13/12/2011 09:59:57 م محمد سرساوي انتقد الناقد الدكتور حامد أبو أحمد، اكتفاء الصحف الأدبية المصرية التي احتفلت بنجيب محفوظ، بنشر فصول من روايته، ونشر مقالات نقدية قديمة لعديد من النقاد. وقال أبو أحمد أن الصحف اكتفت بنشر مقالات نقدية للويس عوض وصلاح عبد الصبور، ولم يهتموا بأقلام النقاد الجدد الذين يملكون رؤي أدبية جديدة في أدب نجيب محفوظ، يتابع ابو أحمد: قبل حصوله علي نوبل بأيام، أجريت معه حوار يوضح كيف استطاع أن يقرأ لكل هؤلاء الكتاب الأجانب، وكانت اجابته أنه كان يقرأ لكل مؤلف كتابين، حتي يعرف ماذا يحدث داخل الأدب الغربي. يضيف: محفوظ مهد الطريق للرواية ووضعها علي طاولة الأدب العربي، التي بدأها من الرواية التاريخية ثم الرواية التي تعبر عن الواقعية الاشتراكية وانتج ثقافة مجتمع ليست ثقافة مزيفة عما يفعله الكتاب الجدد، التي تعتبر كتباتهم أقرب إلي أدب "الساندوتشات". من جانبه يقول الناقد الدكتور يسري عبد الله: يعد نجيب محفوظ قيمة تاريخية وفنية في مسيرة السرد العربي، وهو أحد أهم المؤسسين الحقيقيين لفن الرواية، ويتعدي ذلك ليصبح من أصحاب المشاريع الإبداعية الكبري، القادرة علي اجتذاب جمهرة من المتلقين (قراءً وكتاباً علي حد سواء)، وربما مثّل التجديد هاجساً ملحاً لدي "نجيب محفوظ" طوال مسيرته الإبداعية بمراحلها الفنية المختلفة، وتحولاتها السردية المتلاحقة. يتابع يسري: إن التجديد في نص نجيب محفوظ كان استجابة جمالية لممارسة إبداعية تنحو - وباستمرار- تجاه فعلي "المجاوزة"، و"التخطي"، لا "السكونية"، و"الثبات"، وربما بدا السؤال المركزي: "لماذا يبقي نجيب محفوظ في الذاكرة الأدبية"؟ نقطة انطلاق لمحاولة رصد الملامح الفكرية والجمالية التي تميز عالمه الإبداعي، هذا العالم المتسم بغناه الفكري والروحي، وقدرته الفائقة علي الانتصار للجدارة الإنسانية، حيث يصبح الانحياز للبسطاء والمهمشين هاجسا مركزيا في نصوصه السردية المختلفة، لقد فطن "محفوظ" إلي أنه لا انطلاق من فراغ، وأن العمل الأدبي يظل موصولاً بسياقاته السياسية والثقافية، فبات نصه كشفا أصيلا عن ميكانيزمات التحول في المجتمع من جهة، وعن دواخل النفس البشرية وتعقيداتها المختلفة من جهة ثانية. ويري يسري إن الانشغال بأسئلة النص الأدبي بدا شاغلا أساسيا لنجيب محفوظ، فيه يكمن فعل بقائه وفرادته في آن، وقد تجلي هذا الانشغال بأسئلة النص علي مستويات متعددة، بداية من ماهية النظرة ذات الطبيعة الديناميكية للأدب، والتي لا تراه نقلاً مرآوياً للواقع، أو انعكاساً آلياً لما يدور في المجتمع؛ ولذا فثمة فارق دقيق بين رصد محفوظ لتحولات المجتمع المصري بمراحله المتعاقبة وحقبه الزمنية المختلفة، رصداً يتكيء علي السرد التحليلي بالأساس، وأن يصبح هذا الرصد محض نقل لهذا الواقع بمساراته المختلفة، فضلاً عن صدور نجيب محفوظ (ابن الحقبة الليبرالية) عن رؤية للعالم ذات طبيعة منفتحة، وبما أسهم بشكل دقيق في تعدد وجهات النظر تجاه العالم والأشياء (علي المستوي الموضوعي)، وتغليب المنطق الديمقراطي للسرد (علي المستوي الفني).