حزب المؤتمر يطلق حملات توعوية ميدانية بالتزامن مع الدعاية لانتخابات "الشيوخ"    تنسيق الجامعات 2025.. موقف الطالب الذي يتخلف عن موعد أداء اختبارات القدرات؟    رئيس جامعة المنوفية يوقع اتفاق شراكة مع "لويفيل الأمريكية"    «350 من 9 جامعات».. وصول الطلاب المشاركين بملتقى إبداع لكليات التربية النوعية ببنها (صور)    وزارة العمل تعلن بدء اختبارات المرشحين للعمل بالإمارات (تفاصيل)    وزير الدفاع اليوناني يعزي بطريرك الروم الأرثوذكس في شهداء كنيسة مار الياس    سعر الدينار الكويتى اليوم السبت 19 يوليو 2025    شاهد أعمال تركيب القضبان بمشروع الخط الأول بشبكة القطار الكهربائى السريع    اتحاد منتجي الدواجن: الاتفاق على توريد 2000 طن لصالح جهاز مستقبل مصر لضبط السوق وتشجيع التصدير    أسعار الدواجن والبيض اليوم السبت 19 يوليو 2025 بأسواق الأقصر    الصناعات الغذائية تساهم فى التنمية الاقتصادية باستثمارات 500 مليار جنيه    ترامب يقاضي «وول ستريت جورنال» ويطالب ب10 مليارات دولار تعويضًا    المكتب الإعلامي الحكومي في غزة يطالب بإنهاء التسييس المتعمد للمساعدات ورفع الحصار    "الخارجية الفلسطينية" تدين مجزرة "المجوعين" في رفح    تيسير مطر: مصر والسعودية حجرا الزاوية لتحقيق السلام في المنطقة    إسرائيليون يعبرون إلى الأراضى السورية بعد اشتباكات مع جيش الاحتلال    أول تعليق من رونالدو على تعيين سيميدو رئيسا تنفيذيا للنصر السعودي    بعد أزمة حفل الساحل.. فتوح يسطر رقما سلبيا تاريخيا في الزمالك    إيقاف قيد الإسماعيلي 3 فترات.. مفاجأة بشأن إخفاء خطاب فيفا    هل يُفسد معسكر إسبانيا مفاوضات بيراميدز مع حمدي فتحي؟    ب80 مليون يورو.. بايرن ميونخ يقدم عرضًا مغريًا لضم نجم ليفربول    إصابة 6 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين بالفيوم    ضبط قائد سيارة تعدى بالضرب على طفل يبيع الحلوى في الغربية    نتيجة الثانوية الأزهرية.. انتهاء التصحيح واستمرار الرصد والمراجعة 10 أيام    تحرير شخص عقب احتجازه وإكراهه على توقيع إيصالات أمانة بالقاهرة    إصابة طالبتين في حريق بحي الصفا في مدينة العريش    إعادة الحركة المرورية على طريق القاهرة الإسكندرية الزراعى بعد تصادم سيارتين    تأجيل طعن عمر زهران على حبسه بقضية مجوهرات شاليمار شربتلي    انطلاق مهرجان العلمين بنسخته الثالثة.. الكشوطى: 43 يوما من الفن والترفيه    انطلاق مهرجان صيف الأوبرا 2025 بجمهور كامل العدد وأمسية صوفية مميزة    على أنغام «أخاصمك آه».. هاندا أرتشيل ترقص مع نانسي عجرم في زفاف نجل إيلي صعب (صور)    الصحة: إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت أكثر من 5 ملايين خدمة طبية مجانية خلال 3 أيام    رئيس هيئة الرعاية الصحية يبحث مع الرئيس الإقليمي لشركة جانسن إنشاء مركز تميز لعلاج الأورام في أسوان    14 فكرة تساعدك على تبريد جسمك فى الأيام الحارة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 19-7-2025 في محافظة قنا    أكثر من 170 قتيلا جراء الفيضانات