«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة من زوجة خائنة 2 : شاليه المنتزه !!
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 09 - 07 - 2013


هل توجد امرأة بلا ماض؟!
امرأة دفتر حياتها ناصع البياض من الغلاف إلي الغلاف.. لم تعرف رجلا في الخفاء.. ولم تجرب همس الليل ولمسات الظلام! يقولون إن هذه المرأة قد تكون موجودة.. لكن في العالم الثالث.. فحسب.. فلا يمكن أن تظهر في أوروبا مثلا حيث يعايرون بنت الأربعة عشر عاما بأنها مازالت عذراء!.. عموما... تمنيت أن يكون لي رأي في هذه القضية الشائكة.. وسنحت لي الفرصة في أيامى الأولي التي عشتها مع المنتج المعروف "حمدي" في شاليه المنتزه بالأسكندرية..
كان حمدي نموذجا مختلفا عن جلال الذي سرق شرفي، وتسترت على جريمته لأسباب قهرية..!!
كان حمدي من أعظم الرجال الذين عرفتهم في حياتي رغم أنه كان أول رجل خدعته وأول رجل ندمت على فراقه!.. كان يشعر بعقدة الذنب لأنه تسبب في خراب بيتي.. وكان مستعدا للتكفير عن هذه الخطيئة بأي ثمن.. وأمسكت بهذه الفرصة بيدي وأسناني!
اشترى لي حمدي أول فستان رائع في حياتي.. وأول زجاجة عطر باريسي.. أرسلني إلى أرقي دور الأزياء والكوافيرات.. اصطحبني إلى أشهر المطاعم والفنادق والقاعات.. جلست إلى جواره في المسرح والأوبرا والسينما.. تعرفت على كبار الشخصيات ونجوم المجتمع دون أن أصدق نفسي وهم ينحنون أمامي أو يمسكون بيدي لطبع قبلة احترام وتقدير لشخصي!.. كنت في البداية أرتجف وأتخيل أنهم سوف يضربونني بالأحذية لو تكشفت حقيقتي أمامهم!
منحني حمدي الثقة بالنفس والجرأة في مواجهة الناس والمجتمعات.. أحاطني بالخبراء الذين دربوني على البروتوكولات.. ونطق الإنجليزية والفرنسية في المناسبات.. بل دعمني بأساتذة اللغة العربية ومدربي الرقص الشرقي والغربي.. ولم ينس تدريبي على ركوب الخيل وقيادة السيارات.. ولا أنسى أبدا يوم أقلعت بي الطائرة وأنا أجلس في المقعد المجاور له أكاد أصرخ خوفا وهلعا وفزعا.. خاصة حينما نظرت من نافذة الطائرة فاكتشفت هذه المسافة الهائلة التي تفصلني عن كوكب الأرض لأول مرة في حياتي.. كنت مبهورة بتلك اللحظة التي تعاليت فيها عن كل سكان الأرض.. هؤلاء الذين امتزج فيهم اللصوص بالشرفاء.. والقتلة بالقتلي.. والظالمون بمن ظلموهم!.. تلك اللحظة التي لم أشعر خلالها بأي وحشة أو اشتياق أو حنين إلى الأرض التي عشت حياتي فوقها حتى الآن بقدر ما كان إحساس جارف ينتابني بأن هذه الأرض لا تستحق مني سوى أن أبصق عليها.. كنوع من التقدير المناسب لكل الجبناء الذين يعيشون فوقها!
كان حمدي يجهزني للنجومية!
