ربما هي أجمل النساء اللاتي كانت الشرطة تبحث عنهن ! صورتها في أكثر من نشرة داخل مديريات الأمن والأقسام ومع ضباط الأكمنة الثابتة والمتحركة علي الطرق السريعة!.. مطلوب ضبطها واحضارها ومع هذا يعلم ضباط المباحث جيدا أن الوصول إليها صعبا.. ولن تقع بسهولة.. خاصة وأن لهم معها تجربة سابقة! من هي؟!.. وما هي حكايتها مع الجريمة التي لا تتفق أبدا مع مظهرها العام.. وأناقتها.. ورقتها.. وقدرتها على جذب الأنظار.. وتمكنها من الحديث بلغة الهوانم المطعمة بمفردات من اللغتين الإنجليزية والفرنسية! اسمها نجوى.. لكن هذا ليس اسمها الوحيد ففي أماكن ما ينادونها بأحلام.. وفي أماكن أخرى معروفة بأسم منال.. والمقربون منها يعلمون جيدا أنها تفضل مناداتها باسم الدلع "نونة"؟.. عمرها يقترب من الثلاثين عاما وإن كانت تبدو في العشرينات.. أخطر ما فيها هو موهبتها الفائقة في التنكر والظهور بأشكال مختلفة حتى تكاد تبدو في صور عديدة لها أنها ليست امرأة واحدة وأن الصور لنساء مختلفات! تعالوا نفتح ملف حياتها من خلال الواقع الذي عاشته ووصل بها الى هذه اللحظة التي تنغص حياة أي امرأة مهما كان برود أعصابها، فالشرطة تبحث عنها.. والضحايا لن يرحموها.. وشبح السجن يتراقص أمامها ليل نهار! نقطة التحول الخطير في حياة نجوى كانت ذات ليلة من ليالي الشتاء قبل سبع سنموات.. كانت حتى هذه الليلة كالحمل الوديع، تتكلم همسا وتخشى الظلام وتكره الضوضاء وتتجنب المشاكل.. لم تدخل قسم شرطة ولا تعرف كيف يتم تحرير محضر أو تجري التحقيقات.. لكنها في تلك الليلة الممطرة قررت أن تكون لها أنياب.. وأن تصبح امرأة مختلفة تنتقم من أي رجل يوقعه حظه العاثر في طريقها! وصلت نجوى تحت الأمطار الهادرة الى مطار القاهرة قادمة من الدولة العربية التي عاشت فيها ثلاث سنوات بالشمال الأفريقي!.. غادرت الطائرة وهي تمسح دموعها الملتهبة.. امرأة جريحة.. كسيرة الخاطر.. مهضومة الحق.. غدر بها أقرب الناس لأنها دافعت عن شرفها!! لم يعد امامها في مصر سوى العودة الى بيت والدتها بالاسكندرية.. استأجرت سيارة خاصة انطلقت بها عبر الطريق الصحراوي وشريط الذكريات لا يفارق عينيها.. قبل ثلاث سنوات سافرت مع عريسها العربي صاحب المكانة الرفيعة الى دولة الشمال الأفريقي تسبقها الآمال والأحلام والطموحات.. عاشت مع زوجها في سعادة غامرة داخل الفيلا التي تجمع أفراد الأسرة.. جعلوا لها الطابق الأول هي وزوجها.. أما والد العريس وأمه وشقيقه الأصغر فانتقلوا الى الطابق الثاني.. الفيلا رائعة أشبه بالقصور.. والأيام تمضي في هدوء واستقرار حتى أنجبت نجوى طفلها الوحيد فلم تعد الدنيا تسعها من الفرحة.. ومضى العام الثاني على الزواج بنفس الوتيرة الى أن كانت بداية العام الثالث.. أقام زوجها شركة متعددة الفروع واعتاد السفر بين حين وآخر لمتابعة وتطوير أعمال الشركة وفروعها وتنشيط الأسواق التي يتعامل معها.. ويبدو أن شقيقه الأصغر كان يتحين هذه الفرصة ويترقبها.. بدأت نجوى تترجم نظراته التي لا تخطئها أي امرأة.. رغبة جامحة