في باكستان    وزيرة التنمية المحلية تبحث مع رئيس ومؤسس شركة (إزري) العالمية مجالات التعاون المشترك    لهذا السبب.. لطفي لبيب يتصدر تريند "جوجل"    معارض فنية عن التراث الدمياطي وحكاية تل البراشية بثقافة دمياط    «الأرصاد» تحذر: طقس اليوم شديد الحرارة على معظم الأنحاء    أسعار البيض اليوم السبت 19 يوليو 2025    بعد التوقف الدولي.. حسام حسن ينتظر استئناف تصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم    «مرض عمه يشعل معسكر الزمالك».. أحمد فتوح يظهر «متخفيًا» في حفل راغب علامة رفقة إمام عاشور (فيديو)    أول ظهور ل رزان مغربي بعد حادث سقوط السقف عليها.. ورسالة مؤثرة من مدير أعمالها    ثورة يوليو 1952| نقاد الفن.. السينما.. أثرت في وعي المصريين    عيار 21 يترقب مفاجآت.. أسعار الذهب والسبائك اليوم في الصاغة وتوقعات بارتفاعات كبيرة    «شعب لا يُشترى ولا يُزيّف».. معلق فلسطيني يدعم موقف الأهلي ضد وسام أبوعلي    ترامب يتوقع إنهاء حرب غزة ويعلن تدمير القدرات النووية الإيرانية    رئيس حكومة لبنان: نعمل على حماية بلدنا من الانجرار لأي مغامرة جديدة    كل ما تريد معرفته عن مهرجان «كلاسيك أوبن إير» ببرلين    مصدر أمني يكشف حقيقة سرقة الأسوار الحديدية من أعلى «الدائري» بالجيزة    عميد طب جامعة أسيوط: لم نتوصل لتشخيص الحالة المرضية لوالد «أطفال دلجا»    داعية إسلامي يهاجم أحمد كريمة بسبب «الرقية الشرعية» (فيديو)    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    5 أبراج على موعد مع فرص مهنية مميزة: مجتهدون يجذبون اهتمام مدرائهم وأفكارهم غير تقليدية    عبد السند يمامة عن استشهاده بآية قرآنية: قصدت من «وفدا» الدعاء.. وهذا سبب هجوم الإخوان ضدي    هل مساعدة الزوجة لزوجها ماليا تعتبر صدقة؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخيمات "الهايكستب": 196 أسرة بلا مأوى تصارع الجوع والمرض

طردتهم الحكومة من مساكن النهضة وأسكنتهم خياما بمركز شباب الهايكستب ووعدت بنقلهم إلى أماكن أخرى، ولكن مرت الأيام والأسابيع والشهور وتبين أن وعود المحافظة مجرد وعود..!
تحول الأمر إلى أزمة إنسانية فهناك 196 أسرة تعيش في خيام داخل مركز شباب ينامون في العراء وسط الثعابين والكلاب الضالة، حياتهم صحراء لا يشعر بهم أحد، لا عمل ولا دخل ولا مأوى ولا تعليم للأطفال.
ضاعت أحلامهم البسيطة بين أمواج وتقلبات المعيشة الصعبة التي أظهرت بؤسهم وضعفهم علي مدار 3 أشهر، ينظرون إلى أبنائهم الذين أجبرتهم ظروفهم المضطربة على ترك مدارسهم ويجلسون يندبون حظهم الأسود الذي ربط مصائرهم بوعود حكومية، اعدادهم تقترب من 1000 فرد تركوا منازلهم الصغيرة بالنهضة عنوة بعد أن قامت محافظة القاهرة باستخدام القوه في إخراجهم منها برئاسة محافظ القاهرة د.جلال السعيد.
بدءوا فصلا أخر من مشاهد تحمل بين ثناياها كل أشكال العذاب والفقر والجوع داخل مركز شباب الهايكستب.
بوابة أخبار اليوم ترصد في هذا التحقيق المأساة التي يعيشها سكان مخيم الهايكستب وموقف محافظة القاهرة منها.
