رئيس جامعة بنها يتفقد سير الامتحانات بكليتي الآداب والتجارة - صور    محافظ بني سويف يستقبل رئيس المجلس القومي للمرأة    ضبط 4 متهمين بسرقات متنوعة في الشرقية والإسماعيلية والسويس    «مستقبل مصر».. نقطة الانطلاق لتحقيق حلم الدلتا الجديدة    «الإسكان»: طرح 15 ألف وحدة سكنية ضمن مبادرة «سكن لكل المصريين»    قبل عيد الأضحى 2025.. هل ارتفعت أسعار الأضاحي؟ رئيس الشعبة يجيب    وزير الخارجية: 100 مليون دولار لتمويل البنية التحتية لدول حوض النيل الجنوبي    توقف الرحلات الجوية بمطار شيريميتييفو شمال موسكو إثر هجمات أوكرانية    قوات الاحتلال تطلق النار على وفد دبلوماسي أوروبي عند المدخل الشرقي لمخيم جنين    تصعيد دموي جديد في بلوشستان يعمق التوتر بين باكستان والهند    بابا الفاتيكان يناشد لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    "سيتم الإعلان على الملأ".. شوبير يعلن موعد رحيل زيزو عن الزمالك رسميا    "لمدة شهر؟ غير صحيح".. الزمالك يفجر مفاجأة بشأن موعد رحيل الرمادي    «سيظل أسطورة».. شوبير يلمح إلى رحيل نجم الأهلي    «بنسبة 100%».. شوبير يكشف مفاوضات الأهلي مع مدافع سوبر    القبض على صيدلي هارب من 587 سنة سجن بمحافظة القاهرة    مصرع طفل داخل بيارة بالإسماعيلية    رسالة جديدة من مها الصغير بعد انفصالها عن أحمد السقا    إنفوجراف | أبرز تصريحات الرئيس السيسي خلال احتفالية موسم حصاد القمح 2025    «فار ب 7 أرواح» يفاجىء أبطاله بإيرادات ضعيفة بعد 49 ليلة عرض (تفاصيل وأرقام)    في اجتماع استثنائي.. «التأمين الشامل» يناقش طلبات النواب حول «تحديات المنظومة» ببورسعيد    وزير الصحة يستجيب لاستغاثة أب يعاني طفله من عيوب خلقية في القلب    بعثة بيراميدز تطير إلى جنوب إفريقيا استعدادا لمواجهة صن داونز في دوري أبطال إفريقيا    إزالة 12 مخالفة بناء بمدينة الطود ضمن أعمال الموجة 26    محافظ القليوبية يَشهد إحتفالية ختام الأنشطة التربوية بمدرسة السلام ببنها    تحرير 151 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    «الحماية المدنية» بالفيوم تنجح فى إنقاذ "قطتين" محتجزتين بأحد العقارات    مباحث تموين المنوفية تضبط كيانات مخالفة لإنتاج وتوزيع منتجات غذائية    وزير خارجية تركيا: الحرب الروسية الأوكرانية تشهد نقطة تحول على طريق الحل الدبلوماسي    «التضامن الاجتماعي» تشارك في احتفالية «جهود الدولة في تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة» بالنيابة الإدارية    لمواليد برج الحمل.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من مايو 2025    خلال 24 ساعة.. ضبط 49941 مخالفة مرورية متنوعة    ضبط شركة سياحية غير مرخصة بتهمة النصب والاحتيال على المواطنين    قبل أيام من حلوله.. تعرف على أبرز استعدادات السكة الحديد ل عيد الأضحى 2025    «حبة الكرز».. كيف علق جوارديولا على إهدار دي بروين لأسيست مرموش أمام بورنموث؟    "هندسة بني سويف الأهلية" تنظم زيارة لمركز تدريب محطة إنتاج الكهرباء بالكريمات    السيسي: تمهيد الأراضي الزراعية أمام القطاع الخاص لدفع التنمية    تراجع سعر الجنيه الاسترلينى بمنتصف تعاملات اليوم الأربعاء 21-5-2025    بعد زواج 26 عاماً.. أحمد السقا يعلن انفصاله عن مها الصغير    وزير الثقافة يستقبل ولي عهد الفجيرة لبحث آليات التعاون الثقافي وصون التراث ويصطحبه في جولة بدار الكتب بباب الخلق    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    فتاوى الحج.. دليلك في حالة المرض    أسعار الحديد والأسمنت في السوق المصرية اليوم الأربعاء 21 مايو 2025    محافظ أسيوط يتفقد مدرسة النيل الإعدادية ويكرم أوائل دوري المدرسة الرياضي    اليوم العالمي للشاي.. قصة اكتشافه وأساطير متعلقة به في الثقافة الصينية    استخراج جسم معدني خطير من جمجمة طفل دون مضاعفات بمستشفى الفيوم الجامعي    بالصور- محافظ أسيوط ينقل مريضة بسيارته الخاصة لاستكمال علاجها    هل يجوز سفر المرأة للحج بدون مَحْرَم؟..الأزهر للفتوى يجيب    أحمد سيد زيزو في جلسة تصوير برومو مع الأهلي    محمود الخطيب يرد على تساؤلات من أين يأتي الأهلي بأمواله؟    وزير الخارجية الأمريكي: لم نناقش ترحيل الفلسطينيين إلى ليبيا    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    المستشار محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية اجتهاد وليس كتابا مقدسا.. لا شيء في العالم عليه إجماع    مقتل رقيب إسرائيلي من الكتيبة ال82 خلال معارك في غزة    الإيجار القديم.. محمود فوزي: الملاك استردوا استثماراتهم.. الشقة كانت تُباع بألف وتُؤجر ب15 جنيهًا    ملحن آخر أغنيات السندريلا يفجّر مفاجأة عن زواج سعاد حسني وعبدالحليم حافظ سرا    «منصة موحدة وكوتا شبابية».. ندوة حزبية تبحث تمكين الشباب وسط تحديات إقليمية ملتهبة    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخيمات "الهايكستب": 196 أسرة بلا مأوى تصارع الجوع والمرض

طردتهم الحكومة من مساكن النهضة وأسكنتهم خياما بمركز شباب الهايكستب ووعدت بنقلهم إلى أماكن أخرى، ولكن مرت الأيام والأسابيع والشهور وتبين أن وعود المحافظة مجرد وعود..!
تحول الأمر إلى أزمة إنسانية فهناك 196 أسرة تعيش في خيام داخل مركز شباب ينامون في العراء وسط الثعابين والكلاب الضالة، حياتهم صحراء لا يشعر بهم أحد، لا عمل ولا دخل ولا مأوى ولا تعليم للأطفال.
ضاعت أحلامهم البسيطة بين أمواج وتقلبات المعيشة الصعبة التي أظهرت بؤسهم وضعفهم علي مدار 3 أشهر، ينظرون إلى أبنائهم الذين أجبرتهم ظروفهم المضطربة على ترك مدارسهم ويجلسون يندبون حظهم الأسود الذي ربط مصائرهم بوعود حكومية، اعدادهم تقترب من 1000 فرد تركوا منازلهم الصغيرة بالنهضة عنوة بعد أن قامت محافظة القاهرة باستخدام القوه في إخراجهم منها برئاسة محافظ القاهرة د.جلال السعيد.
بدءوا فصلا أخر من مشاهد تحمل بين ثناياها كل أشكال العذاب والفقر والجوع داخل مركز شباب الهايكستب.
بوابة أخبار اليوم ترصد في هذا التحقيق المأساة التي يعيشها سكان مخيم الهايكستب وموقف محافظة القاهرة منها.
