ماذا تعني محاولة اغتيال وزير الداخلية ليس بمصر فقط وإنما في إي دوله .. من المعروف أن هذه المحاولات لها هدفان الأول هو قتل وزير الداخلية لأسباب قد تبدو شخصية أو لأسباب سياسيه ،، أو لأهداف اجتماعيه الغرض منها اشاعة الفوضي والذعر بين المواطنين والتأكيد علي أن هيبة الدول إلى زوال .. وتكون الرسالة المقصودة هي إذا كان وزير الداخلية المسئول عن الأمن هو شخصياً غير امن فما بال المواطن العادي .. فبين طلقات رصاص طائشة و ما بين عبوة ناسفة..عاش المصريون فترات من تاريخهم كان عنوانها الثأر و العنف. دائما كان منصب وزير الداخلية هو المستهدف و تعددت الأسباب فهناك من كان يقوم بأداء تلك المهمة بدافع وطني "من وجهة نظره" و هناك من كان يقوم بها انتقاما و تنفيذا لأوامر جماعته التي كانت تنتهج العنف المسلح كوسيلة للانتقام. و قد أعادت محاولة اغتيال اللواء محمد إبراهيم، إلى الأذهان تاريخ من عمليات الاغتيال التي نجحت أحيانا و أصابت هدفها و فشلت في أحيانا أخرى. فمن أشهر وزراء الداخلية الذين دفعوا حياتهم ثمنا لمبادئه، كان محمود فهمي النقراشي باشا و الذي شغل أيضا منصب رئيس وزراء مصر في الأربعينيات. أقدم النقراشي على حل جماعة الإخوان المسلمين عام 1948 بعد تعرض مصر لموجة من العنف و عمليات القتل، و كان هذا القرار سبباً مباشراً في مقتله..حيث قام عبد المجيد أحمد حسن المنتمي للإخوان بالتنكر في زي ضابط شرطة ووقف ليحيي النقراشي باشا ثم أطلق عليه ثلاث رصاصات أودت بحياته و طويت بذلك حياه النقراشي .. وقد برر المتهمون ارتكابهم لتلك الجريمة بوصفهم لها ب"العملية الفدائية" ووصفوا النقراشي بأنه كان عميلا و معاونا للاستعمار. على الرغم من ذلك استنكر المرشد العام انذاك الإمام حسن البنا الحادث ووصف مرتكبيها بأنهم" ليسوا إخوانا و ليسوا مسلمين". وتم الحكم على القاتل بالإعدام و شركاءه بالسجن المؤبد. أما اللواء النبوي إسماعيل و اللواء حسن أبو باشا فقد كان حظهم مع جماعة "الناجون من النار"..تلك الجماعة التي نشأت على أفكار السمع و الطاعة إضافة لتبنيها لفكرة الجهاد و الانقلاب المسلح لاقامة دولة الإسلام. لم يكن لها صدى قوي و لم تقم بأي عمل ضد المنشات أو الحكومة حتى عام 1987 ،فقد أقدموا على محاولة لقتل وزيرين من أشهر وزراء الداخلية في مصر..المحاولة الأولى استهدفت اللواء النبوي إسماعيل حيث أطلق الرصاص على شرفة منزله ولم يصب بأي سوء. أما المحاولة الثانية فكانت من نصيب اللواء حسن أبو باشا وكانت في شهر رمضان، وكتب الله له عمرا جديدا الا أنه خضع لعمليات جراحية عديدة بعدها. أما في عام 1990 فقد تمت محاولة اغتيال اللواء محمد عبد الحليم موسى و الذي كان يلقب ب"شيخ العرب" لطريقته البسيطة في حل المشكلات و استعانته برجال الدين المعتدلين أمثال الشيخ الجليل محمد متولي الشعراوي لمحاورة شباب الجماعات الإسلامية في محاولة منه لمنع التشدد و انتهاج العنف و إزالة الأفكار الخاطئة لفهم صحيح الدين. و على الرغم من محاولاته الدؤوبة إلا أن فترة توليه وزارة الداخلية شهدت فيها مصر مواجهات مسلحة و عنيفة بين قوات الأمن و بعض الجماعات المتشددة. وظلت الأوضاع متوترة حتى مقتل المتحدث الرسمي باسم الجماعة الإسلامية علاء محيي الدين، الحادث الذي اعتبرته الجماعة "اغتيالا أمنيا". وجاء رد فعل الجماعة بضرورة الثأر و التخلص من وزير الداخلية و بالفعل أعدوا العدة يوم 12 أكتوبر 1990 و اتجهت سيارة يستقلها 4 أشخاص يحملون البنادق الآلية ووقفوا أعلى كوبري أكتوبر و تحديدا أمام فندق سميراميس في انتظار مرور موكب الوزير..و بالفعل مر الموكب و قام الجناة بإمطار سيارة الموكب بوابل من الرصاص و استقلوا بعدها دراجات بخارية و فروا هاربين.. نجحت خطة الجماعة و قتل كل من كان داخل سيارة الموكب و لكن المسئول الهام الذي قتل لم يكن اللواء محمد عبد الحليم موسى و لكنه كان واحدا من أكفأ و أعظم رجال الاقتصاد ،إنه الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب الأسبق و الذي تصادف مرور موكبه من نفس الطريق. أما في صيف 1993 فقد طالت اللواء حسن الألفي محاولة اغتيال و لكنها أيضا باءت بالفشل، فقد قام أحد أعضاء تنظيم الجهاد بتفجير نفسه في موكب الوزير أمام الجامعة الأمريكية، و بالطبع قتل الانتحاري و أصيب الوزير و أفراد حراسته بإصابات متعددة. ولا نعلم ما ستسفر عنه الأيام المقبلة هل تكون هي مرحله جديدة من العنف ضد وزراء الداخلية بمصر ام ستتوقف محاولات اغتيال وزراء الداخلية بمصر .. ولكن من الملاحظ ان معظم محاولات الاغتيال التي طالت وزراء الداخلية بمصر كانت بسبب تردي الأوضاع الامنيه وضعف قبضة الداخلية وقت محاولة الاغتيال.