تقول ميرفت محمد من سكان مخيم مركز شباب الهايكستب إن محافظ القاهرة استعان بقوات الأمن لطرد أكثر من 250 أسرة كانوا يعيشون في مساكن بالنهضة ووعد الأهالي بأنهم سيستلمون وحدات سكنية بديلة خلال ثلاثة أيام مقابل إخلاء الشقق في هدوء، كما وعد الأهالي بالإقامة في مخيمات بمركز شباب الهايكستب لحين توفير الوحدات السكنية البديلة، لكننا حتى الآن لم نستلم شيئا، لنتأكد أنها كانت وعودا كاذبة خدعت الأهالي من أجل التهجير القسري لهم دون مقابل.
وأضافت: "إحنا مصريين ومش عارفين هم بيعاملونا كده ليه؟! رمونا في مركز الشباب من 3 شهور ومحدش سأل فينا.. بناتنا بيتعرضوا للتحرش وعرضنا أتكشف والناس بتبص علينا وإحنا بنستحمى.. كلاب السكك والثعابين بتنهش فينا ومحافظة القاهرة ضحكت علينا، وتضيف أن يومها تقضيه في حراسة بناتها الثلاث اللاتي أخرجتهن من المدارس بسبب الظروف وبعد المكان.
العودة إلى المدرسة
يستيقظ طيلة يومه ليحمي والده ووالدته من الحشرات التي أصبحت تدخل عليهم الخيام على مدار اليوم.. والده مريض بالقلب يجلس على كرسي ولا يستطيع التحرك.. أما والدته فتستيقظ منذ الساعات الأولى من الصباح تحاول إبعاد الحشرات عن الخيمة التي ينامون بها والتي أصبحت تنغص عليهم حياتهم.. هو محمود السيد الذي ينتمي لأسرة مكلومة جارت عليها محافظة القاهرة من ضمن 196 أسرة شردت بأبنائها وأطفالها بعد طردهم من شققهم التي لا تتعدى ال 67 مترا.
محمود له شقيق آخر يدعي سمير ولكنه الصغير وهو الذي يعمل "ارزوقي" وينفق عليه وعلى والديه، اما محمود فيظل على مدار اليوم بأكمله بجانب والديه.. محمود اصطحبنا إلى دورة المياه المشتركة التي لا تتعدى مترا في متر داخل مركز شباب الهايكستب الذي يقطنون به لنفاجأ بمجموعة من الأطفال يخرجون منها علي الرغم من أن مساحتها لا تستوعب هذا الكم.. أما الخيام فقد أحاطتها القمامة برائحتها الكريهة من جميع الاتجاهات والتي أصابت والده بمرض صدري إلى جانب مرض القلب والتي جعلت الحشرات تهاجمهم داخل الخيام بشكل مستمر مما عرض حياتهم للخطر.
محمود وأسرته كل ما يتمنونه أن يعودوا إلى شقتهم الصغيرة مرة أخرى بالنهضة خشية تعرض حياة والده المريض للانهيار أكثر وأكثر.. وحتى تتمكن شقيقته الصغيرة من العودة إلى المدرسة التي أجبرتها الظروف على تركها حيث أنها تقع بالنهضة وتبعد مسافة كبيرة عن المكان الذي يقطنون به حاليا.
احنا الغلابة
أما رمضان صالح الذي يبلغ من العمر 59 عاما فقد اضطرته هذه الظروف الصعبة إلى أن يترك أبناءه الأربعة في أماكن شتى بعيدا عن الغرق في تلال القمامة والجلوس بجانب الحشرات والقمامة.
يجلس وحيدا داخل خيمته التي لا تتسع سوى لنومه فقط، فمنذ 3 أشهر أي الفترة التي خرجوا فيها من شققهم وجلسوا داخل مركز شباب الهايكستب لم ير أبناءه الأربعة ولو مرة واحدة.. فهو حتى لا يملك قيمة المبلغ الضئيل الذي من خلاله يذهب حيث أودعهم ليطمئن عليهم، حتى عمله ك"أرزقي" بالموسكي وخان الخليلي لم يستطع الذهاب إليه بسبب ضيق ذات اليد الذي أجبره على عدم الخروج من مركز الشباب نهائيا.