تقول ميرفت محمد من سكان مخيم مركز شباب الهايكستب إن محافظ القاهرة استعان بقوات الأمن لطرد أكثر من 250 أسرة كانوا يعيشون في مساكن بالنهضة ووعد الأهالي بأنهم سيستلمون وحدات سكنية بديلة خلال ثلاثة أيام مقابل إخلاء الشقق في هدوء، كما وعد الأهالي بالإقامة في مخيمات بمركز شباب الهايكستب لحين توفير الوحدات السكنية البديلة، لكننا حتى الآن لم نستلم شيئا، لنتأكد أنها كانت وعودا كاذبة خدعت الأهالي من أجل التهجير القسري لهم دون مقابل.
وأضافت: "إحنا مصريين ومش عارفين هم بيعاملونا كده ليه؟! رمونا في مركز الشباب من 3 شهور ومحدش سأل فينا.. بناتنا بيتعرضوا للتحرش وعرضنا أتكشف والناس بتبص علينا وإحنا بنستحمى.. كلاب السكك والثعابين بتنهش فينا ومحافظة القاهرة ضحكت علينا، وتضيف أن يومها تقضيه في حراسة بناتها الثلاث اللاتي أخرجتهن من المدارس بسبب الظروف وبعد المكان.
العودة إلى المدرسة
يستيقظ طيلة يومه ليحمي والده ووالدته من الحشرات التي أصبحت تدخل عليهم الخيام على مدار اليوم.. والده مريض بالقلب يجلس على كرسي ولا يستطيع التحرك.. أما والدته فتستيقظ منذ الساعات الأولى من الصباح تحاول إبعاد الحشرات عن الخيمة التي ينامون بها والتي أصبحت تنغص عليهم حياتهم.. هو محمود السيد الذي ينتمي لأسرة مكلومة جارت عليها محافظة القاهرة من ضمن 196 أسرة شردت بأبنائها وأطفالها بعد طردهم من شققهم التي لا تتعدى ال 67 مترا.
محمود له شقيق آخر يدعي سمير ولكنه الصغير وهو الذي يعمل "ارزوقي" وينفق عليه وعلى والديه، اما محمود فيظل على مدار اليوم بأكمله بجانب والديه.. محمود اصطحبنا إلى دورة المياه المشتركة التي لا تتعدى مترا في متر داخل مركز شباب الهايكستب الذي يقطنون به لنفاجأ بمجموعة من الأطفال يخرجون منها علي الرغم من أن مساحتها لا تستوعب هذا الكم.. أما الخيام فقد أحاطتها القمامة برائحتها الكريهة من جميع الاتجاهات والتي أصابت والده بمرض صدري إلى جانب مرض القلب والتي جعلت الحشرات تهاجمهم داخل الخيام بشكل مستمر مما عرض حياتهم للخطر.
محمود وأسرته كل ما يتمنونه أن يعودوا إلى شقتهم الصغيرة مرة أخرى بالنهضة خشية تعرض حياة والده المريض للانهيار أكثر وأكثر.. وحتى تتمكن شقيقته الصغيرة من العودة إلى المدرسة التي أجبرتها الظروف على تركها حيث أنها تقع بالنهضة وتبعد مسافة كبيرة عن المكان الذي يقطنون به حاليا.
احنا الغلابة
أما رمضان صالح الذي يبلغ من العمر 59 عاما فقد اضطرته هذه الظروف الصعبة إلى أن يترك أبناءه الأربعة في أماكن شتى بعيدا عن الغرق في تلال القمامة والجلوس بجانب الحشرات والقمامة.
يجلس وحيدا داخل خيمته التي لا تتسع سوى لنومه فقط، فمنذ 3 أشهر أي الفترة التي خرجوا فيها من شققهم وجلسوا داخل مركز شباب الهايكستب لم ير أبناءه الأربعة ولو مرة واحدة.. فهو حتى لا يملك قيمة المبلغ الضئيل الذي من خلاله يذهب حيث أودعهم ليطمئن عليهم، حتى عمله ك"أرزقي" بالموسكي وخان الخليلي لم يستطع الذهاب إليه بسبب ضيق ذات اليد الذي أجبره على عدم الخروج من مركز الشباب نهائيا.
