لا يوجد دين مرزوء مثل الدين الإسلامي، الذي أصبحت أسسه وأركانه مُضغة تلوكها ألسن أنصاف المتعلمين وأشباه المشايخ وراغبي الظهور الإعلامي. ولا يكاد يمر يوم دون تجرؤ من هذه "العمة" الآسنة، أو ذلك القلب الأجوف على ديننا الخاتم بالفتاوى الشاذة التي تتعارض مع الفطرة الإنسانية السليمة وليس فقط مع أبجديات الإسلام، فتحدث بلبلة في الشارع وتثير الجدل بين الناس. هذا ما أحدثته فتوى إباحة رؤية الخاطب لمخطوبته وهي تستحم عارية أو شبه عارية، والتي صدرت عن أسامة القوصي أحد مشايخ الفضائيات، الذي تراجع عن فتواه واعترف أنها تتعارض مع صحيح الدين، ولكن نقمة الناس عليه وعلى فتواه لم تهدأ بعد، خاصة أن شذاذ الآفاق يستغلون أمثال هذه التوافه للطعن على خير دين أُخرج للناس..فكان هذا التحقيق: في البداية أوضح أستاذ الثقافة الإسلامية ووكيل وزارة الأوقاف الأسبق د.سالم عبد الجليل أنه لا يجوز للخاطب أن يرى من مخطوبته إلا الوجه والكفين، وهذا قول جمهور الفقهاء، وإذا أراد الخاطب معرفة شيء زائد فليبعث بأمه أو أخته لترى من خطيبته ما يزيد اطمئنانه، لأن المخطوبة أجنبية عن الخاطب، فالنبي "صلى الله عليه وآله وسلم" أمر أن ينظر الخاطب إلى ما هو ظاهر من المخطوبة، وليس ما هو مغطى تحت ثيابها، لأن ذلك يكون أدعى لقبولها أو رفضها، فلما جاءه أحد الصحابة وقال له: "إني خطبت سأله: هل نظرت إليها، فلما أجابه بالنفي، أمره أن يذهب لينظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما". وقال د.عبد الجليل إن بعض المجتمعات تأبى على الرجل أن يرى من مخطوبته ولو حتى الوجه والكفين، مشددا على أنه خلل عظيم، وكذلك المبالغة من بعض مدعى العلم في مسألة التلصص لرؤية ما يحلو للرجل من مخطوبته وإن كانت العورة المغلظة فهو أمر غير مقبول. وأشار إلى أن من الأخطاء الشائعة والأمور المفجعة أن تسمح أسرة الفتاة للخاطب بأن يصطحبها حيث شاء دون محرم ويحدث مع ذلك خلل عظيم، فربما يقعان في الفاحشة، مشددا على أنه لا يجوز للخاطب أن يختلي بمخطوبته أو يسافر بها إلا في وجود محرم من محارمها، وإنما شُرعت الخطوبة في الإسلام ليتعرف الطرفان على بعضهما ويختبرا الأمور المشتركة كالثقافة والأخلاق، فإذا اطمأنا إلى بعضهما تكون المرحلة التالية وهي العقد الذي يجب أن تكون عن اقتناع بين الجانبين. في السياق ذاته أكد الأستاذ بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر د.عبدالحكم سلامة على أن الإسلام الحنيف دين الفطرة ويتواكب معها ولا يصطدم بها، مشيرا إلى أن من الفطرة الميول العاطفية المتبادلة بين الرجل والمرأة وتلبية لهذه الميول وقطعًا لطريق الغواية أمام الشيطان وتحقيقًا لاستمرار الحياة الدنيا إلى أجلها الذي قدّره الله أزلاً، ومراعاة لطهارة الأعراض وتحرير الأنساب لكل ذلك شرع الله الزواج منذ آدم وحواء وإلى يوم القيامة. فالدين الواحد المنزّل من عند الله للبشرية على امتداد تاريخها عبر كل الرسالات يدعو دعوة صريحة ومباشرة إلى ارتباط الرجل بالمرأة في إطار شرعي قوامه الشرف والعزة والكرامة وروحه النظافة والطهر والعفاف. وشدد سلامة على أن النجاح في أي أمر يتطلب أن يولد الأمر ولادة طبيعية وأن ينمو نموًا تدريجيا حتى يصل إلى أرقى مستوياته، تأسيسًا على ذلك يتوجب أن يتحقق للزواج مقدماته التي تتنامى شيئا فشيئا، موضحا أن أولى مقدمات الزواج أن تتحقق القناعات العقلية والعاطفية لدى الفتى والفتاة وأن يتجسد هذا التجاوب بينهما فيما يُسمى الخطبة. وأوضح أن الحكمة تهيب بالفتى والفتاة أن يكون كل منهما صريحا وصادقًا وأمينًا في إطلاع الآخر على