عم رمضان يطلب من الله أن يعود سريعا إلى شقته بالنهضة حتى يستطيع أن يعيد أبناءه من جديد ليعيشوا معه خاصة أن الشتاء على الأبواب ولن يستطيعوا البقاء داخل ساحة مركز شباب الهايكستب وسط أمطار الشتاء القارس وبرودة الطقس التي تشهدها الأيام المقبلة.
وبعث عم رمضان برسالة إلي الرئيس عبدالفتاح السيسي جاء فيها "يا سيادة الرئيس إحنا الغلابة اللي انتخبوك وأحبوك خلي بالك مننا".
ذكريات
حسنين عبد الخالق 62 عاما هو عمره الذي أفناه في البحث عن الرزق لينفق على بناته اللاتي تركتهن له زوجته وهجرته بدون رجعة، مصدر رزقه انقطع بسبب انقطاعه عن الذهاب إليه لضيق ذات يده منذ أن طرد من شقته بالنهضة هو وبناته.. حياته الأليمة جعلته يجلس داخل كل خيمة بمركز الشباب ليتسول لقمة العيش.
ترك شقته ومعها ذكرياته البسيطة ومتعلقات بناته لعله يرجع إليها قريبا، اضطر أن يودع بناته الأربع في منزل أهل والدتهم التي انفصلت عنه منذ فترة ليست قصيرة، طالب حسنين رئيس الجمهورية بأن يتدخل مباشرة لحل مشكلة 196 أسرة مصيرهم ومصير أبنائهم يتعلق بكلمة منه تجعل حياتهم الجحيمة جنة داخل شقة لا تتعدى 67 مترا .
لا ننام
"ارحمونا واغيثونا حرام والله اللي بيحصل فينا ده عيالنا اتشردوا وماتوا من الجوع" بهذه الكلمات بدأت حديثها أمنية سيد من سكان المخيمات والتي تعاني من مرارة الحياة داخل المخيمات.
قائلت: "والله ما بنعرف ننام من الخوف والقلق فالحياة تحولت إلى جحيم وكل أحلامنا بيت يسترنا ويحمينا من الحر والبرد والفقر والمرض، مضيفة أنها تعاني من مرض السكر ومن قلة المال وضعف الحال جعلها توفر ثمن الدواء لكي تطعم أولادها.
وأضافت: "الشقق التي تم انزالنا منها اتباعت وإحنا واقفين قدام عينينا"، مناشدة الرئيس السيسي بضروة توفير حياة آدمية لهم.
عربية الزبالة
وتقول سعاد محمد من سكان المخيمات نقلوا عفشنا في عربيات الزبالة من مساكن النهضة وتركونا في مركز الشباب نعاني الآمرين "بنخرج نشحت من الشارع علشان نأكل عيالنا".
وأوضحت انه في أيام رمضان كانوا يذهبون إلى موائد الرحمن القريبة من مركز الشباب حتى أن صاحب المائدة طردهم من كثرة عددهم.
وترى أن ما يحدث لا يرضي أحدا وان هناك أناسا كثيرين جاءوا إليهم وطالبوهم بالخروج والتظاهر في شوارع مصر وأمام مجلس الوزراء ولكنهم رفضوا خوفا على مصلحة البلد.
وتضيف حمدية رمضان من سكان الخيام قائلة: "بناتي مقعداهم عند البيوت اللي بيشتغلوا فيها خوفا عليهم من هذا المكان الخطر، مش عايزين بعد ما مشينا خطوة نحو الاستقرار نرجع تاني للمظاهرات".
خوف وضلمة
وأوضحت رضا أحمد من سكان المخيمات: "خدنا الشقق على الطوب الأحمر وقعدنا فيها وقمنا بتشطيبها علشان تصلح للحياة وبعد كده خدوها منا.. أنا مريضة بالسرطان وكمان أصبت بشلل رباعي في هذا المكان.. نروح لمين ؟.