عم رمضان يطلب من الله أن يعود سريعا إلى شقته بالنهضة حتى يستطيع أن يعيد أبناءه من جديد ليعيشوا معه خاصة أن الشتاء على الأبواب ولن يستطيعوا البقاء داخل ساحة مركز شباب الهايكستب وسط أمطار الشتاء القارس وبرودة الطقس التي تشهدها الأيام المقبلة.
وبعث عم رمضان برسالة إلي الرئيس عبدالفتاح السيسي جاء فيها "يا سيادة الرئيس إحنا الغلابة اللي انتخبوك وأحبوك خلي بالك مننا".
ذكريات
حسنين عبد الخالق 62 عاما هو عمره الذي أفناه في البحث عن الرزق لينفق على بناته اللاتي تركتهن له زوجته وهجرته بدون رجعة، مصدر رزقه انقطع بسبب انقطاعه عن الذهاب إليه لضيق ذات يده منذ أن طرد من شقته بالنهضة هو وبناته.. حياته الأليمة جعلته يجلس داخل كل خيمة بمركز الشباب ليتسول لقمة العيش.
ترك شقته ومعها ذكرياته البسيطة ومتعلقات بناته لعله يرجع إليها قريبا، اضطر أن يودع بناته الأربع في منزل أهل والدتهم التي انفصلت عنه منذ فترة ليست قصيرة، طالب حسنين رئيس الجمهورية بأن يتدخل مباشرة لحل مشكلة 196 أسرة مصيرهم ومصير أبنائهم يتعلق بكلمة منه تجعل حياتهم الجحيمة جنة داخل شقة لا تتعدى 67 مترا .
لا ننام
"ارحمونا واغيثونا حرام والله اللي بيحصل فينا ده عيالنا اتشردوا وماتوا من الجوع" بهذه الكلمات بدأت حديثها أمنية سيد من سكان المخيمات والتي تعاني من مرارة الحياة داخل المخيمات.
قائلت: "والله ما بنعرف ننام من الخوف والقلق فالحياة تحولت إلى جحيم وكل أحلامنا بيت يسترنا ويحمينا من الحر والبرد والفقر والمرض، مضيفة أنها تعاني من مرض السكر ومن قلة المال وضعف الحال جعلها توفر ثمن الدواء لكي تطعم أولادها.
وأضافت: "الشقق التي تم انزالنا منها اتباعت وإحنا واقفين قدام عينينا"، مناشدة الرئيس السيسي بضروة توفير حياة آدمية لهم.
عربية الزبالة
وتقول سعاد محمد من سكان المخيمات نقلوا عفشنا في عربيات الزبالة من مساكن النهضة وتركونا في مركز الشباب نعاني الآمرين "بنخرج نشحت من الشارع علشان نأكل عيالنا".
وأوضحت انه في أيام رمضان كانوا يذهبون إلى موائد الرحمن القريبة من مركز الشباب حتى أن صاحب المائدة طردهم من كثرة عددهم.
وترى أن ما يحدث لا يرضي أحدا وان هناك أناسا كثيرين جاءوا إليهم وطالبوهم بالخروج والتظاهر في شوارع مصر وأمام مجلس الوزراء ولكنهم رفضوا خوفا على مصلحة البلد.
وتضيف حمدية رمضان من سكان الخيام قائلة: "بناتي مقعداهم عند البيوت اللي بيشتغلوا فيها خوفا عليهم من هذا المكان الخطر، مش عايزين بعد ما مشينا خطوة نحو الاستقرار نرجع تاني للمظاهرات".
خوف وضلمة
وأوضحت رضا أحمد من سكان المخيمات: "خدنا الشقق على الطوب الأحمر وقعدنا فيها وقمنا بتشطيبها علشان تصلح للحياة وبعد كده خدوها منا.. أنا مريضة بالسرطان وكمان أصبت بشلل رباعي في هذا المكان.. نروح لمين ؟.
