رغم تخرج إيناس من إحدي كليات القمة وحصولها على بكالوريوس صيدلة، احترفت عمليات النصب والاحتيال حتى ذاع صيتها في الإمارات ليلاحقها الإنتربول الدولي، وينتهي بها الحال في سجن القناطر الخيرية. سيدة في الثلاثينيات من عمرها دوخت الجميع، ونهبت وسلبت الملايين من المواطنين ورجال الأعمال، بطرق احترافية وعصرية، وكأن رحلتها في النصب هي قصة مسلسل العراف الذي قام ببطولته عادل إمام وجسد فيه شخصية نصاب محترف نصب على الكثير من الشخصيات العامة والعادية. استولت على أموال المواطنين الطامعين في استثمار أموالهم، حيث نسجت خيوطها حولهم وجلبت لهم الفرص الثمينة التي لا يفوتها عاقل كالحصول على شقق وأراضي في أرقى المدن وبأسعار مغرية. كانت الدكتورة تغري ضحاياها بالشقق والأراضي والمشاريع الإستثمارية وتوظيف الأموال، بمكرها ودهائها في تزوير إيصالات حجز الأراضي والشقق بما يثبت على حسن نيتها، وليطمئن إليها ضحاياها وتكسب ثقتهم ويدفعون لها كل ما لديهم من أموال لمضاعفة واستثمار أموالهم. كانت تعيش حياة فاخرة، حيث كانت تستأجر فيلا بحي الدبلوماسيين بالتجمع الخامس، ولديها ثلاث خادمات من الفلبين ونيجيريا ومصر. وأولادها يدرسون في أرقى المدارس الخاصة وأغلاها في مصر، حيث كانت تدفع مبلغ 130 الف جنيه سنويا لأولادها الاثنين في المرحلة الابتدائية بواقع "65 الف جنيه" لكل طفل، وطفلها الثالث ايضا أدخلته في ارقى واغلى رياض الاطفال في مصر.. وكل هذا من الأموال التي تحصل عليها من عمليات النصب. جلس أحد المجني عليهم "عبد الباسط على محمد – سائق تاكسي" يروي لمراسل بوابة أخبار اليوم قصته معها، وكيف تمكنت المتهمة من الحصول على مبلغ 480 ألف جنيه منه واثنين من أفراد عائلته، قائلًا: "تعرفت على إيناس لأول مرة عندما كنت أقوم بتوصيل أولادها الثلاثة إلى المدرسة، وكانت تسكن عند أهل زوجها في منطقة المقطم بعد أن تركت عملها بالإمارات". وأضاف، "أخبرتني بعدها بأنها اشترت فيلا في حي الدبلوماسيين بالتجمع الخامس، ولم تعد بحاجة إلي، حيث اشترت سيارة وعينت سائق للعمل معها، وتركت العمل معها". لكن المتهمة لا تترك أحدًا دون أن توقعه في شباكها وتستفيد منه بأي مبلغ حتى ولو كان قليلًا.. وطدت إيناس علاقتها بعبد الباسط وجعلته يطمئن لها ويثثق بها بطرقها الاحترافية في النصب. فبعد أن ترك عبد الباسط العمل معها كانت المتهمة تتصل به هاتفيا وتزوره بحكم"العشرة" فهي تظهر بأنها قمة في التواضع والإحسان، وفي أحد المرات طلبت منه مبلغ 50 ألف جنيه لتستكمل مصاريف فتح صيدلية لها، وعلى الفور قام المغلوب على أمره "عبد الباسط" باعطاءها المبلغ مقابل الاحتفاظ بإيصال أمانة عليه توقيعها. وكان هذا المبلغ هو أول خيط نسجته إيناس حول عبد الباسط، وبحسن نية أظهرتها للجميع قامت بسداد المبلغ بعد شهرين، ليثق بها أكثر وأكثر ويتهافت لتحقيق طلباتها. وبالفعل.. أخبرته بأنها ستحجز قطعة أرض في التجمع الخامس بمساحة 450 متر مربع بمبلغ 200 ألف جنيه، وأظهرت له أوراق حجز الأرض، وأبلغته بأن مدير جهاز المدينة أحد أقاربها، وسوف يذلل إجراءات شراء الأرض. وعلى الفور وحتى لا تضيع تلك الفرصة الثمينة.. قام عبد الباسط بتدبير المبلغ عن طريق بيع قطعة أرض بمنطقة بهتيم بشبرا الخيمة كان يملكها، ويقوم بإعطائها المبلغ لتحجز له قطعة الأرض. ولاستثمار الفرص أكثر.. أقدمت زوجة عبد الباسط "نجاة سيد أحمد" على استثمار أموالها التي ورثتها من أبيها، بشراء قعطة أرض أو شقة في مدينة الشروق ودفعت لها مبلغ 120 ألف جنيه بايصال أمانة، ثم أخذت المتهمة من شقيق زوجة عبد الباسط "محمد سيد أحمد" مبلغ 160 الف جنيه لشراء شقة تميلك له في احدى المدن الجديد. وقال عبد الباسط مندهشا "كل ده تم في 15 يوم فقط، وقالتلنا التسليم بعد شهرين من الحجز". وبعدها طلبت إيناس من عبد الباسط ان يساعدها في بيع سيارة بنت خالتها "كيا سوراتو" برقم "س ه س 561" بسبب ان زوجها يحتاج لعمل عملية باسرع وقت ممكن، ليستجيب لها على الفور ويجلب لها الزبون "ضحية جديد" صاحب أحد معارض السيارات بحلون. وقام الزبون بدفع مبلغ 80 الف جنيه من اصل 92 الف المبلغ تم الاتفاق عليه لشراء