وأكدت: "بليل بنخاف نروح إلى دورات المياه خوفا من الكلاب والثعابين والمتربصين المتواجدين بالمنطقة"، وأضافت أنهم امسكوا بأحد الشباب ينظر عليهم من الشباك أثناء الاستحمام، وتضيف انه لا مياه ولا نور هنا.
تهديد بالطرد
من جهة أخرى كشفت المفوضية المصرية للحقوق والحريات أن هذه الأسر "تعيش حياة غير آدمية"، بعد نقلها إلى هناك في 26 يونيو الماضي بواسطة قوات الأمن إلى مركز شباب الهايكستب، وإخلائهم قسرا من وحداتهم السكنية بمساكن منطقة النهضة بمدينة السلام، بدعوى أنهم "غير مستحقين لها".
أضافت: "الحكومة ألقت بتلك الأسر في حياة أشبه بحياة اللاجئين، حيث يبيت الأهالي داخل خيام مصنوعة من البطاطين والملاءات، فضلاً عن معيشتهم في وضع غير إنساني، حيث تستخدم جميع الأسر دورة مياه واحدة للرجال والنساء معًا، ما يعرض النساء لمخاطر عدة، كما لا يوجد إلا صنبور واحد فقط لمياه الشرب".
وأشارت إلى أنه بعد إجلائهم قسرا من منطقة النهضة، وعدتهم محافظة القاهرة بإيجاد حل لهم خلال 3 أيام من الإخلاء، وهو ما لم يحدث خلال شهرين كاملين، موضحة أن القوة التي عينتها الحكومة لحراستهم رحلت بعد 3 أيام من الإخلاء، كما أن مديرة مركز الشباب تهددهم بالطرد يوميًا.
وأكدت المفوضية أن تلك الأسر "وقعت ضحية التخبط الحكومي"، خاصة أن المساكن التي أجلتهم منها كان سكنهم فيها بمعرفة موظفي المحافظة في 2011 حتى يتم بحث حالاتهم، بينما ترى المحافظة أنهم غير مستحقين لوحدات سكنية، رغم وجود دعاوى قضائية مازالت منظورة أمام المحاكم ضد طردهم.
وطالبت المفوضية محافظة القاهرة بسرعة حصر الأسر الموجودة بمركز شباب الهايكستب، وتوفير مساكن بديلة ملائمة لهم أو تعويضهم، ووقف التهديد بإجلائهم قسرا من المركز لحين حل قضيتهم.
حصر.. وفحص
من جانبه أكد نائب محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية اللواء ياسين طاهر انه تم حصر أعداد الأسر بمخيمات مركز شباب الهايكستب وتبين أن عددها 196 أسرة.
وقال إنه يجرى فحص ملفات هذه الأسر لتحديد المستحقين منهم لوحدات سكنية تمهيدا لتوفير الشقق اللازمة لهم، مؤكدا أن وجودهم داخل مخيمات في مركز الشباب مؤقت لحين حل مشكلتهم، مضيفا أن نقلهم لمركز الشباب أفضل من تركهم في الشارع.
طردتهم الحكومة من مساكن النهضة وأسكنتهم خياما بمركز شباب الهايكستب ووعدت بنقلهم إلى أماكن أخرى، ولكن مرت الأيام والأسابيع والشهور وتبين أن وعود المحافظة مجرد وعود..!
تحول الأمر إلى أزمة إنسانية فهناك 196 أسرة تعيش في خيام داخل مركز شباب ينامون في العراء وسط الثعابين والكلاب الضالة، حياتهم صحراء لا يشعر بهم أحد، لا عمل ولا دخل ولا مأوى ولا تعليم للأطفال.