يراهن على أني سوف أسحب البساط من تحت أقدام كل النجمات اللاتي سطعن في سماء الفن.. وأدهشني أنه ظل فترة طويلة لا يفكر في أنوثتي.. ولا يحاول الإقتراب من كل الأبواب التي تبدو مواربة، نصف مغلقة .. ونصف مفتوحة!.. كان حمدي مشغولا بالمعسكر الذي أقامه لي بأحد فنادق الخمس نجوم.. وقتى كله كان موزعا بين المدرسين والخبراء الذين استقدمهم لتطويري بأقصى سرعة من بنت البلد إلى بنت ذوات.. أحيانا تحملني سيارة فارهة إلى الكوافير.. وأحيانا أخرى تحملني نفس السيارة إلى بيوت الأزياء.. والعطور.. ومحلات الأحذية التي تباع بأرقام فلكية ولا يشتريها غير أثرياء مصر.. وكنت أجد نفسي في أحيان أخرى شبه مخطوفة داخل سيارة حمدي الحمراء التي تصل بي إلى أحد المطاعم الكبرى فأجده في انتظاري بابتسامة عريضة!.. إلا أن هذا كله أصابني بالقلق، والتوتر، والعصبية، لأنه لم يقترب أبدا من نهري.. ولم يحاول قط أن يرتشف ولو قطرات منه.. أو حتى يتحسس شاطئه وقد صار فوق بركان !
كان يضايقني ويرهق أعصابي أن حمدي يتركني كل ليلة في جناحي داخل الفندق ويمضي حتى أستريح كيلا أستيقظ في الصباح التالي مرهقة الملامح أو متعبة الوجه.. لم تقنعني هذه التبريرات.. لعبت الظنون برأسي.. خاصة هذا الاحتمال الذي توقعت من خلاله أن يكون حمدي رجلا على الأوراق فقط!.. في شهادة الميلاد مثلا.. وأمام الناس.. ربما كان مريضا، أو يعاني من بعض أنواع العجز.. وربما كان يداري بعلاقاته النسائية التي اشتهر بها هذا المرض أو العجز.. لكن هذا الاحتمال لم يقنعني بعد فترة.. فالرجل متزوج.. وله أبناء يشبهونه تماما.. بل سمعت عن هذه الممثلة التي طلقها زوجها بعد أن ضبطها متلبسة بين أحضان حمدي قبل عام واحد من علاقتي معه!
.. ولم تطل دهشتي.. أو حيرتي!
ذات ليلة.. كان حمدي سعيدا لأنني قطعت شوطا رائعا من تدريباتي المرهقة.. أشاد بموهبتي ومهارتي في التجاوب السريع مع ملامح المجتمع الذي يؤهلني له.. أكد لي أنني أذكي امرأة عرفها في حياته.. تحدثنا طويلا عن تاريخ نجمات السينما والرقص اللاتي بدأ معظمهن من تحت الصفر.. بل أقسم لي أني سوف أهزمهن جميعا وانتزع منهن القمة لتكون من نصيبي وحدي.. ثم قال:
أنت يالوسي أعظم وأكبر رهان في حياتي!
بكيت.. واندهش حمدي من دموعي!.. توقف الكلام برهة.. اقترب مني وجذب رأسي إلى أعلى.. كان وجهي مختفيا وراء سحابة كثيفة من الدموع.. وألح حمدي ليعرف سر بكائي.. ووجدت نفسي أهمس له وأنا ألقي برأسي فوق صدره قائلة:
توقعت أن تعتبرني شيئا آخر في حياتك غير الرهان.. وغير التحدي.. تمنيت لو أنك كنت تجهزني لنفسك.. أنا لا أريد مجدا.. لكني أريد رجلا.. لا أريد مالا ولكنى أريد حبا!
صمت حمدي برهة.. ثم تسللت أنامله بين شعري الطويل كأنما تطلب إذنا بموجات أخرى من العبور!.. وأسقط في يدي!.. فالرجل لم يكن يستحق مني هذه المناورة.. أو هذا الخداع.. أو تلك التمثيلية.. لكني لم أجد في طريقي غيره.. هو الصيد الوحيد في البحر الذي قذفتني الحياة بين أمواجه.. إما أن ألتهمه أو أموت.. فالسينما غير مضمونة.. والشهرة غير مؤكدة.. والمال لا يصنع السعادة وحده.. ربما يكون حمدي هو بر الأمان.. لكن ما العمل إذا لم أصل إلى هذا البر قبل أن أغرق؟!.. ليس أقل من أن أعتبره الآن طوق النجاة.. أتشبت به وأدعه يتشبث بي.. لهذا تماديت في ضعفي وهو يضمني إلى صدره.. تواجهت عيوننا.. لكني لم أستطع التركيز في عينيه الواسعتين غير برهة سريعة.. أحاط رأسي بكفي يديه.. هبط بوجهه نحو وجهي في رقة متناهية.. كاد الصمت أن ينطق بيننا..