ونداء يحمل الوعد والوعيد.. تجاهلته وأخذت حذرها منه.. وبدلا من أن يخجل اقتحم عليها خلوتها ذات يوم في غياب أخيه وصارحها بأنه يحبها وأنها أجمل ما رأت عيناه وأن عليها أن تطلق الطلاق من أخيه وتعود الى مصر ليلحق بها ويتزوجها هناك ويعيشا معا.. طردته نجوى وهددته بأن تخبر شقيقه لو تجرأ عليها مرة أخرى، ووعدته بأن تعتبر ما حدث كأن لم يكن وتسامحه لو عاد الى رشده وتذكر أنها زوجة أخيه! .. انسحب الأخ الأصغر في هدوء وتظاهر بالندم!.. لكن بعد أسابيع قليلة ظهر وجهه الحقيقي مع أول سفر لأخيه.. انتظر ليلة الخميس الذي يطلب فيها الجد حفيده لينام معه ومع جدته ثم يقضي معها يوم الجمعة! توغل الليل وسكنت المدينة واستغرقت نجوى في النوم حتى انتفضت على حركة الى جوارها.. فوجئت بالأخ الأصغر يجذبها الى صدره ورائحة الخمر تفوح من فمه.. صرخت بأعلى صوتها.. مزق قميصها الشفاف، وأخذ صراخها يعلو وهي تقاومه حتى نزل الأب والأم ليصعقهما المشهد المؤلم.. سحبا ابنهما وصعدا دون أن تتوقع نجوى أنهما سيدبران لها أمرا! استدعى الأبوان نجوى صباح اليوم التالي وطلبا منها ألا تبوح لزوجها بما حدث حتى لا يصير بين الأخوين عداء للأبد وثأر لا ينتهي.. صمتت الزوجة وانسحبت في هدوء فلم تكن تتوقع أن يحظى الأخ الخائن بحماية والديه.. انتظرت حتى عاد زوجها.. وقبل أن تفاتحه فوجئت به يشبعها ضربا مبرحا وركلا ولكما حتى نزفت دماؤها.. أدركت نجوى أن والديه أقنعاه أنها هي التي راودت أخاه عن نفسه وأن مثل هذه الزوجة الخائنة لا مكان لها بين الأشراف.. كان هدف الأبوين ألا يتفرق الأخوان وألا يقتل أحدهما الآخر.. ولا مانع من التضحية بالزوجة التي كانت غريبة عليهم حتى دخلت حياتهم بعقد الزواج.. حاولت نجوى الدفاع عن نفسها بلا جدوى.. ضاع صوتها وسط صراخ حماتها التي تطالب بطردها من البيت الكبير.. آلمها أن زوجها ابتلع الخديعة وصدق أهله.. وأن حماها تحمس لإجراءات ترحيلها عن البلاد مستغلا علاقاته ونفوذه!.. نجحت المؤامرة.. حرموها من طفلها وعادة الى مصر بحقيبة ملابسها وحفنة من الدولارات؟ ها هي.. وصلت الى الاسكندرية.. فوجئت بأن أمها في مرض الموت والشقة الصغيرة ضاقت بأختها وزوج أختها وأولادهما.. عاشت نجوى تمرض أمها وتخدمها وتفضفض إليها بالجرح الكبير الذي أصابها.. لكن الأم تفارق الحياة بعد عدة شهور فالمصائب لا تأتي فرادى!.. وكانت الصدمة الكبرى حينما شعرت نجوى أن زوج أختها هو الآخر طامع فيها وأن أختها الشقيقة بدأت أيضا ترتاب من وجودها في البيت! كان الحل أمام نجوى أن تتصل بصديقة عمرها سمر التي تعيش في القاهرة لتوفر لها عملا وإقامة.. وبالفعل طلبت منها صديقتها سرعة الحضور.. منحتها مبلغا لا بأس به لتبدأ به حياتها وتستأجر شقة صغيرة بنظام الإيجار الجديد حتى تجد لنفسها عملا مناسبا! لم تعد نجوى هذا القط الأليف حتى بعد أن التحقت بالعمل سكرتيرة لصاحب إحدى الشركات.. تحولت الى أسد جريح يخفي أنيابه ونواياه في الانتقام.. كانت تعرف أن سلاحها الوحيد هو أنوثتها الصارخة فاستغلتها