مؤتمر اقتصادي وآخر ثقافي للاتفاق علي السياسات والأفكار أنوي تعيين مستشارين في مختلف المجالات وإعادة تنظيم مؤسسة الرئاسة لا أخجل من أن تدمع عيناي فلست أعز من الرسول صلي الله عليه وسلم سألناه : هل ستفرج عن الشباب المسجون؟.. أجاب : لكل حادث حديث أغضب .. عندما يتحدث الكذب أفرح .. لإسعاد أي موجوع لا أسامح في الخيانة .. وأتألم للنفاق عندما مات عبد الناصر بكيت وشعرت أن الدنيا راحت أستمع لأم كلثوم وعبد الحليم وأستمتع بفيلم رد قلبي هذا هو سر الخاتم ذي الفص الأسود "حذار من الكذب".. لعلها النصيحة الأولي التي ينبغي إسداؤها لكل من يقترب من عبد الفتاح السيسي، الرجل، والقائد، والرئيس المحتمل. النصيحة الثانية: «إياك والنفاق»، فالرجل يشتم رائحته وينفر منها، ويرثي لحال المنافقين، يراهم أناسا ضعافا، لا يدركون أن أحدا منهم لن يأخذ أكثر من نصيبه المقسوم. لا يري السيسي نفسه متميزا عن غيره، ففي رحاب جامعي الحسين والأزهر، تربي علي الشعور بأنه لا يوجد أحد أفضل من أحد. مفعم هو بوطنية جارفة، يعبر عنها لسانه وهو ينطق بكلمة «بلدي» اذكر أثناء احتفال القوات المسلحة بالذكري الثالثة لثورة 25 يناير، انني رنوت مصادفة نحوه، بينما يتابع فريق المطربين ينشد أغنية «عاش الجيل الصاعد» ولاحظت عينيه تلمعان عندما جاء مقطع «حرمونا سنين وسنين، وافتكروا الناس نايمين، وطلعنا عليهم يوم، خلصنا حقوق ملايين»، وكأنما كان الشاعر الراحل حسين السيد يكتب واصفا ثورة 25 يناير قبلها بنحو 50 عاما. واثناء هذا الحوار.. لمعت عينا السيسي وهو يتحدث عن أغنية عبد الحليم مطربه المفضل «بالأحضان»، لاسيما مقطع: «يجعل يومنا الواحد بكفاح أجيال»، وقال هذا المقطع هو ما يحتاجه واقعنا، وما يستدعيه فينا الوطن. «الوطنية المصرية» هي مذهب عبد الفتاح السيسي وانتماؤه الفكري والسياسي وهي نفسها التي تفرض عليه ألا يغامر أو يراهن إزاء المصلحة الوطنية، وهي أيضا التي تجعل منه نصيرا للفقراء والمحرومين، وناصرا للامة العربية. احترام شديد يكنه عبد الفتاح السيسي لزعامة جمال عبد الناصر الذي يراه باني الدولة المصرية الحديثة الثانية، لكنه لا يغفل ان عام 1967 «دون أن يذكر كلمة هزيمة» كان هو عام سقوط هذا المشروع، برنامج السيسي هو احياء المشروع الوطني المصري وبناء الدولة المصرية الحديثة الثالثة. علي ذكر عبد الناصر التحق السيسي بالثانوية الجوية في عام رحيله.. وحينما سألته: «هل بكيت يوم وفاة عبد الناصر.. تنهد قائلا: ياااه.. بكيت؟!.. مصر كلها بكت ومعها الضمير الإنساني، وشعرت ان الدنيا كلها راحت اكثر ما هي رايحة»! تدين السيسي غير المتكلف، يبدو علي سيماه، وفي حديثه وعباراته، وصفائه النفسي الذي لا يخفي علي من يجالسه، وحين سألته عن دعائه المختار عند السجود.. قال: «اللهم اجعلني من اهل الله». 4 ساعات وعشر دقائق، استغرقها حوارنا مع المشير عبدالفتاح السيسي لم ينقطع الحوار إلا عشر دقائق، بطلب من المشير ولطف منه، هو يعرف انني من المدخنين، وانا اعرف انه لا يطيق الدخان، لاحظ انني اتصبب عرقا، رغم رطوبة التكييف، فبادر كرما منه، بأن طلب ان نأخذ استراحة بعض الوقت، انتهزتها انا وزميلي محمد عبدالهادي علام رئيس تحرير الأهرام في اشعال السجائر، وعدنا إلي الحوار، ندعو ان يخلصنا الله من هذه العادة الضارة، اللهم آمين.. والي الجزء الثاني من الحوار. المشير عبدالفتاح السيسي مع ياسر رزق استدعاكم الشعب للترشح، ففي حال انتخابكم هل تعتبرون هذا الانتخاب تفويضا مكملا لتفويض 26 يوليو الماضي؟ - تفويض 26 يوليو كان استدعاء للضمير الوطني للاصطفاف في مواجهة تحديات المستقبل كلها داخليا وخارجيا وكان رسالة للداخل وللخارج لأنه بعد ما حدث في الثالث من يوليو.. نسي الناس ما فعلوه، وأدت ممارسات هذه الجماعة وكثافة الآلة الإعلامية في اعتصامي رابعة والنهضة إلي ارتباك الناس واهتز اصطفافها، فكان لابد من إجراء آخر كهجوم مضاد، كرسالة للخارج بالأساس وهذا ما أرجو أن تنتبهوا إليه، فقد كان الخروج في 26 يوليو تأكيداً من الجماهير علي أن ما جري يوم 30 يونيو هو إرادة شعب رفض تغيير هويته ولم يقبل بمثل ذلك الأداء الهزيل في إدارة الدولة. التفويض القادم إذا شاء الله سيكون تفويضاً من الشعب بإدارة مستقبل وطن يقول فيه الشعب: أرنا ماذا ستفعل.. ونحن معك. ما هي أول قراراتك كرئيس للجمهورية حال انتخابك؟ - ستكون هناك عدة قرارات أهمها تهيئة المناخ للعمل من أجل التغلب علي المشكلات وبما يساهم في تحريك مناخ الاستثمار في البلد بشكل جيد، ومصارحة الناس بالحقائق، وهنا لابد للضمير الوطني أن يكون جاهزا للتعامل مع التحديات حتي لا نعرقل بعضنا البعض، وهذا يحتاج أيضا إلي خطاب إعلامي متوازن. والقرارات جميعها سأعمل فيها كل ما فيه تحقيق المصلحة الوطنية، وكل قرار سنتعامل فيه مع المواقف في اطار عناصر واعتبارات كثيرة.. فقد يكون القرار صحيحاً لكن وقته أو ظروفه غير مناسبة، فمقومات القرار ليست كونه قراراً مناسباً، وإنما الذي تتوافر له عناصر نجاحه لتحقيق المصلحة الوطنية، وليس مطلوبا في المصلحة الوطنية أن تراهن أو تغامر. هل تفكر في عقد مؤتمر اقتصادي مثلاً وآخر للمثقفين والمفكرين بعد انتخابك لإيجاد توافق حول السياسات والقضايا الوطنية؟ - نحن في حاجة إلي مؤتمر اقتصادي وآخر ثقافي.. يأتي الخبراء ونستمع إليهم، ونخرج كتلة واحدة متفقة علي أفكار، فلابد أن نتواصل بشكل مستمر ونعقد مؤتمرات دورية.. نحن نريد أن ننجح وأن نستكمل نجاحنا. ماذا عن التعامل مع إرهاب جماعة الإخوان؟ - التعامل سيكون في إطار الصراع القائم، ولن يكون مقبولاً ما يفعلونه. لكن ما يتم الآن، أقل مما كان منذ 4 أشهر، ولابد أن يقل. الأوضاع الأمنية تتحسن، ولابد من تفعيل القانون مهما كان حجم المتجاوزين. وماذا عن قانون التظاهر؟ - القانون يتعلق بتنظيم الحق في التظاهر، هو لا يمنع التظاهر وإنما يتضمن آلية يجب احترامها. فمن يرد تنظيم مظاهرة عليه أن يحدد المكان والموعد ولن يرفض أحد طلبه. هل لو توليت منصب الرئيس، ستعفو عن الشباب الذين سجنوا لمخالفة قانون التظاهر؟. - ينظر المشير السيسي نظرة ذات مغزي ويقول: لكل حادث حديث. ماذا تعني كلمة «سياسة» عندك؟ - ممارسة السياسة، كلمة جيدة، لو وظفت لصالح الوطن وكل ما تعنيه المصلحة الوطنية من دلالة. لابد أنك تعكف علي اختيار فريقك الرئاسي المعاون.. ما هي معاييرك في الاختيار، وهل انتهيت من تشكيله؟ - مازلت في مرحلة الاختيار، ولم أنته منها بل أعاني من الاختيار، وأدعو الله أن يوفقني.. والمحددات الرئيسية للاختيار هي التحلي بالقيم الأخلاقية والإنسانية، وإلا فلن نتعاون مع بعضنا البعض، وكذلك امتلاك القدرة علي الإبداع، بجانب الإخلاص والأمانة والنزاهة والشرف وطاقة العمل العاملة. وسوف أعين مجموعة من المستشارين في مختلف المجالات، وكلما كانت كفاءتهم العلمية والمهنية وطاقة إبداعهم عالية، فإن ذلك سينعكس علي الأداء. والكتلة القائدة في مؤسسة الرئاسة لابد أن تساهم في إدارة العجلة ولا تعرقل العمل. وكما نعلم فإن مؤسسة الرئاسة سقطت يوم 25 يناير، والمسألة لم تأخذ وقتاً لتشكيل مؤسسة رئاسة بشكل جديد، بمعني أننا سنفكر في تنظيم آخر يتناسب مع الدستور الجديد ومهام الرئاسة والحكومة في ضوء ما ينص عليه الدستور، ولابد من وجود بنية قانونية كبيرة في مؤسسة الرئاسة لأننا مقبلون علي تحديات كبيرة وتشريعات كثيرة. البرلمان الجديد قد يأتي بكتل نيابية لا تشاركك نفس التصور بالنسبة لبرنامجك، كيف ستتعامل مع هذا، وهل قد يدفعك ذلك إلي البحث عن ظهير سياسي رغم أنك عبرت عن رفضك تأسيس حزب؟ - أولاً.. إذا كانت هناك قيادة فكرية، وتواصل بين الرئاسة والحكومة والبرلمان والإعلام، فلن تكون هناك مشاكل، فضلاً عن أن البرلمان يعبر عن ضمير الوطنية المصرية، ومن ثم لا أظن أننا سنعرقل بعضنا البعض. وهناك دور مهم للبرلمان في البناء التشريعي، لذا لابد من أن تكون لديه بنية قانونية قادرة علي التصور، خاصة أننا مقبلون علي إصدار القوانين المكملة للدستور التي ستحدد شكل الدولة ومستقبلها. أما عن مسألة الظهير، فإنني أريد ظهيراً فكرياً وطنياً يستدعي عمله وأداءه الوطن، لا ظهيراً سياسياً، فأدبيات السياسة قد تتسبب في عرقلة دون قصد. وأري أن اندماج الأحزاب السياسية في كتل أمر مهم، وسأدعم في هذا الاتجاه، لتكون الأحزاب أكثر تأثيراً في الحياة السياسية، لأنه كلما ازدهرت، ازدهر معها النظام السياسي. إذا انتخبت.. هل ستستمر معك الحكومة الحالية أم ستقوم بتغييرها؟ - ليس من مصلحة البلد ولا استقراره تغيير الحكومة كل عدة أشهر، علينا أن نعدل أداء الحكومة وهو يزيد يوماً بعد يوم بالحوار والتواصل.. ومن الخطأ الإسراف في التغيير، فإلي متي ستحتمل البلد إجراء تغيير كل فترة. وإذا تطلبت مصلحة البلد في أي وقت إجراء تغيير، نقوم بذلك، والمهم الآن هو مصلحة البلد. ما أهم ركائز السياسة الخارجية لمصر في حال توليك الرئاسة؟ - رؤيتي للسياسة الخارجية لمصر أنها ستكون سياسة تصالحية لا تتصادم مع أحد ولا تتدخل في شئون الآخرين ولا تقبل من الآخرين بأقل من ذلك. ورؤيتك بالنسبة للوضع في سوريا الذي بات يهدد الأمن القومي العربي ؟.. وكيف تري دور مصر فيه؟ - من المهم جداً التوصل إلي حل سلمي في سوريا حتي لا تؤدي نتائج ما يحدث إلي تقسيمها وحتي لا تستمر معاناة الشعب السوري أكثر من ذلك، مع التركيز علي تصفية موقف المتطرفين والتكفيريين، فهذا عامل حاسم لابد أن نضعه في الاعتبار حتي نتجنب «أفغنة سوريا» ونخلق أفغانستان جديدة في المنطقة. ودور مصر في هذا الصدد أن تسعي إلي التنسيق والتفاهم مع الأشقاء من أجل ترميم الحالة العربية بكل ما تعنيه الكلمة من معني، فلابد أن نعود كعرب أقوي مما كنا وهذا ليس ضد أحد. وبالنسبة للقضية الفلسطينية؟ - بطبيعة الحال دور مصر في القضية الفلسطينية محوري مع استدعاء أي دور لأشقائنا العرب يحقق حلاً مناسباً لها، وأنا هنا أشدد علي كلمات الاتفاق والتعاون وليس الانفراد والريادة، حيث سيكون هناك شكل جديد للممارسة السياسية لدور مصر.. فأنا شخصيا لا أميل إلي استخدام مثل هذه الكلمات... الريادة والزعامة فأدوارنا كأشقاء عرب أراها أدواراً تكاملية وليست تنافسية أو تصادمية. وكيف سيكون شكل العلاقة مع الولاياتالمتحدة؟ - الحقيقة كل يوم يمر يزداد تفهم الولاياتالمتحدة للواقع المصري والتطورات الحاصلة ويتأكد لهم أن ما حدث هو إرادة شعب وليس شيئاً آخر، فقد بدأ الأمريكان يشعرون بقلق من مخاطر تطور خريطة العنف والإرهاب ليس في المنطقة فقط بل في العالم. وهل العلاقات مع روسيا ستشهد المزيد من التطور تأسيساً علي زيارتكم كوزير للدفاع لموسكو في فبراير الماضي؟ - ليس من الصواب ربط العلاقات بين مصر وأمريكا بالعلاقات بين مصر وروسيا، فنحن نستطيع أن ندير علاقاتنا مع جميع دول العالم بشكل متوازن كما يجب ألا يكون هناك مجال للانتهازية، فالعلاقات مع دولة ليست بالتأكيد علي حساب العلاقات مع دولة أخري، وأري أن علاقاتنا مع دول العالم يجب أن تُدار بهذا الشكل. وما رؤيتك للإدارة السليمة للأزمة مع أثيوبيا حول سد النهضة؟ - رؤيتي كمواطن أن الحوار والتفاهم حول المصالح المشتركة هو السبيل المهم كمخرج من الأزمة وهذا أفضل من الدخول في خصومة أو عداء مع أحد، ومن ثم يجب إيجاد وسيلة تحقق المصالح المصرية الأثيوبية المشتركة، وشخصياً أنا مستعد لأن أقوم بأي عمل من أجل مصلحة مصر، وأي تحرك أراه في مصلحة مصر سأفعله ولو وجدت أن في مصلحة مصر أن أذهب لزيارة إثيوبيا سأفعل ولن أتردد في القيام بأي تحرك من أجل بلدي وحقوقه المائية فهذه مسألة حياة أو موت. ما أنجزته في القوات المسلحة خلال 19 شهرا وقت توليك وزارة الدفاع يشيع التفاؤل حول ما يمكن أن تحققه في حال توليك الرئاسة؟ - يوجد داخل القوات المسلحة عوامل نجاح تمكنها من تحقيق معدلات التنفيذ والنجاح التي نحلم بها، فالقوات المسلحة مؤسسة شديدة الانضباط والوطنية والإخلاص لبلدها، والسلم القيادي فيها لا يتيح التقدم إلا للأكفاء. خلال عملي لم أكن أفتش وراء أحد يعمل.. فالقيادات تجتمع وتضع التقديرات ويبدأ التنفيذ والكل يشتغل.. ولو أن هذا موجود في القطاع المدني سنستطيع أن نعمل هذه القفزة. ما طرحته حول «القيادة الدينية» أثار تساؤلات؟ - أحد الإشكاليات التي نواجهها في العالم الإسلامي هي انحطاط الخطاب الديني ودليل ذلك هو صورة الإسلام في دول العالم.. فهل من الدين العمل علي إسقاط هذا أو ذاك لكي تنجح أنت وتدفع بأنصارك علي حساب أصحاب الكفاءات في البلد؟. عندما تشعر بعدم القدرة علي التعامل مع مدعي التدين فالمشكلة إذن معه وليست مع الدين. نود أن نتجه بالحوار إلي أسئلة ذات بعد شخصي.. لمن تقرأ من الكتاب؟ - كنت أقرأ بنهم كبير جدا في السياسة والفكر والثقافة حتي توليت منصب وزير الدفاع حيث قل الوقت المتاح لي للقراءة . هل هناك كتاب معين تأثرت به؟ - كتاب «رجال حول الرسول». لمن تستمع من المطربين الكبار؟ - أم كلثوم وعبدالحليم حافظ. هل تفضل أغاني معينة؟ - الحقيقة الوطن الآن يستدعي أكثر من أي وقت آخر أغنية «مصر تتحدث عن نفسها» لأم كلثوم خصوصاً جملة «وقف الخلق ينظرون جميعاً كيف أبني قواعد المجد وحدي»، وأغنية «بالأحضان» لحليم خصوصاً جملة «يجعل يومنا الواحد بكفاح أجيال».. الواقع الآن في البلد يحتاج هذه الكلمات. هل تشاهد أفلاما سينمائية، وما هو الفيلم الذي أثار إعجابك عندما شاهدته؟ - الحقيقة هذه الأيام لا أشاهد أفلاماً، فالظروف لا تسمح بارتياد السينما، لكن هناك التليفزيون. من الأفلام القديمة.. ما الفيلم الذي لا تمل من مشاهدته؟ - فيلم «رد قلبي». ومن قارئ القرآن الكريم الذي تحب الاستماع إلي التلاوة بصوته؟ - كلهم الحقيقة.. الشيخ محمد رفعت والشيخ عبدالباسط عبدالصمد والشيخ الطبلاوي و... ومن المنشدين الشيخ سيد النقشبندي والشيخ نصر الدين طوبار.. كلهم.. وأخشي أن أنسي أحداً منهم... ولا تنسوا أنني نشأت في حي سيدنا الحسين والوقت ده كان كل شيء في مصر جميل.. وفي رحاب الحسين والأزهر كنت أصلي، وكنت أجد الدنيا منورة، وأجمل ما في هذا المكان أنه «لم يكن هناك أحد يشعرك أنه أحسن منك ولا أنت تشعر أنك أحسن من أحد». من الملاحظ أنك لا ترتدي دبلة زواج بل خاتما فضيا بفص أسود.. ما حكاية هذا الخاتم؟ - هذا الخاتم عزيز عليّ فهو إهداء من والدي يرحمه الله الذي كان رجلاً جادا جداً وعبقريا بالفطرة، وقد أهداني هذا الخاتم قبل وفاته (عام 2002) بنحو 15 يوماً وقال لي: «أنا خبيتك من الناس». ماذا عن أولادك؟ - لديّ أربعة أبناء الرائد محمود والنقيب مصطفي وحسن خريج لغات وترجمة والصغري آية خريجة الأكاديمية البحرية. من منهم ستهديه الخاتم؟ - لهم كلهم. كم لديك من الأحفاد.. وكيف يتعامل معهم زملاؤهم في المدرسة؟ - يشرق وجه السيسي بابتسامة عريضة ويقول: لديّ خمسة أحفاد.. أربع بنات وولد أكبرهم عمرها خمس سنوات في KG1، ويقولون لي إن أصحابهم في الحضانة يعرفونني ويقولون لهم «بوسو لي السيسي». اعتاد أن يراك الناس ترتدي نظارة سوداء.. وفي أحيان أخري لا ترتديها.. لماذا؟ - لم أكن أخفي شيئاً بارتدائها.. فأنا ليس لدي شيء أخفيه، لكن الناس اعتادت أن تراني بها حينما كنت قائدا عاما، وكنت أرتديها في المشروعات التدريبية بالصحراء، لكن كنت أجري بدون نظارة. البعض يري أنك أحياناً تخفي بها مشاعرك؟ - أنا لا أخفي مشاعري لكنني إنسان أتأثر بالناس الغلابة.. وتدمع عيناي عندما أري معاناتهم، ولست أعز من سيدنا محمد (صلي الله عليه وسلم) وسيدنا أبي بكر كانا يبكيان.. فمن أنا منهما؟ عندما تفتح دولاب ملابسك وتجد البزة العسكرية وعليها الرتب.. بماذا تشعر؟ - أتذكر حياتي كلها منذ كان عمري 14 عاماً عندما التحقت بالثانوية الجوية عام 1970 في نفس العام الذي توفي فيه الزعيم الراحل جمال عبدالناصر. هل بكيت عندما سمعت خبر وفاة عبدالناصر؟ - بكيت؟!.. ياااااه.... مصر كلها بكت.. بل العالم والضمير الإنساني والوطني كله بكي. بماذا شعرت يومها؟ - شعرت بأن «الدنيا كلها راحت أكثر مما هي رايحة». برغم أنك عملي جداً في التعامل مع قضايا الوطن إلا أنك تبدو قدرياً في التعامل مع كثير من الأمور؟ - الدرس الذي يجب أن يستوعبه الجميع هو أنه لا يستطيع أحد لي قدر الله.. فهذا درس عظيم يجب أن نعيه كلنا وليس الشباب فقط.. وأقول إنه لو أننا نحترم قدر الله لم تكن أمور كثيرة قد حدثت وتحدث في البلاد فالاجتهاد مطلوب لكن دون تجاوز وعلينا أن نأخذ بالأسباب دون أن نفتن بها، فكل ما يحدث في حياة البشر حكمة الله لأن أسماء الله الحسني تسري في الوجود وفي البشر لكن بعض الناس ليس متنبهاً لذلك.. وبالنسبة لي فأنا أقف في الموقع الذي يقول فيه القدر كلمته.. فعلينا أن نجتهد ونقبل بالنتائج. ما هو أصعب موقف مررت به في حياتك؟ - أصعب موقف في الحياة أن أتحمل مسئولية الوطن والناس.. وهذا كان يوم 27 يناير الماضي عندما اتخذت قراري بالترشح لرئاسة الجمهورية. متي تغضب؟ - عندما يتحدث الكذب. وما العمل الذي لا تسامح أحداً عليه؟ - الخيانة. هل هناك قرار شعرت بالندم بعدما اتخذته؟ - يارب لا يكون فيه قرار أندم عليه... الندم صفة من صفات الإنسان الذي يعود إلي صوابه بعد أن يخطئ، لكن الشيء الذي تكرهه في الندم هو لماذا أخطأت. ومتي تشعر بالفرح؟ - إسعاد الناس أكثر ما يفرحني.. وليس لدي متعة تجعلني أنحت في الصخر مثل إسعاد الناس وإسعاد أي إنسان موجوع.. مساعدة سيدة غلبانة.. بنت عايزة تتجوز.. ابن مش لاقي شغل.. الحاجات دي تجعلني عايز أفرحه أو أفرحها وأرضي خاطره أو خاطرها.. ربنا يقدرني أعمل كده. في بداية عهد أي مسئول يلتف حوله انتهازيون ومنافقون وأصحاب المصالح الخاصة.. كيف تنظر إلي مثل هؤلاء وكيف ستتعامل معهم؟ - بصراحة عندما أري هؤلاء أشعر بالحزن علي ضعف الناس.. النفاق ضعف، وأتألم لضعف الناس.. وأقول لهؤلاء: لن يأخذ أحد أكثر من نصيبه، ليس لديّ ما أعطيه لأحد.. بل سآخذ منكم.. ومثل هؤلاء مع الوقت سيبتعدون عني لأنه ليس لدي شيء أعطيه لهم ولأنني أنا الذي سآخذ منهم لبلدي وللناس. هل التقيت مع الأستاذ حمدين صباحي؟ - قابلت الأستاذ حمدين صباحي قبل الترشح ولم ألتق به بعدها. مم تخشي؟ - أنا لا أخشي إلا الله سبحانه وتعالي.. وأخشي ألا أكون علي صلة بالله ولأنني أحب الله فإنني أحب كل الناس. أي دعاء تردده في السجود؟ - «اللهم اجعلني من أهل الله». ما هي الآية القرآنية التي ستضعها أمامك في مكتبك في حال انتخابك رئيساً؟ - الآية (101) من سورة يوسف.. بسم الله الرحمن الرحيم «رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلماً وألحقني بالصالحين».. صدق الله العظيم. مؤتمر اقتصادي وآخر ثقافي للاتفاق علي السياسات والأفكار أنوي تعيين مستشارين في مختلف المجالات وإعادة تنظيم مؤسسة الرئاسة لا أخجل من أن تدمع عيناي فلست أعز من الرسول صلي الله عليه وسلم سألناه : هل ستفرج عن الشباب المسجون؟.. أجاب : لكل حادث حديث أغضب .. عندما يتحدث الكذب أفرح .. لإسعاد أي موجوع لا أسامح في الخيانة .. وأتألم للنفاق عندما مات عبد الناصر بكيت وشعرت أن الدنيا راحت أستمع لأم كلثوم وعبد الحليم وأستمتع بفيلم رد قلبي هذا هو سر الخاتم ذي الفص الأسود "حذار من الكذب".. لعلها النصيحة الأولي التي ينبغي إسداؤها لكل من يقترب من عبد الفتاح السيسي، الرجل، والقائد، والرئيس المحتمل. النصيحة الثانية: «إياك والنفاق»، فالرجل يشتم رائحته وينفر منها، ويرثي لحال المنافقين، يراهم أناسا ضعافا، لا يدركون أن أحدا منهم لن يأخذ أكثر من نصيبه المقسوم. لا يري السيسي نفسه متميزا عن غيره، ففي رحاب جامعي الحسين والأزهر، تربي علي الشعور بأنه لا يوجد أحد أفضل من أحد. مفعم هو بوطنية جارفة، يعبر عنها لسانه وهو ينطق بكلمة «بلدي» اذكر أثناء احتفال القوات المسلحة بالذكري الثالثة لثورة 25 يناير، انني رنوت مصادفة نحوه، بينما يتابع فريق المطربين ينشد أغنية «عاش الجيل الصاعد» ولاحظت عينيه تلمعان عندما جاء مقطع «حرمونا سنين وسنين، وافتكروا الناس نايمين، وطلعنا عليهم يوم، خلصنا حقوق ملايين»، وكأنما كان الشاعر الراحل حسين السيد يكتب واصفا ثورة 25 يناير قبلها بنحو 50 عاما. واثناء هذا الحوار.. لمعت عينا السيسي وهو يتحدث عن أغنية عبد الحليم مطربه المفضل «بالأحضان»، لاسيما مقطع: «يجعل يومنا الواحد بكفاح أجيال»، وقال هذا المقطع هو ما يحتاجه واقعنا، وما يستدعيه فينا الوطن. «الوطنية المصرية» هي مذهب عبد الفتاح السيسي وانتماؤه الفكري والسياسي وهي نفسها التي تفرض عليه ألا يغامر أو يراهن إزاء المصلحة الوطنية، وهي أيضا التي تجعل منه نصيرا للفقراء والمحرومين، وناصرا للامة العربية. احترام شديد يكنه عبد الفتاح السيسي لزعامة جمال عبد الناصر الذي يراه باني الدولة المصرية الحديثة الثانية، لكنه لا يغفل ان عام 1967 «دون أن يذكر كلمة هزيمة» كان هو عام سقوط هذا المشروع، برنامج السيسي هو احياء المشروع الوطني المصري وبناء الدولة المصرية الحديثة الثالثة. علي ذكر عبد الناصر التحق السيسي بالثانوية الجوية في عام رحيله.. وحينما سألته: «هل بكيت يوم وفاة عبد الناصر.. تنهد قائلا: ياااه.. بكيت؟!.. مصر كلها بكت ومعها الضمير الإنساني، وشعرت ان الدنيا كلها راحت اكثر ما هي رايحة»! تدين السيسي غير المتكلف، يبدو علي سيماه، وفي حديثه وعباراته، وصفائه النفسي الذي لا يخفي علي من يجالسه، وحين سألته عن دعائه المختار عند السجود.. قال: «اللهم اجعلني من اهل الله». 4 ساعات وعشر دقائق، استغرقها حوارنا مع المشير عبدالفتاح السيسي لم ينقطع الحوار إلا عشر دقائق، بطلب من المشير ولطف منه، هو يعرف انني من المدخنين، وانا اعرف انه لا يطيق الدخان، لاحظ انني اتصبب عرقا، رغم رطوبة التكييف، فبادر كرما منه، بأن طلب ان نأخذ استراحة بعض الوقت، انتهزتها انا وزميلي محمد عبدالهادي علام رئيس تحرير الأهرام في اشعال السجائر، وعدنا إلي الحوار، ندعو ان يخلصنا الله من هذه العادة الضارة، اللهم آمين.. والي الجزء الثاني من الحوار. المشير عبدالفتاح السيسي مع ياسر رزق استدعاكم الشعب للترشح، ففي حال انتخابكم هل تعتبرون هذا الانتخاب تفويضا مكملا لتفويض 26 يوليو الماضي؟ - تفويض 26 يوليو كان استدعاء للضمير الوطني للاصطفاف في مواجهة تحديات المستقبل كلها داخليا وخارجيا وكان رسالة للداخل وللخارج لأنه بعد ما حدث في الثالث من يوليو.. نسي الناس ما فعلوه، وأدت ممارسات هذه الجماعة وكثافة الآلة الإعلامية في اعتصامي رابعة والنهضة إلي ارتباك الناس واهتز اصطفافها، فكان لابد من إجراء آخر كهجوم مضاد، كرسالة للخارج بالأساس وهذا ما أرجو أن تنتبهوا إليه، فقد كان الخروج في 26 يوليو تأكيداً من الجماهير علي أن ما جري يوم 30 يونيو هو إرادة شعب رفض تغيير هويته ولم يقبل بمثل ذلك الأداء الهزيل في إدارة الدولة. التفويض القادم إذا شاء الله سيكون تفويضاً من الشعب بإدارة مستقبل وطن يقول فيه الشعب: أرنا ماذا ستفعل.. ونحن معك. ما هي أول قراراتك كرئيس للجمهورية حال انتخابك؟ - ستكون هناك عدة قرارات أهمها تهيئة المناخ للعمل من أجل التغلب علي المشكلات وبما يساهم في تحريك مناخ الاستثمار في البلد بشكل جيد، ومصارحة الناس بالحقائق، وهنا لابد للضمير الوطني أن يكون جاهزا للتعامل مع التحديات حتي لا نعرقل بعضنا البعض، وهذا يحتاج أيضا إلي خطاب إعلامي متوازن. والقرارات جميعها سأعمل فيها كل ما فيه تحقيق المصلحة الوطنية، وكل قرار سنتعامل فيه مع المواقف في اطار عناصر واعتبارات كثيرة.. فقد يكون القرار صحيحاً لكن وقته أو ظروفه غير مناسبة، فمقومات القرار ليست كونه قراراً مناسباً، وإنما الذي تتوافر له عناصر نجاحه لتحقيق المصلحة الوطنية، وليس مطلوبا في المصلحة الوطنية أن تراهن أو تغامر. هل تفكر في عقد مؤتمر اقتصادي مثلاً وآخر للمثقفين والمفكرين بعد انتخابك لإيجاد توافق حول السياسات والقضايا الوطنية؟ - نحن في حاجة إلي مؤتمر اقتصادي وآخر ثقافي.. يأتي الخبراء ونستمع إليهم، ونخرج كتلة واحدة متفقة علي أفكار، فلابد أن نتواصل بشكل مستمر ونعقد مؤتمرات دورية.. نحن نريد أن ننجح وأن نستكمل نجاحنا. ماذا عن التعامل مع إرهاب جماعة الإخوان؟ - التعامل سيكون في إطار الصراع القائم، ولن يكون مقبولاً ما يفعلونه. لكن ما يتم الآن، أقل مما كان منذ 4 أشهر، ولابد أن يقل. الأوضاع الأمنية تتحسن، ولابد من تفعيل القانون مهما كان حجم المتجاوزين. وماذا عن قانون التظاهر؟ - القانون يتعلق بتنظيم الحق في التظاهر، هو لا يمنع التظاهر وإنما يتضمن آلية يجب احترامها. فمن يرد تنظيم مظاهرة عليه أن يحدد المكان والموعد ولن يرفض أحد طلبه. هل لو توليت منصب الرئيس، ستعفو عن الشباب الذين سجنوا لمخالفة قانون التظاهر؟. - ينظر المشير السيسي نظرة ذات مغزي ويقول: لكل حادث حديث. ماذا تعني كلمة «سياسة» عندك؟ - ممارسة السياسة، كلمة جيدة، لو وظفت لصالح الوطن وكل ما تعنيه المصلحة الوطنية من دلالة. لابد أنك تعكف علي اختيار فريقك الرئاسي المعاون.. ما هي معاييرك في الاختيار، وهل انتهيت من تشكيله؟ - مازلت في مرحلة الاختيار، ولم أنته منها بل أعاني من الاختيار، وأدعو الله أن يوفقني.. والمحددات الرئيسية للاختيار هي التحلي بالقيم الأخلاقية والإنسانية، وإلا فلن نتعاون مع بعضنا البعض، وكذلك امتلاك القدرة علي الإبداع، بجانب الإخلاص والأمانة والنزاهة والشرف وطاقة العمل العاملة. وسوف أعين مجموعة من المستشارين في مختلف المجالات، وكلما كانت كفاءتهم العلمية والمهنية وطاقة إبداعهم عالية، فإن ذلك سينعكس علي الأداء. والكتلة القائدة في مؤسسة الرئاسة لابد أن تساهم في إدارة العجلة ولا تعرقل العمل. وكما نعلم فإن مؤسسة الرئاسة سقطت يوم 25 يناير، والمسألة لم تأخذ وقتاً لتشكيل مؤسسة رئاسة بشكل جديد، بمعني أننا سنفكر في تنظيم آخر يتناسب مع الدستور الجديد ومهام الرئاسة والحكومة في ضوء ما ينص عليه الدستور، ولابد من وجود بنية قانونية كبيرة في مؤسسة الرئاسة لأننا مقبلون علي تحديات كبيرة وتشريعات كثيرة. البرلمان الجديد قد يأتي بكتل نيابية لا تشاركك نفس التصور بالنسبة لبرنامجك، كيف ستتعامل مع هذا، وهل قد يدفعك ذلك إلي البحث عن ظهير سياسي رغم أنك عبرت عن رفضك تأسيس حزب؟ - أولاً.. إذا كانت هناك قيادة فكرية، وتواصل بين الرئاسة والحكومة والبرلمان والإعلام، فلن تكون هناك مشاكل، فضلاً عن أن البرلمان يعبر عن ضمير الوطنية المصرية، ومن ثم لا أظن أننا سنعرقل بعضنا البعض. وهناك دور مهم للبرلمان في البناء التشريعي، لذا لابد من أن تكون لديه بنية قانونية قادرة علي التصور، خاصة أننا مقبلون علي إصدار القوانين المكملة للدستور التي ستحدد شكل الدولة ومستقبلها. أما عن مسألة الظهير، فإنني أريد ظهيراً فكرياً وطنياً يستدعي عمله وأداءه الوطن، لا ظهيراً سياسياً، فأدبيات السياسة قد تتسبب في عرقلة دون قصد. وأري أن اندماج الأحزاب السياسية في كتل أمر مهم، وسأدعم في هذا الاتجاه، لتكون الأحزاب أكثر تأثيراً في الحياة السياسية، لأنه كلما ازدهرت، ازدهر معها النظام السياسي. إذا انتخبت.. هل ستستمر معك الحكومة الحالية أم ستقوم بتغييرها؟ - ليس من مصلحة البلد ولا استقراره تغيير الحكومة كل عدة أشهر، علينا أن نعدل أداء الحكومة وهو يزيد يوماً بعد يوم بالحوار والتواصل.. ومن الخطأ الإسراف في التغيير، فإلي متي ستحتمل البلد إجراء تغيير كل فترة. وإذا تطلبت مصلحة البلد في أي وقت إجراء تغيير، نقوم بذلك، والمهم الآن هو مصلحة البلد. ما أهم ركائز السياسة الخارجية لمصر في حال توليك الرئاسة؟ - رؤيتي للسياسة الخارجية لمصر أنها ستكون سياسة تصالحية لا تتصادم مع أحد ولا تتدخل في شئون الآخرين ولا تقبل من الآخرين بأقل من ذلك. ورؤيتك بالنسبة للوضع في سوريا الذي بات يهدد الأمن القومي العربي ؟.. وكيف تري دور مصر فيه؟ - من المهم جداً التوصل إلي حل سلمي في سوريا حتي لا تؤدي نتائج ما يحدث إلي تقسيمها وحتي لا تستمر معاناة الشعب السوري أكثر من ذلك، مع التركيز علي تصفية موقف المتطرفين والتكفيريين، فهذا عامل حاسم لابد أن نضعه في الاعتبار حتي نتجنب «أفغنة سوريا» ونخلق أفغانستان جديدة في المنطقة. ودور مصر في هذا الصدد أن تسعي إلي التنسيق والتفاهم مع الأشقاء من أجل ترميم الحالة العربية بكل ما تعنيه الكلمة من معني، فلابد أن نعود كعرب أقوي مما كنا وهذا ليس ضد أحد. وبالنسبة للقضية الفلسطينية؟ - بطبيعة الحال دور مصر في القضية الفلسطينية محوري مع استدعاء أي دور لأشقائنا العرب يحقق حلاً مناسباً لها، وأنا هنا أشدد علي كلمات الاتفاق والتعاون وليس الانفراد والريادة، حيث سيكون هناك شكل جديد للممارسة السياسية لدور مصر.. فأنا شخصيا لا أميل إلي استخدام مثل هذه الكلمات... الريادة والزعامة فأدوارنا كأشقاء عرب أراها أدواراً تكاملية وليست تنافسية أو تصادمية. وكيف سيكون شكل العلاقة مع الولاياتالمتحدة؟ - الحقيقة كل يوم يمر يزداد تفهم الولاياتالمتحدة للواقع المصري والتطورات الحاصلة ويتأكد لهم أن ما حدث هو إرادة شعب وليس شيئاً آخر، فقد بدأ الأمريكان يشعرون بقلق من مخاطر تطور خريطة العنف والإرهاب ليس في المنطقة فقط بل في العالم. وهل العلاقات مع روسيا ستشهد المزيد من التطور تأسيساً علي زيارتكم كوزير للدفاع لموسكو في فبراير الماضي؟ - ليس من الصواب ربط العلاقات بين مصر وأمريكا بالعلاقات بين مصر وروسيا، فنحن نستطيع أن ندير علاقاتنا مع جميع دول العالم بشكل متوازن كما يجب ألا يكون هناك مجال للانتهازية، فالعلاقات مع دولة ليست بالتأكيد علي حساب العلاقات مع دولة أخري، وأري أن علاقاتنا مع دول العالم يجب أن تُدار بهذا الشكل. وما رؤيتك للإدارة السليمة للأزمة مع أثيوبيا حول سد النهضة؟ - رؤيتي كمواطن أن الحوار والتفاهم حول المصالح المشتركة هو السبيل المهم كمخرج من الأزمة وهذا أفضل من الدخول في خصومة أو عداء مع أحد، ومن ثم يجب إيجاد وسيلة تحقق المصالح المصرية الأثيوبية المشتركة، وشخصياً أنا مستعد لأن أقوم بأي عمل من أجل مصلحة مصر، وأي تحرك أراه في مصلحة مصر سأفعله ولو وجدت أن في مصلحة مصر أن أذهب لزيارة إثيوبيا سأفعل ولن أتردد في القيام بأي تحرك من أجل بلدي وحقوقه المائية فهذه مسألة حياة أو موت. ما أنجزته في القوات المسلحة خلال 19 شهرا وقت توليك وزارة الدفاع يشيع التفاؤل حول ما يمكن أن تحققه في حال توليك الرئاسة؟ - يوجد داخل القوات المسلحة عوامل نجاح تمكنها من تحقيق معدلات التنفيذ والنجاح التي نحلم بها، فالقوات المسلحة مؤسسة شديدة الانضباط والوطنية والإخلاص لبلدها، والسلم القيادي فيها لا يتيح التقدم إلا للأكفاء. خلال عملي لم أكن أفتش وراء أحد يعمل.. فالقيادات تجتمع وتضع التقديرات ويبدأ التنفيذ والكل يشتغل.. ولو أن هذا موجود في القطاع المدني سنستطيع أن نعمل هذه القفزة. ما طرحته حول «القيادة الدينية» أثار تساؤلات؟ - أحد الإشكاليات التي نواجهها في العالم الإسلامي هي انحطاط الخطاب الديني ودليل ذلك هو صورة الإسلام في دول العالم.. فهل من الدين العمل علي إسقاط هذا أو ذاك لكي تنجح أنت وتدفع بأنصارك علي حساب أصحاب الكفاءات في البلد؟. عندما تشعر بعدم القدرة علي التعامل مع مدعي التدين فالمشكلة إذن معه وليست مع الدين. نود أن نتجه بالحوار إلي أسئلة ذات بعد شخصي.. لمن تقرأ من الكتاب؟ - كنت أقرأ بنهم كبير جدا في السياسة والفكر والثقافة حتي توليت منصب وزير الدفاع حيث قل الوقت المتاح لي للقراءة . هل هناك كتاب معين تأثرت به؟ - كتاب «رجال حول الرسول». لمن تستمع من المطربين الكبار؟ - أم كلثوم وعبدالحليم حافظ. هل تفضل أغاني معينة؟ - الحقيقة الوطن الآن يستدعي أكثر من أي وقت آخر أغنية «مصر تتحدث عن نفسها» لأم كلثوم خصوصاً جملة «وقف الخلق ينظرون جميعاً كيف أبني قواعد المجد وحدي»، وأغنية «بالأحضان» لحليم خصوصاً جملة «يجعل يومنا الواحد بكفاح أجيال».. الواقع الآن في البلد يحتاج هذه الكلمات. هل تشاهد أفلاما سينمائية، وما هو الفيلم الذي أثار إعجابك عندما شاهدته؟ - الحقيقة هذه الأيام لا أشاهد أفلاماً، فالظروف لا تسمح بارتياد السينما، لكن هناك التليفزيون. من الأفلام القديمة.. ما الفيلم الذي لا تمل من مشاهدته؟ - فيلم «رد قلبي». ومن قارئ القرآن الكريم الذي تحب الاستماع إلي التلاوة بصوته؟ - كلهم الحقيقة.. الشيخ محمد رفعت والشيخ عبدالباسط عبدالصمد والشيخ الطبلاوي و... ومن المنشدين الشيخ سيد النقشبندي والشيخ نصر الدين طوبار.. كلهم.. وأخشي أن أنسي أحداً منهم... ولا تنسوا أنني نشأت في حي سيدنا الحسين والوقت ده كان كل شيء في مصر جميل.. وفي رحاب الحسين والأزهر كنت أصلي، وكنت أجد الدنيا منورة، وأجمل ما في هذا المكان أنه «لم يكن هناك أحد يشعرك أنه أحسن منك ولا أنت تشعر أنك أحسن من أحد». من الملاحظ أنك لا ترتدي دبلة زواج بل خاتما فضيا بفص أسود.. ما حكاية هذا الخاتم؟ - هذا الخاتم عزيز عليّ فهو إهداء من والدي يرحمه الله الذي كان رجلاً جادا جداً وعبقريا بالفطرة، وقد أهداني هذا الخاتم قبل وفاته (عام 2002) بنحو 15 يوماً وقال لي: «أنا خبيتك من الناس». ماذا عن أولادك؟ - لديّ أربعة أبناء الرائد محمود والنقيب مصطفي وحسن خريج لغات وترجمة والصغري آية خريجة الأكاديمية البحرية. من منهم ستهديه الخاتم؟ - لهم كلهم. كم لديك من الأحفاد.. وكيف يتعامل معهم زملاؤهم في المدرسة؟ - يشرق وجه السيسي بابتسامة عريضة ويقول: لديّ خمسة أحفاد.. أربع بنات وولد أكبرهم عمرها خمس سنوات في KG1، ويقولون لي إن أصحابهم في الحضانة يعرفونني ويقولون لهم «بوسو لي السيسي». اعتاد أن يراك الناس ترتدي نظارة سوداء.. وفي أحيان أخري لا ترتديها.. لماذا؟ - لم أكن أخفي شيئاً بارتدائها.. فأنا ليس لدي شيء أخفيه، لكن الناس اعتادت أن تراني بها حينما كنت قائدا عاما، وكنت أرتديها في المشروعات التدريبية بالصحراء، لكن كنت أجري بدون نظارة. البعض يري أنك أحياناً تخفي بها مشاعرك؟ - أنا لا أخفي مشاعري لكنني إنسان أتأثر بالناس الغلابة.. وتدمع عيناي عندما أري معاناتهم، ولست أعز من سيدنا محمد (صلي الله عليه وسلم) وسيدنا أبي بكر كانا يبكيان.. فمن أنا منهما؟ عندما تفتح دولاب ملابسك وتجد البزة العسكرية وعليها الرتب.. بماذا تشعر؟ - أتذكر حياتي كلها منذ كان عمري 14 عاماً عندما التحقت بالثانوية الجوية عام 1970 في نفس العام الذي توفي فيه الزعيم الراحل جمال عبدالناصر. هل بكيت عندما سمعت خبر وفاة عبدالناصر؟ - بكيت؟!.. ياااااه.... مصر كلها بكت.. بل العالم والضمير الإنساني والوطني كله بكي. بماذا شعرت يومها؟ - شعرت بأن «الدنيا كلها راحت أكثر مما هي رايحة». برغم أنك عملي جداً في التعامل مع قضايا الوطن إلا أنك تبدو قدرياً في التعامل مع كثير من الأمور؟ - الدرس الذي يجب أن يستوعبه الجميع هو أنه لا يستطيع أحد لي قدر الله.. فهذا درس عظيم يجب أن نعيه كلنا وليس الشباب فقط.. وأقول إنه لو أننا نحترم قدر الله لم تكن أمور كثيرة قد حدثت وتحدث في البلاد فالاجتهاد مطلوب لكن دون تجاوز وعلينا أن نأخذ بالأسباب دون أن نفتن بها، فكل ما يحدث في حياة البشر حكمة الله لأن أسماء الله الحسني تسري في الوجود وفي البشر لكن بعض الناس ليس متنبهاً لذلك.. وبالنسبة لي فأنا أقف في الموقع الذي يقول فيه القدر كلمته.. فعلينا أن نجتهد ونقبل بالنتائج. ما هو أصعب موقف مررت به في حياتك؟ - أصعب موقف في الحياة أن أتحمل مسئولية الوطن والناس.. وهذا كان يوم 27 يناير الماضي عندما اتخذت قراري بالترشح لرئاسة الجمهورية. متي تغضب؟ - عندما يتحدث الكذب. وما العمل الذي لا تسامح أحداً عليه؟ - الخيانة. هل هناك قرار شعرت بالندم بعدما اتخذته؟ - يارب لا يكون فيه قرار أندم عليه... الندم صفة من صفات الإنسان الذي يعود إلي صوابه بعد أن يخطئ، لكن الشيء الذي تكرهه في الندم هو لماذا أخطأت. ومتي تشعر بالفرح؟ - إسعاد الناس أكثر ما يفرحني.. وليس لدي متعة تجعلني أنحت في الصخر مثل إسعاد الناس وإسعاد أي إنسان موجوع.. مساعدة سيدة غلبانة.. بنت عايزة تتجوز.. ابن مش لاقي شغل.. الحاجات دي تجعلني عايز أفرحه أو أفرحها وأرضي خاطره أو خاطرها.. ربنا يقدرني أعمل كده. في بداية عهد أي مسئول يلتف حوله انتهازيون ومنافقون وأصحاب المصالح الخاصة.. كيف تنظر إلي مثل هؤلاء وكيف ستتعامل معهم؟ - بصراحة عندما أري هؤلاء أشعر بالحزن علي ضعف الناس.. النفاق ضعف، وأتألم لضعف الناس.. وأقول لهؤلاء: لن يأخذ أحد أكثر من نصيبه، ليس لديّ ما أعطيه لأحد.. بل سآخذ منكم.. ومثل هؤلاء مع الوقت سيبتعدون عني لأنه ليس لدي شيء أعطيه لهم ولأنني أنا الذي سآخذ منهم لبلدي وللناس. هل التقيت مع الأستاذ حمدين صباحي؟ - قابلت الأستاذ حمدين صباحي قبل الترشح ولم ألتق به بعدها. مم تخشي؟ - أنا لا أخشي إلا الله سبحانه وتعالي.. وأخشي ألا أكون علي صلة بالله ولأنني أحب الله فإنني أحب كل الناس. أي دعاء تردده في السجود؟ - «اللهم اجعلني من أهل الله». ما هي الآية القرآنية التي ستضعها أمامك في مكتبك في حال انتخابك رئيساً؟ - الآية (101) من سورة يوسف.. بسم الله الرحمن الرحيم «رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلماً وألحقني بالصالحين».. صدق الله العظيم.