واختلطت رائحة عطري بعطره حينما تلامست شفتانا في قبلة أعتقد أنها أطول قبلة توحد رجل وامرأة!.. قبلة تمردت علينا وراحت تبوح بأسراري وأسراره فوق شفاه مسلوبة الإرادة.. قبلة كانت تروي كل الأماكن العطشي دون أن تتحرك شفانا من مكانها.. قبلة ثرثارة لا تكاد تنهي حديثا حتى تبدأ آخر.. قبلة تختصر كل المسافات وتنطق بكل اللغات.. تغلي معها الدماء في العروق حتى تفور.. ويلتهب منها الجسد حتى يهدأ..!!
فرضت الحراسة على كياني المضطرب قبل أن يشهر العصيان الجسدي!.. ودون أن يشعر حمدي بما يدور في أعماقي.. سألته في دلال الأنثي المهزومة:
ألا تكفيك هذه القبلة؟
تلون وجهه.. كاد يغضب.. تنهد في حرقة.. نظر نحوي متوجسا.. لكني قاطعته.. قلت ودموعي تسبق كلامي:
الحرام يسمم جسدى .. ربما لا استطيع ان أمنعك لأنى اسيرة لديك .. لكن أرجو أن تسمعني أولا .. أنا أتمناك بكياني كله.. لكن في الحلال.. ربما أبالغ.. وربما أستحق منك أن ترجمني على هذه الجرأة.. لكن هذا ما يدور في أعماقي.. لن أمانعك لو أنك أخذت ما تريد في تلك اللحظة.. لكني سوف أنهار من أعماقي.. سوف أندم على اليوم الذي رأيتك فيه واعتبرته حتى الآن يوم عيدي إلى أن أموت.. انا امرأة تكره السقوط.. ولا أريد أن أجربه على يد الرجل الذي أحببته رغم كل المسافات والحواجز بيننا.. حبي لك طاهر..
تمنيت أن يظل على طهره.. دعه يعيش ولا تقتله بالرغبة .. صدقني يا حمدي إن المرأة قد تحب رجلا وتحلم به يشاركها فراشها.. لكن سرعان ما يتحول هذا الفراش إلى كفن يواري حبها له إلى الأبد.. شيئان يا حمدى لا يجتمعان معا إلا بالزواج.. الجسد والقلب!.. لا يوجد أبدا حب مشترك بين رجل وامرأة في علاقة غير مشروعة.. لكنها الرغبة المحمومة التي تنتحل اسم الحب كما يرتدي مجرم عتيد بدلة ضابط الشرطة ليهرب من مطاردة العدالة!
لا أعرف كيف انسابت الكلمات فوق نفس الشفاه التي كانت تحترق قبل لحظات.. لا أدري كيف نطق بها نفس اللسان الذي كنت أبحث عنه خلال القبلة الطويلة دون أن أحدد مكانه إن كان في فمي أم في فمه!
كان حمدي شاردا.. صدره كان مفعما بالخير.. تحرك ضميره.. أشعل سيجارة وهو يرمقني بنظرة متفحصة.. وسألني كيف أحمل كل هذه الأفكار عن الحرام والحلال وأفكر في حياة المجد والشهرة؟!.. لماذا هربت من زوجي وخربت بيتي ثم جئت أبحث عن الشرف في غرفة نوم يدفع إيجارها رجل آخر؟!
أحسست كأن صاعقة أصابتني.. أحرجتني أسئلة حمدي.. هذا الخجل أفقدني القدرة على النطق.. لكن حمدي شجعني بنظرة حانية وتعليق صغير:
أريد أن أفهمك.. أنا لا أعايرك.. ولا أشك في نواياك.. فقط أريد أن أفهمك!