وأكدت: "بليل بنخاف نروح إلى دورات المياه خوفا من الكلاب والثعابين والمتربصين المتواجدين بالمنطقة"، وأضافت أنهم امسكوا بأحد الشباب ينظر عليهم من الشباك أثناء الاستحمام، وتضيف انه لا مياه ولا نور هنا.
تهديد بالطرد
من جهة أخرى كشفت المفوضية المصرية للحقوق والحريات أن هذه الأسر "تعيش حياة غير آدمية"، بعد نقلها إلى هناك في 26 يونيو الماضي بواسطة قوات الأمن إلى مركز شباب الهايكستب، وإخلائهم قسرا من وحداتهم السكنية بمساكن منطقة النهضة بمدينة السلام، بدعوى أنهم "غير مستحقين لها".
أضافت: "الحكومة ألقت بتلك الأسر في حياة أشبه بحياة اللاجئين، حيث يبيت الأهالي داخل خيام مصنوعة من البطاطين والملاءات، فضلاً عن معيشتهم في وضع غير إنساني، حيث تستخدم جميع الأسر دورة مياه واحدة للرجال والنساء معًا، ما يعرض النساء لمخاطر عدة، كما لا يوجد إلا صنبور واحد فقط لمياه الشرب".
وأشارت إلى أنه بعد إجلائهم قسرا من منطقة النهضة، وعدتهم محافظة القاهرة بإيجاد حل لهم خلال 3 أيام من الإخلاء، وهو ما لم يحدث خلال شهرين كاملين، موضحة أن القوة التي عينتها الحكومة لحراستهم رحلت بعد 3 أيام من الإخلاء، كما أن مديرة مركز الشباب تهددهم بالطرد يوميًا.
وأكدت المفوضية أن تلك الأسر "وقعت ضحية التخبط الحكومي"، خاصة أن المساكن التي أجلتهم منها كان سكنهم فيها بمعرفة موظفي المحافظة في 2011 حتى يتم بحث حالاتهم، بينما ترى المحافظة أنهم غير مستحقين لوحدات سكنية، رغم وجود دعاوى قضائية مازالت منظورة أمام المحاكم ضد طردهم.
وطالبت المفوضية محافظة القاهرة بسرعة حصر الأسر الموجودة بمركز شباب الهايكستب، وتوفير مساكن بديلة ملائمة لهم أو تعويضهم، ووقف التهديد بإجلائهم قسرا من المركز لحين حل قضيتهم.
حصر.. وفحص
من جانبه أكد نائب محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية اللواء ياسين طاهر انه تم حصر أعداد الأسر بمخيمات مركز شباب الهايكستب وتبين أن عددها 196 أسرة.
وقال إنه يجرى فحص ملفات هذه الأسر لتحديد المستحقين منهم لوحدات سكنية تمهيدا لتوفير الشقق اللازمة لهم، مؤكدا أن وجودهم داخل مخيمات في مركز الشباب مؤقت لحين حل مشكلتهم، مضيفا أن نقلهم لمركز الشباب أفضل من تركهم في الشارع.
طردتهم الحكومة من مساكن النهضة وأسكنتهم خياما بمركز شباب الهايكستب ووعدت بنقلهم إلى أماكن أخرى، ولكن مرت الأيام والأسابيع والشهور وتبين أن وعود المحافظة مجرد وعود..!
تحول الأمر إلى أزمة إنسانية فهناك 196 أسرة تعيش في خيام داخل مركز شباب ينامون في العراء وسط الثعابين والكلاب الضالة، حياتهم صحراء لا يشعر بهم أحد، لا عمل ولا دخل ولا مأوى ولا تعليم للأطفال.
