رئيس مجلس الشيوخ يستقبل المستشار محمود فوزي بمناسبة ختام دور الانعقاد الخامس    استطلاع رأي المحامين.. الأغلبية تؤيد الإضراب العام والنقابة تعرض الأمر على المجلس    ميناء الإسكندرية يستقبل السفينتين العملاقتين "أدونيس" و"تايتن" بحمولة تتجاوز 285 ألف طن    وزير الاستثمار يبحث مع شركات صينية فرص التعاون في الطاقة وتحلية المياه والصناعات الاستراتيجية    بنك QNB مصر يعزز رصيده بعدة جوائز دولية مرموقة خلال 2025    تراجع البورصات الأوروبية وسط تصاعد التوتر في الشرق الأوسط    تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران مع توقع هجمات انتقامية وشيكة    باريس سان جيرمان يعلن تشكيله الرسمي أمام سياتل ساوندرز    بعد 11 هدفا.. إسبانيا تقهر ألمانيا وتتأهل لنهائي بطولة أوروبا للشباب    7 أخبار رياضية لا تفوتك اليوم    قرار ضد جامع خردة طعن صاحب محل في السلام    الثقافة في سيناء.. مهرجان لفنون البادية قريبا ومقترح لتأسيس فرقة فنية تمثل تراث وسط سيناء    هل من حق الزوجة معرفة مرتب الزوج؟.. أمينة الفتوى تُجيب    تركيا تبرم اتفاقية مع الأونروا لاستضافة مكتب تمثيلي للوكالة بأنقرة    تأجيل محاكمة 35 متهمًا في قضية "شبكة تمويل الإرهاب الإعلامي" إلى 26 يوليو    أزمة في ليفربول بسبب محمد صلاح    النيابة تكشف تفاصيل حريق نشب بسبب مشاجرة بين البائعين في حدائق القبة    تامر عاشور يصل المغرب استعدادا لإحياء حفله بمهرجان موازين    طائرتان تابعتان لسلاح الجو الألماني تقلان 190 مواطنًا من إسرائيل    الخميس 26 يونيو إجازة مدفوعة الأجر للعاملين بالقطاع الخاص    «قومي حقوق الإنسان» يطلق برنامجا تدريبيا حول «مبادىء الرصد والتوثيق والإبلاغ»    الداخلية: ضبط 5 قضايا مخدرات خلال حملات أمنية في أسوان ودمياط    اعتراضا على رفع رسوم التقاضي.. وقفة احتجاجية لمحامي دمياط    الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على 5 أشخاص مرتبطين ببشار الأسد    فيلم "المشروع X" يواصل التألق 117 مليون جنيه في 5 أسابيع    صندوق النقد: مخاطر أوسع على النمو العالمي بعد الضربات الأمريكية لإيران    حوار - جوزيه يتحدث عن غضبه من مدير الكرة بالأهلي وعروض الزمالك.. ورأيه في كأس العالم للأندية    بعد نشر "أهل مصر".. محافظ المنوفية يوجه بصرف مساعدات مالية لفتاتين يتيمتين من ذوي الهمم    وزيرة البيئة تبحث مع محافظ الوادي الجديد فرص الاستثمار في المخلفات    السيسي يُعلن تدشين مقر جديد للمكاتب الأممية الإقليمية بالعاصمة الجديدة    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات اليوم    انتهاء رفع أنقاض "عقار شبرا المنهار".. ولا ضحايا حتى الآن | فيديو وصور    وظائف شاغرة في الهيئة العامة للأبنية التعليمية    سامو زين يستعد لبطولة فيلم رومانسي جديد نهاية العام | خاص    انطلاق مؤتمر الوعي الوطني للشباب تزامنًا مع ذكرى 30 يونيو الإثنين المقبل    وزير الثقافة يفتتح قصر ثقافة نخل بشمال سيناء لتعزيز الدور التنويرى    سامو زين يستعد لطرح ميني ألبوم جديد    رينار: حققنا هدفنا في الكأس الذهبية.. وهذا ما يفتقده المنتخب السعودي    مجمع البحوث الإسلامية في اليوم الدولي للأرامل: إنصافهن واجب ديني لا يحتمل التأجيل    ما هي سبب بداية العام الهجري بشهر المحرم؟.. المفتي السابق يجيب    محافظ الدقهلية يفاجئ مستشفى السنبلاوين ويبدي رضاه عن الأداء    عبدالغفار: مصر حريصة على ترسيخ شراكات أفريقية مستدامة في