اختلف الكثيرون في تفسير جرائم الأطفال، فالبعض يرجعها لعقد نفسية أو ميول عدوانية و البعض الآخر يراها تقليدا لمشهد سينمائي أو برنامج تليفزيوني. فهناك من ارتكب جريمة القتل من أجل التنافس علي لعبة و هناك من أراد أن يفعل في صديقه مثلما فعل بطل المسلسل الكرتوني المفضل له و هناك من قتل بدافع الغيرة أو لإحساسه بعدم اهتمام من حوله, و مهما اختلفت الأسباب و مهما أدين الطفل أو أثبتت براءته فإن النتيجة أن هناك نماذج عديدة من الأطفال حملوا لقب "قتلة". ومن أشهر تلك النماذج ذلك الطفل الأمريكي ذو الأصل الإفريقي "جورج ستيني" ، الذي حصل على لقب "أصغر طفل ينفذ فيه حكم الإعدام في الولاياتالمتحدة خلال القرن العشرين" ، حيث أعدم و هو في الرابعة عشر من عمره بسبب قتله لطفلتين و شهدت قضيته العديد من الانتهاكات الإنسانية. و يرجع تاريخ تلك القضية إلى عام 1944 حيث وقف الطفل جورج ستيني أمام هيئة المحكمة ليحاكم بتهمة قتل كلا من الطفلة بيتي 11 عاما و الطفلة ماري 8 أعوام . حيث مرت الطفلتين من أمام منزل ستيني وقفتا يسألونه و أخته عن نوع من الزهور يبحثون عنه، بعدها بيوم وجدت الطفلتين مقتولتين و ملقتين في حفرة مليئة بالماء و بهما آثار ضرب مبرح على الرأس و كدمات متفرقة. تم القبض عليه للاشتباه فيه و المؤسف أن التحقيقات معه شهدت انتهاكات إنسانية في حق الطفل، تم حجزه في غرفة تحقيقات و قام ضباط بيض بالتحقيق معه، و بعد خروجه من غرفة التحقيقات اعترف بأنه ارتكب جريمته لرغبته في اغتصاب الطفلة الكبرى و حين افتضح أمره تخلص من الطفلتين معا. و نظرا لغياب أي قوانين تحمي الطفل حيث كانت الولاياتالمتحدة تعيش في تلك الفترة الزمنية أسوأ عصور الاضطهاد ضد السود الذين كانوا يعانون من سوء المعاملة و من نظرة المجتمع القاسية ، تم استجواب الطفل على الرغم من عدم وجود محام معه و لم يسمح لأسرته بحضور التحقيق معه إضافة لذلك لم تكتب محاضر للتحقيق و أثبتت التقارير فيما بعد أن الضباط قدموا للطفل الحلوى و الآيس كريم للاعتراف بجريمته. و بعد انتهاء التحقيقات بيوم تم توجيه تهمة القتل العمد من الدرجة الأولى للطفل، و طرد والده من عمله و انتقلت الأسرة بأكملها للعيش في بلدة أخرى خوفا من بطش الأهالي. وتم منع المواطنين السود من دخول المحكمة و لم يحضر سوى المواطنين البيض، و طبقا لقانون ولاية كارولينا الجنوبية وقتها فالأشخاص فوق ال 14 عاما كان القانون يعتبرهم بالغين. و لذلك قام وكيل النيابة بتقديم صورة لشهادة ميلاد "ستيني" تثبت أن عمره 14 عام و 5 شهور لرغبتهم في عدم معاملته كحدث. و بعد اجتماع هيئة المحكمة لمدة خمس ساعات تم الحكم على جورج ستيني بالإعدام جلوسا على كرسي الكهرباء. تم تنفيذ حكم الإعدام في ال16 يونيو عام 1944 بأحد سجون ولاية كارولينا الجنوبية ،حيث تم اقتياده ليجلس على كرسي الموت و نظرا لقصر قامته و ضآلة جسده تم وضع مجموعة من الكتب على الكرسي لتعلو قامته ،وبعد مرور 4 دقائق من تعرضه للصدمات الكهربائية توفي الطفل. ولعل تلك القضية كانت انعكاسا لسياسة الاضطهاد التي كانت تمارس ضد السود ،حيث استنكر المحققون و رجال القانون فيما بعد هذا الحكم و وصفوه بالظالم فلا يوجد دليل قانوني واحد يدين الطفل و يثبت ارتكابه للجريمة مما يشير إلى تعرضه للضغط لكي يعترف بشيء لم يرتكبه. و يقال إن مرتكب الجريمة الحقيقي كان رجلا أبيض و اعترف بجريمته قبل وفاته.