ضاعت أحلامهم البسيطة بين أمواج وتقلبات المعيشة الصعبة التي أظهرت بؤسهم وضعفهم علي مدار 3 أشهر، ينظرون إلى أبنائهم الذين أجبرتهم ظروفهم المضطربة على ترك مدارسهم ويجلسون يندبون حظهم الأسود الذي ربط مصائرهم بوعود حكومية، اعدادهم تقترب من 1000 فرد تركوا منازلهم الصغيرة بالنهضة عنوة بعد أن قامت محافظة القاهرة باستخدام القوه في إخراجهم منها برئاسة محافظ القاهرة د.جلال السعيد.
بدءوا فصلا أخر من مشاهد تحمل بين ثناياها كل أشكال العذاب والفقر والجوع داخل مركز شباب الهايكستب.
بوابة أخبار اليوم ترصد في هذا التحقيق المأساة التي يعيشها سكان مخيم الهايكستب وموقف محافظة القاهرة منها.
تقول ميرفت محمد من سكان مخيم مركز شباب الهايكستب إن محافظ القاهرة استعان بقوات الأمن لطرد أكثر من 250 أسرة كانوا يعيشون في مساكن بالنهضة ووعد الأهالي بأنهم سيستلمون وحدات سكنية بديلة خلال ثلاثة أيام مقابل إخلاء الشقق في هدوء، كما وعد الأهالي بالإقامة في مخيمات بمركز شباب الهايكستب لحين توفير الوحدات السكنية البديلة، لكننا حتى الآن لم نستلم شيئا، لنتأكد أنها كانت وعودا كاذبة خدعت الأهالي من أجل التهجير القسري لهم دون مقابل.
وأضافت: "إحنا مصريين ومش عارفين هم بيعاملونا كده ليه؟! رمونا في مركز الشباب من 3 شهور ومحدش سأل فينا.. بناتنا بيتعرضوا للتحرش وعرضنا أتكشف والناس بتبص علينا وإحنا بنستحمى.. كلاب السكك والثعابين بتنهش فينا ومحافظة القاهرة ضحكت علينا، وتضيف أن يومها تقضيه في حراسة بناتها الثلاث اللاتي أخرجتهن من المدارس بسبب الظروف وبعد المكان.
العودة إلى المدرسة
يستيقظ طيلة يومه ليحمي والده ووالدته من الحشرات التي أصبحت تدخل عليهم الخيام على مدار اليوم.. والده مريض بالقلب يجلس على كرسي ولا يستطيع التحرك.. أما والدته فتستيقظ منذ الساعات الأولى من الصباح تحاول إبعاد الحشرات عن الخيمة التي ينامون بها والتي أصبحت تنغص عليهم حياتهم.. هو محمود السيد الذي ينتمي لأسرة مكلومة جارت عليها محافظة القاهرة من ضمن 196 أسرة شردت بأبنائها وأطفالها بعد طردهم من شققهم التي لا تتعدى ال 67 مترا.
محمود له شقيق آخر يدعي سمير ولكنه الصغير وهو الذي يعمل "ارزوقي" وينفق عليه وعلى والديه، اما محمود فيظل على مدار اليوم بأكمله بجانب والديه.. محمود اصطحبنا إلى دورة المياه المشتركة التي لا تتعدى مترا في متر داخل مركز شباب الهايكستب الذي يقطنون به لنفاجأ بمجموعة من الأطفال يخرجون منها علي الرغم من أن مساحتها لا تستوعب هذا الكم.. أما الخيام فقد أحاطتها القمامة برائحتها الكريهة من جميع الاتجاهات والتي أصابت والده بمرض صدري إلى جانب مرض القلب والتي جعلت الحشرات تهاجمهم داخل الخيام بشكل مستمر مما عرض حياتهم للخطر.
محمود وأسرته كل ما يتمنونه أن يعودوا إلى شقتهم الصغيرة مرة أخرى بالنهضة خشية تعرض حياة والده المريض للانهيار أكثر وأكثر.. وحتى تتمكن شقيقته الصغيرة من العودة إلى المدرسة التي أجبرتها الظروف على تركها حيث أنها تقع بالنهضة وتبعد مسافة كبيرة عن المكان الذي يقطنون به حاليا.