ضاعت أحلامهم البسيطة بين أمواج وتقلبات المعيشة الصعبة التي أظهرت بؤسهم وضعفهم علي مدار 3 أشهر، ينظرون إلى أبنائهم الذين أجبرتهم ظروفهم المضطربة على ترك مدارسهم ويجلسون يندبون حظهم الأسود الذي ربط مصائرهم بوعود حكومية، اعدادهم تقترب من 1000 فرد تركوا منازلهم الصغيرة بالنهضة عنوة بعد أن قامت محافظة القاهرة باستخدام القوه في إخراجهم منها برئاسة محافظ القاهرة د.جلال السعيد.
بدءوا فصلا أخر من مشاهد تحمل بين ثناياها كل أشكال العذاب والفقر والجوع داخل مركز شباب الهايكستب.
بوابة أخبار اليوم ترصد في هذا التحقيق المأساة التي يعيشها سكان مخيم الهايكستب وموقف محافظة القاهرة منها.
تقول ميرفت محمد من سكان مخيم مركز شباب الهايكستب إن محافظ القاهرة استعان بقوات الأمن لطرد أكثر من 250 أسرة كانوا يعيشون في مساكن بالنهضة ووعد الأهالي بأنهم سيستلمون وحدات سكنية بديلة خلال ثلاثة أيام مقابل إخلاء الشقق في هدوء، كما وعد الأهالي بالإقامة في مخيمات بمركز شباب الهايكستب لحين توفير الوحدات السكنية البديلة، لكننا حتى الآن لم نستلم شيئا، لنتأكد أنها كانت وعودا كاذبة خدعت الأهالي من أجل التهجير القسري لهم دون مقابل.
وأضافت: "إحنا مصريين ومش عارفين هم بيعاملونا كده ليه؟! رمونا في مركز الشباب من 3 شهور ومحدش سأل فينا.. بناتنا بيتعرضوا للتحرش وعرضنا أتكشف والناس بتبص علينا وإحنا بنستحمى.. كلاب السكك والثعابين بتنهش فينا ومحافظة القاهرة ضحكت علينا، وتضيف أن يومها تقضيه في حراسة بناتها الثلاث اللاتي أخرجتهن من المدارس بسبب الظروف وبعد المكان.
العودة إلى المدرسة
يستيقظ طيلة يومه ليحمي والده ووالدته من الحشرات التي أصبحت تدخل عليهم الخيام على مدار اليوم.. والده مريض بالقلب يجلس على كرسي ولا يستطيع التحرك.. أما والدته فتستيقظ منذ الساعات الأولى من الصباح تحاول إبعاد الحشرات عن الخيمة التي ينامون بها والتي أصبحت تنغص عليهم حياتهم.. هو محمود السيد الذي ينتمي لأسرة مكلومة جارت عليها محافظة القاهرة من ضمن 196 أسرة شردت بأبنائها وأطفالها بعد طردهم من شققهم التي لا تتعدى ال 67 مترا.
محمود له شقيق آخر يدعي سمير ولكنه الصغير وهو الذي يعمل "ارزوقي" وينفق عليه وعلى والديه، اما محمود فيظل على مدار اليوم بأكمله بجانب والديه.. محمود اصطحبنا إلى دورة المياه المشتركة التي لا تتعدى مترا في متر داخل مركز شباب الهايكستب الذي يقطنون به لنفاجأ بمجموعة من الأطفال يخرجون منها علي الرغم من أن مساحتها لا تستوعب هذا الكم.. أما الخيام فقد أحاطتها القمامة برائحتها الكريهة من جميع الاتجاهات والتي أصابت والده بمرض صدري إلى جانب مرض القلب والتي جعلت الحشرات تهاجمهم داخل الخيام بشكل مستمر مما عرض حياتهم للخطر.
محمود وأسرته كل ما يتمنونه أن يعودوا إلى شقتهم الصغيرة مرة أخرى بالنهضة خشية تعرض حياة والده المريض للانهيار أكثر وأكثر.. وحتى تتمكن شقيقته الصغيرة من العودة إلى المدرسة التي أجبرتها الظروف على تركها حيث أنها تقع بالنهضة وتبعد مسافة كبيرة عن المكان الذي يقطنون به حاليا.