أسوأ استغلال.. كانت تختار ضحاياها بعناية فائقة.. رجل كبير ومتزوج وصاحب مكانة ومن المترددين على الشركة.. وأيضا من أصحاب العيون الزائغة.. وتظاهرت مع كل واحد منهم بأنها في شوق إليه يعادل شوقه إليها.. ولكنها تشترط أن يكون لقاؤهما في شقتها.. وكان الضحية يفرح بالعرض ويصل في الموعد المحدد دون أن يدري ما أعدته له نجوى.. كاميرا فيديو تصور الزائر المتلهف على الحب حتى يخلع ملابسه.. وخلال أيام تبتزه السكرتيرة وهي تهدده بإرسال نسخة من الفيديو الى زوجته.. استطاعت خلال عام واحد أن تدخر ثروة كبيرة من أموال الضحايا حتى جازف آخر ضحاياها وأبلغ ضدها الشرطة غير عابئ بزوجته وأولاده والفضيحة التي ستلحق به.. وما أن شمت نجوى رائحة البلاغ حتى اختفت! فترات طويلة تمر والمباحث تحاول ضبط السكرتيرة الحسناء بعد أن انضم ضحايا آخرون للبلاغ الأول.. الأوصاف واحدة.. والمتهمة تم تحديدها.. لكن العثور عليها صار أشبه بالمستحيل!.. وذات مساء وبالصدفة البحتة فوجئ بها أحد الضحايا في شرم الشيخ فأسرع بالإمساك بها وتسليمها للشرطة.. وحبستها النيابة ثم قضت المحكمة بسجنها ثلاث سنوات لتجرب طعم السجن لأول مرة.. وياله من طعم مرير يحطم أي إنسان يحترم نفسه!.. مرت الأيام سريعة.. وهكذا يدور الزمن! خرجت نجوى من السجن.. ويبدو أنها لم تستوعب الدرس.. ولم تتخلص من مشاعر الانتقام.. لكنها هذه المرة ظهرت بثوب جديد وفي أماكن جديدة.. كانت تحتفظ بمبالغ كبيرة في أماكن لم تصل الى علم الشرطة! اشترت أرقى الملابس والعطور وبدأت ترتاد فنادق الخمس نجوم وتغير من مظهرها وأسلوبها وتنشئ دائرة علاقات جديدة باسم أحلام هانم!.. أدعت أنها تعمل في الاستيراد والتصدير.. تجمع حولها عشاق الجمال!.. جمعت أموالا طائلة بدعوى توظيفها في الأعمال التجارية ودفعت فوائد شهرية يسيل لها اللعاب.. اصطادت عشرات الضحايا وتجاوز ما جمعته منهم مليوني جنيه ثم اختفت! تعددت البلاغات ضد مدام أحلام! ثلاثون رجلا وقفوا أمام الضباط يدعي كل منهم بحكايته مع المتهمة.. لم ينكر أحدهم أنه كان مبهورا بفتنة وأناقة وسحر هذه الأنثى وما كانت تدفق من فوائد شهرية تغري كل منهم على أن يساهم بضخ أموالا جديد لها! كانت المفاجأة التي فجرها مفتش المباحث أمام الضحايا أن السيدة التي استولت على أموالهم ليست مدام أحلام كما يعتقد كل منهم وإنما هي نفسها مدام نجوى أو الست نونة التي اشتهرت بالظهور بالملابس الغربية تارة والعباية العربية تارة أخرى.. وملابس البحر على الشواطئ عند اللزوم! وتأمر النيابة بضبط واحضار المتهمة في أكثر من مديرية أمن فالضحايا كثيرون من محافظات مختلفة.. ويتكون فريق بحث بكل محافظة حتى يصل عدد الضباط الباحثين عن المتهمة الى مائتي ضابط ومخبر سري! لا أحد يعلم الآن.. هل تقع الحسناء التي تحولت الى أميرة الانتقام بعد طلاقها وترحيلها وحرمانها من طفلها ظلما وعدوانا؟!.. هل تعود الى السجن أم تظل هاربة تطاردها الشرطة وتحرمها متعة الاستقرار؟!.. الأيام القادمة وحدها هي التي ستجيب على هذه الأسئلة!