احنا الغلابة
أما رمضان صالح الذي يبلغ من العمر 59 عاما فقد اضطرته هذه الظروف الصعبة إلى أن يترك أبناءه الأربعة في أماكن شتى بعيدا عن الغرق في تلال القمامة والجلوس بجانب الحشرات والقمامة.
يجلس وحيدا داخل خيمته التي لا تتسع سوى لنومه فقط، فمنذ 3 أشهر أي الفترة التي خرجوا فيها من شققهم وجلسوا داخل مركز شباب الهايكستب لم ير أبناءه الأربعة ولو مرة واحدة.. فهو حتى لا يملك قيمة المبلغ الضئيل الذي من خلاله يذهب حيث أودعهم ليطمئن عليهم، حتى عمله ك"أرزقي" بالموسكي وخان الخليلي لم يستطع الذهاب إليه بسبب ضيق ذات اليد الذي أجبره على عدم الخروج من مركز الشباب نهائيا.
عم رمضان يطلب من الله أن يعود سريعا إلى شقته بالنهضة حتى يستطيع أن يعيد أبناءه من جديد ليعيشوا معه خاصة أن الشتاء على الأبواب ولن يستطيعوا البقاء داخل ساحة مركز شباب الهايكستب وسط أمطار الشتاء القارس وبرودة الطقس التي تشهدها الأيام المقبلة.
وبعث عم رمضان برسالة إلي الرئيس عبدالفتاح السيسي جاء فيها "يا سيادة الرئيس إحنا الغلابة اللي انتخبوك وأحبوك خلي بالك مننا".
ذكريات
حسنين عبد الخالق 62 عاما هو عمره الذي أفناه في البحث عن الرزق لينفق على بناته اللاتي تركتهن له زوجته وهجرته بدون رجعة، مصدر رزقه انقطع بسبب انقطاعه عن الذهاب إليه لضيق ذات يده منذ أن طرد من شقته بالنهضة هو وبناته.. حياته الأليمة جعلته يجلس داخل كل خيمة بمركز الشباب ليتسول لقمة العيش.
ترك شقته ومعها ذكرياته البسيطة ومتعلقات بناته لعله يرجع إليها قريبا، اضطر أن يودع بناته الأربع في منزل أهل والدتهم التي انفصلت عنه منذ فترة ليست قصيرة، طالب حسنين رئيس الجمهورية بأن يتدخل مباشرة لحل مشكلة 196 أسرة مصيرهم ومصير أبنائهم يتعلق بكلمة منه تجعل حياتهم الجحيمة جنة داخل شقة لا تتعدى 67 مترا .
لا ننام
"ارحمونا واغيثونا حرام والله اللي بيحصل فينا ده عيالنا اتشردوا وماتوا من الجوع" بهذه الكلمات بدأت حديثها أمنية سيد من سكان المخيمات والتي تعاني من مرارة الحياة داخل المخيمات.
قائلت: "والله ما بنعرف ننام من الخوف والقلق فالحياة تحولت إلى جحيم وكل أحلامنا بيت يسترنا ويحمينا من الحر والبرد والفقر والمرض، مضيفة أنها تعاني من مرض السكر ومن قلة المال وضعف الحال جعلها توفر ثمن الدواء لكي تطعم أولادها.
وأضافت: "الشقق التي تم انزالنا منها اتباعت وإحنا واقفين قدام عينينا"، مناشدة الرئيس السيسي بضروة توفير حياة آدمية لهم.
عربية الزبالة
وتقول سعاد محمد من سكان المخيمات نقلوا عفشنا في عربيات الزبالة من مساكن النهضة وتركونا في مركز الشباب نعاني الآمرين "بنخرج نشحت من الشارع علشان نأكل عيالنا".
وأوضحت انه في أيام رمضان كانوا يذهبون إلى موائد الرحمن القريبة من مركز الشباب حتى أن صاحب المائدة طردهم من كثرة عددهم.