احنا الغلابة
أما رمضان صالح الذي يبلغ من العمر 59 عاما فقد اضطرته هذه الظروف الصعبة إلى أن يترك أبناءه الأربعة في أماكن شتى بعيدا عن الغرق في تلال القمامة والجلوس بجانب الحشرات والقمامة.
يجلس وحيدا داخل خيمته التي لا تتسع سوى لنومه فقط، فمنذ 3 أشهر أي الفترة التي خرجوا فيها من شققهم وجلسوا داخل مركز شباب الهايكستب لم ير أبناءه الأربعة ولو مرة واحدة.. فهو حتى لا يملك قيمة المبلغ الضئيل الذي من خلاله يذهب حيث أودعهم ليطمئن عليهم، حتى عمله ك"أرزقي" بالموسكي وخان الخليلي لم يستطع الذهاب إليه بسبب ضيق ذات اليد الذي أجبره على عدم الخروج من مركز الشباب نهائيا.
عم رمضان يطلب من الله أن يعود سريعا إلى شقته بالنهضة حتى يستطيع أن يعيد أبناءه من جديد ليعيشوا معه خاصة أن الشتاء على الأبواب ولن يستطيعوا البقاء داخل ساحة مركز شباب الهايكستب وسط أمطار الشتاء القارس وبرودة الطقس التي تشهدها الأيام المقبلة.
وبعث عم رمضان برسالة إلي الرئيس عبدالفتاح السيسي جاء فيها "يا سيادة الرئيس إحنا الغلابة اللي انتخبوك وأحبوك خلي بالك مننا".
ذكريات
حسنين عبد الخالق 62 عاما هو عمره الذي أفناه في البحث عن الرزق لينفق على بناته اللاتي تركتهن له زوجته وهجرته بدون رجعة، مصدر رزقه انقطع بسبب انقطاعه عن الذهاب إليه لضيق ذات يده منذ أن طرد من شقته بالنهضة هو وبناته.. حياته الأليمة جعلته يجلس داخل كل خيمة بمركز الشباب ليتسول لقمة العيش.
ترك شقته ومعها ذكرياته البسيطة ومتعلقات بناته لعله يرجع إليها قريبا، اضطر أن يودع بناته الأربع في منزل أهل والدتهم التي انفصلت عنه منذ فترة ليست قصيرة، طالب حسنين رئيس الجمهورية بأن يتدخل مباشرة لحل مشكلة 196 أسرة مصيرهم ومصير أبنائهم يتعلق بكلمة منه تجعل حياتهم الجحيمة جنة داخل شقة لا تتعدى 67 مترا .
لا ننام
"ارحمونا واغيثونا حرام والله اللي بيحصل فينا ده عيالنا اتشردوا وماتوا من الجوع" بهذه الكلمات بدأت حديثها أمنية سيد من سكان المخيمات والتي تعاني من مرارة الحياة داخل المخيمات.
قائلت: "والله ما بنعرف ننام من الخوف والقلق فالحياة تحولت إلى جحيم وكل أحلامنا بيت يسترنا ويحمينا من الحر والبرد والفقر والمرض، مضيفة أنها تعاني من مرض السكر ومن قلة المال وضعف الحال جعلها توفر ثمن الدواء لكي تطعم أولادها.
وأضافت: "الشقق التي تم انزالنا منها اتباعت وإحنا واقفين قدام عينينا"، مناشدة الرئيس السيسي بضروة توفير حياة آدمية لهم.
عربية الزبالة
وتقول سعاد محمد من سكان المخيمات نقلوا عفشنا في عربيات الزبالة من مساكن النهضة وتركونا في مركز الشباب نعاني الآمرين "بنخرج نشحت من الشارع علشان نأكل عيالنا".
وأوضحت انه في أيام رمضان كانوا يذهبون إلى موائد الرحمن القريبة من مركز الشباب حتى أن صاحب المائدة طردهم من كثرة عددهم.