المجال الصحي    تناول هذه الأطعمة- تخلصك من الألم والالتهابات    مي فاروق تحيي حفلا بدار الأوبرا مطلع يوليو المقبل    في ذكرى رحيله.. عاطف الطيب مخرج الواقعية الذي وثق هموم البسطاء وصراع الإنسان مع السلطة    وفاه شخص وإصابة آخرين إثر انفجار فى وحدة تكرير صينى بمصنع بنى قره للزيوت بالقوصية فى أسيوط    وزير التعليم العالي يضع حجر الأساس لمركز أورام الفيوم    الطائفة الإنجيلية بمصر تنعى شهداء «مار إلياس» بدمشق    المجموعة الخليجية بالأمم المتحدة تحذر من تداعيات استمرار التصعيد بالشرق الأوسط    علاج 1632 مواطنا بقافلة طبية بقرية بالشرقية.. مجانا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-6-2025 في محافظة قنا    ديانج يعلق على مواجهة الأهلي وبورتو    الحبس والحرمان، عقوبة استخدام الطلبة اشتراك المترو بعد انتهاء العام الدراسي    حكم الشرع في غش الطلاب بالامتحانات.. الأزهر يجيب    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 35.. حالة الطقس اليوم    أمريكا تُحذر من مظاهرات مناهضة للولايات المتحدة في الخارج    احتفاء رياضى باليوم الأوليمبى فى حضور وزير الرياضة ورئيس اللجنة الأولمبية    مندوب إيران بمجلس الأمن: أمريكا الوحيدة تاريخيا من استخدمت أسلحة نووية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



امرأة.. علي باب الله!
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 18 - 09 - 2013


"التقيت بها ثلاث مرات طوال حياتي..!!
المرة الأولي كانت زميلتنا في أخبار اليوم ثم استقالت وسط دهشة الجميع!.. والمرة الثانية كانت في أحد أندية مصر الجديدة الشهيرة واستقبلتني بترحاب شديد رغم العداء الذي كان بيننا.. والمرة الثالثة كانت في مطار القاهرة حينما كنت ذاهبا لحضور مؤتمر وزراء الداخلية العرب في تونس.. بينما كانت هي مسافرة إلى مكة..
ودار بيننا حوار لا تمحوه الأيام من ذاكرتي أبدا، بدأته بسؤال وجهته لي وأصابني بالارتباك حينما قالت: "ابليس سوف يخلد في النار.. لكن هل يمكن لشيطان الإنس أن يتوب".. ورددت عليها السؤال: "ماذا تقصدين"؟!
قالت: أرجو أن تفهمني.. أنا أتحدث عن نفسي؟!
اسمها رانيا.. دخلت أخبار اليوم من أوسع الأبواب.. كارت توصية من نائب رئيس الوزراء ورغم أن موسي صبري رئيس مجلس الإدارة - حينئذ - كان يرفض مبدأ الوساطة.. إلا أنه لم يكن يستطيع أن يرفض طلبا لصاحب الكارت! خاصة أن رانيا كانت تمتلك كل مؤهلات النجاح في بلاط صاحبة الجلالة.. تجيد ثلاث لغات إجادة مطلقة.. جميلة.. أنيقة.. كما أنها المحررة الوحيدة التي تمتلك سيارة من طراز فريد ويفوق ثمنها أضعاف ثمن السيارة التي يركبها رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير!
.. وأصبحت رانيا بين عشية وضحاها حديث الصباح والمساء في أروقة وصالات ومكاتب أخبار اليوم اعتقد الجميع انها سوف تهدد عرش جميع الموهوبين، وتسحب البساط من تحت أقدام الحسناوات اللاتي كانت لهن حظوة ومكانة وكلمة مسموعة!..
لكن سرعان ما بدأت الأسطورة الجديدة تنهار وتتلاشي وتتكشف تفاهتها رغم صدور أسرع قرار تعيين ربما في تاريخ المؤسسة الصحفية العريقة، فقد تم تعيينها بعد اسبوع واحد من تدريبها علي يد نائب من نواب رئيس التحرير كان يطلب مني إعادة صياغة الموضوعات التي يكلفها بها حتي يثبت لرئيس التحرير أن "البنت موهوبة" وتمتلك ناصية الكلمة.. الكل كان يتصور أن إرضاء نائب رئيس الوزراء سوف يجلب لهم السعادة والترقي وينالون من خلاله الرضا السامي!