استجمعت قواي.. وقلت له:
سأقولها لك بصراحة حتى لو خسرت كل شيء.. لقد هربت من حياتي السابقة كلها لأني وثقت فيك.. نعم كنت أحلم بالمجد والشهرة ولا أصدق أني انتقلت بالفعل من حياة السفح إلى القمة.. لكن أحلامي تمادت.. وقلبي طمع فيك.. أحببتك.. وأنت لا تريد أن تصدق أن المرأة التي تحب لو طالت أن تخلع قلبها من صدرها وتهديه لمن تحبه فلن تتردد.. لكنها تخجل أن تخلع أمامه قطعة واحدة من ملابسها.. فما تفعله امرأة مع عشيق لا يليق أبدا بمقام الحبيب!
سرح حمدي.. واسترخى فوق فراشه.. ثم همس لي وكأنه يحدث نفسه:
هذا الجمال الذي أشعر به بين كلماتك ومعانيها أروع ملايين المرات من تلك المتعة التي يمكن لجسد امرأة أن يقدمها لرجل مثلي!.. لكن ماذا ستفعلين أمام عناق وقبلات الأفلام التي ستلعبين بطولتها.. وما خفي ربما يكون أعظم؟!
قلت له:
هل تحررني يا حمدي من أي قيد؟! من كل القيود والأشياء.. استخلصني لنفسك إن شئت.. أو دعني أعيش خادمة شريفة في أي مكان تختاره لي!
وفجر حمدى أكبر مفاجأة من العيار الثقيل هزت كيانى كله حينما همس لى :
تجوزينى ؟!
أكون مدينة لك بعمري كله.!
فرحة طاغية كانت تطل من وجهي ووجهه.. ووجدت نفسي أستطرد قائلة: سوف أكون زوجتك وجاريتك معا.. رسالتي الوحيدة أن أسعدك.. سوف أجمع لك كل نساء العالم فوق فراش الزوجية.. سأكون مطربتك في الصباح.. وراقصتك في الليل.. ونديمتك في النهار.. سوفأكون كتابا يشدك دون أن تجد فيه صفحة تشبه الأخرى.. أو سطرا يسبق آخر .. أو يتأخر عنه.. لن تمل قراءتي أبدا.. ولن تنتهي الفصول إلا بمغادرة روحي لهذا الجسد الذي حررته!
وراح حمدي يحتويني بين ذراعيه في عناق رومانسي منزوع الرغبة.. عناق بالذخيرة غير الحية!.. عناق هدأت معه العاصفة.. واستراحت الأعصاب بعده.. وراح كلانا يروي للآخر كل تفاصيل وأسرار حياته حتى أشرق الصباح.. واعترف أنه كان أكثر مني صراحة.. ووضوحا.. وصدقا.. بل أعترف أنها كانت ليلة تاريخية في حياتي ركبت فيها سفينة الحظ دون أن أبتل!.. ودون حتى أن أدفع ثمن التذكرة!
تزوجنا في حفل محدود.. لكن فرحتي كانت بلا حدود ! ..
كان حمدي كتابا مفتوحا بعد زواجنا.. حكى لي عن زوجته الريفية التي لم تخرج من بيت الزوجية أبدا.. وكيف بدأ تجارته ومشروعاته بالميراث الكبير الذي منحته له زوجته عن طيب خاطر.. صارحني بحبه لها وإن تحول مع الوقت إلى اعتياد صارت معه كل لقاءاته بزوجته بلا طعم على حد تعبيره.. لكنه كان حريصا على تأكيد أنه لم يظلمها قط.. لقد طارده الرزق واتسعت أمواله وتدفقت عليه الأرباح من كل جهة حتى أعاد إليها ميراثها.. ورغم المبلغ الهائل الذي رده لزوجته ظل مليونيرا لا يعرف على وجه التحديد حجم أمواله في البنوك.. ولا مكاسبه التي تتحقق ساعة بعد ساعة!
كان لعابي يسيل وأنا أسمع.. وكان عقلي يخطط وأنا أسرح للحظات خاطفة.. بينما كان حمدي قد صار أسيرا في مملكة حبي التي جعلته يشعر أنه الإمبراطور الوحيد عليها!