وترى أن ما يحدث لا يرضي أحدا وان هناك أناسا كثيرين جاءوا إليهم وطالبوهم بالخروج والتظاهر في شوارع مصر وأمام مجلس الوزراء ولكنهم رفضوا خوفا على مصلحة البلد.
وتضيف حمدية رمضان من سكان الخيام قائلة: "بناتي مقعداهم عند البيوت اللي بيشتغلوا فيها خوفا عليهم من هذا المكان الخطر، مش عايزين بعد ما مشينا خطوة نحو الاستقرار نرجع تاني للمظاهرات".
خوف وضلمة
وأوضحت رضا أحمد من سكان المخيمات: "خدنا الشقق على الطوب الأحمر وقعدنا فيها وقمنا بتشطيبها علشان تصلح للحياة وبعد كده خدوها منا.. أنا مريضة بالسرطان وكمان أصبت بشلل رباعي في هذا المكان.. نروح لمين ؟.
وأكدت: "بليل بنخاف نروح إلى دورات المياه خوفا من الكلاب والثعابين والمتربصين المتواجدين بالمنطقة"، وأضافت أنهم امسكوا بأحد الشباب ينظر عليهم من الشباك أثناء الاستحمام، وتضيف انه لا مياه ولا نور هنا.
تهديد بالطرد
من جهة أخرى كشفت المفوضية المصرية للحقوق والحريات أن هذه الأسر "تعيش حياة غير آدمية"، بعد نقلها إلى هناك في 26 يونيو الماضي بواسطة قوات الأمن إلى مركز شباب الهايكستب، وإخلائهم قسرا من وحداتهم السكنية بمساكن منطقة النهضة بمدينة السلام، بدعوى أنهم "غير مستحقين لها".
أضافت: "الحكومة ألقت بتلك الأسر في حياة أشبه بحياة اللاجئين، حيث يبيت الأهالي داخل خيام مصنوعة من البطاطين والملاءات، فضلاً عن معيشتهم في وضع غير إنساني، حيث تستخدم جميع الأسر دورة مياه واحدة للرجال والنساء معًا، ما يعرض النساء لمخاطر عدة، كما لا يوجد إلا صنبور واحد فقط لمياه الشرب".
وأشارت إلى أنه بعد إجلائهم قسرا من منطقة النهضة، وعدتهم محافظة القاهرة بإيجاد حل لهم خلال 3 أيام من الإخلاء، وهو ما لم يحدث خلال شهرين كاملين، موضحة أن القوة التي عينتها الحكومة لحراستهم رحلت بعد 3 أيام من الإخلاء، كما أن مديرة مركز الشباب تهددهم بالطرد يوميًا.
وأكدت المفوضية أن تلك الأسر "وقعت ضحية التخبط الحكومي"، خاصة أن المساكن التي أجلتهم منها كان سكنهم فيها بمعرفة موظفي المحافظة في 2011 حتى يتم بحث حالاتهم، بينما ترى المحافظة أنهم غير مستحقين لوحدات سكنية، رغم وجود دعاوى قضائية مازالت منظورة أمام المحاكم ضد طردهم.
وطالبت المفوضية محافظة القاهرة بسرعة حصر الأسر الموجودة بمركز شباب الهايكستب، وتوفير مساكن بديلة ملائمة لهم أو تعويضهم، ووقف التهديد بإجلائهم قسرا من المركز لحين حل قضيتهم.
حصر.. وفحص
من جانبه أكد نائب محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية اللواء ياسين طاهر انه تم حصر أعداد الأسر بمخيمات مركز شباب الهايكستب وتبين أن عددها 196 أسرة.
وقال إنه يجرى فحص ملفات هذه الأسر لتحديد المستحقين منهم لوحدات سكنية تمهيدا لتوفير الشقق اللازمة لهم، مؤكدا أن وجودهم داخل مخيمات في مركز الشباب مؤقت لحين حل مشكلتهم، مضيفا أن نقلهم لمركز الشباب أفضل من تركهم في الشارع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.