استنكر، مقرر لجنة نظام الحكم بلجنة الخمسين لتعديل الدستور، د.عمرو الشوبكي، أن تظل المؤسسات الصحفية القومية تحت سلطة الدولة لكنه لم يبد رفضًا لاستمرار الأجهزة الإعلامية المرئية التي تملكها. وقال، الشوبكي إن الإعلام المرئي والمسموع شيء منطقي أن يكون مملوك للدولة ، لكن الدولة في البلاد الديمقراطية لا تملك أية صحف، وهنا أتصور ضرورة ابتكار نمط جديد للملكية فيما يتعلق بالصحف القومية. جاء ذلك في مائدة الحوار التي نظمها معهد التنوع الإعلامي بالتعاون مع مؤسسة سامر سليمان، بنقابة الصحفيين، حول الحريات الإعلامية في دستور مصر 2013، بمشاركة عددًا من الخبراء الإعلاميين وممثلين لنقابة الصحفيين ولجنة الخمسين والمجتمع المدني. و أبدى الشوبكي تفاؤله، بوضع الصحافة في الدستور الجديد، وقال إنه راضِ عن المواد المقترحة خلال اجتماعات لجنة الخمسين فيما يتعلق بتنظيم الإعلام، واقترح كتابة مادة دستورية تقنن فكرة تنظيم البث وتنظيم عمل الإعلام على أرضية مهنية وفصلها عن السلطة الحاكمة عن طريق تنظيم هيئة مستقلة للإعلام. وأبدى العديد من المشاركين اختلافهم مع الشوبكي حول تفاؤله بالدستور الجديد، متوقعين أن يكون دستورًا انتقاليًا آخرًا وليس مستدامًا، لأن الدستور الدائم-بحسب تصورهم يحتاج لمساحة توافق واستقرار أكبر مما هي عليه الآن، خاصة في ظل محاولات أكثر من فريق لفرض سيطرته وتحصين نفسه داخل الدستور، لكنهم أكدوا أن ذلك لا يمنع استمرار محاولاتهم لإصلاح وضع الصحافة داخل الدستور الجديد. وأكد المنسق العام للائتلاف الوطني لحرية الإعلام رجائي الميرغني، على ضرورة إنهاء سيطرة الدولة ووصايتها على أجهزة الإعلام والصحافة القومية، وتحويلها بدلا عن ذلك إلى مؤسسات خدمة عامة. وقال إن الصحافة لم تستطع أن تتخلص بعد من تشوهاتها، وتعاملت مع مجريات التطور الثوري وهي فاقدة لأي مناعة، وجعلها ذلك دائما في انتظار السيد الجديد لتقديم فروض الولاء والطاعة إليه، لأنها لم تتعود العمل وسط الحرية أو مهنية، مما أدى إلى سقوط الصحافة وتحولها إلى أداة من أدوات الاستقطاب السياسي. ولم يستثن الميرغني الإعلام الخاص من العوار الذي أصاب الصحافة القومية، فهو بحسب رأيه يسلك مسارًا فوضويًا، بسبب تدخل المالك الخاص في شئون العمل المهني، مطالبًا بضرورة وجود ضمانات لعدم سيطرة صاحب رأس المال الخاص على التوجهات الصحفية للجريدة أو القناة التي يملكها. من جانبه طالب الكاتب الصحفي وعضو مجلس نقابة الصحفيين، خالد البلشي، بوجوب أن تكون المؤسسات والنقابات الصحفيين طرفًا في محاسبة الصحفي ولا تقوم فقط بدور المدافع عنه، فهي الأولى بمحاسبته من القضاء، وحول إنشاء مجلسًا لتنظيم الصحافة والإعلام طالب البلشي بضرورة إشراك مؤسسات ورموز المجتمع المدني في تشكيله، وأن ينص قانون تشكيله على ذلك. وأبدى البلشي رفضه لفرض الرقابة على الصحف ووسائل الإعلام في حالات