اصبح حمدى هو كل دنياى.. فهو الرجل الذي اخترعني واكتشفني وجذبني من القاع.. كل يوم يمر كان قصة حب منفصلة متصلة .. .. ومضى بنا الربيع مع لياليه الرائعة إلى بداية فصل جديد ! .. .. في الصيف انتقلنا إلى شاليه المنتزه!.. وهناك بدأ فصل جديد من حياتي!
داخل شاليه المنتزه عشت جانبا من أحلى أيامي.. كان أصدقاء حمدي من النجوم والشخصيات المعروفة يترددون على الشاليه منذ غروب الشمس وحتى الفجر.. صارحهم حمدي منذ البداية بأنه تزوجني.. بل تعمد أن يصل الخبر إلى زوجته التي لا تحرك ساكنا في أي مناسبة.. ولسوء حظي أنها تذكرت أخيرا أنها أنثى حينما علمت بزواج حمدي مني.. طار صوابها حينما وصفوني لها.. اتهمتني بأنني لطشت ثروة زوجها.. ووصفتني بأننى صائدة الرجال.. وأشاعت عني حكايات تنتهي دائما بأن مباحث الآداب تترصدني وسجن النساء يحفظني..
وكان عزائي الوحيد أن حمدي كان يهدئ من روعي بالمكافآت المالية والهدايا التي يغدق بها علىّ من مصوغات الذهب والسولتير والألماظ.. بل كثيرا ما كان يدعم رصيدي في البنك كلما تعرضت لموجة جديدة من غارات زوجته وشائعاتها.. كنا نهرب سويا أنا وحمدي بين أصدقائه النجوم وسهرات الفرفشة التي لا تخلو من أحاديث الثقافة والسياسة والفنون.. ورغم أن حمدي كان منبهرا بحبي ونهمي للقراءة في كل المجالات.. ورغم أنه اشترى لي مكتبة ضخمة ملأتها بآلاف الكتب المتنوعة.. رغم هذا كله لم يتعرف على مستواى الحقيقي في المناقشات الثقافية إلا في الليلة العاشرة من ليالي شاليه المنتزه!
ضيوفنا في تلك الليلة كانوا نخبة لا يربط بينهم سوى حب حمدي والمكان.. ملحن كبير وصحفي يساري.. مخرج سينمائى معروف وصحفي شاب قليل الكلام.. وإحدى الكاتبات اللاتي لهن إنتاج درامي متميز.. تحدث الصحفي اليساري عن المجتمع، فإذا به ناقم على شتى الأوضاع.. مشكك في كل الإنجازات.. رافض لكل الحلول.. يصف السلطة بالطاغوت ويصف الشعب بالسلبية.. ووجدت نفسي أقاطعه ببيت شعر للشاعر الفرنسي الكبير بول فاليري يقول فيه الشاعر: "عندما ترى الأشياء بوضوح فإنك تراهاسوداء"..
وقلت إن صديقنا الصحفي اليسارى يرى الأشياء بوضوح.. لكنه لا يري سوى السلبيات، لهذا جاء حديثه كله عنوانا للسواد الذي أصابنا جميعا بالاكتئاب.. وكانت مفاجأة للحاضرين أن أحاور صديقنا الصحفي اليساري في الشيوعية وحركات التحرر واستغلال الشعوب والمتاجرة بالأديان والاستيلاء على أموال الفقراء لصالح الطبقات المستغلة والطفيلية!.. نطقت الدهشة في كل العيون التي كانت تراني مجرد أنثى جميلة ورقيقة.. بل أدهشهم أكثر وصفي للشيوعية في تاريخ العالم بأنها فترة الدورة الشهرية.. طالما أن تاريخ العالم لم يصل بعد لسن اليأس!
