عقدت جمعية نهوض وتنمية المرأة مؤتمراً صحفياً بعنوان "مطالب المرأة من الدستور المصري الجديد"، وذلك بهدف عرض إيجابيات التعديلات الدستورية، إلى جانب المواد السلبية التي مازالت بحاجة إلى تعديل، بالإضافة إلى مجموعة من الملاحظات العامة على مسودة تعديل الدستور. وقد أعربت د.إيمان بيبرس –الخبيرة الإقليمية في قضايا التنمية والنوع الاجتماعي ورئيسة مجلسإدارة جمعية نهوض وتنميه المرأة- عن سعادتها بتشكيل لجنة الخمسين المنوط بها إجراء التعديلات على دستور 2012، موجهه الشكر للجنة العشرة التي وضعت مسوده لهذه التعديلات. وأوضحت د.إيمان أنها ترى أن السيدات الخمس المشاركات في لجنة الخمسين هن خير مَن يمثل النساء، إلا أنها كانت تطمح أن يكون تمثيل المرأة في لجنة الخمسين أكبر من النسبة الحالية ويكون أكثر تمثيلًا لها في كافة المجالات، مفسرةً ذلك لكون هذه النسبة ستنعكس بالضرورة على نسبة تمثيل المرأة في البرلمان القادم وتكوينها فيه. وأشارت د.إيمان في كلمتها إلى أن المرأة لم تُذكر في الدستور سوى في مادتين اثنتين فقط وهما المادة (11) والمادة (21). فالمادة المادة (11) تنص على أن: تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة، ورعايتها، والتوفيق بين واجبات المرأة نحو أسرتها وعملها في المجتمع، ومساواتها بالرجال في ميادين الحياة السياسية، والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، دون إخلال بمبادئ الشريعة الإسلامية، وتولي الدولة عناية وحماية خاصة للمرأة المعيلة والمطلقة والأرملة" وأوضحت أنه على الرغم من أن هذه المادة تم تعديلها عن الصياغة السابقة في دستور 2012 حيث تم فصل مادة المرأة عن الأسرة إلا أنها مازالت تحتاج إلى تعديلات؛ فالمشرع لم يذكر صراحةً حماية حقوق المرأة السياسية والاقتصاديةوالاجتماعية والثقافية. قائلة: "نحن لا نريد مساواة بالرجل .. بل نريد حقوق المرأة كمواطن مصري. وأردفت قائلة: "كما أن إضافة جملة (دون إخلال بمبادئ الشريعة الإسلامية)، ليس لها معنى في هذه المادة خاصةً وأن المادة الثانية من الدستور تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع. فما الداعي إلى تكرارها في هذه المادة تحديداً؟!! ". وتابعت: "كما أن هذه المادة (11) تنص على أن الدولة تولي عناية وحماية خاصة للمرأة المعيلة والمطلقة والأرملة، ولم تذكر المادة المرأة المهمشة والفقيرة والمعاقة، واليتيمة ولا يوجد من يعولها، والمرأة المسنة، وذلك على الرغم من أن هذه الفئات في حاجة إلى العناية والرعاية من جانب الدولة". وطالبت بتعديل المادة (11) بحيث تصبح: "تعمل الدولة على إتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية حقوق المرأة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية، وتولي الدولة عناية وحماية خاصة للمرأة المعيلة والمهمشة والفقيرة والمعاقة والمطلقة والأرملة واليتيمةوالمسنة. أما بالنسبة للمادة (21) من الدستور فقالت عنها د.إيمان أن صياغتها ضعيفة، حيث تنص على أن: "تلتزم الدولة بوضع خطة شاملة للقضاء على الأمية بالنسبة للذكور والإناث من كافة الأعمار وتتولى تنفيذها بمشاركة المجتمع". وتساءلت: "لماذا تم التمييز بين الذكور والإناث؟!ولماذا تم وضع الذكور في البداية على الرغم من أن الإناث في مصر هن اللواتي يعانين من الأمية بشكل أكبر؟! ولذا طالبت بإستبدال كلمتيّ الذكور والإناث بكلمة كافة المواطنين دون تمييز، مع إضافة نص خاصبإعطاء المرأة أهمية خاصة نظرا لتفشى الأمية النسائية. وترى د.