استمرت رانيا في شارع الصحافة عاما واحدا، ومثلما كانت صاحبة أسرع قرار تعيين، كانت صاحبة أسرع استقالة، قدمتها بإرادتها الكاملة بعد أن فشلت في الاندماج داخل المجتمع الصحفي، فهي لا تنسي أبدا أنها بنت ذوات، وتعتبر العمل الصحفي الميداني إهانة!..
كانت تري زملاءها من العامة والسوقة وتسخر من ملابسهم وتتندر بزحام الأتوبيسات حينما يبرر أحدهم تأخيره أو الإرهاق الذي أصابه في رحلة الوصول إلى الجريدة.. ورفض زملاءها أن تعاملهم بكبرياء.. وكانوا هم - أيضا - يسخرون من حديثها عن بابا وماما وأونكل وطنط.. وحمام السباحة وشلة النادي وشاليه المنتزه وذكرياتها في رحلات الصيف إلى باريس والشتاء في أسوان!.. نعم كانت تجيد ثلاث لغات، لكنها كانت تتحدث العربية بقرف!..
ثقافتها محدودة في الأفلام الغربية والموسيقي الأوروبية وحفلات الديسكو.. لا تفهم المجتمع المصري أو العربي ولا تريد أن تفهم!.. فشلت في أن تحصل علي خبر واحد أو تكتب موضوعا.. ومع هذا طلبت لنفسها مكتبا مستقلا حتي تبتعد عن رائحة علب الكشري وسندوتشات الفول والطعمية التي يطلبها المحررون في الصالة من باب عدم إضاعة الوقت!..
لكن رئيس مجلس الإدارة فقد أعصابه وتشجع وصرخ في وجهها: مكتب لوحدك، أكيد انت مجنونة!
.. وأشعل هذا الرد حماسي فوقفت في الاجتماع أخاطب رئيس مجلس الإدارة بجرأة حسدني عليها زملائى وقلت له:
ياريس.. أتحدي أن تذكر لنا هذه الصحفية اسم وزير أو محافظ أو حتي مدير أمن القاهرة.. أتحدي أن تذكر لك مشكلة واحدة من مشكلات المجتمع المصري.. أو تكتب جملة واحدة دون خطأ لغوي.. أتحدي أن تذكر أمامنا اخوات كان أو إن.. أو تخبرنا عن اسم زعيم ثورة 1919.. أو اسم أي رئيس عربي حالي!
ويبدو أن موسي صبري أراد أن يمرر الواقعة بسلام فضحك مع الضاحكين بينما انخرطت رانيا في البكاء.. وبدأت تشن ضدي الحملات بدءا من هذا اليوم لكن لم تمض شهور حتي استقالت واستراحت.. وأراحت!
اللقاء الثاني كان في أحد أندية مصر الجديدة الكبري حيث تعشق رانيا قضاء معظم وقتها منذ الصباح الباكر سواء علي حمام السباحة أو حول مائدة حسناوات النادي!.. وأدهشني ترحيبها البالغ بي، ربما لكي تثبت للآخر أنها كانت صحفية ذات يوم، والغريب انها اعترفت لي بأني كنت علي حق وخدمتها أكبر خدمة في عمرها عندما بدأت تقرأ الصحف وتستمع لنشرات الأخبار وتتابع الكتب وتتعمق في مشكلات المجتمع المصري!.
وسألتها عن الزواج والأمومة فهمست لي في أذني : أنت لسة رجعي؟!.. اتجوزت واطلقت.. والأمومة لسة بدري لأني عايزة استمتع بشبابي!
وانتهي لقائي بها سريعا.. ولكن بطلة العالم في إحدي الألعاب الرياضية من بنات النادي كانت تعرف رانيا جيدا، وإذا بها تفاجئني بأن راني تزوجت ثلاث مرات دون أن تنجب، كما أنها مشهورة بين عضوات النادي بلغت "خطافة الأزواج".. وهناك - أيضا - من يطلق عليها لقب "متعددة الطلاق" فلم تعد لها صديقات بالنادي سوي خمس نساء هن الجالسات معها حول المائدة وهي التي سعت إلى أن تطلق كل منهن من زوجها بأفكارها الهدامة ودفاعها عن الحرية المطلقة ورفع راية العصيان واعتبار أن طاعة المرأة لزوجها إذلالا وعبودية!
لم يشغلني الحديث عن رانيا، ففي حياة الصحفي أسماء ووجوه وأحداث قد تشغله بعض الوقت، لكنه ينساها معظم الوقت!