وحنيما تحدث الملحن الكبير عن أصالة الموسيقار محمد عبدالوهاب ودوره الرائد في الموسيقي المعاصرة.. قاطعت هذا الملحن الكبير وأنا أقدم الدليل تلو الآخر على أن ألحان عبدالوهاب كانت ترتبط بعلاقة نسب واضحة بألحان سيد درويش.. بل أثرت قضية "من قتل سيد درويش؟!".. هل هي موهبته أم المخدرات أم محمد عبدالوهاب..؟!.. ويبدو أن حواراتى لفتت الأنظار هذه الليلة وكانت ثقافتى مثار دهشة الجميع .. لكنى فوجئت بحمدى يجذبنى إلى حجرة داخلية ويثور فى وجهى ويمنعنى من الجلوس مع أصدقائه .. كنت أسعد امراة فى الدنيا فقد اكتشفت غيرة حمدى وحبه الذى فاق كل توقعاتى !
عشنا معا اجمل ايام عمرنا.. وبقدر ما منحني من نعم بقدر ما وهبته من نعيم.. كل ليلة لا يراني فيها حمدي غير امرأة جديدة.. ثوب جديد.. صوت جديد.. أنوثة جديدة.. ونهاية مختلفة!.. الشيء الوحيد الذي لم يتغير مع "امرأة كل ليلة".. هو اسمي! ويبدو أن الدنيا استكثرت هذه السعادة !!
بعد عام واحد مات حمدي مقتولا .. عثروا على جثته فى مكتبه فى أول عودة له الى مكتبه.. كانت صدمة العمر ..وتوالت المصائب .. المباحث اعتبرتنى متهمة .. وكشفت قسيمة زواجى من حمدى عن علاقتى به .. وأثار زواجنا الشكوك حولى .. ونشرت الصحف صورتي لأول مرة.. في البداية كانت الشبهات تحاصرني ضمن آخرين من المشتبه فيهم.. قضيت ساعات عصيبة في التحقيقات.. سمح الضباط لأنفسهم باقتحام حياتي الخاصة بزعم أن معلومة واحدة قد تقودهم إلى القاتل الحقيقي..!!
تناولوا حياتي البائسة قبل معرفتي بحمدي.. وأفاضوا بلا مناسبة في المكاسب التي سيحققها لي موته.. ميراث هائل.. ثلاثة ملايين جنيه وشاليه المنتزه وشقة الهرم والسيارة المرسيدس أحدث موديل.. كنت أبكي وأحترق وأنا أجد نفسي مضطرة للدفاع عن نفسي.. ونفي التهم الظالمة التي كان أقلها أن معي شريكا خطط للجريمة!..
بل كانت أسئلة بعض ضباط المباحث تدور حول إن كان لي عشيق أو حبيب آخر خاصة بعد أن تطوع جلال بالشهادة ضدى !!!..بعدها أحالتنى النيابة إلى المحكمة .. وفى سجن النساء كانت أسود أيام العمر حتى تدخلت عدالة السماء وأثبتت التحريات والمعاينة والادلة الجنائية برائتى .. توصلت المباحث للقاتل الحقيقى وكان مفاجأة ! مسجل خطر اعترف بعد القبض عليه أن زوجة حمدي الأولى استأجرته من بلدتها بالصعيد لقتلى أنا .. لكن الرصاصة خذلته واتجهت نحو رأس حمدى فى نفس اللحظة التى كان يطبع قبلة فوق رأسى!!!
لم أفرح ببراءتي.. ظللت أبكي حمدي حتى تورمت عيناي واسودت الدنيا في عيني!.. لم تسعدني الملايين التي ورثتها عن حمدي ولا الشاليه والشقة والسيارة.. لم يبق لي من حياتي السابقة سوى ذكريات تمضى أحيانا مثل الكابوس القاتل .. وأحيانا أخرى مثل حلم ليلة حب فى منام طائر الكناريا !!
الآن لا أغادر شقتى فى أرقى أحياء القاهرة .. وقتى كله موزع بين الصلاة وقراءة القرأن والبكاء ندما على خطايا عندى امل كبير أن يغفرها الله لى .. !!
وفى سطورها الاخيرة من رسالتها لى كتبت :
** أرجو مرة اخرى ألا تكون قد غضبت لأنى اعتذرت عن عدم لقائى بك .. وأرجو أن تكون هذه السطور من مذكراتى تعويضا عن اللقاء .. ويكفى أن كل كلمة فيها هى جزء من جسد يتطهر .. وروح امرأة تبحث عن مكان فوق جبل التوبة !!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.