سلطت صحيفة ديلي تلجراف البريطانية الضوء على الدعوات في الأراضي الفلسطينية من أجل انتفاضة ثالثة واحتمالات تأثيرها على مجرى النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وأوضحت الصحيفة - في سياق مقال تحليلي نشرته على موقعها الإلكتروني- أن ظهور مخاوف من حدوث انتفاضة فلسطينية ثالثة له مؤشرات كمحاولة تنظيم مسيرة أثناء الليل باتجاه القدس من قلب الضفة الغربية ضد تدابير الأمن الإسرائيلية. وأشارت الصحيفة إلى وجود عددا متزايدا من الدعوات من أجل التحرك في الأراضي الفلسطينية خارج غزة وكذلك في القدس، مثل دعوة حسام بدران، المتحدث باسم حماس في غزة، وخالد البطش الجهادي الإسلامي حيث صرح بدران بأن الصراع الحالي والجمود السياسي يعنى أن الظروف مواتية لثورة شعبية واسعة النطاق ضد إسرائيل. وأضافت الصحيفة أن غزة كانت محور الحملات العسكرية الإسرائيلية المتعاقبة التي تستهدف البنية التحتية لحماس، وواصلت قوات الأمن الإسرائيلية وظلت الشرطة الفلسطينية تحكم سيطرتها على الضفة الغربية. وتساءلت الصحيفة بشأن ما إذا كانت الانتفاضة الثالثة ستختلف عن سابقتيها أم لا، مشيرة إلى أن كلمة انتفاضة تعني في اللغة قلب الأوضاع، وهو ما يعني فشل أول انتفاضتين 1987-1993 و2000-2003 في تحقيق الهدف من ورائهما ألا وهو الحصول على الحكم الذاتي أو الاستقلال الفلسطيني في نهاية المطاف. وعرف أول ظهور للانتفاضة بحرب الحجارة بسبب المشاهد المستمرة للفلسطينيين وهم يرشقون جنود الجيش والشرطة الإسرائيلية بالحجارة في اشتباكات يومية، وفي الوقت التي هددت فيه المواجهة بأن تطغى على رد الفعل الإسرائيلي رأى كبار القادة الإسرائيليين أن الاحتلال سيكون عبء عليهم وسيضر بمصالحهم الإستراتيجية وسعوا إلى تسوية عن طريق التفاوض مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية. واشتعلت الانتفاضة الثانية بعد زيارة آرييل شارون إلى المسجد الأقصى في القدس في عام 2000، فقد كانت تلك الانتفاضة مختلفة في طبيعتها حيث انطوت على العديد من المواجهات بالبنادق والتفجيرات الانتحارية والأنشطة الإرهابية، وأدى ذلك إلى إنشاء حواجز أمنية مكثفة لعزل السكان الإسرائيليين من تسلل وهجوم الفلسطينيون. ولفتت الصحيفة إلى أن ما يجعل الانتفاضة تختلف عن دائرة العنف اليومية وموجات المظاهرات هو الحصول على الدعم الشامل من الفلسطينيين من كل أرجاء المدن والقرى وكذلك عبر التقسيمات الاجتماعية وهو السمة المميزة للانتفاضة، ففي فترات الهدوء هناك العديد من المحاولات الفاشلة للدعوة إلى الانتفاضة في خضم اندلاع المظاهرات الكبيرة ولكنها تتلاشى مع مرور الوقت في مواجهة رد قوات الأمن. ورأت الصحيفة أن الانتفاضة بشكل عام ليست التزاما دينيا ولكنها تنبع من داخل الفلسطينيين أنفسهم بتشجيع وتنظيم من جانب قيادة المنظمات المختلفة، منوهة إلى أن وكانت حركة فتح هي القوة الدافعة للانتفاضة الأولى، في حين اتخذت منظمات أكثر تشددا على عاتقها قيادة الانتفاضة الثانية. وخلصت الصحيفة إلى أن انتفاضة ثالثة من شأنها تغيير الموقف في الأراضي المقدسة والدخول به في مرحلة جديدة من صراع يقوم على الاستنزاف بين إسرائيل والفلسطينيين سواء في غزة أو الضفة الغربية، الأمر الذي ستكون له انعكاسات بعيدة المدى لكن غير منظورة.