السيارة، وتم البيع بعقد ابتدائي اايصال امانة بالمبلغ لحين التسجيل في اليوم التالي بالشهر العقاري. اختفت إيناس عن الأنظار بعدما حققت أقصى استفادة لها من عبد الباسط، وتركت الفيلا التي كانت تسكن فيها، ليتضح لعبد الباسط بأن الفيلا كانت مستأجرة وأن السيارة أيضا مستأجرة من أحد معارض السيارات بمكرم عبيد، وأنها قامت بتحرير محضر بسرقة السيارة التي كانت تستأجرها من المعرض. وبدأ عبد الباسط وأقاربه وزبون السيارة رحلة البحث عنها في كل الأماكن التي كانت تتردد عليها المتهمة، وفي مسكنها القديم عند أهل زوجها، ولكنها "فص ملح وداب". وبعد مرور شهر من البحث المتواصل على إيناس، اتصلت خادمتها "نجلاء" بعبد الباسط وساومته على ابلاغه بمكان ايناس مقابل الحصول منه على مبلغ 10 الاف جنيه. واستجاب عبد الباسط الى الخادمة وراوغها هو الآخر، حتى تمكن من معرفة مكانها ولكنه لم يدفع لها شيئًا، فهو لم يعد بضحية سهلة بعد ما فعلته ايناس به. ذهب عبد الباسط بصحبة أقاربه وضحية السيارة إلى المكان المستدل عليه من الخادمة باحدى الشقق المفروشة في قرية دريم ب6 أكتوبر، وطرقوا الباب ولكن لم يفتح أحد، ويقوم أمن القرية باخراجهم بالقوة خارج حدود القرية. وقال عبد الباسط "كنا نلاحظ بأحدًا ينظر من العين السحرية لنطرق الباب بكل حماس وقوة، ولكن تفاجئنا بالأمن الذي اخرجنا بكل قوة خارج القرية". ولجأ الضحايا في صباح اليوم التالي إلى مدير أمن القرية اللواء/ سيد جبر ليساعدهم في القبض عليها والتحقق من انها تسكن في هذه الشقة.. وبالفحص في كشوف النزلاء اتضح ان الشقة يسكنها ايناس وان معها 3 خادمات ولديها ثلاثة أطفال.. لكنها لم تكن موجودة في الشقة وغادرتها. خيط آخر بعد ضياع الخيط الأول اتصل عبد الباسط بسائقها ليرشده على أي معلومات تساعد في القبض عليها ومعرفة مكانها. واتضح بأن سائقها"احد ضحاياها" حيث نصبت عليه هو الآخر في مبلغ 130 الف جنيه، حيث سلمته شقة في 6 اكتوبر في حي الفردوس باوراق مزورة من بنك الاسكان والتعمير، بعد ان أقام بها لمدة شهرين، ليكتشف بان الشقة مسجلة باسم عقيد بالقوات المسلحةعند سداد اول قسط للشقة. اخبرهم سائقها محمود بمكان المعرض الذي كانت تستأجر منه السيارات، ليذهب اليه الضحايا على الفور ب"ربطة المعلم" ليخبرهم عن أي معلومات عنها وان كان على اتصال بها حتى الان أم لا. وبالصدفة.. كانت إيناس أرسلت إلى صاحب المعرض رسالة هاتفية من خطها المغلق دائمًا تفيد بان السيارة التي تستأجرها منه "سيارة أخرى بخلاف السيارة الأولى" تعطلت منها في احد الشوارع، وطلبت منه الذهاب الى مكان السيارة ليقوم باصلاحها. وبالفعل استجاب صاحب المعرض لمساعدتهم، وقام بالرد على رسالتها برسالة اخرى تفيد بان السيارة تم اصلاحها وأنه يريد مقابلتها لتسليمها السيارة. وبعد استدراج ايناس وتحديد مكان للمقابلة، قام المجنى عليهم بابلاغ الشرطة لينصبوا اليها كمين ويقبضوا عليها، حيث كان مطلوب ضبط واحضار المتهمة من واقع المحاضر التي تم تحريرها ضدها. ترقب الجميع لحظة القبض عليها واعدوا انفسهم جيدا لتلك اللحظة، وذهب المجني عليهم في سيارة تتبع سيارة صاحب المعرض، وبصحبة قوة من الشرطة من قسم الأميرية التي أعدت كمينا جيدا للسيدة التي دوختهم كثيرا. وتمكنت القوات الأمنية من القبض على المتهمة في شارع العريش بالهرم حيث كانت تسكن باحدى الشقق المفروشة هناك، وفي حيازتها عقد شراكة لانشاء مصنع بمبلغ 600 الف جنيه مع المدعو "شريف صقر" والذي كان آخر ضحاياها. وبعد التحقيق مع إيناس لأكثر من شهر، وسماع شهود الاثبات اتضح للنيابة ان عدد المجني عليهم يقدر بالعشرات، وتم تحرير عشرات البلاغات ضدها. وكشف التحقيقات ان الانتربول الدولي يلاحقها في قضايا نصب بمدينة دبي، وانها انتحلت صفة شخصية آخرى وكانت تستخدمها في عمليات النصب. ومن بين الضحايا التي كشفت عنها التحقيقات دكتورة "ولاء" كانت تعمل معها في مستشفى "57357" ونصبت عليها في مبلغ 249 الف جنيه "ذهب واموال". تم ترحيل "إيناس" إلى سجن القناطر الخيرية، على ذمة القضايا المنسوبة اليها، ولا زالت المحاضر والقضايا الموجهة اليها تنهال عليها نظرا لكثرة عدد ضحاياها.