الخطوط التي ترسم شخصيته من مبادئ وقناعات وقيم وميول وطموحات، كما يجب أن يُطلع كل منهما الآخر على دوائره الاجتماعية على مستوى الأسرة والعائلة والحي والشارع والجيران والعمل والمصاهرات حتى يستطيع كل طرف أن يجعل من نفسه خلية اجتماعية تتفاعل مع حياة رفيقه تفاعلا رشيدًا وصحيًّا. وتابع الأستاذ بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر قائلا: "للخطيبة في فترة الخطوبة أن تحاول الإبحار في أعماق خطيبها فكرًا ووجدانًا وميولا ومزاجًا، وللفتى مثل ذلك، وللخطيبين لابد أن تتاح لهما فرص التلاقي في إطار الشرع، بحيث يُريان أو يُسمعان ولو من خارج الحجرة، ولهما أن يلتقيا في مكان عام مادامت الخطوبة قد تحققت على مرأى ومسمع من الآهلين. على جانب آخر أشار أستاذ الطب النفسي د.يسري عبد المحسن إلى أن ما صدر عن هذا "القوصي" يُخالف صحيح الدين الإسلامي الذي أمرنا بعدم التجسس، فقال فى الآية الكريمة: "ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا"، مستنكرا هذه الدعوة. وأضاف: "كيف يرى الرجل خطيبته في هذه الهيئة دون تلصص وتجسس، وأي عقل يحسب هذه الحسابات ويقرر إباحة هذه الأمور المرفوضة، اللهم إن كان هذا الشيخ وأشباهه في غيبة تامة من العقل ويعانون من الخلل العقلي، الأمر الذي يدفعهم إلى الهذيان وفقد الصواب وعدم القدرة على التفريق بين العقلانية واللاعقلانية". ويواصل د. عبد المحسن بأن الطب النفسي يفضل جلوس المخطوبين مع بعضهما لأكثر من مرة للحديث وتبادل الأفكار وإحداث نوع من القبول بين الطرفين، ولكن ذلك لا يتم إلا تحت إشراف أهل المخطوبة، ففي اللقاء بين الشاب والفتاة فرصة لحدوث امتزاج فكري بينهما وتوافق في المشاعر والأحاسيس لتقوم الحياة الزوجية على أسس سليمة دون تعقيدات تفضي إلى الطلاق. لا يوجد دين مرزوء مثل الدين الإسلامي، الذي أصبحت أسسه وأركانه مُضغة تلوكها ألسن أنصاف المتعلمين وأشباه المشايخ وراغبي الظهور الإعلامي. ولا يكاد يمر يوم دون تجرؤ من هذه "العمة" الآسنة، أو ذلك القلب الأجوف على ديننا الخاتم بالفتاوى الشاذة التي تتعارض مع الفطرة الإنسانية السليمة وليس فقط مع أبجديات الإسلام، فتحدث بلبلة في الشارع وتثير الجدل بين الناس. هذا ما أحدثته فتوى إباحة رؤية الخاطب لمخطوبته وهي تستحم عارية أو شبه عارية، والتي صدرت عن أسامة القوصي أحد مشايخ الفضائيات، الذي تراجع عن فتواه واعترف أنها تتعارض مع صحيح الدين، ولكن نقمة الناس عليه وعلى فتواه لم تهدأ بعد، خاصة أن شذاذ الآفاق يستغلون أمثال هذه التوافه للطعن على خير دين أُخرج للناس..فكان هذا التحقيق: في البداية أوضح أستاذ الثقافة الإسلامية ووكيل وزارة الأوقاف الأسبق د.سالم عبد الجليل أنه لا يجوز للخاطب أن يرى من مخطوبته إلا الوجه والكفين، وهذا قول جمهور الفقهاء، وإذا أراد الخاطب معرفة شيء زائد فليبعث بأمه أو أخته لترى من خطيبته ما يزيد اطمئنانه، لأن المخطوبة أجنبية عن الخاطب، فالنبي "صلى الله عليه وآله وسلم" أمر أن ينظر الخاطب إلى ما هو ظاهر من المخطوبة، وليس ما هو مغطى تحت ثيابها، لأن ذلك يكون أدعى لقبولها أو رفضها، فلما جاءه أحد الصحابة وقال له: "إني خطبت سأله: هل نظرت إليها، فلما أجابه بالنفي، أمره أن يذهب لينظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما". وقال د.