الطوارئ، مكتفيًا بأن تكون الرقابة فقط في حالة الحرب، والنص في الدستور على أن لا يجوز مصادرة الصحف أو تعطيلها بأي شكل من الأشكال حتى ولو كان ذلك بحكم قضائي. واقترح الخبير الإعلامي، ياسر عبد العزيز، وضع مادة دستورية عامة تضمن من وجهة نظهر جميع حقوق الصحفيين واستقلال الصحافة، وهو أن " الإعلام في مصر بكافة أشكاله ووسائطه حر. والدولة تكفل تنوعه وتعدده وتحمي مصالح الجمهور". وانتقد الخبير الإعلامي الطريقة التي يتم بها إعداد الدستور، وقال إن "الطريقة التي يكتب بها الدستور في مصر مثل طريقة كتابة القائمة في الأفراح الشعبية"، مؤكًدا أن الدستور وثيقة لها جلال ومكانة أكثر منها تنظيم لمصالح وقتية، في إشارة إلى تصارع بعض مؤسسات الدول حول تحصين نفسها داخل الدستور. في حين أعرب الكاتب الصحفي، وائل جمال، عن تخوفاته من قانون حبس الصحفيين حتى في ظل إمكانية حذفه مع وجود الاستثناءات الخاصة بالسب والقذف والتحريض على العنف، منوهًا إلى أن الأخيرة يمكن أن تكون ذريعة للبطش بالصحفيين في ظل ميوعة مصطلح "التحريض على العنف" مطالبًا بضرورة وجود معايير واضحة لتقييم هذا الفعل. ولفت جمال إلى أن النص في الدستور على حماية الصحفيين في ظل الأخطار التي تمثلها ظروف عملهم هو الأبدى من محاكمتهم، وقال: ضرورة حماية الصحافيين وضمان أمنهم خلال أدائهم لعملهم وسط المخاطر، مادة لابد أن ينص عليها الدستور والقانون. وحول إلغاء سيطرة الدولة على أجهزة الإعلام والصحافة القومية، أشار جمال إلى ضرورة إلغاء احتكار الدولة لآليات العملية الصحافية من طباعة وتوزيع وإعلان، أما ميثاق الشرف الصحفي الذي أشير إليه في خارطة الطريق للفترة الانتقالية، فقد شدد جمال على أن الصحافيين أنفسهم هم من يجب أن يكتبوه وليس شخص آخر. واختلفت الكاتبة الصحفية أمينة شفيق، مع الرأي المنادي بإغلاق الصحف القومية أو خصخصتها كوسيلة لرفع سيطرة الدولة عنها، ورأت أن تظل كماهي ملكًا للدولة لكن بدون أن تتدخل في إدارتها، قائلة:" أنا مع قرار ملكية الشعب للإعلام، وهذا يعني أن كل تيارات الشعب المصري تعبر عن رأيها من خلاله. مؤكدةً أن طموحاتها هي تحويل من المؤسسات القومية إلى مؤسسة تعبر عن الشعب وإدارة الدولة لها خطأ". وأكدت شفيق على ضرورة إطلاق الصحف بمجرد الإخطار، لكنها طالبت أيضًا بضرورة إفصاحها عن مصادر تمويلها.وقالت إن "من حق أي شعب أن يعرف مصادر تمويل الصحف التي تخاطبه"، وموضحاً أن من أهم الأسباب الرئيسية التي تدفع بحبس الصحفيين هو صعوبة الحصول على المعلومات، مطالبة بضرورة النص على حرية تداول المعلومات وشفافيتها . ولفتت إلى أن عدم تغيير قانون القيد بنقابة الصحفيين خلال الفترات السابقة، جاء بدافع الخوف من عبث الحكومة به، لكنه جاء الوقت الآن لأن تضع النقابة قانونها ولائحتها بنفسها كي تكون مسئولة عن أعضائها ومحاسبتهم، وعن بنيانها الاقتصادي والاجتماعي كذلك.