بعد سبعة عشر عاما من لقائي الأول بها.. كان اللقاء الأخير.. فوجئت وأنا أحتسي القهوة في صالة السفر بمطار القاهرة بأصابع رقيقة تنقر علي كتفي.. استدرت.. فوجئت بها تذكرتها بعد جهد، فقد كان الإيشارب الأبيض يغطي شعرها الطويل الممزوج بالحرير والذهب!..
كانت كما هي.. كأنها في العشرينات من عمرها لم يسجل الزمن علي وجهها الجميل أية بصمة.. أنيقة كالعادة.. لكن لمحت في نظراتها انكسار البطل المهزوم.. كان متبقيا علي موعد إقلاع الطائرة ساعة وبضع دقائق..
دعوتها لفنجان قهوة جلست وهي تضع حقيبتها فوق المائدة ثم همست قائلة: هذه آخر مرة سوف تشاهدني فيها.. أرجو أن تسامحني لأني أخطأت في حقك يوم اهنتني وتحدثت عنك بشكل غير لائق في غيابك.. أنا الآن اتصل بكل من أخطأت في حقهم وأطلب منهم العفو.. وعندما رأيتك الآن تذكرت خطئي في حقك.. وجدتها فرصة للحديث معك!
أري أمامي إنسانة مختلفة!
حياتي كلها كانت مرتعا للشيطان.. كنت أمتلك المال والجمال والعلاقات وقوة التأثير فيمن حولي.. أخطائى وخطاياي سر بيني وبين الله.. افتريت علي أزواجي الثلاثة وكان كل منهم رجل تتمني أي امرأة تراب قدميه!.. خربت بيوت.. لكني لم أفق إلا حينما ذهبت إلى المستشفي لزيارة صديقتي فريدة وهي تحتضر.. فوجئت بها تدعو وترفع يدها إلى السماء بمجرد أن رأتني وتطلب ألا يسامحني الله!.. صديقات النادي علمن بالواقعة.. ابتعدن عني.. وجدت نفسي في النهاية منبوذة.. لم ينفعني مال ولا جمال ولا علاقات.
إلى أين أنت ذاهبة؟!
إلى السعودية.. أنت لا تعرف أن أخي يعمل هناك منذ عشرين عاما ومتزوج من سعودية.. وكان يتبرأ من تصرفاتي وسلوكي ولهذا كان يرفض زيارة مصر، وفي الشهور الأخيرة اتصلت أنا به وأخبرته بأنني منهارة وأفكر في الانتحار.. نزل علي أول طائرة ومعه زوجته وأولاده وشقيق زوجته.. احتواني الجميع ومسحوا عني دموعي. كنت صريحة معهم إلى أبعد حد.. وفوجئت بعد يومين فقط - بأن أخي يخبرني بما لم يخطر لي ببال.. شقيق زوجته طلب يدي، وطلب أن أعيش معهم في الرياض.. ووجدت نفسي أوافق علي الفور لكني وضعت شرطا واحدا.. أن يكون سكني في مكة.. ووافق الرجل فوعدته أن أكون خادمة له!
أنت تقولين عن نفسك خادمة؟!
نعم.. إبليس موعده النار.. لكن شياطين الإنس هل تعتقد أن لهم توبة؟!
هذا مؤكد طالما بقيت الروح في جسد بني آدم.. إن الله يغفر الذنوب جميعا إلا أن يشرك به.
إذن لا تندهش من أن أكون خادمة للرجل الذي سأعتذر لكل أزواجي السابقين في شخصه!
مازلت عنيدة؟
أبدا.. من أين جاءك هذا الانطباع.
لأنك تزوجت بشرط.. رغم أن عريسك لم يضع أية شروط؟!
لم أطلب سوي سكن في مكة.. أريد أن أكون قريبة من الحرم.. معظم وقتي سيكون في خدمة زوجي.. لكن باقي الوقت سأكون علي باب الله.. في الكعبة..! أنا واثقة من أن الباب سينفتح لي ذات يوم!.. ولن أرجع إلى مصر ثانية.. أريد أن ابتعد عن كل مكان يذكرني بالماضي!
وحان موعد الإقلاع..
صافحتها.. وتحركت للأمام..
وجلست هي تنتظر طائرتها وهي تلوح لي بيدها.. وكنت أتمني لو طال اللقاء.. لكن سرعان ما ارتفعت بي الطائرة وراحت تحلق بين السماء والأرض فأغمضت عيني لأري رانيا مرة أخري.. لكن بين الجفون!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.