عبد الجليل إن بعض المجتمعات تأبى على الرجل أن يرى من مخطوبته ولو حتى الوجه والكفين، مشددا على أنه خلل عظيم، وكذلك المبالغة من بعض مدعى العلم في مسألة التلصص لرؤية ما يحلو للرجل من مخطوبته وإن كانت العورة المغلظة فهو أمر غير مقبول. وأشار إلى أن من الأخطاء الشائعة والأمور المفجعة أن تسمح أسرة الفتاة للخاطب بأن يصطحبها حيث شاء دون محرم ويحدث مع ذلك خلل عظيم، فربما يقعان في الفاحشة، مشددا على أنه لا يجوز للخاطب أن يختلي بمخطوبته أو يسافر بها إلا في وجود محرم من محارمها، وإنما شُرعت الخطوبة في الإسلام ليتعرف الطرفان على بعضهما ويختبرا الأمور المشتركة كالثقافة والأخلاق، فإذا اطمأنا إلى بعضهما تكون المرحلة التالية وهي العقد الذي يجب أن تكون عن اقتناع بين الجانبين. في السياق ذاته أكد الأستاذ بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر د.عبدالحكم سلامة على أن الإسلام الحنيف دين الفطرة ويتواكب معها ولا يصطدم بها، مشيرا إلى أن من الفطرة الميول العاطفية المتبادلة بين الرجل والمرأة وتلبية لهذه الميول وقطعًا لطريق الغواية أمام الشيطان وتحقيقًا لاستمرار الحياة الدنيا إلى أجلها الذي قدّره الله أزلاً، ومراعاة لطهارة الأعراض وتحرير الأنساب لكل ذلك شرع الله الزواج منذ آدم وحواء وإلى يوم القيامة. فالدين الواحد المنزّل من عند الله للبشرية على امتداد تاريخها عبر كل الرسالات يدعو دعوة صريحة ومباشرة إلى ارتباط الرجل بالمرأة في إطار شرعي قوامه الشرف والعزة والكرامة وروحه النظافة والطهر والعفاف. وشدد سلامة على أن النجاح في أي أمر يتطلب أن يولد الأمر ولادة طبيعية وأن ينمو نموًا تدريجيا حتى يصل إلى أرقى مستوياته، تأسيسًا على ذلك يتوجب أن يتحقق للزواج مقدماته التي تتنامى شيئا فشيئا، موضحا أن أولى مقدمات الزواج أن تتحقق القناعات العقلية والعاطفية لدى الفتى والفتاة وأن يتجسد هذا التجاوب بينهما فيما يُسمى الخطبة. وأوضح أن الحكمة تهيب بالفتى والفتاة أن يكون كل منهما صريحا وصادقًا وأمينًا في إطلاع الآخر على الخطوط التي ترسم شخصيته من مبادئ وقناعات وقيم وميول وطموحات، كما يجب أن يُطلع كل منهما الآخر على دوائره الاجتماعية على مستوى الأسرة والعائلة والحي والشارع والجيران والعمل والمصاهرات حتى يستطيع كل طرف أن يجعل من نفسه خلية اجتماعية تتفاعل مع حياة رفيقه تفاعلا رشيدًا وصحيًّا. وتابع الأستاذ بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر قائلا: "للخطيبة في فترة الخطوبة أن تحاول الإبحار في أعماق خطيبها فكرًا ووجدانًا وميولا ومزاجًا، وللفتى مثل ذلك، وللخطيبين لابد أن تتاح لهما فرص التلاقي في إطار الشرع، بحيث يُريان أو يُسمعان ولو من خارج الحجرة، ولهما أن يلتقيا في مكان عام مادامت الخطوبة قد تحققت على مرأى ومسمع من الآهلين. على جانب آخر أشار أستاذ الطب النفسي د.يسري عبد المحسن إلى أن ما صدر عن هذا "القوصي" يُخالف صحيح الدين الإسلامي الذي أمرنا بعدم التجسس، فقال فى الآية الكريمة: "ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا"، مستنكرا هذه الدعوة. وأضاف: "كيف يرى الرجل خطيبته في هذه الهيئة دون تلصص وتجسس، وأي عقل يحسب هذه الحسابات ويقرر إباحة هذه الأمور المرفوضة، اللهم إن كان هذا الشيخ وأشباهه في غيبة تامة من العقل ويعانون من الخلل العقلي، الأمر الذي يدفعهم إلى الهذيان وفقد الصواب وعدم القدرة على التفريق بين العقلانية واللاعقلانية". ويواصل د. عبد المحسن بأن الطب النفسي يفضل جلوس المخطوبين مع بعضهما لأكثر من مرة للحديث وتبادل الأفكار وإحداث نوع من القبول بين الطرفين، ولكن ذلك لا يتم إلا تحت إشراف أهل المخطوبة، ففي اللقاء بين الشاب والفتاة فرصة لحدوث امتزاج فكري بينهما وتوافق في المشاعر والأحاسيس لتقوم الحياة الزوجية على أسس سليمة دون تعقيدات تفضي إلى الطلاق.