فهذا هو قانون مصر ، تصعد المنطقة إذا صحت مصر ، وتسقط إذا سقطت، وقد تردت مصر إلي مهاوي المتاهة قبل أربعين سنة مضت ، كان النصر العسكري الباهر في حرب 1973 آخر عناوين مصر الصاعدة ، وكانت انتفاضة يناير 1977 آخر صرخة غضب جماعي ، بعدها ، خرجت مصر من غرفة القيادة إلي كراسي الانقياد ، واستبدلت ركاما بالنظام ، وسلمت مفاتيحها لأعدائها الأمريكيين والإسرائيليين ، ووقعت ضحية الهيمنة مجددا ، وتداعت حروب النهب العام ، وتجريف الركائز الصناعية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية، وتفكك المجتمع بعد إفساد الدولة ، وتحول المصريون إلي غبار بشري هائم في أزقة التاريخ ، وانتهي المصريون إلي مأساة الهجرتين ، الهجرة في الجغرافيا بحثا عن الرزق ، والهجرة إلي الماضي السحيق بظاهرة العودة الدينية المعممة ، وسادت مشاعر هي مزيج من البؤس واليأس ، وتضخم اليمين الديني، وجماعة الإخوان في قلبه ، فقد خاطب اليمين الديني بؤس الناس كجمعية خيرية ، ثم خاطب يأس الناس كجمعية خلاص ديني ، وهو ما يفسر انتفاخ اليمين الديني في عقود المأساة ، وسيطرته التي تفشت علي تنظيمات الطبقة الوسطي ، كالنقابات واتحادات الطلبة وما في حكمها ، ثم تغوله في الريف والصعيد وقيعان المدن ، وحيث تنهش وحوش الفقر والجهل والمرض والبطالة والعنوسة ، وهو ما يفسر كيف أن جماعة الإخوان كانت قرينة لحكم مبارك ، وكيف أنها حكمت بنظرية في علم النفس اسمها »التوحد بالمعتدي»، وجعله المثال الأعلي للمقهور، وتماما كما قلدت وتوحدت الصهيونية بالنازية ومحارقها لليهود، تماهي الإخوان، وقلدوا مبارك مثالهم الأعلي القاهر، وقلدوه، فسقطوا كما سقط، وفي عنفوان ثورة وصلت إلي ذروتها الشعبية في مشهد 30 يونيو الأسطوري . وكما كان تضخم اليمين الديني حدثا مصريا بامتياز ، فقد أصبح حدثا عربيا عاما بنظرية »الأواني المستطرقة»، وتكون في كل قطر عربي رديف لإخوان مصر ، وصار انتفاخ اليمين الديني ظاهرة عربية شاملة ، حملت في صعودها بذور الفناء ، فلم تقدم بديلا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، بل كانت قرينا لمأساة السقوط نفسها ، والخروج من سباق العصر ، ووضع »تيكت إسلامي» علي بضاعة الهوان ذاتها ، وهو ما يفسر الانهيار السريع لشعبية ظاهرة ، تراكمت طبقاتها عبر الأربعين سنة الأخيرة ، وتعود أصولها في مصر بالذات إلي ما يقارب التسعين سنة ، فحين أتيحت لليمين الديني فرصة للحكم ، كان السقوط المدوي لعصر الإخوان ، والذين حلموا بامتداد حكمهم إلي خمسة قرون ، وتصور الأمريكيون أن للإخوان أغلبية شعبية »ميكانيكية» ، وأنهم سيفوزون بالانتخابات دائما ، وأن الأفضل لواشنطن ترسية المزاد علي حكم الإخوان ، وأنهم أضمن لمصالح الأمريكيين من نظم الحكم العائلي منزوعة الشعبية ، وهكذا لم تجد أمريكا حرجا في ذهاب خدمها من عينة مبارك وبن علي وعبد الله صالح وغيرهم ، فليس لأمريكا أصدقاء دائمون، بل مصالحها هي الدائمة ، ولا تضمنها نظم الحكم العائلي المعلقة علي خوازيق أمنية ، وقد يضمنها الإخوان بشعبيتهم الميكانيكية الدائمة المتوهمة ، ولن يمضي وقت طويل حتي تكتشف واشنطن عناوين الخديعة ، وأنها اشترت »التروماي» الإخواني ، وأن شعبية الإخوان كانت »طفحية» لا »ميكانيكية»، أي أشبه بطفح جلدي يزول مع شفاء المجتمعات العربية ، وهو ما كان في مصر، ويكون بعدها في كل الأوطان. نعم ، هو قانون مصر الذي لا يخطئ الرهان عليه ، فالذي يسقط في مصر لايقوم ولا ينجح في غيرها ، وتأملوا من فضلكم ما جري ويجري مشرقا ومغربا ، سقط الإخوان في العراق منذ زمن احتمائهم بالغزو الأمريكي ، وتراجع وزن الإخوان في المعارضة السورية بعد الذي جري في مصر ، ويترنح الإخوان بالإنشقاقات في الأردن ، وينكشح الإخوان في اليمن بهجمات الحوثيين ، وتصيبهم اللوثة العقلية في ليبيا بعد سقوطهم المخزي في انتخابات مجلس النواب ، ويتجمدون في برد عزلة البشير في السودان ، ويسقطون بالقطعة في تونس ، وعلي طريقة النكسة التي أصابت حزب النهضة في الانتخابات الأخيرة ، والتي أبعدتهم جبرا عن فرصة العودة للحكم ، والذي خرجوا منه طوعا بعد الذي جري في مصر ، وما أعقبه من انتفاضة تونسية بدت كرجع صدي لثورة مصر الثانية . إنه قانون مصر التي تستعيد صحوتها وأسماءها الحسني.