يعود مأمون المغازي إلى قراءه بالمجموعة القصصية الرائعة" هذيان كل يوم"، والتي يجد القارئ فيها ما يمس وجدانه ويتعايش مع أبطال هذه المجموعة. فتجد في كلمات المغازي ما يعبر عنك فتجده يكتب: "سألوذ بالصمت دهرًا لأنني، أعييت قولاً وسكوتًا، ألوم في الحب نفسي، أم ألوم الحب أنني بعض من جراحٍ، وإنني لراحل عن فضاكِ إلي فضاكِ، وإنني لزارع في التيه حقلاً، فهل كنت مثلي في التيه تزرعين أعنابًا وزيتونًا، أم أننا عاينا الحقائق أنهرًا، وروينا النهر من حنانٍ ومن هوانا ". وكان لبوابة أخبار اليوم حوار خاص مع مأمون المغازي حول مجموعته "هذيان كل يوم". فالبداية متي بدت التجهيز لمجموعة هذيان كل يوم؟ مجموعة هذيان كل يوم مكونة من عدد من القصص كتبت خلال الفترة من 2005 إلي 2012 تقريبًا، انتقيت مجموعة منها وأسميتها "هذيان كل يوم" وهو عنوان إحدى قصص هذه المجموعة، ولا أستطيع أن أقول إنني قصدت أن أكتب مجموعة من القصص لأضمنها هذا الغلاف بهذا العنوان، فنحن حين نكتب القصة نكتبها وفق دفقات شعورية حدثية تمثلها لحظة ما، ومن ثم يبدأ التلاقي بين مضامين بعضها أو حتي التناقض مما يجعلها عالمًا مفككا يركب في مجموعة وهذا مخالف كثيرًا للرواية بالطبع التي تختلف في هندستها عن القصة والقصيرة منها تحديدًا. هذيان كل يوم كتجربة جديدة، ما الجديد الذي تقدمه فيها؟ لا أعتقد أن قاصًا يمكنه أن يحدد على وجه الدقة والتحديد ما تقدمه مجموعة قصصية، وذلك لأن أية قصة وإن كانت تنطوي علي محور رئيس فإن المجموعة ككل ترسل برسائل أو إن أردت فقل شفرات تحرك ميولاً لدي القارئ وتقع مواقع مختلفة وفق حالة المتلقي، والزمن، والحالة الاجتماعية، والسياسية، والنفسية...إلخ، لكن لا بأس من أن نقول إنني أقدم هنا حالات وصراعات نفسية واجتماعية وسياسية، وبالتالي فالمجموعة تعكس مجتمعًا أو زاوية من مجتمع يعاني الكثير من المشكلات والتحديات والأزمات التي أدت إلى وقوع المجتمع المصري وأي مجتمع في وجع أدى إلى صرخة وتحرك ضد هذا الوجع. تصميم الغلاف هل يشير إلى المقصود من المجموعة؟ لابد أن أتقدم ابتداء بالشكر للنحات الأشهر الدكتور: سيد عبده سليم، عميد كلية التربية النوعية.. جامعة كفر الشيخ الذي أهداني صورة جداريته "صاحبي السجن" وهي جدارية من النحاس المطروق، ولي بها علاقة وثيقة منذ رأيتها أول مرة في مرسمه ويقيني أنها تحكي حكاية الإنسان وأكل الطير من الرأس في التعبير التشكيلي انسحب عندي على دوال عدة منها الفكر، الناس، العلاقات البينية، الهواجس، والهموم الخاصة والعامة، أما المأكول من رأسه كعاصر العنب كلاهما إنسان في علاقات قبلية وبعدية، لهذا فأنا مقتنع أنني أحدثت بهذا الاختيار علاقة منطقية بين التشكيل النحتي واللوني، والكتابي، كما أشكر مصممة الغلاف الفنانة: فاطمة عشري لتوظيفها المائز. هل هذا يعني أنك تعتبر الكتابة ضمن الفنون التشكيلية؟ منذ عرف الإنسان محاكاة الطبيعة والتعاطي معها وهو يمارس التشكيل وفق الأدوات الممنوحة له، وكل يعالج القضايا الفكرية والمشاعرية والنقدية من خلال الخامة والأداة، لهذا فتكاملية الفنون واقع لا يمكن التنصل له. هل حصولك على جائزة عن روايتك ( سيناجوج ) يشكل ضغطًا عليك، أو أن الحصول على جوائز يشكل ضغطًا على المبدع ؟ لنتفق مبدئيًا على أن الكتابة مسؤولية ورسالة، وبالجمع بينهما فأنت أمام الحاضر والتاريخ من بعد، وقبل هذا فأنت أمام الله، ثم أمام نفسك، فإن لم تستطع أن تكون صادقًا فأنت تجازف مجازفة غير محسوبة، فإن اتفق قراء ونقاد على أن يمنحوك جائزة فهذا يعني أن فريقًا من الناس سيتابعونك تحديدًا وقد قدموا لك احترامهم فوجب احترامهم علاوة على احترامك للقارئ، من هنا يأتي ما تعنيه بالضغط ولكنني أراه شهادة بأنك في درجة ما لا يجب أن تقف عندها، وإنما عليك أن تحدث حالة ذاتية من التنمية الشمولية. لماذا تأخرت في نشر الكتب؟ سنعود إلى الأصل، وأقصد به احترام النفس، والجمهور والتاريخ، فليس كل ما نكتب ننشر، وإنما علينا أن ننشر حين نتأكد تمامًا أن رسالتنا نضجت وقابلة للإرسال، وقد آثرت أن أعيش في الكتابة حتى تقرر الكتابة نفسها أنها في حاجة لمغادرتي إلى القراء، هذا على الرغم من أنني نشرت في الصحف، وإصدارات مشتركة مثل نيسابا التي صدرت عن دار دايموند وليلي وهي أشبه بمسابقة تنتقي أعمالا لعدد من الكتاب من كافة الدول العربية، كما أن بعض خواطري النقدية نشرت في كتب متخصصة، وقدمت لمجموعات قصصية، وأعمال أخرى منها: مسألة وقت، وهي مجموعة قصصية للأديبة الكويتية هيا الفهد... وبهذا أرى أنني لم أتأخر في النشر وإنما مررت بما يجب أن يمر به كاتب في فترة ظلم فيها أهل الكتابة أيما ظلم، وغبنوا حتى انتشرت دكاكين تنشر أي شيء وكل شيء وأطلقت على نفسها أنها دور نشر وهي لا تملك عضوًا واحدًا يقرأ الورق قبل نشره، أو يقدم لهذا الورق أول خطوة في مسيرة حقوقه من وهي المراجعة. وماذا بعد هذيان كل يوم؟ قريبًا جدًا: رواية بعنوان: رامي مراد والغابات الكونية، وأيضًا عن دار ليليت للنشر والتوزيع.