وترى أن ما يحدث لا يرضي أحدا وان هناك أناسا كثيرين جاءوا إليهم وطالبوهم بالخروج والتظاهر في شوارع مصر وأمام مجلس الوزراء ولكنهم رفضوا خوفا على مصلحة البلد.
وتضيف حمدية رمضان من سكان الخيام قائلة: "بناتي مقعداهم عند البيوت اللي بيشتغلوا فيها خوفا عليهم من هذا المكان الخطر، مش عايزين بعد ما مشينا خطوة نحو الاستقرار نرجع تاني للمظاهرات".
خوف وضلمة
وأوضحت رضا أحمد من سكان المخيمات: "خدنا الشقق على الطوب الأحمر وقعدنا فيها وقمنا بتشطيبها علشان تصلح للحياة وبعد كده خدوها منا.. أنا مريضة بالسرطان وكمان أصبت بشلل رباعي في هذا المكان.. نروح لمين ؟.
وأكدت: "بليل بنخاف نروح إلى دورات المياه خوفا من الكلاب والثعابين والمتربصين المتواجدين بالمنطقة"، وأضافت أنهم امسكوا بأحد الشباب ينظر عليهم من الشباك أثناء الاستحمام، وتضيف انه لا مياه ولا نور هنا.
تهديد بالطرد
من جهة أخرى كشفت المفوضية المصرية للحقوق والحريات أن هذه الأسر "تعيش حياة غير آدمية"، بعد نقلها إلى هناك في 26 يونيو الماضي بواسطة قوات الأمن إلى مركز شباب الهايكستب، وإخلائهم قسرا من وحداتهم السكنية بمساكن منطقة النهضة بمدينة السلام، بدعوى أنهم "غير مستحقين لها".
أضافت: "الحكومة ألقت بتلك الأسر في حياة أشبه بحياة اللاجئين، حيث يبيت الأهالي داخل خيام مصنوعة من البطاطين والملاءات، فضلاً عن معيشتهم في وضع غير إنساني، حيث تستخدم جميع الأسر دورة مياه واحدة للرجال والنساء معًا، ما يعرض النساء لمخاطر عدة، كما لا يوجد إلا صنبور واحد فقط لمياه الشرب".
وأشارت إلى أنه بعد إجلائهم قسرا من منطقة النهضة، وعدتهم محافظة القاهرة بإيجاد حل لهم خلال 3 أيام من الإخلاء، وهو ما لم يحدث خلال شهرين كاملين، موضحة أن القوة التي عينتها الحكومة لحراستهم رحلت بعد 3 أيام من الإخلاء، كما أن مديرة مركز الشباب تهددهم بالطرد يوميًا.
وأكدت المفوضية أن تلك الأسر "وقعت ضحية التخبط الحكومي"، خاصة أن المساكن التي أجلتهم منها كان سكنهم فيها بمعرفة موظفي المحافظة في 2011 حتى يتم بحث حالاتهم، بينما ترى المحافظة أنهم غير مستحقين لوحدات سكنية، رغم وجود دعاوى قضائية مازالت منظورة أمام المحاكم ضد طردهم.
وطالبت المفوضية محافظة القاهرة بسرعة حصر الأسر الموجودة بمركز شباب الهايكستب، وتوفير مساكن بديلة ملائمة لهم أو تعويضهم، ووقف التهديد بإجلائهم قسرا من المركز لحين حل قضيتهم.
حصر.. وفحص
من جانبه أكد نائب محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية اللواء ياسين طاهر انه تم حصر أعداد الأسر بمخيمات مركز شباب الهايكستب وتبين أن عددها 196 أسرة.
وقال إنه يجرى فحص ملفات هذه الأسر لتحديد المستحقين منهم لوحدات سكنية تمهيدا لتوفير الشقق اللازمة لهم، مؤكدا أن وجودهم داخل مخيمات في مركز الشباب مؤقت لحين حل مشكلتهم، مضيفا أن نقلهم لمركز الشباب أفضل من تركهم في الشارع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.