إيمان أن وضع الخطط الشاملة بشكل عام غير كافي للقضاء على الأمية، ومن هنا طالبت بأن تلتزم الدولة بوضع الخطط وتنفيذها ومتابعة تنفيذها من أجل القضاء على الأمية. وطالبت بتنقية المناهج التعليمية من النصوص التي تحقر شأن المرأة. كما كان للدكتور إيمان بيبرس مجموعة من الملاحظات العامة على مسودة الدستور والتي أغفلتها التعديلات الدستورية منها أنه: ينبغي أن يؤكد الدستور على المناصفة بين النوع الاجتماعي. بحيثيتضمن الدستور مادة تنص على إلتزام الدولة بحماية الحقوق الصحية والاقتصادية والاجتماعية لكل أبناء الوطن بدون تمييز ضد المهمشين (سواء المرأة المعيلة أو المطلقة أو الأرملة أو المعاقة أو المسنة وغيرهن من النساء الأكثر احتياجاً أو الأقباط وأهل النوبة والبدو)، وحماية هذه الأقليات جزء لا يتجزأ من حماية حقوق كل المصريين. إلى جانب أن لجنة التعديلات الدستورية أغفلت وضع نص يعمل على حماية مكتسبات المرأة التي جاءت ثمرة نضال طويل "مثل قوانين الأحوال الشخصية على سبيل المثال". كما أغفلت التأكيد على إيجاد بدائل مناسبة لتأمين النساء العاملات في مجال القطاع غير المنظم (الريفيات وعاملات المنازل). في حين أشاد د.ماجد حلمي –استشاري برامج حماية الأطفال وعضو مجلس إدارة جمعية نهوض وتنمية المرأة- بتجريم كافة أشكال الاتجار بالبشر في المادة (66) من مشروع الدستور الجديد، وكذا إلغاء النص على تعريب العلوم والمعارف. وأعد هذا من إيجابيات التعديلات الدستورية الأخيرة. مؤكداً أنه في المقابل هناك عدد من المواد التي لا تزال بحاجة إلى تعديل مثل المادة (60) والتي تنص على "حظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن إتمام التعليم الإلزامي"، وطالب بأنه يفضل تعديل هذه المادة بأن تمنع عمال الأطفال قبل تجاوز سن اتمام مرحلة التعليم الالزامى مع مراعاة تطبيق المعايير الدوليه لعمل الطفل قبل بلوغه 18 عام؛ وهوعمر اتمام مرحلة الطفولة الذي حددته المواثيق الدولية. أما د.سمية إبراهيم –استشارية في مجال تنمية المرأة والتخطيط والتنمية الاقتصادية ونائبة رئيسة مجلس إدارة جمعية نهوض وتنمية المرأة- فأوضحت أن أهم إيجابيات التعديلات الدستورية الأخيرة من وجهة نظرها هو إلغاء تخصيص 50% من مقاعد مجلس الشعب للعمال والفلاحين، وكذلك إلغاء مجلس الشورى. ونوهت د.سمية على أن المادة (77) تنص على أنه من شروط قبول ترشح أحدهم لعضوية مجلس الشعب أن يكون مصرياً، وحاصلاً على شهادة إتمام التعليم الأساسي على الأقل، وطالبت أن يتم تعديل شرط الحصول على التعليم الأساسي فقط فليس من المنطقي أن يكون الحد الأدنى لمستوى تعليم عضو مجلس الشعب هو المرحلة الابتدائية لأنه سيكون مسئولاً عن سن وصياغة القوانين ولذا لا أن تتوافر لديه الكفاءة اللازمة لذلك. وجدير بالذكر أن المتحدثين شددوا جميعاً على ضرورة الالتزام بالاتفاقات والمعايير والمعاهدات الدوليةعدا ما يهدد الأمن القومي المصري. واتفقوا على ضرورة أن ينص الدستور المصري القادم على عدم جواز إصدار أية تشريعات تخالف هذه الاتفاقيات والمعاهدات الدولية. كما أكدوا على أهمية تحديد سن الطفولة في الدستور المصري بشكل صريح ليكون أقل من 18 عام، وذلك لحماية الأطفال، ومنع زواج القاصرات. وقد تم الخروج من المؤتمر الصحفي بعدد من المطالبات الخاصة بالتعديلات الدستورية مثل: أن تراعيلجنة الخمسين في مواد الدستور إقرار المساواة بين الرجال والمرأة باعتبار المرأة مواطنة كاملةالأهلية لها نفس الحقوق والواجبات، وعدم تكرار جملة (بما يتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية فيكل مادة) حيث يكفي نص المادة الثانية من الدستور على أن (الإسلام هو مصدر التشريع الأساسي).وكذلك إضافة آلية لضمان مشاركة المرأة والأقليات في مجلس الشعب مثل الكوتة –على سبيل المثال- فهي نظام معترف به ومعمول به دولياً من أجل تمكين الفئات المهمشة في المجتمع، إلى جانب المطالبة بوجود مادة تضمن حقوق كبار السن "المُسنين" والأقليات الدينية والعرقية كالأقباط وأهل النوبة والبدو، وكان من ضمن المطالبات التي تم الخروج بها من المؤتمر أيضاً عدم إختصار حقوق المعاقين في مادة واحدة لكونه مواطناً مصرياً له حقوق سياسية واجتماعية واقتصادية وقانونية.